عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 24 ربيع الثاني 1434هـ/6-03-2013م, 11:04 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125) وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127)}

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {فمن يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضلّه...}
[من] ومن في موضع رفع بالهاء التي عادت عليهما من ذكرهما.
وقوله: {يجعل صدره ضيّقاً حرجاً} قرأها ابن عبّاس وعمر (حرجا). وقرأها الناس: حرجا. والحرج - فيما فسر ابن عباس - الموضع الكثير الشجر الذي لا تصل إليه الراعية. قال: فكذلك صدر الكافر لا تصل إليه الحكمة. وهو في كسره وفتحه بمنزلة الوحد والوحد، والفرد والفرد، والدنف والدنف: تقوله العرب في معنى واحد.
وقوله: {كأنّما يصّعّد في السّماء} يقول: ضاق عليه المذهب فلم يجد إلا أن يصعد في السماء وليس يقدر. وتقرأ (كأنما يصّاعد) يريد يتصاعد، (ويصعد) مخففة). [معاني القرآن: 1/ 354-355]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): (الرجز و{الرّجس} سواء، وهما العذاب). [مجاز القرآن: 1/ 206]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {ضيقا حرجا} وقالوا فيه: حرج يحرج ضاق.
ابن محيصن {ضيقا} بالتثقيل أيضًا.
[معاني القرآن لقطرب: 526]
عبد الله بن كثير المكي {ضيقا حرجا} بفتح الراء.
وقالوا في الضيق: الضيق؛ فخففوا، مثل: ميت، وهين لين؛ أي هين لين؛ وقد يكون الضيق المصدر أيضًا.
وقال المتلمس:
تعدو إذا وقع الممر بدفها = عدو الأتان تخاف ضيق المرصد
على قراءة ابن كثير.
وقال رؤبة فخفف أيضًا:
قد علمنا عند كل مأزق = ضيق بوجه الأمر أو مضيق
فخفف أيضًا.
وقال رؤبة أيضًا:
وشفها اللوح بمأزول ضيق.
يعني باللوح: العطش، والمأزول: من الأزل؛ وهي الشدة.
عمر وابن عباس رحمهما الله {حرجا} بالفتح.
وقرأ عند عمر رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم {حرجا} فقال عمر رضي الله عنه: أبغوني رجلا من كنانة، وليكن مدلجيا يعني من بني مدلج، وليكن
[معاني القرآن لقطرب: 527]
راعيًا؛ فأتي به فقال: ما الحرجة فيكم؟ فقال: شجرة بين أشجار، لا تصل إليها راعية ولا وحشية؛ فقال عمر: كذلك قلب المنافق؛ لا يصل إليه شيء من الخير). [معاني القرآن لقطرب: 528]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {كأنما يصعد} يقل الصاد والعين؛ وهي قراءة أبي عمرو.
ابن مسعود "يتصعد"؛ وكأن الحسن أدغم على قراءة ابن مسعود.
عاصم {كأنما يصاعد}.
أهل مكة وابن محيصن {كأنما يصعد في السماء} من صعد). [معاني القرآن لقطرب: 528]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله {يشرح صدره} فإن الحسن كان يقول: بقبوله الإسلام يكون منشرحًا). [معاني القرآن لقطرب: 552]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يشرح صدره للإسلام} أي يفتحه. ومنه يقال: شرحت الأمر. وشرحت اللحم: إذا فتحته.
(الحرج) الذي ضاق فلم يجد منفذا إلا أن {يصّعّد في السّماء} وليس يقدر على ذلك). [تفسير غريب القرآن: 159-160]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما الضيق بعينه فقوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} أي ضيق. و{يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} وحَرِجًا. ومنه الحرجة وهي: الشجر الملتفّ). [تأويل مشكل القرآن: 484]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({فمن يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضلّه يجعل صدره ضيّقا حرجا كأنّما يصّعّد في السّماء كذلك يجعل اللّه الرّجس على الّذين لا يؤمنون}
يروى عن ابن مسعود أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: وهل ينشرح الصدر؟
فقال: نعم، يدخل القلب النور، فقال ابن مسعود: هل لذلك من علم؟
قال: نعم، التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل الموت.
{ومن يرد أن يضلّه يجعل صدره ضيّقا حرجا}
يروى عن ابن عباس أنه قال: الحَرَجُ موضع الشجر الملتف، فكان قلب الكافر لا تصل إليه الحكمة.
كما لا تصل الراعية إلى الموضع الذي يلتف فيه الشجر.
وأهل اللغة أيضا يقولونه: الشجر الملتف يقال له الْحَرَجُ.
والحرج في اللغة: أضيق الضيق. والذي قال ابن عباس صحيح حسن.
فالمعنى عند أهل اللغة إنّه ضيق جدّا.
ويجوز حرجا -بكسر الراء- فمن قال "حرج" فهو بمنزلة قولهم: رجل دنف، لأن قولك دنف ههنا وحرج ليس من أسماء الفاعلين. إنما هو بمنزلة قولهم: رخل عدل أي ذو عدل.
وقوله: {كأنّما يصّعّد في السّماء}، ويصّاعد أيضا، وأصله يتصاعد ويتصعّد، إلّا أنّ التاء تدغم في الصاد لقربها منها.
ومعنى كأنما يصّعّد في السماء -واللّه أعلم- كأنه قد كلف أن يصعد إلى السماء إذا دعي إلى الإسلام من ضيق صدره عنه.
ويجوز أن يكون -واللّه أعلم- كأنّ قلبه يصعد في السماء نبوّا على الإسلام واستماع الحكمة.
{كذلك يجعل اللّه الرّجس على الّذين لا يؤمنون} أي مثل قصصنا عليك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون.
و{الرجس}: اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة). [معاني القرآن: 2/ 290]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} روي أن عبد الله بن مسعود قال يا رسول الله هل ينشرح الصدر فقال نعم يدخل القلب نور فقال وهل لذلك من علامة فقال صلى الله عليه وسلم: «التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل الموت»). [معاني القرآن: 2/ 485]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا} أي: شديد الضيق وقرأ عمر وابن عباس ضيقا حرجا وروي أن عمر أحضر أعرابيا من كنانة من بني مدلج فقال له ما الحرجة فقال شجرة لا تصل إليها وحشية ولا راعية فقال كذلك قلب الكافر لا يصل إليه شيء من الإيمان والخير). [معاني القرآن: 2/ 486]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {كأنما يصعد في السماء} وقرأ ابن محيص وابن كثير وشبل (كأنما يصعد في السماء) وقرأ ابن عبد الرحمن المقرئ وإبراهيم النخعي (كأنما يصاعد).
وروي عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ (كأنما يتصعد)، ومعنى هذه القراءة وقراءة من قرأ (يصعد) و(يصاعد) واحد، والمعنى فيها أن الكافر من ضيق صدره؛ كأنه يريد أن يصعد إلى السماء، وهو لا يقدر على ذلك، كأنه يستدعي ذلك.
ومن قرأ (يَصْعَدُ) فمعناه أنه من ضيق صدره كأنه في حال صعود قد كلفه.
وقال أبو عبيد: من هذا قول عمر ما تصعَّدَتني خطبة ما تصعَّدتني خطبة النكاح وقد أنكر هذا على أبي عبيد وقيل إنما هذا من الصعود وهي العقبة الشاقة، قال الله جل وعز: {سأرهقه صعودا}). [معاني القرآن: 2/ 486-488]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون} قال مجاهد: "الرجس" ما لا خير فيه.
وكذلك الرجس عند أهل اللغة هو النتن، فمعنى الآية والله أعلم: ويجعل اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة على الذين لا يؤمنون). [معاني القرآن: 2/ 488]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({ضيقا حرجا} الحرج: أشد الضيق). [ياقوتة الصراط: 225]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَشْرَحْ صَدْرَهُ} أي يفسحه.
(الحرج) الضيق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 79]

تفسير قوله تعالى: {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون} أي بينا). [معاني القرآن: 2/ 488]

تفسير قوله تعالى: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({لهم دار السّلام عند ربّهم} أي الجنة. ويقال: السلام اللّه ويقال: السلام السلامة). [تفسير غريب القرآن: 160]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {لهم دار السّلام عند ربّهم وهو وليّهم بما كانوا يعملون}
أي للمؤمنين دار السلام، وقال بعضهم: "السلام" اسم من أسماء اللّه، ودليله: {السّلام المؤمن المهيمن}.
ويجوز أن تكون سميت الجنة دار السلام؛ لأنها دار السلامة الدائمة التي لا تنقطع). [معاني القرآن: 2/ 290-291]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {لهم دار السلام عند ربهم} ويجوز أن يكون المعنى دار السلامة أي التي يسلم فيها من الآفات ويجوز أن يكون المعنى دار الله جل وعز وهو السلام). [معاني القرآن: 2/ 488]


رد مع اقتباس