عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 27 ذو القعدة 1439هـ/8-08-2018م, 08:33 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألم يأتكم نبأ الّذين من قبلكم قوم نوحٍ وعادٍ وثمود والّذين من بعدهم لا يعلمهم إلّا اللّه جاءتهم رسلهم بالبيّنات فردّوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنّا كفرنا بما أرسلتم به وإنّا لفي شكٍّ ممّا تدعوننا إليه مريبٍ (9)}
قال ابن جريرٍ: هذا من تمام قيل موسى لقومه.
يعني: وتذكاره إيّاهم بأيّام اللّه، بانتقامه من الأمم المكذّبة للرّسل.
وفيما قال ابن جريرٍ نظرٌ؛ والظّاهر أنّه خبرٌ مستأنفٌ من اللّه تعالى لهذه الأمة، فإنه قد قيل: إنّ قصّة عادٍ وثمود ليست في التّوراة، فلو كان هذا من كلام موسى لقومه وقصه عليهم ذلك فلا شكّ أن تكون هاتان القصّتان في "التّوراة"، واللّه أعلم. وبالجملة فاللّه تعالى قد قصّ علينا خبر قوم نوحٍ وعادٍ وثمود وغيرهم من الأمم المكذّبة للرّسل، ممّا لا يحصي عددهم إلّا اللّه عزّ وجلّ أتتهم رسلهم بالبيّنات، أي: بالحجج والدّلائل الواضحات الباهرات القاطعات.
وقال ابن إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، عن عبد اللّه أنّه قال في قوله: {لا يعلمهم إلا اللّه} كذب النّسّابون.
وقال عروة بن الزّبير: ما وجدنا أحدًا يعرف ما بعد معد بن عدنان.
وقوله: {فردّوا أيديهم في أفواههم} اختلف المفسّرون في معناه، فقيل: معناه: أنّهم أشاروا إلى أفواه الرّسل يأمرونهم بالسّكوت عنهم، لمّا دعوهم إلى اللّه، عزّ وجلّ.
وقيل: بل وضعوا أيديهم على أفواههم تكذيبًا لهم.
وقيل: بل هو عبارةٌ عن سكوتهم عن جواب الرّسل.
وقال مجاهدٌ، ومحمّد بن كعبٍ، وقتادة: معناه: أنّهم كذّبوهم وردّوا عليهم قولهم بأفواههم.
قال ابن جريرٍ: وتوجيهه أنّ "في" ها هنا بمعنى "الباء"، قال: وقد سمع من العرب: "أدخلك اللّه بالجنّة" يعنون: في الجنّة، وقال الشّاعر:
وأرغب فيها عن لقيطٍ ورهطه = عن سنبس لست أرغب
يريد: أرغب بها.
قلت: ويؤيّد قول مجاهدٍ تفسير ذلك بتمام الكلام: {وقالوا إنّا كفرنا بما أرسلتم به وإنّا لفي شكٍّ ممّا تدعوننا إليه مريبٍ} فكأنّ هذا [واللّه أعلم] تفسيرٌ لمعنى ردّ أيديهم في أفواههم.
وقال سفيان الثّوريّ، وإسرائيل، عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه في قوله: {فردّوا أيديهم في أفواههم} قال: عضّوا عليها غيظًا.
وقال شعبة، عن أبي إسحاق، أبي هبيرة ابن مريم، عن عبد اللّه أنّه قال ذلك أيضًا. وقد اختاره عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، ووجّهه ابن جريرٍ مختارًا له، بقوله تعالى عن المنافقين: {وإذا خلوا عضّوا عليكم الأنامل من الغيظ} [آل عمران: 119].
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: لمّا سمعوا كتاب اللّه عجبوا، ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم.
وقالوا: {إنّا كفرنا بما أرسلتم به وإنّا لفي شكٍّ ممّا تدعوننا إليه مريبٍ} يقولون: لا نصدّقكم فيما جئتم به؛ فإنّ عندنا فيه شكًّا قويًّا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 480-482]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالت رسلهم أفي اللّه شكٌّ فاطر السّماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخّركم إلى أجلٍ مسمًّى قالوا إن أنتم إلّا بشرٌ مثلنا تريدون أن تصدّونا عمّا كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطانٍ مبينٍ (10) قالت لهم رسلهم إن نحن إلّا بشرٌ مثلكم ولكنّ اللّه يمنّ على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطانٍ إلّا بإذن اللّه وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون (11) وما لنا ألّا نتوكّل على اللّه وقد هدانا سبلنا ولنصبرنّ على ما آذيتمونا وعلى اللّه فليتوكّل المتوكّلون (12)}
يخبر تعالى عمّا دار بين الكفّار وبين رسلهم من المجادلة، وذلك أنّ أممهم لمّا واجهوهم بالشّكّ فيما جاءوهم به من عبادة اللّه وحده لا شريك له، قالت الرّسل: {أفي اللّه شكٌّ}
وهذا يحتمل شيئين، أحدهما: أفي وجوده شكٌّ، فإنّ الفطر شاهدةٌ بوجوده، ومجبولةٌ على الإقرار به، فإنّ الاعتراف به ضروريٌّ في الفطر السّليمة، ولكن قد يعرض لبعضها شكٌّ واضطرابٌ، فتحتاج إلى النّظر في الدّليل الموصّل إلى وجوده؛ ولهذا قالت لهم الرّسل ترشدهم إلى طريق معرفته بأنّه {فاطر السّماوات والأرض} الّذي خلقها وابتدعها على غير مثالٍ سبق، فإنّ شواهد الحدوث والخلق والتّسخير ظاهرٌ عليها، فلا بدّ لها من صانعٍ، وهو اللّه لا إله إلّا هو، خالق كلّ شيءٍ وإلهه ومليكه.
والمعنى الثّاني في قولهم: {أفي اللّه شكٌّ} أي: أفي إلهيّته وتفرّده بوجوب العبادة له شكٌّ، وهو الخالق لجميع الموجودات، ولا يستحقّ العبادة إلّا هو، وحده لا شريك له؛ فإنّ غالب الأمم كانت مقرّةً بالصّانع، ولكن تعبد معه غيره من الوسائط الّتي يظنّونها تنفعهم أو تقرّبهم من اللّه زلفى.
وقالت لهم الرّسل: ندعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم، أي: في الدّار الآخرة، {ويؤخّركم إلى أجلٍ مسمًّى} أي: في الدّنيا، كما قال تعالى: {وأن استغفروا ربّكم ثمّ توبوا إليه يمتّعكم متاعًا حسنًا إلى أجلٍ مسمًّى ويؤت كلّ ذي فضلٍ فضله} الآية [هودٍ: 3]، فقالت لهم الأمم محاجّين في مقام الرّسالة، بعد تقدير تسليمهم للمقام الأوّل، وحاصل ما قالوه: {إن أنتم إلا بشرٌ مثلنا} أي: كيف نتّبعكم بمجرّد قولكم، ولـمّا نر منكم معجزةً؟ {فأتونا بسلطانٍ مبينٍ} أي: خارقٍ نقترحه عليكم).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 482]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قالت لهم رسلهم: {إن نحن إلا بشرٌ مثلكم} أي: صحيحٌ أنا بشرٌ مثلكم في البشريّة {ولكنّ اللّه يمنّ على من يشاء من عباده} أي: بالرّسالة والنّبوّة {وما كان لنا أن نأتيكم بسلطانٍ} على وفق ما سألتم {إلا بإذن اللّه} أي: بعد سؤالنا إيّاه، وإذنه لنا في ذلك، {وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون} أي: في جميع أمورهم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 483]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قالت الرّسل: {وما لنا ألا نتوكّل على اللّه} أي: وما يمنعنا من التّوكّل عليه، وقد هدانا لأقوم الطّرق وأوضحها وأبينها، {ولنصبرنّ على ما آذيتمونا} أي: من الكلام السّيّئ، والأفعال السّخيفة، {وعلى اللّه فليتوكّل المتوكّلون}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 483]

رد مع اقتباس