عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 02:48 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {فأتوا بسورةٍ مّن مّثله...}: الهاء كناية عن القرآن؛ فأتوا بسورة من مثل القرآن.
{وادعوا شهداءكم} يريد: آلهتكم، يقول: استغيثوا بهم؛ وهو كقولك للرجل: إذا لقيت العدوّ خالياً فادع المسلمين، ومعناه: فاستغث واستعن بالمسلمين). [معاني القرآن: 1 / 19]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فأتوا بسورةٍ من مثله} أي: من مثل القرآن.
وإنما سمّيت سورة؛ لأنها مقطوعة من الأخرى، وسمّى القرآن قرآناً؛ لجماعة السور). [مجاز القرآن: 1 / 34]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وادعوا شهداءكم} أي: ادعوهم؛ ليعاونوكم على سورة مثله.
ومعنى الدعاء هاهنا: الاستغاثة، ومنه دعاء الجاهلية ودعوى الجاهلية، وهو قولهم: يا آل فلان، إنما هو استغاثتهم.
وشهداؤهم من دون اللّه: آلهتهم، سموا بذلك؛ لأنهم يشهدونهم ويحضرونهم). [تفسير غريب القرآن: 43]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وإن كنتم في ريب ممّا نزّلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون اللّه إن كنتم صادقين (23)}
{في ريب} معناه: في شك.
وقوله: {فأتوا بسورة من مثله} للعلماء فيه قولان:
أحدهما: قال بعضهم: {من مثله} من مثل القرآن، كما قال عزّ وجلّ: {فأتوا بعشر سور مثله مفتريات}.
وقال بعضهم: {من مثله} من بشر مثله.
وقوله عزّ وجلّ: {وادعوا شهداءكم من دون اللّه إن كنتم صادقين} أي: ادعوا من استدعيتم طاعته، ورجوتم معونته في الإتيان بسورة من مثله). [معاني القرآن: 1 / 100]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وادعوا شهداءكم} أي: استعينوا بهم، و"الشهداء" هنا: الآلهة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 25]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {النّار الّتي وقودها النّاس والحجارة...}
الناس وقودها، والحجارة وقودها، وزعموا أنه كبريت يُحمى، وأنه أشدّ الحجارة حرّا إذا أحميت، ثم قال: {أعدّت للكافرين} يعني: النار).
[معاني القرآن: 1 / 20]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وقودها النّاس والحجارة}:حطبها الناس، و"الوُقود" مضموم الأول: التلهب).
[مجاز القرآن: 1 / 34]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({فإن لّم تفعلوا ولن تفعلوا فاتّقوا النّار الّتي وقودها النّاس والحجارة أعدّت للكافرين}
قوله: {الّتي وقودها النّاس والحجارة} فـ"الوَقُود": الحطب، و"الوُقُود": الاتقاد، وهو الفعل، يقرأ: (الوَقُود) و(الوُقُود) ويكون أن يعني بها الحطب، ويكون أن يعني بها الفعل.
ومثل ذلك "الوَضُوء" وهو: الماء، و"الوُضُوء" وهو الفعل، وزعموا إنهما لغتان في معنى واحد). [معاني القرآن: 1 / 40]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة الحسن والأعرج {وقودها}، بفتح الواو، ومثله الولوع، والقبول، والوضوء.
[معاني القرآن لقطرب: 242]
قراءة طلحة بن مصرف "وقودها"، بالضم في كل القرآن إلا {النار ذات الوقود}، فإنه يفتحه، يقال: وقدت النار، تقد وقودا). [معاني القرآن لقطرب: 243]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {وقودها الناس} وقدت النار، تقد، وقودا ووقدا وقدة ووقدانا.
أنشد
إذا سهيل لاح كالوقود = ...........
والفتح أحب إلينا). [معاني القرآن لقطرب: 294]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({وقودها}: حطبها. "الوُقود" بالضم هو: اللهب). [غريب القرآن وتفسيره: 66]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({فاتّقوا النّار الّتي وقودها النّاس} أي: حطبها، و"الوَقود": الحطب بفتح الواو، و"الوُقود" بضمها: توقدها.
{والحجارة} قال المفسرون: حجارة الكبريت). [تفسير غريب القرآن: 43]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتّقوا النّار الّتي وقودها النّاس والحجارة أعدّت للكافرين (24)}
قيل لهم هذا بعد أن ثبت عليهم أمر التوحيد وأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فوعدوا بالعذاب إن لم يؤمنوا بعد ثبوت الحجة عليهم.
وجزم {لم تفعلوا}؛ لأن "لم" أحدثت في الفعل المستقبل معنى المضي فجزمته، وكل حرف لزم الفعل فأحدث فيه معنى: فله فيه من الإعراب على قسط معناه: فإن كان ذلك الحرف "أن" وأخواتها نحو "لن تفعلوا" و {يريدون أن يطفئوا} فهو نصب؛ لأن "أن" وما بعده بمنزلة الاسم، فقد ضارعت "أن" الخفيفة "أنّ" المشدّدة وما بعدها؛ لأنّك إذا قلت: ظننت أنك قائم، فمعناه: ظننت قيامك، وإذا قلت: أرجو أن تقوم، فمعناه: أرجو قيامك، فمعنى "أن" وما عملت فيه كمعنى "أنّ" المشددة وما عملت فيه، فلذلك نصبت "أن" وجزمت "لم"؛ لأن ما بعدها خرج من تأويل الاسم، وكذلك هي وما بعدها يخرجان من تأويل الاسم.
وقوله عزّ وجلّ: {التي وقودها النّاس والحجارة} عرفوا عذاب اللّه عزّ وجلّ بأشد الأشياء التي يعرفونها؛ لأنه لا شيء في الدنيا أبلغ فيما يؤلم من النار، فقيل لهم: إن عذاب اللّه من أشد الأجناس التي يعرفونها، إلا أنه من هذا الشديد الذي يعرفونه، ويقال: إن "الحجارة" هنا تفسيرها: حجارة الكبريت.
وقوله {وقودها} الوقود هو: الحطب، وكل ما أوقد به فهو: وقود، ويقال: هذا وقودك، ويقال: قد وقدت النار وقُوداً، فالمصدر مضموم ويجوز فيه الفتح. وقد روي: وقدت النار وَقوداً، وقبلت الشيء قَبُولاً، فقد جاء في المصدر (فَعُول) والباب الضم). [معاني القرآن: 1 / 100-101]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وقودها} بالفتح: الحطب، وبالضم: التوقد. {والحجارة} قيل: حجارة الكبريت).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 25]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ("الوَقُودُ": الحطب. "الوُقُودُ": المصدر). [العمدة في غريب القرآن: 71]

تفسير قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وأتوا به متشابهاً} اشتبه عليهم، فيما ذكر في لونه، فإذا ذاقوه عرفوا أنه غير الذي كان قبله). [معاني القرآن: 1 / 20]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وأتوا به متشابهاً} أي: يشبه بعضه بعضاً، وليس من الاشتباه عليك، ولا مما يشكل عليك.
{ولهم فيها أزواجٌ مطهّرةٌ}: واحدها "زوج"، الذكر والأنثى فيه سواء، {وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنّة}). [مجاز القرآن: 1 / 34]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وبشّر الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أن لهم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار كلّما رزقوا منها من ثمرةٍ رّزقاً قالوا هذا الّذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابهاً ولهم فيها أزواجٌ مّطهّرةٌ وهم فيها خالدون}
قوله: {أن لهم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار} فجرّ "جناتٍ" وقد وقعت عليها "أن" لأن كلّ جماعة في آخرها تاء زائدة تذهب في الواحد وفي تصغيره فنصبها جرّ، ألا ترى أنك تقول: "جنّه" فتذهب التاء، وقال: {خلق السّماوات والأرض} و"السماوات" جرّ، و"الأرض" نصب لأن التاء زائدة، ألا ترى أنك تقول: "سماء"، و{قالوا ربّنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا}؛ لأن هذه ليست تاء، إنما هي هاء صارت تاءً بالاتصال، وإنما تكون تلك في السكوت، ألا ترى أنك تقول: "رأيت ساده" فلا يكون فيها تاء، ومن قرأ (أطعنا ساداتنا) جرّ لأنك إذا قلت: "ساده" ذهبت التاء، وتكون في السكت فيها تاء، تقول: "رأيت ساداتٍ"، وإنما جرّوا هذا في النصب ليجعل جرّه ونصبه واحداً، كما جعل تذكيره في الجر والنصب واحدا، تقول: "مسلمين و"صالحين" نصبه وجره بالياء. وقوله: {بيوتاً غير بيوتكم} و{لا ترفعوا أصواتكم} فإن التاء من أصل الكلمة، تقول: "صوت" و"صويت" فلا تذهب التاء، و"بيت" و "بويت" فلا تذهب التاء، وتقول: "رأيت بويتات العرب" فتجرّ، لأن التاء الآخرة زائدة لأنك تقول: "بيوت" فتسقط التاء الآخرة، وتقول: "رأيت ذوات مال" لأن التاء زائدة، وذلك لأنك لو سكت على الواحدة لقلت: "ذاه" ولكنها وصلت بالمال، فصارت تاء لا يتكلم بها إلا مع المضاف إليه.
وقوله: {هذا الّذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابهاً}؛ لأنه في معنى "جيئوا به" وليس في معنى "أعطوه".
فأما قوله: {متشابهاً} فليس أنه أشبه بعضه بعضاً، ولكنه متشابه في الفضل، أي: كل واحد له من الفضل في نحوه مثل الذي للآخر في نحوه.
قوله: {إن اللّه لا يستحيي أن} فـ"يستحيي" لغة أهل الحجاز بياءين، وبنو تميم يقولون "يستحي" بياء واحدة، والأولى هي الأصل لأن ما كان من موضع لامه معتلا لم يعلّوا عينه، ألا ترى أنهم قالوا: "حييت" و"حويت" فلم تُعَلَّ العين، ويقولون: "قلت" و"بعت" فيعلّون العين لما لم تعتلّ اللام، وإنما حذفوا لكثرة استعمالهم هذه الكلمة كما قالوا "لم يك" و"لم يكن" و"لا أدر" و"لا أدري".
وقال: {مثلاً مّا بعوضةً} لأن "ما" زائدة في الكلام، وإنما هو: "إن الله لا يستحي أن يضرب بعوضةً مثلاً". وناس من بني تميم يقولون (مثلاً مّا بعوضةً) يجعلون (ما) بمنزلة "الذي" ويضمرون "هو"، كأنهم قالوا: "لا يستحي أن يضرب مثلاً الذي هو بعوضةٌ"، يقول: "لا يستحيي أن يضرب الذي هو بعوضةٌ مثلاً".
وقوله: {فما فوقها} قال بعضهم: "أعظم منها"، وقال بعضهم: كما تقول: "فلان صغير" فيقول: "وفوق ذلك"، يريد: "وأصغر من ذلك".
وقوله: {ماذا أراد اللّه بهذا مثلاً} فيكون "ذا" بمنزلة "الذي". ويكون "ماذا" اسما واحدا إن شئت بمنزلة "ما" كما قال: {ماذا أنزل ربّكم قالوا خيراً} فلو كانت "ذا" بمنزلة "الذي" لقالوا "خيرٌ" ولكان الرفع وجه الكلام، وقد يجوز فيه النصب؛ لأنه لو قال "ما الذي قلت"؟ فقلت: "خيراً"، أي: "قلت خيراً" لجاز، ولو قلت: "ما قلت؟" فقلت: "خيرٌ"، أي: "الذي قلت خيرٌ" لجاز، غير أنه ليس على اللفظ الأول، كما يقول بعض العرب إذا قيل له: "كيف أصبحت؟" قال: "صالحٌ" أي: "أنا صالحٌ"، ويدلك على أن "ماذا" اسم واحد قول الشاعر:


دعي ماذا علمت سأتّقيه ولـكــن بالمـغـيّـب نبّئـيـنـي


فلو كانت "ذا" ههنا بمعنى (الذي) لم يكن كلاماً). [معاني القرآن: 1 / 41-43]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {أزواج مطهرة} والواحد: زوج وزوجة جميعًا، هذه زوج وزوجة). [معاني القرآن لقطرب: 293]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({مشابها}: يشبه بعضه بعضا في اللون والطعم.
{أزواج مطهرة}: واحدها "زوج". الذكر والأنثى فيه سواء). [غريب القرآن وتفسيره: 66]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({جنّاتٍ}: بساتين.
{تجري من تحتها الأنهار} ذهب إلى شجرها، لا إلى أرضها؛ لأن الأنهار تجري تحت الشجر.
{كلّما رزقوا منها من ثمرةٍ رزقاً قالوا هذا الّذي رزقنا من قبل} أي: كأنّه ذلك، لشبهه به.
{وأتوا به متشابهاً} أي: يشبه بعضه بعضاً، في المناظر دون الطعوم.
{ولهم فيها أزواجٌ مطهّرةٌ}: من الحيض والغائط والبول وأقذار بني آدم). [تفسير غريب القرآن: 44]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ:{وبشّر الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أنّ لهم جنّات تجري من تحتها الأنهار كلّما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الّذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهّرة وهم فيها خالدون (25)}
ذكر ذلك للمؤمنين، وما أعد لهم جزاء لتصديقهم، بعد أن ذكر لهم جزاء الكافرين، وموضع (أنّ) نصب معناه: بشرهم بأن لهم جنات. فلما سقطت الباء أفضى الفعل إلى " أن " فنصبت،
وقد قال بعض النحويين: إنه يجوز أن يكون موضع مثل هذا خفضًا، وإن سقطت الباء من (أن)، و(جنات) في موضع نصب بأنّ، إلا أن التاء تاء جماعة المؤنث هي في الخفض والنصب على صورة واحدة، كما أن ياء الجمع في النصب والخفض على صورة واحدة، تقول: رأيت الزيدين، ومررت بالزيدين، ورأيت الهندات، ورغبت في الهندات.
و"الجنة" في لغة العرب: البستان، والجنات: البساتين، وهي التي وعد الله بها المتقين، وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين.
قوله عزّ وجلّ: {كلّما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الّذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابهاً}
قال أهل اللغة: معنى (متشابه) يشبه بعضه بعضاً في الجودة والحسن.
وقال أهل التفسير وبعض أهل اللغة: {متشابهاً} يشبه بعضه بعضا في الصورة ويختلف في الطعم، ودليل المفسرين قوله: {هذا الّذي رزقنا من قبل}؛ لأن صورته الصورة الأولى، ولكن اختلاف الطعوم على اتفاق الصورة أبلغ وأعرف عند الخلق، لو رأيت تفاحا فيه طعم كل الفاكهة لكان غاية في العجب والدلالة على الحكمة.
وقوله عزّ وجلّ: {ولهم فيها أزواج مطهّرة}
أي: أنهن لا يحتجن إلى ما يحتاج إليه نساء أهل الدنيا من الأكل والشرب ولا يحضن، ولا يحتجن إلى ما يتطهر منه، وهن على هذا طاهرات طهارة الأخلاق والعفة، فـ"مطهرة" تجمع الطهارة كلها؛ لأن "مطهرة" أبلغ في الكلام من "طاهرة"، ولأن "مطهرة" إنما يكون للكثير.
وإعراب {أزواج} الرفع بـ {ولهم} وإن شئت بالابتداء.
ويجوز في {أزواج} أن يكون واحدتهن زوجاً وزوجة، قال الله تبارك وتعالى: {اسكن أنت وزوجك الجنّة}، وقال الشاعر:


فبكى بناتي شجوهن وزوجتي والطامعـون إلـيّ ثـم تصدّعـوا).


[معاني القرآن: 1 / 101-103]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وأتوا به متشابها} أي: يشبه بعضه بعضًا في المناظر دون الطعوم، وقيل: يشبه فاكهة الدنيا في المناظر دون الطعوم، وقيل: يشبه بعضه بعضًا في الفضل والحسن، ليس فيه رذل.
{أزواج} واحدها زوج، والمذكر والأنثى سواء.
{مطهرة} أي: من البول والغائط والحيض وأقذار بني آدم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 25]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مُتَشَابِهاً}: في اللون والطعم). [العمدة في غريب القرآن: 71]


رد مع اقتباس