عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 21 شعبان 1435هـ/19-06-2014م, 08:23 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({اشتروا بآيات اللّه ثمنًا قليلًا فصدّوا عن سبيله إنّهم ساء ما كانوا يعملون (9) لا يرقبون في مؤمنٍ إلًّا ولا ذمّةً وأولئك هم المعتدون (10) فإن تابوا وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فإخوانكم في الدّين ونفصّل الآيات لقومٍ يعلمون (11) }
يقول تعالى ذمًّا للمشركين وحثًّا للمؤمنين على قتالهم: {اشتروا بآيات اللّه ثمنًا قليلا} يعني: أنّهم اعتاضوا عن اتّباع آيات اللّه بما التهوا به من أمور الدّنيا الخسيسة، {فصدّوا عن سبيله} أي: منعوا المؤمنين من اتّباع الحقّ، {إنّهم ساء ما كانوا يعملون لا يرقبون في مؤمنٍ إلا ولا ذمّةً} تقدّم تفسيره، وكذا الآية الّتي بعدها: {فإن تابوا وأقاموا الصّلاة} إلى آخرها، تقدّمت.
وقال الحافظ أبو بكرٍ البزّار: حدّثنا محمّد بن المثنّى، حدّثنا يحيى بن أبي بكرٍ، حدّثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، حدّثنا الرّبيع بن أنسٍ قال: سمعت أنس بن مالكٍ يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من فارق الدّنيا على الإخلاص للّه وعبادته، لا يشرك به، وأقام الصّلاة، وآتى الزّكاة، فارقها واللّه عنه راضٍ، وهو دين اللّه الّذي جاءت به الرّسل وبلّغوه عن ربّهم، قبل هرج الأحاديث واختلاف الأهواء". وتصديق ذلك في كتاب اللّه: {فإن تابوا} يقول: فإن خلعوا الأوثان وعبادتها {وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فخلّوا سبيلهم} وقال في آيةٍ أخرى: {فإن تابوا وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فإخوانكم في الدّين}
ثمّ قال البزّار: آخر الحديث عندي واللّه أعلم: "فارقها وهو عنه راضٍ"، وباقيه عندي من كلام الرّبيع بن أنسٍ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 115-116]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون (12) }
يقول تعالى: وإن نكث هؤلاء المشركون الّذين عاهدتموهم على مدّةٍ معيّنةٍ أيمانهم، أي: عهودهم ومواثيقهم، {وطعنوا في دينكم} أي: عابوه وانتقصوه. ومن هاهنا أخذ قتل من سبّ الرّسول، صلوات اللّه وسلامه عليه، أو من طعن في دين الإسلام أو ذكره بتنقّصٍ؛ ولهذا قال: {فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون} أي: يرجعون عمّا هم فيه من الكفر والعناد والضّلال.
وقد قال قتادة وغيره: أئمّة الكفر كأبي جهلٍ، وعتبة، وشيبة، وأميّة بن خلفٍ، وعدّد رجالًا.
وعن مصعب بن سعد بن أبي وقّاصٍ قال: مرّ سعدٌ برجلٍ من الخوارج، فقال الخارجيّ: هذا من أئمّة الكفر. فقال سعدٌ: كذبت، بل أنا قاتلت أئمّة الكفر. رواه ابن مردويه.
وقال الأعمش، عن زيد بن وهبٍ، عن حذيفة أنّه قال: ما قوتل أهل هذه الآية بعد.
وروي عن عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه، مثله.
والصّحيح أنّ الآية عامّةٌ، وإن كان سبب نزولها مشركي قريشٍ فهي عامّةٌ لهم ولغيرهم، واللّه أعلم.
وقال الوليد بن مسلمٍ: حدّثنا صفوان بن عمرٍو، عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفيرٍ: أنّه كان في عهد أبي بكرٍ، رضي اللّه عنه، إلى النّاس حين وجّههم إلى الشّام، قال: إنّكم ستجدون قومًا محوّقةً رءوسهم، فاضربوا معاقد الشّيطان منهم بالسّيوف، فواللّه لأن أقتل رجلًا منهم أحبّ إليّ من أن أقتل سبعين من غيرهم، وذلك بأنّ اللّه يقول: {فقاتلوا أئمّة الكفر} رواه ابن أبي حاتمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 116-117]

تفسير قوله تعالى: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألا تقاتلون قومًا نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرّسول وهم بدءوكم أوّل مرّةٍ أتخشونهم فاللّه أحقّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين (13) قاتلوهم يعذّبهم اللّه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قومٍ مؤمنين (14) ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب اللّه على من يشاء واللّه عليمٌ حكيمٌ (15) }
وهذا أيضًا تهييجٌ وتحضيضٌ وإغراءٌ على قتال المشركين النّاكثين لأيمانهم، الّذين همّوا بإخراج الرّسول من مكّة، كما قال تعالى: {وإذ يمكر بك الّذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر اللّه واللّه خير الماكرين} [الأنفال:30].
وقال تعالى: {يخرجون الرّسول وإيّاكم أن تؤمنوا باللّه ربّكم [إن كنتم خرجتم جهادًا في سبيلي وابتغاء مرضاتي]} الآية [الممتحنة:1] وقال تعالى: {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها وإذًا لا يلبثون خلافك إلا قليلا} [الإسراء:76] وقوله {وهم بدءوكم أوّل مرّةٍ} قيل: المراد بذلك يوم بدرٍ، حين خرجوا لنصر عيرهم فلمّا نجت وعلموا بذلك استمرّوا على وجوههم طلبًا للقتال، بغيًا وتكبّرًا، كما تقدّم بسط ذلك.
وقيل: المراد نقضهم العهد وقتالهم مع حلفائهم بني بكرٍ لخزاعة أحلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى سار إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عام الفتح، وكان ما كان، وللّه الحمد.
وقوله: {أتخشونهم فاللّه أحقّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين} يقول تعالى: لا تخشوهم واخشون، فأنا أهلٌ أن يخشى العباد من سطوتي وعقوبتي، فبيدي الأمر، وما شئت كان، وما لم أشأ لم يكن).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 117]

تفسير قوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى عزيمةً على المؤمنين، وبيانًا لحكمته فيما شرع لهم من الجهاد مع قدرته على إهلاك الأعداء بأمرٍ من عنده: {قاتلوهم يعذّبهم اللّه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قومٍ مؤمنين} وهذا عامٌّ في المؤمنين كلّهم.
وقال مجاهدٌ، وعكرمة، والسّدّيّ في هذه الآية: {ويشف صدور قومٍ مؤمنين} يعني: خزاعة.
وأعاد الضّمير في قوله: {ويذهب غيظ قلوبهم} عليهم أيضًا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 118]

تفسير قوله تعالى: {وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وأعاد الضّمير في قوله: {ويذهب غيظ قلوبهم} عليهم أيضًا.
وقد ذكر ابن عساكر في ترجمة مؤذنٍ لعمر بن عبد العزيز، رضي اللّه عنه، عن مسلم بن يسارٍ، عن عائشة، رضي اللّه عنها، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا غضبت أخذ بأنفها، وقال: "يا عويش، قولي: اللّهمّ، ربّ النّبيّ محمّدٍ اغفر ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من مضلّات الفتن".
ساقه من طريق أبي أحمد الحاكم، عن الباغنديّ، عن هشام بن عمّارٍ، حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي الجون، عنه
{ويتوب اللّه على من يشاء} أي: من عباده، {واللّه عليمٌ} أي: بما يصلح عباده، {حكيمٌ} في أفعاله وأقواله الكونيّة والشّرعيّة، فيفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وهو العادل الحاكم الّذي لا يجور أبدًا، ولا يضيع مثقال ذرّةٍ من خيرٍ وشرٍّ، بل يجازي عليه في الدّنيا والآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 118]


رد مع اقتباس