عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 11:35 AM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {كتب عليكم الصّيام كما كتب على الّذين من قبلكم...}: يقال: ما كتب على الذين قبلنا، ونحن نرى النصارى يصومون أكثر من صيامنا وفي غير شهرنا،؟
... وحدثني محمد بن أبان القرشي , عن أبى أميّة الطنافسيّ , عن الشّعبيّ أنه قال: لو صمت السنة كلها ,لأفطرت اليوم الذي يشكّ فيه, فيقال: من شعبان، ويقال: من رمضان, وذلك أن النصارى فرض عليهم شهر رمضان كما فرض علينا، فحوّلوه إلى الفصل,وذلك أنهم كانوا ربما صاموه في القيظ فعدّوه ثلاثين يوما، ثم جاء بعدهم قرن منهم فأخذوا بالثقة في أنفسهم, فصاموا قبل الثلاثين يوما وبعدها يوما، ثم لم يزل الآخر يستّن سنّة الأوّل حتى صارت إلى خمسين, فذلك قوله: {كتب عليكم الصّيام كما كتب على الّذين من قبلكم}). [معاني القرآن: 1/111]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({كتب عليكم الصّيام}, أي: فرض عليكم). [مجاز القرآن: 1/66]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({يا أيّها الّذين آمنوا كتب عليكم الصّيام كما كتب على الّذين من قبلكم لعلّكم تتّقون}
قال: {كتب عليكم الصّيام كما كتب على الّذين من قبلكم}). [معاني القرآن: 1/125]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({كتب عليكم الصّيام}: فرض). [تفسير غريب القرآن: 73]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا كتب عليكم الصّيام كما كتب على الّذين من قبلكم لعلّكم تتّقون}
المعنى: فرض عليكم الصيام فرضا كالذي فرض على الذين من قبلكم.
وقيل: إنه قد كان فرض على النصارى صوم رمضان فنقلوه عن وقته، وزادوا فيه، ولا أدري كيف وجه هذا الحديث، ولا ثقة ناقليه، ولكن الجملة أن اللّه عزّ وجلّ قد أعلمنا أنه فرض على من كان قبلنا الصيام، وأنه فرض علينا كما فرضه على الذين من قبلنا.
وقوله عزّ وجلّ: {لعلّكم تتّقون}
المعنى: أنّ الصّيام وصلة إلى التقي، لأنه من البر الذي يكف الإنسان عن كثير مما تتطلع إليه النفس من المعاصي، فلذلك قيل :{لعلّكم تتّقون}
و " لعل " ههنا على ترجي العباد، والله عزّ وجلّ من وراء العلم أتتقون أم لا, ولكن المعنى : أنه ينبغي لكم بالصوم أن يقوى رجاؤكم في التقوى). [معاني القرآن: 1/252]

تفسير قوله تعالى: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {أيّاماً مّعدوداتٍ...}
نصبت على أن كلّ ما لم تسمّ فاعله إذا كان فيها اسمان أحدهما غير صاحبه رفعت واحداً, ونصبت الآخر؛ كما تقول: أعطي عبد الله المال, ولا تبال أكان المنصوب معرفة أو نكرة, فإن كان الآخر نعتا للأوّل , وكانا ظاهرين رفعتهما جميعاً, فقلت: ضرب عبد الله الظريف، رفعته؛ لأنه عبد الله, وإن كان نكرة نصبته , فقلت: ضرب عبد الله راكباً, ومظلوماً, وماشياً, وراكباً). [معاني القرآن: 1/112]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله: {فعدّةٌ مّن أيّامٍ أخر...}
رفع على ما فسرت لك في قوله :{فاتباع بالمعروف}, ولو كانت نصبا ً, كان صواباً). [معاني القرآن: 1/112]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وعلى الّذين يطيقونه فديةٌ...}
يقال: وعلى الذين يطيقون الصوم, ولا يصومون أن يطعم مسكيناً مكان كل يومٍ يفطره, ويقال: على الذين يطيقونه الفدية يريد الفداء، ثم نسخ هذا فقال تبارك وتعالى: {وأن تصوموا خيرٌ لّكم} من الإطعام). [معاني القرآن: 1/112]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({أيّاماً مّعدوداتٍ فمن كان منكم مّريضاً أو على سفرٍ فعدّةٌ مّن أيّامٍ أخر وعلى الّذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكينٍ فمن تطوّع خيراً فهو خيرٌ لّه وأن تصوموا خيرٌ لّكم إن كنتم تعلمون}
ثم قال: {أيّاماً}, أي: كتب الصّيام أياماً؛ لأنك شغلت الفعل بالصيام حتى صار هو يقوم مقام الفاعل، وصارت الأيّام كأنك قد ذكرت من فعل بها.
وقال: {فمن كان منكم مّريضاً أو على سفرٍ فعدّةٌ مّن أيّامٍ أخر} , يقول: "فعليه عدّةٌ" رفع، وإن شئت نصبت "العدّة" على "فليصم عدّةً" إلاّ أنّه لم يقرأ.
وقال: {وعلى الّذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكينٍ} وقد قرئت {فدية طعام مسكين} , وهذا ليس بالجيد، إنما الطعام تفسير للفدية، وليست الفديةبإ ضافة إلى الطعام, وقوله: {يطيقونه}, يعني : الصيام, وقال بعضهم {يطوّقونه}, أي: يتكلّفون الصيام, ومن قال: {مساكين} , فهو يعني : جماعة الشهر ؛ لأن لكل يوم مسكيناً, ومن قال: {مسكين} , فإنما أخبر ما يلزمه في ترك اليوم الواحد.
وقال: {وأن تصوموا خيرٌ لّكم}؛ لأن "أن" الخفيفة وما عملت فيه بمنزلة الاسم كأنه قال:" والصيام خيرٌ لكم"). [معاني القرآن: 1/125-126]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقراءة العامة {وعلى الذين يطيقونه}.
قراءة عكرمة "يطوقونه" من طوقه.
ابن عباس {فدية طعام مسكين} يجعله واحدًا.
ابن سيرين {طعام مساكين} على الإضافة.
قراءة الحسن وأبي عمرو والأعرج وأهل المدينة {فدية طعام مساكين} على الإضافة.
وحكي لنا عن أبي عمرو {فدية طعام مسكين} ينون {فدية} ولا يضيف إلى الطعام.
الحسن وأبو عمرو وأهل المدينة {فمن تطوع خيرا}.
[معاني القرآن لقطرب: 262]
الأعمش {يطوع} يكون على يتطوع، فأدغم التاء في الطاء). [معاني القرآن لقطرب: 263]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فمن كان منكم مريضاً أو على سفرٍ فعدّةٌ من أيّامٍ أخر} , أي: فعليه عدّة من أيام أخر مثل عدّة ما فاته.
{وعلى الّذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكينٍ فمن تطوّع خيراً فهو خيرٌ له} , وهذا منسوخ بقوله: {فمن شهد منكم الشّهر فليصمه}, والشهر منصوب لأنه ظرف, ولم ينصب بإيقاع شهد عليه, كأنه قال: فمن شهد منكم في الشهر , ولم يكن مسافرا فليصم؛ لأن الشهادة للشهر قد تكون للحاضر والمسافر). [تفسير غريب القرآن: 73-74]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {أيّاماً معدودات فمن كان منكم مريضاًأو على سفر فعدّة من أيّام أخر وعلى الّذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوّع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون}
نصب (أيّاما) على ضربين:
أجودهما: أن تكون على الظرف كأنه كتب عليكم الصيام في هذه الأيام , والعامل فيه الصيام , كان المعنى : كتب عليكم أن تصوموا أياماً معدودات.

وقال بعض النحويين: إنه منصوب مفعول ما لم يسمّ فاعله , نحو: أعطي زيد المال, وليس هذا بشيء ؛ لأن الأيام ههنا معلقة بالصوم, وزيد والمال مفعولان لأعطى, فلك أن تقيم أيهما شئت مقام الفاعل, وليس في هذا إلا نصب الأيام بالصيام.
وقوله عزّ وجلّ: {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدّة من أيّام أخر}أي: فعليه عدة، أو فالذي ينوب عن صومه في وقت الصوم عدة من أيام أخر.
و( أخر) في موضع جر، إلا أنها لا تنصرف ففتح فيها المجرور.
ومعنى {وعلى الذين يطيقونه} أي: يطيقون الصوم فدية طعام مسكين، أي: إن أفطر , وترك الصوم , كان فدية تركه طعام مسكين.
وقد قرئ {طعام مساكين}فمعنى: طعام مساكين فدية أيام يفطر فيها , وهذا بإجماع , وبنص القرآن منسوخ, نسخته الآية التي تلي هذه.
وقوله عزّ وجلّ:{وأن تصوموا خير لكم}
رفع خير خبر الابتداء, المعنى : صومكم خير لكم, هذا كان خيراً لهم مع جواز الفدية، فأما ما بعد النسخ , فليس بجائز أن يقال: الصوم خير من الفدية والإفطار في هذا الوقت؛ لأنه ما لا يجوز ألبتّة فلا يقع تفضيل عليه فيوهم فيه أنه جائز, وقد قيل: إن الصوم الذي كان فرض في أول الإسلام: صوم ثلاثة أيام في كل شهر , ويوم عاشوراء، ولكن شهر رمضان نسخ الفرض في ذلك الصوم كله). [معاني القرآن: 1/253]

تفسير قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {شهر رمضان...}
رفع مستأنف أي: ولكم "شهر رمضان" {الّذي أنزل فيه القرآن} , وقرأ الحسن نصباً على التكرير "وان تصوموا" شهر رمضان "خير لكم" , والرفع أجود, وقد تكون نصباً من قوله :{كتب عليكم الصيام}, شهر رمضان, توقع الصيام عليه: أن تصوموا شهر رمضان.
وقوله: {فمن شهد منكم الشّهر فليصمه} دليل على نسخ الإطعام, يقول: من كان سالماً ليس بمريض, أو مقيماً, ليس بمسافر فليصم , {ومن كان مريضاً أو على سفرٍ} قضى ذلك, {يريد اللّه بكم اليسر} في الإفطار في السفر , {ولا يريد بكم العسر}: الصوم فيه). [معاني القرآن: 1/112-113]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ولتكملوا العدّة...}
في قضاء ما أفطرتم, وهذه اللام في قوله:{ولتكملوا العدّة}, لام كى , لو ألقيت كان صواباً,والعرب تدخلها في كلامها على إضمار فعلٍ بعدها, ولا تكون شرطا للفعل الذي قبلها وفيها الواوألا ترى أنك تقول: جئتك لتحسن إليّ، ولا تقول جئتك ولتحسن إليّ, فإذا قلته ,فأنت تريد: ولتحسن إليّ جئتك, وهو في القرآن كثير, منه قوله: {ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة} , ومنه قوله: {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السّموات والأرض وليكون من الموقنين} , لو لم تكن فيه الواو كان شرطاً على قولك: أريناه ملكوت السموات ليكون, فإذا كانت الواو فيها فلها فعل مضمر بعدها {وليكون من الموقنين} أريناه, ومنه في غيراللام قوله: {إنّا زيّنّا السّماء الدّنيا بزينةٍ الكواكب}, ثم قال :{وحفظاً}, لو لم تكن الواو , كان الحفظ منصوباً بـ "زينا", فإذا كانت فيه الواو , وليس قبله شيء , ينسق عليه , فهو دليل على أنه منصوب بفعلٍ مضمرٍ بعد الحفظ؛ كقولك في الكلام: قد أتاك أخوك ومكرما لك، فإنما ينصب المكرم على أن تضمر أتاك بعده). [معاني القرآن: 1/113-114]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({شهر رمضان الّذي أنزل فيه القرآن هدًى لّلنّاس وبيّناتٍ مّن الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشّهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفرٍ فعدّةٌ مّن أيّامٍ أخر يريد اللّه بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدّة ولتكبّروا اللّه على ما هداكم ولعلّكم تشكرون}
{ولتكملوا العدّة}, وهو معطوف على ما قبله كأنه قال "ويريد لتكملوا العدّة" , {ولتكبّروا اللّه}, وأما قوله: {يريد اللّه ليبيّن لكم}, فإنما معناه : يريد هذا ليبين لكم, قال الشاعر:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما = تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل
فمعناه: أريد هذا الشيء لأنسى ذكرها, أو يكون أضمر "أن" بعد اللام وأوصل الفعل إليها بحرف الجر.
قال: {فهدى اللّه الّذين آمنوا لما اختلفوا فيه}, فعدّى الفعل بحرف الجر، والمعنى: عرّفهم الاختلاف حتى تركوه".
ثم قال: {شهر رمضان} على تفسير الأيام، كأنه حين قال: {أيّاماً مّعدوداتٍ}, فسرها فقال: "هي شهر رمضان", وقد نصب بعضهم {شهر رمضان} , وذلك جائز على الأمر، كأنه قال: "شهر رمضان فصوموا"، أو جعله ظرفاً على {كتب عليكم الصّيام} , {شهر رمضان}, أي: "في شهر رمضان" , و"رمضان" في موضع جر ؛ لأن الشهر أضيف إليه ,ولكنه لا ينصرف.
وقال: {الّذي أنزل فيه القرآن هدىً لّلنّاس وبيّناتٍ مّن الهدى} فموضع {هدىً} و{بيّناتٌ} نصب لأنه قد شغل الفعل بـ{القرآن} , وهو كقولك: "وجد عبد الله ظريفا".
وأما قوله: {والفرقان} , فجرّ على{وبيناتٍ من الفرقان}). [معاني القرآن: 1/127]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو {شهر رمضان} بالرفع.
مجاهد "شهر رمضان" بالنصب.
يكون الرفع على الابتداء، ويكون {الذي أنزل فيه القرآن} الخبر عنه؛ والنصب على: وأن تصوموا شهر رمضان، ويكون على: كنتم تعلمون شهر رمضان؛ أي تعرفونه وقدر ثوابه، كقوله {نحن نعلمهم}؛ أي نعرفهم، على معنى المعرفة.
قال النمر بن تولب:
فإن الله يعلمني ووهبا = وإنا سوف نلقاه كلانا
ويجوز على: وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون شهر رمضان؛ أي: وأن تصوموا شهر رمضان؛ مع التباعد منه بالكلام الذي بينهما؛ كقولك أن تأكل - خير لك - اللحم؛ تريد أن تأكل اللحم خير لك، مع ضعف لأنك قد فصلت بين "اللحم" وبين "أن" وهو صلة.
ويجوز على الظرف: في شهر رمضان؛ لأنه زمان يكون ظرفا.
[معاني القرآن لقطرب: 263]
قراءة الحسن "فليصمه" بكسر اللام؛ "وليعفوا وليصفحوا"، بكسر اللام.
وقراءة شيبة وأبي جعفر ونافع بإسكان اللام في الأمر في جميع القرآن إذا كان قبلها واو أو فاء أو ثم {ثم ليضوا تفثهم}.
وكان أبو عمرو يسكن ما قبله واو أو فاء، ويكسر مع ثم؛ وكأن هذا الإسكان على لغة من قال في فخذ: فخذ، وعضد: عضد؛ والبيان والحركة أحب إلينا؛ لأن الواو والفاء لا يلزمان اللام كما تلزم الفاء والعين في فخذ وعضد وأشباهها؛ والإسكان في "ثم" أقبح وأبعد منه في الواو والفاء؛ لأن "ثم" كلمة منفصلة يتكلم بها وحدها، والفاء والواو ليستا كذلك، لا تنفصلان من الكلمة، فصارتا كبعضها.
وكذلك هو وهي، إذا لقيتهما واو أو فاء أو لام جاز فيه الإسكان والتحرك؛ مثل قوله {فهو خير لكم} و{لهو خير للصابرين}.
قال لبيد:
فإن لم تجد من دون عدنان باقيا = ودون معد فلتزعك العواذل
فأسكن اللام على قراءة شيبة وأبي جعفر.
[معاني القرآن لقطرب: 264]
وقال لبيد:
وليزعه قومها فإنهم = من خير حي علمتهم حسبا
فأسكن.
وقال أبو ذؤيب:
تعدو به حوصاء يفصم جريها = حلق الرحالة فهي رخو تمزع
فأسكن الهاء.
وقال عنترة:
يقاد وهو مصطرم مصر = بقارحه على فاس اللجام
الحسن {ولتكملوا العدة}، مثقل.
الأعرج وأبو عمرو {ولتكملوا العدة} يخفف من أكمل.
أبو عمرو {الحج} بفتح الحاء، كل ما في القرآن، وهي قراءة أهل المدينة، وهي حجازية.
ابن أبي إسحاق بكسر الحاء "الحج"، وهي تميمية وقيسية، وهي لغة أهل نجد). [معاني القرآن لقطرب: 265]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {شهر رمضان الّذي أنزل فيه القرآن هدى للنّاس وبيّنات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشّهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدّة من أيّام أخر يريد اللّه بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدّة ولتكبّروا اللّه على ما هداكم ولعلّكم تشكرون}
القراءة بالرفع , ويجوز النصب، وهي قراءة ليست بالكثيرة , ورفعه على ثلاثة أضرب:
أحدها: الاستئناف, المعنى: الصيام الذي كتب عليكم, أو الأيام التي كتبت عليكم شهر رمضان،
ويجوز أن يكون: رفعه على البدل من الصيام , فيكون مرفوعاً على ما لم يسم فاعله، المعنى : كتب عليكم شهر رمضان.

ويجوز أن يكون: رفعه على الابتداء , ويكون الخبر: {الّذي أنزل فيه القرآن}, والوجهان اللذان شرحناهما :" الذي " فيهما رفع على صفة الشهر، ويكون الأمر بالفرض فيه :{فمن شهد منكم الشّهر فليصمه}
ومعنى من شهد: من كان شاهدا غير مسافر , فليصم، ومن كان مسافراً, أو مريضاً , فقد جعل له أن يصوم عدة أيام المرض , وأيام السفر من أيام أخر، ومن نصب شهر رمضان , نصبه على وجهين:
أحدهما: أن يكون بدلا من أيام معدودات.

والوجه الثاني: على الأمر، كأنه قال : عليكم شهر رمضان, على الإغراء.
وقوله عزّ وجلّ: {يريد اللّه بكم اليسر}أي: أن ييسّر عليكم بوضعه عنكم الصوم في السفر , والمرض.
وقوله عزّ وجلّ: {ولتكمّلوا العدّة}, قرئ بالتشديد، ولتكملوا بالتخفيف, من كمّل يكمّل، وأكمل يكمل.
ومعنى اللام والعطف ههنا معنى لطيف هذا الكلام معطوف محمول على المعنى
(المعنى: فعل اللّه ذلك ؛ ليسهل عليكم , ولتكملوا العدة.
قال الشاعر:
بادت وغيّر آيَهن مع البِلَى ..... إلا رواكد جمرُهنّ هباءُ
ومشجَّجٍ أمّا سَواءُ قَذالِه ..... فبدا وغيَّر سارَه المَعْزَاءُ

فعطف مشجج على معنى بها رواكد ومشجج، لأنه إذ قال بادت إلاّ رواكد , علم أن المعنى : بقيت رواكد ومشجج). [معاني القرآن: 1/253-254]


رد مع اقتباس