عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:51 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإلى مدين أخاهم شعيبًا قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إنّي أراكم بخيرٍ وإنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ محيطٍ (84)}
يقول تعالى: ولقد أرسلنا إلى مدين -وهم قبيلةٌ من العرب، كانوا يسكنون بين الحجاز والشّام، قريبًا من بلاد معانٍ، في بلدٍ يعرف بهم، يقال لها "مدين" فأرسل اللّه إليهم شعيبًا، وكان من أشرفهم نسبًا. ولهذا قال: {أخاهم شعيبًا} يأمرهم بعبادة اللّه تعالى وحده، وينهاهم عن التّطفيف في المكيال والميزان {إنّي أراكم بخيرٍ وإنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ محيطٍ} أي: في معيشتكم ورزقكم فأخاف أن تسلبوا ما أنتم فيه بانتهاككم محارم اللّه، {وإنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ محيطٍ} أي: في الدّار الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 342]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا النّاس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين (85) بقيّة اللّه خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظٍ (86)}
ينهاهم أوّلًا عن نقص المكيال والميزان إذا أعطوا النّاس، ثمّ أمرهم بوفاء الكيل والوزن بالقسط آخذين ومعطين، ونهاهم عن العيث في الأرض بالفساد، وقد كانوا يقطعون الطّريق).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 343]

تفسير قوله تعالى: {بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {بقيّة اللّه خيرٌ لكم} قال ابن عبّاسٍ: رزق اللّه خير لكم.
وقال الحسن: رزق اللّه خيرٌ [لكم] من بخسكم النّاس.
وقال الرّبيع بن أنسٍ: وصيّة اللّه خيرٌ لكم.
وقال مجاهدٌ: طاعة اللّه [خيرٌ لكم].
وقال قتادة: حظّكم من اللّه خيرٌ لكم.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: "الهلاك" في العذاب، و"البقيّة" في الرّحمة.
وقال أبو جعفر بن جريرٍ: {بقيّة اللّه خيرٌ لكم} أي: ما يفضل لكم من الرّبح بعد وفاء الكيل والميزان {خيرٌ لكم} أي: من أخذ أموال النّاس قال: وقد روي هذا عن ابن عبّاسٍ.
قلت: ويشبه قوله تعالى: {قل لا يستوي الخبيث والطّيّب ولو أعجبك كثرة الخبيث} [المائدة:100].
وقوله: {وما أنا عليكم بحفيظٍ} أي: برقيبٍ ولا حفيظٍ، أي: افعلوا ذلك للّه عزّ وجلّ. لا تفعلوه ليراكم النّاس، بل للّه عزّ وجلّ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 343]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنّك لأنت الحليم الرّشيد (87)}
يقولون له على سبيل التّهكّم، قبّحهم اللّه: {أصلاتك}، قال الأعمش: أي: قرآنك {تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا} أي: الأوثان والأصنام، {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} فنترك التّطفيف على قولك، هي أموالنا نفعل فيها ما نريد.
[قال الحسن] في قوله: {أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا} إي واللّه، إنّ صلاتهلتأمرهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم.
وقال الثّوريّ في قوله: {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} يعنون الزّكاة.
وقولهم: {إنّك لأنت الحليم الرّشيد} قال ابن عبّاسٍ، وميمون بن مهران، وابن جريج، وابن أسلم، وابن جريرٍ: يقولون ذلك -أعداء اللّه -على سبيل الاستهزاء، قبّحهم اللّه ولعنهم عن رحمته، وقد فعل). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 343-344]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي ورزقني منه رزقًا حسنًا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا باللّه عليه توكّلت وإليه أنيب (88)}
يقول لهم أرأيتم يا قوم {إن كنت على بيّنةٍ من ربّي} أي: على بصيرةٍ فيما أدعو إليه، {ورزقني منه رزقًا حسنًا} قيل: أراد النّبوّة. وقيل: أراد الرّزق الحلّال، ويحتمل الأمرين.
وقال الثّوريّ: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} أي: لا أنهاكم عن شيءٍ وأخالف أنا في السّرّ فأفعله خفيةً عنكم، كما قال قتادة في قوله: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} يقول: لم أكن لأنهاكم عن أمرٍ وأركبه {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت} أي: فيما آمركم وأنهاكم، إنّما مرادي إصلاحكم جهدي وطاقتي، {وما توفيقي} أي: في إصابة الحقّ فيما أريده {إلا باللّه عليه توكّلت} في جميع أموري، {وإليه أنيب} أي: أرجع، قاله مجاهدٌ وغيره.
قال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد بن سلمة، حدّثنا أبو قزعة سويد بن حجير الباهليّ، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه: أنّ أخاه مالكًا قال: يا معاوية، إن محمّدًا أخذ جيراني، فانطلق إليه، فإنّه قد كلّمك وعرفك، فانطلقت معه فقال: دع لي جيراني، فقد كانوا أسلموا. فأعرض عنه. [فقام متمعطًا] فقال: أما واللّه لئن فعلت إنّ النّاس يزعمون أنّك تأمر بالأمر وتخالف إلى غيره. وجعلت أجرّه وهو يتكلّم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم "ما تقول؟ " فقال: إنّك واللّه لئن فعلت ذلك. إنّ النّاس ليزعمون أنّك لتأمر بالأمر وتخالف إلى غيره. قال: فقال: "أو قد قالوها -أو قائلهم -ولئن فعلت ذلك ما ذاك إلّا عليّ، وما عليهم من ذلك من شيءٍ، أرسلوا له جيرانه.
وقال أحمد أيضًا: حدّثنا عبد الرّزّاق، حدّثنا معمر، عن بهز بن حكيمٍ، عن أبيه، عن جدهقال: أخذ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ناسًا من قومي في تهمة فحبسهم، فجاء رجلٌ من قومي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يخطب، فقال: يا محمّد، علام تحبس جيرتي؟ فصمت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [عنه] فقال: إنّ ناسًا ليقولون: إنّك تنهى عن الشّيء وتستخلي به، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما يقول؟ " قال: فجعلت أعرض بينهما الكلام مخافة أن يسمعها فيدعو على قومي دعوة لا يفلحون بعدها أبدًا، فلم يزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم به حتّى فهمها، فقال: "أو قد قالوها -أو: قائلها منهم -واللّه لو فعلت لكان عليّ وما كان عليهم، خلّوا له عن جيرانه".
ومن هذا القبيل الحديث الّذي رواه الإمام أحمد: حدّثنا أبو عامرٍ، حدّثنا سليمان بن بلالٍ، عن ربيعة بن أبي عبد الرّحمن، عن عبد الملك بن سعيد بن سويدٍ الأنصاريّ قال: سمعت أبا حميدٍ وأبا أسيدٍ يقولان: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا سمعتم الحديث عنّي تعرفه قلوبكم، وتلين له أشعاركم وأبشاركم، وترون أنّه منكم قريبٌ، فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث عنّي تنكره قلوبكم، وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم، وترون أنّه منكم بعيدٌ فأنا أبعدكم منه".
هذا إسنادٌ صحيحٌ، وقد أخرج مسلمٌ بهذا السّند حديث: "إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم، افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل: اللهم، إني أسألك من فضلك".
ومعناه -واللّه أعلم -: مهما بلغكم عنّي من خيرٍ فأنا أولاكم به ومهما يكن من مكروهٍ فأنا أبعدكم منه، {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم [عنه]}.
وقال قتادة، عن عزرة عن الحسن العرني، عن يحيى بن الجزّار، عن مسروقٍ، أنّ امرأةً جاءت ابن مسعودٍ قالت أتنهى عن الواصلة؟ قال: نعم. فقالت [المرأة] فلعلّه في بعض نسائك؟ فقال: ما حفظت إذًا وصيّة العبد الصّالح: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه}.
وقال عثمان بن أبي شيبة: حدّثنا جريرٌ، عن أبي سليمان العتبيّ قال: كانت تجيئنا كتب عمر بن عبد العزيز فيها الأمر والنّهي، فيكتب في آخرها: وما كانت من ذلك إلّا كما قال العبد الصّالح: {وما توفيقي إلا باللّه عليه توكّلت وإليه أنيب}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 344-345]


رد مع اقتباس