عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 10:34 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10) إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13) ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ (14)}


*تفسير قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)}:

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت:207هـ): (وقوله: {بألفٍ مّن الملائكة مردفين...}
ويقرأ {مردفين} فأما {مردفين} فمتتابعين، و {مردفين} فعل بهم). [معاني القرآن: 1/404]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (بألفٍ من الملائكة مردفين) مجازه: مجاز فاعلين، من أردفوا أي جاءوا بعد قوم قبلهم وبعضهم يقول: ردفني أي جاء بعدي وهما لغتان، ومن قرأها بفتح الدال وضعها في موضع مفعولين من أردفهم الله من بعد من قبلهم وقدامهم). [مجاز القرآن:1/241]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة الحسن وأبي عمرو {مردفين} من أردفوا إردافًا، فعلوا هم.
وقراءة الأعرج وأهل المدينة {مردفين} على أردفوا فعل بهم). [معاني القرآن لقطرب: 612]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({مردفين}: بعضهم على أثر بعض). [غريب القرآن وتفسيره:157]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ( {مردفين} رادفين يقال: ردفته وأردفته: إذا جئت بعده.
{الأمنة}: الأمن). [تفسير غريب القرآن:177]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {إذ تستغيثون ربّكم فاستجاب لكم أنّي ممدّكم بألف من الملائكة مردفين}
لما رأوا أنفسهم في قلة عدد استغاثوا فأمدّهم اللّه بالملائكة.
قال اللّه - عزّ وجلّ -: {أنّي ممدّكم بألف من الملائكة مردفين}.
يقال: ردفت الرجل إذا ركبت خلفه، وأردفته إذا أركبته خلفي، ويقال: هذه دابة لا ترادف، ولا يقال لا تردف، ويقال أردفت الرجل إذا جئت بعده، فمعنى {مردفين} يأتون فرقة بعد فرقة، ويقرأ مردفين، ويجوز في اللغة {مردّفين}، ويجوز مردّفين ومردّفين. يجوز في الراء مع تشديد الدال: كسرها وفتحها وضمها، والدال مشدّدة مكسورة على كل حال: قال سيبويه: الأصل مرتدفين. فأدغمت التاء في الدال فصارت مردّفين، لأنك طرحت حركة التاء على الراء، قال: وإن شئت لم تطرح حركة التاء وكسرت الراء لالتقاء السّاكنين، والذين ضموا الراء جعلوها تابعة لضمة الميم). [معاني القرآن:403-2/402]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين} [آية:9]
قال ابن عباس أي متتابعين
وقال أبو جعفر قال أهل اللغة يقال ردفته وأردفته إذا تبعته
قال مجاهد مردفين أي ممدين). [معاني القرآن:3/134]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( {مُرْدِفِينَ} بعضهم في إثر بعض). [تفسير المشكل من غريب القرآن:91]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( {مُرْدِفِينَ}: بعض في أثر بعض). [العمدة في غريب القرآن:142]

*تفسير قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت:207هـ): (وقوله: {وما جعله اللّه...}
هذه الهاء للإرداف: ما جعل الله الإرداف {إلاّ بشرى}). [معاني القرآن:1/404]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {وما جعله اللّه إلّا بشرى ولتطمئنّ به قلوبكم وما النّصر إلّا من عند اللّه إنّ اللّه عزيز حكيم}
أي ما جعل اللّه المدد إلا بشرى). [معاني القرآن:2/403]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {وما جعله الله إلا بشرى} [آية:10]
يعني الإمداد ويجوز أن يكون يعني الإرداف). [معاني القرآن:3/134]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): (قوله - جل وعز: {وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} أي: ترجو وتلين عند الوعيد، وذكر الله - عز وجل). [ياقوتة الصراط:236]

*تفسير قوله تعالى: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ(ت:207هـ): (وقوله: {إذ يغشّيكم النّعاس أمنةً مّنه...}
بات المسلمون ليلة بدر على غير ماء، فأصبحوا مجنبين، فوسوس إليهم الشيطان فقال: تزعمون أنكم على دين الله وأنتم على غير الماء وعدوّكم على الماء تصلّون مجنبين، فأرسل الله عليهم السماء وشربوا واغتسلوا؛ وأذهب الله عنهم رجز الشيطان يعني وسوسته، وكانوا في رمل تغيب فيه الأقدام فشدّده المطر حتى اشتدّ عليه الرجال، فذلك قوله: {ويثبّت به الأقدام}). [معاني القرآن:1/404]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {النّعاس أمنةً منه} وهي مصدر بمنزلة أمنت أمنةً وأماناً وأمنا، كلهن سواء.
{رجز الشّيطان} (11) أي لطخ الشيطان، وما يدعو إليه من الكفر.
{ويثبّت به الأقدام} (11) مجازه: يفرغ عليهم الصبر وينزله عليهم فيثبتون لعدوهم). [مجاز القرآن:1/242]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {يغشيكم} من غشى يثقل.
والأعرج وأبو جعفر ونافع {يغشيكم} من أغشى.
والحسن أيضًا وأبو عمرو {يغشيكم النعاس} بالرفع). [معاني القرآن لقطرب: 612]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({أمنة}: نعاسا. الأمنة والأمان واحد). [غريب القرآن وتفسيره:157]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ( {رجز الشّيطان}: كيده. والرّجز والرّجس يتصرفان على معان قد ذكرتها في كتاب «المشاكل»). [تفسير غريب القرآن:177]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {إذ يغشّيكم النّعاس أمنة منه وينزّل عليكم من السّماء ماء ليطهّركم به ويذهب عنكم رجز الشّيطان وليربط على قلوبكم ويثبّت به الأقدام}
" {إذ} " موضعها نصب على معنى وما جعله اللّه إلا بشرى في ذلك الوقت، ويجوز على أن يكون: اذكروا إذ يغشيكم النعاس.
يقال: نعس الرجل ينعس نعاسا وهو ناعس، وبعضهم يقول: نعسان ولكن لا أشتهيها.
و {أمنة} منصوب مفعول له كقولك: فعلت ذلك حذر الشر.
والتأويل أن اللّه أمّنهم أمنا حتى غشيهم النعاس لما وعدهم من النصر.
يقال: قد آمنت آمن أمنا - بفتح الألف - وأمانا وأمنة.
وقوله: {وينزّل عليكم من السّماء ماء ليطهّركم به}.
كان المشركون قد نزلوا على الماء وسبقوا المسلمين، ونزل المسلمون في رمل تسوخ فيه الأرجل، وأصابت بعضهم الجنابة فوسوس لهم الشيطان بأن عدوّهم يقدرون على الماء وهم لا يقدرون على الماء، وخيل إليهم أن ذلك عون من اللّه لعدوهم، فأمطر اللّه المكان الذي كانوا فيه فتطهروا من الماء، واستوت الأرض التي كانوا عليها حتى أمكن الوقوف فيها والتصرف.
وهذا من آيات اللّه جل ثناؤه التي تدل على نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وأمر بدر كان من أعظم الآيات لأن عدد المسلمين كان قليلا جدا، وكانوا رجّالة فأيدهم الله، وكان المشركون أضعافهم، وأمدّهم اللّه بالملائكة.
قال بعضهم: كان الملائكة خمسة آلاف، وقال بعضهم تسعة آلاف.
وقوله: {ويذهب عنكم رجز الشيطان}.
أي وساوسه وخطاياه.
{ويثبّت به الأقدام}
أي ويثبّت بالماء الذي أنزله على الرمل حتى استوى، وجائز أن يكون زين به للربط على قلوبهم، فيكون المعنى " وليربط على قلوبكم ويثبّت" بالربط الأقدام). [معاني القرآن:404-2/403]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {إذ يغشيكم النعاس أمنة منه} قال ابن أبي نجيح كان المطر قبل النعاس
ويقال أمن يأمن أمنا وأمانا وأمنة وأمنة وروي عن ابن محيصن أنه قرأ أمنة بإسكان الميم وقال عبد الله بن مسعود النعاس في الصلاة من الشيطان وفي الحرب أمنة
ثم قال جل وعز: {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به}
قال الضحاك سبق المشركون المسلمين إلى الماء ببدر فبقي المسلمون عطاشا محدثين مجنبين لا يصلون إلى الماء فوسوس إليهم الشيطان فقال إنكم تزعمون أنكم على الحق وأن فيكم النبي صلى الله عليه وسلم وعدوكم معه الماء وأنتم لا تصلون إليه فأنزل الله جل وعز المطر فشربوا منه حتى رووا واغتسلوا وسقوا دوابهم قال ابن أبي نجيح رووا من الماء وسكن الغبار
وقال غيره كان ذلك من الآيات العظام لأنهم كانوا على سبخة لا تثبت فيها الأقدام فلما جاء المطر ثبتت أقدامهم
ثم قال جل وعز: {ويذهب عنكم رجز الشيطان} [آية:11]
قال ابن أبي نجيح أي وساوسه
قال الضحاك وأما قوله: {ويثبت به الأقدام} فإنه كانت به رميلة لا يقدر أحد أن يقف عليها فلما جاء المطر ثبتت الأقدام عليها وكقوله جل وعز: {إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا}يجوز أن يكون المعنى ثبتوهم بشيء تلقونه في قلوبهم
ويجوز أن يكون المعنى ثبتوهم بالنصر والقتال عنهم). [معاني القرآن:137-3/134]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {أمنة منه} قال: الأمنه والأمان والأمن كله بمعنى واحد، وقد حكيت: إمن - بالكسر - والأول أفصح). [ياقوتة الصراط:236]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الأمنة} الأمن.
{رِجْزَ الشَّيْطَانِ} كيده). [تفسير المشكل من غريب القرآن:91]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:
437هـ): ( {أَمَنَةً}: أمان). [العمدة في غريب القرآن:142]

*تفسير قوله تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {إذ يوحي ربّك إلى الملائكة أنّي معكم فثبّتوا الّذين آمنوا...}
كان الملك يأتي الرجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فيقول: سمعت هؤلاء القوم - يعني أبا سفيان وأصحابه - يقولون: والله لئن حملوا علينا لننكشفنّ، فيحدّث المسلمون بعضهم بعضا بذلك فتقوى أنفسهم. فذلك وحيه إلى الملائكة.
وقوله: {فاضربوا فوق الأعناق} علّمهم مواضع الضرب فقال: اضربوا الرءوس والأيدي والأرجل.
فذلك قوله: {واضربوا منهم كلّ بنانٍ} ). [معاني القرآن:1/405]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فاضربوا فوق الأعناق} مجازه: على الأعناق، يقال ضربته فوق الرأس وضربته على الرأس.
{واضربوا منهم كلّ بنانٍ} وهي أطراف الأصابع واحدتها بنانى، قال عباس بن مرداس:
ألا ليتني قطّعت مني بنانةً... ولاقيته في البيت يقظان حاذرا يعني أبا ضبٍّ رجلاً من هذيل قتل هريم بن مرداس وهو نائم وكان جاورهم بالربيع). [مجاز القرآن:243-1/242]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ( {إذ يوحي ربّك إلى الملائكة أنّي معكم فثبّتوا الّذين آمنوا سألقي في قلوب الّذين كفروا الرّعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كلّ بنان}
وقال: {فاضربوا فوق الأعناق} معناها: "اضربوا الأعناق" كما تقول: "رأيت نفس زيدٍ" تريد "زيداً".
{واضربوا منهم كلّ بنان} واحد "البنان": "البنانة"). [معاني القرآن:4]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {فاضربوا فوق الأعناق} المعنى: على الأعناق، لأن فوق وعلى قريبان في المعنى.
وقوله {كل بنان} وبنانة، وهي الأصابع، والأنملة والأنملة واحد الأنامل؛ وهي أطراف الأصابع.
وقال الشاعر:
فيا ليتني قطعت مني بنانة = وصاحبت عمرًا ما صحبت اللياليا). [معاني القرآن لقطرب: 620]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({كل بنان}: الأطراف واحدها بنانة). [غريب القرآن وتفسيره:157]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ( {فاضربوا فوق الأعناق} أي الأعناق.
و(البنان): أطراف الأصابع). [تفسير غريب القرآن:177]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {إذ يوحي ربّك إلى الملائكة أنّي معكم فثبّتوا الّذين آمنوا سألقي في قلوب الّذين كفروا الرّعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كلّ بنان}
" {إذ} " في موضع نصب على " وليربط إذ يوحي " ويجوز أن يكون على {اذكروا}".
{فثبّتوا الّذين آمنوا}.
جائز أن يكون أنهم يثبتوهم بأشياء يلقونها في قلوبهم تقوى بها.
وجائز أن يكونوا يرونهم مددا، فإذا عاينوا نصر الملائكة ثبتوا.
وقوله: {فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كلّ بنان}.
أباحهم اللّه قتلهم بكل نوع في الحرب.. واحد البنان: بنانة، ومعناه ههنا الأصابع وغيرها من جميع الأعضاء.
وإنما اشتقاق البنان من قولهم أبنّ بالمكان إذا أقام به، فالبناء به يعتمل كل ما يكون للإقامة والحياة). [معاني القرآن: 2/404-405]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {فاضربوا فوق الأعناق} [آية:12]
قيل إن فوق ههنا زائدة وإنما أبيحوا أن يضربوهم على كل حال
ويدل عليه واضربوا منهم كل بنان لأن البنان أطراف الأصابع الواحدة بنانة مشتق من قولهم أبن بالمكان إذا أقام به). [معاني القرآن:3/137]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): ( {الرعب}: الفزع). [ياقوتة الصراط:236]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ} أي الأعناق، وقيل: الرؤوس.
{والبنان} أطراف الأصابع). [تفسير المشكل من غريب القرآن:92-91]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( {البَنَانٍ}: أطراف الأصابع). [العمدة في غريب القرآن:143]

*تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13)}:
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {شاقّوا الله} مجازه: خانوا الله وجانبوا أمره ودينه وطاعته.
{ومن يشاقق الله ورسوله فإنّ الله شديد العقاب} والعرب إذا جازت بـ «من يفعل كذا» فإنهم يجعلون خبر الجزاء لـ«من» وبعضهم يترك الخبر الذي يجاز به لمن ويخبر عما بعده فيجعل الجزاء له كقول شدّاد بن معاوية العبسيّ وهو أبو عنترة:
فمن يك سائلاً عني فإني..=. وجروة لا ترود ولا تعار
لا أدعها تجئ وتذهب تعار. ترك الخبر عن نفسه وجعل الخبر لفرسه، والعرب أيضاً إذا خبروا عن اثنين أظهروا الخبر عن أحدهما وكفوا عن خبر الآخر ولم يقولوا: ومن يحارب الصلت وزيداً فإن الصلت وزيداً شجاعان كما فعل ذلك قائل:
فمن يك سائلاً عني فإني = وجروة لا ترود ولا تعار
ولم يقل لا نرود ولا نعار فيدخل نفسه معها في الخبر، وكذلك قول الأعشى:

وإنّ إمراءً أهدى إليك ودونه = من الأرض موماةٌ ويهماء خيفق
لمحقوقة أن تستجيبي لصوته = وأن تعلمي أن المعان موفّق
قال أبو عبيدة: كان المحلق أهدى إليه طلباً لمديحه وكانت العرب تحب المدح فقال لناقته يخاطبها:
وإن امراءً أهدى إليك ودونه
ترك الخبر عن امرئ وأخبر عن الناقة فخاطبها. وفي آية أخرى: {ومن يتوكّل على الله فإنّ الله عزيزٌ حكيمٌ} [8: 49] ). [مجاز القرآن: 1/243-244]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ( {شاقوا الله}: المشاقة المبانية والمجانبة). [غريب القرآن وتفسيره:157]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ( {شاقّوا اللّه ورسوله}: نابذوه وباينوه). [تفسير غريب القرآن:177]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {ذلك بأنّهم شاقّوا اللّه ورسوله ومن يشاقق اللّه ورسوله فإنّ اللّه شديد العقاب}{شاقّوا}. جانبوا، صاروا في شقّ غير شقّ المؤمنين، ومثل شاقوا جانبوا وحازبوا وحاربوا.
معنى حازبوا صار هؤلاء حزبا وهؤلاء حزبا.
{ومن يشاقق اللّه ورسوله فإنّ اللّه شديد العقاب}
{يشاقق، ويشاقّ} جميعا، إلا أنها ههنا يشاقق، بإظهار التضعيف مع الجزم وهي لغة أهل الحجاز، وغيرهم يدغم، فإذا أدغمت قلت: من يشاقّ زيدا أهنه، بفتح القاف، لأن القافين ساكنتان فحركت الثانية بالفتح لالتقاء السّاكنين ولأن قبلها ألفا، وإن شئت كسرت فقلت يشاقّ زيدا، كسرت القاف لأن أصل التقاء السّاكنين الكسر.
فإذا استقبلتها ألف ولام اخترت الكسر فقلت {ومن يشاقّ اللّه} ولا أعلم أحدا قرأ بها). [معاني القرآن:2/405]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله}
أي خالفوا كأنهم صاروا في شق آخر). [معاني القرآن:3/137]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( {شَاقُّواْ}: حاربوا). [العمدة في غريب القرآن:143]

*تفسير قوله تعالى: {ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ (14)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {ذلكم فذوقوه...}
خاطب المشركين.
ثم قال: {وأنّ للكافرين عذاب النّار} فنصب {أنّ} من جهتين. أما إحداهما: وذلك بأن للكافرين عذاب النار، فألقيت الباء فنصبت. والنصب الآخر أن تضمر فعلا مثل قول الشاعر:
تسمع للأحشاء منه لغطا = ولليدين جسأةً وبددا
أضمر {وترى لليدين}كذلك قال {ذلكم فذوقوه} واعلموا {أنّ للكافرين عذاب النّار}. وإن شئت جعلت {أن} في موضع رفع تريد: {ذلكم فذوقوه} وذلكم {أنّ للكافرين عذاب النّار} ومثله في كتاب الله تبارك وتعالى: {ختم اللّه على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوةً} قرأها عاصم فيما حدثني المفضل، وزعم أن عاصما أخذها عليه مرتين بانصب. وكذلك قوله: {وحورٌ عينٌ} ). [معاني القرآن:406-1/405]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ( {ذلكم فذوقوه وأنّ للكافرين عذاب النّار}
وقال: {ذلكم فذوقوه وأنّ للكافرين} كأنه جعل "ذلكم" خبراً لمبتدأ أو مبتدأ أضمر خبره حتى كأنه قال: "ذلكم الأمر" أو "الأمر ذلكم". ثم قال: {وأنّ للكافرين عذاب النّار} أي: الأمر ذلكم وهذا، فلذلك انفتحت {أن}. ومثل ذلك قوله: {وأنّ اللّه موهن كيد الكافرين} وأمّا قول الشاعر:
ذاك وإنّي على جاري لذو حدبٍ = أحنو عليه كما يحنى على الجار
فإنما كسر "إنّ" لدخول اللام. قال الشاعر:

وأعلم علماً ليس بالظنّ أنّه = إذا ذلّ مولى المرء فهو ذليل
وإنّ لسان المرء ما لم تكن له = حصاةٌ على عوراته لدليل
فكسر الثانية لأن اللام بعدها.
ومن العرب من يفتحها لأنه لا يدري أن بعدها لاما، وقد سمع مثل ذلك من العرب في قوله: {أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور [9] وحصّل ما في الصّدور [10] إنّ ربّهم بهم يومئذٍ لّخبيرٌ [11]} ففتح وهو غير ذاكر للام وهذا غلط قبيح). [معاني القرآن: 2/24-25]


رد مع اقتباس