عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 05:25 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {والذين اجتنبوا الطاغوت} الآية. قال ابن زيد: إن سبب نزولها زيد بن عمرو بن نفيل، وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، والإشارة إليهم. وقال ابن إسحق: الإشارة بها إلى عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، والزبير رضي الله تعالى عنهم، وذلك أنه لما أسلم أبو بكر رضي الله عنه سمعوا ذلك فجاؤوه فقالوا: أسلمت؟ قال: نعم، وذكرهم بالله فآمنوا بأجمعهم، فنزلت فيهم هذه الآية، وهي على كل حال عامة في الناس إلى يوم القيامة، يتناولهم حكمها. و"الطاغوت" كل ما يعبد من دون الله تعالى، و"الطاغوت" أيضا الشيطان، وبه فسر هنا مجاهد، والسدي، وابن زيد. وأوقعه هنا على جماعة الشياطين، ولذلك أنث الضمير في "يعبدوها").[المحرر الوجيز: 7/ 383]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} كلام عام في جميع الأقوال، وإنما القصد الثناء على هؤلاء ببصائر هي لهم وقوام في نظرهم، حتى أنهم إذا سمعوا قولا ميزوه واتبعوا أحسنه، واختلف المفسرون في العبارة عن هذا، فقالت فرقة: أحسن القول كتاب الله تعالى، أي إذا سمعوا الأقاويل وسمعوا القرآن اتبعوا القرآن، وقالت فرقة: "القول" هو القرآن، وأحسنه ما فيه من عفو وصفح واحتمال على صبر ونحو ذلك، وقال قتادة: أحسن القول طاعة الله تعالى، وهذه أمثلة وما قلناه أولا يعمها).[المحرر الوجيز: 7/ 383-384]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار * لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد * ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب}
أسقط العلامة التي في الفعل المسند إلى الكلمة لوجهين: أحدهما الحائل الذي بين الفعل والفاعل، ولو كان متصلا به لم يحسن ذلك، والثاني أن "الكلمة" غير مؤنث حقيقي، وهذا أخف وأجود من قولهم: "حضر القاضي اليوم امرأة"; لأن التأنيث هنا حقيقي، وقالت فرقة: في هذا الكلام محذوف اختصره لدلالة الظاهر عليه، تقديره: أفمن حق عليه كلمة العذاب تتأسف أنت عليه؟ أو نحو هذا من التقدير، ثم استأنف قوله للنبي صلى الله عليه وسلم على أنه يريد أن ينقذ من في النار، أي: ليس هذا إليك. وقالت فرقة: الألف في قوله: "أفأنت" إنما هي مؤكدة زادها لطول الكلام، وإنما معنى الآية: أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذه؟ لكنه زاد الألف الثانية توكيدا للأمر، وأظهر الضمير العائد تشهيرا لهؤلاء القوم، وإظهارا لخسة منازلهم كقول الشاعر:
لا أرى الموت يسبق الموت شيء
وإنما أظهر الضمير تنبيها على عظم الموت، وهذا كثير). [المحرر الوجيز: 7/ 384-385]

تفسير قوله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم استفتح إخبارا آخر بـ"لكن"، وهذه معادلة وتحضيض على التقوى لمن فكر وازدجر. وقوله تعالى: {من تحتها} أي: من تحت الغرف، وعادلت: غرف من فوقها غرف ما تقدم من قوله سبحانه: {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل}، و"الغرف": ما كان من المساكن مرتفعا عن الأرض، في الحديث: "إن أهل الجنة ليتراءون الغرف من فوقهم كما تراءون الكوكب الذي في الأفق"، وقوله تعالى: {وعد الله} نصب على المصدر، ونصبه إما بفعل مضمر من لفظه، وإما بما تضمن الكلام قبل من معنى الوعد على الاختلاف الذي للنحاة في ذلك). [المحرر الوجيز: 7/ 385]