عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 05:45 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 110 إلى آخر السورة]

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111) فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113) وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115) فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120) وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (122) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولو لا كلمةٌ سبقت من ربّك} أي نظرة لهم إلى يوم الدين.
{لقضي بينهم} في الدنيا). [تفسير غريب القرآن: 210]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولولا كلمة سبقت من ربك}
أي بالتأخير إلى يوم القيامة لقضي بينهم يعني في الدنيا). [معاني القرآن: 3/385]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإنّ كلاًّ لّمّا ليوفّينّهم...}
قرأت القراء بتشديد (لمّا) وتخفيفها وتشديد إن وتخفيفها، فمن قال {وإنّ كلاّ لما} جعل (ما) اسماً للناس كما قال {فانكحوا ما طاب لكم من النّساء} ثم جعل اللام التي فيها جواباً لإنّ، وجعل اللام التي في (ليوفّينّهم) لا ما دخلت على نيّة يمين فيها: فيما بين ما وصلتها؛ كما تقول هذا من ليذهبنّ، وعندي ما لغيره خير منه.
ومثله {وإنّ منكم لمن ليبطّئن} وأمّا من شدّد (لمّا) فإنه - والله أعلم - أراد: لمن ما ليوفّينّهم، فلمّا اجتمعت ثلاث ميمات حذف واحدة فبقيت اثنتان فأدغمت في صاحبتها؛ كما قال الشاعر:

وإني لممّا أصدر الأمر وجهه=إذا هو أعيا بالسبيل مصادره
ثم يخفّف كما قرأ بعض القراء (والبغي يعظكم) بحذف الياء (عند الياء) أنشدني الكسائيّ:
وأشمتّ العداة بنا فأضحوا =لديّ تباشرون بما لقينا
معناه (لديّ) يتباشرون فحذف لاجتماع الياءات ومثله:
كأنّ من آخرها القادم =مخرم نجدٍ فارع المخارم
أراد: إلى القادم فحذف اللام عند اللام. وأمّا من جعل (لمّا) بمنزلة إلاّ فإنه وجه لا نعرفه وقد قالت العرب: بالله لمّا قمت عنا، وإلاّ قمت عنا، فأمّا في الاستثناء فلم يقولوه في شعر ولا غيره؛ ألا ترى أنّ ذلك لو جاز لسمعت في الكلام: ذهب الناس لمّا زيدا.
وأمّا الذين خفّفوا (إن) فإنهم نصبوا كلا (ليوفّينّهم). وقالوا: كأنّا قلنا: وإن ليوفّينّهم كلاّ. وهو وجه لا أشتهيه. لأن اللام إنما يقع الفعل الذي بعدها على شيء قبله فلو رفعت كلّ لصلح ذلك كما يصلح أن تقول: إن زيد لقائم ولا يصلح أن تقول: إن زيداً لأضرب لأن تأويلها كقولك: ما زيداً إلاّ أضرب فهذا خطأ في إلاّ وفي اللام.
وقرأ الزهريّ (وإنّ كلاًّ لمًّا ليوفّينّهم) ينوّنها فجعل اللمّ شديداً كما قال {وتأكلون التراث أكلا لمّاً} فيكون في الكلام بمنزلة قولك: وانّ كلا حقّا ليوفينّهم، وإن كلا شديدا ليوفينّهم. وإذا عجّلت العرب باللام في غير موضعها أعادوها إليه كقولك: إنّ زيدا لإليك لمحسن، كان موقع اللام في المحسن، فلمّا أدخلت في إليك أعيدت في المحسن ومثله قول الشاعر:
ولو أنّ قومي لم يكونوا أعزّة =لبعد لقد لاقيت لا بدّ مصرعا
أدخلها في (بعد) وليس بموضعها ومثله قول أبي الجرّاح: إني لبحمد الله لصالح). [معاني القرآن: 2/30-28]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وإنّ كلاًّ لّمّا ليوفّينّهم ربّك أعمالهم إنّه بما يعملون خبيرٌ}
وقال: {وأنّ كلاًّ} ثقيلة وقال أهل المدينة (وإن كلاًّ) خففوا (إن) وأعملوها كما تعلم "لم يك" وقد خففتها من "يكن" {لّمّا ليوفّينّهم ربّك أعمالهم} فاللام التي مع (ما) هي اللام التي تدخل بعد "أن" واللام الآخرة للقسم). [معاني القرآن: 2/47-46]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإنّ كلّا لمّا ليوفّينّهم ربّك أعمالهم إنّه بما يعملون خبير}
قرئت بتشديد النون وتخفيفها، وقرئت " لما " بتخفيف الميم ولمّا بتشديدها.
فأمّا تشديد " إنّ " والنصب فعلى باب إنّ، وأما تخفيفها وترك النصب على حاله فلأن " إنّ " مشبهة بالفعل فإذا حذف منها التشديد بقي العمل على حاله، وأما تخفيف " لما " فهو الوجه والقياس.
ولام لمّا لام إن و " ما " زائدة مؤكدة. لم تغيّر المعنى ولا العمل.
وأمّا التشديد في " لمّا " فزعم بعض النحويين أن معناه " لمن ما " ثم انقلبت النون ميما فاجتمع ثلاث ميمات فحذفت إحداها - وهي الوسطى، فبقيت لمّا - وهذا القول ليس بشيء لأن " من " لا يجوز حذفها، لأنها اسم على حرفين، ولكن التشديد فيه قولان:
أحدهما يروى عن المازني.
زعم المازني أن أصلها لما ثم شددت الميم.
وهذا القول ليس بشيء أيضا. لأن الحروف نحو " ربّ " وما أشبهها تخفف.
ولسنا نثقل ما كان على حرفين فهذا منتقض.
وقال بعضهم قولا لا يجوز غيره - واللّه أعلم - أن " لمّا " في معنى:
إلا.. كما تقول سألتك لمّا فعلت كذا وكذا.
وإلّا فعلت كذا. ومثله: {إن كل نفس لمّا عليها حافظ}.
معناه " إلا " وتأويل اللام مع " إن " الخفيفة إنما هو تأويل الجحد والتحقيق، إلا أن " إن " إذا قلت إن زيدا لعالم هي " ما " ولكن اللام دخلت عليها لئلا يشبه المنفي المثبت فتكون المشددة بدخول اللام عليها بمعنى المخففة إذا دخلت عليها اللام.
فعلى هذا جاءت " أن " الناصبة.
فجائز أن تكون " أنّ " الناصبة من حيث دخلت عليها اللام كما دخلت على إن غير الناصبة دخلت عليها " لمّا " ودخلت عليها " إلا " فصار الكلام في تخليص التحقيق له بمنزلة ما نفى عنه غير المذكور بعد " لما "، ووجب له ما بعد " لمّا "
فتقول على هذا الحد إن كلهم لمّا يحبّني - معناه يؤول إلى معنى ما كلهم إلا يحبّني، وكذلك يجوز إن كلّا لما يحبّني، بحذاء إن كلّا لما يحبّني، فدخلت " لمّا " محققة كما دخلت اللام محققة وصار تأويل الجملة تأويل المنفي والمحقق.
وحكى سيبويه وجميع البصريين أن " لمّا " تستعمل بمعنى إلا.
ويجوز إن كلا لمّا ليوفينهم، معناه وأن كلّا ليوفينهم جمعا.
لأن معنى اللّمّ الجمع يقال لممت الشيء ألمه لمّا إذا جمعته.
فأمّا قولهم: لمّ اللّه شعثك، فتأويله جمع اللّه لك ما يذهب شعثك). [معاني القرآن: 3/82-80]

تفسير قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنّه بما تعملون بصيرٌ}
وقال: {ولا تطغوا} من "طغوت" "تطغا" مثل "محوت" "تمحا"). [معاني القرآن: 2/47]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فاستقم كما أمرت} أي امض على ما أمرت به). [تفسير غريب القرآن: 210]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا تركنوا إلى الّذين ظلموا} أي لا تعدلوا ولا تنزعوا إليهم ولا تميلوا، ويقال: ركنت إلى قولك أي أردته وأحبيته وقبلته،
ومجاز ظلموا ها هنا كفروا). [مجاز القرآن: 1/300]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ولا تركنوا إلى الّذين ظلموا فتمسّكم النّار وما لكم مّن دون اللّه من أولياء ثمّ لا تنصرون}
وقال: {ولا تركنوا} لأنها من "ركن" "يركن" وإن شئت قلت "ولا تركنوا" وجعلتها من "ركن" "يركن"). [معاني القرآن: 2/47]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل ذكره: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}
قال عكرمة أي تودوهم وتطيعوهم). [معاني القرآن: 3/385]

تفسير قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {زلفاً مّن اللّيل...}
بضمّ اللام تجعله واحداً مثل الحلم. والزلف جمع زلفة وزلف وهي قراءة العامّة وهي ساعة من الليل ومعناه: طرفي النهار وصلاة الليل المفروضة: المغرب والعشاء وصلاة الفجر،
وطرفي النهار: والعصر). [معاني القرآن: 2/30]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وزلفاً من الليل} أي ساعاتٍ وواحدتها زلفة، أي ساعة ومنزلة وقربة، ومنها سميت المزدلفة،
قال العجّاج:
ناجٍ طواه الأين ممن وجفا= طيّ اللّيالي زلفا فزلفا
سماوة الهلال حتى أحقوقفا
سماوته: شخصه وسماوة الرجل شخصه، ووقع، طيّ على ضمير فعلٍ للمطى فيصير به فاعلاً). [مجاز القرآن: 1/300]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وأقم الصّلاة طرفي النّهار وزلفاً مّن اللّيل إنّ الحسنات يذهبن السّيّئات ذلك ذكرى للذّاكرين}
وقال: {طرفي النّهار} فحّرك الياء لأنها ساكنة لقيها حرف ساكن لأن أكثر ما يحرّك الساكن بالكسر نحو {صاحبي السّجّن}.
وقال: {وزلفاً مّن اللّيل} لأنها جماعة تقول "زلفة" و"زلفاتٌ" و"زلف"). [معاني القرآن: 2/47]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {زلفا من الليل}:ساعة بعد ساعة وقال أريد به المغرب والعشاء وقالوا طرفي النهار: الفجر والعصر وبه سميت المزدلفة.
والزلفة منزلة بعد منزلة). [غريب القرآن وتفسيره: 179]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وزلفاً من اللّيل} أي ساعة بعد ساعة. واحدتها زلفة. ومنه يقال: أزلفني كذا عندك، أي أدناني.
والمزدلف: المنازل والدّرج.
وكذلك الزّلف. قال العجّاج.
طيّ الليالي زلفا فزلفا سماوة الهلال حتّى احقوقفا). [تفسير غريب القرآن: 210]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {وأقم الصّلاة طرفي النّهار وزلفا من اللّيل إنّ الحسنات يذهبن السّيّئات ذلك ذكرى للذّاكرين}
فطرفا النهار غدوّه وعشيه، وصلاة طرفي النهار الغداة والظهر والعصر.
{وزلفا من اللّيل}.
ويجوز وزلفا من الليل - بضم الزاي واللام - وهو منصوب على الظرف كما تقول حيّنا طرفي النهار وأول الليل - ومعنى {زلفا من اللّيل} الصلاة القريبة من أول الليل، وزلفا جمع زلفة، يعنى بالزلف من الليل المغرب وعشاء الآخرة.
{إنّ الحسنات يذهبن السّيّئات} أي إن هذه الصلوات تكفر ما بينها من الذنوب.
وهذا يصدّق ما في الخبر من تكفير الصّلوات الذنوب.
والزلف واحد مثل الحلم. وجائز أن يكون جمعا - على زليف من الليل فيكون مثل القريب والقرب، ولكن الزّلف أجود في الجمع.
وما علمت أنّ زليفا يستعمل في الليل). [معاني القرآن: 3/82]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل}
قال الحسن طرفا النهار الصبح والعصر وزلفا من الليل المغرب والعشاء قال النبي صلى الله عليه وسلم هما زلفتا الليل
وروى سفيان عن منصور عن مجاهد قال طرفا النهار الصبح والظهر والعصر وزلفا من الليل العشاء والعتمة
وروى حجاج عن ابن جريج عن مجاهد وزلفا من الليل قال ساعة من الليل إلى العتمة
وقول مجاهد الأول أحسن لأنه يجتمع به الصلوات الخمس
ولأن ابن عباس قال في قوله تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات} يعني الصلوات الخمس
وروى علقمة والأسود عن عبد الله أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني وجدت امرأة في بستان فقبلتها والتزمتها ونلت منها كل شيء إلا الجماع فافعل في ما شئت فأنزل الله جل وعز: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} فقال معاذ بن جبل يا رسول الله أخاص له أم عام للناس فقال بل عام والمعروف من قراءة مجاهد وزلفى بضم الزاي وبحرف التأنيث
وقرأ ابن محيصن بهذه القراءة إلا أنه نون في الإدراج ويقرأ وزلفا من الليل وهو واحد مثل الحلم والقراءة المشهورة وزلفا وأنشد سيبويه:
طي الليالي زلفا فزلفا = سماوة الهلال حتى احقوقفا
وهو جمع زلفة وهو ساعة تقرب من أخرى ومنه الزلفة ومنه سميت مزدلفة لأنها منزلة تقرب من عرفة). [معاني القرآن: 3/387-385]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْل} قال: الزلف: الساعات، واحدها: زلفة،
وقال قوم: الزلفة: أول ساعة من الليل بعد مغيب الشمس). [ياقوتة الصراط: 271]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وزلفا من الليل}، أي ساعة بعد ساعة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 109]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {طَرَفَيِ النَّهَارِ}: الفجر والعصر). [العمدة في غريب القرآن: 158]

تفسير قوله تعالى: {وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115)}

تفسير قوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقيّةٍ ينهون...}
يقول لم يكن منهم أحد كذلك إلاّ قليلا أي هؤلاء كانوا ينهون فنجوا. وهو استثناء على الانقطاع ممّا قبله كما قال عزّ وجل: {إلاّ قوم يونس} ولو كان رفعاً كان صواباً.
وقوله:{واتّبع الّذين ظلموا ما أترفوا فيه} بقول: اتّبعوا في دنياهم ما عوّدوا من النعيم وإيثار اللذّات على أمر الآخرة.
ويقال: اتّبعوا ذنوبهم وأعمالهم السّيّئة إلى النار). [معاني القرآن: 2/31-30]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقيّةٍ} مجازه: فهلا كان من القرون الذين من قبلكم ذووا بقية، أي يبقون {وينهون عن الفساد في الأرض إلاّ قليلاً مّمن أنجينا منهم} منصوب لأنه استثناء من هؤلاء القرون وهم ممن أنجينا، ومجازه: مجاز المختصر الذي فيه ضمير فلولا كان من القرون الذين كانوا من قبلكم.
{ما أترفوا فيه} أي ما تجبّروا وتكبروا عن أمر الله وصدوا عنه وكفروا، قال:
تهدى رؤوس المترفين الصّدّاد= إلى أمير المؤمنين الممتاد
الممتاد من ماد يميد). [مجاز القرآن: 1/301-300]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فلولا كان من القرون}: فهلا كان من القرون.
{ما أترفوا فيه}: ما أهلكوا فيه فعدلوا وتحيروا. والمترفون المتكبرون). [غريب القرآن وتفسيره: 179]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فلولا كان من القرون من قبلكم} أي فهلا.
{أولوا بقيّةٍ} أي أولوا بقيّة من دين. يقال: [قوم] لهم بقية وفيهم بقيّة. إذا كانت بهم مسكة وفيهم خير.
{واتّبع الّذين ظلموا ما أترفوا فيه} ما أعطوا من الأموال، أي آثروه واتبعوه ففتنوا به). [تفسير غريب القرآن: 211-210]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (لولا ولوما
لولا تكون في بعض الأحوال بمعنى: هلّا وذلك إذا رأيتها بغير جواب، تقول: لولا فعلت كذا تريد هلّا، فعلت كذا، قال الله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ} {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ}{فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} أي فهلا. وقال: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ}.
وقال الشاعر:
تَعُدُّونَ عَقْرَ النِّيبِ أَفْضَلَ مَجْدِكُمْ = بَنِي ضَوْطَرَى لَوْلا الكَمِيَّ المقنَّعَا
أي: فهّلا تعدُّونَ الكميَّ.
وكذلك (لوما)، قال: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ} أي هلّا تأتينا). [تأويل مشكل القرآن: 541-540] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقيّة ينهون عن الفساد في الأرض إلّا قليلا ممّن أنجينا منهم واتّبع الّذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين}
{أولو بقيّة} معناه أولو تمييز، ويجوز أن يكون معناه " أولو " طاعة.
ومعنى البقية إذا قلت فلان في بقيّة، معناه فيه فضل فيما يمدح به.
{إلّا قليلا ممّن أنجينا منهم} استثناء منقطع، المعنى لكنّ قليلا ممّن أنجينا منهم ممن نهى عن الفساد.
{واتّبع الّذين ظلموا ما أترفوا فيه} معناه اتبعوا الشيء الذي به تدوم لهم الترفه والنعيم، وركنوا إلى الدنيا فلم يقبلوا ما ينقص ترفتهم في كسب أو عمل). [معاني القرآن: 3/83]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية}
قيل أولوا طاعة
وقيل أولو تمييز
وقيل أولو حظ من الله جل وعز
وقوله جل وعز: {واتبع الذين ظلموا ما أترفو فيه}
قال مجاهد من تملكهم وتجبرهم وتركهم الحق). [معاني القرآن: 3/388-387]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ما أترفوا فيه} ما أعطوا من الأموال أي آثروه واتبعوه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 109]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أُتْرِفُواْ}: تنعموا). [العمدة في غريب القرآن: 158]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما كان ربّك ليهلك القرى بظلمٍ وأهلها مصلحون...}.
يقول: لم يكن ليهلكهم وهم مصلحون فيكون ذلك ظلماً. ويقال: لم يكن ليهلكهم وهم يتعاطون الحقّ فيما بينهم وإن كانوا مشركين والظلم الشرك). [معاني القرآن: 2/31]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما كان ربّك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون}
يجوز أن يكون وما كان ربّك ليهلك أحدا وهو يظلمه - كما قال: {إنّ اللّه لا يظلم النّاس شيئا}. وجائز أن يكون معناه: وما كان ربك ليهلك القرى - ومعناه أهل القرى -
بظلم وأهلها يتعاطون فيما بينهم بالنصفة). [معاني القرآن: 3/83]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا يزالون مختلفين...}
يقول: {لا يزالون} يعني أهل الباطل {إلاّ من رحم ربّك} أهل الحقّ (ولذلك خلقهم) يقول: للشقاء وللسعادة.
ويقال: {ولا يزالون مختلفين إلاّ من رحم ربّك ولذلك خلقهم}: للاختلاف والرحمة). [معاني القرآن: 2/31]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا يزالون مختلفين} في دينهم). [تفسير غريب القرآن: 211]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولو شاء ربّك لجعل النّاس أمّة واحدة ولا يزالون مختلفين}
أي لو شاء لجمعهم على هدايته، كما قال - عز وجل -:{ولو شاء اللّه لجمعهم على الهدى} ). [معاني القرآن: 3/83]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة}أي على دين واحد). [معاني القرآن: 3/388]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ( {إلاّ من رحم ربّك} أهل الحقّ (ولذلك خلقهم) يقول: للشقاء وللسعادة.
ويقال: {ولا يزالون مختلفين إلاّ من رحم ربّك ولذلك خلقهم}: للاختلاف والرحمة). [معاني القرآن: 2/31] (م)
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وتمّت كلمة ربّك لأملأنّ جهنّم...}
صار قوله عزّ وجلّ: {وتمّت كلمة ربّك} يمينا كما تقول: حلفي لأضربنّك، وبدا لي لأضربنّك. وكلّ فعل كان تأويله كتأويل بلغني، وقيل لي، وانتهى إليّ، فإن اللام وأن تصلحان فيه. فتقول: قد بدا لي لأضربنّك، وبدا لي أن أضربك. فلو كان: وتمّت كلمة ربك أن يملأ جهنم كان صواباً وكذلك {ثمّ بدالهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه} ولو كان أن يسجنوه كان صواباً.
وقال: {وجاءك في هذه الحقّ...}
في هذه السورة). [معاني القرآن: 2/31]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إلّا من رحم ربّك} فإن دينهم واحد لا يختلفون.
{ولذلك خلقهم} يعني لرحمته خلق الذين لا يختلفون في دينهم.
وقد ذهب قوم إلى أنه للاختلاف خلقهم اللّه. واللّه أعلم بما أراد). [تفسير غريب القرآن: 211]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولا يزالون مختلفين* إلّا من رحم ربّك ولذلك خلقهم وتمّت كلمة ربّك لأملأنّ جهنّم من الجنّة والنّاس أجمعين}
" من " استثناء، على معنى: لكن من رحم ربك فإنه غير مخالف.
وقوله: {ولذلك خلقهم} أي خلقهم للسعادة والشقاء، فاختلافهم في الدّين يؤدي بهم إلى سعادة أو شقاء.
وقيل: ولذلك خلقهم أي لرحمته خلقهم، لقوله {إلّا من رحم ربّك}.
والقول الأول يدل عليه.
{وتمّت كلمة ربّك لأملأنّ جهنّم من الجنّة والنّاس أجمعين}.
{لأملأنّ} لفظ القسم، أي فتمّ قوله (لأملأنّ جهنّم) ). [معاني القرآن: 3/84-83]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم}
قال أبو جعفر وهذه الآية من المشكل وقد قيل فيها أقوال
روى عبد الكريم الجزري عن مجاهد أنه قال وللرحمة خلقهم
وكذلك قال قتادة
وروي عن الحسن فيها أقوال
منها أنه قال وللاختلاف خلقهم
ومنها أنه يقال وللرحمة خلقهم
ومنها أنه قال خلقهم للجنة والنار والشقاء والسعادة
وقيل هذا القول الذي عليه أهل السنة وهو أبينها وأجمعها
والذي رواه عبد الكريم عن مجاهد ليس بناقض له لأنه قد بينه حجاج في روايته عن ابن جريج عن مجاهد أنه قال في قول الله جل وعز: {ولا يزالون مختلفين}
قال أهل الباطل {إلا من رحم ربك} قال أهل الحق ولذلك خلقهم قال للرحمة خلق أهل الجنة
قال أبو جعفر فهذا قول بين مفسر
ومن قال أيضا خلقهم للاختلاف فليس بناقض لهذا لأنه يذهب إلى أن المعنى وخلق أهل الباطل للاختلاف
وأبينها قول الحسن الذي ذكرناه ويكون المعنى ولا يزال أهل الباطل مختلفين في دينهم إلا من رحم الله وأهل الإسلام لا يختلفون في دينهم ولذلك خلق أهل السعادة للسعادة وأهل الشقاء للشقاء وبين هذا قوله جل وعز: {وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين}
وقيل التقدير ينهون عن الفساد في الأرض ولذلك خلقهم). [معاني القرآن: 3/390-388]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ولذلك خلقهم} يعني من رحم، للرحمة خلقهم، وهم الذين لا يختلفون في دينهم. وقيل: للاختلاف خلقهم، والله أعلم.
وقيل: ليملأ جهنم من الجنة والناس أجمعين خلقهم، وهو مروي عن مالك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 109]

تفسير قوله تعالى: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وتمّت كلمة ربّك لأملأنّ جهنّم...}
صار قوله عزّ وجلّ: {وتمّت كلمة ربّك} يمينا كما تقول: حلفي لأضربنّك، وبدا لي لأضربنّك. وكلّ فعل كان تأويله كتأويل بلغني، وقيل لي، وانتهى إليّ، فإن اللام وأن تصلحان فيه. فتقول: قد بدا لي لأضربنّك، وبدا لي أن أضربك. فلو كان: وتمّت كلمة ربك أن يملأ جهنم كان صواباً وكذلك {ثمّ بدالهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه} ولو كان أن يسجنوه كان صواباً.
وقال: {وجاءك في هذه الحقّ...} في هذه السورة). [معاني القرآن: 2/31] (م)
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وكلاًّ نّقصّ عليك من أنباء الرّسل ما نثبّت به فؤادك وجاءك في هذه الحقّ وموعظةٌ وذكرى للمؤمنين}
وقال: {وكلاًّ نّقصّ عليك من أنباء الرّسل} على "نقص" {ما نثبّت به فؤادك} (كلاّ) ). [معاني القرآن: 2/47]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وجاءك في هذه الحقّ} أي في هذه السورة). [تفسير غريب القرآن: 211]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وكلّا نقصّ عليك من أنباء الرّسل ما نثبّت به فؤادك وجاءك في هذه الحقّ وموعظة وذكرى للمؤمنين}
(كلّا) منصوب بـ (نقصّ)، المعنى وكل الذي يحتاج إليه من أنباء الرسل نقص عليك.
و " ما " منصوبة بدل من كل.
المعنى: نقص عليك ما نثبت به فؤادك.
ومعنى تثبيت الفؤاد تسكين القلب، وهو ههنا ليس للشك، ولكن كلما كان الدلالة والبرهان أكثر كان القلب أثبت كما قال إبراهيم:
{ولكن ليطمئنّ قلبي}.
{وجاءك في هذه الحقّ وموعظة وذكرى للمؤمنين}.
يجوز أن يكون وجاءك في هذه السّورة، لأن فيها أقاصيص الأنبياء ومواعظ وذكر ما في الجنّة والنّار.
ويجوز أن يكون قوله: {وجاءك في هذه الحقّ}.
أي في ذكري هذه الآيات التي ذكرت قبل هذا الموضع.
أي جاءك الحق في أن الخلق يجازون بأنصبائهم في قوله: {وإنّا لموفّوهم نصيبهم}، وفي قوله: {وإنّ كلّا لمّا ليوفّينّهم}.
وقد جاءه في القرآن كلّه الحقّ، ولكنه ذكرها هنا توكيدا، وليس إذا قيل قد جاءك في هذه الحق وجب أن يكون لم يأتك الحق إلا في هذه، ولكن بعض الحق أوكد من بعض في ظهوره عندنا وخفائه علينا، لا في عينه.
إذا قلت: فلان في الحق وأنت تريد أنه يجود بنفسه، فليس هو في غير تلك الحال في باطل، ولكن ذكر الحق ههنا أغنى عن ذكر الموت لعظمه وأنه يحصل عنده على الحق). [معاني القرآن: 3/85-84]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك}
أي تزيدك به تثبيتا كما قال جل ذكره: {قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي}
ثم قال جل وعز: {وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين}
قال أبو موسى وابن عباس والحسن ومجاهد في هذه الحق في هذه السورة
وقال شعبة سمعت قتادة يقول في هذه الدنيا
وهذا القول حسن إلا أنه يعارض بان ذلك يقال قد جاءه الحق في هذه السورة وغيرها وإن كان هذا لا يلزم لأنه لم ينف شيئا ألا ترى أنه يقال فلان في الحق إذا جاءه الموت ولا يراد به أنه كان في باطل فتكون هذه السورة خصت بهذا توكيدا لما فيها من القصص والمواعظ). [معاني القرآن: 3/391-390]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقّ} قال: في هذه: يعني: الدنيا،
وقال قوم: في هذه السورة. قال ثعلب: والعمل على الأول، لأن في كل سورة قد جاء الحق). [ياقوتة الصراط: 272-271]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وجاءك في هذه الحق} يريد السورة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 109]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {اعملوا على مكانتكم} أي على مواضعكم واثبتوا {إنّا عاملون} ). [تفسير غريب القرآن: 211]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون}
أي عاملون ما أنتم عليه وهذا تهديد ووعيد ألا ترى أن بعده وانتظروا إنا منتظرون إلى قوله: {وما ربك بغافل عما تعملون} ). [معاني القرآن: 3/392]

تفسير قوله تعالى: {وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (122)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وانتظروا إنّا منتظرون} تهديد ووعيد). [تفسير غريب القرآن: 211]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وللّه غيب السّماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كلّه فاعبده وتوكّل عليه وما ربّك بغافلٍ عمّا تعملون}
[وقال] {وتوكّل عليه وما ربّك بغافلٍ عمّا تعملون} إذا لم يجعل النبيّ صلى الله عليه وسلم فيهم وقال بعضهم (تعملون) لأنه عنى النبيّ صلى الله عليه وسلم معهم أو قال له
"قل لهم {وما ربّك بغافلٍ عمّا تعملون}"). [معاني القرآن: 2/47-48]


رد مع اقتباس