عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:46 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلامًا قال سلامٌ فما لبث أن جاء بعجلٍ حنيذٍ (69) فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفةً قالوا لا تخف إنّا أرسلنا إلى قوم لوطٍ (70) وامرأته قائمةٌ فضحكت فبشّرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب (71) قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوزٌ وهذا بعلي شيخًا إنّ هذا لشيءٌ عجيبٌ (72) قالوا أتعجبين من أمر اللّه رحمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت إنّه حميدٌ مجيدٌ (73)}
يقول تعالى: {ولمّا جاءت رسلنا} وهم الملائكة، إبراهيم بالبشرى، قيل: تبشّره بإسحاق، وقيل: بهلاك قوم لوطٍ. ويشهد للأوّل قوله تعالى: {فلمّا ذهب عن إبراهيم الرّوع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوطٍ} [هودٍ: 74]، {قالوا سلامًا قال سلامٌ} أي: عليكم.
قال علماء البيان: هذا أحسن ممّا حيّوه به؛ لأنّ الرّفع يدلّ على الثّبوت والدّوام.
{فما لبث أن جاء بعجلٍ حنيذٍ} أي: ذهب سريعًا، فأتاهم بالضّيافة، وهو عجل: فتى البقر، حنيذ: [وهو] مشوي [شيًّا ناضجًا] على الرّضف، وهي الحجارة المحماة.
هذا معنى ما روي عن ابن عبّاسٍ [ومجاهدٍ] وقتادة [والضّحّاك، والسّدّيّ] وغير واحدٍ، كما قال في الآية الأخرى: {فراغ إلى أهله فجاء بعجلٍ سمينٍ فقرّبه إليهم قال ألا تأكلون} [الذّاريات:26، 27].
وقد تضمّنت هذه الآية آداب الضّيافة من وجوهٍ كثيرةٍ).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 332-333]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70) وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم} تنكرهم، {وأوجس منهم خيفةً} وذلك أنّ الملائكة لا همّة لهم إلى الطّعام ولا يشتهونه ولا يأكلونه؛ فلهذا رأى حالهم معرضين عمّا جاءهم به، فارغين عنه بالكلّيّة فعند ذلك نكرهم، {وأوجس منهم خيفةً}.
قال السّدّيّ: لمّا بعث اللّه الملائكة لقوم لوطٍ أقبلت تمشي في صور رجالٍ شبّانٍ حتّى نزلوا على إبراهيم فتضيّفوه، فلمّا رآهم [إبراهيم] أجلّهم، {فراغ إلى أهله فجاء بعجلٍ سمينٍ} فذبحه ثمّ شواه في الرّضف. [فهو الحنيد حين شواه] وأتاهم به فقعد معهم، وقامت سارّة تخدمهم فذلك حين يقول: "وامرأته قائمةٌ وهو جالسٌ" في قراءة ابن مسعودٍ: "فلمّا قربه إليهم قال ألا تأكلون قالوا: يا إبراهيم إنّا لا نأكل طعامًا إلّا بثمنٍ. قال فإنّ لهذا ثمنًا. قالوا وما ثمنه؟ قال: تذكرون اسم اللّه على أوّله، وتحمدونه على آخره فنظر جبريل إلى ميكائيل فقال: حق لهذا أن يتّخذه ربّه خليلًا"، {فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم} يقول: فلمّا رآهم لا يأكلون فزع منهم، وأوجس منهم خيفةً، فلمّا نظرت إليه سارّة أنّه قد أكرمهم وقامت هي تخدمهم، ضحكت وقالت: عجبًا لأضيافنا هؤلاء، [إنّا] نخدمهم بأنفسنا كرامةً لهم، وهم لا يأكلون طعامنا.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا نصر بن عليٍّ، [حدّثنا] نوح بن قيسٍ، عن عثمان بن محصن في ضيف إبراهيم قال: كانوا أربعةً: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، ورفائيل. قال نوح بن قيسٍ: فزعم نوح بن أبي شدّادٍ أنّهم لمّا دخلوا على إبراهيم، فقرّب إليهم العجل، مسحه جبريل بجناحه، فقام يدرج حتّى لحق بأمّه، وأمّ العجل في الدّار.
وقوله تعالى إخبارًا عن الملائكة: {قالوا لا تخف [إنّا أرسلنا إلى قوم لوطٍ وامرأته قائمةٌ فضحكت]} أي قالوا: لا تخف منّا، إنّا ملائكةٌ أرسلنا إلى قوم لوطٍ لنهلكهم. فضحكت سارّة استبشارًا [منها] بهلاكهم، لكثرة فسادهم، وغلظ كفرهم وعنادهم، فلهذا جوزيت بالبشارة بالولد بعد الإياس.
وقال قتادة: ضحكت [امرأته] وعجبت [من] أنّ قومًا يأتيهم العذاب وهم في غفلةٍ [فضحكت من ذلك وعجبت فبشّرناها بإسحاق].
وقوله: {ومن وراء إسحاق يعقوب} قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {فضحكت} أي: حاضت.
وقول محمّد بن قيسٍ: إنّها إنّما ضحكت من أنّها ظنّت أنّهم يريدون أن يعملوا كما يعمل قوم لوطٍ، وقول الكلبيّ إنّها إنّما ضحكت لما رأت من الرّوع بإبراهيم -ضعيفان جدًّا، وإن كان ابن جريرٍ قد رواهما بسنده إليهما، فلا يلتفت إلى ذلك، واللّه أعلم.
وقال وهب بن منبّه: إنّما ضحكت لمّا بشّرت بإسحاق. وهذا مخالفٌ لهذا السّياق، فإنّ البشارة صريحةٌ مرتبة على.
{فبشّرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} أي: بولدٍ لها يكون له ولدٌ وعقبٌ ونسلٌ؛ فإنّ يعقوب ولد إسحاق، كما قال في آية البقرة: {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهًا واحدًا ونحن له مسلمون} [البقرة: 133].
ومن هاهنا استدلّ من استدلّ بهذه الآية، على أنّ الذّبيح إنّما هو إسماعيل، وأنّه يمتنع أن يكون هو إسحاق؛ لأنّه وقعت البشارة به، وأنّه سيولد له يعقوب، فكيف يؤمر إبراهيم بذبحه وهو طفلٌ صغيرٌ، ولم يولد له بعد يعقوب الموعود بوجوده. ووعد اللّه حقٌّ لا خلف فيه، فيمتنع أنّ يؤمر بذبح هذا والحالة هذه، فتعيّن أن يكون هو إسماعيل وهذا من أحسن الاستدلال وأصحّه وأبينه، وللّه الحمد).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 333-334]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوزٌ وهذا بعلي شيخًا [إنّ هذا لشيءٌ عجيبٌ]} حكى قولها في هذه الآية، كما حكى فعلها في الآية الأخرى، فإنها: {قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوزٌ} وفي الذّاريات: {فأقبلت امرأته في صرّةٍ فصكّت وجهها وقالت عجوزٌ عقيمٌ} [الذّاريات: 29]، كما جرت به عادة النّساء في أقوالهنّ وأفعالهنّ عند التّعجّب). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 334]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالوا أتعجبين من أمر اللّه} أي: قالت الملائكة لها، لا تعجبي من أمر اللّه، فإنّه إذا أراد شيئًا أن يقول له: "كن" فيكون، فلا تعجبي من هذا، وإن كنت عجوزًا [كبيرةً] عقيمًا، وبعلك [وهو زوجها الخليل عليه السّلام، وإن كان] شيخًا كبيرًا، فإنّ اللّه على ما يشاء قدير.
{رحمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت إنّه حميدٌ مجيدٌ} أي: هو الحميد في جميع أفعاله وأقواله محمودٌ، ممجّدٌ في صفاته وذاته؛ ولهذا ثبت في الصّحيحين أنّهم قالوا: قد علمنا السّلام عليك، فكيف الصّلاة عليك يا رسول اللّه؟ قال: قولوا: "اللّهمّ صلّ على محمّدٍ، وعلى آل محمّدٍ، كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمّدٍ وعلى آل محمّدٍ، كما باركت على [إبراهيم و] آل إبراهيم، إنّك حميدٌ مجيدٌ"). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 334-335]


رد مع اقتباس