عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 11:27 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {للّه ملك السّموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور (49) أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا إنّه عليمٌ قديرٌ}.
يقول تعالى ذكره: للّه سلطان السّماوات السّبع والأرض، يفعل في سلطانه ما يشاء، ويخلق ما يحبّ خلقه، يهب لمن يشاء من خلقه من الولد الإناث دون الذّكور، بأن يجعل كلّ ما حملت زوجته من حملٍ منه أنثى، {ويهب لمن يشاء الذّكور} يقول: ويهب لمن يشاء منهم الذّكور، بأن يجعل كلّ حملٍ حملته امرأته ذكرًا لا أنثى فيهم، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} يقول: أو يجعل له ذكرانًا وإناثًا؛ بأن يجعل حمل زوجته مرّةً ذكرًا ومرّةً أنثى، فذلك هو التّزويج، {ويجعل من يشاء عقيمًا} يقول: ويجعل من يشاء منهم لا لقاح له ولا ولد.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا صفوان بن عيسى، قال: حدّثنا عوفٌ، عن محمّد بن سيرين، عن عبيدة في قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور} قال: يهب لمن يشاء ذكورًا كلّها لا إناث فيهم، ويهب لمن يشاء إناثًا لا ذكور فيهم، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا} قال: عقيمًا لا يولد له.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا} يقول: لا يولد له إلاّ الجواري، {ويهب لمن يشاء الذّكور} يقول: لا يولد له إلاّ الغلمان، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا}: يولد له الجواري والغلمان فذلك تزويجهم.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحسن، في قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور (49) أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} قال: يهب لمن يشاء إناثًا فلا يكون له إلاّ أنثى، وولده كلّهم إناثٌ، {ويهب لمن يشاء الذّكور} فلا يكون له إلاّ ذكورٌ، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} يقول: يجمع لهم الذكران والإناث، فيهب لمن يشاء ذكرانًا وإناثًا، {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يولد له.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} قال: يخلط بينهم يقول: التّزويج: أن تلد المرأة غلامًا، ثمّ تلد جاريةً، ثمّ تلد غلامًا، ثمّ تلد جاريةً.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور} قادرٌ واللّه ربّنا على ذلك؛ أن يهب للرّجل ذكورًا ليست معهم أنثى، وأن يهب للرّجل إناثًا ليس معهم ذكورٌ، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} فيهب للرّجل ذكرانًا وإناثًا، فيجمعهم له جميعًا، {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يولد له.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور} ليست معهم إناثٌ {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} قال: يهب لهم إناثًا وذكرانًا، {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يولد له.
- حدّثني عليّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ويجعل من يشاء عقيمًا} يقول: لا يلقح.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يلد واحدًا ولا اثنين.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد اللّه قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا} يقول: ليس فيهنّ ذكرٌ {ويهب لمن يشاء الذّكور} ليس فيهم أنثى {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} تلد المرأة ذكرًا مرّةً وأنثى مرّةً {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يولد له.
وقال ابن زيدٍ في معنى قوله: {أو يزوّجهم} ما:
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ: في قوله: {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} قال: أو يجعل في الواحد ذكرًا وأنثى توأمًا، هذا قوله: {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا}.
وقوله: {إنّه عليمٌ قديرٌ} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه ذو علمٍ بما يخلق، وقدرةٍ على خلق ما يشاء، لا يعزب عنه علم شيءٍ من خلقه، ولا يعجزه شيءٍ أراد خلقه). [جامع البيان: 20/536-539]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 49 - 51.
أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم هبة الله {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور} فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها). [الدر المنثور: 13/176]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من بركة المرأة ابتكارها بالأنثى لأن الله قال: {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور} ). [الدر المنثور: 13/176-177]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور} قال: لا إناث معهم {أو يزوجهم ذكرانا وإناثا} قال: يولد له جارية وغلام {ويجعل من يشاء عقيما} لا يولد له). [الدر المنثور: 13/177]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك رضي الله عنه: {يهب لمن يشاء إناثا} قال: يكون الرجل لا يولد إلا الإناث، {ويهب لمن يشاء الذكور} قال: يكون الرجل لا يولد له إلا الذكور {أو يزوجهم ذكرانا وإناثا} قال: يكون الرجل يولد له الذكور والإناث {ويجعل من يشاء عقيما} قال: يكون الرجل لا يولد له). [الدر المنثور: 13/177-178]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبد الله بن الحرث بن عمير أن أبا بكر رضي الله عنه أصاب وليدة له سوداء فعزلها ثم باعها فانطلق بها سيدها حتى إذا كان في بعض الطريق أرادها فامتنعت منه فإذا هو براعي غنم فدعاه فراطنها فأخبرها أنه سيدها قالت: إني قد حملت من سيدي الذي كان قبل هذا وأنا في ديني أن لا يصيبني رجل في حمل من آخر فكتب سيدها إلى أبي بكر أو عمر فأخبره الخبر فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم بمكة فمكث النّبيّ صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من الغد وكان مجلسهم الحجر قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: جاءني جبريل في مجلسي هذا عن الله: أن أحدكم ليس بالخيار على الله إذا شجع ذلك المشجع ولكنه {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور} فاعترف بولدك فكتب بذلك فيها). [الدر المنثور: 13/178-179]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق عن غيلان عن أنس رضي الله عنه قال: ابتاع أبو بكر رضي الله عنه جارية أعجمية من رجل قد كان أصابها فحملت له فأراد أبو بكر رضي الله عنه أن يطأها فأبت عليه وأخبرت أنها حامل فرفع ذلك إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: إنها حفظت فحفظ الله لها إن أحدكم إذا شجع ذلك المشجع فليس بالخيار على الله فردها إلى صاحبها الذي باعها). [الدر المنثور: 13/179]

تفسير قوله تعالى: (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر والحسن في قوله أو يزوجهم ذكرانا وإناثا قال أو يجمع لهم الذكران والإناث). [تفسير عبد الرزاق: 2/193]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (ويذكر عن ابن عبّاسٍ، {عقيمًا} [الشورى: 50] : «الّتي لا تلد»). [صحيح البخاري: 6/129]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ويذكر عن ابن عبّاس عقيما الّتي لا تلد وصله ابن أبي حاتمٍ والطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس بلفظ ويجعل من يشاء عقيما قال لا يلقّح وذكره باللّفظ المعلّق بلفظ جويبر عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ وفيه ضعفٌ وانقطاعٌ فكأنّه لم يجزم به لذلك). [فتح الباري: 8/563]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (ويذكر عن ابن عبّاس عقيما لا تلد روحا من أمرنا القرآن وقال مجاهد يذرؤكم فيه نسل بعد نسل لا حجّة بيننا لا خصومة بيننا وبينكم طرف خفي ذليل فيظللن رواكد على ظهره يتحركن ولا يجرين في البحر
أما قول ابن عبّاس فقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله 50 الشورى {عقيما} لا تلقح). [تغليق التعليق: 4/304] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ويذكر عن ابن عبّاسٍ عقيماً الّتي لا تلد
أي: يذكر عن ابن عبّاس في قوله: {ويجعل من يشاء عقيماً} (الشورى: 50) المرأة الّتي لا تلد، وهذا ذكره جويبر عن الضّحّاك عن ابن عبّاس وكأن فيه ضعفا وانقطاعاً، فلذلك لم يجزم به فقال: ويذكر). [عمدة القاري: 19/156]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (ويذكر) بضم أوله وفتح ثالثه ولأبي ذر بسم الله الرحمن الرحيم قال البخاري: يذكر بإسقاط العاطف (عن ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم والطبري ({عقيمًا}) في قوله: {ويجعل من يشاء عقيمًا} [الشورى: 50] أي (لا تلد) ولأبي ذر التي لا تلد). [إرشاد الساري: 7/330]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله سبحانه: {يزوجهم ذكراناً وإناثاً} فالإناث أن يولد للذّكر ذكرٌ وأنثًى). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 91]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله: (العقيم) الّذي لا يولد له شيءٌ). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 91]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {للّه ملك السّموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور (49) أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا إنّه عليمٌ قديرٌ}.
يقول تعالى ذكره: للّه سلطان السّماوات السّبع والأرض، يفعل في سلطانه ما يشاء، ويخلق ما يحبّ خلقه، يهب لمن يشاء من خلقه من الولد الإناث دون الذّكور، بأن يجعل كلّ ما حملت زوجته من حملٍ منه أنثى، {ويهب لمن يشاء الذّكور} يقول: ويهب لمن يشاء منهم الذّكور، بأن يجعل كلّ حملٍ حملته امرأته ذكرًا لا أنثى فيهم، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} يقول: أو يجعل له ذكرانًا وإناثًا؛ بأن يجعل حمل زوجته مرّةً ذكرًا ومرّةً أنثى، فذلك هو التّزويج، {ويجعل من يشاء عقيمًا} يقول: ويجعل من يشاء منهم لا لقاح له ولا ولد.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا صفوان بن عيسى، قال: حدّثنا عوفٌ، عن محمّد بن سيرين، عن عبيدة في قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور} قال: يهب لمن يشاء ذكورًا كلّها لا إناث فيهم، ويهب لمن يشاء إناثًا لا ذكور فيهم، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا} قال: عقيمًا لا يولد له.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا} يقول: لا يولد له إلاّ الجواري، {ويهب لمن يشاء الذّكور} يقول: لا يولد له إلاّ الغلمان، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا}: يولد له الجواري والغلمان فذلك تزويجهم.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحسن، في قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور (49) أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} قال: يهب لمن يشاء إناثًا فلا يكون له إلاّ أنثى، وولده كلّهم إناثٌ، {ويهب لمن يشاء الذّكور} فلا يكون له إلاّ ذكورٌ، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} يقول: يجمع لهم الذكران والإناث، فيهب لمن يشاء ذكرانًا وإناثًا، {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يولد له.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} قال: يخلط بينهم يقول: التّزويج: أن تلد المرأة غلامًا، ثمّ تلد جاريةً، ثمّ تلد غلامًا، ثمّ تلد جاريةً.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور} قادرٌ واللّه ربّنا على ذلك؛ أن يهب للرّجل ذكورًا ليست معهم أنثى، وأن يهب للرّجل إناثًا ليس معهم ذكورٌ، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} فيهب للرّجل ذكرانًا وإناثًا، فيجمعهم له جميعًا، {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يولد له.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور} ليست معهم إناثٌ {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} قال: يهب لهم إناثًا وذكرانًا، {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يولد له.
- حدّثني عليّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ويجعل من يشاء عقيمًا} يقول: لا يلقح.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يلد واحدًا ولا اثنين.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد اللّه قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا} يقول: ليس فيهنّ ذكرٌ {ويهب لمن يشاء الذّكور} ليس فيهم أنثى {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} تلد المرأة ذكرًا مرّةً وأنثى مرّةً {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يولد له.
وقال ابن زيدٍ في معنى قوله: {أو يزوّجهم} ما:
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ: في قوله: {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} قال: أو يجعل في الواحد ذكرًا وأنثى توأمًا، هذا قوله: {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا}.
وقوله: {إنّه عليمٌ قديرٌ} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه ذو علمٍ بما يخلق، وقدرةٍ على خلق ما يشاء، لا يعزب عنه علم شيءٍ من خلقه، ولا يعجزه شيءٍ أراد خلقه). [جامع البيان: 20/536-539] (م)
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أو يزوجهم ذكرانا وإناثا يقول يخلط بينهم بالتزويج يقول تلد المرأة غلاما ثم تلد جارية ثم تلد غلاما ثم تلد جارية). [تفسير مجاهد: 577]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك رضي الله عنه: {يهب لمن يشاء إناثا} قال: يكون الرجل لا يولد إلا الإناث، {ويهب لمن يشاء الذكور} قال: يكون الرجل لا يولد له إلا الذكور {أو يزوجهم ذكرانا وإناثا} قال: يكون الرجل يولد له الذكور والإناث {ويجعل من يشاء عقيما} قال: يكون الرجل لا يولد له). [الدر المنثور: 13/177-178] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن محمد بن الحنفية: {أو يزوجهم ذكرانا وإناثا} قال: التوأم). [الدر المنثور: 13/178]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ويجعل من يشاء عقيما} قال: الذي لا يولد له ولد). [الدر المنثور: 13/178]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ويجعل من يشاء عقيما} قال: لا يلقح). [الدر المنثور: 13/178]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني الحارث بن نبهان، عن أيّوب، عن رجلٍ، عن مسروقٍ أو غيره، عن عائشة زوج النّبيّ قالت: من زعم أنّ محمّدًا رأى ربّه فقد أعظم على اللّه الفرية، وقال الله لمحمدٍ: {ما كان لبشرٍ أن يكلّمه اللّه إلا وحيًا}، حتّى ختم الآية، ومن زعم أنّ محمّدًا كتم شيئًا من الوحي فقد أعظم على الله الفرية، وقال الله: {يا أيها الرّسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك}، حتّى ختم الآية، ومن زعم أنّه يعلم ما في غدٍ، فقد أعظم على اللّه الفرية، وقال اللّه: {قل لا يعلم من في السّموات والأرض الغيب إلا اللّه وما يشعرون أيّان يبعثون}). [الجامع في علوم القرآن: 1/78-79]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عيسى بن مجاهدٍ {وما كان لبشرٍ أن يكلّمه اللّه إلّا وحيًا} قال: الوحي شيء يقذف في قلوبهم [الآية: 51]). [تفسير الثوري: 269]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عيسى عن مجاهدٍ {أو من وراء حجاب} قال: موسى صلّى اللّه عليه وسلم). [تفسير الثوري: 269]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عيسى عن مجاهدٍ {أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء} قال: جبريل إلى محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وإلى النّبيّين عليهم السلام). [تفسير الثوري: 269]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما كان لبشرٍ أن يكلّمه اللّه إلاّ وحيًا أو من وراء حجابٍ أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إنّه عليّ حكيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: وما ينبغي لبشرٍ من بني آدم أن يكلّمه ربّه إلاّ وحيًا يوحي اللّه إليه كيف شاء، إمّا إلهامًا، وإمّا غيره {أو من وراء حجابٍ} يقول: أو يكلّمه بحيث يسمع كلامه ولا يراه، كما كلّم موسى نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم {أو يرسل رسولاً} يقول: أو يرسل اللّه من ملائكته رسولاً، إمّا جبرائيل، وإمّا غيره {فيوحي بإذنه ما يشاء} يقول: فيوحي ذلك الرّسول إلى المرسل إليه بإذن ربّه ما يشاء، يعني: ما يشاء ربّه أن يوحيه إليه من أمرٍ ونهي، وغير ذلك من الرّسالة والوحي.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، في قوله عزّ وجلّ: {وما كان لبشرٍ أن يكلّمه اللّه إلاّ وحيًا} يوحي إليه {أو من وراء حجابٍ} موسى كلّمه اللّه من وراء حجابٍ، {أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء} قال: جبرائيل يأتي بالوحي.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {أو يرسل رسولاً فيوحي}، فقرأته عامّة قرأة الأمصار: {فيوحي} بنصب الياء عطفًا على {يرسل}، ونصبوا {يرسل} عطفًا بها على موضع الوحي ومعناه، لأنّ معناه وما كان لبشرٍ أن يكلّمه اللّه إلاّ أن يوحي إليه أو يرسل إليه رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء، وقرأ ذلك نافعٌ المدنيّ (فيوحي) بإرسال الياء بمعنى الرّفع عطفًا به على (يرسل)، وبرفع (يرسل) على الابتداء.
وقوله: {إنّه عليّ حكيمٌ} يقول تعالى ذكره إنّه يعني نفسه جلّ ثناؤه: ذو علوٍّ على كلّ شيءٍ وارتفاعٍ عليه، واقتدارٍ {حكيمٌ}: يقول: ذو حكمةٍ في تدبيره خلقه). [جامع البيان: 20/540-541]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج بن أبي حاتم عن ابن عباس: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا) الآية. قال: إلا أن يبعث ملكا يوحي إليه من عنده أو يلهمه فيقذف في قلبه، أو يكلمه من وراء حجاب). [الدر المنثور: 13/179-180]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا) . قال: ينفث في قلبه (أو من وراء حجاب) قال: موسى (أو يرسل رسولا) قال: جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم وأشباهه من الأنبياء). [الدر المنثور: 13/180]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن يونس بن يزيد رضي الله عنه قال: سمعت الزهري رضي الله عنه سئل عن قول الله {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا} الآية قال: نزلت هذه الآية تعم من أوحى الله إليه من النبيين فالكلام كلام الله الذي كلم به موسى من وراء حجاب والوحي ما يوحي الله به إلى نبي من أنبيائه فيثبت الله ما أراد من وحيه في قلب النّبيّ فيتكلم به النّبيّ ويعيه وهو كلام الله ووحيه ومنه ما يكون بين الله ورسله لا يكلم به أحدا من الأنبياء ولكنه سر غيب بين الله ورسله ومنه ما يتكلم به الأنبياء عليهم السلام ولا يكتبونه لأحد ولا يأمرون بكتابته ولكنهم يحدثون به الناس حديثا ويبينون لهم أن الله أمرهم أن يبينوه للناس ويبلغوهم ومن الوحي ما يرسل الله به من يشاء من اصطفى من ملائكته فيكلمون أنبياءه ومن الوحي ما يرسل به إلى من يشاء فيوحون به وحيا في قلوب من يشاء من رسله). [الدر المنثور: 13/180-181]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي عن عائشة: أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي قال: أحيانا يأتيني الملك في مثل صلصلة الجرس فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال وهو أشده علي وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول قالت عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم وأن جبينه ليتفصد عرقا). [الدر المنثور: 13/181]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو يعلى والعقيلي والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات وضعفه عن سهل بن سعد وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دون الله سبعون ألف حجاب من نور وظلمة ما يسمع من نفس من حس تلك الحجب إلا زهقت نفسه). [الدر المنثور: 13/181]

تفسير قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى روحا من أمرنا قال رحمة من عندنا). [تفسير عبد الرزاق: 2/193]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم قال لكل قوم هاد). [تفسير عبد الرزاق: 2/193]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عيسى عن مجاهدٍ {وإنّك لتهدي إلى صراط مستقيم} قال: تدعو [الآية: 52]). [تفسير الثوري: 269]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {روحًا من أمرنا} [الشورى: 52] : «القرآن»). [صحيح البخاري: 6/129]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله روحا من أمرنا القرآن وصله ابن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ بهذا وروى الطّبريّ من طريق السّدّيّ قال في قوله روحا من أمرنا قال وحيًا ومن طريق قتادة عن الحسن في قوله روحا من أمرنا قال رحمةً). [فتح الباري: 8/563]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (ويذكر عن ابن عبّاس عقيما لا تلد روحا من أمرنا القرآن وقال مجاهد يذرؤكم فيه نسل بعد نسل لا حجّة بيننا لا خصومة بيننا وبينكم طرف خفي ذليل فيظللن رواكد على ظهره يتحركن ولا يجرين في البحر
أما قول ابن عبّاس فقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله 50 الشورى {عقيما} لا تلقح
وبه في قوله 52 الشورى {روحا من أمرنا} قال القرآن). [تغليق التعليق: 4/304]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (روحاً من أمرنا: القرآن
أشار به إلى قوله تعالى: {وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا} (الشورى: 52) وفسّر الرّوح بالقرآن، وهكذا رواه ابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، وعن السّديّ: وحيا، وعن الحسن: رحمة). [عمدة القاري: 19/156]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({روحًا من أمرنا}) [الشورى: 52] قال ابن عباس فيما رواه ابن أبي حاتم هو (القرآن) لأن القلوب تحيا به). [إرشاد الساري: 7/330]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورًا نّهدي به من نّشاء من عبادنا وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مّستقيمٍ (52) صراط اللّه الّذي له ما في السّموات وما في الأرض ألا إلى اللّه تصير الأمور}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا} وكما كنّا نوحي إلى سائر رسلنا، كذلك أوحينا إليك يا محمّد هذا القرآن، روحًا من أمرنا: يقول: وحيًا ورحمةً من أمرنا.
واختلف أهل التّأويل في معنى الرّوح في هذا الموضع، فقال بعضهم: عنى به الرّحمة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، عن الحسن، في قوله: {روحًا من أمرنا} قال: رحمةً من أمرنا.
وقال آخرون: معناه: وحيًا من أمرنا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، في قوله: {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا} قال: وحيًا من أمرنا.
وقد بيّنّا معنى الرّوح فيما مضى بذكر اختلاف أهل التّأويل فيها بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله: {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} يقول جلّ ثناؤه لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ما كنت تدري يا محمّد أيّ شيءٍ الكتاب ولا الإيمان اللّذين أعطيناكهما {ولكن جعلناه نورًا} يقول: ولكن جعلنا هذا القرآن، وهو الكتاب نورًا، يعني ضياءً للنّاسٍ، يستضيئون بضوئه الّذي بيّن اللّه فيه، وهو بيانه الّذي بيّن فيه ممّا لهم، في العمل به الرّشاد، ومن النّار النّجاة {نهدي به من نشاء من عبادنا} يقول: نهدي بهذا القرآن، فالهاء في قوله به من ذكر الكتاب.
ويعني بقوله: {نهدي به من نشاء} نسدّد إلى سبيل الصّواب، وذلك الإيمان باللّه {من نشاء من عبادنا} يقول: نهدي به من نشاء هدايته إلى الطّريق المستقيم من عبادنا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} يعني محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم {ولكن جعلناه نورًا نهدي به من نشاء من عبادنا} يعني بالقرآن.
وقال جلّ ثناؤه {ولكن جعلناه} فوحّد الهاء، وقد ذكر قبل الكتاب والإيمان، لأنّه قصد به الخبر عن الكتاب وقال بعضهم: عنى به الإيمان والكتاب، ولكن وحّد الهاء، لأنّ أسماء الأفعال يجمع جميعها الفعل، كما يقال: إقبالك وإدبارك يعجبني، فيوحّدهما وهما اثنان.
وقوله: {وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وإنّك يا محمّد لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ عبادنا، بالدّعاء إلى اللّه، والبيان لهم.
- كما حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ} قال تبارك وتعالى {ولكلّ قومٍ هادٍ} داعٍ يدعوهم إلى اللّه تعالى ذكره.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ} قال: لكلّ قومٍ هادٍ.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ} يقول: تدعو إلى دينٍ مستقيمٍ). [جامع البيان: 20/541-544]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا الحسن بن عليّ بن عفّان العامريّ، ثنا يحيى بن فضيلٍ، ثنا الحسن بن صالح بن صالح بن حيٍّ، عن عبد اللّه بن محمّد بن عقيلٍ، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، {وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ} [الشورى: 52] قال: «الصّراط المستقيم هو الإسلام وهو أوسع ما بين السّماء والأرض» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/484]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكرٍ الشّافعيّ، ثنا إسحاق بن الحسن، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن منصورٍ، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، في قوله عزّ وجلّ {وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ} [الشورى: 52] قال: «كتاب اللّه»). [المستدرك: 2/485]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 52 - 53.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا} قال: القرآن). [الدر المنثور: 13/181]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم في الدلائل، وابن عساكر عن علي رضي الله عنه قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: هل عبدت وثنا قط قال: لا قالوا: فهل شربت خمرا قط قال: لا وما زلت أعرف الذي هم عليه كفر (وما كنت أدري ما الكتاب ولا الإيمان) وبذلك نزل القرآن (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان) ). [الدر المنثور: 13/181-182]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {وإنك لتهدي} قال: لتدعو). [الدر المنثور: 13/182]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} قال: قال الله (ولكل قوم هاد) (يوسف 7) قال: داع يدعو إلى الله تعالى). [الدر المنثور: 13/182]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} قال: تدعو). [الدر المنثور: 13/182]

تفسير قوله تعالى: (صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {صراط اللّه الّذي له ما في السّموات وما في الأرض} يقول جلّ ثناؤه: وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ، وهو الإسلام، طريق اللّه الّذي دعا إليه عباده، الّذي لهم ملك جميع ما في السّموات وما في الأرض، لا شريك له في ذلك والصّراط الثّاني: ترجمةٌ عن الصّراط الأوّل.
وقوله: {ألا إلى اللّه تصير الأمور} يقول جلّ ثناؤه: ألا إلى اللّه أيّها النّاس تصير أموركم في الآخرة، فيقضي بينكم بالعدل.
فإن قال قائلٌ: أوليست أمورهم في الدّنيا إليه؟
قيل: هي وإن كان إليه تدبير جميع ذلك، فإنّ لهم حكّامًا وولاةً ينظرون بينهم، وليس لهم يوم القيامة حاكمٌ ولا سلطانٌ غيره، فلذلك قيل: إليه تصير الأمور هنالك، وإن كانت الأمور كلّها إليه وبيده قضاؤها وتدبيرها في كلّ حالٍ). [جامع البيان: 20/544]


رد مع اقتباس