عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 10:38 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (30)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم} الآية. لما وصف الله تعالى مقالة الكفار الذين قالوا: "أساطير الأولين" عادل ذلك بذكر مقالة المؤمنين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأوجب لكل فريق ما يستحق لتتباين المنازل بين الكفر والإيمان، و"ماذا" تحتمل ما ذكر في التي قبلها، وقولهم: "خيرا" جواب بحسب السؤال، واختلف المتأولون في قوله تعالى: {للذين أحسنوا} إلى آخر الآية فقالت فرقة: هو ابتداء كلام من الله تعالى مقطوع مما قبله، ولكنه بالمعنى وعد متصل بذكر إحسان المتقين في مقالتهم، وقالت فرقة: هو من كلام الذين قالوا: "خيرا"، وهو تفسير للخير الذي أنزل، أي: أنزل الله في الوحي على نبينا خيرا، أي: من أحسن في الدنيا بالطاعة فله حسنة في الدنيا ونعيم في الآخرة بدخول الجنة، وروى أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لا يظلم المؤمن حسنة، يثاب عليها الرزق في الدنيا، ويجزى بها في الآخرة"، وقد
[المحرر الوجيز: 5/348]
تقدم القول في إضافة الدار إلى الآخرة، وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 5/349]

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (31)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون}
يحتمل أن يرتفع "جنات" على خبر ابتداء مضمر بتقدير: هي جنات عدن، ويحتمل أن يرتفع بقوله: "ولنعم دار المتقين جنات عدن"، ويحتمل أن يكون التقدير: لهم جنات عدن، ويحتمل أن تكون "جنات" مبتدأ، وخبره: "يدخلونها"، وقرأ زيد بن ثابت، وأبو عبد الرحمن: "جنات" بالنصب، وهذا نحو قوله: "زيدا ضربته"، وقرأ جمهور الناس: "يدخلونها" وقرأ إسماعيل عن نافع: "يدخلونها" بضم الياء وفتح الخاء، ولا يصح هذا عن نافع، ورويت عن أبي جعفر، وشيبة بن نصاح. وقوله: {تجري من تحتها الأنهار} في موضع الحال، وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 5/349]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: "تتوفاهم" بالتاء، وقرأ الأعمش، وحمزة: "يتوفاهم" بالياء من تحت، وفي مصحف ابن مسعود "توفاهم" بتاء واحدة في الموضعين. و"طيبين" عبارة عن صلاح حالهم واستعدادهم للموت، وهذا بخلاف ما قال في الكفرة: "ظالمي أنفسهم"، والطيب: الذي لا خبث معه، ومنه قوله تعالى: {طبتم فادخلوها خالدين} وقول الملائكة: {سلام عليكم} بشارة من الله تعالى، وفي هذا أحاديث صحاح يطول ذكرها. وقوله: {بما كنتم تعملون} أي: بما كان في
[المحرر الوجيز: 5/349]
أعمالكم من تكسبكم، وهذا على التجوز، علق دخولهم الجنة بأعمالهم من حيث جعل الأعمال أمارة لإدخال العبد الجنة، ويعترض في هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة أحد بعمله"، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضل منه ورحمة"، وهذه الآية ترد بالتأويل إلى معنى الحديث، ومن الرحمة والتغمد، أن يوفق الله العبد إلى أعمال برة، ومقصد الحديث نفي وجوب ذلك على الله تعالى بالعقل كما ذهب إليه فريق من المعتزلة). [المحرر الوجيز: 5/350]

رد مع اقتباس