عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 20 جمادى الآخرة 1440هـ/25-02-2019م, 09:00 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

إبدال المصحف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (أخرج ابن أبى شيبة وابن أبى داود فى المصاحف بسنديهما عن إبراهيم النخعى قال : ( لابأس باستبدال المصحف بالمصحف ) . ورويا من عدة طرق أن إبراهيم لا يرى بأسا أن يبدل المصحف بالمصحف , وبسنديهما عن مجاهد قال : ( لا بأس بالمصحف بالمصحف وزيادة عشرة دراهم ). وروى ابن أبى داود بسنده عن إبراهيم أيضا أنه كان يكره أن يباع المصحف , ويبدل المصحف بمصحف , ولا يورث , ولكن يقرأ فيه أهل البيت . وجاء فى مسائل أحمد وإسحاق براوية الكوسج قال : [قلت:] قال سفيان : إذا بادل مصحفا بمصحف وزاد دراهم وأخذ دراهم , قال : لابأس به , قال أحمد : كانوا يتشدودن فى البيع ويرخصون فى الشراء , قال إسحاق : لا بأس بالمبادلة كما قال سفيان .
وقال القاضى أبو يعلى فى كتاب الروايتين والوجهين : ( لا تختلف الرواية أنه يكره بيع مصحف بثمن أو بعوض , واختلفت فى بيعه بمصحف مثله , فنقل الأثرم أن أحمد سئل عن المصحف يدرس فيعاوض به مصحف , فقال : المعاوضة أسهل . قالوا لا نأخذ لكتاب الله ثمنا , إنما أعطى مصحفا وآخذ آخر ).
ونقل الحسين بن محمد بن الحارث عن أحمد أنه سئل عن معاوضة بغير المصحف , فقال : ( العوض بيع ) .. فظاهر هذا المنع
وجه الأولى : أنه إنما منع من بيعه بعوض أو بثمن لما فيه من أخذ العوض على القرآن . وقد وردت الأخبار بالنهى عن ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : "" ولا تأكلوا به "
وقوله : "" من أخذ على القرآن أجرا فقد تعجل أجره فى الدنيا "
وقوله لأبى بن كعب : " إن أحببت أن يقوسك بقوس من نار فخذها " .
وهذا معدوم فى معاوضته بمصحف مثله .
ووجه الثانية : أن المعاوضة بيع فى الحقيقة , ولهذا لو حلف لا باع , فعاوض حنث , وإذا كان بيعا يجب أن يمنع منه كما منع بعوض .
وذكر المجد بن تيمية فى كتابه المحرر : ( فى إبدال المصحف روايتين , الجواز مطلقا ,{25}
والجواز مع الكراهة ), وقدم الأولى . قال ابن مفلح فى نكته على المحرر : ( ذكر القاضى أبو الحسين فى جواز شراء المصحف وإبداله روايتين :
أحداهما : الجواز . والثانية : لا يجوز ...) إلى أن قال : ( ثم ذكر القاضى روايتين فى جواز استبداله بمثله )
وذكر ابن المفلح فى كتاب الفروع فى إبدال المصحف بمثله ثلاث روايات , وهى الجواز والكراهة والتحريم , قال : (والأصح لا يحرم ). والظاهر أن ذلك ينبنى على كون الإبدال بيعا . وذكر المرداوى فى تصحيح الفروع فى المسألة روايتين , قال : أحداهما لا يكره , وهو الصحيح . والثانية يكره . قال : وذكر أبو بكر فى المبادلة هل هى بيع أم لا ؟ . روايتين , وأنكر القاضى ذلك وقال : هى بلا خلاف وإنما أجاز أحمد إبدال المصحف بمثله , لأنه لا يدل على الرغبة عنه ولا على الإستبدال بعوض دنيوى بخلاف أخذ ثمنه . ذكره فى القاعدة الثالثة والأربعين بعد المائة ). وذكر فى الإنصاف : فى الإبدال ثلاث روايات , الجواز مطلقا فى الأصح , والرواية الثانية جوازه مع الكراهة , والرواية الثالثة أنه يحرم .
قال : ولم يذكرها بعضهم . ثم ذكر نحوا من كلامه فى التصحيح أعلاه
وجزم فى الكشاف بعدم كراهة الإستبدال .
فتلخص من ذلك أن لأهل العلم فى مسألة إبدال المصحف بالمصحف أقوالا ثلاثة :
· أحدهما : الجواز على الإطلاق .
· وثانيهما : الجواز مع الكراهة
· وثالثها : التحريم
وقد ذهب إلى القول الأول جمهور أهل العلم , وهو مقتضى قول من جوز بيع المصحف , وهم الجمهور على ما يأتى تفصيله فى موضعه , بل روى عن الإمام أحمد القول بجواز مبادلة المصحف بالمصحف , حتى على القول بتحريم بيعه ,لأن المبادلة لا تدل على الرغبة عن المصحف , ولا على استبدال بعوض دنيوى , بخلاف أخذ ثمنه . ذكره ابن رجب فى القاعدة الثالثة والأربعين بعد المائة من قواعده .وقد ذهب إلى القول الثانى – أعنى جواز المبادلة مع الكراهة – طائفة من أهل العلم , وهو المشهور من قولى النخعى على ما ذكره ابن أبى داود فى المصاحف كما مر وهو روايه ثانية عن الإمام أحمد
وذهب فريق من أهل العلم إلى القول بالتحريم , وهو رواية ثالثة عن الإمام أحمد على ما حكاه غير واحد من الأصحاب) . {27}

رد مع اقتباس