عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 09:38 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 37 إلى 60]

{وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38) وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (39) وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا (40) وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (41) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آَلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (42) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44) أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47) وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49) وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (50) وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (55) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (56) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (57) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58) الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60)}


تفسير قوله تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وقوم نوحٍ} [الفرقان: 37] أي: وأهلكنا قوم نوحٍ أيضًا بالغرق.
{لمّا كذّبوا الرّسل} [الفرقان: 37] يعني نوحًا.
قال: {أغرقناهم وجعلناهم للنّاس آيةً} [الفرقان: 37] لمن بعدهم.
{وأعتدنا للظّالمين} [الفرقان: 37] المشركين، يعنيهم.
[تفسير القرآن العظيم: 1/481]
{عذابًا أليمًا} [الفرقان: 37] موجعًا في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/482]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وقوم نوحٍ لّمّا كذّبوا الرّسل أغرقناهم...}

نصبتهم بأغرقناهم وإن شئت بالتدمير المذكور قبلهم). [معاني القرآن: 2/268]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقوم نوح لمّا كذّبوا الرّسل أغرقناهم وجعلناهم للنّاس آية وأعتدنا للظّالمين عذابا أليما}
يدل هذا اللفظ أن قوم نوح قد كذبوا غير نوح أيضا لقوله {الرسل}.
ويجوز أن يكون (الرّسل) يعنى به نوح وحده، لأن من كذب بنبي فقد كذب بجميع الأنبياء، لأنه مخالف للأنبياء، لأن الأنبياء يؤمنون باللّه وبجميع رسله.
ويجوز أن يكون يعنى به الواحد.
ويذكر لفظ الجنس كما يقول الرجل للرجل ينفق الدرهم الواحد أنت ممن ينفق الدراهم، أي ممن نفقته من هذا الجنس.
وفلان يركب الدواب وإن لم يركب إلا واحدة). [معاني القرآن: 4/68-67]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله تعالى: {وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم}
قيل هذا يوجب أن قوم نوح قد كذبوا غير نوح صلى الله عليه وسلم
فقيل من كذب نبيا فقد كذب جميع الأنبياء لأن الأنبياء كلهم يؤمنون بالله جل وعز وبجميع كتبه
وقيل هذا كما يقال فلان يركب الدواب وإن لم يركب إلا واحدة أي يركب هذا الجنس). [معاني القرآن: 5/26]

تفسير قوله تعالى: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وعادًا وثمود} [الفرقان: 38] أي: وأهلكنا عادًا وثمود تبعًا للكلام الأوّل.
{وأصحاب الرّسّ} [الفرقان: 38] أي: وأهلكنا أصحاب الرّسّ، والرّسّ بئرٌ في قول كعبٍ.
المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: الرّسّ بئرٌ كان عليها أناسٌ.
وقال الحسن: وادٍ.
وقال قتادة: أهل فلجٍ باليمامة وآبارٍ كانوا عليها.
قال يحيى: وبلغني أنّ الّذي أرسل إليهم شعيبٌ، وأنّه أرسل إلى أهل مدين وإلى أهل الرّسّ جميعًا.
ولم يبعث نبيٌّ إلى أمّتين غيره فيما مضى، وبعث النّبيّ إلى الجنّ والإنس كلّهم.
قال: {وقرونًا بين ذلك كثيرًا} [الفرقان: 38] أي: وأهلكنا قرونًا، أممًا، أمّةً بعد أمّةٍ {بين ذلك كثيرًا} [الفرقان: 38] سعيدٌ عن قتادة قال: القرن سبعون سنةً). [تفسير القرآن العظيم: 1/482]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وعاداً وثمودا وأصحاب الرّسّ وقروناً...}

منصوبون بالتدمير ... يقال: إن الرسّ بئر). [معاني القرآن: 2/268]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" أصحاب الرّسّ " أي المعدن قال النابغة الجعدي:

سبقت إلى فرطٍ ناهل=تنابلةً يحفرون الرّساسا
والرساس المعادن). [مجاز القرآن: 2/75]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الرس} والرساس: المعادن. وقال بعض المفسرين إنما سموا أصحاب الرس لأنهم حفروا بئرا فرسوا نبيهم فيها أي أثبتوه).
[غريب القرآن وتفسيره: 277]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأصحاب الرّسّ} والرسّ: المعدن. قال الجعدي:
تنابلة يحفرون الرّساسا أي: آبار المعدن. وكلّ ركيّة تطوي فهي: رسّ). [تفسير غريب القرآن: 313]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وعادا وثمود وأصحاب الرّسّ وقرونا بين ذلك كثيرا}
قوم نوح " منصوبون " على معنى - وأغرقنا قوم نوح، {وعادا وثمود وأصحاب الرّسّ} نصب عطف على الهاء والميم، التي في قوله جعلناهم للناس آية.
ويجوز أن يكون معطوفا على معنى {وأعتدنا للظّالمين عذابا أليما}
ويكون التأويل: وعدنا الظالمين بالعذاب، ووعدنا عادا وثمودا وأصحاب الرسّ.
قال أبو إسحاق: والدليل على ذلك قوله: {وأعتدنا للظّالمين عذابا أليما}.
والرس: بئر، يروى أنهم قوم كذبوا بنبيهم ورموه في بئر، أي دسّوه فيها.
ويروى أن الرسّ قرية باليمامة يقال لها ملح، ويروى أن الرسّ ديار لطائفة من ثمود.
وقوله: {وقرونا بين ذلك كثيرا}.
يروى أن القرن مدّته سبعون سنة). [معاني القرآن: 4/68]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وعادا وثمود وأصحاب الرس}
قال قتادة كانوا أصحاب فلج باليمامة وآبار
قال مجاهد أصحاب الرس كانوا على بئر لهم وكان اسمها الرس فنسبوا إليها
قال أبو جعفر الرس عند أهل اللغة كل بئر غير مطوية ومنه قول الشاعر:
تنابلة يحفرون الرساسا
يعني : آبار المعادن
ويروى أنهم قتلوا نبيهم ورسوه في بئر أي دسوه فيها إلا أن قتادة قال إن أصحاب الأيكة وأصحاب الرس أمتان أرسل إليهم جميعا شعيب صلى الله عليه وسلم فعذبتا بعذابين
ثم قال جل وعز: {وقرونا بين ذلك كثيرا}
قال قتادة بلغنا أن القرن سبعون سنة
ومعنى تبرنا أهلكنا ودمرنا). [معاني القرآن: 5/28-27]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَصْحَابَ الرَّسِّ}: الرس: المعدن، وكل ركية لم تطو فهي رس). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 172]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الرَّسِّ}: البير). [العمدة في غريب القرآن: 223]

تفسير قوله تعالى: {وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (39)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وكلًّا} [الفرقان: 39] يعني من ذكر ممّن مضى.
{ضربنا له الأمثال} [الفرقان: 39] أي خوّفناهم.
{وكلًّا تبّرنا تتبيرًا} [الفرقان: 39] أفسدنا فسادًا، يعني إهلاكه الأمم السّالفة بتكذيبها رسلها). [تفسير القرآن العظيم: 1/482]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وكلاًّ تبّرنا تتبيراً...}

أهلكناهم وأبدناهم إبادةً). [معاني القرآن: 2/268]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وكلاً تبّرنا تتبيراً} أي أهلكنا واستأصلنا). [مجاز القرآن: 2/75]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تبّرنا تتبيراً} أي أهلكنا ودمّرنا). [تفسير غريب القرآن: 313]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وكلّا ضربنا له الأمثال وكلّا تبّرنا تتبيرا}
{كلّا} منصوب بفعل مضمر الذي ظهر تفسيره، المعنى وأنذرنا كلّا ضربنا له الأمثال.
{وكلّا تبّرنا تتبيرا} التتبير التدمير والهلاك، وكل شيء كسّرته وفتّتّه فقد تبّرته، ومن هذا قيل لمكسّر الزجاج التبر، وكذلك تبر الذهب). [معاني القرآن: 4/69-68]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا}: أي أهلكنا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 172]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا (40)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد أتوا} [الفرقان: 40] يعني مشركي العرب.
{على القرية الّتي أمطرت مطر السّوء} [الفرقان: 40] قال قتادة: يعني قرية لوطٍ.
ومطر السّوء الحجارة الّتي رموا بها من السّماء.
رمي بها من كان خارجًا من المدينة وأهل السّفر منهم.
قال: {أفلم يكونوا يرونها} [الفرقان: 40] فيتفكّروا ويحذروا أن ينزل بهم ما نزل
[تفسير القرآن العظيم: 1/482]
بهم، أي بلى قد أتوا عليها ورأوها، مثل قوله: {وإنّكم لتمرّون عليهم مصبحين {137} وباللّيل أفلا تعقلون {138}} [الصافات: 137-138] قال: {بل كانوا لا يرجون نشورًا} [الفرقان: 40] وقال قتادة: بعثًا ولا حسابًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/483]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) :
({ولقد أتوا على القرية الّتي أمطرت مطر السّوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشوراً}

وقال: {الّتي أمطرت مطر السّوء} لغتان يقال "مطرنا" و"أمطرنا" وقال: {وأمطرنا عليهم حجارةً} وهما لغتان). [معاني القرآن: 3/15]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لا يرجون نشورا}: لا يخافون وهذه لهذيل من بين العرب، وأهل تهامة. يقولون: فلان لا يرجو ربه أي لا يخافه.
ومثله {مالكم لا ترجون لله وقارا} يفعلون ذلك إذا كان معها جحد فإذا لم يكن معها جحد ذهبوا إلى الرجاء بعينه.
{النشور} الحياة بعد الموت، يقال نشر الله الموتى فنشروا أي أحياهم فحيوا). [غريب القرآن وتفسيره: 277-278]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد أتوا على القرية الّتي أمطرت مطر السّوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا}
{أتوا} أي مشركو مكّة، يعنى به قرية قوم لوط التي أمر اللّه عليها الحجارة، فأعلم اللّه عزّ وجلّ أن الذي جرأهم على التكذيب، وأنهم لم يبالوا بما شاهدوا من التعذيب في الدنيا أنهم كانوا لا يصدقون بالبعث فقال: {أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا}
قيل لا يخافون ما وعدوا به من العذاب بعد البعث.
والذي عند أهل اللغة أن الرجاء ليس على معنى الخوف، هذا مذهب من يرفع الأضداد، وهو عندي الحق، المعنى بل كانوا لا يرجون ثواب من عمل خيرا بعد البعث فركبوا المعاصي). [معاني القرآن: 4/69]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء}
قال قتادة يعني مدينة قوم لوط
وقوله جل وعز: {بل كانوا لا يرجون نشورا}
قال قتادة أي حسابا وبعثا
قيل يرجون ههنا بمعنى يخافون
وقال من ينكر الأضداد يرجون على بابه؛ أي لا يرجون ثواب الآخرة فيتقوا المعاصي). [معاني القرآن: 5/28]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَا يَرْجُونَ}: لا يخافون). [العمدة في غريب القرآن: 223]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (41)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وإذا رأوك} [الفرقان: 41] يعني الّذين كفروا.
{إن يتّخذونك إلا هزوًا أهذا الّذي بعث اللّه رسولا} [الفرقان: 41] فيما يزعم.
يقوله بعضهم لبعضٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/483]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {وإذا رأوك إن يتّخذونك إلّا هزوا أهذا الّذي بعث اللّه رسولا}

المعنى يقولون: أهذا الذي بعث اللّه إلينا رسولا). [معاني القرآن: 4/69]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آَلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (42)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إن كاد ليضلّنا عن آلهتنا} [الفرقان: 42] يعنون أوثانهم.
{لولا أن صبرنا عليها} [الفرقان: 42] على عبادتها.
قال اللّه: {وسوف يعلمون حين يرون العذاب} [الفرقان: 42] في الآخرة.
{من أضلّ سبيلا} [الفرقان: 42] أي: من كان أضلّ سبيلًا في الدّنيا.
أي: فسوف يعلمون أنّهم كانوا أضلّ سبيلًا من محمّدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/483]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
(" إن كاد ليضلنا عن آلهتنا " كاد هاهنا في موضع المقاربة، وقد فرغنا فوق هذا من مواضع {كاد}).
[مجاز القرآن: 2/75]


تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أرأيت من اتّخذ إلهه هواه} [الفرقان: 43] حدّثني المبارك بن فضالة، عن الحسن قال: هو المنافق يصيب هواه، كلّما هوى شيئًا فعله.
قوله: {اتّخذ إلهه هواه} [الفرقان: 43] يعني المشرك.
{أفأنت تكون عليه} [الفرقان: 43] على الّذي اتّخذ إلهه هواه.
{وكيلا} [الفرقان: 43] حفيظًا تحفظ عليه عمله حتّى تجازيه به.
أي: إنّك لست بربٍّ، إنّما أنت نذيرٌ.
وقال السّدّيّ: {وكيلا} [الفرقان: 43] يعني مسيطرًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/483]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أرأيت من اتّخذ إلهه هواه...}

كان أحدهم يمرّ بالشيء الحسن من الحجارة فيعبده فذلك قوله: {اتّخذ إلهه هواه} ). [معاني القرآن: 2/268]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" تكون عليه وكيلا " أي حفيظاً). [مجاز القرآن: 2/75]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أرأيت من اتّخذ إلهه هواه}؟ يقول: يتّبع هواه ويدع الحقّ، فهو له كالإله. {أفأنت تكون عليه وكيلًا}؟!
أي: كفيلا. وقيل: حافظا). [تفسير غريب القرآن: 313]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أرأيت من اتّخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا}
يروى أن الواحد من أهل الجاهلية كان يعبد الحجر، فإذا مرّ بحجر أحسن منه ترك الأول وعبد الثاني، وقيل أيضا من اتخذ إلهه هواه، أي أطاع هواه وركبه فلم يبال عاقبة ذلك.
وقوله: {أفأنت تكون عليه وكيلا} أي حفيظا). [معاني القرآن: 4/69]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أرأيت من اتخذ إلهه هواه}
قال الحسن لا يهوى شيئا إلا اتبعه
وقال غيره كان أحدهم يعبد الحجر فإذا رأى حجرا أحسن منه أخذه وترك الأول
قال أبو جعفر قول الحسن في هذا قول جامع أي يتبع هواه ويؤثره فقد صار له بمنزلة الإله
ثم قال جل وعز: {أفأنت تكون عليه وكيلا}
قيل حافظا
وقيل كفيلا). [معاني القرآن: 5/29]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أم تحسب أنّ أكثرهم يسمعون أو يعقلون} [الفرقان: 44] يعني جماعة المشركين.
{إن هم إلا كالأنعام} [الفرقان: 44] ممّا تعبّدوا به.
{بل هم أضلّ سبيلا} [الفرقان: 44] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/483]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: {أم تحسب أنّ أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلّا كالأنعام بل هم أضلّ سبيلا}

معناه ما هم إلا كالأنعام في قلة التمييز فيما جعل دليلا لهم من الآيات والبرهان.
قال: {بل هم أضل سبيلا}.
لأن: الأنعام تسبح بحمد الله وتسجد له وهم كما قال اللّه عزّ وجلّ: {ثمّ قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشدّ قسوة} ). [معاني القرآن: 4/69-70]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا} [معاني القرآن: 5/29]
لأن الأنعام تسبح وتجتنب مضارها). [معاني القرآن: 5/30]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ألم تر إلى ربّك كيف مدّ الظّلّ} [الفرقان: 45] أي: ألم تر كيف مدّ ربّك الظّلّ.
{ولو شاء لجعله ساكنًا} [الفرقان: 45] وحدّثنا الحسن بن دينارٍ، عن الحسن قال: {ألم تر إلى ربّك كيف مدّ الظّلّ} [الفرقان: 45] قال: مدّه اللّه من حين يطلع الفجر إلى أن تطلع الشّمس.
{ولو شاء لجعله ساكنًا} [الفرقان: 45] أي لا يزول.
قال: {ثمّ جعلنا الشّمس عليه} [الفرقان: 45] أي على الظّلّ.
{دليلا} [الفرقان: 45] فظلّلت الشّمس كلّ شيءٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/484]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {كيف مدّ الظّلّ...}

ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. وقوله: {ولو شاء لجعله ساكناً} يقول دائماً. وقوله: {ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلاً} يقول: إذا كان في موضعٍ شمسٌ كان فيه قبل ذلك ظلّ، فجعلت الشمس دليلاً على الظلّ). [معاني القرآن: 2/268]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {كيف مدّ الظّلّ ولو شاء لجعله ساكناً ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلاً} فالظل ما أصبح ونسخته الشمس، ولو شاء الله لم تنسخه الشمس فتركه تماماً ممدوداً لم تنقصه الشمس، ولكنه جعل الشمس دليلاً عليه، أي على الظل حيث نسخته، والشمس مؤنثة وجاءت صفتها على تقدير صفة المذكر،
والعرب قد تفعل ذلك وإنما يريدون به البدل كقولهم: هي عديلى أي التي تعادلني ووصى ونحو ذلك.
قال الأعشى:
هي الصاحب الأدنى وبيني وبينها=مجوفٌ علافيٌ وقطع ونمرق
رجل علافيٌ مجوفٌ ضخم الجوف، قال:
وصاحبي ذات هبابٍ دمشق
وقالت:

قامت تبكيّه على قبره=من لي من بعدك يا عامر
تركتني في الدار ذا غربةٍ=قد ذل من ليس له ناصر
والفيء ما نسخ الشمس من الظل: وهو بالعشى وإذا استدارت الشمس). [مجاز القرآن: 2/76-75]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {كيف مدّ الظّلّ} وامتداده: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. {ولو شاء لجعله ساكناً} أي مستقرّا دائما لا تنسخه الشمس). [تفسير غريب القرآن: 313]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا * ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا}.
امتداد الظل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. كذلك قال المفسرون، ويدلك عليه أيضا قوله في وصف الجنة: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} أي لا شمس فيه، كأنه ما بين هذين الوقتين.
{وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا} أي: مستقرا دائما حتى يكون كظل الجنة الذي لا تنسخه الشمس.
{ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا} يقول: لما طلعت الشمس دلت عليه وعلى معناه. وكلّ الأشياء تعرف بأضدادها، فلولا الشمس ما عرف الظل، ولولا النور ما عرفت الظلمة،
ولولا الحق ما عرف الباطل. وهكذا سائر الألوان والطّعوم، قال الله عز وجل: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} يريد به ضدين: ذكرا وأنثى، وأسود وأبيض، وحلوا وحامضا، وأشباه ذلك.
{ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا} يعني الظّل الممدود بعد غروب الشمس، وذلك أنّ الشمس إذا غربت عاد الظل الممدود، وذلك وقت قبضه.
وقوله: {قَبْضًا يَسِيرًا} أي: خفيا، لأن الظل بعد غروب الشمس لا يذهب كلّه دفعة واحدة، ولا يقبل الظلام كلّه جملة، وإنما يقبض الله جلّ وعز ذلك الظل قبضا خفيّا شيئا بعد شيء، ويعقب كلّ جزء منه يقبضه بجزء من سواد الليل حتى يذهب كلّه.
فدلّ الله عز وجل بهذا الوصف على قدرته ولطفه في معاقبته بين الشمس والظل والليل، لمصالح عباده وبلاده.
وبعضهم يجعل قبض الظل عند نسخ الشمس إياه، ويجعل قوله: {قَبْضًا يَسِيرًا} أي: سهلا خفيفا عليه.
وهو وجه، غير أن التفسير الأول أجمع للمعاني وأشبه بما أراد). [تأويل مشكل القرآن: 315-314]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ألم تر إلى ربّك كيف مدّ الظّلّ ولو شاء لجعله ساكنا ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلا}
الظل: من وقت طلوع الفجر إلى وقت طلوع الشمس.
{ولو شاء لجعله ساكن}، أي ثابتا دائما لا يزول.
(ثم جعلنا الشمس عليه دليلا) فالشمس دليل على الظّل، وهي تنسخ الظلّ). [معاني القرآن: 4/70]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل}
ترى ههنا في موضع تعلم
ويجوز أن يكون من رؤية العين
قال الحسن وأبو مالك وإبراهيم التيمي وقتادة والضحاك في قوله تعالى: {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} هو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس
ثم قال تعالى: {ولو شاء لجعله ساكنا}
قال الحسن أي لو شاء لتركه ظلا كما هو
وقال الضحاك أي لو شاء لجعل النهار كله ظلا
وقال قتادة ساكنا أي دائما
ثم جعلنا الشمس عليه دليلا أي تتلوه وتتبعه
ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا روى سفيان عن عبد العزيز بن رفيع عن مجاهد يسيرا أي خفيا
وقال الضحاك سريعا
وقال أبو مالك وإبراهيم التيمي قبضا يسيرا هو ما تقبضه الشمس من الظل
قال أبو جعفر قول مجاهد أولى في العربية وأشبه بالمعنى لما نذكره
وصف الله جل وعز لطفه وقدرته فقال ألم تر إلى ربك كيف مد الظل أي ما بين طلوع الفجر إلى طلوع
الشمس كما قال أهل التفسير، وبينته لك في قوله جل وعز في وصفه الجنة: {وظل ممدود}
ثم قال سبحانه: {ولو شاء لجعله ساكنا}
أي دائما كما في الجنة ثم جعلنا الشمس عليه دليلا أي تدل عليه وعلى معناه لأن الشيء يدل على ضده فيدل النور على الظلمة والحر على البرد
وقيل دالة على الله عز وجل
ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا أي إذا غابت الشمس قبض الظل قبضا خفيا كلما قبض جزء منه جعل مكانه جزء من الظلمة وليس يزول دفعة واحدة فهذا قول مجاهد
وقول أبي مالك وإبراهيم التيمي أن المعنى ثم قبضنا الظل بمجيء الشمس
ويذهبان إلى أن معنى يسيرا سهلا علينا
وقول مجاهد أولى لأن ثم يدل على أن الثاني بعد الأول وقوله أيضا أجمع للمعنى). [معاني القرآن: 5/33-30]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ثمّ قبضناه} [الفرقان: 46] ثمّ قبضنا ذلك الظّلّ.
{إلينا قبضًا يسيرًا} [الفرقان: 46] علينا، كقوله: {إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ} [الحج: 70] وقال السّدّيّ: {قبضًا يسيرًا} [الفرقان: 46] يعني خفيًّا.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: ساكنًا، لا تصيبه الشّمس ولا يزول.
{ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلا} [الفرقان: 45] تحويه.
{ثمّ قبضناه} [الفرقان: 46] حوى الشّمس إيّاه.
قال يحيى: وذلك حين يقوم العمود نصف النّهار حين لا يكون ظلٌّ، فإذا زالت الشّمس رجع الظّلّ فازداد حتّى تغيب الشّمس). [تفسير القرآن العظيم: 1/484]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ثمّ قبضناه إلينا قبضاً يسيراً...}

يعني الظلّ إذا لحقته الشمس قبض الظلّ قبضاً يسيراً، يقول: هيّنا خفيّا). [معاني القرآن: 2/268]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ثمّ قبضناه إلينا قبضاً يسيراً} أي خفيّا. كذلك هو في بعض اللغات). [تفسير غريب القرآن: 313]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا} يعني الظّل الممدود بعد غروب الشمس، وذلك أنّ الشمس إذا غربت عاد الظل الممدود، وذلك وقت قبضه.
وقوله: {قَبْضًا يَسِيرًا} أي: خفيا، لأن الظل بعد غروب الشمس لا يذهب كلّه دفعة واحدة، ولا يقبل الظلام كلّه جملة، وإنما يقبض الله جلّ وعز ذلك الظل قبضا خفيّا شيئا بعد شيء، ويعقب كلّ جزء منه يقبضه بجزء من سواد الليل حتى يذهب كلّه.
فدلّ الله عز وجل بهذا الوصف على قدرته ولطفه في معاقبته بين الشمس والظل والليل، لمصالح عباده وبلاده.
وبعضهم يجعل قبض الظل عند نسخ الشمس إياه، ويجعل قوله: {قَبْضًا يَسِيرًا} أي: سهلا خفيفا عليه.
وهو وجه، غير أن التفسير الأول أجمع للمعاني وأشبه بما أراد). [تأويل مشكل القرآن: 315-314] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ثمّ قبضناه إلينا قبضا يسيرا}
قيل خفيّا، وقيل سهلا، ومعنى ألم تر، ألم تعلم، وهذا من رؤية القلب.
ويجوز أن يكون ههنا من رؤية العين، ويكون المعنى: ألم تر كيف مدّ الظلّ ربّك!
والأجود أن يكون بمعنى ألم تعلم). [معاني القرآن: 4/70]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وهو الّذي جعل لكم اللّيل لباسًا} [الفرقان: 47] يعني سكنًا يسكن فيه الخلق.
وهو تفسير السّدّيّ.
{والنّوم سباتًا} [الفرقان: 47] يسبت النّائم حتّى لا يعقل.
{وجعل النّهار نشورًا} [الفرقان: 47] تفسير مجاهدٍ: ينتشر فيه الخلق لمعائشهم.
وقال قتادة: لمعائشهم، ولحوائجهم، ولتصرّفهم.
وقال السّدّيّ: {نشورًا} [الفرقان: 47] يتفرّقون فيه يبتغون الرّزق). [تفسير القرآن العظيم: 1/484]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {جعل لكم اللّيل لباساً} أي سترا. والنّوم سباتاً أي راحة. وأصل السّبات: التمدّد. وقد بينت هذا في كتاب «المشكل».

{وجعل النّهار نشوراً} أي ينتشرون فيه). [تفسير غريب القرآن: 314-313]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا} أي سترا وحجابا لأبصاركم.
قال ذو الرّمة:
وَدَوِّيَّةٍ مثل السّماء اعتسفتها = وقد صبغ اللّيل الحصى بسواد
أي لمّا ألبسه الليل سواده وظلمته، كان كأنّه صبغه.
وقد يكنون باللباس والثوب عما ستر ووقى، لأنّ اللباس والثوب واقيان ساتران.
وقال الشاعر:
كثوب ابن بِيضٍ وَقَاهُم بهِ = فَسَدَّ على السَّالِكِينَ السَّبيلا

قال الأصمعي: (ابن بيض) رجل نحر بعيرا له على ثنيّة فسدّها فلم يقدر أحد أن يجوز، فضرب به المثل فقيل: سدّ ابن بيض الطريق.
وقال غير الأصمعي: (ابن بيض) رجل كانت عليه إتاوة فهرب بها فاتّبعه مطالبه، فلما خشي لحاقه وضع ما يطالبه به على الطريق ومضى، فلما أخذ الإتاوة رجع وقال: (سدّ ابن بيض الطريق) أي منعنا من اتباعه حين وفى بما عليه، فكأنه سدّ الطريق.
فكنَى الشاعر عن البعير- إن كان التفسير على ما ذكر الأصمعي.
أو عن الإِتَاوَةِ- إن كان التفسير ما ذكر غيره- بالثوب، لأنهما وقيا كما يقي الثوب.
وكان بعض المفسرين يقول في قوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا} أي سكنا، وفي قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ} أي سكن لكم.
وإنما اعتبر ذلك من قوله: {جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} ومن قوله: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا}).[تأويل مشكل القرآن: 144-145]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وهو الذي جعل لكم الليل لباسا}
أي سترا والنوم سباتا أي راحة وجعل النهار نشورا أي ينتشر فيه). [معاني القرآن: 5/33]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وهو الّذي أرسل الرّياح بشرًا} [الفرقان: 48] تلقّح السّحاب.
[تفسير القرآن العظيم: 1/484]
وتفسير السّدّيّ: {أرسل الرّياح} [الفرقان: 48] بسط الرّياح والسّحاب.
من {بين يدي رحمته} [الفرقان: 48] بين يدي المطر.
قال: {وأنزلنا من السّماء ماءً} [الفرقان: 48] يعني المطر.
{طهورًا} [الفرقان: 48] للمؤمنين يتطهّرون به من الأحداث والجنابة.
وهو تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/485]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وهو الّذي أرسل الرّياح بشرى...}

قرأ أصحاب عبد الله (الرياح) ثلاثة مواضع. منهما حرفان في قراءتنا، وحرف في النحل وليس في قراءتنا، مكان قوله: {والنجوم مسخرات بأمره} وهذا واحدٌ يعني الذي في الفرقان. والآخر في الروم {الرياح مبشّراتٍ} وكان عاصم يقرأ ما كان من رحمة الريح وما كان من عذاب قرأه ريح. وقد اختلف القراء في الرحمة فمنهم من قرأ الرّيح ومنهم من قرأ الرياح ولم يختلفوا في العذاب بالريح ونرى أنهم اختاروا الرياح للرحمة لأن رياح الرّحمة تكون من الصّبا والجنوب والشّمال من الثلاث المعروفة؛ وأكثر ما تأتي بالعذاب وما لا مطر فيه الدّبور لأن الدّبور لا تكاد تلقح فسمّيت ريحاً موحّدةً لأنها لا تدور كما تدور اللواقح.
... حدثني قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد ومسروق بن الأجدع أنهما قرءا (نشراً) وقد قرأت القراء (نشراً) و(نشراً) وقرأ عاصم (بشراً) ... حدثني قيس عن أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن أنه قرأ (بشراً) كأنه بشيرة وبشر).
[معاني القرآن: 2/269]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" أرسل الرّياح نشراً " أي حياة وهو من " نشر ". " بلدةً ميتاً " مخففة بمنزلة تخفيف هين ولين وضيق: هين ولين وضيق ولم تدخل الهاء فيها، والبلدة مؤنثة فتكون ميتة لأن المعنى وقع على المكان والعرب تفعل ذلك قال:
إن تميماً خلقت ملموما فذهب بتذكيره إلى تميم وقال آخرون: بل الأرض التي ليس فيها نبات ميت بلا هاء، والروحانية إذا ماتت فهي ميتة بالهاء). [مجاز القرآن: 2/76]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وهو الّذي أرسل الرّياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السّماء ماء طهورا}
فيها ستة أوجه، نشرا بفتح النون، ونشرا بضمها، ونشرا بضم النون والشين، ويجوز بشرى مؤنث بالباء على وزن فعلى، وبشرا بالتنوين والباء.
وبشرا بين يدي رحمته، فهذه ستة أوجه منها أربعة يقرأ بها.
فأمّا نشرا فمعناه إحياء ينشر السحاب الذي به المطر، الذي فيه حياة كل شيء.
ومن قرأ نشرا فهو جمع نشور ونشر مثل رسول ورسل، ومن قرأ بالإسكان أسكن الشين استخفافا، فهذه ثلاثة أوجه في النّون.
فأمّا الباء فمن نوّن بالباء وضمّها وتسكين الشين، فإنما هو بتسكين العين من قولك بشرا، وإذا لم ينوّنها فألفها للتأنيث.
ومن قرأ بشرا بالتنوين فهو جمع: يقال: ريح بشور، كما قال: {ومن آياته أن يرسل الرّياح مبشّرات} أي تبشر بالغيث.
ومن قرأ بشرا - بالضم " فهو على أصل الجمع.
ومن قرأ بشرى بغير تنوين فهو بمعنى بشارة.
وقوله: {وأنزلنا من السّماء ماء طهورا}.
كل ماء نزل من السماء أو خرج من بحر أو أذيب من ثلج أو برد فهو طهور، قال عليه السلام في البحر: " هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته "). [معاني القرآن: 4/71-70]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته}
أكثر القراء يقرءون ما كان في معنى الرحمة على الرياح وما كان في معنى العذاب على الريح
ويحتج بعضهم بحديث ضعيف يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا هبت الريح قال اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا
قال أبو جعفر وقيل إنما وقع هذا هكذا لأن ما يأتي بالرحمة ثلاث رياح وهي الصبا والشمال والجنوب
والرابعة الدبور ولا تكاد تأتي بمطر
فقيل لما أتى بالرحمة رياح، هذا ولا أصل للحديث
ومعنى نشرا إحياء أي تأتي بالسحاب الذي فيه المطر الذي به حياة الخلق ونشرا جمع نشور
وروى عن عاصم بشرا جمع بشيرة
وروي عنه بشرا بحذف الضمة لثقلها أو يكون جمع بشرة كما يقال بسرة وبسر
وعن محمد اليماني {بشرى} أي بشارة
بين يدي رحمته أي المطر). [معاني القرآن: 5/35-33]

تفسير قوله تعالى: {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {لنحيي به} [الفرقان: 49] بالمطر.
{بلدةً ميتًا} [الفرقان: 49] اليابسة الّتي ليس فيها نباتٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/485]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وأناسيّ كثيراً...}

واحدهم إنسي وإن شئت جعلته إنساناً ثم جمعته أناسيّ فتكون الياء عوضاً من النون والإنسان في الأصل إنسيان لأن العرب تصغّره أنيسيان. وإذا قالوا: أناسين
فهو بيّن مثل بستانٍ وبساتين، وإذا قالوا (أناسى كثيراً) فخفّفوا الياء أسقطوا الياء التي تكون فيما بين عين الفعل ولامه مثل قراقير وقراقر، ويبيّن جواز أناسى بالتخفيف قول العرب أناسيةٌ كثيرة ولم نسمعه في القراءة). [معاني القرآن: 2/270-269]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {لّنحيي به بلدةً مّيتاً ونسقيه ممّا خلقنا أنعاماً وأناسيّ كثيراً}
وقال: {وأناسيّ كثيراً} مثقّلة لأنها جماعة "الإنسيّ"). [معاني القرآن: 3/15]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه ممّا خلقنا أنعاما وأناسيّ كثيرا}
ولو كان ميتة لجاز وقيل: " ميتا " ولفظ البلدة مؤنث، لأن معنى البلد والبلدة واحد.
وقوله: (وأناسيّ كثيرا) أناسى جمع إنسى مثل كرسي وكراسي ويجوز أن يكون جمع إنسان وتكون الياء بدلا من النون، الأصل أناسين بالنّون مثل سراحين). [معاني القرآن: 4/71]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا}
قال محمد بن يزيد أناسي جمع إنسي مثل كرسي وكراسي
وقال غيره أناسي جمع إنسان والأصل أناسين مثل سراحين ثم أبدل من النون ياء). [معاني القرآن: 5/35]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (50)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ونسقيه ممّا خلقنا أنعامًا وأناسيّ كثيرًا {49} ولقد صرّفناه بينهم ليذّكّروا} [الفرقان: 49-50] يعني المطر.
- حدّثني عاصم بن حكيمٍ، عن سليمان التّيميّ، عن الحسن بن مسلمٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: ما عامٌ بأكثر مطرًا من عامٍ، أو قال: ماءً، ولكنّ اللّه يصرّفه حيث يشاء.
وقرأ هذه الآية: {ولقد صرّفناه بينهم ليذّكّروا} [الفرقان: 50]
قال الحسن: فيكونوا متذكّرين بهذا المطر فيعلمون أنّ الّذي أنزل هذا المطر الّذي يعيش به الخلق، وينبت به النّبات في الأرض اليابسة قادرٌ على أن يحيي الموتى.
- سعيدٌ عن قتادة أنّ ابن عبّاسٍ قال: ما كان عامٌ قطّ أقلّ مطرًا من عامٍ، ولكنّ اللّه يصرّفه بين عباده.
قوله: {فأبى أكثر النّاس إلا كفورًا} [الفرقان: 50] قال يحيى: سمعت سفيان الثّوريّ يقول: يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، ومطرنا بنوء كذا.
- وحدّثنا حمّادٌ، عن عمرو بن دينارٍ، عن عتّابٍ، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه: " لو حبس المطر عن أمّتي عشر سنين ثمّ صبّه عليهم لأصبح طائفةٌ من أمّتي كافرين يقولون: مطرنا بنوء مجدحٍ ".
- وحدّثني أبو الأشهب، عن الحسن قال: قال رسول اللّه: " ثلاثٌ من أمر الجاهليّة لا يدعهنّ النّاس: الفخر في الأحساب، والطّعن في الأنساب،
[تفسير القرآن العظيم: 1/485]
والاستسقاء بالأنواء "). [تفسير القرآن العظيم: 1/486]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {ولقد صرّفناه بينهم} يعني المطر: يسقي أرضا، ويترك أرضا).
[تفسير غريب القرآن: 314]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد صرّفناه بينهم ليذّكّروا فأبى أكثر النّاس إلّا كفورا}
أي صرفنا المطر بينهم ليذكروا، أي ليتفكروا في نعم اللّه عليهم فيه.
ويحمدوه على ذلك..
(فأبى أكثر النّاس إلّا كفورا) وهم الذين يقولون: مطرنا بنوء كذا، أي بسقوط كوكب كذا،، كما يقول المنجّمون فجعلهم اللّه بذلك كافرين). [معاني القرآن: 4/71]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال سبحانه: {ولقد صرفناه بينهم ليذكروا}
يعني المطر أي نسقي أرضا ونترك أرضا
{ليذكروا} أي: ليفكروا في نعم الله جل وعز ويحمدوه
{فأبى أكثر الناس إلا كفورا} وهو أن يقولوا مطرنا بنوء كذا أي بسقوط كوكب كذا كما يقول المنجمون فجعلهم كفارا بذلك). [معاني القرآن: 5/36-35]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ}: يعني المطر، يسقي أرضا ويترك أرضا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 173]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولو شئنا لبعثنا في كلّ قريةٍ نذيرًا} [الفرقان: 51] رسولًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/486]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فلا تطع الكافرين} [الفرقان: 52] فيما ينهونك عنه من طاعة اللّه.
{وجاهدهم به} [الفرقان: 52] بالقرآن.
وقال السّدّيّ: بالقول.
{جهادًا كبيرًا} [الفرقان: 52] شديدًا.
قال يحيى: هذا الجهاد باللّسان يومئذٍ بمكّة قبل أن يؤمر بقتالهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/486]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {وجاهدهم به} أي بالقرآن).
[تفسير غريب القرآن: 314]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا}
ويجوز كثيرا، والقراءة بالباء، ومعنى (به) أي بالحق، أي بالقرآن الذي أنزل اليك وهو الحق). [معاني القرآن: 4/72-71]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وجاهدهم به جهادا كبيرا}
أي بالقرآن). [معاني القرآن: 5/36]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وهو الّذي مرج البحرين} [الفرقان: 53] أفاض أحدهما في الآخر في تفسير مجاهدٍ، يعني العذب والمالح.
{هذا عذبٌ فراتٌ} [الفرقان: 53] أي حلوٌ.
{وهذا ملحٌ أجاجٌ} [الفرقان: 53] قال قتادة: مرٌّ.
{وجعل بينهما برزخًا} [الفرقان: 53] حاجزًا، لا يغلب المالح على العذب، ولا العذب على المالح فيما حدّثني فطرٌ عن مجاهدٍ.
قوله: {وحجرًا محجورًا} [الفرقان: 53] حرامًا محرّمًا أن يغلب أحدهما على الآخر.
وقال الحسن: فصلًا مفصّلًا.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: برزخًا لا يرى، وحجرًا محجورًا لا يراه أحدٌ ولا يختلط العذب بالبحر). [تفسير القرآن العظيم: 1/486]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وجعل بينهما برزخاً...}

البرزخ: الحاجز، جعل بينهما حاجزاً لئلا تغلب الملوحة العذوبة.
وقوله: {وحجراً مّحجوراً} (من ذلك أي) حراماً محرّماً أن يغلب أحدهما صاحبه). [معاني القرآن: 2/270]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" وهو الّذي مرج البحرين " إذا تركت الشيء وخليته فقد مرجته، ومنه قولهم مرج الأمير الناس أي خلاهم بعضهم على بعض مرجت دابتك أي تركتها في أمر مريج أي مختلط، وإذا رعيت الدابة فقد أمرجتها قال العجاج:
رعى بها مرج ربيعٍ ممرجا
وفي الحديث مرجت عهودهم وأماناتهم أي اختلطت وفسدت). [مجاز القرآن: 2/77]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" هذا عذبٌ فراتٌ " أي شديد العذوبة). [مجاز القرآن: 2/77]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" أجاجٌ " والأجاج أملح الملوحة وما بين ذلك المسوس والزعاق الذي يحرق كل شيء من ملوحته،
قال ذو الإصبع:
لو كنت ماءً كنت لا=عذب المذاق ولا مسوسا).
[مجاز القرآن: 2/77]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" وجعل بينهما برزخاً " كل ما بين شيئين برزخ وما بين الدنيا والآخرة برزخ). [مجاز القرآن: 2/77]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مرج البحرين}: كلما خليته وتركته فقد مرجته و{في أمر مريج} أي ملتبس وقد أمرجت الدابة بالألف.
{عذب فرات}: الفرات أعذب العذوبة.
{والأجاج}: أملح الملوحة). [غريب القرآن وتفسيره: 278]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وهو الّذي مرج البحرين} أي خلاهما. يقال: مرج السلطان الناس، إذا خلّاهم.
ويقال: امرج الدابة، إذا رعاها.
و(الفرات): العذب.
و(الأجاج): أشدّ المياه ملوحة. وقيل: هو الذي يخالطه مرارة.
ويقال: ماء ملح، ولا يقال: مالح.
{وجعل بينهما برزخاً} أي حاجزا - وكذلك الحجز والحجاز -: لئلا يختلطا). [تفسير غريب القرآن: 314]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وهو الّذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا}
معنى مرج خلّى بينهما، تقول: مرجت الدابة وأمرجتها إذا خليتها ترعى والمرج من هذا سمّي، ويقال مرجت عهودهم وأماناتهم إذا اختلطت. يروى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله: {هذا عذب فرات} فرات: صفة لعذب، والفرات أشدّ المياه عذوبة، والمعنى هذا عذب أشدّ الماء عذوبة.
{وهذا ملح أجاج} والأجاج صفة للملح، المعنى وهذا ملح أشدّ الملوحة.
{وجعل بينهما برزخا} البرزخ الحاجز فهما في مرأى العين مختلطان، وفي قدرة اللّه – عز وجل - منفصلان لا يختلط أحدهما بالآخر). [معاني القرآن: 4/72]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وهو الذي مرج البحرين}
أي خلطهما وخلاهما فهما مختلطان في مرآة العين وبينهما حاجز من قدرة الله عز وجل
وفي الحديث مرجت أماناتهم أي اختلطت
ويقال مرج السلطان الناس أي خلاهم وأمرجت الدابة ومرجتها أي خليتها لترعى
ثم قال تعالى: {هذا عذب فرات}أي شديد العذوبة
{وهذا ملح أجاج} روى معمر عن قتادة قال الأجاج المر
قال أبو جعفر والمعروف عند أهل اللغة أن الأجاج الشديد الملوحة ويقال ماء ملح ولا يقال مالح
وروي عن طلحة أنه قرأ وهذا ملح أجاج بفتح الميم وكسر اللام
ثم قال جل وعز: {وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا}
{برزخا} أي: حاجزا
{وحجرا محجورا} أي: مانعا). [معاني القرآن: 5/38-36]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (مرج البحرين) أي: أجراهما.
والبرزخ: كل حاجز بين شيئين، والقبر: برزخ، لأنه بين الدنيا والآخرة). [ياقوتة الصراط: 383]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ}: أي خلاهما). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 173]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ}: تركهما
{فُرَاتٌ}: عذب). [العمدة في غريب القرآن: 223]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وهو الّذي خلق من الماء بشرًا} [الفرقان: 54] خلق آدم من طينٍ، والطّين كان من الماء.
{فجعله نسبًا وصهرًا} [الفرقان: 54] سعيدٌ عن قتادة قال: ذكر اللّه الصّهر مع النّسب وحرّم أربع عشرة امرأةً.
[تفسير القرآن العظيم: 1/486]
قال يحيى: حرّم اللّه من النّسب سبع نسوةٍ، وحرّم من الصّهر سبع نسوةٍ قال: {حرّمت عليكم أمّهاتكم} [النساء: 23] فلا يتزوّج الرّجل أمّه ولا أمّ امرأته ولا يجمع بينهما ولا يتزوّجها بعدها، ولا ابنته، ولا ابنة امرأته، إلا ألا يكون دخل بأمّها فإنّه يتزوّجها بعدها، ولا يجمع بينهما.
قال: {وأخواتكم} [النساء: 23] فلا يتزوّج أخته، ولا أخت امرأته لا يجمع بين الأختين.
قال: {وعمّاتكم} [النساء: 23] فلا يتزوّج عمّته، ولا عمّة امرأته، ولا يجمع بين امرأته وعمّتها.
قال: {وخالاتكم} [النساء: 23] فلا يتزوّج خالته ولا خالة امرأته ولا يجمع بين امرأته وخالتها.
قال: {وبنات الأخ} [النساء: 23] فلا يتزوّج ابنة أخيه، ولا ابنة أخي امرأته، لا يجمع بين امرأته ولا ابنة أخيها.
قال: {وبنات الأخت} [النساء: 23] فلا يتزوّج ابنة أخته، ولا ابنة أخت امرأته، لا يجمع بين امرأته وبين ابنة أختها.
فهذه أربع عشرة نسوةً حرّمهنّ اللّه، سبعٌ من النّسب وسبعٌ من الصّهر.
قال: {وكان ربّك قديرًا} [الفرقان: 54] قادرًا على كلّ شيءٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/487]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
(" وهو الذّي خلق من الماء بشراً " مجازه خلق من النطف البشر وفي آية أخرى " من مّاءٍ دافقٍ " أي نطفة).
[مجاز القرآن: 2/77]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {خلق من الماء بشراً} يعني من النّطفة. {فجعله نسباً} يعني قرابة النّسب، {وصهراً} يعني: قرابة النكاح).
[تفسير غريب القرآن: 314]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجل: {وهو الّذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربّك قديرا}
فالأصهار من النسب من يجوز لهم التزويج، والنسب الذي ليس يصهر، من قوله: {حرّمت عليكم أمّهاتكم} إلى {وأن تجمعوا بين الأختين} ). [معاني القرآن: 4/72]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {وهو الذي خلق من الماء بشرا} يعني بالماء النطفة والله عز وجل أعلم
وقوله جل وعز: {فجعله نسبا وصهرا} قيل هو الماء الذي خلق منه أصول الحيوان
وقيل النسب البنون ينتسوب إليه وخلق له بنات من جهتهن الأصهار
وقال أبو إسحاق النسب الذي ليس بصهر من قوله تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم} إلى قوله: {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف} والصهر من يحل له التزوج
وروى عميرة مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنه وهو قول الضحاك قال حرم من النسب سبع ومن الصهر سبع
ثم قرأ: {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم} إلى قوله: {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف}
وقيل من الصهر خمس وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم إلى وحلائل أبنائكم وهذا لفظ الضحاك
وقد اختلف في الفرق بين الختن والصهر
فقال الأصمعي الأختان كل شيء من قبل المرأة مثل أبي المرأة وأخيها وعمها والأصهار يجمع هذا كله يقال صاهر فلان إلى بني فلان وأصهر إليهم
وقال ابن الأعرابي الأختان أبو المرأة وأخوها وعمها والصهر زوج ابنة الرجل وأخوه وأبوه وعمه
وقال محمد بن الحسن في رواية أبي سليمان الجوزجاني أختان الرجل أزواج بناته وأخواته وعماته وخالاته، وكل ذي محرم منه أصهاره كل ذي رحم محرم من زوجته
قال أبو جعفر الأولى في هذا أن يكون القول في الأصهار ما قال الأصمعي وأن يكون من قبلهما جميعا لأنه يقال صهرت الشيء أي خلطته فكل واحد منهما قد خلط صاحبه
والأولى في الأختان ما قاله محمد بن الحسن لجهتين :
أحدهما الحديث المرفوع روى محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنت يا علي فختني وأبو ولدي وأنت مني وأنا منك فهذا يدل على أن زوج البنت ختن
والجهة الأخرى أنه يقال ختنه إذا قطعه فالزوج قد انقطع عن أهله وقطع المرأة عن أهلها فهو أولى بهذا الاسم). [معاني القرآن: 5/41-38]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فجعله نَسَبًا}: يعني قرابة النسب {وَصِهْرًا}: أي قرابة النكاح). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 173]

تفسير قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (55)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويعبدون من دون اللّه ما لا ينفعهم ولا يضرّهم} [الفرقان: 55] يعني الأوثان.
{وكان الكافر على ربّه ظهيرًا} [الفرقان: 55] عوينًا، ظاهر الشّيطان على أمر ربّه في تفسير الحسن.
وقال بعضهم: هو أبو جهلٍ أعان الشّيطان على النّبيّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/487]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وكان الكافر على ربّه ظهيراً...}

المظاهر المعاون؛ والظهير العون). [معاني القرآن: 2/270]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" وكان الكافر على ربّه ظهيراً " أي مظهوراً به أي هيناً ومنه ظهرت به فلم التفت إليه.
وله موضع آخر مجازه معيناً عدوه). [مجاز القرآن: 2/77-78]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ظهيرا}: معينا). [غريب القرآن وتفسيره: 278]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ظهيراً} أي عونا). [تفسير غريب القرآن: 314]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويعبدون من دون اللّه ما لا ينفعهم ولا يضرّهم وكان الكافر على ربّه ظهيرا}
معنى الظهير: المعين، لأنه يتابع الشيطان ويعاونه على معصية اللّه، لأن عبادتهم للأصنام معاونة للشيطان). [معاني القرآن: 4/73-72]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكان الكافر على ربه ظهيرا}
قال مجاهد أي معينا
وقال الحسن أي عونا للشيطان على الله عز وجل على المعاصي). [معاني القرآن: 5/41]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ظَهِيرًا}: معيناً). [العمدة في غريب القرآن: 223]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (56)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما أرسلناك إلا مبشّرًا} [الفرقان: 56] قال قتادة: بالجنّة.
{ونذيرًا} [الفرقان: 56] من النّار، ونذيرًا من عذاب اللّه في الدّنيا إن لم يؤمنوا). [تفسير القرآن العظيم: 1/487]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :
(ثم قال جل وعز: {وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا}

قال قتادة أي مبشرا بالجنة ونذيرا من النار). [معاني القرآن: 5/41]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (57)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قل ما أسألكم عليه} [الفرقان: 57] على القرآن.
{من أجرٍ إلا من شاء أن يتّخذ إلى ربّه سبيلا} [الفرقان: 57] إنّما جئتكم بالقرآن ليتّخذ به من آمن إلى ربّه سبيلا يتقرّب به إلى اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/487]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {قل ما أسألكم عليه من أجرٍ إلاّ من شاء أن يتّخذ إلى ربّه سبيلاً} والعرب قد تستثني الشيء من الشيء وليس منه على الاختصار، وفيه ضمير تقديره قل ما أسألكم عليه من أجر إلا أنه من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً فليتخذه، قال أبو خراس:

نجا سالمٌ والنّفس منه بشدقه=ولم ينج الاجفن سيفٍ ومئزرا
فاستثنى الجفن والمئزر وليسا من سالم إنما هو على الاختصار وقال:
وبلدٍ ليس به أنيس=إلاّ اليعافير وإلاّ العيس
يعني الإبل فاستثنى اليعافير، والعيس من الناس كأنه قال: إلا أن بها يعافير وعيساً، واليعافير الظباء واحدها يعفور، وفي آية أخرى: {فإنهم عدوٌ لي إلاّ ربّ العالمين} وقال:

فديت بنفسه نفسي ومالي=وما آلوك إلا ما أطيق
وقال:
يا بن رفيع هل لها من غبق=ما شربت بعد ركيّ العرق
من قطرة غير النجاء الدّفق). [مجاز القرآن: 2/79-78]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قل ما أسألكم عليه من أجرٍ إلاّ من شاء أن يتّخذ إلى ربّه سبيلاً}
وقال: {إلاّ من شاء} استثناءٌ خارجٌ من أول الكلام على معنى "لكنّ"). [معاني القرآن: 3/16]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا}
قال قتادة بطاعة الله عز وجل). [معاني القرآن: 5/41]

تفسير قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وتوكّل على الحيّ الّذي لا يموت وسبّح بحمده} [الفرقان: 58] قال الحسن: بمعرفته). [تفسير القرآن العظيم: 1/487]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وكفى به بذنوب عباده خبيرًا {58} الّذي خلق السّموات والأرض وما بينهما في ستّة
[تفسير القرآن العظيم: 1/487]
أيّامٍ ثمّ استوى على العرش الرّحمن فاسأل به خبيرًا {59}} [الفرقان: 58-59] هو الحيّ الّذي لا يموت و{الّذي خلق السّموات والأرض وما بينهما في ستّة أيّامٍ ثمّ استوى على العرش} [الفرقان: 59] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/488]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {الّذي خلق السّموات والأرض وما بينهما} والسموات جميع فجاءت على تقدير الواحد والعرب إذا جمعوا جميع موات ثم أشركوا بينه وبين واحد جعلوا خبر جميع الجميع المشرك بالواحد على تقدير خبر الواحد قال:

إن المنيّة والحتوف كلاهما= توفى المخارم ترقبان سوادي
وكذلك الجميع مع الجميع قال القطامي:
ألم يحزنك أن حبال قيس=وتغلب قد تباينتا انقطاعا
أي وحبال تغلب). [مجاز القرآن: 2/79]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («الباء» مكان «عن»
قال الله تعالى: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} ، أي عنه.
قال علقمة بن عبدة:
فإن تسألوني بالنِّساءِ فإِنَّنِي = بَصِيرٌ بأدواء النِّساء طبيبُ
أي عن النساء.
وقال ابن أحمر:
تسائلُ بابنِ أَحْمَرَ مَنْ رَآهُ = أَعَارَتْ عينُه أَمْ لَمْ تَعَارَا).
[تأويل مشكل القرآن: 568]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {الّذي خلق السّماوات والأرض وما بينهما في ستّة أيّام ثمّ استوى على العرش الرّحمن فاسأل به خبيرا}
(الرّحمن فاسأل به خبيرا) ويجوز {الرّحمن فاسأل}، فمن قال: (الرّحمن) فهو رفع من جهتين:
إحداهما على البدل مما في قوله: (ثم استوى)، ثم بين بقوله الرحمن.
ويجوز أن يكون ابتداء و (فاسأل به) الخبر.
والمعنى فاسأل عنه خبيرا.
ومن قال " الرحمن " فهو على معنى: وتوكّل على الحيّ الّذي لا يموت (الرحمن). صفة للحيّ). [معاني القرآن: 4/73]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله تعالى: {الرحمن فاسأل به خبيرا}
قال أبو إسحاق أي اسأل عنه وقد حكى هذا جماعة من أهل اللغة أن الباء بمعنى عن كما قال جل وعز: {سأل سائل بعذاب واقع} وقال الشاعر:
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك = إن كنت جاهلة بما لم تعلمي
قال علي بن سليمان أهل النظر ينكرون أن تكون الباء بمعنى عن لأن في هذا فساد المعاني قال ولكن هذا مثل قول العرب لو لقيت فلانا للقيك به الأسد أي للقيك بلقائك إياه الأسد
والمعنى فاسأل بسؤالك على ما تقدم). [معاني القرآن: 5/42]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وإذا قيل لهم} [الفرقان: 60] يعني المشركين.
{اسجدوا للرّحمن قالوا وما الرّحمن أنسجد لما تأمرنا} [الفرقان: 60] على الاستفهام أي لا نفعل.
وهي تقرأ بالتّاء والياء.
فمن قرأها بالتّاء فهم يقولونه للنّبيّ.
ومن قرأها بالياء فيقول: يقوله بعضهم لبعضٍ: أنسجد لما يأمرنا محمّدٌ.
{وزادهم} [الفرقان: 60] قوله لهم: {اسجدوا للرّحمن} [الفرقان: 60] {نفورًا} [الفرقان: 60] عن القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 1/488]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قالوا وما الرّحمن...}

ذكروا أنّ مسيلمة كان يقال له الرحمن، فقالوا: ما نعرف الرّحمن إلاّ الذي باليمامة، يعنون مسيلمة الكّذّاب، فأنزل الله {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيّامّا تدعوا فله الأسماء الحسنى}.
وقوله: {أنسجد لما يأمرنا} و{وتأمرنا} فمن قرأ بالياء أراد مسيلمة: ومن قرأ بالتاء جاز أن يريد (مسيلمة أيضا) ويكون للأمر أنسجد لأمرك إيانا ومن قرأ بالتّاء والياء يراد به محمد صلى الله عليه وسلم (وهو بمنزلة قوله) {قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون} و{وسيغلبون} والمعنى لمحمد صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 2/270]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وإذا قيل لهم اسجدوا للرّحمن قالوا وما الرّحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا}
(تأمرنا) وتقرأ (يأمرنا)، والرحمن اسم من أسماء الله مذكور في الكتب الأول ولم يكونوا يعرفونه من أسماء اللّه فقيل لهم إنه من أسماء الله، {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى}.
ومعناه عند أهل اللغة ذو الرحمة التي لا غاية بعدها في الرحمة، لأن فعلان بناء من أبنية المبالغة، تقول: رجل عطشان وريّان إذا كان في النهاية في الريّ والعطش، وكذلك فرحان وجذلان وخزيان، إذا كان في غاية الفرح أو في نهاية الخري). [معاني القرآن: 4/73]


رد مع اقتباس