عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 2 محرم 1433هـ/27-11-2011م, 10:52 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77) }

تفسير قوله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وسألت الخليل عن مهما فقال هي ما أدخلت معها ما لغواً بمنزلتها مع متى إذا قلت متى ما تأتني آتك وبمنزلتها مع إن إذا قلت إن ما تأتني آتك وبمنزلتها مع أين كما قال سبحانه وتعالى: {أينما تكونوا يدرككم
الموت} وبمنزلتها مع أيٍ إذا قلت: {أياماً تدعوا فله الأسماء الحسنى} ولكنهم استقبحوا أن يكرروا لفظاً واحداً فيقولوا ماما فأبدلوا الهاء من الألف التي في الأولى وقد يجوز أن يكون مه كإذ ضم إليها ما). [الكتاب: 3/59-60]
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (والبروج: النجوم، كلّ برجٍ يومان وثلثٌ، وهي للشمس شهرٌ، وهي اثنا عشر برجاً، مسير القمر في كلّ برجٍ يومان وثلثٌ.
والبرج أيضاً: القصر المستطيل). [الأزمنة: 31] (م)
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (

لها محرم يطوى على صعدائها = كطي الدهاقين البناء المشيدا
...
والمشيد المجصص والشيد الجص). [نقائض جرير والفرزدق: 479]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (قال أبو عبيدة: البناء المُشَيَّد المطول والمَشِيد المعمول بالشِّيد وهو كل شيء طليت به الحائط من جص أو بلاط. وقال الكسائي: مَشِيد للواحد، وقال الله تعالى: {وقَصْر مَشِيد}، والمَشِيد
للجميع. قال الله تعالى: {في بروج مُشَيَّدة} ). [الغريب المصنف: 1/264-265] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وكل بابٍ فأصله شيءٌ واحدٌ، ثم تدخل عليه دواخل؛ لاجتماعها في المعنى. وسنذكر إن كيف صارت أحق بالجزاء? كما أن الألف أحق بالاستفهام، وإلا أحق بالاستثناء، والواو أحق بالعطف مفسراً إن شاء الله في هذا الباب الذي نحن فيه.

فأما إن فقولك: إن تأتني آتك، وجب الإتيان الثاني بالأول، وإن تكرمني أكرمك، وإن تطع الله يغفر لك، كقوله عز وجل: {إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم} {وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم}.
والمجازاة ب إذما قولك: إذما تأتني آتك؛ كما قال الشاعر:
إذ ما أنيت على الرسول فقل له = حقاً عليك إذا اطمأن المجلـس
ولا يكون الجزاء في إذ ولا في حيث بغير ما؛ لأنهما ظرفان يضافان إلى الأفعال. وإذا زدت على كل واحد منهما ما منعتا الإضافة فعملتا. وهذا في آخر الباب يشرح بأكثر من هذا الشرح إن شاء الله.
وأما المجازاة بـ (من) فقوله عز وجل: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً} وقوله: {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً}.
وبـ (ما) قوله: {ما يفتح الله للناس من رحمةٍ فلا ممسك لها}.
وبـ أين قوله عز وجل: {أينما تكونوا يدرككم الموت}. وقال الشاعر:
أين تضرب بنا العداة تجـدنـا = نصرف العيس نحوها للتلاقي
وبـ أنى قوله:
فأصبحت أنى تأتها تلتبس بـهـا = كلا مركبيها تحت رجليك شاجر
ومن حروف المجازاة مهما. وإنما أخرنا ذكرها؛ لأن الخليل زعم أنها ما مكررة، وأبدلت من الألف الهاء. وما الثانية زائدة على ما الأولى؛ كما تقول: أين وأينما، ومتى ومتى ما، وإن وإما، وكذلك حروف المجازاة إلا ما كان من حيثما وإذما. فإن ما فيهما لازمة. لا يكونان للمجازاة إلا بها، كما تقع رب على الأفعال إلا بـ ما في قوله: {ربما يود الذين كفروا}، ولو حذفت منها ما لم تقع إلا على الأسماء النكرات، نحو: رب رجل يا فتى.
والمجازاة بـ(أي) قوله: {أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} ). [المقتضب: 2/45-48] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال طرفة بن العبد:
كقنطرة الرومي أقسم ربها = لتكتنفًا حتى تشاد بقرمد
قوله"حتى تشاد" يقول: تطلى، وكل شيء طليت به البناء من جص أو جيار، وهو الكلس، فهو المشيد، يقال: دار مشيدةٌ، وقصر مشيدٌ، قال الله عز وجل: {وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} وقال الشماخ:

لا تحسبني وإن كنت امرأً غمرًا = كحية الماء بين الطين والشيد
وقال عدي بن زيد العبادي:
شاده مرمرًا وجلله كِْلـ = ـسًا فللطير في ذراه وكور
والمقرمد: المطلي أيضًا، فمن ثم قال: "حتى تشاد بقرمد" في معنى حتى تطلى، ومن ذلك قول النابغة:
............ = رابي المجسة بالعبير مقرمد).
[الكامل: 1/131-132]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} وأنا قضيتها عليك). [مجالس ثعلب: 368]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83) }

تفسير قوله تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84) }

تفسير قوله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (ويقال قد أقات على الشيء يقيت إقاتة إذا اقتدر عليه قال الشاعر:
(وذي ضغن كففت النفس عنه = وكنت على مساءته مقيتا)
أي مقتدرا وقال الله جل وعز: {وكان الله على كل شيء مقيتا} والمقيت الحافظ الشاهد للشيء قال الشاعر:
(

ليت شعري وأشعرن إذا ما = قربوها منشورة ودعيت)
(ألي الفضل أم على إذا حوسبت = إني على الحساب مقيت)
ويقال قد قات أهله يقوتهم قوتا والاسم القوت ويقال ما عنده قيت ليلة وقيتة ليلة). [إصلاح المنطق: 276-277]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {أَخْذَةً رَابِيَةً}. قال: زائدة. {يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} قال: حظ ونصيب). [مجالس ثعلب: 82] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا}: مقتدرًا {إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} قال: الفراء يقول: بل يزيدون. وغيره يقول: ويزيدون عندكم.
{لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ} أي تضعفون وتعنفون.
{أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} قال: أو، إنما هو لنا). [مجالس ثعلب: 112]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86) }
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (تفسير قوله تعالى {إن الله كان على كل شيء حسيبا}
وحدّثنا أبو بكر بن الأنباري، قال: في قوله عز وجل: {إن الله كان على كل شيء حسيبًا} أربعة أقوال، يقال: عالما، ويقال: مقتدرا، ويقال: كافيًا، ويقال: محاسبًا، فالذي يقول: كافيًا، يحتجّ بقوله جل وعز: {يا أيّها النّبيّ حسبك اللّه} [الأنفال: 64] ، أي: كافيك الله، وبقوله عز وجل: {عطاءً حسابًا}[النبأ: 36] أي كافيًا، وبقول الشاعر:
إذا كانت الهيجاء وانشقّت العصا = فحسبك والضّحّاك سيفٌ مهنّد
أي يكفيك ويكفي الضحاك، وبقول امرئ القيس:
فتملأ بيتنا أقطا وسمنا = وحسبك من غنىً شبع ورى
أي يكفيك الشّبع والرّيّ، وتقول العرب: أحسبني الشيء يحسبني إحسابًا وهو محسبٌ، قال الشاعر:
وإذ ما أرى في الناس حسنًا يفوقها = وفيهنّ حسنٌ لو تأملّت محسب
ويقول الآخر:
ونقفى وليد الحيّ إن كان جائعًا = ونحسبه إن كان ليس بجائع
أي نعطيه حتى يقول: حسبي أي كفاني، وقالت الخنساء:
يكّبون العشار لمن أتاهم = إذا لم تحسب المائة الوليدا
والذي يجعله بمعنى محاسب يحتجّ بقول قيس المجنون:

دعا المحرمون الله يستغفرونه = بمكة يومًا أن تمحي ذنوبها
وناديت يا رباه أوّل سؤلتي = لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها
فمعناه أنت محاسبها على ظلمها.
والذي يقول: عالما، يحتج بقول المخبّل السّعدي:
فلا تدخلنّ الدّهر قبرك حوبةً = يقوم بها يومًا عليك حسيب
أي محاسبك عليها عالم بظالمك والذي قال مقتدرًا، لم يحتجّ بشيء: والقولان الأوّلان صحيحان في الاشتقاق مع الرواية، والقولان الآخران لا يصحّان في الاشتقاق، ألا تراه قال في تفسير بيت المخّبل السّعدي: محاسبك عليها عالم بظلمك، فالحسيب في بيته المحاسب وهو بمنزلة قول العرب: الشّريب للمشارب). [الأمالي: 2/262]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87) }

تفسير قوله تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الاستنجاء أنه كان يأمر بثلاثة أحجار وينهى عن الروث والرمة.
قال: حدثنيه يحيى بن سعيد القطان عن ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو عمرو وغيره: أما الروث فروث الدواب.
وأما الرمة فهي العظام البالية، قال لبيد:
والنيب إن تعرمني رمة خلقا = بعد الممات فإني كنت أثئر
والرميم مثل الرمة، قال الله تبارك وتعالى: {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم}.
يقال منه: قد رم العظم فهو يرم، ويروى منه أن
أبي بن خلف أنه لما نزلت هذه الآية أتى بعظم بال إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يفته ويقول: أترى الله يا محمد يحيي هذا بعد ما قد رم؟
وفي حديث آخر أنه نهى أن يستنجى برجيع أو عظم. فأما الرجيع فقد يكون الروث والعذرة جميعا، وإنما سمي رجيعا لأنه رجع عن حاله الأولى بعد أن كان طعاما أو علفا إلى غير ذلك.
وكذلك كل شيء يكون من قول أو فعل يرد فهو رجيع، لأن معناه مرجوع أي مردود.
وقد يكون الرجيع الحجر الذي قد استنجى به مرة ثم رجع إليه فاستنجى به، وقد روي عن مجاهد أنه كان يكره أن يستنجى بالحجر الذي قد استنجى به مرة. وفي غير هذا الحديث أنه أتي بروث في الاستنجاء فقال: ((إنه ركس)). وهو شبيه المعنى بالرجيع.
يقال: ركست الشيء وأركسته لغتان إذا رددته، قال الله تبارك وتعالى: {والله أركسهم بما كسبوا} وتأويله فيما نرى أنه ردهم إلى كفرهم). [غريب الحديث: 3/240-243] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) }

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (ويقال قد أحصره المرض إذا منعه من السفر أو من حاجة يريدها قال الله عز وجل: {فإن أحصرتم} وقد حصره العدو يحصرونه حصرا إذا ضيقوا عليه ومنه قوله: {أو جاءوكم حصرت صدورهم} أي ضاقت ومنه:
(جرداء يحصر دونها جرامها )
أي: تضيق صدورهم من طول هذه النخلة ومنه قيل للمحبس حصير أي يضيق به على المحبوس قال الله جل وعز: {وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا} أي محبسا ومنه رجل حصور وحصير وهو الضيق الذي لا يخرج مع القوم ثمنا إذا اشتروا الشراب وقال الأخطل:

(وشارب مربح بالكأس نادمني = لا بالحصور ولا فيها بسوار)
أي: بمعربد). [إصلاح المنطق: 230] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقد أجاز قوم أن يضعوا فعل في موضعها. كما تقول: إن ضربتني ضربتك، والمعنى: إن تضربني أضربك.
وهذا التشبيه بعيد؛ لأن الحروف إذا دخلت حدثت معها معان تزيل الأفعال عن مواضعها.
ألا ترى أنك تقول: زيد يضرب غدا، فإذا أدخلت لم قلت لم يضرب أمس، فبدخول لم صارت يضرب في معنى الماضي. وتأولوا هذه الآية من القرآن على هذا القول، وهي قوله: {أو جاءوكم حصرت صدورهم}.
وليس الأمر عندنا كما قالوا. ولكن مخرجها والله أعلم إذا قرئت كذا الدعاء؛ كما تقول: لعنوا قطعت أيديهم. وهو من الله إيجاب عليهم.
فأما القراءة الصحيحة فإنما هي (أو جاءوكم حصرةً صدورهم).
ومثل هذا من الجمل قولك: مررت برجل أبوه منطلق، ولو وضعت في موضع رجل معرفة لكانت الجملة في موضع حال. فعلى هذا تجري الجمل.
وإذا كان في الثانية ما يرجع إلى الأول جاز ألا تعلقه به بحرف عطف، وإن علقته به فجيد.
وإذا كان الثاني لا شيء فيه يرجع إلى الأول فلا بد من حرف العطف وذلك قولك: مررت برجل زيد خير منه، وجاءني عبد الله أبوه يكلمه.
وإن شئت قلت: مررت بزيد عمرو في الدار فهو محال إلا على قطع خبر واستئناف آخر. فإن جعلته كلاماً واحداً قلت: مررت بزيد وعمرو في الدار.
وهذه الواو التي يسميها النحويون واو الابتداء، ومعناها: غذ. ومثل ذلك قوله: {يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم} والمعنى والله أعلم: إذ طائفة في هذه الحال، وكذلك قول المفسرين). [المقتضب: 4/124-125]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (تفسير قوله تعالى: {وجعلنا جهنّم للكافرين حصيرًا} [الإسراء: 8]
قال: وحدّثنا أبو بكر بن الأنباري، قال في قوله عز وجل: {وجعلنا جهنّم للكافرين حصيرًا} [الإسراء: 8] ، قال: معناه سجنًا وحبسًا، ويقال: حصرت الرجل أحصره حصرًا إذا حبسته وضيّقت عليه، قال الله عز وجل: {أو جاءوكم حصرت صدورهم} [النساء: 90] أي ضاقت صدورهم وقرأ الحسن: (حصرةً صدورهم) معناه ضيقة صدورهم، ويقال: أحصره المرض إذا حبسه، والحصير: الملك لأنه حصر أن يراه الناس، قال الشاعر:
ومقامةٍ غلب الرقاب كأنهم = جنٌّ لدى باب الحصير قيام).
[الأمالي: 2/306] (م)

تفسير قوله تعالى: {سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91) }
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (والسَّلم والسِّلم: الصّلح، والسَّلَم: الاستسلام). [الأمالي: 2/152]


رد مع اقتباس