عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 17 ربيع الثاني 1434هـ/27-02-2013م, 02:32 AM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر، عن قتادة، في قوله: {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} قال: «أسروا بينهم فقالوا: يخلق الله ما يشاء فلن يخلق الله خلقا إلا ونحن أكرم عليه منه»). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 43]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ([قوله تعالى: {فلمّا أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إنّي أعلم غيب السّماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون}]
- نا مهديّ بن ميمونٍ، قال: كنّا عند الحسن، فسأله الحسن بن دينارٍ، فقال: يا أبا سعيدٍ أرأيت قول اللّه عزّ وجلّ للملائكة: {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون}، ما الّذي كتمت الملائكة؟

قال: «إنّ اللّه تعالى لمّا خلق آدم، رأت الملائكة خلقًا عجبًا، فكأنّهم دخلهم من ذلك شيءٌ، ثمّ أقبل بعضهم على بعضٍ، فأسرّوا ذلك بينهم، فقالوا: وما يهمّكم من أمر هذا المخلوق؟ إنّ اللّه عزّ وجلّ لا يخلق خلقًا إلّا كنّا أكرم عليه منه»). [سنن سعيد بن منصور: 2/ 551]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلمّا أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إنّي أعلم غيب السّموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون}.
قال أبو جعفرٍ: إنّ اللّه جلّ ثناؤه عرّف ملائكته الّذين سألوه أن يجعلهم الخلفاء في الأرض ووصفوا أنفسهم بطاعته والخضوع لأمره دون غيرهم الّذين يفسدون فيها ويسفكون الدّماء، أنّهم من الجهل بمواقع تدبيره ومحلّ قضائه، قبل إطلاعه إيّاهم عليه، على نحو جهلهم بأسماء الّذين عرضهم عليهم، إذ كان ذلك ممّا لم يعلّمهم فيعلموه، وأنّهم وغيرهم من العباد لا يعلمون من العلم إلاّ ما علّمهم إيّاه ربّهم، وأنّه يخصّ بما شاء من العلم من شاء من الخلق ويمنعه منهم من شاء كما علّم آدم أسماء ما عرض على الملائكة ومنعهم من علمها إلاّ بعد تعليمه إيّاهم.
فأمّا تأويل قوله: {قال يا آدم أنبئهم} قال الله: يا آدم أنبئهم. يقول: أخبر الملائكة. والهاء والميم في قوله: {أنبئهم} عائدتان على الملائكة، وقوله: {بأسمائهم} يعني بأسماء الّذين عرضهم على الملائكة. والهاء والميم اللّتان في أسمائهم كنايةٌ عن ذكر هؤلاء الّتي في قوله: {أنبئوني بأسماء هؤلاء}.

{فلمّا أنبأهم} يقول: فلمّا أخبر آدم الملائكة بأسماء الّذين عرضهم عليهم، فلم يعرفوا أسماءهم، وأيقنوا خطأ قيلهم: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدّماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك} وأنّهم قد هفوا في ذلك وقالوا ما لا يعلمون كيفيّة وقوع قضاء ربّهم في ذلك، لو وقع على ما نطقوا به قال لهم ربّهم {ألم أقل لكم إنّي أعلم غيب السّموات والأرض} والغيب: هو ما غاب عن أبصارهم فلم يعاينوه، توبيخًا من اللّه جلّ ثناؤه لهم بذلك على ما سلف من قيلهم وفرط منهم من خطأ مسألتهم.
- كما حدّثنا به محمّد بن العلاء، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، قال: حدّثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: «{قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم} يقول: أخبرهم بأسمائهم {فلمّا أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم} أيّها الملائكة خاصّةً {إنّي أعلم غيب السّموات والأرض} ولا يعلمه غيري».
- وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قصّة الملائكة وآدم: فقال اللّه للملائكة: «كما لم تعلموا هذه الأسماء فليس لكم علمٌ، أنّما أردت أن أجعلهم ليفسدوا فيها، هذا عندي قد علمته؛ فكذلك أخفيت عنكم أنّي أجعل فيها من يعصيني ومن يطيعني».

قال:«وسبق من اللّه:{لأملأنّ جهنّم من الجنّة والنّاس أجمعين}».
قال: «ولم تعلم الملائكة ذلك ولم يدروه».
قال: «فلمّا رأوا ما أعطى اللّه آدم من العلم أقرّوا لآدم بالفضل»). [جامع البيان: 1/ 529-531]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون}

قال أبو جعفرٍ: اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك.
فروي عن ابن عبّاسٍ في ذلك ما
حدّثنا به أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، قال: حدّثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: «{وأعلم ما تبدون} يقول: ما تظهرون {وما كنتم تكتمون} يقول: أعلم السّرّ كما أعلم العلانية، يعني ما كتم إبليس في نفسه من الكبر والاغترار».
- وحدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره، عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} قال: «قولهم: {أتجعل فيها من يفسد فيها} فهذا الّذي أبدوا {وما كنتم تكتمون} يعني ما أسرّ إبليس في نفسه من الكبر».
- حدّثنا أحمد بن إسحاق الأهوازيّ، قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، قال: حدّثنا عمرو بن ثابتٍ، عن أبيه، عن سعيد بن جبيرٍ: قوله: {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} قال:«ما أسرّ إبليس في نفسه».
- وحدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، في قوله: {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} قال: «ما أسرّ إبليس في نفسه من الكبر أن لا يسجد لآدم».
- وحدّثني المثنّى بن إبراهيم، قال: أخبرنا الحجّاج الأنماطيّ، قال: حدّثنا مهديّ بن ميمونٍ، قال: سمعت الحسن بن دينارٍ: قال للحسن ونحن جلوسٌ عنده في منزله: يا أبا سعيدٍ أرأيت قول اللّه للملائكة {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} ما الّذي كتمت الملائكة؟

فقال الحسن: «إنّ اللّه لمّا خلق آدم رأت الملائكة خلقًا عجيبًا، فكأنّهم دخلهم من ذلك شيءٌ، فأقبل بعضهم إلى بعضٍ، وأسرّوا ذلك بينهم، فقالوا: وما يهمّكم من هذا المخلوق إنّ اللّه لم يخلق خلقًا إلاّ كنّا أكرم عليه منه».
- وحدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: في قوله: {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} قال:«أسرّوا بينهم فقالوا: يخلق اللّه ما يشاء أن يخلق، فلن يخلق خلقًا إلاّ ونحن أكرم عليه منه».
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ: «{وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} فكان الّذي أبدوا حين قالوا: {أتجعل فيها من يفسد فيها} وكان الّذي كتموا بينهم قولهم: لن يخلق ربّنا خلقًا إلاّ كنّا نحن أعلم منه وأكرم. فعرفوا أنّ اللّه فضّل عليهم آدم في العلم والكرم».
قال أبو جعفرٍ: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله ابن عبّاسٍ، وهو أنّ معنى قوله: {وأعلم ما تبدون} وأعلم مع علمي غيب السّموات والأرض ما تظهرون بألسنتكم {وما كنتم تكتمون} وما كنتم تخفونه في أنفسكم، فلا يخفى عليّ شيءٌ سواءٌ عندي سرائركم وعلانيتكم.

والّذي أظهروه بألسنتهم ما أخبر اللّه جلّ ثناؤه عنهم أنّهم قالوه، وهو قوله: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدّماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك} والّذي كانوا يكتمونه ما كان منطويًا عليه إبليس من الخلاف على اللّه في أمره والتّكبّر عن طاعته؛ لأنّه لا خلاف بين جميع أهل التّأويل أن تأويل ذلك غير خارجٍ من أحد الوجهين اللّذين وصفت، وهو ما قلنا. والآخر ما ذكرنا من قول الحسن وقتادة.
ومن قال: إنّ معنى ذلك كتمان الملائكة بينهم لن يخلق اللّه خلقًا إلاّ كنّا أكرم عليه منه؛ فإذ كان لا قول في تأويل ذلك إلاّ أحد القولين اللّذين وصفت ثمّ كان أحدهما غير موجودةٍ على صحّته الدّلالة من الوجه الّذي يجب التّسليم له صحّ الوجه الآخر. فالّذي حكي عن الحسن وقتادة ومن قال بقولهما في تأويل ذلك غير موجودةٍ الدّلالة على صحّته من الكتاب ولا من خبرٍ يجب به حجّةٌ. والّذي قاله ابن عبّاسٍ يدلّ على صحّته خبر اللّه جلّ ثناؤه عن إبليس وعصيانه إيّاه إذ دعاه إلى السّجود لآدم، فأبى واستكبر، وإظهاره لسائر الملائكة من معصيته وكبره ما كان له كاتمًا قبل ذلك.
فإن ظنّ ظانٌّ أنّ الخبر عن كتمان الملائكة ما كانوا يكتمونه لمّا كان خارجًا مخرج الخبر عن الجميع كان غير جائزٍ أن يكون ما روي في تأويل ذلك عن ابن عبّاسٍ ومن قال بقوله من أنّ ذلك خبرٌ عن كتمان إبليس الكبر والمعصية صحيحًا، فقد ظنّ غير الصّواب؛ وذلك أنّ من شأن العرب إذا أخبرت خبرًا عن بعض جماعةٍ بغيرٍ تسمية شخصٍ بعينه أن تخرج الخبر عنه مخرج الخبر عن جميعهم، وذلك كقولهم: قتل الجيش وهزموا، وإنّما قتل الواحد أو البعض منهم، وهزم الواحد أو البعض، فتخرج الخبر عن المهزوم منه والمقتول مخرج الخبر عن جميعهم كما قال جلّ ثناؤه: {إنّ الّذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون} ذكر أنّ الّذي نادى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزلت هذه الآية فيه، كان رجلاً من جماعة بني تميمٍ، كانوا قدموا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فأخرج الخبر عنه مخرج الخبر عن الجماعة، فكذلك قوله: {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} أخرج الخبر مخرج الخبر عن الجميع، والمراد به الواحد منهم). [جامع البيان: 1/ 531-534]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلمّا أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إنّي أعلم غيب السّماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون (33)}
قوله: {يا آدم أنبئهم بأسمائهم}
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن المثنّى، ثنا إبراهيم بن سليمان، ثنا محمّد ابن أبان، قال: سألت زيد بن أسلم عن قوله: {أنبئهم بأسمائهم} قال: «أنت جبريل، أنت ميكائيل، أنت إسرافيل، حتّى عدّد الأسماء كلّها، حتّى بلغ الغراب».
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا أبو داود، ثنا قيسٌ، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ في قول اللّه تعالى: {يا آدم أنبئهم بأسمائهم} قال: «اسم الحمامة والغراب، واسم كلّ شيءٍ». وروي عن سعيد بن جبيرٍ والحسن وقتادة نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 82]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {فلمّا أنبأهم بأسمائهم}
- حدّثنا الحسين بن الحسن الرّازيّ، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه الهرويّ، ثنا حجّاج بن محمّدٍ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: «{فلمّا أنبأهم} أنبأ آدم الملائكة بأسمائهم، أسماء أصحاب الأسماء»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 82]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: {قال ألم أقل لكم إنّي أعلم غيب السماوات والأرض}
- حدّثنا الحسن بن أحمد أبو فاطمة، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه بن بشّارٍ الواسطيّ، ثنا سرور بن المغيرة، عن عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن بن أبي الحسن البصريّ، قال: «فجعل آدم ينبّئهم بأسمائهم ويقول: هذا اسم كذا وكذا من خلق اللّه، وهذا اسم كذا وكذا فعلّم اللّه آدم من ذلك ما لم يعلموا حتّى علموا أنّه أعلم منهم». قال: «{فلمّا أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إنّي أعلم غيب السماوات والأرض}»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 82]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون}
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ الفضل بن خالدٍ النّحويّ، عن عبيدٍ -يعني ابن سليمان-، عن الضّحّاك: قال: كان ابن عبّاسٍ يقول: «فذلك قوله للملائكة: {إنّي أعلم غيب السّماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} يعني ما أسرّ إبليس في نفسه من الكبر».
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، ثنا صالح بن حيّان، ثنا عبد اللّه بن بريدة، قال: «فكان اللّه قد علم من إبليس فيما يخفي أنّه غير فاعلٍ، فذلك قوله: {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} أمّا إبداؤه فإقراره بالسّجود، وأمّا ما يخفي فإباؤه له».
الوجه الثّاني:
- حدّثنا عصام بن روّاد بن الجرّاح العسقلانيّ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ -يعني الرّازيّ-، عن الرّبيع، عن أبي العالية: «{وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} فكان الّذي كتموا قولهم: لن يخلق ربّنا خلقًا إلا كنّا نحن أعلم منه وأكرم». وروي عن الحسن نحو ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ:«قوله: {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} فكان الّذي كتموا بينهم قولهم: لم يخلق اللّه تعالى خلقًا إلا كنّا أكرم منه وأعلم، فعرفوا أنّ اللّه فضّل آدم عليهم في العلم والكرم».
وتابع ابن عبّاسٍ على تفسيره قوله: {وما كنتم تكتمون} مجاهدٌ وسعيد بن جبيرٍ والسّدّيّ والضّحّاك. وتابع أبا العالية: قتادة والحسن). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 82-83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله {إن كنتم صادقين} قال: «إن بني آدم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء»، وفي قوله {وأعلم ما تبدون} قال:«قولهم{أتجعل فيها من يفسد فيها}»،«{وما كنتم تكتمون}يعني ما أسر إبليس في نفسه من الكبر».
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} قال: «ما أسر إبليس من الكفر في السجود».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وأعلم ما تبدون} قال:«ما تظهرون»، {وما كنتم تكتمون} «يقول: أعلم السر كما أعلم العلانية».
وأخرج ابن جرير عن قتادة والحسن في قوله: {ما تبدون}: «يعني قولهم {أتجعل فيها من يفسد فيها}»، {وما كنتم تكتمون}«يعني قول بعضهم لبعض: نحن خير منه وأعلم».
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مهدي بن ميمون قال: سمعت الحسن وسأله الحسن بن دينار فقال: يا أبا سعيد أرأيت قول الله للملائكة {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} ما الذي كتمت الملائكة؟

قال: «إن الله لما خلق آدم رأت الملائكة خلقا عجبا فكأنهم دخلهم من ذلك شيء».
قال: «ثم أقبل بعضهم على بعض فأسروا ذلك بينهم، فقال بعضهم لبعض: ما الذي يهمكم من هذا الخلق؟ إن الله لا يخلق خلقا إلا كنا أكرم عليه منه، فذلك الذي كتمت»). [الدر المنثور: 1/ 267-268]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)}
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ([قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلّا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين}]
- نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «إذا قرأ ابن آدم السّجدة، فسجد، اعتزل الشّيطان يبكي ويقول: يا ويله! أمر ابن آدم بالسّجود، فسجد، فله الجنّة، وأمرت بالسّجود، فأبيت، فلي النار»). [سنن سعيد بن منصور: 2/ 556]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين}.
قال أبو جعفرٍ: أمّا قوله: {وإذ قلنا} فمعطوفٌ على قوله: {وإذ قال ربّك للملائكة} كأنّه قال جلّ ذكره لليهود الّذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من بني إسرائيل معدّدًا عليهم نعمه، ومذكّرهم آلاءه على نحو الّذي وصفنا فيما مضى قبل: اذكروا فعلي بكم إذ أنعمت عليكم، فخلقت لكم ما في الأرض جميعًا، وإذ قلت للملائكة إنّي جاعلٌ في الأرض خليفةً، فكرّمت أباكم آدم بما أتيته من علمي وفضلي وكرامتي، وإذ أسجدت له ملائكتي فسجدوا له.

ثمّ استثنى من جميعهم إبليس، فدلّ باستثنائه إيّاه منهم على أنّه منهم، وأنّه ممّن قد أمر بالسّجود معهم، كما قال جلّ ثناؤه: {إلاّ إبليس لم يكن من السّاجدين قال ما منعك ألاّ تسجد إذ أمرتك} فأخبر جلّ ثناؤه أنّه قد أمر إبليس فيمن أمره من الملائكة بالسّجود لآدم. ثمّ استثناه جلّ ثناؤه ممّا أخبر عنهم أنّهم فعلوه من السّجود لآدم، فأخرجه من الصّفة الّتي وصفهم بها من الطّاعة لأمره ونفى عنه ما أثبته لملائكته من السّجود لعبده آدم.
ثمّ اختلف أهل التّأويل فيه هل هو من الملائكة أم هو من غيرهم؟
- فقال بعضهم بما
حدّثنا به أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، عن بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، قال: «كان إبليس من حيٍّ من أحياء الملائكة، يقال لهم الحنّ خلقوا من نار السّموم من بين الملائكة».

قال: «فكان اسمه الحارث».
قال: «وكان خازنًا من خزّان الجنّة».
قال:«وخلقت الملائكة من نورٍ غير هذا الحيّ».
قال: «وخلقت الجنّ الّذين ذكروا في القرآن من مارجٍ من نارٍ، وهو لسان النّار الّذي يكون في طرفها إذا التهبت».
- وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن خلاّدٍ، بن عطاءٍ، عن طاووسٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «كان إبليس قبل أن يركب المعصية من الملائكة اسمه عزازيل، وكان من سكّان الأرض وكان من أشدّ الملائكة اجتهادًا وأكثرهم علمًا، فذلك دعاه إلى الكبر، وكان من حيٍّ يسمّون جنًّا».
- وحدّثنا به ابن حميدٍ مرّةً أخرى، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن خلاّدٍ، بن عطاءٍ، عن طاووسٍ أو مجاهدٍ أبي الحجّاج، عن ابن عبّاسٍ، وغيره، بنحوه، إلاّ أنّه قال: «كان ملكًا من الملائكة اسمه عزازيل، وكان من سكّان الأرض وعمّارها، وكان سكّان الأرض فيهم يسمّون الجنّ من بين الملائكة».
- وحدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «جعل إبليس على ملك سماء الدّنيا، وكان من قبيلةٍ من الملائكة يقال لهم الجنّ، وإنّما سمّوا الجنّ لأنّهم خزّان الجنّة، وكان إبليس مع ملكه خازنًا».
- وحدّثنا القاسم بن الحسن، قال: حدّثنا حسينٌ، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: «كان إبليس من أشراف الملائكة وأكرمهم قبيلةً وكان خازنًا على الجنّان، وكان له سلطان سماء الدّنيا، وكان له سلطان الأرض».

قال: قال ابن عبّاسٍ: «وقوله: {كان من الجنّ}، إنّما يسمّى بالجنان أنّه كان خازنًا عليها، كما يقال للرّجل: مكّيٌّ، ومدنيٌّ، وكوفيٌّ، وبصريٌّ». قاله ابن جريجٍ.
وقال آخرون: هم سبطٌ من الملائكة قبيلةٌ، فكان اسم قبيلته الجنّ.
- وحدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن صالحٍ، مولى التّوأمة وشريك بن أبي نمرٍ، أحدهما أو كلاهما، عن ابن عبّاسٍ، قال: «إنّ من الملائكة قبيلةً من الجنّ، وكان إبليس منها، وكان يسوس ما بين السّماء والأرض».
- وحدّثت عن الحسن بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ الفضل بن خالدٍ، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك بن مزاحمٍ: يقول في قوله: {فسجدوا إلاّ إبليس كان من الجنّ} قال: كان ابن عبّاسٍ يقول: «إنّ إبليس كان من أشرف الملائكة وأكرمهم قبيلةً»، ثمّ ذكر مثل حديث ابن جريجٍ الأوّل سواءً.
- وحدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثني شيبان، قال: حدّثنا سلاّم بن مسكينٍ، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، قال: «كان إبليس رئيس ملائكة سماء الدّنيا».
- وحدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة:«قوله: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس كان من الجنّ} كان من قبيلٍ من الملائكة يقال لهم الجنّ»،

وكان ابن عبّاسٍ يقول: «لو لم يكن من الملائكة لم يؤمر بالسّجود، وكان على خزانة سماء الدّنيا»،
قال: وكان قتادة يقول:«جنّ عن طاعة ربّه».
- وحدّثنا الحسين بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: في قوله {إلاّ إبليس كان من الجنّ} قال: «كان من قبيلٍ من الملائكة يقال لهم الجنّ».
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: «أمّا العرب فيقولون: ما الجنّ إلاّ كلّ من اجتنّ فلم ير».

وأمّا قوله: {إلاّ إبليس كان من الجنّ} أي: كان من الملائكة، وذلك أنّ الملائكة اجتنّوا فلم يروا، وقد قال اللّه جلّ ثناؤه {وجعلوا بينه وبين الجنّة نسبًا ولقد علمت الجنّة إنّهم لمحضرون} وذلك لقول قريشٍ: إنّ الملائكة بنات اللّه. فيقول اللّه: إن تكن الملائكة بناتي فإبليس منها، وقد جعلوا بيني وبين إبليس وذرّيّته نسبًا. قال: وقد قال الأعشى أعشى بني قيس بن ثعلبة البكريّ، وهو يذكر سليمان بن داود وما أعطاه اللّه:
ولو كان شيءٌ خالدًا أو معمّرًا.......لكان سليمان البريّ من الدّهر
براه إلهي واصطفاه عباده.......وملّكه ما بين ثريا إلى مصر
وسخّر من جنّ الملائك تسعةً.......قيامًا لديه يعملون بلا أجر
قال: فأبت العرب في لغتها إلاّ أنّ الجنّ كلّ ما اجتنّ. يقول: ما سمّى اللّه الجنّ إلاّ أنّهم اجتنّوا فلم يروا، وما سمّى بني آدم الإنس إلاّ أنّهم ظهروا فلم يجتنّوا، فما ظهر فهو إنسٌ، وما اجتنّ فلم ير فهو جنٌّ.
- وقال آخرون بما
حدّثنا به، محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن عوفٍ، عن الحسن، قال: «ما كان إبليس من الملائكة طرفة عينٍ قطّ، وإنّه لأصل الجنّ كما أنّ آدم أصل الإنس».
- وحدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان الحسن يقول في قوله: {إلاّ إبليس كان من الجنّ}: «إلجاءٌ إلى نسبه فقال اللّه: {أفتتّخذونه وذرّيّته أولياء من دوني} الآية. وهم يتوالدون كما يتوالد بنو آدم».
- وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا أبو سعيدٍ اليحمديّ، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدّثنا سوّار بن الجعد اليحمديّ، عن شهر بن حوشبٍ، قوله: {من الجنّ} قال: «كان إبليس من الجنّ الّذين طردتهم الملائكة، فأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السّماء».
- حدّثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ:«إبليس أبو الجنّ، كما آدم أبو الإنس».
- وحدّثني عليّ بن الحسن، قال: حدّثني أبو نصرٍ أحمد بن محمّدٍ الخلاّل، قال: حدّثني سنيد بن داود، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عبد الرّحمن بن يحيى، عن موسى بن نميرٍ، وعثمان بن سعيد بن كاملٍ، عن سعد بن مسعودٍ، قال: «كانت الملائكة تقاتل الجنّ، فسبي إبليس وكان صغيرًا، فكان مع الملائكة فتعبّد معها. فلمّا أمروا بالسّجود لآدم سجدوا، فأبى إبليس؛ فلذلك قال اللّه: {إلاّ إبليس كان من الجنّ}».

- وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة بن الفضل، قال: حدّثنا المبارك بن مجاهدٍ أبو الأزهر، عن شريك بن عبد اللّه بن أبي نمرٍ، عن صالحٍ، مولى التّوأمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: «إنّ من الملائكة قبيلاً يقال لهم الجنّ، فكان إبليس منهم، وكان إبليس يسوس ما بين السّماء والأرض فعصى، فمسخه اللّه شيطانًا رجيمًا».
- حدّثنا محمّد بن سنانٍ القزّاز، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن شريكٍ، عن رجلٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: «إنّ اللّه خلق خلقًا، فقال: اسجدوا لآدم فقالوا: لا نفعل. فبعث اللّه عليهم نارًا تحرقهم. ثمّ خلق خلقًا آخر، فقال: إنّي خالقٌ بشرًا من طينٍ، اسجدوا لآدم. فأبوا، فبعث اللّه عليهم نارًا فأحرقتهم».

قال: «ثمّ خلق هؤلاء، فقال: اسجدوا لآدم. فقالوا: نعم. وكان إبليس من أولئك الّذين أبوا أن يسجدوا لآدم».
قال أبو جعفرٍ: وعلّة من قال هذه المقالة -أن إبليس ليس هو من الملائكة- أنّ اللّه تعالى ذكره أخبر في كتابه أنّه خلق إبليس من نار السّموم ومن مارجٍ من نارٍ، ولم يخبر عن الملائكة أنّه خلقها من شيءٍ من ذلك. وأنّ اللّه أخبر أنّه من الجنّ.
قالوا: فغير جائزٍ أن ينسب إلى غير ما نسبه اللّه إليه. قالوا: ولإبليس نسلٌ وذرّيّةٌ، والملائكة لا تتناسل ولا تتوالد.
قال أبو جعفرٍ: وهذه عللٌ تنبئ عن ضعف معرفة أهلها. وذلك أنّه غير مستنكرٍ أن يكون اللّه جلّ ثناؤه خلق أصناف ملائكته من أصنافٍ من خلقه شتّى، فخلق بعضًا من نورٍ. وبعضًا من نارٍ، وبعضًا ممّا شاء من غير ذلك. وليس في ترك اللّه جلّ ثناؤه الخبر عمّا خلق منه ملائكته وإخباره عمّا خلق منه إبليس ما يوجب أن يكون إبليس خارجًا من معناهم، إذ كان جائزًا أن يكون خلق صنفًا من ملائكته من نارٍ كان منهم إبليس، وأن يكون أفرد إبليس بأن خلقه من نار السّموم دون سائر ملائكته.

وكذلك غير مخرجه أن يكون كان من الملائكة بأن كان له نسلٌ وذرّيّةٌ لما ركّب فيه من الشّهوة واللّذة الّتي نزعت من سائر الملائكة لما أراد اللّه به من المعصية.
وأمّا خبر اللّه عن أنّه من الجنّ، فغير مدفوعٍ أن يسمّى ما اجتنّ من الأشياء عن الأبصار كلّها جنًّا، كما قد ذكرنا قبل في شعر الأعشى، فيكون إبليس والملائكة منهم لاجتنانهم عن أبصار بني آدم). [جامع البيان: 1/ 534-542]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في معنى إبليس.
قال أبو جعفرٍ: وإبليس إفعيلٌ من الإبلاس: وهو الإياس من الخير والنّدم والحزن.
- كما حدّثنا به أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، قال: حدّثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، قال:«إبليس أبلسه اللّه من الخير كلّه وجعله شيطانًا رجيمًا عقوبةً لمعصيته».
- وحدّثنا موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: «كان اسم إبليس الحارث، وإنّما سمّي إبليس حين أبلس فقيّرًا».
قال أبو جعفرٍ: وكما قال اللّه جلّ ثناؤه: {فإذا هم مبلسون} يعني به أنّهم آيسون من الخير، نادمون حزنًا، كما قال العجّاج:
يا صاح هل تعرف رسمًا مكرسًا.......قال نعم أعرفه وأبلسا
وقال رؤبة:
وحضرت يوم الخميس الأخماس.......وفي الوجوه صفرةٌ وإبلاس
يعني به اكتئابًا وكسوفًا.
فإن قال لنا قائلٌ: فإن كان إبليس كما قلت إفعيلٌ من الإبلاس، فهلاّ صرّف وأجري؟
قيل: ترك إجراؤه استثقالاً إذ كان اسمًا لا نظير له من أسماء العرب، فشبّهته العرب إذ كان كذلك بأسماء العجم الّتي لا تجرى، وقد قالوا: مررت بإسحاق، فلم يجروه، وهو من أسحقه اللّه إسحاقًا، إذ كان وقع مبتدأً اسمًا لغير العرب ثمّ تسمّت به العرب فجرى مجراه، وهو من أسماء العجم في الإعراب، فلم يصرّف. وكذلك أيّوب إنّما هو فيعولٌ من آب يئوب نظير قيوم من: قام يقوم.
وتأويل قوله: {أبى} يعني جلّ ثناؤه بذلك إبليس أنّه امتنع من السّجود لآدم فلم يسجد له. {واستكبر} يعني بذلك أنّه تعظّم وتكبّر عن طاعة اللّه في السّجود لآدم.
وهذا وإن كان من اللّه جلّ ثناؤه خبرًا عن إبليس، فإنّه تقريعٌ لضربائه من خلق اللّه الّذين يتكبّرون عن الخضوع لأمر اللّه والانقياد لطاعته فيما أمرهم به وفيما نهاهم عنه، والتّسليم له فيما أوجب لبعضهم على بعضٍ من الحقّ. وكان ممّن تكبّر عن الخضوع لأمر اللّه والتّذلّل لطاعته والتّسليم لقضائه فيما ألزمهم من حقوق غيرهم اليهود الّذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأحبارهم الّذين كذبوا برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهم بصفته عارفون وبأنّه للّه رسولٌ عالمين، ثمّ استكبروا مع علمهم بذلك عن الإقرار بنبوّته والإذعان لطاعته، بغيًا منهم له وحسدًا، فقرّعهم اللّه بخبره عن إبليس الّذي فعل في استكباره عن السّجود لآدم حسدًا له وبغيًا نظير فعلهم في التّكبّر عن الإذعان لمحمّدٍ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ونبوّته، إذ جاءهم بالحقّ من عند ربّهم حسدًا وبغيًا.
ثمّ وصف إبليس بمثل الّذي وصف به الّذين ضربه لهم مثلاً في الاستكبار والحسد والاستنكاف عن الخضوع لمن أمره اللّه بالخضوع له، فقال جلّ ثناؤه: {وكان} يعني إبليس {من الكافرين} من الجاحدين نعم اللّه عليه وأياديه عنده بخلافه عليه فيما أمره به من السّجود لآدم، كما كفرت اليهود نعم ربّها الّتي آتاها وآباءها قبل: من إطعام اللّه أسلافهم المنّ والسّلوى، وإظلال الغمام عليهم وما لا يحصى من نعمه الّتي كانت لهم، خصوصًا ما خصّ الّذين أدركوا محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم بإدراكهم إيّاه ومشاهدتهم حجّة اللّه عليهم؛ فجحدت نبوّته بعد علمهم به ومعرفتهم بنبوّته حسدًا وبغيًا. فنسبه اللّه جلّ ثناؤه إلى الكافرين، فجعله من عدادهم في الدّين والملّة، وإن خالفهم في الجنس والنّسبة، كما جعل أهل النّفاق بعضهم من بعضٍ لاجتماعهم على النّفاق، وإن اختلفت أنسابهم وأجناسهم،
فقال: {المنافقون والمنافقات بعضهم من بعضٍ} يعني بذلك أنّ بعضهم من بعضٍ في النّفاق والضّلال، فكذلك قوله في إبليس: {وكان من الكافرين} كان منهم في الكفر باللّه ومخالفته أمره وإن كان مخالفًا جنسه أجناسهم ونسبه نسبهم. ومعنى قوله: {وكان من الكافرين} أنّه كان حين أبى عن السّجود من الكافرين حينئذٍ.
وقد روي عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية أنّه كان يقول في تأويل قوله: {وكان من الكافرين}: «في هذا الموضع: وكان من العاصين».
- حدّثني المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا آدم العسقلانيّ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: في قوله: {وكان من الكافرين}: «يعني: من العاصين».
- وحدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بمثله.
وذلك شبيهٌ بمعنى قولنا فيه.
وكان سجود الملائكة لآدم تكرمةً لآدم وطاعةً للّه، لا عبادة لآدم.
- كما حدّثنا به، بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: «قوله: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} فكانت الطّاعة للّه، والسّجدة لآدم، أكرم اللّه آدم أن أسجد له ملائكته»). [جامع البيان: 1/ 543-546]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلّا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين (34)}
قوله: {وإذ قلنا للملائكة}
- حدّثني أبي، ثنا إبراهيم بن محمّد بن يوسف الفريابيّ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية في قول اللّه: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} قال: «الملائكة الّذين كانوا في الأرض»). [تفسير القرآن العظيم: 1 /83]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {اسجدوا لآدم}
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه بن بشّارٍ الواسطيّ، ثنا سرور ابن المغيرة، عن عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن: «{وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} ثمّ أمرهم أن يسجدوا لآدم فسجدوا له كرامةً من اللّه أكرم بها آدم، وليعلموا أنّ اللّه لا يخفى عليه شيءٌ وأنّه يصنع ما أراد».
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ في قول اللّه تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} قال: «كانت السّجدة لآدم، والطّاعة للّه»). [تفسير القرآن العظيم:1/ 83-84]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {فسجدوا إلا إبليس}

- حدّثنا أبي، حدّثني سعيد بن سليمان، ثنا عبّادٌ -يعني ابن العوام-، عن سفيان ابن حسينٍ، عن يعلى بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: «كان إبليس اسمه عزازيل، وكان من أشرف الملائكة من ذوي الأربعة الأجنحة ثمّ أبلس بعد».
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنبأ بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قال: «إنّما سمّي إبليس لأنّ اللّه أبلسه من الخير كلّه آيسه منه».
- وروي عن قتادة أنه أبلس عن الطّاعة.
- وروي عن السّدّيّ نحو قول ابن عبّاسٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 84]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {أبى}
- حدّثنا محمّد بن حبالٍ القهندزيّ فيما كتب إليّ، ثنا عمر بن عبد الغفّار القهندزيّ، قال: سئل سفيان بن عينية عن قوله: «ليدخلنّ الجنّة إلا من أبى» قال: «إلا من عصى اللّه لقوله عزّ وجلّ: {فسجدوا إلا إبليس}»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 84]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {أبى واستكبر}
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ بن أبي عروبة، عن قتادة:«قوله {أبى واستكبر وكان من الكافرين} حسد عدوّ اللّه إبليس آدم على ما أعطاه اللّه من الكرامة، وقال: أنا ناريٌّ وهذا طينيٌّ. فكان بدء الذّنوب الكبر، استكبر عدوّ اللّه أن يسجد لآدم».
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه، أنبأ إسرائيل، عن السّدّيّ، عمّن حدّثه، عن ابن عبّاسٍ قال: «كان إبليس أمينًا على ملائكة سماء الدّنيا». قال: «فهمّ بالمعصية وبغى واستكبر»). [تفسير القرآن العظيم: 1 /84]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {وكان من الكافرين}
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، ثنا صالح بن حيّان، ثنا عبد اللّه بن بريدة: «قوله: {وكان من الكافرين} من الذين أبوا فأحرقتهم النار».
- حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية في قوله: {وكان من الكافرين}: «يعني من العاصين».
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو الرّازيّ يعني-إسحاق بن سليمان-، عن موسى بن عبيدة الرّبذيّ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، قال: «ابتدأ اللّه عزّ وجلّ خلق إبليس على الكفر والضّلالة، وعمل بعمل الملائكة فصيّره إلى ما أدّى إليه خلقه من الكفر، قال اللّه تعالى: {وكان من الكافرين}».
- ذكر عن عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وكان من الكافرين} قال:«من الكافرين الّذين لم يخلقهم اللّه يومئذٍ، يكونون بعد»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 84-85]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين}
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {اسجدوا لآدم} قال: «كانت السجدة لآدم والطاعة لله».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال:«أمرهم أن يسجدوا فسجدوا له كرامة من الله أكرم بها آدم».
وأخرج ابن عساكر عن أبي إبراهيم المزني أنه سئل عن سجود الملائكة لآدم، فقال:«إن الله جعل آدم كالكعبة».
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومي قال: «كان سجود الملائكة لآدم إيماء».
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ضمرة قال: سمعت من يذكر:«أن أول الملائكة خر ساجدا لله حين أمرت الملائكة بالسجود لآدم إسرافيل، فأثابه الله بذلك أن كتب القرآن في جبهته».
وأخرج ابن عساكر عن عمر بن عبد العزيز قال:«لما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم كان أول من سجد إسرافيل فأثابه الله أن كتب القرآن في جبهته».
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} قال: «كانت السجدة لآدم والطاعة لله وحسد عدو الله إبليس آدم على ما أعطاه من الكرامة فقال: أنا ناري وهذا طيني، فكان بدء الذنوب الكبر، استكبر عدو الله أن يسجد لآدم».
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في كتاب الأضداد والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال: «كان إبليس اسمه عزازيل وكان من أشرف الملائكة من ذوي الأجنحة الأربعة ثم أبلس بعد».
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري عن ابن عباس قال: «إنما سمي إبليس لأن الله أبلسه من الخير كله آيسه منه».
وأخرج ابن اسحاق في المبتدأ، وابن جرير، وابن الأنباري عن ابن عباس قال: «كان إبليس قبل أن يركب المعصية من الملائكة اسمه عزازيل وكان من سكان الأرض، وكان أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما، فذلك دعاه إلى الكبر وكان من حي يسمون جنا».
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: «كان اسم إبليس الحرث».
وأخرج وكيع، وابن المنذر والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال: «كان إبليس من خزان الجنة وكان يدبر أمر السماء الدنيا».
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال: «كان إبليس رئيس ملائكة سماء الدنيا».
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال: «كان إبليس من أشرف الملائكة من أكبرهم قبيلة وكان خازن الجنان وكان له سلطان سماء الدنيا سلطان الأرض، فرأى أن لذلك عظمة وسلطانا على أهل السموات فأضمر في قلبه من ذلك كبرا لم يعلمه إلا الله فلما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم خرج كبره الذي كان يسر».
وأخرج ابن جرير، وابن الأنباري عن ابن عباس قال:«إن الله خلق خلقا فقال: {اسجدوا لآدم} فقالوا: لا نفعل فبعث نارا فأحرقهم، ثم خلق هؤلاء فقال {اسجدوا لآدم} فقالوا: نعم، وكان إبليس من أولئك الذين أبوا أن يسجدوا لآدم».
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال: «لما خلق الله الملائكة قال: إني خالق بشرا من طين فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فقالوا: لا نفعل، فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم، وخلق ملائكة أخرى فقال: إني خالق بشرا من طين فإذا أنا خلقته فاسجدوا له، فأبوا فأرسل عليه نارا فأحرقتهم ثم خلق ملائكة أخرى فقال: إني خالق بشرا من طين فإذا أنا خلقته فاسجدوا له، فقالوا: سمعنا وأطعنا إلا إبليس كان من الكافرين الأولين».
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن عامر المكي قال: «خلق الله الملائكة من نور وخلق الجان من نار وخلق البهائم من ماء وخلق آدم من طين فجعل الطاعة في الملائكة وجعل المعصية في الجن والأنس».
وأخرج محمد بن نصر عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أمر آدم بالسجود فسجد فقال: لك الجنة ولمن سجد من ذريتك وأمر إبليس بالسجود فأبى أن يسجد فقال: لك النار ولمن أبى من ولدك أن يسجد».
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان عن ابن عمر قال: «لقي إبليس موسى فقال: يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وكلمك تكليما إذ تبت، وأنا أريد أن أتوب فاشفع لي إلى ربي أن يتوب علي، قال موسى: نعم، فدعا موسى ربه فقيل يا موسى قد قضيت حاجتك، فلقي موسى إبليس قال: قد أمرت أن تسجد لقبر آدم ويتاب عليك، فاستكبر وغضب، وقال: لم أسجد حياء أسجد به ميتا، ثم قال إبليس: يا موسى إن لك علي حقا بما شفعت لي إلى ربك، فاذكرني عند ثلاث لا أهلكك فيهن، أذكرني حين تغضب فإني أجري منك مجرى الدم، وأذكرني حين تلقى الزحف فإني آتي ابن آدم حين يلقى الزحف، فاذكره ولده وزوجته حتى يولي وإياك أن تجالس امرأة ليست بذات محرم فإني رسولها إليك ورسولك إليها».
وأخرج ابن المنذر عن أنس قال: «إن نوحا لما ركب السفينة أتاه إبليس، فقال له نوح: من أنت؟ قال: أنا إبليس. قال: فما جاء بك؟ قال: جئت تسأل لي ربي هل لي من توبة؟ فأوحى الله إليه: إن توبته أن يأتي قبر آدم فيسجد له، قال: أما أنا لم أسجد له حيا أسجد له ميتا، قال: فاستكبر وكان من الكافرين».
وأخرج ابن المنذر من طريق مجاهد عن جنادة بن أبي أمية قال:«كان أول خطيئة كانت الحسد، حسد إبليس آدم أن يسجد له حين أمر فحمله الحسد على المعصية».
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال: «ابتدأ الله خلق إبليس على الكفر والضلالة وعمل بعمل الملائكة فصيره إلى ما بدئ إليه خلقه من الكفر قال الله {وكان من الكافرين}».

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وكان من الكافرين} قال: «جعله الله كافرا لا يستطيع أن يؤمن»). [الدر المنثور: 1/ 268-274]


رد مع اقتباس