عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:24 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورةٌ تنبّئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إنّ اللّه مخرجٌ ما تحذرون (64)}
قال مجاهدٌ: يقولون القول بينهم، ثمّ يقولون: عسى اللّه ألّا يفشي علينا سرّنا هذا.
وهذه الآية شبيهةٌ بقوله تعالى: {وإذا جاءوك حيّوك بما لم يحيّك به اللّه ويقولون في أنفسهم لولا يعذّبنا اللّه بما نقول حسبهم جهنّم يصلونها فبئس المصير} [المجادلة: 8] وقال في هذه الآية: {قل استهزءوا إنّ اللّه مخرجٌ ما تحذرون} أي: إنّ اللّه سينزل على رسوله ما يفضحكم به، ويبيّن له أمركم كما قال: {أم حسب الّذين في قلوبهم مرضٌ أن لن يخرج اللّه أضغانهم} إلى قوله: {ولتعرفنّهم في لحن القول واللّه يعلم أعمالكم} [محمّدٍ: 29، 30] ؛ ولهذا قال قتادة: كانت تسمّى هذه السّورة "الفاضحة"، فاضحة المنافقين). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 170-171]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب قل أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزئون (65) لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفةٍ منكم نعذّب طائفةً بأنّهم كانوا مجرمين (66)}
قال أبو معشرٍ المدينيّ عن محمّد بن كعبٍ القرظي وغيره قالوا: قال رجلٌ من المنافقين: ما أرى قرّاءنا هؤلاء إلّا أرغبنا بطونًا، وأكذبنا ألسنةً، وأجبننا عند اللّقاء. فرفع ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فجاء إلى رسول اللّه وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول اللّه، إنّما كنّا نخوض ونلعب. فقال: {أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزئون} إلى قوله: {مجرمين} وإنّ رجليه لتنسفان الحجارة وما يلتفت إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو متعلّقٌ بنسعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال عبد اللّه بن وهبٍ: أخبرني هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، عن عبد اللّه بن عمر قال: قال رجلٌ في غزوة تبوك في مجلس ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللّقاء. فقال رجلٌ في المسجد: كذبت، ولكنّك منافقٌ. لأخبرنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فبلغ ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ونزل القرآن. قال عبد اللّه بن عمر: وأنا رأيته متعلّقًا بحقب ناقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تنكبه الحجارة وهو يقول: يا رسول اللّه، إنّما كنّا نخوض ونلعب. ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: {أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}.
وقد رواه اللّيث، عن هشام بن سعدٍ، بنحوٍ من هذا
وقال ابن إسحاق: وقد كان جماعةٌ من المنافقين منهم وديعة بن ثابتٍ، أخو بني أميّة بن زيدٍ، من بني عمرو بن عوفٍ، ورجلٌ من أشجع حليفٌ لبني سلمة يقال له: مخشّن بن حميّر يشيرون إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو منطلقٌ إلى تبوك، فقال بعضهم لبعضٍ: أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضًا؟ واللّه لكأنّا بكم غدًا مقرّنين في الحبال، إرجافًا وترهيبًا للمؤمنين، فقال مخشّن بن حميّر: واللّه لوددت أنّي أقاضى على أن يضرب كلّ رجلٍ منّا مائة جلدةٍ، وإما ننفلت أن ينزّل فينا قرآنٌ لمقالتكم هذه. وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -فيما بلغني -لعمّار بن ياسرٍ: "أدرك القوم، فإنّهم قد احترقوا، فسلهم عمّا قالوا، فإن أنكروا فقل: بلى، قلتم كذا وكذا". فانطلق إليهم عمّارٌ، فقال ذلك لهم، فأتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعتذرون إليه، فقال وديعة بن ثابتٍ، ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم واقفٌ على راحلته، فجعل يقول وهو آخذٌ بحقبها: يا رسول اللّه، إنّما كنّا نخوض ونلعب، [فأنزل اللّه، عزّ وجلّ: {ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب}] فقال مخشّن بن حمّير: يا رسول اللّه، قعد بي اسمي واسم أبي. فكان الّذي عفي عنه في هذه الآية مخشّن بن حمّير، فتسمّى عبد الرّحمن، وسأل اللّه أن يقتل شهيدًا لا يعلم بمكانه، فقتل يوم اليمامة، فلم يوجد له أثرٌ
وقال قتادة: {ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب} قال: فبينما النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في غزوة تبوك، وركبٌ من المنافقين يسيرون بين يديه، فقالوا: يظنّ هذا أن يفتح قصور الرّوم وحصونها. هيهات هيهات. فأطلع اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم على ما قالوا، فقال: "عليّ بهؤلاء النّفر". فدعاهم، فقال: "قلتم كذا وكذا". فحلفوا ما كنّا إلّا نخوض ونلعب.
وقال عكرمة في تفسير هذه الآية: كان رجلٌ ممّن إن شاء اللّه عفا عنه يقول: اللّهمّ، إنّي أسمع آيةً أنا أعنى بها، تقشعرّ منها الجلود، وتجيب منها القلوب، اللّهمّ، فاجعل وفاتي قتلًا في سبيلك، لا يقول أحدٌ: أنا غسّلت، أنا كفّنت، أنا دفنت، قال: فأصيب يوم اليمامة، فما أحدٌ من المسلمين إلّا وقد وجد غيره). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 171-172]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} أي: بهذا المقال الّذي استهزأتم به {إن نعف عن طائفةٍ منكم نعذّب طائفةً} أي: لا يعفى عن جميعكم، ولا بدّ من عذاب بعضكم، {بأنّهم كانوا مجرمين} أي: مجرمين بهذه المقالة الفاجرة الخاطئة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 172]


رد مع اقتباس