عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 29 جمادى الأولى 1435هـ/30-03-2014م, 03:18 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وقالوا كونوا هودًا أو نصارى تهتدوا قل بل ملّة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين (135)}
قال محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، حدّثني سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: «قال عبد اللّه بن صوريا الأعور لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ما الهدى إلّا ما نحن عليه، فاتّبعنا يا محمّد تهتد. وقالت النّصارى مثل ذلك. فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {وقالوا كونوا هودًا أو نصارى تهتدوا}».
وقوله: {بل ملّة إبراهيم حنيفًا} أي: لا نريد ما دعوتم إليه من اليهوديّة والنّصرانيّة، بل نتّبع {ملّة إبراهيم حنيفًا} أي: «مستقيمًا». قاله محمّد بن كعبٍ القرظيّ، وعيسى بن جارية.
وقال خصيف عن مجاهدٍ: «مخلصًا». وروى عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: حاجًّا. وكذا روي عن الحسن والضّحّاك وعطيّة، والسّدّيّ.
وقال أبو العالية: «الحنيف الذي يستقبل البيت بصلاته، ويرى أنّ حجّه عليه إن استطاع إليه سبيلًا».
وقال مجاهدٌ، والرّبيع بن أنسٍ: «حنيفًا أي: متّبعًا». وقال أبو قلابة: «الحنيف الذي يؤمن بالرّسل كلّهم من أوّلهم إلى آخرهم».
وقال قتادة: «الحنيفيّة: شهادة أن لا إله إلّا اللّه. يدخل فيها تحريم الأمّهات والبنات والخالات والعمّات وما حرّم اللّه، عزّ وجلّ والختان» ). [تفسير ابن كثير: 1/ 448]


تفسير قوله تعالى: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {قولوا آمنّا باللّه وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النّبيّون من ربّهم لا نفرّق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون (136)}
أرشد اللّه تعالى عباده المؤمنين إلى الإيمان بما أنزل إليهم بواسطة رسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم مفصّلًا وبما أنزل على الأنبياء المتقدّمين مجملًا ونصّ على أعيانٍ من الرّسل، وأجمل ذكر بقيّة الأنبياء، وأن لا يفرّقوا بين أحدٍ منهم، بل يؤمنوا بهم كلّهم، ولا يكونوا كمن قال اللّه فيهم: {ويريدون أن يفرّقوا بين اللّه ورسله ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقًّا} [النّساء: 150، 151].
وقال البخاريّ: حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا عثمان بن عمر، أخبرنا عليّ بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن، عن أبي هريرة، قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التّوراة بالعبرانيّة ويفسّرونها بالعربيّة لأهل الإسلام، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنّا باللّه وما أنزل إلينا» .
وقد روى مسلمٌ وأبو داود والنّسائيّ من حديث عثمان بن حكيمٍ، عن سعيد بن يسار عن ابن عبّاسٍ، قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أكثر ما يصلّي الرّكعتين اللّتين قبل الفجر بـ {آمنّا باللّه وما أنزل إلينا} الآية، والأخرى بـ {آمنّا باللّه واشهد بأنّا مسلمون} [آل عمران: 52]». وقال أبو العالية والرّبيع وقتادة: «الأسباط: بنو يعقوب اثنا عشر رجلًا؛ ولد كلّ رجلٍ منهم أمّةً من النّاس، فسمّوا الأسباط».
وقال الخليل بن أحمد وغيره: «الأسباط في بني إسرائيل، كالقبائل في بني إسماعيل»وقال الزّمخشريّ في الكشّاف: «الأسباط: حفدة يعقوب ذراري أبنائه الاثنى عشر»، وقد نقله الرّازيّ عنه، وقرّره ولم يعارضه. وقال البخاريّ: «الأسباط: قبائل بني إسرائيل، وهذا يقتضي أنّ المراد بالأسباط هاهنا شعوب بني إسرائيل، وما أنزل اللّه تعالى من الوحي على الأنبياء الموجودين منهم، كما قال موسى لهم: {اذكروا نعمة اللّه عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكًا وآتاكم ما لم يؤت أحدًا من العالمين} [المائدة: 20] وقال تعالى: {وقطّعناهم اثنتي عشرة أسباطًا أممًا} [الأعراف: 160]» وقال القرطبيّ: «وسمّوا الأسباط من السّبط، وهو التّتابع، فهم جماعةٌ متتابعون». وقيل: أصله من السّبط، بالتّحريك، وهو الشّجر، أي: هم في الكثرة بمنزلة الشّجر الواحدة سبطةٌ. قال الزّجّاج: ويبيّن لك هذا: ما حدّثنا محمّد بن جعفرٍ الأنباريّ، حدّثنا أبو نجيدٍ الدّقّاق، حدّثنا الأسود بن عامرٍ، حدّثنا إسرائيل عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: «كلّ الأنبياء من بني إسرائيل إلّا عشرةً: نوحٌ وهودٌ وصالحٌ وشعيبٌ وإبراهيم ولوطٌ وإسحاق ويعقوب وإسماعيل ومحمّدٌ -عليهم الصّلاة والسّلام». قال القرطبيّ: «والسّبط: الجماعة والقبيلة، الرّاجعون إلى أصلٍ واحدٍ».
وقال قتادة: «أمر اللّه المؤمنين أن يؤمنوا به، ويصدقوا بكتبه كلّها وبرسله».
وقال سليمان بن حبيبٍ: «إنّما أمرنا أن نؤمن بالتّوراة والإنجيل، ولا نعمل بما فيهما».
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن محمّد بن مصعب الصّوريّ، حدّثنا مؤمّل، حدّثنا عبيد الله بن أبي حميدٍ، عن أبي المليح، عن معقل بن يسارٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «آمنوا بالتّوراة والزّبور والإنجيل وليسعكم القرآن»). [تفسير ابن كثير: 1/ 448-450]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) }.
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولّوا فإنّما هم في شقاقٍ فسيكفيكهم اللّه وهو السّميع العليم (137) صبغة اللّه ومن أحسن من اللّه صبغةً ونحن له عابدون (138)}
يقول تعالى: {فإن آمنوا} أي: الكفّار من أهل الكتاب وغيرهم {بمثل ما آمنتم به} أيّها المؤمنون، من الإيمان بجميع كتب اللّه ورسله، ولم يفرّقوا بين أحدٍ منهم {فقد اهتدوا} أي: فقد أصابوا الحقّ، وأرشدوا إليه {وإن تولّوا} أي: عن الحقّ إلى الباطل، بعد قيام الحجّة عليهم {فإنّما هم في شقاقٍ فسيكفيكهم اللّه} أي: فسينصرك عليهم ويظفرك بهم {وهو السّميع العليم}.
وقال ابن أبي حاتمٍ: قرئ على يونس بن عبد الأعلى حدّثنا ابن وهبٍ، حدّثنا زياد بن يونس، حدّثنا نافع بن أبي نعيم، قال: «أرسل إليّ بعض الخلفاء مصحف عثمان بن عفّان ليصلحه، قال زيادٌ: فقلت له: إنّ النّاس يقولون: إنّ مصحفه كان في حجره حين قتل، فوقع الدّم على {فسيكفيكهم اللّه وهو السّميع العليم} فقال نافعٌ: بصرت عيني بالدّم على هذه الآية وقد قدم»). [تفسير ابن كثير: 1/ 450]

تفسير قوله تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {صبغة اللّه} قال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: «دين اللّه» وكذا روي عن مجاهدٍ، وأبي العالية، وعكرمة، وإبراهيم، والحسن، وقتادة، والضّحّاك، وعبد اللّه بن كثيرٍ، وعطيّة العوفيّ، والرّبيع بن أنسٍ، والسّدّيّ، نحو ذلك.
وانتصاب {صبغة اللّه} إمّا على الإغراء كقوله: {فطرت اللّه} [الرّوم: 30] أي: الزموا ذلك عليكموه. وقال بعضهم: بدلٌ من قوله: {ملّة إبراهيم} وقال سيبويه: «هو مصدرٌ مؤكّدٌ انتصب عن قوله: {آمنّا باللّه} كقوله: {واعبدوا اللّه} [النّساء: 36]».
وقد ورد في حديثٍ رواه ابن أبي حاتمٍ وابن مردويه، من رواية أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ أنّ نبيّ اللّه قال: «إنّ بني إسرائيل قالوا: يا موسى، هل يصبغ ربّك؟ فقال: اتّقوا اللّه. فناداه ربّه: يا موسى، سألوك هل يصبغ ربّك؟ فقل: نعم، أنا أصبغ الألوان: الأحمر والأبيض والأسود، والألوان كلّها من صبغي، وأنزل اللّه على نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {صبغة اللّه ومن أحسن من اللّه صبغةً}».
كذا وقع في رواية ابن مردويه مرفوعًا، وهو في رواية ابن أبي حاتمٍ موقوفٌ، وهو أشبه، إن صحّ إسناده، واللّه أعلم). [تفسير ابن كثير: 1/ 450]


رد مع اقتباس