عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 09:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 10]

{سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10)}


تفسير قوله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {سورةٌ أنزلناها} [النور: 1] أي هذه سورةٌ أنزلناها.
{وفرضناها وأنزلنا فيها آياتٍ بيّناتٍ لعلّكم تذكّرون} [النور: 1] لكي تذّكّروا.
وهي تقرأ على وجهين: {وفرضناها} [النور: 1]، وفرّضناها، على التّخفيف والتّثقيل.
فرض فيها فرائضه.
قال قتادة: وحدّ فيها حدوده، وسنّ فيها سنّته.
يعني ما فرض في هذه السّورة وسنّ فيها.
وقال السّدّيّ: {وفرضناها} [النور: 1] يعني بيّنّاها). [تفسير القرآن العظيم: 1/422]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(قوله: {سورةٌ أنزلناها...}

ترفع السّورة بإضمار هذه سورة أنزلناها. ولا ترفعها براجع ذكرها لأنّ النكرات لا يبتدأ به قبل أخبارها، إلا أن يكون ذلك جواباً؛ ألا ترى أنك لا تقول: رجل قام، إنما الكلام أن تقول: قام رجل. وقبح تقديم النكرة قبل خبرها أنّها توصل ثم يخبر عنها بخبر سوى الصلة. فيقال: رجل يقوم أعجب إليّ من رجلٍ لا يقوم: فقبح إذ كنت كالمنتظر للخبر بعد الصلة. وحسن في الجواب؛ لأنّ القائل يقول: من في الدار؟ فتقول: رجل (وإن قلت) رجلٌ فيها) فلا بأس؛ لأنه كالمرفوع بالردّ لا بالصفة.
ولو نصبت السّورة على قولك: أنزلناها سورةً وفرضناها كما تقول: مجرّداً ضربته كان وجهاً. وما رأيت أحدا قرأ به.
ومن قال (فرضناها) يقول: أنزلنا فيها فرائض مختلفة. وإن شاء: فرضناها عليكم وعلى من بعدكم إلى يوم القيامة. والتشديد لهذين الوجهين حسن). [معاني القرآن: 2/243-244]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {سورةٌ أنزلناها} مرفوعةٌ بالابتداء ثم جاء الفعل مشغولا بالهاء عن أن تعمل فيها ؛ وبعضهم ينصبها على قولهم زيداً لقيته والمعنى لقيت زيدا). [مجاز القرآن: 2/63]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فرّضناها} أي حددنا فيها الحلال والحرام، ومن خففه جعل معناه من الفريضة). [مجاز القرآن: 2/63]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فرضناها}: حددنا فيها الحلال والحرام. {وفرضناها}: من الفريضة). [غريب القرآن وتفسيره: 269]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فرضناها} فرضنا ما فيها). [تفسير غريب القرآن: 301]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} أي: أوجب لكم أن تكفّروا إذا حلفتم.
وبعض المفسرين يجعلها بمعنى: بيّن لكم كيف تكفّرون عنها.
قال: ومثلها: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} أي: بينّاها.
وقد يجوز في اللغة أن يكون فرضناها: أوجبنا العمل بما فيها). [تأويل مشكل القرآن: 475]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بيّنات لعلّكم تذكّرون}
القراءة الرفع، وقرأ عيسى بن عمر (سورة) بالنصب.
فأمّا الرفع فعلى إضمار هذه سورة أنزلناها، ورفعها بالابتداء قبيح لأنها نكرة و (أنزلناها) صفة لها. والنصب على وجهين، على معنى أنزلنا سورة، كما تقول زيدا ضربته،
وعلى معنى اتل سورة أنزلناها.
(وفرضناها) بتخفيف الراء، ويقرأ بالتشديد في الراء، فمن قرأ بالتخفيف فمعناه ألزمناكم العمل بما فرض فيها، ومن قرأ بالتشديد فعلى وجهين:
أحدهما على معنى التكثير، على معنى أنا فرضنا فيها فروضا كثيرة وعلى معنى بيّنّا وفضلنا ما فيها من الحلال والحرام). [معاني القرآن: 4/27]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {سورة أنزلناها وفرضناها} أي هذه سورة
وقرأ الأعرج ومجاهد وقتادة وأبو عمرو وفرضناها
قال قتادة أي: بيناها
وقال أبو عمرو أي: فصلناها
ومعنى فرضناها فرضنا الحدود التي فيها أي أوجبناها بأن جعلناها فرضا). [معاني القرآن: 4/493]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَرَضْنَاها}: مَنْ خَفَّفَها، جعلها بمعنى الفَرْض، وَمَنْ شَدَّدَها جعلها بمعنى التقطيع أي قطّعناها). [العمدة في غريب القرآن: 218]


تفسير قوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ} [النور: 2] هذا في الأحرار إذا لم يكونا محصنين، فإن كانا محصنين رجمًا.
- نا ابن لهيعة، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللّه في البكر ينكح ثمّ يزني قبل أن يجامع امرأته قال: الجلد عليه ولا رجم عليه حتّى يحصن.
وأمّا المملوكان فيجلدان خمسين خمسين وليس عليهما رجمٌ، ولا يقام حدّ الزّنا على أحدٍ حتّى يشهد عليه أربعة أحرارٍ عدولٍ يجيئون جميعًا غير متفرّقين حرًّا كان الزّاني أو
[تفسير القرآن العظيم: 1/422]
مملوكًا.
فإن شهد أربعةٌ على امرأةٍ، أحدهم زوجها، لم ترجم، ولاعنها زوجها وجلد الثّلاثة ثمانين ثمانين.
فإذا جاء الشّهود الأربعة متفرّقين جلدوا ثمانين ثمانين.
فأمّا الرّجل الزّاني فتوضع عنه ثيابه إذا جلد، وأمّا المرأة فيترك عليها من الثّياب ما يصل إليها الجلد.
وإن أقرّ الزّاني على نفسه بالزّنا، حرًّا كان أو مملوكًا لم يقم عليه الحدّ حتّى يقرّ على نفسه أربع مرّاتٍ.
قال: والجلد في الزّنا بالسّوط.
- نا بحرٌ السّقّاء، عن الزّهريّ قال: جاء ماعز بن مالكٍ إلى رسول اللّه عليه السّلام فأقرّ على نفسه بالزّنا.
فردّه ثلاث مرّاتٍ.
فجاءه في الرّابعة فأخذه أخذًا شديدًا فقال: " يجيء أحدكم ينبّ نبيب التّيس.
أندع حدًّا من حدود اللّه.
فأرسل إلى قومه فدعاهم فقال: أتعلمون به جنونًا؟ قالوا: لا.
فرجمه ".
- نا الخليل بن مرّة، عن يحيى بن أبي كثيرٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أتاه رجلٌ فقال: أصبت حدًّا فأقمه عليّ.
فدعا بسوطٍ، فأتي بسوطٍ شديدٍ فقال: سوطٌ دون هذا.
فأتي بسوطٍ منكسر العجز فقال: فوق هذا.
فأتي بسوطٍ بين السّوطين، فأمر به فجلد جلدًا بين الجلدين.
نا سعيدٌ عن قتادة: الجلد في الزّنا المتح الشّديد.
ويقول: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} [النور: 2] أي الجلد الشّديد.
نا سعيدٌ، عن الحسن وعطاءٍ قالا: أي حتّى لا تعطّل الحدود.
[تفسير القرآن العظيم: 1/423]
قال يحيى: وسألت سفيان الثّوريّ فقال لي مثل قولهما.
وقال السّدّيّ: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} [النور: 2] يعني في حكم اللّه الّذي حكم به على الزّناة.
- حدّثني إبراهيم بن محمّدٍ، عن داود بن حصينٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: لا يقام الحدّ حتّى يشهدوا أنّهم رأوه يدخل كما يدخل المرود في المكحلة.
قال يحيى: وأمّا الرّجم فهو في مصحف أبيّ بن كعبٍ وفي مصحفنا في سورة المائدة في قوله: {إنّا أنزلنا التّوراة فيها هدًى ونورٌ يحكم بها النّبيّون الّذين أسلموا للّذين هادوا والرّبّانيّون والأحبار} [المائدة: 44] حيث رجم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اليهوديّين حين ارتفعوا إليه.
- حدّثني المعلّى، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ بن حبيشٍ قال: قال لي أبيّ بن كعبٍ: يا زرّ، كم تقرءون سورة الأحزاب؟ قلت: ثلاثًا وسبعين آيةً.
قال: قطّ؟ قلت: قطّ.
قال: فواللّه إن كانت لتوازي سورة البقرة.
وإنّ فيها لآية الرّجم.
قلت: وما آية الرّجم يا أبا المنذر؟ قال: إذا زنى الشّيخ والشّيخة فارجموهما البتّة نكالا من اللّه واللّه عزيزٌ حكيمٌ.
- نا يحيى قال: نا المسعوديّ، عن القاسم بن عبد الرّحمن أنّ عمر بن الخطّاب حمد اللّه ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّ هذا القرآن نزل على رسول اللّه عليه السّلام فكنّا نقرأ: ولا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفرٌ، وآية الرّجم.
وإنّي
[تفسير القرآن العظيم: 1/424]
قد خفت أن يقرأ القرآن قومٌ يقولون: لا رجم، وإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد رجم ورجمنا.
واللّه لولا أن يقول النّاس: إنّ عمر زاد في كتاب اللّه لكتبتها.
ولقد نزلت وكتبناها.
قال يحيى: وقد رجم عثمان.
- وحدّثني حمّاد بن سلمة، عن عطاء بن السّائب، عن زاذان، عن عليٍّ قال: إذا أقرّ بالزّنا فأنا أوّل من يرجم، ثمّ يرجم النّاس، وإذا قامت البيّنة رجمت البيّنة ثمّ يرجم النّاس.
قال يحيى: ولا تحصن الأمة ولا اليهوديّة ولا النّصرانيّة، ولا يحصن المملوك الحرّة ولا يحصن الحرّ إذا كانت له امرأةٌ لم يدخل بها، ولا تحصن امرأةٌ لها زوجٌ لم يدخل بها.
وإذا أحصن الرّجل والمرأة بوطءٍ مرّةً واحدةً ثمّ زنى بعد ذلك وليست له امرأةٌ يوم زنى، أو زنت امرأةٌ ليس لها زوجٌ يوم زنت فهما محصنان يرجمان.
وإذا زنى أحد الزّوجين وقد أحصن ولم يحصن الآخر رجم الّذي أحصن منهما وجلد الّذي لم يحصن منهما مائةً.
ولا تحصن أمّ الولد وإن ولدت له أولادًا.
وإذا زنى الغلام أو الجارية وقد تزوّجا، وقد دخل الغلام بامرأته، أو دخل على الجارية زوجها، ولم يكن الغلام احتلم ولم تكن الجارية حاضت فلا حدّ عليهما، لا رجم ولا جلد حتّى يحتلم وتحيض ويغشى امرأته بعد ما احتلم ويغشى الجارية زوجها بعد ما حاضت فحينئذٍ يكونان محصنين.
وإذا كانت لرجلٍ أمّ ولدٍ قد ولدت منه فأعتقها، فتزوّجها، ثمّ زنى قبل أن يغشاها بعد ما أعتقت، فلا رجم عليه، ولا هي إن زنت حتّى يغشاها بعدما
[تفسير القرآن العظيم: 1/425]
أعتقت.
وإن كان مملوكًا تحته حرّةٌ فدخل بها، فأعتق، فزنى قبل أن يغشاها بعد ما أعتق فلا رجم عليه.
وإذا كان الزّوجان يهوديّين أو نصرانيّين فأسلما جميعًا ثمّ زنى أحدهما أيّهما كان قبل أن يغشاها بعدما أسلما، فلا رجم عليه حتّى يغشاها في الإسلام.
وإنّما رجم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم اليهوديّين لأنّهم تحاكموا إليه وإحصان أهل الشّرك في شركهم ليس بإحصانٍ حتّى يغشى في الإسلام.
قوله: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ} [النور: 2] رحمةٌ.
{في دين اللّه} [النور: 2] في حكم اللّه.
{إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر} [النور: 2] قد فسّرناها في صدر الآية.
قوله: {وليشهد عذابهما} [النور: 2] أي: جلدهما.
{طائفةٌ من المؤمنين} [النور: 2] يقال: الطّائفة رجلٌ فصاعدًا.
وقال السّدّيّ: {وليشهد} [النور: 2] يعني وليحضر {وليشهد عذابهما} [النور: 2] يعني جلدهما). [تفسير القرآن العظيم: 1/426]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ مّنهما...}

رفعتهما بما عاد من ذكرهما في قوله: {كلّ واحدٍ مّنهما} ولا ينصب مثل هذا؛ لأن تأويله الجزاء (ومعناه) - والله أعلم - من زنى فافعلوا به ذلك. ومثله {والشّعراء يتّبعهم الغاوون} معناه - والله أعلم: من قال الشعر اتّبعه الغواة. وكذلك {والسّارق والسّارقة}، {والّلذان يأتيانها منكم فآذوهما} ولو أضمرت قبل كلّ ما ذكرنا فعلاً كالأمر جاز نصبه،
فقلت: الزانية والزانى فاجلدوا:
وهي في قراءة عبد الله محذوفة الياء (الزان) مثل ما جرى في كتاب الله كثيرا من حذف الياء من الداع والمناد والمهتد وما أشبه ذلك. وقد فسّر.
وقوله: {ولا تأخذكم} اجتمعت القراء على التّاء إلا أبا عبد الرحمن فإنه قرأ (ولا يأخذكم) بالياء. وهو صواب؛ كما قال {وأخذ الذين ظلموا الصيّحة} وفي الرأفة والكأبة والسّأمه لغتان السّأمة فعلة والسّآمة مثل فعالة والرأفة والرآفة والكأبة والكآبة وكأنّ السّأمة والرأفة مرّة، والسّآمة المصدر، كما تقول: قد ضؤل ضآلةً، وقبح قباحة.
... حدثني قيس ومندل عن ليث عن مجاهد قال: الطّائفة: الواحد فما فوقه ... وكذلك حدثني حبّان عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عباس أنه واحد فما فوقه. وذلك للبكرين لا للمحصنين ومعنى الرأفة يقول: لا ترأفوا بالزانية والزاني فتعطّلوا حدود الله). [معاني القرآن: 2/244-245]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما " مرفوعا من حيث رفع " السّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما " وكان بعضهم ينصبهن).
[مجاز القرآن: 2/63]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه جمع يراد به واحد واثنان:
كقوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} واحد واثنان فما فوق.
وقال قتادة في قوله تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ} كان رجل من القوم لا يمالئهم على أقاويلهم في النبي صلّى الله عليه وسلم، ويسير مجانبا لهم،
فسماه الله طائفة وهو واحد.
وكان «قتادة» يقول في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ}: هو رجل واحد ناداه: يا محمد، إنّ مدحي زين، وإنّ شتمي شين.
فخرج إليه النبي، صلّى الله عليه وسلم
فقال: «ويلك، ذاك الله جل وعز» ونزلت الآية.
وقوله سبحانه: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ}، أي أخوان فصاعدا.
قوله سبحانه: {وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ}، جاء في التفسير: أنهما لوحان.
وقوله: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}، وهما قلبان.
وقوله: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ}، يعني عائشة وصفوان بن المعطّل.
وقال: {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}، وهو واحد، يدلك على ذلك قوله: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 284-282]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه جمع يراد به واحد واثنان:
كقوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}: واحد واثنان فما فوق.[تأويل مشكل القرآن: 282]
وقال قتادة في قوله تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ}: كان رجل من القوم لا يمالئهم على أقاويلهم في النبي صلّى الله عليه وسلم، ويسير مجانبا لهم، فسماه الله طائفة وهو واحد.
وكان «قتادة» يقول في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ}: هو رجل واحد ناداه: يا محمد، إنّ مدحي زين، وإنّ شتمي شين.
فخرج إليه النبي، صلّى الله عليه وسلم
فقال: «ويلك، ذاك الله جل وعز»ونزلت الآية.
وقوله سبحانه: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ}، أي أخوان فصاعدا.
قوله سبحانه: {وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ}، جاء في التفسير: أنهما لوحان.
وقوله: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}، وهما قلبان.[تأويل مشكل القرآن: 283]
وقوله: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ}، يعني عائشة وصفوان بن المعطّل.
وقال: {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}، وهو واحد، يدلك على ذلك قوله: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 284]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين اللّه إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}
القراءة الرفع، وقرأ عيسى بن عمر بالنصب، (الزانية والزاني) بفتح التاء.
وزعم الخليل وسيبويه أن النصب المختار وزعم سيبويه أن القراءة الرفع.
وزعم غيرهم من البصريين والكوفيين أن الاختيار الرفع، وكذا هو عندي، لأن الرفع كالإجماع في القراءة، وهو أقوى في العربيّة، لأن معناها معنى - من زنى فاجلدوه، فتأويله الابتداء، وقال سيبويه والخليل إن الرفع على معنى: " وفيما فرضنا عليكم الزانية والزاني " - بالرفع - أو الزانية والزاني فيما فرض عليكم.
والدليل على أن الاختيار الرفع قوله عزّ وجلّ: (واللذان يأتيانها منكم فآذوهما).
وإنّما اختار الخليل وسيبويه النصب لأنه أمر، وأنّ الأمر بالفعل أولى. والنصب جائز على معنى اجلدوا الزانية والزاني.
والإجماع أن الجلد على غير المحصنين، يجلد غير المحصن وغير المحصنة مائة جلدة، وينفى مع الجلد في قول كثير من الفقهاء، يجلد مائة ويغرب عاما.
فأمّا أهل العراق فيجلدونه مائة.
وقوله: (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين اللّه).
وتقرأ رأفة في دين الله على وزن رعافة، وتقرأ " يأخذكم بالياء ".
ورآفة مثل السآمة مثل قولك سئمت سآمة، ومثله كآبة ففعاله من أسماء المصادر، وسآمة على قياس كلالة.
وفعالة في الخصال مثل القباحة - والملاحة والفخامة.
وهذا يكثر جدا.
ومعنى (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين اللّه)، لا ترحموهما فتسقطوا عنهما ما أمر اللّه به من الحدّ، وقيل يبالغ في جلدهما.
وقوله تعالى: {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} القراءة إسكان اللام، ويجوز كسرها.
واختلف الناس في الطائفة، فقال بعضهم الواحد فما فوقه طائفة، وقال آخرون لا تكون الطائفة أقل من اثنين، وقال بعضهم ثلاثة، وقال بعضهم أربعة، وقال بعضهم عشرة،
فأمّا من قال واحد فهو على غير ما عند أهل اللغة، لأن الطائفة في معنى الجماعة وأقل الجماعة اثنان، وأقل ما يجب في الطائفة عندي اثنان.
والذي ينبغي أن يتحرى في شهادة عذاب الزاني أن يكونوا جماعة لأن الأغلب على الطائفة الجماعة). [معاني القرآن: 4/29-27]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}
قال أبو جعفر ليس بين أهل التفسير اختلاف أن هذا ناسخ لقوله تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم} إلى آخر الآية ولقوله: {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما}
فكان من زنى من النساء حبست حتى تموت ومن زنى من الرجال أوذي
قال مجاهد بالسب ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}
واختلفوا في المعنى
فقال أكثر أهل التفسير هذا عام يراد به خاص
والمعنى الزانية والزاني من الأبكار فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة
وقال بعضهم هو عام على كل من زنى من بكر ومحصن واحتج بحديث عبادة وبحديث علي رضي الله عنه أنه جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وقال جلدتها بكتاب الله عز وجل ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 4/495-494]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله}
قال مجاهد وعطاء والضحاك أي في تعطيل الحدود
والمعنى على قولهم لا ترحموهما فتتركوا حدهما إذا زنيا). [معاني القرآن: 4/496-495]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}
روي عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال الطائفة الرجل فما فوقه
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال الطائفة الرجل فما زاد
وكذا قال الحسن والشعبي
وروى ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن عطاء قال الطائفة الرجلان فصاعدا
وقال مالك الطائفة أربعة
قال أبو إسحاق لا يجوز أن تكون الطائفة واحدا لأن معناها معنى الجماعة والجماعة لا تكون لأقل من اثنين لأن معنى طائفة قطعة يقال أكلت طائفة من الشاة أي قطعة منها
وقد روى ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله عز وجل: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} أنهما كانا رجلين
قال أبو جعفر إلا أن الأشبه بمعنى الآية والله أعلم أن تكون الطائفة لأكثر من واحد في هذا الموضع لأنه إنما يراد به الشهرة وهذا بالجماعة أشبه). [معاني القرآن: 4/497-496]

تفسير قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ وحرّم ذلك على المؤمنين} [النور: 3] وذلك أنّ النّبيّ قدم المدينة وبها نساءٌ من نساء أهل الكتاب، وإماءٌ مشركاتٌ من إماء مشركي العرب، مجاهراتٌ بالزّنا، لهنّ راياتٌ مثل رايات البياطرة.
قال بعضهم: لا يحلّ من نساء أهل الكتاب إلا العفائف الحرائر، ولا نساء المشركين من غير أهل الكتاب.
وإماء المشركين حرامٌ على المؤمنين.
وقال بعضهم في قوله: {الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً} [النور: 3] يعني من كان يزني بتلك المؤاجرات من نساء أهل الكتاب ومن إماء المشركين، وإن كانت حرّةً من
[تفسير القرآن العظيم: 1/426]
المشركات، لا ينكحها إلا زانٍ من أهل الكتاب أو مشركٌ من مشركي العرب.
قال: {وحرّم ذلك على المؤمنين} [النور: 3] تزويجهنّ.
ثمّ حرّم نساء المشركات من غير أهل الكتاب زواني كنّ أو عفائف فقال: {ولا تنكحوا المشركات حتّى يؤمنّ} [البقرة: 221].
{ولا تنكحوا المشركين حتّى يؤمنوا} [البقرة: 221] قال: ولا بأس بتزويج الحرّة الّتي قد زنت وإن أقيم عليها الحدّ.
وبعضهم يقول: نزلت في كلّ زانيةٍ ثمّ نسخت فيما حدّثني نصر بن طريفٍ وأبو أميّة، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب قال: نسختها: {وأنكحوا الأيامى منكم} [النور: 32]
- وحدّثني ابن أبي ذئبٍ، عن شعبة مولى ابن عبّاسٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّ رجلًا أتاه فقال: إنّي أصبت من امرأةٍ ما حرّم اللّه، فأذهب اللّه ذلك ورزقني توبةً، فأردت أن أتزوّجها، وإنّهم يقولون: {الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً} [النور: 3].
فقال: كنّ بغايا لهنّ راياتٌ مثل رايات البياطرة فيدخل عليهنّ النّاس.
اذهب فتزوّجها.
فما كان من إثمٍ فهو عليّ.
- وحدّثني همّامٌ عن قتادة أنّ أبيّ بن كعبٍ ورجلًا من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لم يروا بأسًا إذا زنى الرّجل بالمرأة أن يتزوّجها وقالوا: الشّرك أعظم من ذلك.
قال يحيى: يعنون أنّها قد تكون مشركةً ثمّ تسلم، فهو أعظم من الزّنا). [تفسير القرآن العظيم: 1/427]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {الزّاني لا ينكح...}

يقال: الزاني لا يزني إلاّ بزانية من بغايا كنّ بالمدينة، فهمّ أصحاب الصّفّة أن يتزوجوهنّ فيأووا إليهنّ ويصيبوا من طعامهن، فذكروا ذلك للنبي عليه السّلام فأنزل الله عزّ وجل هذا، فأمسكوا عن تزويجهن لمّا نزل {وحرّم ذلك على المؤمنين} يعني الزاني). [معاني القرآن: 2/245]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {الزّاني لا ينكح إلّا زانية أو مشركة والزّانية لا ينكحها إلّا زان أو مشرك وحرّم ذلك على المؤمنين}
ويجوز الزاني لا ينكح إلّا زانية، والزانية لا ينكحها إلا زان ولم يقرأ بها. وتأويل (الزّاني لا ينكح إلّا زانية) على معنى لا يتزوّج.
وكذلك الزانية لا يتزوجها إلا زان.
وقال قوم: إنّ معنى النكاح ههنا الوطء، فالمعنى عندهم الزاني لا يطأ إلّا زانية والزانية لا يطؤها إلا زان.
وهذا القول يبعد، لأنه لا يعرف شيء من ذكر النكاح في كتاب اللّه إلا على معنى التزويج، قال اللّه سبحانه: {وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم}،
فهذا تزويج لا شكّ فيه.
وقال اللّه، عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ} فاعلم عزّ وجلّ أن عقد التزويج يسمّى النكاح.
وأكثر التفسير أن هذه الآية نزلت في قوم من المسلمين فقراء كانوا بالمدينة، فهمّوا بأن يتزوجوا ببغايا من بالمدينة - يزنين، ويأخذن الأجرة.
فأرادوا التزويج بهن لِيَعُلْنَهُمْ، فأنزل الله عزّ وجلّ تحريم ذلك، وقيل إنهم أرادوا أن يسامحوهنّ، فأعلموا أن ذلك حرام.
ويروى أن الحسن قال: إن الزاني إذا أقيم عليه الحدّ لا يزوج إلا بامرأة أقيم عليها الحدّ مثله، وكذلك المرأة إذا أقيم عليها الحدّ عنده لا تزوج إلا برجل مثلها.
وقال بعضهم: الآية منسوخة نسخها قوله: {وأنكحوا الأيامى منكم}.
وأكثر القول أن المعنى ههنا على التزويج.
ويجوز {وحرّم ذلك على المؤمنين} بمعنى وحرّم اللّه ذلك على المؤمنين، ولم يقرأ بها.
وهذا لفظه لفظ خبر، ومعناه معنى الأمر، ولو كان على ما قال من قال إنه الوطء لما كان في الكلام فائدة، لأن القائل إذا قال الزانية لا تزني إلا بزان.
والزاني لا يزني إلا بزانية، فليس فيه فائدة إلا على جهة التغليظ في الأمر، كما تقول للرجل الذي قد عرفته بالكذب: هذا كذاب، تريد تغليظ أمره.
فعلى ما فيه الفائدة وما توجبه اللغة أن المعنى معنى التزويج). [معاني القرآن: 4/30-29]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين}
قال مجاهد والزهري وقتادة كان في الجاهلية نساء معلوم منهن الزنى فأراد ناس من المسلمين نكاحهن فنزلت الآية
{الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} وهذا القول الأول
وقال الحسن الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله
قال حبيب المعلم فقال رجل لعمرو بن شعيب إن الحسن يقول كذا فقال ما عجبك من هذا حدثني سعيد بن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله))
وقال إبراهيم النخعي نحوه
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال النكاح ههنا الجماع
وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال الزاني من أهل القبلة لا يزني إلا بزانية من أهل القبلة أو مشركة والزانية من أهل القبلة لا تزني إلا بزان من أهل القبلة أو مشرك
قال أبو جعفر فهذه ثلاثة أقوال
وفي الآية قول رابع كأنه أولاها
حدثنا إسحاق بن إبراهيم المعروف بالقطان قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثنا الليث قال حدثنا يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري عن سعيد بن المسيب أنه قال:
يزعمون أن تلك الآية الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك نسخت بالآيات التي بعدها {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم} فدخلت الزانية في أيامى المسلمين
وإنما قلنا كأن هذا أولى لأن حديث القاسم عن عبد الله مضطرب الإسناد، وحديث سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله قبل نزول الآية الناسخة
والقول الثالث أن يكون النكاح هو الجماع زعم أبو إسحاق أنه بعيد وأنه لا يعرف في القرآن النكاح بمعنى الجماع وقوله تعالى: {وحرم ذلك على المؤمنين} فدل على أنه التزويج لأنه لا يقال في الزنى هو محرم على المؤمن خاصة
وقول من قال إنهن نساء معلومات يدل على أن ذلك كان في شيء بعينه ثم زال فقد صار قول سعيد أولاها
وأيضا فإن سعيدا قال يزعمون فدل على أنه أخذه عن غيره وإنما يأخذه عن الصحابة). [معاني القرآن: 4/500-497]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وحرم ذلك على المؤمنين}
قال ابن عباس يعني الزنى). [معاني القرآن: 4/501-500]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين يرمون المحصنات} [النور: 4] يقذفون المحصنات بالزّنا.
والمحصنات الحرائر المسلمات.
وقال السّدّيّ: {والّذين يرمون المحصنات} [النور: 4] يعني العفائف عن
[تفسير القرآن العظيم: 1/427]
الفواحش: الحرائر المسلمات، وكذلك الرّجل الحرّ المسلم إذا قذف.
قال: {ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء} [النور: 4] يجيئون جميعًا يشهدون عليه بالزّنا.
{فاجلدوهم ثمانين جلدةً} [النور: 4] يجلد بالسّوط ضربًا بين الضّربين، لا توضع عنه ثيابه، ولا يرفع الجلاد يده حتّى يرى بياض إبطه ويجلد في ثيابه الّتي قذف فيها إلا أن يكون عليه فروٌ، أو قباءٌ محشوٌّ، أو جبّةٌ محشوّةٌ.
وليس على قاذف المملوك، ولا المكاتب، ولا أمّ الولد، ولا المدبر، ولا الذّمّيّ، ولا الذّمّيّة حدٌّ.
وإن قذف المملوك حرًّا جلد أربعين جلدةً، وإن قذف اليهوديّ أو النّصرانيّ المسلم جلد ثمانين.
ولا يجلد الوالد إذا قذف ولده، ويجلد الولد إذا قذف والده.
ولا يجلد المملوكان إذا قذف بعضهم بعضًا.
وإذا أقيم على الرّجل أو المرأة الحدّ في الزّنا، ثمّ افترى عليه أحدٌ بعد ذلك، فلا حدّ عليه.
وإذا جلد القاذف ثمّ عاد لقذف الّذي كان قذفه لم يكن عليه إلا الحدّ الأوّل.
- وحدّثني إبراهيم بن محمّدٍ، عن داود بن حصينٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: لو افترى أبو بكرة على المغيرة بن شعبة مائة مرّةٍ ما كان عليه إلا الحدّ الأوّل.
قوله: {ولا تقبلوا لهم شهادةً أبدًا وأولئك هم الفاسقون} [النور: 4] العاصون، وليس بفسق الشّرك.
وهي كبيرةٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/428]
- وحدّثني أبو أميّة، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «قذف المحصنة من الكبائر»). [تفسير القرآن العظيم: 1/429]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {والّذين يرمون المحصنات...}

(وبالكسر) بالزنى {ثمّ لم يأتوا} الحكام {بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شهادةً أبداً} القاذف لا تقبل له شهادة، توبته فيما بينه وبين ربه، وشهادته ملقاة.
وقد كان بعضهم يرى شهادته جائزةً إذا تاب ويقول: يقبل الله توبته ولا نقبل نحن شهادته! ). [معاني القرآن: 2/246-245]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الإحصان هو: أن يحمى الشيء ويمنع منه...،
والمحصنات: العفائف، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} يعني العفائف.
وقال الله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} أي عفّت). [تأويل مشكل القرآن: 511]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( وقوله تعالى:{والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون} معنى {يرمون المحصنات} أي: بالزنا، لكنه لم يقل بالزنا، لأن فيما تقدّم من ذكر الزانية والزاني دليلا على أن المعنى ذلك.
وموضع (الذين) رفع بالابتداء.
وعلى قراءة عيسى بن عمر، يجب أن يكون موضع {الذين يرمون المحصنات} نصبا على معنى اجلدوا الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء.
وعلى ذلك اختيار سيبويه والخليل.
والمحصنات ههنا: اللواتي أحصنّ فروجهنّ بالعفّة). [معاني القرآن: 4/30]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون * إلّا الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنّ اللّه غفور رحيم}
اختلف الناس في قبول شهادة القاذف، فقال بعضهم: إذا تاب من قذفه قبلت شهادته.
ويروى أن عمر بن الخطاب قبل شهادة قاذفين، وقال لأبي بكرة إن تبت قبلت شهادتك.
وتوبته أن يرجع عن القذف.
وهذا مذهب أكثر الفقهاء، وأما أهل العراق فيقولون شهادته غير مقبولة لقول اللّه تعالى: (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا)، قالوا، وقوله: {إلّا الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنّ اللّه غفور رحيم}
قالوا: هذا الاستثناء من قوله: {وأولئك هم الفاسقون}، فاستثني التائبون من الفاسقين.
وقال من زعم أن شهادته مقبولة أن الاستثناء من قوله: (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا. إلا الّذين تابوا قالوا وقوله: {وأولئك هم الفاسقون} صفة لهم.
وأجمعوا أن من قذف وهو كافر ثم أسلم وتاب، وكان بعد إسلامه عدلا قبلت شهادته وإن كان قاذفا، والقياس قبول شهادة القاذف إن تاب واللّه - عزّ وجلّ -
يقول في الشهادات: {ممن ترضون من الشهداء} فليس القاذف بأشد جرما من الكافر، فحقه أنه إذا تاب وأصلح قبلت شهادته، كما أن الكافر إذا أسلم وأصلح قبلت شهادته.
فإن قال قائل: فما الفائدة في قوله (أبدا)؟
قيل الفائدة أن الأبد لكل إنسان مقدار مدته في حياته، ومقدار مدّته فيما يتصل بقصّته. فتقول: الكافر لا يقبل منه شيء أبدا فمعناه، ما دام كافرا فلا يقبل منه شيء.
وكذلك إذا قلت: القاذف لا تقبل منه شهادة أبدا، فمعناه ما دام قاذفا، فإذا زال عنه الكفر فقد زال أبده، وكذلك القاذف إذا زال عنه القذف فقد زال عنه أبده، ولا فرق بين هذا وذلك. - وتقرأ (ثم لم يأتوا بأربعة شهداء) - بالتنوين - (فاجلدوهم)، فأربعة
مخفوضة منونة، و (شهداء) صفة للأربعة، في موضع جرّ.
ويجوز أن يكون في موضع نصب من جهتين:
إحداهما على معنى ثم لم يحضروا أربعة شهداء، وعلى نصب الحال مع النكرة ثم لم يأتوا حال الشهادة.
فأمّا (إلا الّذين تابوا) فيجوز أن يكون في موضع جر على البدل من الهاء والميم، على معنى ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا إلا الذين تابوا.
ويجوز أن يكون في موضع نصب على الاستثناء على قوله: (وأولئك هم الفاسقون - إلا الّذين تابوا)، وإذا استثنوا من الفاسقين أيضا.
فقد وجب قبول شهادتهم لأنهم قد زال عنهم اسم الفسق). [معاني القرآن: 4/32-30]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك}
قال أبو جعفر في هذه الآية ثلاثة أحكام على القاذف منها جلده
وترك قبول شهادته وتفسيقه
وفيها ثلاثة أقوال :
أحدها قاله الحسن وشريح وإبراهيم أن الاستثناء من قوله: {وأولئك هم الفاسقون} وقالوا: لا تقبل شهادته وإن تاب وهذا قول الكوفيين
والقول الثاني أن يكون الاستثناء من قوله تعالى: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} أي إلا من تاب فإنه تقبل شهادته
وهذا قول مسروق وعطاء ومجاهد وطاووس
ويروى عن عمر ابن الخطاب أنه قال لأبي بكرة إن تبت قبلت شهادتك وهذا قول أهل المدينة
والقول الثالث يروى عن الشعبي أنه قال الاستثناء من الأحكام الثلاثة
فإذا تاب وظهرت توبته لم يحد وقبلت شهادته وزال عنه التفسيق لأنه قد صار ممن يرضى من الشهداء وقد قال الله عز وجل: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى}
قال أبو جعفر يجوز أن يكون الاستثناء من قوله: {وأولئك هم الفاسقون} كما ذكرنا في القول الأول ويكون الذين في موضع نصب إلا أنه يجب أن يزول عنه اسم الفسوق فيجب قبول شهادته ويكون عدلا ويجوز أن يكون الاستثناء من قوله: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} ويكون الذين في موضع خفض بمعنى إلا الذين تابوا ويكون قبول شهادته أوكد وهو أيضا متعارف عن عمر فهو أولى أيضا لهذا
ويجوز أن يكون كما روي عن الشعبي إلا أن الفقهاء على خلافه
وفي الكلام حذف المعنى والذين يرمون المحصنات بالزنى ثم حذف لأن قبله ذكر الزانية والزاني
والفائدة في قوله جل وعز: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} أن أبدا مقدار مدة حياة الرجل ومقدار انقضاء قصته
فإذا قلت الكافر لا تقبل له شهادة أبدا فمعناه ما دام كافرا وإذا قلت القاذف لا تقبل له شهادة أبدا فمعناه ما دام قاذفا وهذا من جهة اللغة وكلام العرب يؤكد قبول شهادته،
وألا يكون أسوأ حالا من القاتل). [معاني القرآن: 4/501-504]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {إلا الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} [النور: 5] نا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن وسعيد بن المسيّب قالا: توبته فيما بينه وبين اللّه، ولا شهادة له.
قال يحيى: رجعٌ إلى أوّل الآية: {ولا تقبلوا لهم شهادةً أبدًا} [النور: 4]
- وحدّثني بحرٌ السّقّاء قال: سألت الزّهريّ عن الرّجل يجلد في القذف ثمّ يتوب أتقبل شهادته قال: حدّثني سعيد بن المسيّب أنّ الرّهط الّذين شهدوا على المغيرة بن شعبة: أبو بكرة، وشبل بن معبدٍ البجليّ، وعبد اللّه بن الحارث، وزيادٌ أمير البصرة، لمّا قدموا المدينة قيل لهم: أشهدتم على رجلٍ من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم؟ فأمضى أبو بكرة
الشّهادة، وشبل بن معبدٍ، وعبد اللّه بن الحارث.
وأبى زيادٌ أن يمضي الشّهادة.
قال: رأيت منظرًا قبيحًا.
فقال لهم عمر: من رجع عن شهادته أجزنا شهادته في المسلمين، فرجع شبل بن معبدٍ وعبد اللّه بن الحارث، وأبى أبو بكرة أن يرجع عن شهادته.
فأجاز عمر شهادتهما وتأوّل هذه الآية: {والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شهادةً أبدًا وأولئك هم الفاسقون {4} إلا الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ {5}} [النور: 4-5] قال يحيى: يرى عمر أنّ توبتهم أن يرجعوا.
وليس عليه النّاس، لأنّه لا شهادة لهم بعد أبدًا.
قال يحيى: وكذلك حدّثني حمّاد بن سلمة، عن داود بن أبي هندٍ، عن
[تفسير القرآن العظيم: 1/429]
الشّعبيّ مثل قول عمر.
وقال الشّعبيّ: يقوم على رءوس النّاس فيكذّب نفسه.
والنّاس على قول الحسن وسعيد بن المسيّب أنّ شهادته لا تجوز أبدًا.
- وحدّثني إبراهيم بن محمّدٍ، عن داود بن حصينٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: لم تقبل لأبي بكرة شهادةٌ لأنّه لم يرجع عن شهادته.
وحدّثني الحسن بن دينارٍ، عن الحسن قال: شهادة كلّ من أقيم عليه الحدّ جائزةٌ إذا تاب، غير القاذف.
نا عمّارٌ، عن الحسن بن دينارٍ، عن الحسن في العبد يقذف الحرّ قال: يجلد أربعين ولا تجوز شهادته أبدًا وإن أعتق). [تفسير القرآن العظيم: 1/430]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون * إلّا الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنّ اللّه غفور رحيم}

اختلف الناس في قبول شهادة القاذف، فقال بعضهم: إذا تاب من قذفه قبلت شهادته.
ويروى أن عمر بن الخطاب قبل شهادة قاذفين، وقال لأبي بكرة إن تبت قبلت شهادتك.
وتوبته أن يرجع عن القذف.
وهذا مذهب أكثر الفقهاء، وأما أهل العراق فيقولون شهادته غير مقبولة لقول اللّه تعالى: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا}،
قالوا، وقوله: (إلّا الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنّ اللّه غفور رحيم).
قالوا: هذا الاستثناء من قوله: (وأولئك هم الفاسقون)، فاستثني التائبون من الفاسقين.
وقال من زعم أن شهادته مقبولة أن الاستثناء من قوله: (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا. إلا الّذين تابوا قالوا وقوله: (وأولئك هم الفاسقون) صفة لهم.
وأجمعوا أن من قذف وهو كافر ثم أسلم وتاب، وكان بعد إسلامه عدلا قبلت شهادته وإن كان قاذفا، والقياس قبول شهادة القاذف إن تاب واللّه - عزّ وجلّ - يقول في الشهادات: (ممن ترضون من الشهداء) فليس القاذف بأشد جرما من الكافر، فحقه أنه إذا تاب وأصلح قبلت شهادته، كما أن الكافر إذا أسلم وأصلح قبلت شهادته.
فإن قال قائل: فما الفائدة في قوله (أبدا)؟
قيل الفائدة أن الأبد لكل إنسان مقدار مدته في حياته، ومقدار مدّته فيما يتصل بقصّته. فتقول: الكافر لا يقبل منه شيء أبدا فمعناه، ما دام كافرا فلا يقبل منه شيء.
وكذلك إذا قلت: القاذف لا تقبل منه شهادة أبدا، فمعناه ما دام قاذفا، فإذا زال عنه الكفر فقد زال أبده، وكذلك القاذف إذا زال عنه القذف فقد زال عنه أبده، ولا فرق بين هذا وذلك - وتقرأ (ثم لم يأتوا بأربعة شهداء) - بالتنوين - (فاجلدوهم)، فأربعة مخفوضة منونة، و (شهداء) صفة للأربعة، في موضع جرّ.
ويجوز أن يكون في موضع نصب من جهتين:
إحداهما على معنى ثم لم يحضروا أربعة شهداء، وعلى نصب الحال مع النكرة ثم لم يأتوا حال الشهادة.
فأمّا (إلا الّذين تابوا) فيجوز أن يكون في موضع جر على البدل من الهاء والميم، على معنى ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا إلا الذين تابوا.
ويجوز أن يكون في موضع نصب على الاستثناء على قوله: (وأولئك هم الفاسقون - إلا الّذين تابوا)، وإذا استثنوا من الفاسقين أيضا.
فقد وجب قبول شهادتهم لأنهم قد زال عنهم اسم الفسق). [معاني القرآن: 4/32-30] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والّذين يرمون أزواجهم...}
بالزنى نزلت في عاصم بن عدي لمّا أنزل الله الأربعة الشهود، قال: يا رسول الله إن دخل أحدنا فرأى على بطنها رجلاً (يعني امرأته) احتاج أن يخرج فيأتي بأربعة شهداء إلى ذلك ما قد قضى حاجته وخرج. وإن قتلته قتلت به. وإن قلت: فعل بها جلدت الحدّ. فابتلي بها. فدخل على امرأته وعلى بطنها رجل، فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما. وذلك أنها كذّبته فينبغي أن يبتدئ الرجل فيشهد فيقول: والله الذي لا إله إلا هو إنّي صادق فيما رميتها به من الزنى، وفي الخامسة، وإنّ عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنى: ثم تقول المرأة فتفعل مثل ذلك، ثم تقوم في الخامسة فتقول: إنّ عليها غضب الله إن كان من الصّادقين فيما رماها به من الزنى. ثم يفرّق بينهما فلا يجتمعان أبداً.
وأمّا رفع قوله: {فشهادة أحدهم} فإنه من جهتين. إحداهما: فعليه أن يشهد فهي مضمرة، كما أضمرت ما يرفع {فصيام ثلاثة} وأشباهه، وإن شئت جعلت رفعه بالأربع الشهادات: فشهادته أربع شهادات كأنك قلت والذي يوجب من الشهادة أربع، كما تقول: من أسلم فصلاته خمس. وكان الأعمش ويحيى يرفعان الشهادة والأربع، وسائر القراء يرفعون الشهادة وينصبون الأربع؛ لأنهم يضمرون للشهادة ما يرفعها، ويوقعونها على الأربع. ولنصب الأربع وجه آخر. وذلك أن يجعل {باللّه إنّه لمن الصّادقين} رافعة للشهادة
كما تقول: فشهادتي أن لا إله إلا الله، وشهادتي إن الله لواحد. وكلّ يمين فهي ترفع بجوابها، العرب تقول: حلفٌ صادقٌ لأقومنّ، وشهادة عبد الله لتقومنّ. وذلك أن الشهادة كالقول. فأنت تراه حسناً أن تقول: قولي لأقومنّ وقولي إنك لقائم.
و (الخامسة) في الآيتين مرفوعتان بما بعدهما من أنّ وأنّ. ولو نصبتهما على وقوع الفعل كان صواباً: كأنك قلت: وليشهد الخامسة بأنّ لعنة الله عليه. وكذلك فعلها يكون نصب الخامسة فإضمار تشهد الخامسة بأن غضب الله عليها). [معاني القرآن: 2/247-246]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والّذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلّا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات باللّه إنّه لمن الصّادقين}
معناه والذين يرمون أزواجهم بالزنا.
وقوله: {فشهادة أحدهم أربع شهادات باللّه}.
ويقرأ أربع شهادات باللّه بالنصب، فمن قرأ أربع بالرفع فعلى خبر الابتداء، المعنى فشهادة أحدهم التي تدرأ حدّ القاذف أربع،
والدليل على ذلك قوله عزّ وجلّ: {ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات باللّه}.
ومن نصب أربعا فالمعنى فعليهم أن يشهد أحدهم أربع شهادات.
وعلى معنى فالذي يدرأ عنها العذاب أن يشهد أحدهم أربع شهادات (والخامسة أن لعنة الله عليه).
ويجوز والخامسة أن لعنة اللّه عليه، وكذلك والخامسة أن غضب اللّه عليها، والخامسة جميعا، فمن قال: والخامسة فعلى معنى ويشهد الخامسة.
فإذا قذف القاذف امرأته، فشهادته أن يقول: أشهد باللّه إني لمن الصادقين فيما قذفتها به، أو يقول: أحلف باللّه إني لمن الصادقين فيما قذفتها به، أربع مرات،
ويقول في الخامسة لعنة اللّه عليه إن كان من الكاذبين.
وكذلك تقول المرأة: أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما قذفني به، أربع مرات، وتقول في الخامسة: وعليّ غضب الله إن كان من الصادقين.
وهذا هو اللّعان، فإذا تلاعنا فرق بينهما، واعتدّت عدّة المطلّقة من وقتها ذلك.
فإذا فعلا ذلك لم يتزوجها أبدا في قول أكثر الفقهاء من أهل الحجاز وبعض الكوفيين يتابعهم، وهو أبو يوسف، والقياس ما عليه أهل الحجاز، لأن القاذف قذفها بالزّنا،
فهو لا ينبغي له أن يتزوّج بزانية، وليس يظهر لهذا توبة، واللّعان لا يكون إلا بحاكم من حكام المسلمين). [معاني القرآن: 4/33-32]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والذين يرمون أزواجهم}
في هذا قولان:
أحدهما أن المعنى والذين يقولون لأزواجهم يا زواني أو يقول لها رأيتك تزنين وهذا قول أهل الكوفة
والقول الآخر أنه يقول لها رأيتك تزنين لا غير وهذا قول أهل المدينة
قال أبو جعفر والقول الأول أولى لأن الرمي في قوله: {والذين يرمون المحصنات} هو أن يقول لها يا زانية أو رأيتك تزنين فيجب أن يكون هذا مثله). [معاني القرآن: 4/504]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم}
روى إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كان رجل معنا جالسا ليلة جمعة فقال إن أحدنا وجد مع امرأته رجلا فإن قتله قتلتموه وإن تكلم حددتموه وإن سكت سكت على غيظ اللهم احكم فأنزلت والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم إلى آخر الآية
وقال سهل بن سعد جاء عويمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم في وسط الناس فسأله وذكر الحديث وقال في آخره فطلقها ثلاثا
وقال عبد الله بن عمر فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما.

تفسير قوله تعالى: {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين}
وتقرأ والخامسة بمعنى ويشهد الشهادة الخامسة
والمعنى أنه لعنة الله عليه وأنشد سيبويه:

في فتية كسيوف الهند قد علموا = أن هالك كل من يحفى وينتعل).
[معاني القرآن: 4/506-505]

تفسير قوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهاداتٍ باللّه إنّه لمن الصّادقين {6} والخامسة أنّ لعنة اللّه عليه إن كان من الكاذبين {7} ويدرأ عنها} [النور: 6-8] عن المرأة.
{العذاب} [النور: 8] الحدّ، الرّجم إن كان دخل بها أو أحصنت قبله، أو الجلد إن لم تكن محصنةً). [تفسير القرآن العظيم: 1/430]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
(" ويدرأ عنها العذاب " مجازه، عنها الحد والرجم). [مجاز القرآن: 2/63]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ويدرأ عنها العذاب}: يدفع عنها. والعذاب ها هنا الحد والرجم). [غريب القرآن وتفسيره: 269]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويدرؤا عنها العذاب} أي يدفعه عنها. والعذاب: الرّجم). [تفسير غريب القرآن: 301]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويدرأ عنها العذاب}
معنى يدرأ يدفع
وفي معنى العذاب ههنا قولان:
أحدهما أنه الحبس
والآخر أنه الحد). [معاني القرآن: 4/506]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَيَدْرَأُ}: أي يدفع عنها العذاب، أي الحد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 167]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {العَذَابِ}: الحـد). [العمدة في غريب القرآن: 218]

تفسير قوله تعالى: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أن تشهد أربع شهاداتٍ باللّه إنّه لمن الكاذبين {8} والخامسة أنّ غضب اللّه عليها إن كان من الصّادقين {9}} [النور: 8-9] يعني زوجها في قذفه إيّاها.
وذلك إذا ارتفعا إلى الإمام.
وإن لم يرتفعا إلى الإمام فهي امرأته.
وإن ارتفعا إلى الإمام وثبت على قذفها، قال أربع مرّاتٍ عند الإمام: أشهد باللّه إنّي لصادقٌ، أشهد باللّه إنّي لصادقٌ، أشهد باللّه إنّي لصادقٌ، أشهد باللّه إنّي لصادقٌ.
ثمّ يقول الخامسة: لعنة اللّه عليّ إن كنت من الكاذبين.
وتقول هي أربع مرّاتٍ: أشهد باللّه إنّه لكاذبٌ يعني زوجها، أشهد باللّه إنّه لكاذبٌ، أشهد باللّه إنّه لكاذبٌ، أشهد
[تفسير القرآن العظيم: 1/430]
باللّه إنّه لكاذبٌ.
ثمّ تقول الخامسة: غضب اللّه عليّ إن كان من الصّادقين.
قال يحيى: ذكره حمّادٌ، عن أيّوب، عن سعيد بن جبيرٍ.
ثمّ يفرّق بينهما ولا يجتمعان أبدًا.
- نا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن المغيرة، عن إبراهيم أنّ عمر بن الخطّاب قال: إذا لاعن الرّجل امرأته ثمّ فرّق بينهما، لم يجتمعا أبدًا.
فإن أكذب نفسه قبل أن يفرغا من الملاعنة جلد حدّ القاذف ثمانين، وهي امرأته.
ذكره حمّادٌ، عن الحجّاج بن أرطاة، عن عطاءٍ.
وإن كان لاعنها في إنكار ولدها، ألحق الولد بها وهي عصبته وعصبتها بعدها.
وإن أكذب نفسه وقد بقي من الملاعنة شيءٌ جلد حدّ القذف وهي امرأته والولد له.
وإن أكذب نفسه بعد اللّعان، جلد ولا سبيل له عليها.
قال بعضهم: ويلحق الولد به.
أبو بكر بن عيّاشٍ، عن المغيرة، عن إبراهيم قال: إذا لاعن الرّجل امرأته ثمّ أكذب نفسه، جلد وردّ إليه ولده.
ولا يلاعن الرّجل امرأته الأمة، ولا اليهوديّة، ولا النّصرانيّة.
وإن أنكر الرّجل ولده من اليهوديّة أو النّصرانيّة لزمه الولد، وإن أنكر ولده من الأمة، بعد ما أقرّ به مرّةً واحدةً، لزمه الولد.
وإذا قذف الرّجل امرأته الحرّة قبل أن يدخل بها، ثمّ ارتفعا إلى السّلطان، تلاعنا.
وإذا طلّق الرّجل امرأته الحرّة واحدةً أو اثنتين ثمّ قذفها، تلاعنا ما كانت في العدّة إن ارتفعا إلى السّلطان). [تفسير القرآن العظيم: 1/431]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته} [النور: 10] سعيدٌ عن قتادة في قوله: {قل بفضل اللّه وبرحمته فبذلك فليفرحوا} [يونس: 58] قال: فضل اللّه الإسلام، ورحمته القرآن.
وقال السّدّيّ: {ولولا فضل اللّه} [النور: 10] يعني: ولولا منّ اللّه عليكم ورحمته، يعني ونعمته أي لأهلك الكاذب من المتلاعنين.
[تفسير القرآن العظيم: 1/431]
{وأنّ اللّه توّابٌ حكيمٌ} [النور: 10] توّابٌ على من تاب من ذنبه، حكيمٌ في أمره). [تفسير القرآن العظيم: 1/432]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته...}

متروك الجواب؛ لأنه معلوم المعنى. وكذلك كلّ ما كان معلوم الجواب فإن العرب تكتفى بترك جوابه؛ ألا ترى أن الرجل يشتم صاحبه فيقول المشتوم: أما والله لولا أبوك، فيعلم أنه يريد لشتمتك، فمثل هذا يترك جوابه. وقد قال بعد ذلك فبيّن جوابه فقال {لمسّكم فيما أفضتم فيه عذابٌ عظيمٌ} {وما زكى منكم من أحدٍ} فذلك يبيّن لك المتروك).
[معاني القرآن: 2/247]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته وأنّ اللّه توّاب حكيم}
ههنا جواب لولا متروك، والمعنى - واللّه أعلم - ولولا فضل الله عليكم لنال الكاذب لما ذكرنا عذاب عظيم، ويدل عليه:{ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته في الدّنيا والآخرة لمسّكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم} ). [معاني القرآن: 4/33]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم}
في الكلام حذف
والمعنى ولولا فضل الله عليكم ورحمته لنال الكاذب منكم عذاب عظيم). [معاني القرآن: 4/507]


رد مع اقتباس