عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 07:52 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({يسومونكم سوء العذاب (49)}: يولونكم أشدّ العذاب.
{وفي ذلكم بلاءٌ من ربكم عظيم (49)} أي: ما ابتليتم من شدة، وفي موضع آخر: البلاء الابتلا، يقال: الثناء بعد البلاء، أي: الاختبار، من بلوته، ويقال: له عندي بلاء عظيم، أي: نعمة ويد، وهذا من: ابتليته خيراً). [مجاز القرآن: 1 / 40]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وإذ نجّيناكم مّن آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبّحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاءٌ مّن رّبّكم عظيمٌ}
أما قوله: {وإذ نجّيناكم مّن آل فرعون} و{وإذ فرقنا بكم البحر} وأمكنة كثيرة، فإنما هي على ما قبلها، إنما يقول: "اذكروا نعمتي" و"اذكروا إذ نجّيناكم" و"اذكروا إذ فرقنا بكم البحر" و"اذكروا إذ قلتم يا موسى لن نصبر".
وقال بعضهم: "فرّقنا".
باب أهل وآل:
وقوله: {مّن آل فرعون يسومونكم سوء العذاب} وقد قال: {وإذ نجّيناكم مّن آل فرعون} فإنما حدث عما كانوا يلقون منهم.
و{يسومونكم} في موضع رفع، وإن شئت جعلته في موضع نصب على الحال، كأنه يقول "وإذ نجّيناكم من آل فرعون سائمين لكم"، والرفع على الابتداء.
وأما "آل" فإنها تحسن إذا أضيفت إلى اسم خاص نحو: "أتيت آل زيد" و"أهل زيد"، و"أهل مكة" و"آل مكة" و"أهل المدينة" و"آل المدينة". ولو قلت: "أتيت آل الرجل" و"آل المرأة" لم يحسن، ولكن: "أتيت آل اللّه" وهم زعموا: أهل مكة. وليس "آل" بالكثير في أسماء الأرضين وقد سمعنا من يقول ذلك، وإنما هي همزة أبدلت مكان الهاء، مثل "هيهات" و"أيهات"). [معاني القرآن: 1 / 71]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {من آل فرعون} فقالوا: قومه وأهل دينه؛ وصغره يونس فقال: أويل. وأما أهيل، فكأنها الأصل عندنا؛ وهي المقولة.
[معاني القرآن لقطرب: 306]
قال بشر:
لعمرك ما يطلبن من آل نعمة = ولكنما يطلبن قيسا ويشكرا
كأنه يريد: أهل نعمة؛ لإضافته إلى النعمة.
وزعم معمر: أنهم يقولون: أل فعلت؛ يريدون: هل فعلت، فأبدل منها الهمزة). [معاني القرآن لقطرب: 307]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({آل فرعون}: قومه وأهل دينه. {يسومونكم سوء العذاب}: يولونكم.
{وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم}: أي نعمة عظيمة، ويقال: لي عنده بلاء عظيم، أي: نعمة ويد، والبلاء -في موضع آخر-: الاختبار، من قوله: {ليبلوكم أيكم أحسن عملا}). [غريب القرآن وتفسيره: 69]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يسومونكم سوء العذاب} قال أبو عبيدة: يولونكم أشد العذاب. يقال: فلان يسومك خسفا، أي: يوليك إذلالا واستخفافا.
{وفي ذلكم بلاءٌ من ربّكم عظيمٌ} أي: في إنجاء اللّه إياكم من آل فرعون نعمة عظيمة. و"البلاء" يتصرف على وجوه قد بينتها في كتاب «المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 48]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وإذ نجّيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبّحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربّكم عظيم (49)}
موضع {إذ} نصب، كأنه قال: "واذكروا إذ نجيناكم من آل فرعون".
و"آل فرعون": أتباعه ومن كان على دينه، وكذلك "آل الأنبياء" -صلوات اللّه عليهم-: من كان على دينهم، وكذلك قولنا: "صلى اللّه على محمد وآله" معنى "آله": من اتبعه من أهل بيته وغيرهم، ومعنى خطابهم ههنا: تذكيرهم بالنعمة عليهم في أسلافهم كما وصفنا.
وقوله عزّ وجلّ: {يسومونكم سوء العذاب} معنى {يسومونكم} في اللغة: يولونكم، ومعنى {سوء العذاب}: شديد العذاب، وإن كان العذاب كله سوءًا، فإنما نكر في هذا الموضع لأنه أبلغ ما يعامل به مرعيّ، فلذلك قيل: {سوء العذاب}، أي: ما يبلغ في الإساءة ما لا غاية بعده.
وفسره بقوله: {يذبّحون أبناءكم} والقراءة المجمع عليها {يذبّحون} -بالتشديد-، ورواية شاذة (يذبحون أبناءكم)، والقراءة المجمع عليها أبلغ، لأن {يذبّحون} للتكثير، و(يذبحون) يصلح أن يكون للقليل وللكثير، فمعنى التكثير ههنا أبلغ.
و{أبناءكم} جمع: ابن، والأصل كأنه إنما جمع "بني" و"بنو"، ويقال: ابن بيّن البنوة، فهي تصلح أن تكون "فعَل" و "فِعْل" كأنه أصله "بناية"، والذين قالوا: "بنون" كأنّهم جمعوا "بَنا" وبنون، فأبناء جمع "فعَل" و"فِعْل".
و "بنت" يدل على أنه يستقيم أن يكون فعلا، ويجوز أن يكون "فعل" نقلت إلى "فعل" كما نقلت "أخت" من "فَعَل" إلى "فُعْل"، فأمّا "بنات" فهو ليس بجمع "بنت" على لفظها، إنما ردت إلى أصلها فجمعت "بنات" على أن الأصل في بنت "فِعْله" كأنّها مما حذفت لامه،
والأخفش يختار أن يكون المحذوف من "ابن" الواو، قال: لأن أكثر ما تحذف الواو بثقلها. والياء تحذف أيضا للثقل.
قال أبو إسحاق: والدليل على ذلك أن "يدا" قد أجمعوا على أن المحذوف منه الياء، ولهم دليل قاطع على الإجماع قال: يديت إليه يدا، و"دم" محذوف منه الياء، يقال: "دم" و"دميان".
قال الشاعر:


فلـو أنّـا عـلـى حـجـر ذبحـنـا جرى الدّميان بالخبر اليقين


والبنوة ليست بشاهد قاطع في الواو، لأنهم يقولون الفتوة والفتيان في التثنية، قال عزّ وجلّ: {ودخل معه السجن فتيان}.
فـ"ابن" يجوز أن يكون المحذوف منه الواو أو الياء. وهما عندي متساويان.
وقوله عزّ وجل: {وفي ذلكم بلاء من ربّكم عظيم} يعني: في النجاة من آل فرعون، والبلاء ههنا: النعمة، يروي عن الأحنف أنه قال: «البلاء ثم الثناء»، أي الأنعام ثمّ الشكر.
قال زهير:


جزى اللّه بالإحسان ما فعلا بنا وأبلاهما خيـر البـلاء الـذي يبلـو


وقال الله عزّ وجلّ: {وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا}). [معاني القرآن: 1 / 130-132]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): ({يستحيون} أي: يستبقون). [ياقوتة الصراط: 172]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يسومونكم} أي: يولونكم بلا نقمة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 27]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({آلِ فِرْعَوْنَ}: قومه.{يَسُومُونَكُمْ}: يولونكم.{سُوَءَ الْعَذَابِ}: أشده.{بَلاءٌ}: نقمة).
[العمدة في غريب القرآن: 75]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({آل فرعون (50)} قومه وأهل دينه، ومثلها: {أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب}
[غافر: 46]). [مجاز القرآن: 1 / 40]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون}
{وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم} يقول: فرقنا بين الماءين حين مررتم فيه). [معاني القرآن: 1 / 72]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و"آل فرعون": أهل بيته وأتباعه وأشياعه. و"آل محمد": أهل بيته وأتباعه وأشياعه. قال اللّه عز وجل: {أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب} [غافر: 46]). [تفسير غريب القرآن: 48]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون (50)}
موضع {إذ} نصب كالتي قبلها.
ومعنى {فرقنا بكم البحر}: جاء تفسيره في آية أخرى، وهو قوله عزّ وجلّ: {فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كلّ فرق كالطّود العظيم (63)} أي: فانفرق البحر فصار كالجبال العظام، وصاروا في قراره، وكذلك قوله عزّ وجلّ: {فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى (77)} معناه: طريقا ذا يبس.
وقوله: {وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون} فيه قولان:
قالوا: وأنتم ترونهم يغرقون. ويجوز أن يكون: {وأنتم تنظرون} أي: وأنتم مشاهدون تعلمون ذلك، وإن شغلهم عن أن يروه في ذلك الوقت شاغل، يقال من ذلك: دور آل فلان تنظر إلى دور بني فلان، أي: هي بإزائها والدّور يعلم أنها لا تبصر شيئا). [معاني القرآن: 1 / 132 -133]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وإذ واعدنا موسى أربعين ليلةً...}
ثم قال في موضع آخر: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلةً وأتممناها بعشرٍ فتمّ ميقات ربّه أربعين ليلةً}، فيقول القائل: كيف ذكر الثلاثين وأتمّها بالعشر، والأربعون قد تكمل بعشرين وعشرين، أو خمسةٍ وعشرين وخمسة عشر؟
قيل: كان ذلك -والله أعلم- أنّ الثّلاثين كانت عدد شهر، فذكرت الثلاثون منفصلة لمكان الشّهر، وأنّها ذو القعدة، {وأتممناها بعشر} من ذي الحجة، كذلك قال المفسّرون. ولهذه القصّة خصّت العشر والثلاثون بالانفصال). [معاني القرآن: 1 / 36]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وإذ واعدنا موسى أربعين ليلةً ثمّ اتّخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون}
قال: {وإذ واعدنا موسى أربعين ليلةً} أي: واعدناه انقضاء أربعين ليلة، أي: رأس الأربعين، كما قال: {وسأل القرية}، وهذا مثل قولهم: "اليوم أربعون يوماً منذ خرج" و"اليوم يومان" أي: "اليوم تمام الأربعين" و"تمام يومين"). [معاني القرآن: 1 / 72]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو {وإذ وعدنا موسى} بغير ألف.
عاصم والأعمش {واعدنا}، وهي قراءة العامة). [معاني القرآن لقطرب: 246]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {وإذا واعدنا موسى أربعين ليلة} أي تمام أربعين ليلة، كقولك: اليوم خمس من الشهر؛ أي تمام خمس). [معاني القرآن لقطرب: 306]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثمّ اتّخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون (51)}
ويقرأ: (وإذ وعدنا موسى)، وكلاهما جائز حسن، واختار جماعة من أهل اللغة (وإذ وعدنا) بغير ألف، وقالوا: إنما اخترنا هذا لأن المواعدة إنما تكون لغير الآدميين، فاختاروا (وعدنا) وقالوا دليلنا قوله عزّ وجلّ {إنّ اللّه وعدكم وعد الحقّ} وما أشبه هذا، وهذا الذي ذكروه ليس مثل هذا و{واعدنا} هنا جيد بالغ، لأن الطاعة في القبول بمنزلة المواعدة، فهو من اللّه عزّ وجلّ: وعد، ومن موسى: قبول واتباع، فجرى مجرى المواعدة.
وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ اتّخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون} ذكرهم بكفر آبائهم مع هذه الآيات العظام، وأعلمهم أن كفرهم بالنبي -صلى الله عليه وسلم- مع وضوح أمره وما وقفوا عليه من خبره في كتبهم ككفر آبائهم.
وكان في ذكر هذه الأقاصيص دلالة على تثبيت نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم-، لأن هذه الأقاصيص ليست من علوم العرب، وإنما هي من علوم أهل الكتاب، فأنبأهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بما في كتبهم، وقد علموا أنه من العرب الذين لم يقرأوا كتبهم، فعلموا أنّه لم يعلم هذه الأقاصيص إلا من جهة الوحي، ففي هذه الآيات إذكارهم بالنعمة عليهم في أسلافهم، وتثبيت أمر الرسالة كما وصفنا). [معاني القرآن: 1 / 133 -134]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52)}

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلّكم تهتدون} ففيه وجهان:
أحدهما: أن يكون أراد {وإذ آتينا موسى الكتاب} يعني: التوراة، ومحمدا صلى الله عليه وسلم {الفرقان}، {لعلّكم تهتدون}. وقوله: {وإذ آتينا موسى الكتاب} كأنّه خاطبهم فقال: قد آتيناكم علم موسى ومحمد عليهما السلام {لعلكم تهتدون}؛ لأن التوراة أنزلت جملةً ولم تنزل مفرّقة كما فرّق القرآن؛ فهذا وجه.
والوجه الآخر: أن تجعل التوراة هدىً والفرقان كمثله، فيكون: ولقد آتينا موسى الهدى كما آتينا محمّدا -صلى الله عليه وسلم- الهدى. وكلّ ما جاءت به الأنبياء فهو هدىً ونورٌ. وإنّ العرب لتجمع بين الحرفين وإنّهما لواحدٌ إّذا اختلف لفظاهما؛ كما قال عدي بن زيد:


وقدّمت الأديم لراهشيه وألفى قولها كذبـاً ومينـا


وقولهم: "بعداً وسحقاً"، و"البعد" و"السّحق" واحدٌ، فهذا وجهٌ آخر.
وقال بعض المفسّرين: {الكتاب}: التّوراة، {والفرقان}: انفراق البحر لبنى إسرائيل.
وقال بعضهم: {الفرقان}: الحلال والحرام الذي في التّوراة). [معاني القرآن: 1 / 36 -37]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({آتينا موسى الكتاب (53)} أي: التوراة. {والفرقان (53)}: ما فرّق بين الحق والباطل). [مجاز القرآن: 1 /40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({الفرقان}: ما فرق بين الحق والباطل). [غريب القرآن وتفسيره: 70]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلّكم تهتدون (53)}
{آتينا} بمعنى: أعطينا، و{الكتاب} مفعول به، و{الفرقان} عطف عليه. ويجوز أن يكون {الفرقان}: الكتاب بعينه إلا إنّه أعيد ذكره، وعنى به: أنه يفرق بين الحق والباطل.
وقد قال بعض النحويين -وهو قطرب-: المعنى: وآتينا محمدا الفرقان، ودليله قوله عزّ وجلّ {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} يعني به: القرآن.
والقول الأول هو القول؛ لأن "الفرقان" قد ذكر لموسى في غير هذا الموضع، قال الله عزّ وجلّ: {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتّقين (48)}.
وقوله عزّ وجلّ: {لعلّكم تهتدون} "لعل" إنما ذكرت هنا -واللّه يعلم أيهتدون أم لا يهتدون- على ما يفعل العباد ويتخاطبون به، أي إن هذا يرجى به الهداية، فخوطبوا على رجائهم. ومثله قوله: {لعلّه يتذكّر أو يخشى}، إنما المعنى: اذهبا على رجائكما، واللّه عزّ وجلّ عالم بما يكون وهو من ورائه). [معاني القرآن: 1 / 134]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({والفرقان}: ما فرق بين الحق والباطل، وقيل: هو القرآن، على إضمار اسم النبي -صلى الله عليه وسلم-). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 27]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَالْفُرْقَانَ}: بين الحق والباطل). [العمدة في غريب القرآن: 75]


رد مع اقتباس