عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 12 ذو القعدة 1439هـ/24-07-2018م, 05:23 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وانظر أن يعقوب عليه السلام قد توثق في هذه القصة، وأشهد الله تعالى، ووصى بنيه، وأخبر بعد ذلك بتوكله، فهذا توكل مع تسبب، وهو توكل جميع المؤمنين إلا من شذ في رفض السعي، وقنع بماء وبقل البرية ونحوه، فتلك غاية التوكل، وعليها بعض الأنبياء عليهم السلام، والشارعون منهم مثبتون سنن التسبب الجائز، وما تجاوز ذلك من الإلقاء باليد مختلف في جوازه، وقد فضله بعض المجيزين له، ولا أقول بذلك، وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 5/117]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (68)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون (68) ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون}
روي أنه لما ودعوا أباهم قال لهم: "بلغوا ملك مصر سلامي، وقولوا له: إن أبانا يصلي عليك، ويدعو لك ويشكر صنيعك معنا". وفي كتاب أبي منصور المهراني: أنه خاطبه بكتاب قرئ على يوسف فبكى.
وقوله: {ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها} بمثابة قوله: لم يكن في ذلك دفع قدر الله، بل كان أربا ليعقوب قضاه، وطيبا لنفسه تمسك به وأمر بحبسه، فجواب "لما" في معنى قوله: {ما كان يغني عنهم من الله من شيء}،
[المحرر الوجيز: 5/117]
و إلا حاجة استثناء ليس من الأول، والحاجة هي أن يكون طيب النفس بدخولهم من أبواب متفرقة خوف العين، قال مجاهد: الحاجة: خيفة العين، وقاله ابن إسحاق، وفي عبارتهما تجوز، ونظير هذا الفعل أن النبي صلى الله عليه وسلم سد كوة في قبر بحجر وقال: "إن هذا لا يغني شيئا ولكنه تطيب لنفس الحي".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وقوله -عندي-: {ما كان يغني عنهم من الله من شيء} معناه: ما يرد عنهم قدرا، لأنه لو قضي أن تصيبهم عين لأصابتهم مفترقين أو مجتمعين، وإنما طمع يعقوب أن تصادف وصيته قدر السلامة فوصى، وقضى -بذلك- حاجة نفسه في أن يتنعم برجائه أن تصادف وصيته القدر في سلامتهم.
ثم أثنى الله عز وجل على يعقوب بأنه لقن ما علمه الله من هذا المعنى، واندرج غير ذلك في العموم، وقال: إن أكثر الناس ليس كذلك، وقيل: معناه: إنه لعامل بما علمناه، قاله قتادة. وقال سفيان: من لا يعمل لا يكون عالما.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا لا يعطيه اللفظ، أما إنه صحيح في نفسه فيرجحه المعنى وما تقتضيه منزلة يعقوب عليه السلام، قال أبو حاتم: قرأ الأعمش: "لذو علم لما علمناه". ويحتمل أن يكون جواب "لما" في هذه الآية محذوفا مقدرا، ثم يخبر عن دخولهم أنه ما كان يغني الآية). [المحرر الوجيز: 5/118]

رد مع اقتباس