عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 29 جمادى الأولى 1435هـ/30-03-2014م, 03:17 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقولهم: {كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا} نظير قولهم: {لن يدخل الجنّة إلّا من كان هوداً أو نصارى} [البقرة: 111]، ونصب ملّة بإضمار فعل، أي بل نتبع ملة، وقيل نصبت على الإغراء، وقرأ الأعرج وابن أبي عبلة «بل ملة» بالرفع والتقدير بل الهدى ملة، وحنيفاً حال، وقيل نصب بإضمار فعل، لأن الحال تعلق من المضاف إليه، والحنف الميل، ومنه الأحنف لمن مالت إحدى قدميه إلى الأخرى، والحنيف في الدين الذي مال عن الأديان المكروهة إلى الحق، وقال قوم: الحنف الاستقامة، وسمي المعوج القدمين أحنف تفاؤلا كما قيل سليم ومفازة، ويجيء الحنيف في الدين المستقيم على جميع طاعات الله عز وجل، وقد خصص بعض المفسرين، فقال قوم: الحنيف الحاج، وقال آخرون: المختتن، وهذه أجزاء الحنف.
ونفى عنه الإشراك فانتفت عبادة الأوثان واليهودية لقولهم عزير ابن الله، والنصرانية لقولهم المسيح ابن الله). [المحرر الوجيز: 1/ 395-360]


تفسير قوله تعالى: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قولوا آمنّا باللّه وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النّبيّون من ربّهم لا نفرّق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون (136) فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولّوا فإنّما هم في شقاقٍ فسيكفيكهم اللّه وهو السّميع العليم (137) صبغة اللّه ومن أحسن من اللّه صبغةً ونحن له عابدون (138)}
هذا الخطاب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، علمهم الله الإيمان، وما أنزل إلينا يعني به القرآن، وصحت إضافة الإنزال إليهم من حيث هم المأمورون المنهيون فيه، وإبراهيم وإسماعيل يجمعان براهيم وسماعيل، هذا هو اختيار سيبويه والخليل، وقال قوم «براهم»، وقال الكوفيون: «براهمة وسماعلة»، وقال المبرد: «أباره وأسامع»، وأجاز ثعلب «براه» كما يقال في التصغير «بريه»، والأسباط هم ولد يعقوب، وهم روبيل وشمعون ولاوي ويهوذا وربالون ويشحر ودنية بنته وأمهم ليا، ثم خلف على أختها راحيل فولدت له يوسف وبنيامين، وولد له من سريتين ذان وتفثالي وجاد وأشرو، والسبط في بني إسرائيل بمنزلة القبيلة في ولد إسماعيل، فسموا الأسباط لأنه كان من كل واحد منهم سبط، وما أوتي موسى هو التوراة وآياته، و «ما أوتي عيسى» هو الإنجيل وآياته، فالمعنى أنا نؤمن بجميع الأنبياء لأن جميعهم جاء بالايمان بالله، فدين الله واحد وإن اختلفت أحكام الشرائع، ولا نفرّق بين أحدٍ منهم أي لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض كما تفعلون، وفي الكلام حذف تقديره: بين أحد منهم وبين نظيره، فاختصر لفهم السامع، والضمير في له عائد على اسم الله عز وجل). [المحرر الوجيز: 1/ 360-361]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به} الآية، خطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته.
والمعنى إن صدقوا تصديقا مثل تصديقكم، فالمماثلة وقعت بين الإيمانين، هذا قول بعض المتأولين، وقيل الباء زائدة مؤكدة، والتقدير آمنوا مثل، والضمير في به عائد كالضمير في له، فكأن الكلام فإن آمنوا بالله مثل ما آمنتم به، ويظهر عود الضمير على ما، وقيل «مثل» زائدة كما هي في قوله: {ليس كمثله شيءٌ} [الشورى: 11]، وقالت فرقة: هذا من مجاز الكلام، تقول هذا أمر لا يفعله مثلك أي لا تفعله أنت، فالمعنى فإن آمنوا بالذي آمنتم به، هذا قول ابن عباس، وقد حكاه عنه الطبري قراءة، ثم أسند إليه أنه قال: «لا تقولوا فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به، فإنه لا مثل لله تعالى، ولكن قولوا فإن آمنوا بالذي آمنتم أو بما آمنتم به».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وهذا على جهة التفسير، أي هكذا فليتأول»، وحكاهما أبو عمرو الداني قراءتين عن ابن عباس فالله أعلم.
وقوله تعالى: {وإن تولّوا} أي أعرضوا، يعني به اليهود والنصارى، والشقاق المشاقة والمحادة والمخالفة، أي في شقاق لك هم في شق وأنت في شق، وقيل: شاق معناه شق كل واحد وصل ما بينه وبين صاحبه، ثم وعده تعالى أنه سيكفيه إياهم ويغلبه عليهم، فكان ذلك في قتل بني قينقاع وبني قريظة وإجلاء النضير.
وهذا الوعد وانتجازه من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، والسّميع لقول كل قائل، العليم بما يجب أن ينفذ في عباده). [المحرر الوجيز: 1/ 361-362]

تفسير قوله تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وصبغة اللّه شريعته وسنته وفطرته، قال كثير من المفسرين: وذلك أن النصارى لهم ماء يصبغون فيه أولادهم، فهذا ينظر إلى ذلك: وقيل: سمي الدين صبغة استعارة من حيث تظهر أعماله وسمته على المتدين كما يظهر الصبغ في الثوب وغيره، ونصب الصبغة على الإغراء، وقيل بدل من ملة، وقيل نصب على المصدر المؤكد لأن ما قبله من قوله فقد اهتدوا هو في معنى يلبسون أو يتجللون صبغة الله، وقيل: التقدير ونحن له مسلمون صبغة الله، فهي متصلة بالآية المتقدمة، وقال الطبري من قرأ برفع «ملة» قرأ برفع «صبغة».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وقد ذكرتها عن الأعرج وابن أبي عبلة. ونحن له عابدون ابتداء وخبر). [المحرر الوجيز: 1/ 362]


رد مع اقتباس