عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 11:32 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) )

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما...}
مرفوعان بما عاد من ذكرهما. والنصب فيهما جائز؛ كما يجوز أزيد ضربته، وأزيدا ضربته. وإنما تختار العرب الرفع في "السارق والسارقة" لأنهما [غير] موقّتين، فوجّها توجيه الجزاء؛ كقولك: من سرق فاقطعوا يده، فـ (من) لا يكون إلا رفعا، ولو أردت سارقا بعينه أو سارقة بعينها كان النصب وجه الكلام. ومثله {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما} وفي قراءة عبد الله "والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهما".
وإنما قال (أيديهما) لأنّ كل شيء موحّد من خلق الإنسان إذا ذكر مضافا إلى اثنين فصاعدا جمع. فقيل: قد هشمت رءوسهما، وملأت ظهورهما وبطونهما ضربا. ومثله {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما}.
وإنما اختير الجمع على التثنية لأن أكثر ما تكون عليه الجوارح اثنين في الإنسان: اليدين والرجلين والعينين. فلما جرى أكثره على هذا ذهب بالواحد منه إذا أضيف إلى اثنين مذهب التثنية. وقد يجوز تثنيتهما؛ قال أبو ذؤيب:
فتخالسا نفسيهما بنوافذ=كنوافذ العبط التي لا ترقع
وقد يجوز هذا فيما ليس من خلق الإنسان. وذلك أن تقول للرجلين: خلّيتما نساءكما، وأنت تريد امرأتين، وخرقتما قمصكما.
وإنما ذكرت ذلك لأن من النحويين من كان لا يجيزه إلاّ في خلق الإنسان، وكلٌّ سواء. وقد يجوز أن تقول في الكلام: السارق والسارقة فاقطعوا يمينهما؛ لأن المعنى: اليمين من كل واحد منهما؛ كما قال الشاعر:
كلوا في نصف بطنكم تعيشوا=فإنّ زمانكم زمن خميص
وقال الآخر:
الواردون وتيم في ذرى سبأٍ=قد عضّ أعناقهم جلد الجواميس
من قال: (ذرى) جعل سبأ جيلا، ومن قال: (ذرى) أراد موضعا.
ويجوز في الكلام أن تقول: أتني برأس شاتين، ورأس شاة. فإذا قلت: برأس شاة فإنما أردت رأسي هذا الجنس، وإذا قلت برأس شاتين فإنك تريد به الرأس من كل شاة؛ قال الشاعر في غير ذلك:
كأنه وجه تركيّين قد غضبا=مستهدف لطعانٍ غير تذبيب). [معاني القرآن: 1/306-308]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما) (38) هما مرفوعان كأنهما خرجا مخرج قولك: وفي القرآن السّارق والسارقة، وفي الفريضة: السارق والسارقة جزاؤهما أن تقطع أيديهما فاقطعوا أيديهما؛ فعلى هذا رفعا أو نحو هذا، ولم يجعلوهما في موضع الإغراء فينصبوهما، والعرب تقول: الصّيد عندك، رفع وهو في موضع إغراء، فكأنه قال: أمكنك الصيد عندك فالزمه، وكذلك: الهلال عندك، أي طلع الهلال عندك فانظر إليه، ونصبهما عيسى بن عمر. ومجاز (أيديهما) مجاز يديهما، وتفعل هذا العرب فيما كان من الجسد فيجعلون الاثنين في لفظ الجميع.
(نكالاً من الله) (38) أي عقوبة وتنكيلا). [مجاز القرآن: 1/165-166]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة العامة {والسارق والسارقة}.
عيسى بن عمر النحوي البصري "والسارق والسارقة".
[معاني القرآن لقطرب: 478]
وقد فسرنا ذلك). [معاني القرآن لقطرب: 479]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({نكالًا من اللّه} أي عظة من اللّه بما عوقبا به لمن رآهما.
ومثله قوله: {فجعلناها نكالًا لما بين يديها وما خلفها}). [تفسير غريب القرآن: 143]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من اللّه واللّه عزيز حكيم (38)
اختلف النحويون في تفسير الرفع فيهما.
قال سيبويه وكثير من البصريين إن هذا وقوله: (الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحد منهما مائة جلدة).
وقوله: (واللّذان يأتيانها منكم فآذوهما).
هذه الأشياء مرفوعة على معنى:
وفيما فرض اللّه عليكم السارق والسارقة، والزانية والزاني، أو السارق والسارقة فيما فرض اللّه عليكم.
ومعنى قولهم هذا: فيما فرض عليكم حكم السارق والسارقة.
وقال سيبويه: الاختيار في هذا النصب في العربيّة.
كما تقول زيدا أضربه، وقال أبت العامّة القراءة إلاّ بالرّفع، يعني بالعامة الجماعة.
وقرأ عيسى ابن عمر: " والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما ".
وكذلك الزانية والزاني، وهذه القراءة وإن كان القارئ بها مقدّما لا أحب أن يقرأ بها، لأن الجماعة أولى بالاتباع، إذ كانت القراءة سنة.
قال أبو إسحاق: ودليلي أن القراءة الجيدة بالرفع في.. والزانية والزاني.
في، (والسّارق والسّارقة) قوله جل ثناؤه: (واللذان يأتيانها منكم فآذوهما).
وقال غير سيبويه من البصريين. وهو محمد بن يزيد المبرد: اختار أن يكون (والسّارق والسّارقة) رفعا بالابتداء، لأن القصد ليس إلى واحد بعينه.
فليس هو مثل قولك زيدا فأضربه، إنما هو كقولك: من سرق فاقطع يده.
ومن زنى فاجلده، وهذا القول هو المختار، وهو مذهب بعض البصريين والكوفيين.
وقيل " أيديهما " يعني به أيمانهما. وفي قراءة ابن مسعود "والسّارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم."
قال بعض النحويين: إنما جعلت تثنية ما في الإنسان منه واحد؛ لأنّ أكثر أعضائه فيه منه اثنان فحمل ما كان فيه الواحد على مثل ذلك.
قال لأن للإنسان عينين فإذا ثنيت قلت عيونهما فجعلت قلوبكما وظهورهما في القرآن، وكذلك أيديهما، وهذا خطأ، إنما ينبغي أن يفصل بين ما في الشيء منه واحد، وبين ما في الشيء منه اثنان.
وقال قوم: إنّما فعلنا ذلك للفصل بين ما في الشيء منه واحد وبين ما في الشيء منه اثنان فجعل ما في الشيء منه واحد تثنيته جمعا نحو قول الله عزّ وجلّ: (إن تتوبا إلى اللّه فقد صغت قلوبكما).
قال أبو إسحاق: وحقيقة هذا الباب أن كل ما كان في الشيء منه واحد لم يثنّ، ولفظ به على لفظ الجمع، لأن الإضافة تبينه، فإذا قلت أشبعت بطونهما علم أن للاثنين بطنين فقط، وأصل التثنية الجمع لأنك إذا ثنيت الواحد فقد جمعت واحدا إلى واحد، وكان الأصل أن يقال اثنا رجال، ولكن " رجلان " يدل على جنس الشيء وعدده، فالتثنية يحتاج إليها للاختصار، فإذا لم يكن اختصار ردّ الشيء إلى أصله، وأصله الجمع.
فإذا قلت قلوبهما فالتثنية في " هما " قد أغنتك عن تثنية قلب فصار الاختصار ههنا ترك تثنية قلب، وإن ثني ما كان في الشيء منه واحد فذلك جائز عند النحويين.
قال الشاعر:
=ظهراهما مثل ظهور الترسين.
فجاء بالتثنية والجمع في بيت واحد.
وحكى سيبويه أنه قد يجمع المفرد والذي ليس من شيء إذا أردت به التثنية.
وحكي عن العرب: " وضعا رحالهما " يريد رحلي راحلتهما.
وأجمعت الفقهاء أن السارق يقطع حرّا كان أو عبدا، وأن السارقة تقطع
حرّة كانت أو أمة، وأجمعوا أن القطع من الرسغ، والرسغ المفصل بين الكف والساعد، ويقال رسغ ورصغ والشين أجود (جزاء بما كسبا).
(جزاء) نصب لأنه مفعول به.
المعنى فاقطعوا بجزاء فعلهم.
وكذلك (نكالا من اللّه)، وإن شئت كانا منصوبين على المصدر الذي دل عليه فاقطعوا، لأن معنى فاقطعوا جازوهم ونكّلوا بهم). [معاني القرآن: 2/171-174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} قال سيبويه المعنى وفيما فرض عليكم السارق والسارقة). [معاني القرآن: 2/304]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {جزاء بما كسبا نكالا من الله} يقال نكلت به إذا فعلت به ما يجب أن ينكل به عن ذلك الفعل). [معاني القرآن: 2/304]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({نَكَالاً} عظة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 69]

تفسير قوله تعالى: (فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39) )
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم}
المعنى غفور له وجعل الله توبة الكافرين تدرأ عنهم الحدود؛ لأن ذلك أدعى إلى الإسلام وجعل توبة المسلمين عن السرقة والزنا لا تدرأ عنهم الحدود؛ لأن ذلك أعظم لأجورهم في الآخرة وأمنع لمن هم أن يفعل مثل فعلهم.
وقال مجاهد والشعبي: قرأ عبد الله بن مسعود (والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما) ). [معاني القرآن: 2/304-305]

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40) )


رد مع اقتباس