عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:19 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (5) إلى الآية (7) ]
{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)}

قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {أءذا كنا ترابا أءنا لفي خلق جديد} [5].
قرأ عاصم وحمزة: {أءذا} {أءنا} بهمزتين، فالأولى توبيخ في لفظ الاستفهام، والثانية أصلية، همزة «إذا» وهمزة «إنا».
وقرأ أبو عمرو بالجمع بين استفهامين مثلهما غير أنه يجعل الهمزة الثانية مدة استثقالاً للجمع بينهما فيقول «أيذا» و«أينا».
وقرأ ابن كثير مثل أبي عمرو ولا يمد الهمزة الثانية لكنه يجعلها لفظة كالياء «أئذا» «أئنا» والياء ساكنة.
وقرأ نافع والكسائي بالاستفهام في الأول والحذف في الثاني، غير أن الكسائي يهمز همزتين مثل حمزة، ونافع مثل أبي عمرو. وحجتهما قوله: {أفإن مت فهم الخالدون} ولم يقل: أفهم.
وأما ابن عامر فإنه قرأ ضد الكسائي {إذا كنا} {أءنا} وحجته في ذلك أن الاستفهامين إذا اجتمعا كانا بمنزلة الاستفهام مع جوابه والعرب تخزل الاستفهام اجتزاء بالجواب فيقولون: قام زيد أم عمرو؟ يريدون: أقام زيد أم عمرو؟ قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/323]
نروح من الحي أم تبتكر = وماذا يضرك لو تنتظر
أراد: أتروح؟ كما قال في البيت الثاني:
أمرخ خيامهم أم عشر = أم القلب في إثرهم منحدر
المرخ والعُشر: شجران، فالمرخ: نبت بنجد، والعُشر بغور تهامة، فقول: لا أدري أنجدوا أم غاروا. والعرب تقول: «في كل الشجر نار، واستمجد المرخ والعفار»). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/324]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الاستفهام وتركه من قوله: أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد [الرعد/ 5].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: (أيذا كنا ترابا أينا لفي خلق جديد) جميعا بالاستفهام، غير أنّ أبا عمرو يمدّ الهمزة، ثم
[الحجة للقراء السبعة: 5/10]
يأتي بالياء ساكنة، وابن كثير يأتي بياء ساكنة بعد الهمزة من غير مدّ.
وقرأ نافع: (أيذا كنا) مثل أبي عمرو، واختلف عنه في المدّ، وقرأ: إنا لفي خلق جديد مكسورة على الخبر ووافقه الكسائيّ في اكتفائه بالاستفهام الأول من الثاني، غير أنّه كان يهمز همزتين.
وقرأ عاصم وحمزة: أإذا كنا.. أئنا بهمزتين فيهما.
وقرأ ابن عامر: (إذا كنا) مكسورة الألف من غير استفهام (آئنا) يهمز ثم يمدّ، ثم يهمز في وزن: عاعنا، هكذا قال لي أحمد بن محمد بن بكر عن هشام بن عمّار بإسناده عن ابن عامر، يدخل بينهما ألفا، فذكر بعض من روى عن ابن ذكوان عن يحيى بن الحارث أإذا بهمزتين لا ألف بينهما، مثل قراءة حمزة، والمعروف عن ابن عامر أإذا بهمزتين من غير ألف.
من قرأ: أإذا كنا ترابا، أئنا جميعا بالاستفهام فموضع أإذا نصب بفعل مضمر يدلّ عليه قوله: أإنا لفي خلق جديد لأن هذا الكلام يدلّ على: نبعث ونحشر، فكأنّه قال: أنبعث إذا كنّا ترابا؟ ومن لم يدخل الاستفهام في الجملة الثانية كان موضع (إذا) أيضا نصبا بما دلّ عليه قوله: (إنا لفي خلق جديد) كأنه قال: أنبعث إذا كنا ترابا؟
[الحجة للقراء السبعة: 5/11]
وما بعد إنّ، في أنّه لا يجوز أن يعمل فيما قبله، بمنزلة الاستفهام، فكما قدّرت هذا الناصب لإذا مع الاستفهام، لأنّ الاستفهام لا يعمل ما بعده فيما قبله؛ كذلك تقدّره في إنّ لأنّ ما بعدها أيضا لا يعمل فيما قبلها.
وقول ابن عامر: (إذا كنا ترابا) من غير استفهام، أئنا ينبغي أن يكون على مضمر، كما حمل ما تقدّم على ذلك، لأنّ ما بعد الاستفهام منقطع ممّا قبله.
فأمّا قول أحمد: إنّ أبا عمرو يمدّ الهمزة، ثمّ يأتي بالياء ساكنة؛ فعبارة فيها تجوّز، وحقيقتها: إن أبا عمرو يأتي بهمزة الاستفهام. ويدخل بينها وبين همزة (إذا) مدّة، كما يفعل ذلك بقوله: أأنذرتهم [البقرة/ 6] ونحو ذلك مما يفصل فيه بالألف بين الهمزتين، كما يفصل بها بين النونات في: اخشينان، ويأتي بالهمزة بعد الألف بين بين، كما يأتي به بعد الألف في أئذا، إنّما هي همزة بين بين، بين الكسرة والياء، وليست ياء محضة، كما أنّ الهمزة في «المسائل» ليست ياء محضة إنّما هي همزة بين بين، فهذا تحقيق ما يريد، إن شاء الله.
وقول أحمد بن موسى: وابن كثير يأتي بياء ساكنة بعد الهمزة من غير مدّ، فهذا ليس على التخفيف القياسي، ولو كان عليه، لوجب أن تكون الهمزة بين بين، بين الياء وبين الهمزة، كما أنّ قولهم: سئم في المتصل، وإذ قال إبراهيم في المنفصل
[الحجة للقراء السبعة: 5/12]
كذلك، ولكنّه يبدل الياء من الهمزة إبدالا محضا، وهذا كما حكاه سيبويه من أنه سمع بعض العرب يقول: بيس، وقد جاء في الشعر في يومئذ، يومئذ، والأوّل يدلّان على قول ابن كثير). [الحجة للقراء السبعة: 5/13]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنّا ترابا أئنا لفي خلق جديد}
قرأ ابن عامر (وإن تعجب فعجب قولهم إذا كنّا) على الخبر {أئنا} بهمزتين على الاستفهام وحجته في ذلك أن الاستفهام منهم على إحيائهم بعد الممات ولم يستفهموا في كونهم ترابا لأنهم كانوا يعلمون أنهم يصيرون ترابا وما كانوا ينكرون وإنّما أنكروا البعث والنشور فيجب على هذا أن يكون موضع الاستفهام في الكلمة الثّانية في قوله {أئنا لفي خلق جديد} لا الأولى
وقرأ نافع والكسائيّ بالاستفهام في الأولى والثّاني على الخبر
[حجة القراءات: 370]
غير أن الكسائي قرأ بهمزتين ونافع بالمدّ وحجتهما في ذلك أن الاستفهام إذا دخل في أول الكلام أحاط بآخره والّذي يدل على هذا قوله تعالى {أئذا ما مت لسوف أخرج حيا} وقوله أيضا {أفإن مت فهم الخالدون} ألا ترى أنه لم يعد الاستفهام في قوله {فهم الخالدون} وأخرى لما كان أحد الاستفهامين علّة للآخر كان المعنى في أحدهما دون الآخر وكان الآخر علّة له يقع لوقوعه ويرتفع بارتفاعه ويدل عليه {أفإن مت فهم الخالدون} ولم يعد الاستفهام في {فهم} وهو موضعه وكذلك قال {أفإن مات أو قتل انقلبتم} فلم يعد الاستفهام مع قوله {انقلبتم على أعقابكم} وهناك معقد الاستفهام لأن معنى الكلام أفهم الخالدون إن مت وأفتنقلبون على أعقابكم إن مات أو قتل فالموت والقتل علّة للانقلاب والخلود وكذلك كونهم ترابا وموتهم علّة لإحيائهم ورجوعهم خلقا جديدا فلمّا كان ذلك كذلك جعل الاستفهام لما هو سبب للإحياء وهو الموت والتّراب
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة {أئذا} {أئنا} بالاستفهام في الكلمتين ومذهب ابن كثير القصر ومذهب أبي عمرو المدّ ومذهب عاصم وحمزة الهمزتان وحجتهم أن موضع الاستفهام في الكلمة الثّانية لأن المعنى أئنا لفي خلق جديد إذا كنّا ترابا فإنّما كان الاستفهام منهم عن إحيائهم بعد الممات ولم يستفهموا عن كونهم ترابا أعيد في موضعه الّذي هو فائدة السامعين في استفهامهم والعرب إذا بدؤوا بحرف قبل الموضع الّذي أرادوا إيقاعه فيه أعادوه في موضعه وقد نزل بذلك القرآن قال الله جلّ وعز {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون}
[حجة القراءات: 371]
وإنّما موضع الفائدة في الكلام الإخراج فلمّا بدئ ب أن قبل الإخراج أعيدت مع الإخراج وقد قيل إن الاستفهام الأول رد على كلام محذوف كأنّهم قالوا لهم إنّكم مبعوثون بعد الموت فردّوا الاستفهام وقالوا {أئذا كنّا ترابا} ). [حجة القراءات: 372]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (5- قوله: {أإذا كنا}، {أإنا} اختلف القراء في اجتماع الاستفهامين في أحد عشر موضعا في القرآن، قد ذكرت في الكتاب الأول، فقرأ نافع والكسائي في جميع ذلك بالاستفهام في الأول، والخبر في الثاني، وخالفا أصلهما في موضعين في النمل والعنكبوت فقرأهما نافع بالخبر في الأول والاستفهام في الثاني، وقرأ الكسائي في العنكبوت بالاستفهام في الأول والثاني، وقرأ في النمل على أصله، يستفهم بالأول، ويخبر في الثاني، غير أنه يزيد نونا في الثاني «إننا»، وقرأ ابن عامر في جميع ذلك بالخبر في الأول، وبالاستفهام في الثاني، وخالف أصله في ثلاثة مواضع في النمل والواقعة والنازعات، فقرأ في النمل، يستفهم بالأول، ويخبر في الثاني، ويزيد نونا في «إننا» كالكسائي، وقرأ في الواقعة بالاستفهام في الأول والثاني، وقرأ في والنازعات مثل نافع والكسائي، يستفهم بالأول، ويخبر بالثاني، وقرأ الباقون ذلك كله بالاستفهام في الأول والثاني، وخالف ابن كثير وحفص أصلهما في العنكبوت، فقرأه بالخبر في الأول، والاستفهام في الثاني، كنافع وابن عامر، واختلفوا في الجمع بين الهمزتين، والتخفيف للثانية إذا استفهموا، فكان الحرميان وأبو عمرو إذا استفهموا حققوا الأولى وخففوا الثانية بين الهمزة والياء، غير أن أبا عمرو وقالون يدخلان
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/20]
بين الهمزتين ألفًا فيمدان، وقرأ الباقون بالتحقيق للهمزتين في ذلك كله، على ما ذكرنا في اجتماع الهمزتين، غير أن هشامًا يدخل بين الهمزتين ألفًا مع التحقيق، وقد ذكرنا علة التحقيق والتخفيف وإدخال الألف بين الهمزتين، وغير ذلك فيما تقدم من الأصول، فأما علة الاستفهام والخبر فحجة من استفهم في الأول والثاني أنه أتى بالكلام على أصله، في التقرير والإنكار، أو التوبيخ بلفظ الاستفهام فيه، ففيه معنى المبالغة والتوكيد، فأكد بالاستفهام هذه المعاني، وزاده توكيدًا بإعادة لفظ الاستفهام في الثاني، فأجراهما مجرى واحد.
وحجة من أخبر في أحدهما واستفهم في الآخر أنه استغنى بلفظ الاستفهام في أحدهما عن الآخر، إذ دلالة الأولى على الثاني كدلالة الثاني على الأول، وأيضًا فإن ما بعد الاستفهام الثاني في أكثر هذه المواضع تفسير للعامل الأول، في «إذا» التي دخل عليها حرف الاستفهام، فاستغنى عن الاستفهام في الثاني بالأول). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/21]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : ( 5- {أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا} [آية/ 5] بالاستفهام فيهما:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة.
[الموضح: 699]
والوجه أن العامل في {أَئِذَا} فعلٌ مضمر، يدل عليه قوله {أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}، والتقدير: أنبعث أو أنحشر إذا كنا ترابًا، ثم أكد ذلك الفعل المضمر بقوله {أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}.
وقرأ نافع والكسائي ويعقوب {أَئِذا} بالاستفهام، {إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} على الخبر.
والوجه أن العامل في {إذا} أيضًا مضمر كما ذكرناه وهو أنبعث أو أنحشر، ولا يجوز أن يعمل في {إذا} ما بعد {إنّا} من قوله {خلقٍ جديد}؛ لأن ما بعد إن لا يعمل فيما قبلها، وقوله {إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} على هذا كلامٌ مبتدأٌ به مؤكد لما قبله، وإن كان خبرًا لا استفهامًا لأنه يتضمن الاستبعاد.
وقرأ ابن عامر {إذَا كُنَّا تُرَابًا} على الخبر، {أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ} على الاستفهام.
والوجه أنه مثل ما تقدم في أنه لا بد من مضمر يعمل في {إذا}، وهو نُبعث ونُحشر؛ لأن قوله {أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ} لا يجوز أن يعمل في {إذا} لمكان إن والاستفهام جميعًا، وكلاهما لا يعمل ما بعده فيما قبله والخبر أيضًا على الاستبعاد، لكنه ابتدأ بالاستفهام على سبيل الإنكار، فقال {أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَديدٍ}، وقد سبق ذلك في سورة الأعراف). [الموضح: 700]

قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عيسى الثقفي وطلحة بن سليمان: [الْمَثْلَاتُ]، وقرأ: [الْمُثْلَاتُ] يحيى بن وثاب، وقراءة الناس: {الْمَثُلَاتُ} .
قال أبو الفتح: روينا عن أبي حاتم قال روى: زائدة عن الأعمش عن يحيى: [الْمَثْلَاتُ] بالفتح والإسكان. قال: وقال زائدة: وبما ثقَّل سليمان -يعني: الأعمش- يقول: {الْمَثُلَاتُ}.
وأصل هذا كله {الْمَثُلَاتُ} بفتح الميم وضم الثاء، يقال: أَمْثَلْتُ الرجل من صاحبه إِمْثَالًا، واقصصْتُه منه إِقْصَاصًا بمعنى واحد، والاسم المثال كالقِصَاص.
فأما من قرأ: [الْمَثُلَاتُ] فعلى أصله، كالسَّمُرَات جمع سَمُرة، والثمُرَات جمع ثَمُرَة.
[المحتسب: 1/353]
ومن قال: {الْمُثْلَاتُ} بضم الميم وسكون الثاء احتمل عندنا أمرين:
أحدهما: أن يكون أراد: الْمثُلَات، ثم آثر إسكان الثاء استثقالًا للضمة ففعل ذلك، إلا أنه نقل الضمة إلى الميم فقال: الْمُثْلَات، كما قالوا في عَضُد: عُضْد، وفي عَجُز: عُجْز.
والآخر: أن يكون خفف في الواحد فصار مَثُلَة إلى مُثْلَة، ثم جمع على ذلك فقال: الْمُثْلَات.
فإن قيل: فهلا أتبع الضمَّ الضمَّ، فقيل: الْمُثُلَات، كما نقول في غُرْفة: غُرُفات، وفي حجرة: حُجُرات، ففي ذلك جوابان:
أحدهما: أنه إنما كَرِهَ الْمَثُلَة مع فتح الميم، أفيجمع في الْمُثُلَات بين ضمين، فيصير إلى أثقل مما هرب منه؟
والآخر: أنه لو جمع مُثْلَة بعد أن غيرها عن مَثُلَة على مُثُلَات لكان كأنه جمع مُثْلَة مرتجلة على فُعْلَة، كحُجْرَة وظُلْمَة، فأقرها على سكون الثاء بحاله لذلك.
فإن قيل: هلا لم يجمع بين الضمتين لكن فتح الثاء فقال: الْمُثَلَات هربًا إلى الخفة بالفتح كظُلَمَات وغُرَفَات، قيل: لو كان ممن يرى هذا لأقر المثال الأول بحاله فقال: الْمَثُلَات؛ لأنه إذا فعل ذلك فإنما جمع بين ضمة وفتحة أيضًا، فإذا انصرف عن ذلك ألبتة فلا وجه لمعاودة ما كأنه هو، فضم الميم وأسكن الثاء فقال: الْمُثْلَات، واستغنى عن التعسف بالكلمة إلى هذه الغاية المستبعدة، ثم إنها مع ذلك غير مفيدة ولا مجدية، فهذا هذا.
وروينا عن قطرب أن بعضهم قرأ: [الْمُثُلَات] بضمتين، فهذا إما عامَل الحاضر معه فثقَّل عليه، وإما فيها لغلة أخرى؛ وهي مُثُلَة، كبُسُرة، فيمن ضم السين، وإما فيها لغة ثالثة؛ وهي مُثْلَة كغُرْفَة.
وأما من قال: [الْمَثْلَات] بفتح الميم وسكون الثاء، فإنه أسكن عين الْمَثُلَات استثقالًا لها فأقر الميم المفتوحة. وإن شئت قلت: أسكن عين الواحد فقال: مَثْلَة، ثم جمع وأقر السكون بحاله ولم يفتح الثاء، كما قال في جَفْنَة وتَمْرَة: جَفَنَات وتَمَرَات؛ لأنها ليست في الأصل فَعْلَة؛ وإنما هي مسكَّنة من فَعُلَة، ففصل بذلك بين فَعْلَة مرتجلة وفَعْلَة مصنوعة منقولة من فَعُلَة على ما ترى.
وإن شئت قلت: قد أسكن الثاء تخفيفًا، فلم يراجع تحريكها إلا بحركتها الأصلية لها. وقد يمكن أيضًا أن يكون من قال: [الْمَثُلَات] ممن يرى إسكان الواحد تخفيفًا، فلما صار إلى الجمع
[المحتسب: 1/354]
وآثر التحريك في الثاء عاود الضمة؛ لأنها هي الأصل لها، ولم يرتجل لها فتحة أجنبية عنها، كل ذلك جائز). [المحتسب: 1/355]

قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)}
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {هاد} و{وال} و{وباق} و{واق}، قرأ ابن كثير بياء في الوقف في الأربعة الألفاظ، حيث وقعت، وقرأ الباقون بغير ياء، في الوقف كالوصل.
وحجة من وقف بالياء أنه إنما حذف الياء في الوصل لأجل التنوين، فإذا وقف وزال التنوين رجعت الياء، وهو الأصل، ولذلك أجازوا إثبات الياء في النداء في «يا غلامي أقبل» لأنه موضع عدم فيه التنوين، الذي تحذف الياء لأجله.
7- وحجة من وقف بغير ياء أنه أجرى الوقف مجرى الوصل، إذ حذف التنوين عارض في الوقف، ولأنه اتبع الخط في ذلك، ولا ياء في الخط فيها، والحذف والإثبات لغتان للعرب، والحذف أكثر، وهو الاختيار؛ لأن
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/21]
الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/22]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس