عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 09:20 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 30 إلى 34]

{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33) وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34)}

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم} [النور: 30] يعني: يغضّوا أبصارهم عن جميع المعاصي.
من هاهنا صلةٌ.
وهو تفسير السّدّيّ.
وقال قتادة: يغضّوا أبصارهم عمّا لا يحلّ لهم من النّظر.
- حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن يونس بن عبيدٍ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جريرٍ البجليّ، عن أبيه قال: سألت رسول اللّه عليه السّلام عن النّظر فجأةً فقال: «اصرف بصرك».
[تفسير القرآن العظيم: 1/439]
- الرّبيع بن صبيحٍ، عن الحسن قال: قال رسول اللّه: «ابن آدم، لك أوّل نظرةٍ فما بال الثّانية» ؟
قوله: {ويحفظوا فروجهم} [النور: 30] سعيدٌ عن قتادة قال: عن ما لا يحلّ لهم.
وهذه في الأحرار والمملوكين.
{ذلك أزكى لهم إنّ اللّه خبيرٌ بما يصنعون} [النور: 30] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/440]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :
(وقوله جل وعز: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم}

قال قتادة أي عما لا يحل لهم من ههنا لبيان الجنس
قال جرير بن عبد الله سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فقال اصرف بصرك فأمره صلى الله عليه وسلم يصرف بصره لأنه إذا لم يصرف بصره كان تاركا ما أمره الله جل وعز به وكان ناظرا نظرة ثانية اختيارا كما قال أبو سلمة عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا علي إن لك كنزا في الجنة وإنك ذو قرنيها فلا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة). [معاني القرآن: 4/521-520]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ} [النور: 31] يعني يغضضن أبصارهنّ.
من هاهنا صلةٌ في تفسير السّدّيّ.
سعيدٌ عن قتادة قال: عمّا لا يحلّ لهم من النّظر.
{ويحفظن فروجهنّ} [النور: 31] ممّا لا يحلّ لهنّ وهذه في الحرّة والأمة.
قوله: {ولا يبدين زينتهنّ إلا ما ظهر منها} [النور: 31] هذه في الحرائر.
- وحدّثني شريكٌ وسفيان ويونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: {إلا ما ظهر منها} [النور: 31] قال: الثّياب.
وحدّثني الحسن بن دينارٍ، عن الحسن مثل ذلك.
- المعلّى بن هلالٍ، عن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: {ما ظهر منها} [النور: 31] قال: الكحل والخاتم.
الحسن بن دينارٍ عن قتادة مثل ذلك.
وقال السّدّيّ: {إلا ما ظهر منها} [النور: 31] يعني: إلا ما بدا في الوجه والكفّين.
- قال: وحدّثني حمّاد بن سلمة، عن أمّ شبيبٍ، عن عائشة أنّها سئلت عن الزّينة الظّاهرة فقالت: القلب والفتخة.
قال حمّادٌ: يعني الخاتم.
وقالت بثوبها على ثوبها فشدّته.
[تفسير القرآن العظيم: 1/440]
قال يحيى: هذه الآية في الحرائر.
وأمّا الإماء
- فحدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ أنّ عمر بن الخطّاب رأى أمةً عليها قناعٌ فضربها بالدّرّة في حديث سعيدٍ.
وقال عثمان: فتناولها بالدّرّة وقال: اكشفي رأسك.
وقال سعيدٌ: ولا تشبّهي بالحرائر.
- قال: وحدّثني حمّادٌ ونصر بن طريفٍ، عن ثمامة بن أنس بن مالكٍ، عن أنس بن مالكٍ قال: كنّ جواري عمر يخدمننا كاشفات الرّءوس، تضطرب ثديّهنّ باديةً خدامهنّ.
قوله: {وليضربن بخمرهنّ على جيوبهنّ} [النور: 31] تسدل الخمار على جيبها وهو نحرها.
{ولا يبدين زينتهنّ} [النور: 31] وهذه الزّينة الباطنة.
{إلا لبعولتهنّ} [النور: 31] يعني أزواجهنّ.
{أو آبائهنّ أو آباء بعولتهنّ أو أبنائهنّ أو أبناء بعولتهنّ أو إخوانهنّ أو بني إخوانهنّ أو بني أخواتهنّ أو نسائهنّ} [النور: 31] المسلمات يرين منها ما يرى ذو المحرم، ولا ترى ذلك منها اليهوديّة، ولا النّصرانيّة، ولا المجوسيّة.
قال: {أو ما ملكت أيمانهنّ أو التّابعين غير أولي الإربة من الرّجال} [النور: 31] فهذه ثلاث حرمٍ بعضها أعظم من بعضٍ منهنّ الزّوج الّذي يحلّ له كلّ شيءٍ منها فهذه حرمةٌ ليست لغيره.
ومنهنّ الأب، والابن، والأخ، والعمّ، والخال، وابن الأخ، وابن الأخت.
والرّضاع في هذا بمنزلة النّسب فلا يحلّ لها ولا في تفسير الحسن أن ينظر إلى الشّعر والصّدر والسّاق وأشباه ذلك.
نا الحسن بن دينارٍ، عن الحسن قال: لا تضع المرأة خمارها عند أبيها ولا ابنها ولا أختها ولا أخيها.
[تفسير القرآن العظيم: 1/441]
وقال ابن عبّاسٍ: ينظرون إلى موضع القرطين والقلادة والسّوارين والخلخالين.
قال يحيى: وهذه الزّينة الباطنة.
- حدّثني ابن لهيعة، عن بكير بن الأشجّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: لا ينبغي أن يبدو من المرأة لذوي المحرم إلا السّوار والخاتم والقرط.
قال: وحدّثني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ أنّه كان يقول: القصّة والقرطان، والقلادة، من الزّينة.
نا سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم قال: {ولا يبدين زينتهنّ إلا لبعولتهنّ أو آبائهنّ} [النور: 31] أو أبنائهنّ والأخ وابن الأخ وابن الأخت والعمّ والخال.
قال: ما فوق الذّراع.
وحرمةٌ أخرى الثّالثة فيهم أبو الزّوج وابن الزّوج والتّابع الّذي قال اللّه: {غير أولي الإربة من الرّجال} [النور: 31] غير أولي الحاجة إلى النّساء.
وهم قومٌ كانوا بالمدينة فقراء طبعوا على غير شهوة النّساء.
نا عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: {غير أولي الإربة} [النور: 31] الّذين لا يهمّهم إلا بطونهم.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: ولا يخافون على النّساء.
نا سعيدٌ عن قتادة قال: هو الرّجل الأحمق الّذي لا تشتهيه المرأة ولا يغار عليه الرّجل.
نا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ قال: هو الكبير الّذي لا يطيق النّساء.
[تفسير القرآن العظيم: 1/442]
وقال الحسن: يتبع الرّجل منهم الرّجل يخدمه بطعام بطنه.
ومملوك المرأة لا بأس أن تقوم بين يدي هؤلاء في درعٍ ضيّقٍ، وخمارٍ ضيّقٍ بغير جلبابٍ.
- وحدّثني حمّاد بن سلمة، عن سعيد بن إبراهيم، عن حميد بن عبد الرّحمن أنّ عمر بن الخطّاب قال: لا تخلو المرأة مع الرّجل إلا أن يكون محرمًا وإن قيل: حمؤها، إنّما حمؤها الموت.
قال: وحدّثني أبو بكر بن عيّاشٍ، عن المغيرة، عن الشّعبيّ قال: لا تضع المرأة خمارها عند مملوكها فإن فجأها فلا شيء.
وبعضهم يقول: {أو ما ملكت أيمانهنّ} [النور: 31] الإماء وليس العبيد.
- قال ابن لهيعة، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللّه قال: لا تضع المرأة خمارها عند عبد سيّدها.
قوله: {أو الطّفل الّذين لم يظهروا على عورات النّساء} [النور: 31] نا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ قال: الغلام الّذي لم يبلغ الحلم.
سعيدٌ عن قتادة قال: الّذي لم يبلغ الحلم ولا النّكاح.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: لم يدروا ما هنّ لصغرٍ قبل الحلم.
قال: وأمّا أبو زوجها، وابن زوجها، والتّابع غير أولي الإربة،
[تفسير القرآن العظيم: 1/443]
ومملوكها فإنّهم لا ينظرون إلى ما ينظر إليه الابن، والأب، والأخ، وابن الأخ، وابن الأخت، والعمّ، والخال، ومن كان له رضاعٌ، لأنّ المرأة قد كانت تحلّ لابن زوجها قبل نكاح الأب إيّاها، وقد كانت تحلّ لأبي زوجها قبل أن تحلّ للتّابع.
فليس هؤلاء مثل هؤلاء في الحرمة، فلا يجوز لهم أن ينظروا إلى الزّينة الباطنة ولكن ينظرون إليها وعليها درعٌ وخمارٌ لأنّها قد كانت تحلّ لهم في حالٍ.
وكذلك مملوك المرأة، لأنّه إذا أعتق حلّت له.
فهؤلاء مثل الأجنبيّين في الدّخول عليها.
كما قال عمر بن الخطّاب: لا تسافر المرأة مع حموها.
قال يحيى: ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرمٍ لم تكن تحلّ له قبل ذلك ولا تحلّ له أبدًا، وأمّا من كانت تحلّ له ثمّ صارت لا تحلّ له بعد فلا تسافر معه.
قوله: {ولا يضربن بأرجلهنّ ليعلم ما يخفين من زينتهنّ} [النور: 31] نا سعيد عن قتادة قال: كانت المرأة تضرب برجليها إذا مرّت بالمجلس لتسمع قعقعة الخلخالين.
وبعضهم يقول: تضرب إحدى رجليها بالأخرى حتّى يسمع صوت الخلخالين فنهين عن ذلك.
قوله: {وتوبوا إلى اللّه جميعًا أيّها المؤمنون} [النور: 31] من ذنوبكم.
{لعلّكم تفلحون} [النور: 31] لكي تفلحوا فتدخلوا الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/444]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولا يبدين زينتهنّ...}

الزينة: الوشاح والدّملّج {إلاّ ما ظهر منها} مثل الكحل والخاتم والخضاب {وليضربن بخمرهنّ على جيوبهنّ} يقول لتخمّر نحرها وصدرها بخمار. وذلك أن نساء الجاهلية كنّ يسدلن خمرهن من ورائهن فينكشف ما قدامها، فأمرن بالاستتار.ثم قال مكرّراً {ولا يبدين زينتهنّ} يعني الوشاح والدّملوج لغة {إلاّ لبعولتهنّ أو آبائهنّ} من النسب إلى قوله: {أو ما ملكت أيمانهنّ}.
وقوله: {أو نسائهنّ} يقول: نساء أهل دينهنّ. يقول: لا بأس أن تنظر المسلمة إلى جسد المسلمة. ولا تنظر إليها يهوديةّ ولا نصرانيّة.
ورخّص أن يرى ذلك من لم يكن له في النساء أرب، مثل الشيخ الكبير والصبيّ الصغير الذي لم يدرك، والعنيّن. وذلك قوله: {أو التّابعين غير أولي الإربة}: التبّاع والأجراء
(... يقال إرب وأرب).
وقوله: {لم يظهروا على عورات النّساء} لم يبلغوا أن يطيقوا النساء. وهو كما تقول: ظهرت على القرآن أي أخذته وأطقته. وكما تقول للرجل: صارع فلان فلاناً وظهر عليه أي أطاقه وغلبه.
وقوله: {ولا يضربن بأرجلهنّ ليعلم ما يخفين من زينتهنّ} يقول: لا تضربنّ رجلها بالأخرى فيسمع صوت الخلخال. فذلك قوله: {ليعلم ما يخفين}
وفي قراءة عبد الله (ليعلم ما سرّ من زينتهن).
وأمّا قوله: {غير أولي الإربة} فإنه يخفض لأنه نعت للتابعين، وليسوا بموقّتين فلذلك صلحت (غير) نعتاً لهم وإن كانوا معرفةً. والنصب جائز قد قرأ به عاصم وغير عاصم.
ومثله {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر} والنصب فيهما جميعاً على القطع لأن (غير) نكرة. وإن شئت جعلته على الاستثناء فتوضع (إلا) في موضع (غير) فيصلح. والوجه الأول أجود). [معاني القرآن: 2/250-249]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أو آباء بعولتهنّ} جمع بعلٍ وهو أزواجهن " أو إخوانهن " أي إخواتهن). [مجاز القرآن: 2/65]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {غير أولي الإربة} مجازه مجاز الإربة الذين لهم في النساء إربة وحاجة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أملكهم لإربة أي لشهوته وحاجته إلى النساء). [مجاز القرآن: 2/65]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقل لّلمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهنّ ولا يبدين زينتهنّ إلاّ ما ظهر منها وليضربن بخمرهنّ على جيوبهنّ ولا يبدين زينتهنّ إلاّ لبعولتهنّ أو آبائهنّ أو آباء بعولتهنّ أو أبنائهنّ أو أبناء بعولتهنّ أو إخوانهنّ أو بني إخوانهنّ أو بني أخواتهنّ أو نسائهنّ أو ما ملكت أيمانهنّ أو التّابعين غير أولي الإربة من الرّجال أو الطّفل الّذين لم يظهروا على عورات النّساء ولا يضربن بأرجلهنّ ليعلم ما يخفين من زينتهنّ وتوبوا إلى اللّه جميعاً أيّه المؤمنون لعلّكم تفلحون}
وقال: {أو الطّفل الّذين لم يظهروا} جعل {الطفل} جماعة كما قال: {ويولّون الدّبر} ). [معاني القرآن: 3/14]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({إخوانهن}: اخوتهن.
{غير أولي الإربة}: الإربة: الحاجة والمعنى الذي ليس له في النكاح حاجة (وكان النبي صلى الله عليه وسلم أملكهم لإربه) من ذلك. وقال بعضهم هو المعتوه). [غريب القرآن وتفسيره: 271-270]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا يبدين زينتهنّ} يقال: الدّملج والوشاحان، ونحو ذلك.
{إلّا ما ظهر منها} يقال: الكف والخاتم. ويقال: الكحل والخاتم.
{أو إخوانهنّ} يعني الإخوة.
{أو نسائهنّ} يعني المسلمات. ولا ينبغي للمسلمة أن تنجرد بين يدي كافرة.
{أو التّابعين غير أولي الإربة} يريد الأتباع الذين ليست هم إربة في النساء، أي حاجة، مثل الخصي والخنثى والشيخ الهرم.
{أو الطّفل} يريد الأطفال. يدلك على ذلك قوله: {الّذين لم يظهروا على عورات النّساء} أي لم يعرفوها ولم يفهموها.
{ولا يضربن بأرجلهنّ ليعلم ما يخفين من زينتهنّ} أي لا يضربن بإحدى الرّجلين على الأخرى، ليصيب الخلخال الخلخال، فيعلم أن عليها خلخالين). [تفسير غريب القرآن: 304-303]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهنّ ولا يبدين زينتهنّ إلّا ما ظهر منها وليضربن بخمرهنّ على جيوبهنّ ولا يبدين زينتهنّ إلّا لبعولتهنّ أو آبائهنّ أو آباء بعولتهنّ أو أبنائهنّ أو أبناء بعولتهنّ أو إخوانهنّ أو بني إخوانهنّ أو بني أخواتهنّ أو نسائهنّ أو ما ملكت أيمانهنّ أو التّابعين غير أولي الإربة من الرّجال أو الطّفل الّذين لم يظهروا على عورات النّساء ولا يضربن بأرجلهنّ ليعلم ما يخفين من زينتهنّ وتوبوا إلى اللّه جميعا أيّه المؤمنون لعلّكم تفلحون}
{ولا يبدين زينتهنّ إلّا ما ظهر منها} أي: لا يبدين زينتهنّ الباطنة، نحو المخنقة والخلخال والدّملج والسّوار.
والتي تظهر هي الثياب والوجه.
وقوله تعالى: (ولا يضربن بأرجلهنّ ليعلم ما يخفين من زينتهنّ) كانت المرأة ربما اجتازت وفي رجلها الخلخال، وربما كان فيها الخلاخل فإذا ضربت برجلها علم أنها ذات خلخال وزينة، وهذا يحرك من الشهوة فنهي عنه، كما أمرن ألا يبدين، لأن استماع صوته بمنزلة إبدائه). [معاني القرآن: 4/40-39]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}
روى أبو إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال القرط والدملج والسوار
ثم قال جل وعز: {إلا ما ظهر منها}
في هذا اختلاف
روى أبو الأحوص عن عبد الله قال الثياب وهذا مبدأ أبي عبيد
وروى نافع عن ابن عمر قال الوجه والكفان
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال الوجه والكف
وبعضهم يقول عن ابن عباس الكحل والخضاب وكذلك قال مجاهد وعطاء
ومعنى الكحل والخضاب ومعنى الوجه والكف سواء
وروت أم شبيب عن عائشة قالت القلب والفتخة والفتخة الخاتم وجمعها فتخ وفتخات
قال أبو جعفر وهذا قريب من قول ابن عمر وابن عباس وهو أشبه بمعنى الآية من الثيباب لأنه من جنس الزينة الأولى
وأكثر الفقهاء عليه، ألا ترى أن المرأة يجب عليها أن تستر في الصلاة كل موضع منها يراه المرء وأنه لا يظهر منها إلا وجهها وكفاها والقلب السوار قال ذلك يحيى بن سليمان الجعفي
وقوله جل وعز: {أو نسائهن} يعني النساء المسلمات
ولا يجوز أن يبدين ذلك للمشركات لقوله سبحانه: {أو نسائهن}
ثم قال جل وعز: {أو ما ملكت أيمانهن}
فيه أقوال :
الأول أن لهن أن يبدين ذلك لعبيدهن وأن يروا شعورهن
وهذا القول معروف من قول عائشة وأم سلمة جعلتا العبد بمنزلة المحرم في هذا لأنه لا يحل أن يتزوج بسيدته ما دام مملوكا لها كما لا يحل ذلك لذوي المحارم ويقوي هذا قوله سبحانه: {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم}
والقول الثاني أنه ليس لعبيدهن أن يروا منهن إلا ما يرى الأجنبي
كما روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال ولا ينظر عبدها إلى شعرها ولا نحرها وأما الخلخال فلا ينظر إليه إلا الزوج
وهو مذهب عبد الله بن مسعود ومجاهد وعطاء والشعبي
وروى أبو مالك عن ابن عباس خلاف هذا قال ينظر العبد إلى شعر مولاته ويكون التقدير على القول الثاني {أو ما ملكت أيمانهن} غير أولي الإربة أو التابعين غير أولي الإربة ثم حذف كما قال الشاعر:

نحن بما عندنا وأنت بما = عندك راض والرأي مختلف
على أن يزيد بن القعقاع وعاصما قرءا غير أولي الإربة بنصب غير فعلى هذا يجوز أن يكون الاستثناء منهما جميعا
والقول الثالث أن يكون أو ما ملكت أيمانهن للإماء خاصة قال ذلك سعيد بن المسيب وقيل الصغار خاصة
قال أبو جعفر هذا بعيد في اللغة لأن ما عامة
وقوله جل وعز: {أو التابعين غير أولي الإربة}
قال عطاء هو الذي يتبعك وهمه بطنه
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال هو المغفل وقيل الطفل
وقال الشعبي هو الذي لا أرب له في النساء
وقال عكرمة هو العنين
وهذه الأقوال متقاربة وهو الذي لا حاجة له في النساء نحو الشيخ الهرم والخنثى والمعتوه والطفل والعنين
والإربة والأرب الحاجة ومنه حديث وأيكم أملك لأربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن رواه لإربه فقد أخطأ لأنه يقال قطعته إربا إربا أي عضوا عضوا
وقوله جل وعز: {أو الطفل الذي لم يظهروا على عورات النساء}
الطفل ههنا بمعنى الأطفال يدل على هذا قوله:{الذين لم يظهروا على عورات النساء}أي لم يطيقوا ذلك كما تقول ظهر فلان على فلان أي غلبه وقوى عليه). [معاني القرآن: 4/526-521]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن}
قال أبو الجوزاء كن يضربن بأرجلهن لتبدو خلاخيلهن
وقال أبو مالك كن يجعلن في أرجلهن خرزا ويحركنها حتى يسمع الصوت
قال غيره فنهين عن ذلك لأنه يحرك من الشهوة). [معاني القرآن: 4/527]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (غير أولي الإربة) أي: غير
أولى الحاجة من شهوة الجماع. المشكاة: الكوة في الحائط غير نافذة منه، فهو أجمع للضوء). [ياقوتة الصراط: 377]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {إِلَّا مَا ظَهَرَ}: قيل الكف والخاتم وقيل الكحل والخاتم.
{أو نِسَائِهِنَّ}: قيل: المسلمات لا الكافرات، وقيل: هو عام في كل النساء.
{غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ}: يعني الشيخ الهرم، والخصي، والخنثى، ونحوه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 168]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {إِخْوَانهِـنَّ}: إخوتهـن.
{الاِرْبَـةِ}: الحاجـة). [العمدة في غريب القرآن: 219]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وأنكحوا الأيامى منكم} [النور: 32] يعني: كلّ امرأةٍ ليس لها زوجٌ.
قال الحسن: هذه فريضةٌ.
قال: ونا عثمان، عن محمّد بن المنكدر، عن سليمان بن يسارٍ أنّ قومًا
[تفسير القرآن العظيم: 1/444]
نزلوا منزلا ثمّ ارتحلوا، وبغت امرأةٌ منهم فرفعت إلى عمر بن الخطّاب فجلدها عمر الحدّ وقال: استوصوا بها خيرًا وزوّجوها فإنّها من الأيامى.
- وحدّثني الخليل بن مرّة، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن أنس بن مالكٍ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ينهى عن التّبتّل نهيًا شديدًا ويقول: «تزوّجوا الولود الودود فإنّي مكاثرٌ بكم البشر يوم القيامة».
- وحدّثني خالدٌ، عن يزيد الرّقاشيّ، عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من تزوّج فقد استكمل نصف الدّين، فليتّق اللّه في النّصف الباقي».
قوله: {والصّالحين من عبادكم} [النور: 32] أي: وأنكحوا الصّالحين من عبادكم، يعني المملوكين المسلمين.
{وإمائكم} [النور: 32] أي: وأنكحوا الصّالحين من إمائكم المسلمات.
وهذه رخصةٌ.
وليس على الرّجل بواجبٍ أن يزوّج أمته وعبده.
قوله: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله} [النور: 32] حدّثنا عبد العزيز بن أبي الرّوّاد أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " اطلبوا الغنى في هذه الآية: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله} [النور: 32] ".
- حدّثنا سعيدٌ عن قتادة أنّ عمر بن الخطّاب كان يقول: ما رأيت مثل رجلٍ لم يلتمس الغنى في الباءة واللّه يقول: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله} [النور: 32].
[تفسير القرآن العظيم: 1/445]
قال: {واللّه واسعٌ عليمٌ} [النور: 32] واسعٌ لخلقه عليمٌ بهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/446]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وأنكحوا الأيامى منكم...}

يعني الحرائر. والأيامى القرابات؛ نحو البنت والأخت وأشباههما. ثم قال {والصّالحين من عبادكم وإمائكم} يقول: من عبيدكم وإمائكم ولو كانت (وإماءكم) تردّه على الصّالحين لجاز.
وقوله: {إن يكونوا فقراء} للأحرار خاصة من الرجال والنساء). [معاني القرآن: 2/251]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" الأيامي " من الرجال والنساء الذين لا أزواج لهم ولهن، ويقال: رجل أيم وامرأة أيمة وأيم أيضاً، قال الشاعر:
فإن تنكحي أنكح وإن تتأيّمي=وإن كنت أفتى منكم أتأيّم).
[مجاز القرآن: 2/65]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله واللّه واسعٌ عليمٌ}
وقال: {من عبادكم} يريد "من عبيدكم" كما تقول: "هم عباد الله" و"عبيد الله"). [معاني القرآن: 3/14]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الأيامى}: من النساء والرجال الذين لا أزواج لهم. واحدهم أيم). [غريب القرآن وتفسيره: 271]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأنكحوا الأيامى منكم} والأيامي من الرجال والنساء: هم الذين لا أزواج لهم. يقال: رجل أيّم، وامرأة أيّم، ورجل أرمل، وامرأة أرملة، ورجل بكر، وامرأة بكر: إذا لم يتزوجا. ورجل ثيب، وامرأة ثيب: إذا كانا قد تزوّجا.
{والصّالحين من عبادكم} أي من عبيدكم. يقال: عبد وعباد وعبيد. كما يقال: كلب وكلاب وكليب). [تفسير غريب القرآن: 304]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله واللّه واسع عليم}
قرئت من عبيدكم، وكلاهما جائز، وهذا لازم في الأيامى، والمعنى وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن أردن تحصّنا). [معاني القرآن: 4/40]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم}
قال الضحاك هن اللواتي لا أزواج لهن يقال رجل أيم وامرأة أيم وقد آمت تئيم
وقرأ الحسن والصالحين من عبيدكم يقال عبد وعباد وعبيد
وقوله تعالى: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}
وكذا قوله: {وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته} أي بالنكاح لأنه لم يجعل كل زوج مقصورا على زوج أبدا
والفقر الحاجة إلى الشيء المذكور بعقبه ومثله إنما الصدقات للفقراء أي للفقراء إلى الصدقات وقد يكون الرجل فقيرا إلى الشيء وليس بمسكين). [معاني القرآن: 4/528-527]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الأَيَامـى}: من الرجال والنساء). [العمدة في غريب القرآن: 219]

تفسير قوله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وليستعفف الّذين لا يجدون نكاحًا حتّى يغنيهم اللّه من فضله} [النور: 33] حتّى يجدوا ما يتزوّجون.
قوله: {والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} [النور: 33] وليست بفريضةٍ إن شاء كاتبه وإن شاء لم يكاتبه.
وقوله: {إن علمتم فيهم خيرًا} [النور: 33] قال السّدّيّ: مالا.
نا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن قال: إن علمتم عندهم مالا.
وقال قتادة: إن علمتم منهم صدقًا ووفاءً وأمانةً.
نا المعلّى، عن الأشعث، عن محمّد بن سيرين قال: إذا صلّوا وأقاموا الصّلاة.
قال يحيى: كان سفيان يكره أن يكاتب المملوك وليس له حيلةٌ، يكون عيالا على النّاس.
قال يحيى: نكره أن نكاتبه وليست له حرفةٌ ولا عملٌ إلا على مسألة النّاس.
فإن كانت له حرفةٌ أو عملٌ ثمّ تصدّق عليه من الفريضة أو التّطوّع فلا بأس على سيّده في ذلك.
فإن عجز فلم يؤدّ المكاتبة على نجومها كما اشترط سيّده فهو رقيقٌ إلا إن شاء سيّده أن يؤخّره.
فإن رجع مملوكًا وقد تصدّق عليه جعل سيّده ما أخذ منه من الصّدقة في المكاتبين.
وإذا كاتبه وعنده مالٌ لم يعلم به سيّده ثمّ أدّى مكاتبته فذلك المال للسّيّد.
وكلّ مالٍ أصابه في كتابته فهو له إذا أدّى كتابته وولاؤه لسيّده الّذي كاتبه.
وإن كانت مملوكته فولدت في مكاتبتها فأولادها بمنزلتها، إذا أدّت خرجوا أحرارًا معها، وإن عجزت فرجعت مملوكةً رجعوا مملوكين معها.
[تفسير القرآن العظيم: 1/446]
- حدّثنا سعيدٌ وحمّادٌ عن قتادة أنّ ابن عمر وجابر بن عبد اللّه قالا: لمواليه شروطهم، فإن عجز ردّ في الرّقّ.
به يأخذ يحيى.
- وحدّثني بحر بن كنيزٍ، عن الزّهريّ قال: قضى عمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان وزيد بن ثابتٍ وعائشة وابن عمر وعمر بن عبد العزيز أنّه عبدٌ قنٌّ ما بقي عليه درهمٌ حياته وموته.
قال: ولو ترك مالا فهو عبدٌ أبدًا حتّى يؤدّى، لو لم يبق عليه إلا درهمٌ واحدٌ حتّى يوفّيه.
- وحدّثنا سعيدٌ، عن أبي معشرٍ، عن إبراهيم أنّ ابن مسعودٍ قال: إذا أدّى الثّلث أوقف رقبته فهو غريمٌ.
قال يحيى: يعني بالوقوف الثّمن.
وحدّثنا المسعوديّ، عن الحكم بن عتيبة قال: المكاتب تجرى فيه العتاقة في أوّل نجمٍ يؤدّى.
- وحدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن خلاسٍ أنّ عليًّا قال: إذا عجز استسعى سنتين فإن أدّى وإلا ردّ في الرّقّ.
لا يأخذ به يحيى.
- قال: وحدّثني عبد اللّه بن عمر العمريّ، عن نافعٍ، عن ابن عمر أنّ مكاتبًا له جاءه فقال: إنّي قد عجزت.
فقال له ابن عمر: لا تفعل فإنّي رادّك في الرّقّ.
فقال: إنّي قد عجزت.
فردّه في الرّقّ ثمّ أعتقه بعد ذلك.
قوله: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} [النور: 33] سعيدٌ عن قتادة قال: أمروا أن يدع طائفةً من مكاتبيه أو يساغ له.
قال يحيى: وبلغني أنّ عليًّا قال: يدع له الرّبع.
- قال: وحدّثنا المبارك بن فضالة، عن عبيد اللّه بن عمر، عن فضالة أبي المبارك، عن أبيه قال: سألت عمر بن الخطّاب المكاتبة على أربعين ومائة وقيّةٍ، ففعل ولم يستزدني.
ثمّ أرسل إلى حفصة فقال: إنّي كاتبت غلامي، وإنّه ليس عندي اليوم شيءٌ، فابعثي لي بمائتي درهمٍ حتّى يأتيني شيءٌ، أو قال: يخرج عطائي.
فبعثت إليه بمائتي درهمٍ، فأخذها في يده ثمّ تلا هذه الآية: {والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} [النور: 33] ثمّ قال: هاك
[تفسير القرآن العظيم: 1/447]
بارك اللّه لك.
فدفعها إليّ من قبل أن أؤدّي شيئًا.
فبارك اللّه لي حتّى أدّيت مكاتبتي، وعتقت، وفعلت.
قوله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} [النور: 33] يعني الزّنا.
{إن أردن تحصّنًا} [النور: 33] سعيدٌ عن قتادة قال: عفّةً وإسلامًا.
{لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا} [النور: 33] سعيدٌ عن قتادة قال: كان الرّجل يكره مملوكته على البغاء فيكثر ولدها.
قال يحيى: بلغني عن الزّهريّ قال: نزلت في أمةٍ لعبد اللّه بن أبيّ ابن سلولٍ كان يكرهها على رجلٍ من قريشٍ رجاء أن تلد منه، فيفدي ولده، فذلك العرض الّذي كان ابن أبيٍّ يبتغي.
قوله: {ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ} [النور: 33] سعيدٌ عن قتادة قال: فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ لهنّ غفورٌ رحيمٌ وليست لهم.
وكذلك هي في حرف ابن مسعودٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/448]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {والّذين يبتغون الكتاب...}

يعني المكاتبة. و(الذين) في موضع رفع كما قال {والّلذان يأتيانها منكم فآذوهما} والنصب جائز. وقوله: {إن علمتم فيهم خيراً} يقول إذا رجوتم عندهم وفاء وتأدية للمكاتبة {وآتوهم مّن مّال اللّه الّذي آتاكم} حثّ الناس على إعطاء المكاتبين. ... حدثنا حبّان عن الكلبي عن أبي صالح عن عليّ بن أبي طالب قال: يعطيه ثلث مكاتبته. يعني المولى يهب له ثلث مكاتبته.
وقوله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} البغاء: الزنى. كان أهل الجاهلية يكرهون الإماء ويلتمسون منهنّ الغلّة فيفجرن، فنهى أهل الإسلام عن ذلك {ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ} لهنّ {غفورٌ رّحيمٌ} ). [معاني القرآن: 2/251]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):({ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}مجازها إمائكم والفتى في موضعها العبد أيضاً والبغاء مصدر: البغي وهو الزناء).[مجاز القرآن: 2/66]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فتياتكم}: إمائكم والفتى العبد.
{والبغاء}: الزنا). [غريب القرآن وتفسيره: 271]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {والّذين يبتغون الكتاب} أي يريدون المكاتبة من العبيد والإماء، على أنفسهم.
{فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً} عفافا وأمانة {وآتوهم من مال اللّه} أي أعطوهم، أوضعوا عنهم شيئا مما يلزمهم.
{ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} أي لا تكرهوا الإماء على الزنا.
{لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا} أي لتأخذوا من أجورهم على ذلك.
{ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ} يقال: للإماء). [تفسير غريب القرآن: 304]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وعلى لفظ الأمر وهو إباحة:
كقوله: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً}، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}). [تأويل مشكل القرآن: 280]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (وليستعفف الّذين لا يجدون نكاحا حتّى يغنيهم اللّه من فضله والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنا لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفور رحيم}
ومعنى {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنا} أي: لا تكرهوهن على البغاء ألبتّة، وليس المعنى: لا تكرهوهن إن أردن تحصنا. وإن لم يردن فليس لنا أن نكرههنّ.
وقوله: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله} فحث اللّه - عزّ وجلّ - على النكاح وأعلم أنه سبب لنفي الفقر.
ويروى عن عمر رحمه اللّه أنه قال: عجت لامرئ كيف لا يرغب في الباءة واللّه يقول {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله}.
وقوله: {والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا}.
معنى {إن علمتم فيهم خيرا} قيل إن علمتم أداء ما يفارق عليه، أي علمتم أنهم يكتبون ما يؤدّونه.
ومعنى المكاتبة أن يكاتب الرجل عبده أو أمته
على أن يفارقه، أنه إذا أدّى إليه كذا وكذا من المال في كذا وكذا من النجوم فالعبد حر إذا أدّى جميع ما عليه، وولاؤه لمولاه الذي كاتبه، لأن مولاه جاد عليه بالكسب الذي هو في الأصل لمولاه.
وقوله: (وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم) هذا - عند أكثر الفقهاء - على الندب، للمولى أن يعطيه شيئا مما يفارقه عليه، أو من ماله ما يستعين به على قضاء نجومه، وله ألّا يفعل، وكذلك له أن يكاتبه إذا طلب المكاتبة وله ألّا يكاتبه.
ومخرج هذا الأمر مخرج الإباحة، كما قال: {وإذا حللتم فاصطادوا} لأنه حرّم عليهم الصيد ما داموا حرما.
وكذلك قوله: {فإذا قضيت الصّلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل اللّه} هذا بعد أن حظر عليهم البيع في وقت النداء إلى الصلاة، فهذا أباحه
فيه لأن العبد المملوك لا مال له، ولا يقدر على شيء، فأباح اللّه لهم أن يقدروه.
ويروى عن عمر أنه كاتب عبدا له يكنى أبا أميّة، وهو أول عبد كوتب في الإسلام، فأتاه بأول نجم فدفعه إليه عمر، وقال له: استعن به على مكاتبتك، فقال: لو أخرته إلى آخر نجم، فقال أخاف ألّا أدرك ذلك.
وقوله: {أو نسائهنّ ..} وذلك أنه لا يحل أن ترى المشركات ما يحل أن تراه المؤمنات من المؤمنات، يعنى بنسائهن نساء المؤمنات، (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض).
وقوله تعالى: (أو ما ملكت أيمانهنّ أو التّابعين غير أولي الإربة).
" غير " صفة للتابعين دليل على قوله: {أو ما ملكت أيمانهنّ}، معناه أيضا غير أولي الإربة من الرجال.
والمعنى لا يبدين زينتهن لمماليكهنّ ولا لتباعهنّ إلا أن يكونوا غير أولي إربة. والإربة الحاجة، ومعناه ههنا غير ذوي الحاجات
إلى النساء فأمّا خفض " غير " فصفة للتابعين، وإن كانت " غير " توصف بها النكرة، فإنّ التابعين ههنا ليس بمقصود إلى قوم بأعيانهم، إنما معناه لكل تابع غير أولي إربة.
ويجوز " غير " بنصب " غير " على ضربين:
أحدهما الاستثناء، المعنى لا يبدين زينتهن إلا للتابعين إلا أولي الإربة فلا يبدين زينتهن لهم، ويجوز أن يكون منصوبا على الحال، فيكون المعنى، والتابعين لا مريدين النساء أي في هذه الحال.
وقوله عزّ وجلّ: {أو الطّفل الّذين لم يظهروا على عورات النّساء}.
ويقرأ " عورات " - بالفتح الواو - لأن فعلة يجمع على فعلات – بفتح العين - نحو قولك جفنة وجفنات، وصحفة وصحفات، فإذا كان نحو قولك لوزة وجوزة وعورة،
فالأكثر أن تسكن، وكذلك قوله بيضات، لثقل الحركة مع الواو والياء، ومن العرب من يلزم الأصل والقياس في هذا فيقول جوازات وبيضات.
وعلى هذا قرئ عورات. ومعنى لم يظهروا على عورات النساء، لم يبلغوا أن يطيقوا النساء، كما تقول: قد ظهر فلان على فلان إذا قوي عليه.
ويجوز أن يكون {لم يظهروا على عورات النساء}لم يدروا ما قباحة عورات النساء من غيرها). [معاني القرآن: 4/42-40]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا}
قيل هذا على الحض والندب لا على الحتم والوجوب ولولا الإذن لما علمنا أن ذلك يجوز وكتاب ومكاتبة بمعنى واحد كما يقال قتال ومقاتلة
ثم قال جل وعز: {إن علمتم فيهم خيرا}
قال أبو جعفر في هذا اختلاف
قال الحسن أي دينا وأمانة
وقال إبراهيم النخعي أي صدقا ووفاء
وقال عبيدة إن أقاموا الصلاة
وقال سعيد بن جبير إن علمتم أنهم يريدون بذلك الخير
قال أبو جعفر وأجمعها قول سعيد بن جبير لأنه إذا أراد بذلك الخير استعمل الوفاء كما يستعمل أهل الدين، والوفاء والصدق والأمانة ومن يقيم الصلاة ويرى لها حقا
وفي الآية قول آخر
قال مجاهد وعطاء الخير ههنا المال وهذا بعيد جدا لأنه كان يجب على هذا أن يقول إن علمتم لهم خيرا
وأيضا فإن العبد مال لمولاه فكيف يقال إن علمتم لهم مالا
وقال أشهب سئل مالك عن قوله جل وعز: {إن علمتم فيهم خيرا} فقال إنه ليقال الخير القوة والأداء
قال أبو جعفر وهذا قول حسن أي قوة على الاحتراف والاكتساب ووفاء بما أوجب نفسه وصدق لهجة فأما المال وإن كان من الخير فليس هو في العبد وإنما يكون عنده أو له).
[معاني القرآن: 4/530-528]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم}
قال أبو جعفر في هذا ثلاثة أقوال:
أحدهما أن يكون على الحض والندب
كما روى ابن بريدة عن أبيه قال حثهم على هذا
ويروى هذا عن عمر وعثمان والزبير وعن إبراهيم النخعي ويكون المعنى وأعطوهم ما يستعينون به على قضاء الكتابة بدفع إليهم أو بإسقاط عنهم
والقول الثاني أن يسقط المكاتب عن مكاتبه شيئا محدودا
روي عن علي بن أبي طلب قال الربع وكذا قال مجاهد
وعن ابن مسعود قال الثلث
والقول الثالث قال سعيد بن جبير قال يضع عنه شيئا من كتابته ولم يحدوه
قال أبو جعفر قيل أولاها القول الأول لجلالة من قال به وأيضا فإن قوله تعالى: {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} معطوف على قوله: {فكاتبوهم} فيجب في العربية أن يكون مثله على الحض والندب وأيضا فإن قول علي عليه السلام الربع وقول عبد الله الثلث لا يوجب أن يكون ذلك حتما واجبا ويحتمل أن يكون على الندب
وقوله جل وعز: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}
قال مجاهد نزلت في عبد الله بن أبي بن سلول أمر أمته أن تزني فجاءته ببرد فأمرها أن تعود إلى الزنى فأبت فأنزل الله عز وجل: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}
وروى أبو سفيان عن جابر وعكرمة عن ابن عباس قال نزلت في عبد الله بن أبي أكره أمته على الزنى فأنزل الله جل وعز: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}
ويسأل عن قوله جل وعز: {إن أردن تحصنا}
فالجواب أن المعنى ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء البتة
وقوله جل وعز: {إن أردن تحصنا} متعلق بقوله سبحانه: {وأنكحوا الأيامى منكم إن أردن تحصنا}
ومعنى قوله: {لتبتغوا عرض الحياة الدنيا} لتبتغوا أجورهن مما يكسبن
وقوله تعالى: {ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم}
قال مجاهد فإن الله للمكرهات من بعد إكراههن غفور رحيم). [معاني القرآن: 4/534-530]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}: ذلك للإماء المكرهات على الزنا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 168]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَتَيَاتكم}: الإِمَـاء.
{البَغَـاءِ}: الزنـا). [العمدة في غريب القرآن: 219]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد أنزلنا إليكم آياتٍ مبيّناتٍ} [النور: 34] الحلال، والحرام، والأمر، والنّهي والإحكام.
{ومثلا من الّذين خلوا من قبلكم} [النور: 34] أخبار الأمم السّالفة.
وقال السّدّيّ: سنن العذاب في الأمم الخالية.
قال: {وموعظةً للمتّقين} [النور: 34] قال قتادة: وهو القرآن.
- وحدّثني النّضر بن معبدٍ، عن أبي قلابة، عن أبي الدّرداء قال: نزل القرآن على ستّ آياتٍ: آيةٌ مبشّرةٌ، وآيةٌ منذرةٌ، وآية فريضةٍ، وآية قصصٍ وإخبارٍ، وآيةٌ تأمرك، وآيةٌ تنهاك). [تفسير القرآن العظيم: 1/448]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولقد أنزلنا إليكم آياتٍ مّبيّناتٍ...}

قرأ يحيى بن وثّاب (مبيّناتٍ) بالكسر. والناس بعد {مبيّناتٍ} بفتح الياء، هذه والتي في سورة النساء الصغرى. فمن قال {مبيّنات} جعل الفعل واقعاً عليهنّ، وقد بيّنهن الله وأوضحهنّ {ومبيّنات}: هاديات واضحات). [معاني القرآن: 2/251]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد أنزلنا إليكم آيات مبيّنات ومثلا من الّذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتّقين}
يقرأ بالفتح والكسر - فمن قرأ مبيّناب بالفتح فالمعنى أنه ليس فيها لبس، ومن قرأ بالكسر فالمعنى أنها تبيّن لكم الحلال من الحرام). [معاني القرآن: 4/43]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات}
قال قتادة يعني القرآن فيه بيان الحلال من الحرام
ويقرأ مبينات بكسر الياء أي بينات هاديات). [معاني القرآن: 4/534]


رد مع اقتباس