عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 09:36 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 21 إلى 36]

{وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24) وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34) وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (35) فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا (36)}


تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقال الّذين لا يرجون لقاءنا} [الفرقان: 21] وهم المشركون لا يقرّون بالبعث.
{لولا} [الفرقان: 21] هلا.
{أنزل علينا الملائكة} [الفرقان: 21] فيشهدوا أنّك رسول اللّه يا محمّد.
{أو نرى ربّنا} [الفرقان: 21] معاينةً فيخبرنا أنّك رسوله.
قال اللّه: {لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوًّا كبيرًا} [الفرقان: 21] وعصوا عصيانًا كبيرًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/475]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لا يرجون لقاءنا...}

لا يخافون لقاءنا وهي لغة تهاميّة: يضعون الرجاء في موضع الخوف إذا كان معه جحدٌ. من ذلك قوله: {ما لكم لا ترجون لله وقاراً} أي لا تخافون له عظمةً. وأنشدني بعضهم:

لا ترتجي حين تلاقي الذائدا=أسبعةً لاقت معاً أم واحداً
يريد: لا تخاف ولا تبالي. وقال لآخر:
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها =وحالفها في بيت نوب عوامل
يقال:نوب ونوب. ويقال: أوب وأوب من الرجوع ... والنوب ذكر النحل.
وقوله: {وعتوا عتوّاً كبيراً} جاء العتوّ بالواو لأنه مصدر مصرّح. وقال في مريم {أيّهم أشدّ على الرحمن عتيّاً} فمن جعله بالواو كان مصدراً محضا. ومن جعله بالياء قال: عات وعتي فلمّا جمعوا بنى جمعهم على واحدهم. وجاز أن يكون المصدر بالياء أيضاً لأن المصدر والأسماء تتّفق في هذا المعنى: ألا ترى أنهم يقولون: قاعد وقوم قعود، وقعدت قعوداً. فلمّا استويا ها هنا في القعود لم يبالوا أن يستويا في العتو والعتيّ). [معاني القرآن: 2/265]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" وقال الذّين لا يرجون لقاءنا " مجازه لا يخافون ولا يخشون. وقال أبو ذؤيب:
إذا لسعته الدبر لم يرج لسعها=وحالفها في بيت نوب عوامل
ويروى خالفها بالخاء). [مجاز القرآن: 2/73]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وقال الّذين لا يرجون لقاءنا} أي لا يخافون). [تفسير غريب القرآن: 312]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وقال الّذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربّنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوّا كبيرا}
معنى {لولا} هلّا.
{أو نرى ربّنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوّا كبيرا}.
فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أنّ الذين لا يوقنون بالبعث، ولا يرجون الثواب على الأعمال عند لقاء الله طلبوا من الآيات ما لم يأت أمة من الأمم.
فأعلم الله عزّ وجلّ أنهم قد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوّا كبيرا، ويجوز عتوا كثيرا بالثاء، والعتو في اللغة المجاوزة في القدر في الظلم.
وأعلم الله - عزّ وجلّ - أن الوقت الذي يرون فيه الملائكة هو يوم القيامة، وأن الله قد حرمهم البشرى في ذلك الوقت فقال:
{يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا}. [معاني القرآن: 4/63]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم خبر أن الذين لا يؤمنون بالآخرة يقترحون من الآيات ما لم يعطه أحد فقال جل وعز: {وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا}
والعتو التجاوز فيما لا ينبغي). [معاني القرآن: 5/17-16]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا}: أي لا يخافون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 172]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال: {يوم يرون الملائكة} [الفرقان: 22] وهذا عند الموت.
{لا بشرى يومئذٍ للمجرمين} [الفرقان: 22] للمشركين، لا بشرى لهم يومئذٍ بالجنّة.
وذلك أنّ المؤمنين تبشّرهم الملائكة عند الموت بالجنّة.
قال: {إنّ الّذين قالوا ربّنا اللّه ثمّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة} [فصلت: 30] عند الموت {ألّا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون} [فصلت: 30] وتفسير ابن مجاهدٍ عن أبيه: {يوم يرون الملائكة} [الفرقان: 22] يوم القيامة.
قال: {ويقولون حجرًا محجورًا} [الفرقان: 22] سعيدٌ عن قتادة قال: حرامًا محرّمًا على الكافر البشرى يومئذٍ.
المعلّى بن هلالٍ، عن إدريس، عن عطيّة العوفيّ قال: {حجرًا محجورًا} [الفرقان: 22] قال:
[تفسير القرآن العظيم: 1/475]
حرامًا محرّمًا.
المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: هو كقوله للشّيء: معاذ اللّه، أي أن يكون لهم البشرى بالجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/476]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذٍ...}

اليوم ليس بصلة للبشرى فيكون نصبه بها. ولكنك مضمر للفاء؛ كقيلك في الكلام: أمّا اليوم فلا مال. فإذا ألقيت الفاء فأنت مضمر لمثل اليوم بعد لا. ومثله في الكلام: عندنا لا مال إن أردت لا مال عندنا فقدّمت (عندنا) لم يجز. وإن أضمرت (عندنا) ثانية بعد (لا مال) صلح؛ ألا ترى أنّك لا تقول: زيدا لا ضارب (يا هذا) كما تقول: لا ضارب زيداً.
وقوله: {ويقولون حجراً مّحجوراً} حراماً محرّماً أن يكون لهم البشرى. والحجر: الحرام، كما تقول: حجر التاجر على غلامه، وحجر على أهله. وأنشدني بعضهم:
فهممت أن ألقى إليها محجراً =ولمثلها يلقى إليه المحجر
... ألقى وإلقى من لقيت أي مثلها يركب منه المحرّم). [معاني القرآن: 2/266]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ويقولون حجراً محجوراً} أي حراما محرماً،
قال المتلمس:
حنّت إلى النّخلة القصوى فقلت لها=حجرٌ حرامٌ ألا تلك الدّهاريس
وفي آية أخرى " لذي حجرٍ " أي لذي عقل ولب، ومن الحرام سمي حجر الكعبة، والأنثى من الخيل يقال لها حجرٌ). [مجاز القرآن: 2/73]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ويقولون حجرا محجورا}: قالوا: تقول الملائكة: حراما محرما عليكم أن تدخلوا الجنة.
والحجر ها هنا الحرام، والحجر من الخيل الأنثى. والحجر ما حجرت عليه وبه سمي حجر البيت. والحجر أيضا العقل). [غريب القرآن وتفسيره: 276]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويقولون حجراً محجوراً} أي: حراما محرّما أن تكون لهم بشرى.
وإنما قيل للحرام حجر: لأنه حجر عليه بالتحريم. يقال: حجرت حجرا. واسم ما حجرت عليه: حجر). [تفسير غريب القرآن: 312]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا}
{يوم يرون} منصوب على وجهين:
أحدهما على معنى لا بشرى تكون للمجرمين يوم يرون الملائكة.
و {يومئذ} هو مؤكد " ليوم يرون الملائكة "، ولا يجوز أن يكون منصوبا بقوله " لا بشرى " لأن ما اتصل بلا لا يعمل فيما قبلها.
ولكن لمّا قيل لا بشرى للمجرمين بيّن في أي يوم ذلك، فكأنه قيل يجمعون البشرى يوم يرون الملائكة، وهو يوم القيامة.
{ويقولون حجرا محجورا} وقرئت " حجرا " بضم الحاء " والمعنى وتقول الملائكة حجرا محجورا.
أي حراما محرما عليهم البشرى، وأصل الحجر في اللغة ما حجرت عليه أي ما منعت من أن يوصل إليه، وكل ما منعت منه فقد حجرت عليه،
وكذلك حجر القضاة على الأيتام إنما هو منع إياهم عن التصرف في أموالهم.
وكذلك الحجرة التي ينزلها الناس هو ما حوّطوا عليه.
ويجوز أن يكون " يوم " منصوبا على معنى اذكر يوم يرون الملائكة.
ثم أخبر فقال: (لا بشرى يومئذ للمجرمين) والمجرمون الذين اجترموا الذّنوب، وهم في هذا الموضع الذين اجترموا الكفر باللّه عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 4/64-63]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا}
روى عطية عن أبي سعيد الخدري حجرا محجورا قال حراما محرما
قال الضحاك أي تقول لهم الملائكة حراما عليكم محرما أن تكون لكم البشرى اليوم يعني الكفار
قال أبو جعفر والمعنى حراما عليكم البشرى ومن هذا حجر القاضي إنما هو منعه ومن هذا حجر الإنسان).[معاني القرآن: 5/17]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {حجرا محجورا} أي: حراما محرما، أي: منعا منعا). [ياقوتة الصراط: 382]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حِجْرًا مَّحْجُورًا}: أي حراما محرما). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 172]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حِجْرًا}: حراماً
{مَّحْجُورًا}: محرماً). [العمدة في غريب القرآن: 222]

تفسير قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقدمنا} [الفرقان: 23] أي: وعمدنا في تفسير ابن مجاهدٍ عن أبيه.
{إلى ما عملوا من عملٍ} [الفرقان: 23] أي حسنٍ، يعني المشركين.
{فجعلناه} [الفرقان: 23] في الآخرة.
{هباءً منثورًا} [الفرقان: 23] وهو الّذي يتناثر من الغبار الّذي يكون من أثر حوافر الدّوابّ إذا سارت.
والآية الأخرى: {فكانت هباءً منبثًّا} [الواقعة: 6] وهو الّذي يدخل البيت من الكوّة من شعاع الشّمس.
وتفسير ابن مجاهدٍ عن أبيه: {هباءً منثورًا} [الفرقان: 23] هو عنده هذا). [تفسير القرآن العظيم: 1/476]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ...}

عمدنا بفتح العين: {فجعلناه هباء مّنثوراً} أي باطلا، والهباء ممدود غير مهموزٍ في الأصل يصغر هبيّ كما يصغر الكساء كسيّ. وجفاء الوادي مهموز في الأصل إن صغّرته قلت هذا جفيء. مثل جفيع ويقاس على هذين كلّ ممدود من الهمز ومن الياء ومن الواو). [معاني القرآن: 2/266]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ} مجازه وعمدنا إلى ما عملوا، قال:
فقدم الخوارج الضّلاّل=إلى عباد ربّهم فقالوا
إنّ دماءكم لنا حلال مثل الغبار إذا طلعت فيه الشمس وليس له مسٌ ولا يرى في الظل). [مجاز القرآن: 2/74-73]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل}: أي عمدنا.
{هباء منثورا}: قالوا شعاع الشمس الذي يخرج من الكوة). [غريب القرآن وتفسيره: 277-276]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ} أي عمدنا إليه، {فجعلناه هباءً منثوراً}. وأصل «الهباء المنثور»: ما رأيته في الكوة،
مثل الغبار، من الشمس. واحدها: هباءة و«الهباء المنبث»: وأسطع من سنابك الخيل وهو من «الهبوة» والهبوة: الغبار). [تفسير غريب القرآن: 312]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قول الله عز وجل: {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} {وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}
والفتيل: ما يكون في شقّ النّواة.
والنّقير: النّقرة في ظهرها.
ولم يرد أنهم لا يظلمون ذلك بعينه، وإنما أراد أنهم إذا حوسبوا لم يظلموا في الحساب شيئا ولا مقدار هذين التّافهين الحقيرين.
والعرب تقول: ما رزأتُه زِبَالاً. (وَالزِّبَالُ) ما تحمله النَّمْلَةُ بفَمِهَا، يريدون ما رزأته شيئاً.
وقال النابغة الذّبياني:
يجمعُ الجيش ذا الألوفِ ويغزو = ثم لا يرزأُ العدوَّ فَتيلا
وكذلك قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} وهو (الفوقة) التي فيها النّواة. يريد ما يملكون شيئا.
ومنه قوله عز وجل: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} أي قصدنا لأعمالهم وعمدنا لها.
والأصلُ أنَّ مَن أرادَ القُدوم إلى موضع عَمَدَ له وَقَصَدَه.
والهباء المنثور: ما رأيته في شُعَاعِ الشَّمس الداخلِ من كُوَّةِ البيتِ.
والهباء المنبثُّ: ما سَطَعَ مِن سَنابكِ الخيلِ.
وإنما أراد أنّا أبطلناه كما أنَّ هذا مُبطَلُ لا يُلْمَسُ ولا يُنْتَفَعُ بهِ). [تأويل مشكل القرآن: 138] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا}
معنى قدمنا عمدنا وقصدنا كما تقول: قام فلان يشتم فلانا، تريد قصد إلى شتم فلان، ولا تريد قام من القيام على الرجلين.
(فجعلناه هباء منثورا) " الهباء " ما يخرج من الكوّة مع ضوء الشمس شبيها بالغبار.
وتأويله أن اللّه عزّ وجلّ أحبط أعمالهم حتى صارت بمنزلة الهباء المنثور). [معاني القرآن: 4/64]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل}
قال مجاهد وقدمنا أي عمدنا
قال أبو جعفر وأصل هذا أن القادم إلى الموضع يعمد له ويقصد إليه
ثم قال جل وعز: {فجعلناه هباء منثورا}
روى أبو إسحاق عن الحارث عن علي قال الهباء المنثور شعاع الشمس الذي يدخل من الكوة
قال أبو جعفر وهباء جمع هباءة فيقال لما يكون من شعاع الشمس
وهو شبيه بالغبار هباء منثور ويقال لما يطير من تحت سنابك الخيل هباء منبث وأصله من أهبأ التراب إهباء إذا أثاره كما قيل منينا كأنه أهباء). [معاني القرآن: 5/19-18]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (وقدمنا) أي: وقصدنا). [ياقوتة الصراط: 383]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الهباء المنثور): ما رأيته في ضوء الكوة مثل الغبار في الشمس. والهباء المنبث: ما طلع في سنابك الخيل من الغبار).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 172]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَقَدِمْنَا}: عمدنا). [العمدة في غريب القرآن: 222]

تفسير قوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أصحاب الجنّة} [الفرقان: 24] أهل الجنّة.
{يومئذٍ خيرٌ مستقرًّا} [الفرقان: 24] من مستقرّ المشركين.
{وأحسن مقيلا} [الفرقان: 24] منهم.
قوله: {خيرٌ مستقرًّا} [الفرقان: 24] منزلا، الجنّة يستقرّون فيها لا يخرجون منها.
ومستقرّ المشركين جهنّم لا يخرجون منها.
قال: {وأحسن مقيلا} [الفرقان: 24] قال قتادة: {خيرٌ مستقرًّا وأحسن مقيلا} [الفرقان: 24] قال: مأوًى ومنزلا.
حدّثني صفوان بن محرزٍ قال: يجاء يوم القيامة برجلين كان أحدهما ملكًا في الدّنيا، إلى الحمرة والبياض، فيحاسب، فإذا عبدٌ لم يعمل خيرًا فيؤمر به إلى النّار، والآخر كان مسكينًا، أو كما قال، في الدّنيا فيحاسب فيقول: يا ربّ، ما أعطيتني من شيءٍ فتحاسبني به، فيقول: صدق عبدي، فأرسلوه، فيؤمر به إلى الجنّة.
ثمّ يتركان ما شاء اللّه.
ثمّ يدعى بصاحب النّار فإذا هو مثل الحممة السّوداء.
فيقال له: كيف وجدت مقيلك؟ فيقول: ربّ شرّ مقيلٍ.
فيقال له: عد.
ثمّ
[تفسير القرآن العظيم: 1/476]
يدعى صاحب الجنّة فإذا هو مثل القمر ليلة البدر.
فيقال له: كيف وجدت مقيلك؟ فيقول: ربّ خير مقيلٍ.
فيقال له: عد.
- الخليل بن مرّة، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه: " يخرج بعد ما يستقرّ أهل الجنّة في الجنّة وأهل النّار في النّار رجلٌ من النّار ورجلٌ من الجنّة فيستنطق اللّه الرّجل الّذي يخرج من الجنّة فيقول له: كيف وجدت مقيلك؟ فيقول: يا ربّ خير مقيلٍ وخير مصيرٍ صار إليه العبد.
فيقول له ربّه: إنّ لك عندي الزّيادة والكرامة، فارجع.
ويسأل الّذي يخرج من النّار: كيف وجدت مقيلك؟ فيقول: يا ربّ شرّ مقيلٍ ومصيرٍ صار إليه العبد.
ثمّ يقول: يا ربّ يا ربّ.
فيقول له ربّه: ما تعطيني إن أخرجتك؟ فيقول: يا ربّ أعطيك ما سألتني.
فيقول: فإنّي أسألك ملء الأرض ذهبًا، فيقول: يا ربّ، لا أقدر عليه، لو قدرت عليه أعطيتك.
فيقول له: كذبت وعزّتي، قد سألتك ما هو أهون من ذلك فلم تعطنيه.
سألتك أن تسألني فأعطيك، وتدعوني فأستجيب لك، وتستغفرني فأغفر لك ".
- وحدّثني أبانٌ العطّار أنّ ابن عبّاسٍ قال: من لم يقل في الجنّة يومئذٍ فليس من أهلها.
قال يحيى: وبلغني أنّ ابن عبّاسٍ قال: إنّي لأعلم أيّ ساعةٍ يدخل أهل الجنّة الجنّة قبل نصف النّهار حين يشتهون الغداء). [تفسير القرآن العظيم: 1/477]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أصحاب الجنّة يومئذٍ خيرٌ مّستقرّاً وأحسن مقيلاً...}

قال: بعض المحدّثين يرون أنه يفرغ من حساب الناس في نصف ذلك اليوم فيقيل أهل الجنّة في الجنّة وأهل النار في النار. فذلك قوله: {خيرٌ مّستقرّاً وأحسن مقيلاً} وأهل الكلام إذا اجتمع لهم أحمق وعاقل لم يستجيزوا أن يقولوا: هذا أحمق الرّجلين ولا أعقل الرجلين، ويقولون لا نقول: هذا أعقل الرجلين إلا لعاقلين تفضّل أحدهما على صاحبه. وقد سمعت قول الله {خيرٌ مّستقرّاً} فجعل أهل الجنة خيراً مستقراً من أهل النار، وليس في مستقرّ أهل النار شيء من الخير فاعرف ذلك من خطائهم). [معاني القرآن: 2/267-266]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم اللّه عزّ وجلّ فضل أهل الجنة على أهل النار فقال:
{أصحاب الجنّة يومئذ خير مستقرّا وأحسن مقيلا}
والمقيل المقام وقت القائلة، وقيل هو النوم نصف النهار، وجاء في التفسير أن أهل الجنّة يصيرون إلى أهليهم في الجنة وقت نصف النّهار). [معاني القرآن: 4/64]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا}
قال أبو جعفر القول في هذا كالقول في قوله تعالى: {أذلك خير أم جنة الخلد}
والفراء يذهب إلى أنه ليس في هذا سؤال البتة
ثم قال جل وعز: {وأحسن مقيلا}
قال قتادة أي مأوى ومنزلا
قال أبو جعفر المقيل في اللغة هو المقام وقت القيلولة خاصة فقيل إن أهل الجنة ينصرفون إلى نسائهم مقدار وقت نصف النهار فيقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ذلك الوقت). [معاني القرآن: 5/20-19]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويوم تشقّق السّماء بالغمام} [الفرقان: 25] يجيء الغمام هذا بعد البعث، تشقّق فتراها واهيةً، متشقّقةً كقوله: {وفتحت السّماء فكانت أبوابًا} [النبأ: 19] ويكون الغمام سترةً بين السّماء والأرض.
قال: {ونزّل الملائكة تنزيلا} [الفرقان: 25] مع الرّحمن.
هو مثل قوله: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام والملائكة} [البقرة: 210].
ومثل قوله: {وجاء ربّك والملك صفًّا صفًّا} [الفجر: 22]
قال يحيى: وأخبرني صاحبٌ لي، عن ليث بن أبي سليمٍ، عن شهر بن حوشبٍ قال: إذا كان يوم القيامة مدّت الأرض مدّ الأديم العكاظيّ، ثمّ يحشر اللّه فيها
[تفسير القرآن العظيم: 1/477]
الخلائق من الجنّ والإنس، ثمّ أخذوا مصافّهم من الأرض، ثمّ ينزل أهل السّماء الدّنيا بمثل من في الأرض وبمثلهم معهم من الجنّ والإنس، حتّى إذا كانوا على رءوس الخلائق أضاءت الأرض لوجوههم وخرّ أهل الأرض ساجدين وقالوا:
أفيكم ربّنا؟ قالوا: ليس فينا وهو آتٍ، ثمّ أخذوا مصافّهم من الأرض.
ثمّ ينزل أهل السّماء الثّانية بمثل من في الأرض من الجنّ والإنس والملائكة الّذين نزلوا قبلهم ومثلهم معهم، حتّى إذا كانوا مكان أصحابهم أضاءت الأرض لوجوههم وخرّ أهل الأرض ساجدين وقالوا: أفيكم ربّنا؟ قالوا ليس فينا وهو آتٍ، ثمّ أخذوا مصافّهم من الأرض.
ثمّ ينزل أهل السّماء الثّالثة بمثل من في الأرض من الجنّ والإنس والملائكة الّذين نزلوا قبلهم ومثلهم معهم، حتّى إذا كانوا مكان أصحابهم أضاءت الأرض لوجوههم وخرّ أهل الأرض ساجدين، وقالوا: أفيكم ربّنا؟ قالوا: ليس فينا وهو آتٍ، ثمّ ينزل أهل السّماء الرّابعة على قدرهم من التّضعيف، ثمّ ينزل أهل السّماء الخامسة على قدر ذلك من التّضعيف، ثمّ ينزل أهل السّماء
السّادسة على قدر ذلك من التّضعيف، ثمّ ينزل أهل السّماء السّابعة على قدر ذلك من التّضعيف.
ثمّ ينزل الجبّار تبارك وتعالى قال: {والملك على أرجائها ويحمل عرش ربّك فوقهم يومئذٍ ثمانيةٌ} [الحاقة: 17] تحمله الملائكة على كواهلها بأيدٍ وقوّةٍ وحسنٍ وجمالٍ حتّى إذا جلس على كرسيّه نادى بصوته: {لمن الملك اليوم} [غافر: 16] فلا يجيبه أحدٌ فيردّ على نفسه: {للّه الواحد القهّار {16} اليوم تجزى كلّ نفسٍ بما كسبت لا ظلم اليوم إنّ اللّه سريع الحساب {17}} [غافر: 16-17].
ثمّ أتت عنقٌ من النّار تسمع وتبصر وتكّلّم حتّى إذا أشرفت على رءوس الخلائق نادت بصوتها: ألا إنّي قد وكّلت بثلاثةٍ، ألا إنّي قد وكّلت بثلاثةٍ، ألا إنّي قد وكّلت بثلاثةٍ: بمن دعا مع اللّه إلهًا آخر، ومن دعا للّه ولدًا، ومن زعم أنّه العزيز الحكيم.
ثمّ صوّبت رأسها وسط الخلائق فالتقطتهم كما يلتقط الحمام حبّ السّمسم، ثمّ غاضت بهم فألقتهم في النّار، ثمّ عادت حتّى إذا كانت بمكانها نادت: ألا إنّي قد وكّلت بثلاثةٍ: بمن سبّ اللّه، وبمن كذب على اللّه، وبمن آذى اللّه.
فأمّا الّذي سبّ اللّه فالّذي زعم أنّه اتّخذ ولدًا وهو الواحد الصّمد {لم يلد ولم يولد {3} ولم يكن له كفوًا أحدٌ {4}} [الإخلاص: 3-4].
وأمّا الّذي كذب على اللّه فقال: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لا يبعث اللّه من يموت بلى وعدًا عليه حقًّا
[تفسير القرآن العظيم: 1/478]
ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون {38} ليبيّن لهم الّذي يختلفون فيه وليعلم الّذين كفروا أنّهم كانوا كاذبين {39}} [النحل: 38-39] وأمّا الّذين آذوا اللّه فالّذين يصنعون الصّور، فتلتقطهم كما تلتقط الطّير الحبّ حتّى تغيض بهم في جهنّم). [تفسير القرآن العظيم: 1/479]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ويوم تشقّق السّماء بالغمام...}

ويقرأ {تشّقّق} بالتشديد وقرأها الأعمش وعاصم (تشقّق السّماء) بتخفيف الشين فمن قرأ تشّقّق أراد تتشقق بتشديد الشين والقاف فأدغم كما قال {لا يسّمّعون إلى الملأ الأعلى} ومعناه - فيما ذكروا - تشقّق السماء (عن الغمام) الأبيض ثم تنزل فيه الملائكة وعلى وعن والياء في هذا الموضع (بمعنى واحد) لأنّ العرب تقول: رميت عن القوس وبالقوس وعلى القوس، يراد به معنًى واحدٌ). [معاني القرآن: 2/267]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تشقّق السّماء بالغمام} أي تتشقق عن الغمام. وهو سحاب أبيض، فيما يذكر). [تفسير غريب القرآن: 312]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : {وقوله عزّ وجلّ: (ويوم تشقّق السّماء بالغمام ونزّل الملائكة تنزيلا}
ويقرأ (تشّقّق) بتشديد الشين والمعنى تتشقّق.
{ونزّل الملائكة تنزيلا} جاء في التفسير أنه تتشقق سماء سماء وتنزل الملائكة إلى الأرض وهو قوله {وجاء ربّك والملك صفّا صفّا} ). [معاني القرآن: 4/64]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ونزل الملائكة تنزيلا}
قال قتادة تنزل ملائكة كل سماء سماء فيقول الخلائق لهم أفيكم ربنا جل وعز وذكر الحديث). [معاني القرآن: 5/20]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ}: أي تشقق عن الغمام). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 172]

تفسير قوله تعالى: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {الملك يومئذٍ الحقّ للرّحمن} [الفرقان: 26] يخضع الملوك يومئذٍ لملك اللّه والجبابرة لجبروت اللّه.
قال: {وكان يومًا على الكافرين عسيرًا} [الفرقان: 26] شديدًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/479]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
(" يوماً على الكافرين عسيراً " أي شديداً صعباً). [مجاز القرآن: 2/74]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {الملك يومئذ الحقّ للرّحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا}
(الحقّ) صفة للملك، ومعناه أن الملك الذي هو الملك حقّا هو ملك الرحمن يوم القيامة كما قال عزّ وجلّ: (لمن الملك اليوم) لأن الملك الزائل كأنّه ليس بملك.
ويجوز{الملك يومئذ [الحقّ] للرّحمن} ولم يقرأ بها فلا تقرأنّ بها، ويكون النصب على وجهين: أحدهما على معنى الملك يومئذ للرحمن أحق ذلك الحقّ، وعلى أعني الحق). [معاني القرآن: 4/65]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {الملك يومئذ الحق للرحمن}
لأن ملك الدنيا زائل). [معاني القرآن: 5/20]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويوم يعضّ الظّالم على يديه} [الفرقان: 27] أبيّ بن خلفٍ: يأكلها ندامةً يوم القيامة.
{يا ليتني اتّخذت مع الرّسول} [الفرقان: 27] مع محمّدٍ إلى اللّه.
{سبيلا} [الفرقان: 27] باتّباعه). [تفسير القرآن العظيم: 1/479]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {مع الرّسول سبيلاً} أي سبباً ووصلةً قال جرير:

أفبعد مقتلكم خليل محمدٍ... ترجو القيون مع الرسول سبيلا). [مجاز القرآن: 2/74]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلًا} أي سببا ووصلة). [تفسير غريب القرآن: 313]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ويوم يعضّ الظّالم على يديه يقول يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلا}
يروى أن عقبة بن أبي معيط هو الظالم ههنا، وأنه يأكل يده ندما ثم يعود وأنه كان عزم على الإسلام فبلغ ذلك أميّة بن خلف فقال له أمية:
وجهي من وجهك حرام إن أسلمت، إن كلّمتك أبدا، فامتنع عقبة من الإسلام لقول أميّة فإذا كان يوم القيامة أكل يده ندما وتمنى أن آمن واتخذ مع النبي عليه السلام طريقا إلى الجنة.
وهو قوله: {يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلانا خليلا * لقد أضلّني عن الذّكر بعد إذ جاءني}.
وقد قيل أيضا في (ليتني لم أتّخذ فلانا خليلا)، أي لم أتخذ الشيطان خليلا، وتصديق هذا القول (وكان الشّيطان للإنسان خذولا).
ولا يمتنع أن يكون قبوله من أميّة من عمل الشيطان وأعوانه.
ويجوز (اتّخذت) بتبيين الذال، وبإدغامها في التاء، والإدغام أكثر وأجود). [معاني القرآن: 4/65]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ويوم يعض الظالم على يديه}
قال سعيد بن المسيب كان عقبة بن أبي معيط خدنا لأمية بن خلف فبلغ أمية أن عقبة عزم على أن يسلم فأتاه فقال له وجهي من وجهك حرام إن لم تكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ففعل الشقي فأنزل الله جل وعز: {ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا}
وقال أبو رجاء فلان هو الشيطان واحتج لصاحب هذا القول بأن بعده وكان الشيطان للإنسان خذولا
والقول الأول هو الذي عليه أهل التفسير
روى عثمان الجزري عن مقسم عن ابن عباس أن هذا نزل في عقبة وأمية
وفي رواية مقسم فأما عقبة فكان في الأسارى يوم بدر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله فقال أأقتل دونهم فقال نعم بكفرك وعتوك فقال من للصبية فقال النار فقام علي بن أبي طالب فقتله، وأما أمية بن خلف فقتله النبي صلى الله عليه وسلم بيده وكان قال والله لأقتلن محمدا فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال أنا أقتله إن شاء الله
وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أمية لعقبة أصبأت فقال عقبة إنما صنعت طعاما فأبي محمد أن يأكل منه حتى أشهد له بالرسالة
والذي قال أبو رجاء ليس بناقض لهذا لأن هذا كان بإغواء الشيطان وتزيينه فيجوز أن يكون نسب إليه على هذا). [معاني القرآن: 5/23-21]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا}: أي سببا ًووصله). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 172]

تفسير قوله تعالى: {يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلا} [الفرقان: 28] عقبة بن أبي معيطٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/479]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(ومن الكناية قول الله عز وجل: {يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا}

ذهب هؤلاء وفريق من المتسمّين بالمسلمين إلى أنه رجل بعينه.
وقالوا: لم كنى عنه؟ وإنما يكني هذه الكناية من يخاف المباداة، ويحتاج إلى المداجاة.
وقال آخرون: بل كان هذا الرجل مسمّى في هذا الموضع، فغيّر وكني عنه.
وذهبوا إلى أنه عمر، وتأوّلوا الآية فقالوا: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} يعني أبا بكر رضي الله عنه.
{يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} يعني محمدا صلّى الله عليه وسلم.
{يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا} يعني عمر رضي الله عنه.
{لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي}يعني عليا.
قال أبو محمد: ونقول في الرد على (أولئك) إذ كان غلطهم من وجهة قد يغلظ في مثلها من رق علمه. فأما هؤلاء ففي قولهم ما أنبأ عن نفسه، ودلّ على جهل متأوّله كيف يكون عليّ رحمة الله عليه، ذكرا؟.
وهل قال أحد: إن أبا بكر لم يسلم، ولم يتخذ بإسلامه مع الرسول سبيلا ؟.
وليس هذا التفسير بنكر من تفسيرهم وما يدّعونه من علم الباطن كادّعائهم في الجبت والطّاغوت أنهما رجلان.
وأن الخمر والميسر رجلان آخران.
وأن العنكبوت غير العنكبوت والنحل غير النحل. في أشباه كثيرة من سخفهم وجهالاتهم.
وقال ابن عباس في تفسير هذه الآية: إنّ عقبة بن أبي معيط صنع طعاما ودعا أشراف أهل مكة، فكان رسول الله، صلّى الله عليه وسلم فيهم، فامتنع من أن يطعم أو يشهد عقبة بشهادة الحقّ، ففعل ذلك، فأتاه أبيّ بن خلف، وكان خليله، فقال: صبأت؟ فقال: لا ولكن دخل عليّ رجل من قريش فاستحييت من أن يخرج من منزلي ولم يطعم.
فقال: ما كنت لأرضى حتى تبصق في وجهه وتفعل به وتفعل، ففعل ذلك، فأنزل الله هذه الآية عامة، وهذان الرجلان سبب نزولها.
كما أنه قد كانت الآية، والآي، تنزل في القصة تقع: وهي لجماعة الناس.
والمفسرون على أن هذه الآية نزلت في هذين الرجلين، وإنما يختلفون في ألفاظ القصة.
فأراد الله سبحانه ب الظالم كل ظالم في العالم، وأراد بفلان كل من أطيع بمعصية الله وأرضي بإسخاط الله.
ولو نزلت هذه الآية على تقديرهم فقال: ويوم يعضّ الظالم- قارون وهامان، وعقبة بن أبي معيط، وأبيّ بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والمغيرة، وفلان وفلان، بالأسماء- على أيديهم يقولون: يا ليتنا لم نتخذ فرعون، ونمرود، وعقبة بن أبي معيط، وأبا جهل، والأسود، وفلانا، وفلانا بالأسماء- لطال هذا وكثر وثقل، ولم يدخل فيه من تأخّر بعد نزول القرآن من هذا الصّنف، وخرج عن مذاهب العرب، بل عن مذاهب الناس جميعا في كلامهم.
فكان (فلان) كناية عن جماعة هذه الأسماء.
وقد يقول القائل: ما جاءك إلا فلان بن فلان، يريد أشراف الناس المعروفين، والشاعر يقول:
في لجّة أمسك فلانا عن فُلِ
يريد: أمسك فلانا عن فلان، ولم يرد رجلين بأعيانهما، وإنما أراد أنهم في غمرة الشّر وضحجّته، فالحجزة تقول لهذا: أمسك، ولهذا: كفّ.
والظالم دليل على جماعة الظالمين كقوله: {يَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} يريد جماعة الكافرين). [تأويل مشكل القرآن: 263-260]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ويوم يعضّ الظّالم على يديه يقول يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلا}
يروى أن عقبة بن أبي معيط هو الظالم ههنا، وأنه يأكل يده ندما ثم يعود وأنه كان عزم على الإسلام فبلغ ذلك أميّة بن خلف فقال له أمية:
وجهي من وجهك حرام إن أسلمت، إن كلّمتك أبدا، فامتنع عقبة من الإسلام لقول أميّة فإذا كان يوم القيامة أكل يده ندما وتمنى أن آمن واتخذ مع النبي عليه السلام طريقا إلى الجنة.
وهو قوله: {يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلانا خليلا * لقد أضلّني عن الذّكر بعد إذ جاءني}.
وقد قيل أيضا في (ليتني لم أتّخذ فلانا خليلا)، أي لم أتخذ الشيطان خليلا، وتصديق هذا القول {وكان الشّيطان للإنسان خذولا}.
ولا يمتنع أن يكون قبوله من أميّة من عمل الشيطان وأعوانه.
ويجوز (اتّخذت) بتبيين الذال، وبإدغامها في التاء، والإدغام أكثر وأجود). [معاني القرآن: 4/65] (م)

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({لقد أضلّني عن الذّكر} [الفرقان: 29] عن القرآن.
{بعد إذ جاءني} [الفرقان: 29] حدّثني المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: كان أبيٌّ يحضر النّبيّ، فزجره عقبة بن أبي معيطٍ عن ذلك فهو قول أبيّ بن خلفٍ في الآخرة: {يقول يا ليتني اتّخذت مع الرّسول} [الفرقان: 27] مع محمّدٍ {سبيلا} [الفرقان: 27] قال قتادة: {سبيلا} [الفرقان: 27] بطاعة اللّه {يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلا} [الفرقان: 28] يعني عقبة بن أبي معيطٍ {خليلا} [الفرقان: 28] وقال ابن
مجاهدٍ عن أبيه: الشّيطان.
{لقد أضلّني عن الذّكر بعد إذ جاءني} [الفرقان: 29]
[تفسير القرآن العظيم: 1/479]
قال اللّه: {وكان الشّيطان للإنسان خذولا} [الفرقان: 29] يأمره بمعصية اللّه ثمّ يخذله في الآخرة.
كقوله: {وما كان لي عليكم من سلطانٍ إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إنّي كفرت بما أشركتمون من قبل} [إبراهيم: 22] وحدّثني الحسن بن دينارٍ، عن حميد بن هلالٍ، عن بشير بن كعبٍ قال: إذا قبضت نفس الكافر مرّ بروحه على إبليس فيقول: اشفع لي.
فيقول: ما أملك لك ولا لنفسي شيئًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/480]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لّقد أضلّني عن الذّكر...}

يقال: النبي ويقال: القرآن، فيه قولان). [معاني القرآن: 2/267]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقال الرّسول} [الفرقان: 30] محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
{يا ربّ إنّ قومي} [الفرقان: 30] يعني من لم يؤمن به.
{اتّخذوا هذا القرءان مهجورًا} [الفرقان: 30] هجروه فلم يؤمنوا به.
وقال مجاهدٌ: يهجرون بالقول فيه، يقولون هو كذبٌ.
سعيدٌ عن قتادة قال: هذا محمّدٌ يشتكي قومه إلى ربّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/480]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وقال الرّسول يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجوراً...}

متروكاً. ويقال: إنهم جعلوه كالهذيان والعرب تقول (هجر الرجل) في منامه إذا هذى أو ردّد الكلمة). [معاني القرآن: 2/267]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وقال الرّسول يا ربّ} وقال هاهنا في موضع " يقول " والعرب تفعل ذلك قال الشاعر:
مثل العصافير أحلاماً ومقدرة=لو يوزنون بزفّ الرّيش ماوزنوا
وهي في موضع آخر لم يزنوا لأنهم لم يفعلوا بعد وقال:
إن يسمعوا ريبة طاورا بها فرّحاً=مني وما يسمعوا من صالحٍ دفنوا
أي يطيروا ويدفنوا). [مجاز القرآن: 2/74]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {اتخذوا هذا القران مهجورا}: في التفسير قالوا فيه غير الحق وهو من قولهم: هجر المريض يهجر). [غريب القرآن وتفسيره: 277]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجوراً}: هجروا فيه، أي: جعلوه كالهذيان. والهجر الاسم. يقال: فلان يهجر في منامه، أي يهذي). [تفسير غريب القرآن: 313]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وقال الرّسول يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجورا}
جعلوه بمنزلة الهجر. والهجر ما لا ينتفع به من القول، وكانوا يقولون إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يهجر، ويجوز أن يكون مهجورا متروكا، أي جعلوه مهجورا لا يستمعونه ولايتفهّمونه). [معاني القرآن: 4/66-65]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا}
قال مجاهد وإبراهيم أي قالوا فيه غير الحق
قال إبراهيم ألم تر إلى المريض كيف يهجر أي يهذي
وقيل مهجورا أي متروكا). [معاني القرآن: 5/23]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَهْجُورًا}: هجروا فيه أي جعلوه كالهذيان. والهجر الاسم، يقال: يهجر في منامه: أي يهذي). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 172]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَهْجُورًا}: قالوا فيه غير الحق). [العمدة في غريب القرآن: 223]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه يعزّي نبيّه: {وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا من المجرمين} [الفرقان: 31] من المشركين.
قال: {وكفى بربّك هاديًا} [الفرقان: 31] إلى دينه.
{ونصيرًا} [الفرقان: 31] للمؤمنين على أعدائهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/480]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوّاً...}

يقول: جعلنا بعض أمّة كل نبيّ، أشدّ عليه من بعض وكان الشديد العداوة للنبيّ صلى الله عليه وسلم أبو جهل بن هشامٍ). [معاني القرآن: 2/267]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وكذلك جعلنا لكلّ نبيّ عدوّا من المجرمين وكفى بربّك هاديا ونصيرا}
(عدوّا) لفظه لفظ واحد، ويجوز أن يكون في معنى الجماعة والواحد كما قال (فإنّهم عدوّ لي إلّا ربّ العالمين) فيجوز أن يكون في معنى أعداء، وقد جاء في التفسير أن عدو النبي - صلى الله عليه وسلم - أبوجهل بن هشام.
وقوله: {وكفى بربّك هاديا ونصيرا}.
و (هاديا ونصيرا) منصوبان على وجهين:
أحدهما الحال، المعنى وكفى ربّك في حال الهداية والنصر.
والوجه الثاني أن يكون منصوبا على التمييز على معنى كفى ربّك من الهداة والنّصّار). [معاني القرآن: 4/66]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين}
قال أبو جعفر يجوز أن يكون عدوا بمعنى أعداء ويجوز أن يكون لواحد
وفي بعض الروايات عن ابن عباس أنه يراد به أبو جهل). [معاني القرآن: 5/2423]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقال الّذين كفروا لولا} [الفرقان: 32] يعني هلا.
{نزّل عليه القرءان جملةً واحدةً} [الفرقان: 32] قال قتادة: أي كما أنزل على موسى وعلى عيسى.
قال اللّه: {كذلك لنثبّت به فؤادك ورتّلناه ترتيلا} [الفرقان: 32] قال قتادة: وبيّنّاه تبيينًا.
نزل في ثلاثٍ وعشرين سنةً). [تفسير القرآن العظيم: 1/480]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لولا نزّل عليه القرآن جملةً واحدةً كذلك...}

يقال: إنها من قول المشركين. أي هلاّ أنزل عليه القرآن جملةً، كما أنزلت التوراة على موسى. قال الله {ورتّلناه ترتيلاً} لنثبّت به فؤادك. كان ينزّل الآية والآيتين، فمكان بين نزول أوله وآخره عشرون سنة {ورتّلناه ترتيلاً}
نزّلناه تنزيلاً. ويقال: إن (كذلك) من قول الله، انقطع الكلام من قيلهم (جملةً واحدةً) قال الله: كذلك أنزلناه يا محمّد متفرقاً لنثبّت به فؤادك). [معاني القرآن: 2/268-267]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لنثبتّ به فؤادك} مجازه لنطيب به نفسك ونشجعك). [مجاز القرآن: 2/74]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب تكرار الكلام والزّيادة فيه
وأما تكرار الأنباء والقصص، فإنّ الله تبارك وتعالى أنزل القرآن نجوما في ثلاث وعشرين سنة، بفرض بعد فرض: تيسيرا منه على العباد، وتدريجا لهم إلى كمال دينه، ووعظ بعد وعظ: تنبيها لهم من سنة الغفلة، وشحذا لقلوبهم بمتجدّد الموعظة، وناسخ بعد منسوخ: استعبادا له واختبارا لبصائرهم. يقول الله عز وجل: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} الخطاب للنبي، صلّى الله عليه وسلم، والمراد بالتثبيت هو والمؤمنون.
وكان رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، يتخوّل أصحابه بالموعظة مخافة السآمة عليهم، أي يتعهّدهم بها عند الغفلة ودثور القلوب.
ولو أتاهم القرآن نجما واحدا لسبق حدوث الأسباب التي أنزله الله بها، ولثقلت جملة الفرائض على المسلمين، وعلى من أراد الدخول في الدين، ولبطل معنى التنبيه، وفسد معنى النسخ، لأن المنسوخ يعمل به مدة ثم يعمل بناسخه بعده.
وكيف يجوز أن ينزل القرآن في وقت واحد: افعلوا كذا ولا تفعلوه؟.
ولم يفرض الله على عباده أن يحفظوا القرآن كلّه، ولا أن يختموه في التعلم، وإنما أنزله ليعملوا بمحكمه، ويؤمنوا بمتشابهه، ويأتمروا بأمره. وينتهوا بزجره: ويحفظوا للصلاة مقدار الطاقة، ويقرؤوا فيها الميسور.
قال الحسن: نزل القرآن ليعمل به، فاتخذ الناس تلاوته عملا.
وكان أصحاب رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، ورضي عنهم- وهم مصابيح الأرض وقادة الأنام ومنتهى العلم- إنما يقرأ الرّجل منهم السورتين، والثلاث، والأربع، والبعض والشّطر من القرآن، إلا نفرا منهم وفقهم الله لجمعه، وسهّل عليهم حفظه.
قال أنس بن مالك: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا. أي جلّ في عيوننا، وعظم في صدورنا.
قال الشّعبي: توفى أبو بكر، وعمر، وعلي، رحمهم الله، ولم يجمعوا القرآن.
وقال: لم يختمه أحد من الخلفاء غير عثمان.
وروي عن شريك، عن إسماعيل بن أبي خالد أنه قال:
سمعت الشّعبي يحلف بالله، عز وجل، لقد دخل عليّ حفرته وما حفظ القرآن.
وكانت وفود العرب ترد على رسول الله، صلّى الله عليه وسلم للإسلام، فيقرئهم المسلمون شيئا من القرآن، فيكون ذلك كافيا لهم.
وكان يبعث إلى القبائل المتفرّقة بالسّور المختلفة، فلو لم تكن الأنباء والقصص مثنّاة ومكرّرة لوقعت قصّة موسى إلى قوم، وقصة عيسى إلى قوم، وقصة نوح إلى قوم، وقصة لوط إلى قوم.
فأراد الله، بلطفه ورحمته، أن يشهر هذه القصص في أطراف الأرض ويلقيها في كل سمع، ويثبتها في كل قلب، ويزيد الحاضرين في الإفهام والتحذير.
وليست القصص كالفروض، لأنّ كتب رسول الله، صلّى الله عليه وسلم كانت تنفذ إلى كل قوم بما فرضه الله عليهم من الصلاة، وعددها وأوقاتها، والزّكاة وسنتها، وصوم شهر رمضان، وحجّ البيت. وهذا ما لا تعرف كيفيته من الكتاب، ولم تكن تنفذ بقصة موسى وعيسى ونوح وغيرهم من الأنبياء. وكان هذا في صدر الإسلام قبل إكمال الله الدين، فلما نشره الله عز وجل في كل قطر، وبثّه في آفاق الأرض، وعلم الأكابر الأصاغر، وجمع القرآن بين الدّفّتين-: زال هذا المعنى، واجتمعت الأنباء في كل مصر وعند كل قوم). [تأويل مشكل القرآن: 235-232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وفيه وجه آخر، وهو: أن القرآن كان ينزل شيئا بعد شيء وآية بعد آية، حتى لربما نزل الحرفان والثلاثة.
قال زيد بن ثابت: كنت أكتب لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله. فجاء عبد الله ابن أمّ مكتوم فقال: يا رسول الله إني أحب الجهاد في سبيل الله، ولكن بي من الضرر ما ترى. قال زيد: فثقلت فخذ رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، على فخذي حتى خشيت أن ترضّها، ثم قال: اكتب:
{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}.
وروى عبد الرّزاق، عن معمر، عن قتادة، عن الحسن أنه قال في قول الله عز وجل: {وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} قال: كان ينزل آية وآيتين وآيات، جوابا لهم عما يسألون وردّا على النبي. وكذلك معنى قوله سبحانه: {وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} شيئا بعد شيء.
فكأن المشركين قالوا له: أسلم ببعض آلهتنا حتى نؤمن بإلهك، فأنزل الله: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}. يريد إن لم تؤمنوا حتى أفعل ذلك. ثم غبروا مدّة من المدد وقالوا: تعبد آلهتنا يوما أو شهرا أو حولا، ونعبد إلهك يوما أو شهرا أو حولا، فأنزل الله تعالى:{وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}. على شريطة أن تؤمنوا به في وقت وتشركوا به في وقت.
قال أبو محمد: وهذا تمثيل أردت أن أريك به موضع الإمكان). [تأويل مشكل القرآن: 237-238] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {وقال الّذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبّت به فؤادك ورتّلناه ترتيلا}
معناه: هلّا نزل عليه القرآن في وقت واحد، وكان بين أول نزول القرآن وآخره عشرون سنة، فقالوا: لم لم ينزل جملة واحدة كما أنزلت التوراة: فأعلم اللّه عزّ وجلّ أن إنزاله متفرقا ليثبت في قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: {كذلك لنثبّت به فؤادك}
أي أنزلناه كذلك متفرقا، لأن معنى قولهم: (لولا نزّل عليه القرآن جملة واحدة) يدل على معنى لم نزل عليه القرآن متفرقا فأعلموا لم ذلك، أي للتثبيت.
{ورتّلناه ترتيلا} أي نزلناه على التّرتيل، وهو ضدّ العجلة، وهو التمكّث). [معاني القرآن: 4/66]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك}
قيل هذا التمام والمعنى أنزلناه متفرقا لنثبت به فؤادك كذلك التثبيت كما قال جل وعز: {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا}
لأنه إذا أنزله متفرقا كان فيه جواب ما يسألون في وقته فكان في ذلك تثبيت فقيل التمام قوله: {كذلك}
وقيل التمام عند قوله: {جملة واحدة}
والمعنى وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كالتوراة والإنجيل؛ ومعنى هذا لم أنزل متفرقا فقال جل وعز: {كذلك لنثبت به فؤادك} أي: أنزلناه متفرقا لنثبت به فؤادك
ثم قال جل وعز: {ورتلناه ترتيلا}
روى مغيرة عن إبراهيم قال أنزل متفرقا
وقال الحسن كلما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء نزل جوابه حتى كمل نزوله في نحو من عشرين سنة). [معاني القرآن: 5/25-24]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ولا يأتونك بمثلٍ} [الفرقان: 33] يعني المشركين فيما كانوا يحاجّونه به.
{إلا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرًا} [الفرقان: 33] تبيينًا في تفسير مجاهدٍ.
ذكره
[تفسير القرآن العظيم: 1/480]
عاصم بن حكيمٍ.
وقال قتادة: أحسن تفصيلًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/481]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وأحسن تفسيراً...}

بمنزلة قوله: {أصحاب الجنّة يومئذٍ خير مستقرا وأحسن مقيلاً} في معنى الكلام والنصب). [معاني القرآن: 2/268]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا يأتونك بمثل إلّا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرا}
معناه ولا يأتونك بمثل إلّا جئناك بالذي هو الحق وأحسن تفسيرا من مثلهم، إلا أن " من " حذفت لأن في الكلام دليلا عليها.
لو قلت: رأيت زيدا وعمرا فكان عمرو أحسن وجها، كان الكلام فيه دليل على أنك تريد: من زيد). [معاني القرآن: 4/67-66]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا}
قال الضحاك أي تفصيلا
قال أبو جعفر في الكلام حذف
والمعنى وأحسن تفسيرا من مثلهم ومثل هذا يحذف كثيرا). [معاني القرآن: 5/25]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم أولئك شرٌّ مكانًا} [الفرقان: 34] من أهل الجنّة.
{وأضلّ سبيلا} [الفرقان: 34] طريقًا في الدّنيا، لأنّ طريقهم إلى النّار، وطريق المؤمنين إلى الجنّة.
- سعيدٌ عن قتادة أنّ رجلًا قال: يا رسول اللّه كيف يحشر اللّه الكفّار على وجوههم يوم القيامة؟ قال: «إنّ الّذي أمشاه على رجليه قادرٌ أن يمشيه على وجهه»). [تفسير القرآن العظيم: 1/481]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عز وجل: {الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم أولئك شرّ مكانا وأضلّ سبيلا}

(الذين) رفع بالابتداء، و (أولئك) رفع ابتداء ثان.
و (شرّ) خبر (أولئك)، و (أولئك) مع (شرّ) خبر (الّذين). وجاء في التفسير أن الناس يحشرون يوم القيامة على ثلاثة أصناف، صنف على الدواب وصنف على أرجلهم وصنف على وجوههم، قيل يا رسول اللّه: كيف يمشون على وجوههم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي مشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم). [معاني القرآن: 4/67]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا}
في الحديث الشريف يحشر الناس على ثلاث طبقات ركبانا ومشاة وعلى وجوههم قال أنس قيل يا رسول الله كيف يحشرون على وجوههم فقال إن الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم). [معاني القرآن: 5/25-26]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (35)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد آتينا موسى الكتاب} [الفرقان: 35] التّوراة.
{وجعلنا معه أخاه هارون وزيرًا} [الفرقان: 35] أي عوينًا وعضدًا في تفسير قتادة.
وتفسير الحسن: شريكًا في الرّسالة.
وهو واحدٌ، وذلك قبل أن تنزّل عليهما التّوراة ثمّ نزّلت عليهما بعد فقال: {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان} [الأنبياء: 48] التّوراة.
وفرقانها حلالها وحرامها). [تفسير القرآن العظيم: 1/481]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا}

الوزير في اللّغة الذي يرجع إليه ويتحصّن برأيه، والوزر ما يلتجأ إليه ويعتصم به، ومنه قوله:{كلا لا وزر}أي لا ملجأ يوم القيامة ولا منجا إلا لمن رحم اللّه عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 4/67]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا}
روى سعيد عن قتادة قال أي عونا وعضدا). [معاني القرآن: 5/26]

تفسير قوله تعالى: {فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا (36)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فقلنا اذهبا إلى القوم الّذين كذّبوا بآياتنا} [الفرقان: 36] يعني فرعون وقومه.
{فدمّرناهم تدميرًا} [الفرقان: 36] أي فكذّبوهما {فدمّرناهم تدميرًا} [الفرقان: 36] يعني الغرق الّذي أهلكهم به كقوله: {فكذّبوهما فكانوا من المهلكين} [المؤمنون: 48]، من المعذّبين بالغرق في الدّنيا ولهم النّار في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/481]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فقلنا اذهبا...}

وإنما أمر موسى وحده بالذهاب في المعنى، وهذا بمنزله قوله: {نسيا حوتهما}، وبمنزلة قوله: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} وإنما يخرج من أحدهما وقد فسّر شأنه). [معاني القرآن: 2/268]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فقلنا اذهبا إلى القوم الّذين كذّبوا بآياتنا فدمّرناهم تدميرا}
يعني به فرعون وقومه، والذين مسخوا قردة وخنازير). [معاني القرآن: 4/67]


رد مع اقتباس