عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 3 محرم 1436هـ/26-10-2014م, 08:11 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم قال تعالى: {كلاّ}؛ ردًّا على أفعالهم هذه، وتوطئةً للوعيد، أي: سترون أنّ أفعالكم ليست على قوامٍ إذا دكّت الأرض، ودكّها هو تسويتها بذهاب جبالها. والناقة الدّكّاء هي التي لا سنام لها). [المحرر الوجيز: 8/ 613]

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وجاء ربّك}؛ معناه: وجاء قدره وسلطانه وقضاؤه. وقال منذر بن سعيدٍ: معناه ظهوره للخلق هنالك، ليس مجيء نقلةٍ، وكذلك مجيء الصاخّة ومجيء الطامّة.
و(الملك) اسم جنسٍ يريد جميع الملائكة، وروي أن ملائكة كلّ سماءٍ يكونون صفًّا حول الأرض في يوم القيامة، وذكر الطبريّ في ذلك حديثًا طويلًا اختصرته.
وبهذا المعنى يتفسّر قوله تعالى: (يوم التّنادّ) على قراءة من شدّ الدال، وقوله تعالى في سورة الرحمن: {إن استطعتم أن تنفذوا} الآية.
وقرأ ابن كثيرٍ، ونافعٌ، وابن عامرٍ، وحمزة، والكسائيّ في هذه الآية: {تكرمون} بالتاء، وكذلك سائر الأفعال بعدها على الخطاب.
وقرأ أبو عمرٍو، والحسن، ومجاهدٌ، وأبو رجاءٍ، وقتادة، والجحدريّ: (يكرمون) بالياء في جميعها، على ذكر الغائب؛ إذ قد تقدّم اسم جنس الإنسان). [المحرر الوجيز: 8/ 613]

تفسير قوله تعالى: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {وجيء يومئذٍ بجهنّم يومئذٍ يتذكّر الإنسان وأنّى له الذّكرى * يقول يا ليتني قدّمت لحياتي * فيومئذٍ لّا يعذّب عذابه أحدٌ * ولا يوثق وثاقه أحدٌ * يا أيّتها النّفس المطمئنّة * ارجعي إلى ربّك راضيةً مّرضيّةً * فادخلي في عبادي * وادخلي جنّتي}
روي في قوله تعالى: {وجيء يومئذٍ بجهنّم}؛ أنها تساق إلى الحشر بسبعين ألف زمامٍ، يمسك كلّ زمامٍ منها سبعون ألف ملكٍ، فيخرج منها عنقٌ فتنتقي الجبابرة من الكفار… في حديثٍ طويلٍ مختلف الألفاظ.
و(جهنّم) هنا هي النار بجملتها، وروي أنه لمّا نزلت: {وجيء يومئذٍ بجهنّم}؛ تغيّر لون النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقوله تعالى: {يومئذٍ يتذكّر الإنسان}؛ معناه: يتذكّر عصيانه وطغيانه، وينظر ما فاته من العمل الصالح.
ثمّ قال تعالى: {وأنّى له الذّكرى}؛ أي: وأنّى له نفع الذّكرى؟). [المحرر الوجيز: 8/ 613-614]

تفسير قوله تعالى: {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثمّ ذكر تعالى عنه أنه يقول: {يا ليتني قدّمت لحياتي}.
واختلف في معنى قوله: {لحياتي}؛ فقال جمهورٌ من المتأوّلين: معناه: لحياتي الباقية. يريد الآخرة. وقال قومٌ من المتأوّلين: المعنى: لحياتي في قبري عند بعثي الذي كنت أكذّب به وأعتقد أني لن أعود حيًّا. وقال: {لحياتي} هنا مجازًا، أي: ليتني قدّمت عملًا صالحًا لأنعم به اليوم وأحيا حياةً طيّبةً، فهذا كما يقول الإنسان: أحيني في هذا الأمر. وقال بعض المتأولين: المعنى: لوقت أو لمدّة حياتي الماضية في الدنيا. وهذا كما تقول: جئت لطلوع الشمس، ولتاريخ كذا، ونحوه). [المحرر الوجيز: 8/ 614]

تفسير قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور القرّاء، وعليّ بن أبي طالبٍ، وابن عبّاسٍ، وأبو عبد الرحمن: {يعذّب} و{يوثق} ـ بكسر الذال والثاء ـ وعلى هذه القراءة فالضمير في {عذابه} و{وثاقه} له تعالى، والمصدر مضافٌ إلى الفاعل، ولذلك معنيان:
أحدهما: أن اللّه تعالى لا يكل عذاب الكفار يومئذٍ إلى أحدٍ.
والآخر: أنّ عذابه من الشّدّة في حيّزٍ لم يعذّب قطّ أحدٌ بمثله في الدنيا.
ويحتمل أن يكون الضمير للكافر، والمصدر مضافًا إلى المفعول.
وقرأ الكسائيّ، وابن سيرين، وابن أبي إسحاق، وسوادٌ القاضي: (يعذّب) و(يوثق) ـ بفتح الذال والثاء ـ ورويت كثيرًا عن النبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-، فالضميران على هذا للكافر الذي هو بمنزلة جنسه كلّه، والمصدر مضافٌ إلى المفعول.
ووضع (عذابٍ) موضع (تعذيبٍ) كما قال:
وبعد عطائك المائة الرّتاعا؟
ويحتمل أن يكون الضميران في هذه القراءة له تعالى، كأنه سبحانه قال: لا يعذّب أحدٌ قطّ في الدنيا عذاب اللّه تعالى للكفار، فالمصدر مضافٌ إلى الفاعل. وفي هذا التأويل تحاملٌ.
وقرأ الخليل بن أحمد: (وثاقه) بكسر الواو). [المحرر الوجيز: 8/ 614-615]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ولمّا فرغ ذكر هؤلاء المعذّبين عقّب تعالى بذكر نفوس المؤمنين وحالهم، فقال تعالى: {يا أيّتها النّفس المطمئنّة} الآية.
و{المطمئنّة} معناه: الموقنة غاية اليقين. ألا ترى أنّ إبراهيم عليه السلام قال: {ولكن ليطمئنّ قلبي}؛ فهي درجةٌ زائدةٌ على الإيمان، وهي ألاّ يبقى على النفس في يقينها مطلبٌ يحرّكها إلى تحصيله.
واختلف الناس في هذا النداء متى يقع؟ فقال ابن زيدٍ وغيره: هو عند خروج نفس المؤمن من جسده في الدنيا.
وروي أن أبا بكرٍ الصدّيق رضي اللّه عنه سأل عن ذلك رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقال له:
«إنّ الملك سيقولها لك يا أبا بكرٍ عند موتك» ). [المحرر الوجيز: 8/ 615-616]

تفسير قوله تعالى: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ومعنى {ارجعي إلى ربّك} على هذا التأويل: ارجعي بالموت.
وقوله تعالى: {في عبادي} معناه: في عداد عبادي الصالحين.
وهذه قراءة الجمهور، بجمع {عبادي}؛ وقيل: النداء عند قيام الأجساد من القبور، فقوله تعالى: {ارجعي إلى ربّك} معناه: بالبعث من موتك ارجعي إلى اللّه تعالى.
وقيل: (الربّ) هنا: الإنسان ذو النفس، أي: ادخلي في الأجساد، والنفس اسم جنسٍ.
وقال بعض العلماء: هذا النداء هو الآن للمؤمنين، كما ذكر اللّه تعالى حال الكافرين، قال: يا مؤمنون، دوموا وجدّوا حتى ترجعوا راضين مرضيّين. فالنفس على هذا اسم الجنس.
وقرأ ابن عبّاسٍ، وعكرمة، وأبو شيخٍ، والضّحّاك، واليمانيّ، ومجاهدٌ، وأبو جعفرٍ: (فادخلي في عبدي) فالنفس على هذا ليست باسم الجنس، وإنما خاطب مفردةً.
قال أبو شيخٍ: الرّوح تدخل في البدن.
وفي مصحف أبيّ بن كعبٍ: (يا أيّتها الآمنة المطمئنّة الّتي إلى ربّك راضيةً مرضيّةً، فارجعي في عبدي). وقرأ سالم بن عبد اللّه: (فادخلي في عبادي ولجي جنّتي).
وتحتمل قراءة (عبدي) أن يكون (العبد) اسم جنسٍ، جعل عباده كالشيء الواحد دلالةً على الالتحام، كما قال عليه الصلاة والسلام:
«وهم يدٌ على من سواهم».
وقال آخرون: هذا النداء إنما هو في الموقف عندما ينطلق بأهل النار إلى النار، فنداء النفوس على هذا إنما هو نداء أرباب النفوس مع النفوس.
ومعنى {ارجعي إلى ربّك}؛ على هذا: إلى رحمة ربّك.
و(العباد) هنا: الصالحون المتّقون). [المحرر الوجيز: 8/ 616-617]


رد مع اقتباس