عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 2 ذو الحجة 1435هـ/26-09-2014م, 08:12 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ الّذين يحادّون اللّه ورسوله أولئك في الأذلّين (20) كتب اللّه لأغلبنّ أنا ورسلي إنّ اللّه قويٌّ عزيزٌ (21) لا تجد قومًا يؤمنون باللّه واليوم الآخر يوادّون من حادّ اللّه ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيّدهم بروحٍ منه ويدخلهم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي اللّه عنهم ورضوا عنه أولئك حزب اللّه ألا إنّ حزب اللّه هم المفلحون (22)}
يقول تعالى مخبرًا عن الكفّار المعاندين المحادّين للّه ورسوله، يعني: الّذين هم في حدٍّ والشّرع في حدٍّ، أي: مجانبون للحقّ مشاقّون له، هم في ناحيةٍ والهدى في ناحيةٍ، {أولئك في الأذلّين} أي: في الأشقياء المبعدين المطرودين عن الصّواب، الأذلّين في الدّنيا والآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 53]

تفسير قوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({كتب اللّه لأغلبنّ أنا ورسلي} أي: قد حكم وكتب في كتابه الأوّل وقدره الّذي لا يخالف ولا يمانع، ولا يبدّل، بأنّ النّصرة له ولكتابه ورسله وعباده المؤمنين في الدنيا والآخرة، وأن العاقبةللمتّقين، كما قال تعالى: {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظّالمين معذرتهم ولهم اللّعنة ولهم سوء الدّار} [غافرٍ: 51، 52] وقال ها هنا {كتب اللّه لأغلبنّ أنا ورسلي إنّ اللّه قويٌّ عزيزٌ} أي: كتب القويّ العزيز أنّه الغالب لأعدائه. وهذا قدرٌ محكمٌ وأمرٌ مبرمٌ، أنّ العاقبة والنّصرة للمؤمنين في الدّنيا والآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 53-54]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {لا تجد قومًا يؤمنون باللّه واليوم الآخر يوادّون من حادّ اللّه ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم} أي: لا يوادّون المحادّين ولو كانوا من الأقربين، كما قال تعالى: {لا يتّخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من اللّه في شيءٍ إلا أن تتّقوا منهم تقاةً ويحذّركم اللّه نفسه} [آل عمران: 28] الآية، وقال تعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبّ إليكم من اللّه ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربّصوا حتّى يأتي اللّه بأمره واللّه لا يهدي القوم الفاسقين} [التّوبة: 24]
وقد قال سعيد بن عبد العزيز وغيره: أنزلت هذه الآية {لا تجد قومًا يؤمنون باللّه واليوم الآخر} إلى آخرها في أبي عبيدة عامر بن عبد اللّه بن الجرّاح، حين قتل أباه يوم بدرٍ؛ ولهذا قال عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، حين جعل الأمر شورى بعده في أولئك السّتّة، رضي اللّه عنهم: "ولو كان أبو عبيدة حيًّا لاستخلفته".
وقيل في قوله: {ولو كانوا آباءهم} نزلت في أبي عبيدة قتل أباه يوم بدرٍ {أو أبناءهم} في الصّدّيق، همّ يومئذٍ بقتل ابنه عبد الرّحمن، {أو إخوانهم} في مصعب بن عميرٍ، قتل أخاه عبيد بن عميرٍ يومئذٍ {أو عشيرتهم} في عمر، قتل قريبًا له يومئذٍ أيضًا، وفي حمزة وعليٍّ وعبيدة بن الحارث، قتلوا عتبة وشيبة والوليد بن عتبة يومئذٍ، واللّه أعلم.
قلت: ومن هذا القبيل حين استشار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المسلمين في أسارى بدرٍ، فأشار الصّدّيق بأن يفادوا، فيكون ما يؤخذ منهم قوّةً للمسلمين، وهم بنو العمّ والعشيرة، ولعلّ اللّه أن يهديهم. وقال عمر: لا أرى ما رأى يا رسول اللّه، هل تمكّنّي من فلانٍ-قريبٍ لعمر-فأقتله، وتمكّن عليًّا من عقيلٍ، وتمكّن فلانًا من فلانٍ، ليعلم اللّه أنّه ليست في قلوبنا هوادةٌ للمشركين = القصّة بكاملها.
وقوله: {أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيّدهم بروحٍ منه} أي: من اتّصف بأنّه لا يوادّ من حاد اللّه ورسوله ولو كان أباه أو أخاه، فهذا ممّن كتب اللّه في قلبه الإيمان، أي: كتب له السّعادة وقرّرها في قلبه وزين الإيمان في بصيرته.
وقال السّدّيّ: {كتب في قلوبهم الإيمان} جعل في قلوبهم الإيمان.
وقال ابن عبّاسٍ: {وأيّدهم بروحٍ منه} أي: قوّاهم.
وقوله: {ويدخلهم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي اللّه عنهم ورضوا عنه} كلّ هذا تقدّم تفسيره غير مرّةٍ.
وفي قوله: {رضي اللّه عنهم ورضوا عنه} سرٌّ بديعٌ، وهو أنّه لمّا سخطوا على القرائب والعشائر في اللّه عوّضهم اللّه بالرّضا عنهم، وأرضاهم عنه بما أعطاهم من النّعيم المقيم، والفوز العظيم، والفضل العميم.
وقوله: {أولئك حزب اللّه ألا إنّ حزب اللّه هم المفلحون} أي: هؤلاء حزب اللّه، أي: عباد اللّه وأهل كرامته.
وقوله: {ألا إنّ حزب اللّه هم المفلحون} تنويهٌ بفلاحهم وسعادتهم ونصرهم في الدّنيا والآخرة، في مقابلة ما أخبر عن أولئك بأنّهم حزب الشّيطان. ثمّ قال: {ألا إنّ حزب الشّيطان هم الخاسرون}
وقد قال بن أبي حاتمٍ: حدّثنا هارون بن حميدٍ الواسطيّ، حدّثنا الفضل بن عنبسة، عن رجلٍ قد سمّاه-يقال هو عبد الحميد بن سليمان، انقطع من كتابي-عن الذيّال بن عبّادٍ قال: كتب أبو حازمٍ الأعرج إلى الزّهريّ: اعلم أنّ الجاه جاهان، جاهٌ يجريه اللّه على أيدي أوليائه لأوليائه، وأنّهم الخامل ذكرهم، الخفيّة شخوصهم، ولقد جاءت صفتهم على لسان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم. "إن اللّه يحبّ الأخفياء الأتقياء الأبرياء، الّذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا حضروا لم يدعوا، قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كلّ فتنةٍ سوداء مظلمةٍ" فهؤلاء أولياء اللّه تعالى الّذين قال اللّه: {أولئك حزب اللّه ألا إنّ حزب اللّه هم المفلحون}
وقال نعيم بن حمّاد: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن يونس، عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "اللّهمّ، لا تجعل لفاجرٍ ولا لفاسقٍ عندي يدًا ولا نعمةً، فإنّي وجدت فيما أوحيته إليّ: {لا تجد قومًا يؤمنون باللّه واليوم الآخر يوادّون من حادّ اللّه ورسوله} قال سفيان: يرون أنّها نزلت فيمن يخالط السّلطان. ورواه أبو أحمد العسكريّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 54-55]


رد مع اقتباس