الموضوع: تجويد القرآن
عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 17 شوال 1435هـ/13-08-2014م, 10:24 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

باب الإدغام
كلام السخاوى: {...ومعنى الإدغام أن تصل حرفا ساكنا بحرف متحرك مماثل له يرتفع العضو عنهما ارتفاعة واحدة...}
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (يقال: أدغمت الفرس اللجام: إذا أدخلته في فيه. قال أهل العربية: ومنه أخذ إدغام الحروف، يقال: أدغمت الحرف وادغمته، والادغام افتعال من ذلك، ويقال أيضا: دغمهم الحر بفتح الغين وكسرها: أي غشيهم، والأحسن أن يكون مأخوذا من هذا، وقد قيل: إنه مأخوذ منه. ومعنى الإدغام أن تصل حرفا ساكنا بحرف متحرك مماثل له يرتفع العضو عنهما ارتفاعة واحدة، وإنما قلت "العضو" ولم أقل اللسان كما قال غيري، لأن مثل ثوب بكر لا يقال فيهما: ارتفع اللسان عنهما ارتفاعة واحدة.
فإن قيل: هل دخل الحرف الذي أسكنته في الثاني؟ قلت: ذاك محال أن يدخل حرف في حرف، فإن قيل: فإذا لم يصح دخوله فيه وهو ساكن إلى جنبه فكذلك كان قبل الإدغام فما الفرق بين حال الإدغام والإظهار؟ قلت: يرتفع العضو في حال الإظهار ارتفاعتين وفي حال الإدغام ارتفاعة واحدة. والدليل على ما قلته من كون الأول ساكنا أن كل حرف مشدد في تقطيع العروض حرفان الأول ساكن، وتقول: (بسقطللوى بيند دخول فحومل).
فإن قلت: فلم أسكنوا الأول؟ قلت: لو لم يسكنوه لفصلت الحركة بينهما فلم تحصل الدفعة الواحدة.
وقد كره إدغام أبي عمرو قوم وعابوه، وقالوا: إن ذلك تغيير لحروف القرآن ويؤدى إلى زوال معاني كلماته، وأنه لا أصل له ولا أثر يؤيده، إنما هو شيء تفرد به أبو عمرو، وكذلك عابوا من الإدغام مالم يتفرد به أبو عمرو، قال عاصم: قرأت يوما على أبي عبد الرحمن السلمي حتي تحول من مجلس القرآن إلى حلقة فيها نفر من الصحابة، وكان إذا فرغ من مجلس الإقراء يجلس إليهم وفيهم زر بن حبيش، وشقيق بن سلمة، والمسيب، وكان يجالسهم يزيد بن الحكم الثقفي، فقلت: إن أهل المجلس يدغمون حروفا كثيرة ويقولون: ذلك جائز في الكلام، فذكرت {هل ترى} وقلت: يقولون (هترى) و{لبثت} فقلت: يقولون (لبت) وأشباه ذلك فأعظموا ذلك جميعا، ثم قال أبو عبد الرحمن: قاتلهم الله، أخذوا هذا من قول الشعر، فإن الشاعر يدغم وينقص من الحروف لئلا ينكسر عليه البيت.
وقال عاصم في هذا الحديث: فقلت في {ماهيه}: (ماهي) فقال أبو عبد الرحمن: ويحك! رأس آية، فلم نقصت؟ قال: وكان في ذلك منهم كلام، وذكرت له {يتسنه} فقلت: (يتسن) فهذا معنى قول أبي عبد الرحمن: يدغم وينقص.
وقال أبو العباس بن مسروق: وسمعت أبا حمدون المقرئ رحمه الله يقول: صليت ليلة فقرأت فأدغمت حرفا، فحملتني عيني فرأيت كأن نورا قد تلبب بي وهو يقول: بيني وبينك الله. فقلت: من أنت؟ قال: أنا الحرف الذي أدغمتني. قلت لا أعود، فانتبهت فما عدت أدغم حرفا. وكأن أبا عبد الرحمن والجماعة الذين ذكرهم عاصم لم يبلغهم الإدغام وترك هاء السكت في الوصل فأنكروا ذلك.
وأما أبو حمدون فكان من الأئمة الزهاد الفضلاء، وقد تقدم أنه أخذ القراءة عن الكسائي، وقرأ أيضا على يعقوب الحضرمي، وكان يعقوب لا يدغم دال (قد) وذال (إذ) ولا تاء التأنيث، ولا لام (هل) و(بل) فيجوز أن يكون أخذ ذلك من يعقوب، وكان الحرف الذي أدغمه من هذه الحروف، وكان في نفسه شيء من إدغام الكسائي لذلك، فرأى ذلك في منامه، أو يعني بقوله: فما عدت أدغم حرفا: في الصلاة، فقد كره بعض الأئمة الإدغام في الصلاة، مع أن القراءة المنقولة عنه الإدغام، وسأذكر ذلك فيما بعد إن شاء الله، ولا يشك في دينه وصلاحه.
قال أبو العباس بن مسروق – وكان من أصحاب أبي حمدون، وممن أخذ القراءة عنه: حدثني أبو حمدون المقرئ قال: كنت ليلة قائما أصلي وصاحب لي يقال له محمد الخياط قائم يصلي بحذائي على سطح، فحملتني عيني فرأيت كأن موسى بن عمران عليه السلام قد أهوى إليه بحربة ليطعنه بها، فأوجزت الصلاة وناديته، يا محمد، يامحمد، ويحك، مالك ولموسى بن عمران، قال: قرأت فبلغت إلى قوله عزوجل: {رب أرني أنظر إليك} فقلت: ما كان أجرأه، يقول لله عزوجل: {أرني أنظر إليك} قلت فإني قد رأيته يومئ إليك بالحربة ليطعنك بها.
وكان أبو حمدون يقصد المواضع التي ليس فيها أحد يقرئ الناس، فيقرئهم حتى إذا حفظوا انتقل إلى آخرين بهذا النعت، ذكر ذلك ابن المنادي أبو الحسن.
وأما قول من قال: إن الإدغام شيء انفرد به أبو عمرو وأنه غير مأثور، فليس كذلك، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في كلام له: ((ليس لهذا بعت)) بالإدغام. قال أبو عمرو الداني: هكذا رواه أئمتنا.
قال أبو عمرو: وروى سفيان بن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب، أن النبى صلى الله عليه وسلم قرأ: (( لتخت عليه أجرا)) مدغما، ساقطة الذال مكسور الخاء. وسمع ابن عباس يقرأ: (كم لبت قال لبت) و(هتري) بالإدغام. وروي الإدغام عن أبي الدرداء، والحسن، وعبد الله بن كثير، والأعمش وابن محيصن، وطلحة بن مصرف، وعيسى بن عمر، ومسلمة بن محارب. روى عيسى عن الحسن (فطبع على) بالإدغام، وروى عنه سليمان بن أرقم (شهر رمضان) وروى لي أبو القاسم شيخنا رحمه الله عن ابن هذيل، عن أبي داود عن أبي عمرو، حدثنا فارس بن أحمد المقرئ، ثنا عبد الله بن الحسين، ثنا أحمد بن موسى، عن مضر بن محمد، ثنا حامد بن يحيي البلخي عن الحسن بن محمد، عن شبل، عن عبد الله بن كثير رحمه الله أنه كان يدغم في الرفع، نحو {يشفع عنده}، و{يعلم ما}، وكل شيء كان في القرآن مرفوعا.
قال أبو عمرو: حدثنا خلف بن إبراهيم بن حمدان المقرئ، وذكر إسنادا له عن الأعمش أنه كان يدغم كل شيء في القرآن إذا التقي حرفان من جنس واحد، نحو: {إنه هو} و{يعلم ما}. و{يشفع عنده} و{نسبحك كثيرا} و{لا أبرح حتى}.
قال أبو عمرو: وحدثنا على بن الحسن الشافعي، ثنا الحسن بن رشيق، ثنا أحمد بن شعيب قال: قال لي أحمد بن نصر، ثنا مت بن عبد الرحمن، عن عيسى بن عمر الكوفي، عن طلحة اليماني {إنه هو التواب} يدغم هذه عند مثلها إذا التقيا في جميع القرآن.
قال أبو عمرو: وأخبرنا أحمد بن عمر القاضي، ثنا علي بن أحمد بن محمد بن سلامة، ثنا أبو عبد الرحمن، أخبرني أحمد بن نصر، ثنا مت عن عيسى، عن طلحة أنه قرأ {ليوسف في الأرض} و{إنك كادح}.
قال أبو عمرو: وحدثنا خلف بن حمدان المالكي المقرئ: ثنا أحمد بن محمد، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا القاسم بن سلام، ثنا حجاج بن محمد، ثنا عيسى بن مجاهد، ثنا هارون بن موسى عن ابن محيصن أنه كان يدغم كل شيء في القرآن من حرفين يلتقيان من جنس واحد، نحو {يعلم ما } و{إنه هو} و{يشفع عنده}و{لا أبرح حتى} و{نسبحك كثيرا} وشبهه.
قال: وحدثني فارس بن أحمد، ثنا عبد الله بن الحسين، ثنا أحمد بن موسى، ثنا نصر بن محمد، ثنا حامد بن يحيى، عن الحسن بن محمد، عن شبل ابن عباد، عن ابن محيصن أنه كان يدغم في الرفع نحو: {يشفع عنده}، و{يعلم ما} وكل شيء في القرآن إذا كان أول المثلين مرفوعا.
وروى أبو عمرو عن عيسى بن عمر أنه كانت قراءته: {نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا} بالإدغام.
قال: وحدثنا طاهر بن غلبون المقرئ، ثنا أبو بكر بن مجاهد قال: كان مسلمة بن محارب من علماء العربية، وكان يقرأ بالإدغام، بقراءة أبي عمرو، ويزيد حروفا لم يدغمها أبو عمرو.
قال: وأخبرني أبو الحسن شيخنا -يعني ابن غلبون- قال: ثنا عبد الله بن المبارك، ثنا جعفر بن سليمان، ثنا صالح بن زياد، عن اليزيدي، عن أبي عمرو أنه قال: الإدغام كلام العرب الذي يجري على ألسنتها ولا يحسنون غيره، وتصديق ذلك في كاتب الله عزوجل: {فهل من مدكر} و{اطيرنا} و{اثاقلتم} و{فمن اضطر}، وقبل كل شيء: {بسم الله الرحمن الرحيم}.
والإدغام لا ينقص من الكلام شيئا، إلا أنك إذا أدغمت شددت الحرف فلم تنقص منه شيئا، قال: والعرب إذا أرادت التخفيف أدغمت، فإذا كان الإدغام أثقل من الإتمام أتمت. ولا يحمل هذا الكلام من أبي عمرو على أنه أراد أن العرب لا تحسن الإظهار ألبتة، وإنما أراد أنها لا تحسنه في مثل {مدكر}، ونحو الراء من {الرحمن} والراء من {الرحيم}، وإذا كان الإدغام في كلامها واجبا فكيف يعاب الإدغام إذا كان جائزا؟ والإدغام والإظهار فيما يجوز إظهاره لغتان نزل بهما القرآن.).[جمال القراء:2/485 -497](م)
كلام السخاوى: {...ومخرج كل مدغم من مخرج المدغم فيه لا من مخرجه وذلك من حيث انقلب إلى لفظه...}
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): ( الكتاب التاسع منهاج التوفيق إلى معرفة التجويد والتحقيق
قال أبو عمرو: ومخرج كل مدغم من مخرج المدغم فيه لا من مخرجه وذلك من حيث انقلب إلى لفظه واعتمد اللسان عليه دونه.
قال: ومعنى الإدغام: إدخال شيء في شيء وتغييبه فيه، مأخوذ من قول العرب: أدغمت الفرس اللجام: إذا أدخلته في فيه. وقال بعض أهل اللغة: الدغم: التغطية، وقد أدغمه: إذا غطاه.).[جمال القراء:2/525- 543](م)
كلام السخاوى: {... وكل ما يصح في الإدغام الكبير لأبي عمرو إدغامه...}
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): ( الكتاب التاسع منهاج التوفيق إلى معرفة التجويد والتحقيق
... وكل ما يصح في الإدغام الكبير لأبي عمرو إدغامه، فواجب إظهاره لغيره والعناية بتبينه وإيضاحه.).[جمال القراء:2/525- 543](م)
أثر نافع: {...أنه أدغم النون الساكنة والتنوين عند الغين والخاء...}
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ) :
(وروى ابن سعدان عن المسيبي عن نافع أنه أدغم النون الساكنة والتنوين عند الغين والخاء، وروى أيضا – أعني ابن سعدان – عن اليزيدي عن أبي عمرو أنه أدغمها عند الخاء.).[جمال القراء:2/485 -497](م)

كلام السخاوى: {...فإن قلت: فما وجه إدغام التنوين والنون عند الغين والخاء فيما روي عن نافع، وعن أبي عمرو؟...}
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ):

فإن قلت: فما وجه إدغام التنوين والنون عند الغين والخاء فيما روي عن نافع، وعن أبي عمرو؟
قلت: الإدغام لغة بعض العرب، والبيان أشهر وأجود وأكثر، وإنما أخفاها بعض العرب عند الغين والخاء إجراء لهما مجرى القاف لأنهما من المخرج الثالث وهو أدنى مخارج الحلق إلى اللسان).[جمال القراء:2/485 -497](م)

رد مع اقتباس