عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 12:03 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف


تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)}

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن عاصم بن سليمان، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان، في قوله تعالى: {كتب ربكم على نفسه الرحمة}؛ أن سلمان قال إنا نجد في التوراة أن الله خلق السماوات والأرض ثم خلق أو جعل مائة رحمة قبل أن يخلق الخلق ثم خلق الخلق فوضع بينهم رحمة واحدة وأمسك عنده تسعا وتسعين رحمة قال فيها يتراحمون وبها يتعاطفون وبها يتباذلون وبها يتزاورون وبها تحن الناقة وبها تثج البقرة وبها تيعر الشاة وبها تتابع الطير وبها تتابع الحيتان في البحر فإذا كان يوم القيامة جمع تلك الرحمة إلى ما عنده ورحمته أوسع وأفضل.
عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، أن الله- تعالى لما خلق الخلق- لم يعطف شيء على شيء حتى خلق الله مائة رحمة فوضع بينهم رحمة واحدة فعطف بعض الخلق على بعض.
عن معمر، عن قتادة، قال عبد الله بن عمرو بن العاص: «إن لله مائة رحمة فأهبط منها إلى الأرض رحمة واحدة فتراحم بها الجن والأنس والطير والبهائم وهوام الأرض»). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 203-204] (م)
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن مجمّعٍ عن ماهان قال: جاء نفرٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: إنّا أصبنا ذنوبًا عظامًا فلم يردّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم عليهم شيئا فنزلت: {وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة} فدعاهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فقرأها عليهم). [تفسير الثوري: 107-108]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم كتب ربّكم على نفسه الرّحمة أنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفورٌ رحيمٌ}.
اختلف أهل التّأويل في الّذين عنى اللّه تعالى بهذه الآية: فقال بعضهم: عنى بها الّذين نهى اللّه نبيّه عن طردهم، وقد مضت الرّواية بذلك عن قائليه.
وقال آخرون: عنى بها قومًا استفتوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في ذنوبٍ أصابوها عظامٍ، فلم يؤيّسهم اللّه من التّوبة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن مجمّعٍ، قال: سمعت ماهان، قال: جاء قومٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قد أصابوا ذنوبًا عظامًا. قال ماهان: فما إخاله ردّ عليهم شيئًا. قال: فأنزل اللّه هذه الآية: {وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم ... الآية}.
- حدّثنا هنّادٌ قال: حدّثنا قبيصة، عن سفيان، عن مجمّعٍ، عن ماهان: أنّ قومًا جاءوا إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: يا محمّد، إنّا أصبنا ذنوبًا عظامًا، فما إخاله ردّ عليهم شيئًا، فانصرفوا، فأنزل اللّه تعالى: {وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم كتب ربّكم على نفسه الرّحمة}، قال: فدعاهم، فقرأها عليهم.
- حدّثنا المثنّى قال: حدّثنا أبو نعيمٍ قال: حدّثنا سفيان، عن مجمّعٍ التّميميّ قال: سمعت ماهان يقول، فذكر نحوه.
وقال آخرون: بل عني بها قومٌ من المؤمنين كانوا أشاروا على النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- بطرد القوم الّذين نهاه اللّه عن طردهم، فكان ذلك منهم خطيئةً، فغفرها اللّه لهم وعفا عنهم، وأمر نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أتوه أن يبشّرهم بأن قد غفر لهم خطيئتهم الّتي سلفت منهم بمشورتهم على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بطرد القوم الّذين أشاروا عليه بطردهم. وذلك قول عكرمة وعبد الرّحمن بن زيدٍ، وقد ذكرنا الرّواية عنهما بذلك قبل.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بتأويل الآية، قول من قال: المعنيّون بقوله: {وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم} غير الّذين نهى اللّه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن طردهم، لأنّ قوله: {وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا} خبرٌ مستأنفٌ بعد تقضّي الخبر عن الّذين نهى اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن طردهم، ولو كانوا هم لقيل: وإذا جاءوك فقل سلامٌ عليكم، وفي ابتداء اللّه الخبر عن قصّة هؤلاء وتركه وصل الكلام بالخبر عن الأوّلين ما ينبئ عن أنّهم غيرهم.
فتأويل الكلام إذ كان الأمر على ما وصفنا: وإذا جاءك يا محمّد القوم الّذين يصدّقون بتنزيلنا وأدلّتنا وحججنا فيقرّون بذلك قولاً وعملاً، مسترشديك عن ذنوبهم الّتي سلفت منهم بيني وبينهم، هل لهم منها توبةٌ؟ فلا تؤيّسهم منها، وقل لهم: سلامٌ عليكم: أمنة اللّه لكم من ذنوبكم أنّ يعاقبكم عليها بعد توبتكم منها، {كتب ربّكم على نفسه الرّحمة} يقول: قضى ربّكم الرّحمة بخلقه، {أنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفورٌ رحيمٌ}.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدنيّين: {أنّه من عمل منكم سوءًا} فيجعلون (أنّ) منصوبةً على التّرجمة بها عن الرّحمة، {ثمّ تاب من بعده وأصلح فإنّه غفورٌ رحيمٌ} على ائتناف (إنّه) بعد الفاء فيكسرونها ويجعلونها أداةً لا موضع لها، بمعنى: فهو له غفورٌ رحيمٌ، أو فله المغفرة والرّحمة.
وقرأهما بعض الكوفيّين بفتح الألف منهما جميعًا، بمعنى: كتب ربّكم على نفسه الرّحمة، ثمّ ترجم بقوله: {أنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ} عن الرّحمة {فأنّه غفورٌ رحيمٌ} فيعطف (فأنّه) الثّانية على (أنّه) الأولى، ويجعلهما اسمين منصوبين على ما بيّنت.
وقرأ ذلك بعض المكّيّين وعامّة قرّاء أهل العراق من الكوفة والبصرة بكسر الألف من (إنّه) و(فإنّه) على الابتداء، وعلى أنّهما أداتان لا موضع لهما.
وأولى القراءات في ذلك عندي بالصّواب، قراءة من قرأهما بالكسر: (كتب ربّكم على نفسه الرّحمة إنّه) على ابتداء الكلام، وأنّ الخبر قد انتهى عند قوله: {كتب ربّكم على نفسه الرّحمة}، ثمّ استؤنف الخبر عمّا هو فاعلٌ تعالى ذكره بمن عمل سوءًا بجهالةٍ ثمّ تاب وأصلح منه.
ومعنى قوله: {أنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ}: أنّه من اقترف منكم ذنبًا، فجهل باقترافه إيّاه. {ثمّ تاب}، {وأصلح فأنّه غفورٌ} لذنبه إذا تاب وأناب وراجع العمل بطاعة اللّه وترك العود إلى مثله مع النّدم على ما فرط منه. {رحيمٌ} بالتّائب أن يعاقبه على ذنبه بعد توبته منه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قالت جماعة أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن عثمان، عن مجاهدٍ: {من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ} قال: من جهلٍ أنّه لا يعلم حلالاً من حرامٍ، ومن جهالته ركب الأمر.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو خالدٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، مثله.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {يعملون السّوء بجهالةٍ} قال: من عمل بمعصية اللّه، فذاك منه جهلٌ حتّى يرجع.
- حدّثني الحرث قال: حدّثنا عبد العزيز قال: حدّثنا بكر بن خنيسٍ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ} قال: كلّ من عمل بخطيئةٍ فهو بها جاهلٌ.
- حدّثني الحرث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا خالد بن دينارٍ أبو خلدة، قال: كنّا إذا دخلنا على أبي العالية قال: {وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم كتب ربّكم على نفسه الرّحمة}). [جامع البيان: 9/ 272-275]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم كتب ربّكم على نفسه الرّحمة أنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفورٌ رحيمٌ (54)}
قوله تعالى: {وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا}
- حدّثني أبي، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا سفيان ، عن مجمّعٍ التّيميّ قال: سمعت ماهان قال: جاء قومٌ إلى النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقالوا: يا رسول اللّه إنّا، أصبنا ذنوبًا عظامًا، فلم يردّ عليهم شيئًا، فلمّا ذهبوا نزلت هذه الآية: وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم كتب ربّكم على نفسه الرّحمة الآية. فدعاهم فقرأها عليهم.
قوله: {فقل سلامٌ عليكم}.
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن أبي عسد الأزديّ، عن أبي الكنود، عن خبّابٍ، ثمّ قال: وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم كتب ربّكم على نفسه الرّحمة، فدنونا منه يومئذٍ حتّى وضعنا ركبنا على ركبته، وكان رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- يجلس معنا، فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا، فأنزل الله تعالى: واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه قال خبّابٌ:
فكنّا نقعد مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فإذا بلغنا السّاعة الّتي يقوم فيها قمنا وتركناه حتّى يقوم.
قوله تعالى: {أنّه من عمل منكم سوءا}.
الوجه الأول:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد، وجويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله: سوءًا بجهالةٍ قالا: ليس من جهالته (أن لا يعلم) حلالا ولا حرامًا، ولكن من جهالته حين دخل فيه.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: سوءًا بجهالةٍ، من (عصى) ربّه فهو جاهلٌ حتّى ينزع، عن معصيته.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ إنّما التّوبة على اللّه للّذين يعملون السّوء بجهالةٍ قال: الجهالة العمد.
وروي، عن عطاءٍ، مثله.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن جهير بن يزيد قال: سألت الحسن، عن قوله: السّوء بجهالةٍ قلت: ما هذه الجهالة؟ قال: هم قومٌ لم يعلموا ما لهم ممّا عليهم. قلت: أرأيت لو كانوا علموا؟ قال: فليخرجوا منها، فإنّها جهالةٌ.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، والمقدّميّ، ويحيى بن خلفٍ قالوا: ثنا معتمر بن سليمان، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: السّوء بجهالةٍ قال: الدّنيا كلّها جهالةٌ.
قوله: {ثمّ تاب من بعده وأصلح}.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، ثنا عبد الرّحمن، ثنا سفيان، عن مجمع بن صمعان قال: سمعت ماهان قال: جاء قومٌ إلى رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- قد أصابوا ذنوبًا عظامًا، فقال ماهان: فما إخاله ردّ عليهم شيئًا. فذهبوا، فنزلت هذه الآية: ثمّ تاب من بعده وأصلح. فأرسل إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فدعاهم فقرأ عليهم.
قوله: {فأنه غفورٌ}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: غفور يعني: لما كان منه قبل التّوبة.
قوله: {رحيمٌ}
- وبه، عن سعيد بن جبيرٍ، قوله: رحيمٌ: لمن تاب.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة
قوله: {رحيم} قال: رحيمٌ بعباده). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1300-1302]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال مسدّدٌ: ثنا يحيى، عن سفيان، حدّثني مجمّعٌ التّيميّ، عن ماهان "أنّ قومًا أتوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: إنّا أصبنا ذنوبًا عظامًا فما أخاله ردّ عليهم، فلمّا أدبروا نزلت: {وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم كتب ربّكم على نفسه الرّحمة أنّه من عمل منكم سوءاً بجهالة} فدعاهم، فتلاها عليهم".
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؟ لجهالة بعض رواته). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/ 206]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مسدّدٌ: حدثنا يحيى عن سفيان، عن مجمّعٍ التّيميّ، حدّثه عن ماهان، قال: إنّ قومًا أتوا النّبيّ (صلّى اللّه عليه وسلّم)، فقالوا: إنّا أصبنا ذنوبًا عظامًا، فما إخاله ردّ عليهم، فلمّا أدبروا (نزلت): {وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم كتب ربّكم على نفسه الرّحمة ... الآية}، فدعاهم (صلّى اللّه عليه وسلّم) فتلاها عليهم). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/ 644]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد ومسدد في مسنده، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ماهان قال: أتى قوم إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا أصبنا ذنوبا عظاما فما رد عليهم شيئا فانصرفوا فأنزل الله: {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا ... الآية}، فدعاهم فقرأها عليهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: أخبرت أن قوله: {سلام عليكم}، قال: كانوا إذا دخلوا على النّبيّ صلى الله عليه وسلم بدأهم فقال: «سلام عليكم وإذا لقيهم فكذلك أيضا»). [الدر المنثور: 6/ 60-61]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكذلك نفصّل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {وكذلك نفصّل الآيات}: وكما فصّلنا لك في هذه السّورة من ابتدائها وفاتحتها يا محمّد إلى هذا الموضع حجّتنا على المشركين من عبدة الأوثان وأدلّتنا، وميّزناها لك وبيّنّاها، كذلك نفصّل لك أعلامنا وأدلّتنا في كلّ حقٍّ ينكره أهل الباطل من سائر أهل الملل غيرهم، فنبيّنها لك حتّى تبيّن حقّه من باطله، وصحيحه من سقيمه.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {ولتستبين سبيل المجرمين} فقرأ ذلك عامّة قرّاء أهل المدينة: {ولتستبين} بالتّاء (سبيل المجرمين) بنصب السّبيل، على أنّ (تستبين) خطابٌ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، كأنّ معناه عندهم: ولتستبين أنت يا محمّد سبيل المجرمين.
وكان ابن زيدٍ يتأوّل ذلك: ولتستبين أنت يا محمّد سبيل المجرمين الّذين سألوك طرد النّفر الّذين سألوه طردهم عنه من أصحابه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: (ولتستبين سبيل المجرمين) قال: الّذين يأمرونك بطرد هؤلاء.
وقرأ ذلك بعض المكّيّين وبعض البصريّين: {ولتستبين} بالتّاء {سبيل المجرمين} برفع السّبيل على أنّ القصد للسّبيل، ولكنّه يؤنّثها، وكأنّ معنى الكلام عندهم: وكذلك نفصّل الآيات ولتتّضح لك وللمؤمنين طريق المجرمين.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء أهل الكوفة: (ولتستبين) بالياء {سبيل المجرمين} برفع السّبيل على أنّ الفعل للسّبيل ولكنّهم يذكّرونه. ومعنى هؤلاء في هذا الكلام، ومعنى من قرأ ذلك بالتّاء في: {ولتستبين} ورفع السّبيل واحدٌ، وإنّما الاختلاف بينهم في تذكير السّبيل وتأنيثها.
وأولى القراءتين بالصّواب عندي في (السّبيل) الرّفع، لأنّ اللّه تعالى ذكره فصّل آياته في كتابه وتنزيله، ليتبيّن الحقّ بها من الباطل جميع من خوطب بها، لا بعضٌ دون بعضٍ.
ومن قرأ (السّبيل) بالنّصب، فإنّما جعل تبيين ذلك محصورًا على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وأمّا القراءة في قوله: {ولتستبين} فسواءٌ قرئت بالتّاء أو بالياء، لأنّ من العرب من يذكّر السّبيل وهم تميمٌ وأهل نجدٍ، ومنهم من يؤنّث السّبيل وهم أهل الحجاز، وهما قراءتان مستفيضتان في قرّاء الأمصار، ولغتان مشهورتان من لغات العرب، وليس في قراءة ذلك بإحداهما خلافٌ لقراءته بالأخرى ولا وجه لاختيار إحداهما على الأخرى بعد أن يرفع السّبيل للعلّة الّتي ذكرنا.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل قوله: {نفصّل الآيات} قال أهل التّأويل.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: {وكذلك نفصّل الآيات}: نبيّن الآيات.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في: {نفصّل الآيات}: نبيّن). [جامع البيان: 9/ 276-278]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وكذلك نفصّل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين (55)}
قوله تعالى: {وكذلك نفصّل الآيات}
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {وكذلك نفصّل الآيات} أمّا نفصّل: فنبيّن
قوله: {ولتستبين سبيل المجرمين}.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قوله: ولتستبين سبيل المجرمين قال: الّذين يأمرونك بطرد هؤلاء). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن قتادة في قوله: {وكذلك نفصل الآيات} قال: نبين الآيات.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {ولتستبين سبيل المجرمين} قال: الذين يأمرونك بطرد هؤلاء). [الدر المنثور: 6/ 61]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل إنّي نهيت أن أعبد الّذين تدعون من دون اللّه قل لا أتّبع أهواءكم قد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم-: قل يا محمّد لهؤلاء المشركين بربّهم من قومك، العادلين به الأوثان والأنداد، الّذين يدعونك إلى موافقتهم على دينهم وعبادة الأوثان: إنّ اللّه نهاني أن أعبد الّذين تدعون من دونه، فلن أتّبعكم على ما تدعونني إليه من ذلك ولا أوافقكم عليه، ولا أعطيكم محبّتكم وهواكم فيه، وإن فعلت ذلك فقد تركت محجّة الحقّ وسلكت على غير الهدى، فصرت ضالًّا مثلكم على غير استقامةٍ.
وللعرب في (ضللت) لغتان: فتح اللاّم وكسرها، واللّغة الفصيحة المشهورة هي فتحها، وبها قرأ عامّة قرّاء الأمصار، وبها نقرأ لشهرتها في العرب، وأمّا الكسر فليس بالغالب في كلامها والقرّاء بها قليلون، فمن قال ضللت قال أضلّ، ومن قال ضللت قال في المستقبل أضلّ، وكذلك القراءة عندنا في سائر القرآن: {وقالوا أئذا ضللنا} بفتح اللاّم). [جامع البيان: 9/ 278]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قل إنّي نهيت أن أعبد الّذين تدعون من دون اللّه قل لا أتّبع أهواءكم قد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين (56)}
قوله: {قل إنّي نهيت أن أعبد الّذين تدعون من دون الله ... الآية}.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن أبي قيسٍ، عن هزيل بن شرحبيل قال: جاء رجلٌ إلى أبي موسى، وسلمان بن ربيعة فسألهما، عن ابنةٍ وابنة ابنٍ وأختٍ؟ فقال: للابنة النّصف، وللأخت النّصف، وأت عبد اللّه فإنّه سيتابعنا، فأتى عبد اللّه فأخبره فقال: قد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين، لأقضينّ فيها بقضاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: للابنة النصف، وللابنة الابن السّدس وما بقي فللأخت). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين}.
أخرج ابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه، وابن أبي حاتم عن هزيل بن شرحبيل قال: جاء رجل إلى أبي موسى وسلمان بن ربيعة فسألهما عن ابنة وابنة ابن أخت فقال: للابنة النصف وللأخت النصف وأئت عبد الله فإنه سيتابعنا، فأتى عبد الله فأخبره فقال: {قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين} لأقضين فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم للابنة النصف ولابنة الإبن السدس وما بقي فللأخت). [الدر المنثور: 6/ 61]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57)}

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدّثني حرملة بن عمران أنّه سمع محمّد بن راشدٍ يخبر عن أبيه قال: عرضت القرآن على أبي الدّرداء وواثلة بن الأسقع صاحبي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بدمشق ثماني مراتٍ فلم يردّدا عليّ شيئًا؛ وأنّه كان يقرأ: يقضي {الحقّ وهو خير الفاصلين}). [الجامع في علوم القرآن: 3/ 49]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( قوله تعالى: {إن الحكم إلّا لله يقصّ الحقّ وهو خير الفاصلين}
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه كان يقرأ: {يقصّ الحق}، ويقول: {نحن نقصّ عليك أحسن القصص} ). [سنن سعيد بن منصور: 5/ 21]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل إنّي على بيّنةٍ من ربّي وكذّبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلاّ للّه يقصّ الحقّ وهو خير الفاصلين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل} يا محمّد لهؤلاء العادلين بربّهم، الدّاعين لك إلى الإشراك بربّك: {إنّي على بيّنةٍ من ربّي}: أي إنّي على بيانٍ قد تبيّنته وبرهانٌ قد وضح لي من ربّي، يقول: من توحيده، وما أنا عليه من إخلاص عبوديّته من غير إشراك شيءٍ به.
وكذلك تقول العرب: فلانٌ على بيّنةٍ من هذا الأمر، إذا كان على بيانٍ منه، ومن ذلك قول الشّاعر:
أبيّنةً تبغون بعد اعترافه ....... وقول سويدٍ قد كفيتكم بشرا
{وكذّبتم به} يقول: وكذبتم أنتم بربّكم. والهاء في قوله: {به} من ذكر الرّبّ -جلّ وعزّ-: {ما عندي ما تستعجلون به} يقول: ما الّذي تستعجلون من نقم اللّه وعذابه بيدي، ولا أنا على ذلك بقادرٍ. وذلك أنّهم قالوا حين بعث اللّه نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم بتوحيده، فدعاهم إلى اللّه وأخبرهم أنّه رسوله إليهم: {هل هذا إلاّ بشرٌ مثلكم أفتأتون السّحر وأنتم تبصرون}، وقالوا للقرآن: هو أضغاث أحلامٍ. وقال بعضهم: بل هو اختلاقٌ اختلقه. وقال آخرون: بل محمّدٌ شاعرٌ، فليأتنا بآيةٍ كما أرسل الأوّلون، فقال اللّه لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أجبهم بأنّ الآيات بيد اللّه لا بيدك، وإنّما أنت رسولٌ، وليس عليك إلاّ البلاغ لما أرسلت به، وإنّ اللّه يقضي الحقّ فيهم وفيك ويفصل به بينك وبينهم فيتبيّن المحقّ منكم والمبطل. {وهو خير الفاصلين} أي وهو خيرٌ من بيّن وميّز بين المحقّ والمبطل وأعدلهم، لأنّه لا يقع في حكمه وقضائه حيفٌ إلى أحدٍ لوسيلةٍ له إليه ولا لقرابةٍ ولا مناسبةٍ، ولا في قضائه جورٌ لأنّه لا يأخذ الرّشوة في الأحكام فيجور، فهو أعدل الحكّام وخير الفاصلين.
وقد ذكر لنا في قراءة عبد اللّه: (وهو أسرع الفاصلين).
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، أنّه قال: في قراءة عبد اللّه: (يقضي الحقّ وهو أسرع الفاصلين).
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (يقض الحقّ) فقرأه عامّة قرّاء الحجاز والمدينة وبعض قرّاء أهل الكوفة والبصرة: {إن الحكم إلاّ للّه يقصّ الحقّ} بالصّاد بمعنى القصص، وتأوّلوا في ذلك قول اللّه تعالى: {نحن نقصّ عليك أحسن القصص}. وذكر ذلك عن ابن عبّاسٍ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: {يقصّ الحقّ}، وقال: {نحن نقصّ عليك أحسن القصص}.
وقرأ ذلك جماعةٌ من قرّاء الكوفة والبصرة: (إن الحكم إلاّ للّه يقض الحقّ) بالضّاد من القضاء بمعنى الحكم والفصل بالقضاء. واعتبروا صحّة ذلك بقوله: {وهو خير الفاصلين}، وأنّ الفصل بين المختلفين إنّما يكون بالقضاء لا بالقصص.
وهذه القراءة عندنا أولى القراءتين بالصّواب لما ذكرنا لأهلها من العلّة.
فمعنى الكلام إذن: ما الحكم فيما تستعجلون به أيّها المشركون من عذاب اللّه وفيما بيني وبينكم، إلاّ اللّه الّذي لا يجور في حكمه، وبيده الخلق والأمر، يقضي الحقّ بيني وبينكم، وهو خير الفاصلين بيننا بقضائه وحكمه). [جامع البيان: 9/ 278-280]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قل إنّي على بيّنةٍ من ربّي وكذّبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلّا للّه يقصّ الحقّ وهو خير الفاصلين (57)}
قوله: {قل إنّي على بيّنةٍ من ربّي}.
- ذكر، عن يزيد بن هارون، عن جعفر بن سليمان قال: سمعت أبا عمران الجونيّ قرأ هذه الآية: قل إنّي على بيّنةٍ من ربّي قال: على ثقةٍ.
قوله: {إن الحكم إلّا لله يقص الحق ... الآية}.
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقري، ثنا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن عطاءٍ: قرأ ابن عبّاسٍ: يقصّ الحقّ، وهو خير الفاصلين وقال: نحن نقصّ عليك أحسن القصص.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو معمرٍ المنقريّ عبد اللّه بن عمرٍو، ثنا عبد الوارث قال حميدٌ: قال مجاهدٌ: لو كانت يقص لكانت يقضي بالحقّ، ولكنّها يقصّ الحقّ.
وروي، عن عطيّة مثله.
- حدّثنا أبي، ثنا سليمان بن معبدٍ، ثنا الأصمعيّ قال: قرأ أبو عمرٍو يقض الحق، وقال: لا يكون الفصل إلا بعد القضاء.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا خلاد بن خالد المقري، ثنا حسن بن صالحٍ، عن مغيرة، عن إبراهيم قال مغيرة: فسمعته يقرأ: يقضى الحق وهو خير الفاصلين. قال ابن حمى: لا يكون الفصل إلا مع القضاء). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1303]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي عمران الجوني في قوله: {قل إني على بينة من ربي} . قال:على ثقة.
- وأخرج ابن أبي شيبة،وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن سعيد ابن جبير قال: في قراءة عبدالله: (يقضي الحق وهو أسرع الفاصلين).
- وأخرج ابن أبي حاتم الأصمعي قال: قرأ أبو عمرو (يقض الحق) وقال: لا يكون الفصل إلا بعد القضاء.
- وأخرج ابن أبي حاتم، من طريق حسن بن صالح بن حي عن مغيرة عن إبراهيم النخعي أنه قرأ: (يقضي الحق وهو خير الفاصلين) قال ابن حي: لا يكون الفصل إلا مع القضاء .، -.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن الشعبي أنه قرأ (يقضي الحق).
- وأخرج الدار قطني في الأفراد، وابن مردويه عن أبي بن كعب قال أقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا: {يقص الحق وهو خير الفاصلين}.
- وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس، أنه كان يقرأ: {يقص الحق}، ويقول: {نحن نقص عليك أحسن القصص} [لقمان: 34].
- وأخرج ابن الأنباري عن هرون قال: في قراءة عبد الله {يقص الحق}.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد الأنباري عن هرون قال: في قراءة عبد الله {يقص الحق}.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد أنه كان يقرأ {يقص الحق} وقال: لو كانت يقضي كانت بالحق). [الدر المنثور: 6/ 61-63]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل لو أنّ عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم واللّه أعلم بالظّالمين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لهؤلاء العادلين بربّهم الآلهة والأوثان، المكذّبيك فيما جئتهم به، السّائليك أن تأتيهم بآيةٍ استعجالاً منهم بالعذاب: لو أنّ بيدي ما تستعجلون به من العذاب {لقضي الأمر بيني وبينكم} ففصل ذلك أسرع الفصل بتعجيلي لكم ما تسألوني من ذلك وتستعجلونه، ولكنّ ذلك بيد اللّه الّذي هو أعلم بوقت إرساله على الظّالمين الّذين يضعون عبادتهم الّتي لا تنبغي أن تكون إلاّ للّه في غير موضعها فيعبدون من دونه الآلهة والأصنام، وهو أعلم بوقت الانتقام منهم وحال القضاء بيني وبينهم.
وقد قيل: معنى قوله: {لقضي الأمر بيني وبينكم}: الذّبح للموت.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن ابن جريجٍ، قال: بلغني في قوله: {لقضي الأمر} قال: ذبح الموت.
وأحسب أنّ قائل هذا النّوع نزع لقوله: {وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلةً}، فإنّه روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في ذلك قصّةٌ تدلّ على معنى ما قاله هذا القائل في قضاء الأمر، وليس قوله: {لقضي الأمر بيني وبينكم} من ذلك في شيءٍ، وإنّما هذا أمرٌ من اللّه تعالى نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقول لمن استعجله فصل القضاء بينه وبينهم من قوله بآيةٍ يأتيهم بها: لو أنّ العذاب والآيات بيدي وعندي لعاجلتكم بالّذي تسألوني من ذلك، ولكنّه بيد من هو أعلم بما يصلح خلقه منّي ومن جميع خلقه). [جامع البيان: 9/ 281]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قل لو أنّ عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم واللّه أعلم بالظّالمين (58)}
قوله: {قل لو أنّ عندي ما تستعجلون به}
الوجه الأول:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعثمان قالا: حدّثنا معاوية بن هشامٍ، ثنا سفيان الثّوريّ، عن أبيه، عن عكرمة، في قوله: لقضي الأمر بيني وبينكم قال: قامت السّاعة.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن ابن جريجٍ مرسلا: لقضي الأمر قال: ذبح الموت). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1303]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله {لقضي الأمر بيني وبينكم} قال: لقامت الساعة). [الدر المنثور: 6/ 63]


رد مع اقتباس