عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 2 ذو الحجة 1435هـ/26-09-2014م, 08:17 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألم تر إلى الّذين نافقوا يقولون لإخوانهم الّذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم ولا نطيع فيكم أحدًا أبدًا وإن قوتلتم لننصرنّكم واللّه يشهد إنّهم لكاذبون (11) لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولّنّ الأدبار ثمّ لا ينصرون (12) لأنتم أشدّ رهبةً في صدورهم من اللّه ذلك بأنّهم قومٌ لا يفقهون (13) لا يقاتلونكم جميعًا إلّا في قرًى محصّنةٍ أو من وراء جدرٍ بأسهم بينهم شديدٌ تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتّى ذلك بأنّهم قومٌ لا يعقلون (14) كمثل الّذين من قبلهم قريبًا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذابٌ أليمٌ (15) كمثل الشّيطان إذ قال للإنسان اكفر فلمّا كفر قال إنّي بريءٌ منك إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين (16) فكان عاقبتهما أنّهما في النّار خالدين فيها وذلك جزاء الظّالمين (17)}
يخبر تعالى عن المنافقين كعبد اللّه بن أبيٍّ وأضرابه، حين بعثوا إلى يهود بني النّضير يعدونهم النّصر من أنفسهم، فقال تعالى: {ألم تر إلى الّذين نافقوا يقولون لإخوانهم الّذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم ولا نطيع فيكم أحدًا أبدًا وإن قوتلتم لننصرنّكم} قال اللّه تعالى: {واللّه يشهد إنّهم لكاذبون} أي: لكاذبون فيما وعدوهم به إمّا أنّهم قالوا لهم قولًا من نيّتهم ألّا يفوا لهم به، وإمّا أنّهم لا يقع منهم الّذي قالوه؛ ولهذا قال: {ولئن قوتلوا لا ينصرونهم} أي: لا يقاتلون معهم، {ولئن نصروهم} أي: قاتلوا معهم {ليولّنّ الأدبار ثمّ لا ينصرون} وهذه بشارةٌ مستقلّةٌ بنفسها). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 74]

تفسير قوله تعالى: {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {لأنتم أشدّ رهبةً في صدورهم من اللّه} أي: يخافون منكم أكثر من خوفهم من اللّه، كقوله: {إذا فريقٌ منهم يخشون النّاس كخشية اللّه أو أشدّ خشيةً} [النّساء: 77]؛ ولهذا قال: {ذلك بأنّهم قومٌ لا يفقهون}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 74]

تفسير قوله تعالى: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال {لا يقاتلونكم جميعًا إلا في قرًى محصّنةٍ أو من وراء جدرٍ} يعني: أنّهم من جبنهم وهلعهم لا يقدرون على مواجهة جيش الإسلام بالمبارزة والمقابلة بل إمّا في حصونٍ أو من وراء جدرٍ محاصرين، فيقاتلون للدفع عنهم ضرورة.
ثمّ قال {بأسهم بينهم شديدٌ} أي: عداوتهم [فيما] بينهم شديدةٌ، كما قال: {ويذيق بعضكم بأس بعضٍ} [الأنعام: 65]؛ ولهذا قال: {تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتّى} أي: تراهم مجتمعين فتحسبهم مؤتلفين، وهم مختلفون غاية الاختلاف.
قال: إبراهيم النّخعيّ: يعني: أهل الكتاب والمنافقين {ذلك بأنّهم قومٌ لا يعقلون}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 74-75]

تفسير قوله تعالى: {كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {كمثل الّذين من قبلهم قريبًا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذابٌ أليمٌ} قال مجاهدٌ، والسّدّيّ، ومقاتل بن حيّان: [يعني] كمثل ما أصاب كفّار قريشٍ يوم بدرٍ.
وقال ابن عبّاسٍ: {كمثل الّذين من قبلهم} يعني: يهود بني قينقاع. وكذا قال قتادة، ومحمد ابن إسحاق.
وهذا القول أشبه بالصّواب، فإنّ يهود بني قينقاع كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد أجلاهم قبل هذا). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 75]

تفسير قوله تعالى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {كمثل الشّيطان إذ قال للإنسان اكفر فلمّا كفر قال إنّي بريءٌ منك} يعني: مثل هؤلاء اليهود في اغترارهم بالّذين وعدوهم النّصر من المنافقين، وقول المنافقين لهم: {وإن قوتلتم لننصرنّكم} ثمّ لمّا حقّت الحقائق وجدّ بهم الحصار والقتال، تخلّوا عنهم وأسلموهم للهلكة، مثالهم في هذا كمثل الشّيطان إذ سوّل للإنسان -والعياذ باللّه-الكفر، فإذا دخل فيما سوّله تبرّأ منه وتنصّل، وقال: {إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين}
وقد ذكر بعضهم هاهنا قصّةً لبعض عبّاد بني إسرائيل هي كالمثال لهذا المثل، لا أنّها المرادة وحدها بالمثل، بل هي منه مع غيرها من الوقائع المشاكلة لها، فقال ابن جريرٍ:حدّثنا خلّاد بن أسلم، أخبرنا النّضر بن شميل، أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق، سمعت عبد اللّه بن نهيك قال: سمعت عليًّا، رضي اللّه عنه، يقول: إن راهبًا تعبّد ستّين سنةً، وإنّ الشّيطان أراده فأعياه، فعمد إلى امرأةٍ فأجنّها ولها إخوةٌ، فقال لإخوتها: عليكم بهذا القسّ فيداويها. قال: فجاءوا بها إليه فداواها، وكانت عنده، فبينما هو يومًا عندها إذ أعجبته، فأتاها فحملت، فعمد إليها فقتلها، فجاء إخوتها، فقال الشّيطان للرّاهب: أنا صاحبك، إنّك أعييتني، أنا صنعت هذا بك فأطعني أنجّك ممّا صنعت بك، فاسجد لي سجدةً. فسجد له، فلمّا سجد له قال: إنّي بريءٌ منك، إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين، فذلك قوله: {كمثل الشّيطان إذ قال للإنسان اكفر فلمّا كفر قال إنّي بريءٌ منك إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين}.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرّحمن بن يزيد، عن عبد اللّه بن مسعودٍ في هذه الآية: {كمثل الشّيطان إذ قال للإنسان اكفر فلمّا كفر قال إنّي بريءٌ منك إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين} قال: كانتامرأةٌ ترعى الغنم، وكان لها أربعة إخوةٍ، وكانت تأوي باللّيل إلى صومعة راهبٍ. قال: فنزل الرّاهب ففجر بها، فحملت، فأتاه الشّيطان فقال له: اقتلها ثمّ ادفنها، فإنّك رجلٌ مصدّق يسمع قولك. فقتلها ثم دفتها. قال: فأتى الشيطان إخوتها في المنام فقال لهم: إنّ الرّاهب صاحب الصّومعة فجر بأختكم، فلمّا أحبلها قتلها ثمّ دفنها في مكان كذا وكذا. فلمّا أصبحوا قال رجلٌ منهم: واللّه لقد رأيت البارحة رؤيا ما أدري أقصّها عليكم أم أترك؟ قالوا: لا بل قصّها علينا. قال: فقصّها، فقال الآخر: وأنا واللّه لقد رأيت ذلك، فقال الآخر: وأنا واللّه لقد رأيت ذلك. فقالوا: فواللّه ما هذا إلّا لشيءٍ. قال: فانطلقوا فاستعدوا ملكهم على ذلك الرّاهب، فأتوه فأنزلوه ثمّ انطلقوا به فلقيه الشّيطان فقال: إنّي أنا الّذي أوقعتك في هذا، ولن ينجيك منه غيري، فاسجد لي سجدةً واحدةً وأنجيك ممّا أوقعتك فيه. قال: فسجد له، فلمّا أتوا به ملكهم تبرأ منه، وأخذ فقتل.
وكذا روي عن ابن عبّاسٍ، وطاوسٍ، ومقاتل بن حيّان، نحو ذلك. واشتهر عند كثيرٍ من النّاس أنّ هذا العابد هو برصيصا، واللّه أعلم. وهذه القصّة مخالفةٌ لقصّة جريج العابد، فإنّ جريجًا اتّهمته امرأةٌ بغي بنفسها، وادّعت أنّ حملها منه، ورفعت أمره إلى وليّ الأمر، فأمر به فأنزل من صومعته وخربت صومعته وهو يقول: ما لكم؟ ما لكم؟ فقالوا: يا عدوّ اللّه، فعلت بهذه المرأة كذا وكذا. فقال: جريجٌ: اصبروا. ثمّ أخذ ابنها وهو صغيرٌ جدًّا ثمّ قال: يا غلام، من أبوك؟ قال أبي الرّاعي -وكانت قد أمكنته من نفسها فحملت منه-فلمّا رأى بنو إسرائيل ذلك عظّموه كلّهم تعظيمًا بليغًا وقالوا: نعيد صومعتك من ذهبٍ. قال: لا بل أعيدوها من طينٍ، كما كانت). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 75-76]

تفسير قوله تعالى: {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فكان عاقبتهما أنّهما في النّار خالدين فيها} أي: فكانت عاقبة الآمر بالكفر والفاعل له، وتصيّرهما إلى نار جهنّم خالدين فيها، {وذلك جزاء الظّالمين} أي: جزاء كلّ ظالمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 76]


رد مع اقتباس