الموضوع: تجويد القرآن
عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 17 شوال 1435هـ/13-08-2014م, 10:48 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

غرائب الإمالة
كلام السخاوى: {...وقال في إمالة (يس): ومما يحسن ذلك أنهم قالوا: يا زيد، في النداء، فأمالوا الياء وإن كان حرفا على حرفين...}
قَالَ عَلَمُ الدِّينِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت: 643هـ) : (روي عن قنبل عن ابن كثير وابن ذكوان ترقيق اللام من {الم}، قال ابن ذكوان: كذلك اللام في كل القرآن. وقال أبو بكر عن قنبل: وكذلك {الر}، و{المر} و{المص}.
وقال أحمد بن جبير في مختصره عن سليم عن حمزة إنه كان يقرأ {الم} يفخم اللام ويملأ بها الفم تفخيما حسنا ولا يغلظ التفخيم. وكذلك حكي عن الكسائي عن أبي بكر عن عاصم أنه كان يغلظ التفخيم في كل القرآن.
قال أبو طاهر بن أبي هاشم: قرأت على أبي بكر وأبي عثمان بترقيق هذه اللام، وكل لام مشددة قبلها كسرة أو ياء، ولم أغلظ من اللامات المشددات إلا اللام التي في اسم الله عز وجل إذا تقدم الاسم ضم أو فتح، فإذا تقدمه كسر كانت رقيقه. قال: وكذلك أقرأني أبو بكر عن أصحابه عن اليزيدي.
قال: وكذلك قرأت على الأشناني عن أصحابه عن حفص.
قال أبو طاهر: وقال الرازي عن الخياط عن الشموني عن الأعشى عن أبي بكر عن عاصم: {الم} لا يغلظ اللام. وقال ابن جبير عن اليزيدي عن أبي عمرو عن الكسائي عن إسماعيل بن جعفر عن نافع، وعن المسيبي عن نافع: كانا لا يبلغان باللفظ ما يبلغ به حمزة، قال: لأن مذهبهما الحدر إذا قرآ. وقال أحمد بن صالح عن قالون: {الم} اللام غير مفخمة.
وقال أحمد بن صالح عن قالون: {ذلك} الذال بين بين، وكذلك التاء من {الكتاب} وروى الشموني عن الأعشى عن أبي بكر عن عاصم {الكتاب} و{الحساب} و{بالعباد} بالإمالة، وهذه الإمالة من أجل الكسرة.
وأما إمالة {الم} فمثل إمالة {طس}، قال أبو علي في علة إمالة الفواتح: لأنها أسماء لما يلفظ به من الأصوات المنقطعة في مخارج الحروف كما كان "غاق" اسما لصوت الغراب، و"طيخ" اسما لصوت الضاحك، ولم يكن كالحروف التي تمتنع فيها الإمالة نحو "ما" و"لا" ونحوها من الحروف.
وقال في الراء: فإن قلت: هلا امتنعت الإمالة في "راء" لشبه الراء بالمستعلي. قيل: كما لم تمتنع الإمالة في خاف، وطاب، وضاق، ومع المستعلي لما أريد من طلب الكسرة في خفت، وطبت.
قال: فإن قلت: فإن الأسماء لا تكون على حرفين أحدهما حرف لين.
قيل: لا تمتنع ذلك في هذه الأسماء لأن التنوين لا يلحقها، فأمن أن تبقى على حرف واحد، ألا ترى أنهم قالوا شاة، فجاء على حرفين لما أمن لحاق التنوين باتصاله بعلامة التأنيث، ومثله قولهم: باه، فأبدلوا الألف من الهمزة وأرادوا الباءة كما أبدل في:

لا هناك المرتع
ثم حذف أحدهما لالتقاء الساكنين.
وأنشد محمد بن السري، عن أبي محمد اليزيدي:

فيا شر ملك ملك قيس بن عاصم = على أن قيسا لم يطأباه محرم
قال: ومثل ذلك ما حكي عن الكسائي أنه سمع: "اسقني شربة ما" بلفظ التي للاستفهام، هذا إذا وقف فإذا مضى قال: شربة ما يا هذا، إلا أن باه أحسن من "ما" لتكثرها بعلامة التأنيث، ووجهه أنه جعل الهمزة التي قلبت على غير قياس في حكم المخففة على القياس، وحذف لالتقاء الساكنين، فلحق التنوين الباقية فحذفت كما حذفت في عصا ورحا، قال: ومن ذلك قولهم: أيش كان، أي شيء؟ فخفف وألقيت الكسرة على الياء فأسكنت للاستثقال ثم حذفت لالتقائها مع التنوين، فإذا وقفت قلت: ايش، فأسكنت. ومن قال: برجلي فأبدل من التنوين الياء قال: ايشي، وقالوا: رأيت رجلا ذا مال لاتصال المضاف إليه به، وكذلك: فازيد.
(وقال) فإن قلت: هلا استدللت بجواز الإمالة في نحو راء وباء على أن الألف منقلبة عن ياء، كما استدللت بذلك في ألف ذا. قيل: لا يجوز ذلك، لأن هذه أسماء للأصوات، والأصوات لا تشتق كما لا تشتق الحروف، فأما "ذا" فمن الأسماء المظهرة، ألا ترى أنه قد وصف ووصف به، وحقر في قولهم: مررت بذا الرجيل، ويريد ذا وذيا، فصار بمنزلة سائر الأسماء الظاهرة، وجاز الاستدلال على ألفه كغيره من الأسماء.
وقال في إمالة (يس): ومما يحسن ذلك أنهم قالوا: يا زيد، في النداء، فأمالوا الياء وإن كان حرفا على حرفين، والحروف التي على حرفين لا تمال، فإذا كانوا قد أمالوا ما لا يمال من الحروف لأجل الياء فأن يميلوا الاسم الذي هو "يا" من {يس} أجدر، ألا ترى أنها أسماء لما يلفظ به.
وقد تفرد أبو عبد الرحمن قتيبة بن مهران عن الكسائي بإمالة أشياء لم يوافقه عليها غيره، وكذلك تفرد نصير عنه بأمرين: أحدهما أنه أمال أشياء لم يوافقه على إمالتها غيره. والثاني: أن إمالته عنه بين بين، إلا أن أبا عمرو قد قال: إن إمالة الكسائي دون إمالة حمزة. فمما تفرد به قتيبة إمالة اسم الله عز وجل إذا دخل عليه لام الجر خاصة نحو {لله}، فإن دخل عليه غيرها لم يمل. قال أبو عمرو الداني رحمه الله: وذلك من أجل ما قد اكتنف من كسرة اللام في أوله وكسرة الهاء في آخره، وأن أصل ألفه الياء، إذ أصله "لاه" وكان "وليها"، فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا، وهو أحد قولي سيبويه في اسم الله عز وجل. قال: فإمالة لذلك ليكون العلاج بالصوت فيه من جهة واحدة فيخف النطق ويحسن
قال: وإنما خصه بالإمالة مع اللام دون غيرها من حروف الجر للمعنى الذي فضلتها فيه معه، وهو اختلاطها به في الخط دون حائل، ومماثلتها للام التي هي فاؤها المدغمة فيها في الخط والنطق. قال: فمن أجل هذه المناسبة التي بين اللام وبينه دون سائر حروف الجر كما ذكرته خصه بالإمالة معها دونها.
والذي ذكره أبو عمرو رحمه الله في اللام يبطل بالباء، فإن الاسم معها قد اكتنفه كسرتان، وقد اختلط الباء به خطأ دون حائل، إلا أن اللام باشرت الاسم والباء باشرت الألف وهي زائدة، على أن الاختلاط خطا ليس الموجب للإمالة. وأما مماثلتها اللام في اللفظ فليس ذلك مما يوجب الإمالة، لأن الموجب للإمالة إنما هو الكسرة لا اللام، وأجود من هذا أن يقال: إنما خص الإمالة باللام لأن دخولها عليه أكثر من دخول الباء.
وأمال {إنا لله} أعني فتحة النون من {إنا} إتباعا لإمالة اسم الله ولكسرة الهمزة قبلها، ودليل الإتباع أنه فتحها في قوله عز وجل: {وإنا إليه راجعون}.
وأمال ألف الجمع للكسرة بعدها والياء نحو {الساجدين} و{الراكعين}، {وما هم بخارجين} و {بخارج} {الغاوين} و{الغابرين}، ولم يعتبر حرف الاستعلاء لأنه قبل الألف، لأن الانحدار من الصعود مستحق. وفي قوله عز وجل: {وما هم بخارجين} ما قوى الإمالة على حرف الاستعلاء مع ما ذكرته، وهو الراء المكسورة بعد الألف، وكسرتها ككسرتين وبعدها كسرة أخرى وبعدها ياء، مع أن حرف الاستعلاء قبلها الباء مكسورة.
وكذلك أمال {القائمين}و{القاعدين}و{بخارج}و{قائما}و{القارعة}و{ذو انتقام}و{فقاتل}و{الميقات}و{من مقامك}و{الظالمين}و{ظالم} و{طائفة }و{طائفتان}و{قرطاس}و{طائف}و{الطارق}و{بطارد}و{بضارين}و{غير مضار}و{الصابرين}و{الصادقين}و{يا صالح} و{الصائمين}.
وأمال ألف {الكتاب} و{الحساب} و{بغير حساب} إذا كانت في موضع جر في جميع القرآن، وكذلك {للناس} ونحوه من أجل الكسرة بعد الألف.
ومما أماله للكسرة {بالوالدين} و{بوالديه} و{والد}.
وأمال {الجاهلون}و{لجاعلون}و{أنتم سامدون}و{فاعلين} و{خامدين}و{لاعبين}و{في المساجد}.
وقال أبو عمرو: أمال هذه الأحرف السبعة من قولنا {الجاهلون} إلى قولنا: {المساجد} بين بين.
وأمال: {آمنا} في "إبراهيم" و{في الأرحام}، {وأولو الأرحام} من أجل كسرة الميم في جميع القرآن، و{للرجال} و{للنساء} مجرورين في جميع القرآن لكسرة الراء والنون وجرة الإعراب.
وقال أبو عمرو: وفيهما بين بين.
وأمال {أو تسريح بإحسان} و{في المحراب}و{من المحرابو{لا يقطعون واديا}و{بالواد}و{في كل واد}و{على وادي النمل} وما كان من لفظه.
وأمال {منهما}و{من أطرافها}و{في الأصفاد}و{مآرب أخرى}و{من أساور}و{والباد}و{بإلحاد}و{وإن الله لهاد}و{الزانية والزاني}و{ولا مولود هو جاز}و{محاريب وتماثيل وجفان} و{من الأحزاب}و{ومن بيننا وبينك حجاب} من أجل كسرة الحاء.
و{أشداء على} بين بين من أجل كسرة الشين.
{فالجاريات يسرا}و{فنعم الماهدون} كلاهما بين بين أيضا.
وكذلك {بحسبان}و{دان}و{الأكمام}و{آن}و{عاتية}و{إما شاكرا} كل ذلك بين بين.
وأمال {فاكهين}و{فاكهة}و{الحواريون}و{بالقارعة} و{أمشاج} و{في جنة عالية}و{ليال عشر}و{رحلة الشتاء}و{من شر حاسد}.
ورويت عن شيخي أبي القاسم الشاطبي رحمه الله، عن ابن هذيل، عن أبي داود، عن أبي عمرو: ثنا فارس بن أحمد، ثنا عبد الله بن أحمد، ثنا إسماعيل بن شعيب قال: قال أحمد بن محمد بن سلمويه: سمعت أبا يعقوب إسحق بن محمد بن يحيى بن منك يقول: سمعت أبي يقول: سمعت عقيل بن يحيى الطهراني يقول: سمعت قتيبة يقول: قرأت على الكسائي، وقرأ علي الكسائي، قال أبو عمرو: وكان من أصحابه جليلا شارك الكسائي في عامة رجاله، وصحبه خمسين سنة، وروى عن رجال الكسائي، وأخذ قتيبة القراءة أيضا عرضا وسماعا عن سليمان بن مسلم بن جماز المدني.
قال أبو عمرو رحمه الله: وأمال قتيبة {مهما} للدلالة على أن "ما" اسم تام وليست بحرف، قال فقوله "مه" بمعنى اكفف، وما للشرط، كأنهم قالوا لموسى عليه السلام مه، ما تأتنا به من آية، فـ (تأتنا) جزم بـ (ما) التي للشرط، وعلامة الجزم حذف الياء، وقوله: {فما نحن لك بمؤمنين} جواب الشرط،
ووصلت " مه" بـ "ما" في الخط فكتبتا "مهما" حرفا واحدا، فـ "مه" اسم للفعل، و"ما" اسم للشرط، فلذلك وصلا في الخط كما يوصل غيرهما من الأسماء في الخط، نحو ثلاثمائة، وأربعمائة، وكلهم، وكلهن، ورامهرمز، قال: وكذلك كتبوا في المصاحف {أينما يوجهه} في نظائره، وكذا ما وصلوا فيها من الحروف بالأسماء نحو {عم يتساءلون} و{مم خلق} و{فيم أنت} وشبهه. قال: وهذا هو الصحيح في هذه الكلمة.
قال: وأما قول من قال من النحويين: إن الأصل في (مهما) "ماما"، وأن ما "الأولى" للشرط، و"ما الثانية" هي التي تزاد توكيدا للشرط في نحو قوله تعالى: {وإما تعرضن} و{أينما تكونوا} ولكن أبدل من الألف الأولى الهاء ليختلف اللفظ، فليس ما قاله بمستقيم من خمسة أوجه:
أحدهما: أن اللفظ والخط بخلافه إذ الهاء بينهما لا الألف.
قلت: قول ضعيف من أبي عمرو رحمه الله، لأنهم قالوا: كان الأصل "ماما" ثم قلبوا ألف "ما" الأولى هاء، ولو كانت بينهما الألف لكان هو اللفظ الذي فروا منه.
قال أبو عمرووالثاني: أنه عدول عن النطق الذي قد أمرنا بالتمسك به وألزمنا اتباعه من غير ضرورة تدعو إلى خلافه، إذ المعنى مستقيم على ما ذكرناه فيه.
قال: ويزيده بيانا قوله تعالى: {جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم}.
قال بعض المفسرين في قوله تعالى: {فردوا أيديهم في أفواههم} إنهم قالوا لهم اسكتوا، أفلا ترى إلى قرب اسكتوا من اكفف التي هي بمعنى مه.
وقول أبي عمرو إنه عدول عن النطق الذي أمرنا به وألزمنا إياه – أضعف من قوله السابق، لأنه لم يؤمر بأن يقول: ماما، وإنما قيل له: كان الأصل ذلك، ولا يقال لمن قال: كان أصل استقام: استقوم، إن هذا عدول عن لفظ استقام.
فإن قيل: أراد أبو عمرو أن تقديره الذي قدره أولى من تقدير غيره، لأنه تقدير مع بقاء اللفظ على ما هو عليه، وتقدير غيره إخراج له عن ذلك فلا يؤاخذ بتقصير العبارة. قيل: لو صح له ما قدره كان ذلك، ولكن هذه اللفظة قد استعملتها العرب في مواضع لا يصح فيها " مه" أي اكفف، كما قال زهير:
فلا تكتمن الله ما في صدوركم = ليخفى، ومهما يكتم الله يعلم
وكقوله:

ومهما تكن عند امرئ من خليقة = ولو خالها تخفى على الناس تعلم
ثم قال أبو عمرو والثالث: أنه إخلال بالمعنى، قال: لأن حمل كل واحدة من الكلمتين على فائدة مجردة قائمة بنفسها كما بيناه أولى من حمل إحداهما على الزيادة للتأكيد.
والجواب عن هذا أنا قد بينا أن حمل مهما على "مه" بمعنى اكفف، و"ما" على الشرط لا يصح كما ذكرناه في شعر زهير، ويقال له: وفي حملها على ما ذكرته إخلال بمعنى التأكيد، إذ هما كلمتان لهما فائدتان: الأولى مجردة للشرط، والثانية مجردة للتأكيد. فليس الحمل على ما ذكر لو صح الحمل عليه بأولى من الحمل على ما ذكره الخليل رحمه الله.
ثم قال والرابع: أن الكوفيين حكوا مهمن في مهما. قال: فكما أن من في: مهمن اسم وليست بحرف زائد للتأكيد، كذلك تكون "ما" في "مهما".
والجواب أن هذه الرواية إن صحت فهي دليل على قول الخليل رحمه الله، لأن ما للشرط زيدت عليها "من" الشرطية للتأكيد، ألا ترى أنك تقول: مهما تصل فاذكرني في صلاتك، ولو قلت: مهمن تصل فاذكرني في صلاتك على أن تجعل من للشرط، ومه بمعنى اكفف لم يصح ذلك، فدل على أنها زائدة للتأكيد، وكذلك في شعر زهير:
ومهما يكن عند امرئ من خليقة = ........................
أو قلت: مهمن يكن عند امرئ من خليقة، أي: اكفف، من يكن عند امرئ من خليقة، لم يجز، وهذا واضح.
ثم قال أبو عمرو والخامس: أن القراء قد أمالت (ما) هذه كما روى قتيبة عن الكسائي. قال ولا شك أنه سمع الإمالة فيها من القراء والعرب، فلذلك قرأ بها واستعملها، فعلم بذلك أنها اسم لا حرف، إذ الإمالة فيما كان من الأسماء والأفعال جائزة حسنة، كما قدمناه، فلما كانت هاهنا ليست بمشابهة لاسم ولا فعل وجازت الإمالة لألفها على قول من تقوم به الحجة، دل ذلك على أنها اسم لا محالة، وسقط قول من يخالفنا بدعوى مجردة لا دليل عليها ولا شاهد من نص أو قياس.
والجواب: أما قوله: لا شك أنه – يعني الكسائي سمع الإمالة من القراء والعرب، فلذلك قرأ بها واستعملها، فهذا إيذان منه بأن القراءة راجعة إلى الرأي والقياس وإلى ما يجوز في العربية دون الآثار المروية، وليس ذلك بصحيح. وأما قوله: إن صحة الإمالة فيها دليل على الاسمية، فليس كذلك، فقد جاءت إمالة الحرف، وقد روى نصير عن الكسائي رحمه الله إمالة (حتى)، وقرئ (بلى) بالإمالة.
وأما نصير فإنه روى عن الكسائي أنه أمال {فراشا} و{بناء} بين بين للكسرة، وهكذا إمالته بين بين في جميع ما أماله. وحكى أبو عبيد أن إمالة الكسائي كذلك وأنها دون إمالة حمزة، وكذلك أمال {الدماء} وما كان من لفظه حيث وقع. وأمال الهاء كذلك في نحو {وقثائها وفومها وعدسها وبصلها} و{في أمها} و{من تحتها} و{من فوقها} و{من أبوابها} و{في جيدها} وشبه ذلك مما قبل الهاء فيه كسرة.
وأمال {الناس} في موضع الخفض، و{تراءت الفئتان} و{تراءى الجمعان} ويقرأ {تراءى} أي إذا وقف بإمالة الألف التي رجعت في الوقف مع ما أماله في الوصل من أجلها.
وأمال النون والألف في قوله عز وجل: {إنا لله} خاصة، وفتحها في {وإنا إليه}. والإمالة من أجل كسرة الهمزة، والفتح على الأصل. و{من قطران} لكسرة الطاء والنون، و{رحلة الشتاء} كذلك من أجل الكسرة والجرة، و{إن شانئك} من أجل كسرة النون، و{الخناس} من أجل كسرة السين.
واحتج أبو عمرو لإمالة (حتى) من وجهين:
أحدهما: أن الألف وقعت رابعة وهو موضع يختص بالياء فلذلك أميلت، قال: ألا ترى أن كل ألف وقعت رابعة فصاعدا من أي جنس كانت فإنها تكتب بالياء ويجوز فيها الإمالة، قال: فلذلك أمالها على التشبيه بما قد أميلت ألفه الواقعة في هذا الموضع من الأسماء والأفعال، ومن أجل ذلك كتبت بالياء أيضا.
والثاني: أنه شبهها بألف شتى من حيث كانت آخر الكلمة ولم تكن بدلا من ياء، فلذلك أميلت وكتبت بالياء على التشبيه بألف هذا الاسم المقصور، ألا ترى أن من كلامهم أن يحملوا الشيء على حكم الشيء إذا أشبهه في بعض معانيه ووجوهه.
قلت: شتى جمع شتيت، كمريض ومرضى، قال الله عز وجل: {وقلوبهم شتى} أي متفرقة مختلفة، وقال عز وجل: {إن سعيكم لشتى} والسعي بمعنى المساعي). [جمال القراء:2/498 -520](م)
كلام السخاوى: {
... قال أبو عمرو: فلذلك نحا بالفتحة نحو الكسرة فمالت الألف التي بعدها نحو الياء، ولا بد في الألف الممالة من هذا...}
قَالَ عَلَمُ الدِّينِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت: 643هـ): ( ... قال أبو عمرو: فلذلك نحا بالفتحة نحو الكسرة فمالت الألف التي بعدها نحو الياء، ولا بد في الألف الممالة من هذا، وذلك أنها صوت لا معتمد لها في الفم، فلا تكون أبدا إلا تابعة للحركة التي قبلها تدبرها، فلذلك إذا أريد تقريبها من الياء بالإمالة تخفيفا وتسهيلا لزم أن تقرب الفتحة التي قبلها من الكسرة، إذ الكسرة من الياء فتقوى بذلك على إمالة الألف بعدها.
قال: والفتح على ضربين:
فتح شديد، وفتح متوسط:
فالفتح الشديد: هو نهاية فتح القارئ لفيه بلفظ الحرف الذي يأتي بعد ألف، ويسمى أيضا التفحيم، والقراء يعدلون عنه ولا يستعملونه، وأكثر ما يوجد في ألفاظ أهل خراسان ومن قرب منهم، لأن طباعهم في العجمة جرت عليه، فاستعملوه كذلك في اللغة العربية، وهو في القراءة مكروه معيب. قلت: قوله: هو نهاية فتح القارئ لفيه بلفظ الحرف الذي يأتي بعده ألف – لو أبدل لفظه القارئ بالمتكلم كان أشد.).[جمال القراء:2/498 -520](م)

رد مع اقتباس