عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 6 ذو القعدة 1431هـ/13-10-2010م, 12:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 33 إلى 53]

{قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45) قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47) وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قالوا نحن أولو قوّةٍ} [النمل: 33] يعني: عددًا كثيرًا، في تفسير السّدّيّ.
{وأولو بأسٍ شديدٍ} [النمل: 33]، يعني: القتال.
{والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين} [النمل: 33] سعيدٌ عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّه كان لها ثلاث مائةٍ وثلاثة4 عشر رجلا هم أهل مشورتها، كلّ رجلٍ منهم على عشرة آلافٍ.
قال يحيى: فجميعهم ثلاثة آلاف ألفٍ ومائة ألفٍ وثلاثون ألفا}). [تفسير القرآن العظيم: 2/542]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والبأس: الشدّة بالقتال، قال الله تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا}
وقال تعالى: {نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ} وقال: {بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ} وقال: {وَحِينَ الْبَأْسِ}). [تأويل مشكل القرآن: 505] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا نحن أولو قوّة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين}
ويروى أنه كان معها ألف قيل والقيل الملك، ومع كل قيل ألف رجل، وقيل مائة ألف رجل، وأكثر الرواية مائة ألف رجل.
وقوله: (حتى تشهدون).
بكسر النون، ولا يجوز فتح النون لأن أصله حتى (تشهدونني) فحذفت النون الأولى للنّصب وبقيت النون والياء للاسم، وحذفت الياء لأنّ الكسرة تدل عليها، ولأنه آخر آية،
ومن فتح النون فلاحن، لأنّ النون إذا فتحت فهي نون الرفع، وليس هذا من التي ترفع فيه حتى.
ويجوز أنه من سليمان وأنه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، بفتح الألف فيكون موضع أن الرفع على معنى: ألقي إليّ أنه من سليمان.
ويجوز أن تكون (أن) في موضع نصب على معنى كتاب كريم لأنه من سليمان ولأنه بسم اللّه الرحمن الرحيم.
فأمّا (ألّا تعلوا عليّ) فيجوز أن يكون أن في موضع رفع وفي موضع نصب، فالنصب على معنى كتاب بأن لا تعلوا علي أي كتب بترك العلو، ويجوز على معنى: ألقي إليّ ألّا تعلوا عليّ، وفيها وجه آخر حسن على معنى قال لا تعلوا عليّ.
وفسر سيبويه والخليل " أنّ " أن، في هذا الموضع في تأويل أي، على معنى أي لا تعلوا عليّ، ومثله من كتاب الله عزّ وجلّ:
{وانطلق الملأ منهم أن امشوا}
وتأويل أي ههنا تأويل القول والتفسير، كما تقول فعل فلان كذا وكذا، أي إني جواد كأنك قلت: يقول إني جواد). [معاني القرآن: 4/119-118]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قالت إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها} [النمل: 34] تفسير السّدّيّ، يعني: خرّبوها.
{وجعلوا أعزّة أهلها} [النمل: 34] عظماءها في الشّرف.
[تفسير القرآن العظيم: 2/542]
{أذلّةً} [النمل: 34] قال اللّه: {وكذلك يفعلون} [النمل: 34] }). [تفسير القرآن العظيم: 2/543]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قالت إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً...}

جواب لقولهم {نحن أولو قوّةٍ وأولو بأسٍ شديدٍ} فقالت: إنهم إن دخلوا بلادكم أذلوكم وأنتم ملوك. فقال الله {وكذلك يفعلون} ). [معاني القرآن: 2/292]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يتصل الكلام بما قبله حتى يكون كأنه قول واحد وهو قولان:
نحو قوله: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً}، ثم قال: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}، وليس هذا من قولها، وانقطع الكلام عند قوله: {أَذِلَّةً}،
ثم قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}.
وقوله: {الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}، هذا قول المرأة، ثم قال يوسف: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}،
أي ليعلم الملك أني لم أخن العزيز بالغيب.
وقوله: {يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا}، وانقطع الكلام، ثم قالت الملائكة: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ}.
وقوله حكاية عن ملأ فرعون: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ}
هذا قول الملأ، ثم قال فرعون: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ}). [تأويل مشكل القرآن: 295-294] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قالت إنّ الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّة وكذلك يفعلون}معناه إذا دخلوها عنوة عن قتال وغلبة.
(وكذلك يفعلون) هو من قول اللّه عزّ وجلّ - واللّه أعلم - لأنها هي قد ذكرت أنّهم يفسدون فليس في تكرير هذا منها فائدة). [معاني القرآن: 4/119]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها} أي: إذا دخلوها عنوة
ويقال لكل مدينة يجتمع الناس فيها قرية من قريت الشيء أي جمعته
وقوله جل وعز: {وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون}
يجوز أن يكون {وكذلك يفعلون} من قول الله جل وعز ويجوز أن يكون من قولها). [معاني القرآن: 5/130-131]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (أعزة أهلها أذلة): انقطع كلامها هي،
فقال الله - جل وعز: (وكذلك يفعلون) ثم رجع إلى الإخبار عنها فقال: (وإني مرسلة إليهم بهدية) ). [ياقوتة الصراط:392-393]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون} [النمل: 35] أي رسلي، إن قبل هديّتنا فهو من الملوك، وليس من أهل النّبوّة كما ينتحل.
سعيدٌ عن قتادة: قال: قالت: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ} [النمل: 35] فمصانعتهم بها عن الملك إن كانوا أهل دنيا، فبعثت إليهم بلبنةٍ من ذهبٍ في حريرةٍ وديباجٍ.
فبلغ ذلك سليمان، فأمر بلبنةٍ من ذهبٍ، فصيغت، ثمّ قذفت تحت أرجل الدّوابّ على طريقهم، تبول عليها وتروث عليها، فلمّا جاء رسلها فرأوا اللّبنة تحت أرجل الدّوابّ صغر في أعينهم الّذي جاءوا به.
وتفسير مجاهدٍ أنّها بعثت إليه بجوارٍ قد ألبستهنّ لبسة الغلمان، وغلمانٍ قد ألبستهنّ لبس الجواري، فخلّص سليمان بعضهم من بعضٍ، ولم يقبل هديّتها}). [تفسير القرآن العظيم: 2/543]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون...}

نقصت الألف من قوله (بم) لأنها في معنى بأيّ شيء يرجع المرسلون وإذا كانت (ما) في موضع (أيّ) ثم وصلت بحرفٍ خافضٍ نقصت الألف من (ما) ليعرف الاستفهام من الخبر.
ومن ذلك قوله: {فيم كنتم} و{عمّ يتساءلون} وإن أتممتها فصواب. وأنشدني المفضّل:

إنا قتلنا بقتلانا سراتكم=أهل اللواء ففيما يكثر القيل
وأنشدني المفضّل أيضاً:
على ما قام يشتمنا لئيمٌ =كخنزير تمرّغ في رماد
وقوله: {إليهم بهديّةٍ} وهي تعني سليمان كقوله: {على خوفٍ من فرعون وملئهم} وقالت {بم يرجع المرسلون} وكان رسولها - فيما ذكروا - امرأةً واحدةٍ فجمعت وإنما هو رسول، لذلك قال {فلمّا جاء سليمان} يريد: فلما جاء الرسول سليمان، وهي في قرءة عبد الله (فلما جاءوا سليمان) لما قال {المرسلون} صلح {جاءوا} لأن المرسل كان واحداً.
يدلّ على ذلك قول سليمان {ارجع إليهم} ). [معاني القرآن: 2/293]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه جمع يراد به واحد واثنان:
كقوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} واحد واثنان فما فوق.
وقال قتادة في قوله تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ} كان رجل من القوم لا يمالئهم على أقاويلهم في النبي صلّى الله عليه وسلم، ويسير مجانبا لهم، فسماه الله طائفة وهو واحد.
وكان «قتادة» يقول في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} هو رجل واحد ناداه: يا محمد، إنّ مدحي زين، وإنّ شتمي شين.
فخرج إليه النبي، صلّى الله عليه وسلم
فقال: «ويلك، ذاك الله جل وعز» ونزلت الآية.
وقوله سبحانه: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ}، أي أخوان فصاعدا.
قوله سبحانه: {وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ}، جاء في التفسير: أنهما لوحان.
وقوله: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}، وهما قلبان.
وقوله: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ}، يعني عائشة وصفوان بن المعطّل.
وقال: {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}، وهو واحد، يدلك على ذلك قوله: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 284-282] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإنّي مرسلة إليهم بهديّة فناظرة بم يرجع المرسلون}
جاء في التفسير أنها أهدت سليمان لبنة ذهب في حرير، وقيل لبن ذهب في حرير.
فأمر سليمان بلبنة ذهب فطرحت تحت الدّوابّ، حيث تبول عليها الدّوابّ وتروث، فصغر في أعينهم ما جاءوا به إلى سليمان، وقد ذكر أن الهديّة قد كانت غير هذا،
إلا أن قول سليمان: (أتمدّونن بمال) مما يدل على أن الهديّة كانت مالا.
وقوله عزّ وجلّ: (بم يرجع المرسلون).
حروف الجر مع " ما " في الاستفهام تحذف معها الألف من " ما " لأنهما كالشيء الواحد، وليفصل بين الخبر والاستفهام؛ تقول: قد رغبت فيما عندك، فتثبت الألف،
وتقول: فيم نظرت يا هذا فتحذف الألف). [معاني القرآن: 4/119-120]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون}
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال وجهت بغلمان عليهم لبس الجواري وبجوار عليهن لبس الغلمان
وروى يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير قال أرسلت بمائتي وصيف ووصيفة وقالت إن كان نبيا فسيعلم الذكور من الإناث فأمرهم فتوضؤوا فمن توضأ منهم فبدأ بمرفقه قبل كفه قال هو من الإناث ومن بدأ بكفه قبل مرفقه قال هو من الذكور
قال أبو جعفر وقيل وجهت إليه بلبنة من ذهب في خرقة حرير فأمر سليمان صلى الله عليه وسلم بلبن من ذهب فألقي تحت الدواب حتى وطأته
وهذا أشبه لقوله: {أتمدونني بمال} ويجوز أن يكون وجهت بهما جميعا ومعنى قوله تعالى: {لا قبل لهم بها} أي لا يطيقونها ولا يثبتون لها). [معاني القرآن: 5/131-132]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أتمدّونن بمالٍ...}
هي في قراءة عبد الله بنونين وباء مثبتة. وقرأها حمزة. (أتمدّونّي بمالٍ) يريد قراءة عبد الله فأدغم النون في النون فشدّدها. وقرأ عاصم بن أبي النّجود (أتمدّونن بمالٍ) بنونين بغير ياء.
وكل صوابٌ.
وقوله: {فما آتاني اللّه} ولم يقل {فما آتاني الله} لأنها محذوفة الياء من الكتاب. فمن كان ممّن يستجيز الزيادة في القرآن. من الياء والواو اللاتي يحذفن مثل قوله: {ويدع الإنسان بالشّرّ} فيثبت الواو وليست في المصحف، أو يقول المنادى للمناد جاز له أن يقول في {أتمدّونن} بإثبات الياء، وجاز له أن يحّركها إلى النصب كما قيل {ومالي لا أعبد} فكذلك يجوز {فما آتاني الله} ولست أشتهي ذلك ولا آخذ به. اتّباع المصحف إذا وجدت له وجهاً من كلام العرب وقراءة القرّاء أحبّ إليّ من خلافه. وقد كان أبو عمرٍو ويقرأ (إنّ هذين لساحران) ولست أجترئ على ذلك وقرأ {فأصّدّق وأكون} فزاد واواً في الكتاب. ولست أستحبّ ذلك). [معاني القرآن: 2/294-293]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلمّا جاء سليمان قال أتمدّونن بمال فما آتاني اللّه خير ممّا آتاكم بل أنتم بهديّتكم تفرحون}
معناه فلما جاء رسولها سليمان، ويجوز أن يكون فلما جاء برّها سليمان إلا أنّ قوله: {ارجع إليهم فلنأتينّهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنّهم منها أذلّة وهم صاغرون}
مخاطبة للرسول). [معاني القرآن: 4/120] (م)

تفسير قوله تعالى: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ارجع إليهم} [النمل: 37] قال قتادة: يعني: الرّسل.
{فلنأتينّهم بجنودٍ لا قبل لهم بها} [النمل: 37] قال قتادة: أي: لا طاقة لهم بها.
[تفسير القرآن العظيم: 2/543]
{ولنخرجنّهم منها أذلّةً وهم صاغرون} [النمل: 37] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/544]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لاّ قبل لهم بها...}

وهي في مصحف عبد الله (لهم بهم) وهو سواء.
وقوله: {ارجع إليهم...} هذا من قول سليمان لرسولها، يعني بلقيس. وفي قراءة عبد الله (ارجعوا إليهم) وهو صواب على ما فسّرت لك من قوله: {يأيّها النبي إذا طلّقتم النّساء}
من الذهاب بالواحد إلى الذين معه، في كثير من الكلام). [معاني القرآن: 2/294]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لا قبل لهم بها} مجازه لا طاقة لهم بها ولا يدين). [مجاز القرآن: 2/94]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لا قبل لهم}: لا طاقة ولا يدين). [غريب القرآن وتفسيره: 287]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لا قبل لهم بها} أي لا طاقة). [تفسير غريب القرآن: 324]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلمّا جاء سليمان قال أتمدّونن بمال فما آتاني اللّه خير ممّا آتاكم بل أنتم بهديّتكم تفرحون}
معناه فلما جاء رسولها سليمان، ويجوز أن يكون فلما جاء برّها سليمان إلا أنّ قوله: {ارجع إليهم فلنأتينّهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنّهم منها أذلّة وهم صاغرون}
مخاطبة للرسول.
وقوله تعالى: (لا قبل لهم بها).
معناه لا يقدرون على مقاومة جنودها). [معاني القرآن: 4/120]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لا قبل لهم بها} أي: لا قوة ولا طاقة لهم بها). [ياقوتة الصراط: 393]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {لَّا قِبَلَ لَهُم}: لا طاقة). [العمدة في غريب القرآن: 230]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قال يا أيّها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} [النمل: 38] قال قتادة: لمّا بلغ سليمان أنّها جاءته وكان قد ذكر له سريرها، فأعجبه وكان عرشها من ذهبٍ، وقوائمه لؤلؤًا وجوهرًا، وكان مسترًا بالدّيباج والحرير، وكانت عليه سبعة مغاليق، فكره أن يأخذه بعد إسلامها، وقد علم سليمان أنّهم
متى ما يسلموا تحرم أموالهم مع دمائهم، فأحبّ أن يؤتى به قبل أن يكون ذلك من أمرهم، فقال: {يا أيّها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} [النمل: 38]، هذا تفسير سعيدٍ، عن قتادة.
وتفسير الكلبيّ: من قبل أن يأتوني مقرّين بالطّاعة). [تفسير القرآن العظيم: 2/544]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {قال يا أيّها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين}
أي: بسريرها.
(قبل أن يأتوني مسلمين) أحب سليمان - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ السّرير من حيث يجوز أخذه، لأنهم لو أتوا مسلمين لم يجز أخذ ما في أيديهم،
وجائز أن يكون أراد سليمان إظهار آية معجزة في تصيير العرش إليه في تلك الساعة لأنها من الآيات المعجزات). [معاني القرآن: 4/120]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله عز وجل: {قال يا أيها الملأ أيكم يأتني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} قيل إنما قال سليمان هذا لأنهم إذا أسلموا لم يحل لهم أن يأخذ لهم شيئا
وقيل إنما أراد أن يظهر بذلك آية معجزة). [معاني القرآن: 5/132]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قال عفريتٌ من الجنّ} [النمل: 39] ماردٌ.
وقال مجاهدٌ: والعفريت لا يكون إلا الكافر، هذا تفسير الحسن.
{أنا آتيك به} [النمل: 39]، أي: بالسّرير.
{قبل أن تقوم من مقامك} [النمل: 39]، يعني: من مكانك الّذي أنت فيه جالسٌ، تفسير السّدّيّ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/544]
ومقامه مجلسه الّذي كان يقضي فيه، في تفسير سعيدٍ، عن قتادة، ألا يفرغ من قضيّته حتّى يؤتى به، فأراد ما هو أعجل من ذلك.
فـ {قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب} [النمل: 40] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/545]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (عن أبيه، قال: وحدّثني المعلّى بن هلالٍ، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: أنّ صاحب سليمان الّذي قال: {أنا آتيك به} [النمل: 39] بالعرش، الّذي عنده علمٌ من الكتاب، كان يحسن الاسم الأكبر، فدعا به.
وكان بينه وبينه مسيرة شهرين، وهي منه على فرسخٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/545]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {عفريتٌ مّن الجنّ أنا آتيك به...}

والعفريت: القويّ النافذ. ومن العرب من يقول للعفريت: عفرية. فمن قال:عفرية قال في جمعه: عفارٍ. ومن قال: عفريت قال: عفاريت
وجاز أن يقول: عفارٍ وفي إحدى القراءتين (وما أهلّ به للطواغي) يريد جمع الطاغوت.
وقوله: {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} يعني أن يقوم من مجلس القضاء. وكان يجلس إلى نصف النهار. فقال: أريد أعجل (من ذلك) ). [معاني القرآن: 2/294]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" قال عفريتٌ من الجنّ " وهو من كل جن وإنس أو شيطان الفائق المبالغ الرئيس، يقال عفرية نفرية وعفارية وهما مثل عفريت قال جرير:
قرنت الظالمين بمرمريس=بذلّ له العفارية المريد
المرميس: الداهية الشديدة، قال ذو الرمة:
كأنه كوكبٌ في إثر عفرية=مسوّم في سواد الليل منقضب).
[مجاز القرآن: 2/94-95]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (العفريت): من كل شيء المبالغ، يقال فلان عفريت والجمع عفاريت ويقال عفرية والجمع عفارى). [غريب القرآن وتفسيره: 287]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قال عفريتٌ من الجنّ} أي شديد وثيق. وأصله: «عفر» زيدت التاء فيه. يقال: عفريت نفريت، وعفرية ونفرية، وعفارية ولم يسمع ب «نفارية».
{قبل أن تقوم من مقامك} أي من مجلسك الذي قعدت فيه للحكم.
قال اللّه: {إنّ المتّقين في مقامٍ أمينٍ} أي في مجلس. ويقال للمجلس: مقام ومقامة. وقال في موضع آخر: في مقعد صدقٍ: أي في مجلس).[تفسير غريب القرآن: 324]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال عفريت من الجنّ أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإنّي عليه لقويّ أمين}
والعفريت النافذ في الأمر المبالغ فيه مع خبث ودهاء.
يقال: رجل عفر وعفريت، وعفرية نفرية، ونفاريّة، في معنى واحد.
{أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك}.
أي مقدار جلوسك الّذي تجلسه مع أصحابك، وقيل قبل أن تقوم من مجلسك لحكم). [معاني القرآن: 4/120-121]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تكون من مقامك}
وقرأ أبو رجاء قال: (عفرية) بتحريك الياء قال قتادة هو الداهية
قال أبو جعفر يقال للشديد إذا كان معه خبث ودهاء عفر وعفرية وعفريت وعفارية وقيل عفريت أي رئيس
قال وهب إن العفريت اسمه كوذن
وقوله: {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} أي من مجلسك الذي تقضي فيه بين الناس
قال أبو جعفر يقال مقام ومقامة للموضع الذي يقام فيه). [معاني القرآن: 5/132-133]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( (العِفْريتٌ): المبالغ في الشر). [العمدة في غريب القرآن: 230]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب} [النمل: 40] وكان رجلا من بني إسرائيل يقال له: آصف، يعلم اسم اللّه الأعظم الّذي إذا دعي به أجاب، قال: {أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك} [النمل: 40] وطرفه أن يبعث رسولا إلى منتهى طرفه لا يرجع حتّى يؤتى به، فدعا الرّجل باسم اللّه.
{فلمّا رآه} [النمل: 40]، رأى سليمان السّرير.
{مستقرًّا عنده قال هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر} [النمل: 40] يعني: أأشكر نعمته، أي: أم أكفرها.
{ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ ربّي غنيٌّ كريمٌ} [النمل: 40] يتجاوز ويصفح، تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/545]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {فلمّا رآه} [النمل: 40] سليمان {مستقرًّا عنده} [النمل: 40] كأنّه وقع في نفسه مثل الحسد، ثمّ
[تفسير القرآن العظيم: 2/545]
فكّر قال: أليس هذا الّذي قدر على ما لم أقدر عليه مسخّرًا لي؟ {هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر} [النمل: 40] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/546]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قال الّذي عنده علمٌ مّن الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك...}

يقول: قبل أن يأتيك الشيء من مدّ بصرك فقال ابن عباسٍ في قوله (عنده علمٌ من الكتاب) {يا حيّ يا قيّوم} فذكر أنّ عرشها غار في موضعه ثم نبع عند مجلس سليمان).
[معاني القرآن: 2/294]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال الّذي عنده علمٌ مّن الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك فلمّا رآه مستقرّاً عنده قال هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ ربّي غنيٌّ كريمٌ}
وقال: {ليبلوني أأشكر أم أكفر} أي: لينظر أأشكر أم أكفر. كقولك: "جئت لأنظر أزيدٌ أفضل أم عمرٌو"). [معاني القرآن: 3/20-21]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( وقوله: {قبل أن يرتدّ إليك طرفك}، قيل في تفسير أبي صالح: «قبل أن يأتيك الشيء من مدّ البصر»
ويقال: بل أراد قبل ان تطرف.
{فلمّا رآه مستقرًّا عنده} أي رأى العرش). [تفسير غريب القرآن: 324]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الكريم: الشريف الفاضل...، والكريم: الصّفوح، وذلك من الشرف والفضل، قال الله عز وجل:{فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} أي: صفوح.
وقال: {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} أي: الصّفوح). [تأويل مشكل القرآن: 494]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال الّذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك فلمّا رآه مستقرّا عنده قال هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ ربّي غنيّ كريم}
ويقال إنّه آصف بن برحيا.
{أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك}أي: بمقدار ما يبلغ البالغ إلى نهاية نظرك ثم يعود إليك.
وقيل في مقدار ما تفتح عينك ثمّ تطرف، وهذا أشبه بارتداد الطرف، ومثله من الكلام: فعل ذلك في لحظة عين، أي في مقدار ما نظر نظرة واحدة.
ويقال في التفسير إنه دعا باسم الله الأعظم، الذي إذا دعي به أجاب، وقيل إنه: يا ذا الجلال والإكرام، وقيل إنه يا إلهنا وإله الخلق جميعا إلها واحدا لا إله إلّا أنت،
فذكر هذا الاسم ثم قال ائت بعرشها، فلمّا استتمّ ذلك ظهر السرير بين يدي سليمان). [معاني القرآن: 4/121]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال الذي عنده علم من الكتاب}
في معنى هذا أقوال:
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كان يعرف اسم الله جل وعز الذي إذا دعي به أجاب وهو يا ذا الجلال والإكرام
وقال غيره اسمه آصف بن برخيا وهو من بني إسرائيل فهذا قول
وقيل إن الذي عنده علم من الكتاب هو سليمان نفسه لما قال له الجني أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وادعى شيئا يبعد أن يكون مثله قال له سليمان أنا آتيك به في وقت أقرب من هذا بقدرة الله جل وعز، على أن نهلكه وتعيده موضعنا هذا من قبل أن تطرف
وقال إبراهيم النخعي هو جبريل صلى الله عليه وسلم
وفي قوله جل وعز: {قبل أن يرتد إليك طرفك}
فيه قولان أيضا:
روى إسماعيل بن أبي خالد عن سعيد بن جبير قال فرفع طرفه ثم رده فإذا بالعرش
وقال مجاهد من قبل مد الطرف
ثم قال مجاهد كما بيننا وبين الحيرة وهو يومئذ بالكوفة في كندة
واستدل من قال إن قائل هذا سليمان بقوله: {قال هذا من فضل ربي} إلى آخر الآية
قال عبد الله بن شداد فظهر العرش من نفق تحت الأرض). [معاني القرآن: 5/136-133]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : (قال ثعلب: معنى قوله - جل وعز: (قال الذي عنده علم من الكتاب): اختلف الناس،
فقالت طائفة: هو اصف بن برخيا، وكان من العلماء، وقالت طائفة: هذا القائل هو: سليمان نفسه، لأنه كان أقدر على الدعاء، وأشد تمكنا من القدرة بالله - جل وعز -
من آصف والعفريت، قال: فدعا سليمان نفسه ربه - جل وعز - فأجابه، وصور بين يديه العرش في لحظة). [ياقوتة الصراط: 394-393]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قال نكّروا لها عرشها} [النمل: 41] عن أبيه، عن ابن مجاهدٍ، عن أبيه قال: غيّروا لها عرشها.
قال قتادة: وتنكيره أن يزاد فيه، وينقص منه، في تفسير سعيدٍ، عن قتادة، {ننظر أتهتدي} [النمل: 41] أتعرفه، في تفسير مجاهدٍ.
{أم تكون من الّذين لا يهتدون} [النمل: 41]، أي: أم لا تعرفه.
وقال السّدّيّ: ننظر {أتهتدي} [النمل: 41]، يعني: أتعرفه {أم تكون من الّذين لا يهتدون} [النمل: 41] يعني أم تكون من الّذين لا يعرفون، وهو نحوه). [تفسير القرآن العظيم: 2/546]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وأمّا قوله: {نكّروا لها عرشها...}

فإنه أمرهم بتوسعته ؛ ليمتحن عقلها إذا جاءت، وكان الشياطين قد خافت أن يتزوّجها سليمان ، فقالوا: إن في عقلها شيئاً، وإن رجلها كرجل الحمار؛ فأمر سليمان بتغيير العرش لذلك، وأمر بالماء فأجرى من تحت الصّرح ، وفيه السمك، فلمّا جاءت قيل لها). [معاني القرآن: 2/294]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {نكّروا لها عرشها}: أي : غيّروه، يقال: نكّرت الشيء ، فتنكر، أي: غيّرته فتغيّر). [تفسير غريب القرآن: 325]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{قال نكّروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الّذين لا يهتدون}
الجزم في (ننظر) الوجه وعليه القراءة، ويجوز (ننظر) بالرفع فمن جزم فلجواب الأمر، ومن رفع فعلى معنى فسننظر.
وقوله (أتهتدي) معناه أتهتدي لمعرفته أم لا). [معاني القرآن: 4/121]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي}
قيل : جعل أعلاه أسفله ، وأسفله أعلاه ، وقال قتادة : نكروا لها عرشها غيروه بزيادة ، أو نقصان ، {ننظر أتهتدي}: قال مجاهد: أي: أتعرفه). [معاني القرآن: 5/136]

تفسير قوله تعالى:{فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فلمّا جاءت قيل أهكذا عرشك} [النمل: 42] على الاستفهام.
{قالت كأنّه هو} [النمل: 42] قال قتادة: شبّهته، وقد كانت تركته خلفها، فوجدته أمامها.
[تفسير القرآن العظيم: 2/546]
قال: {وأوتينا العلم من قبلها} [النمل: 42] سليمان يقوله: يعني: النّبوّة، تفسير مجاهدٍ.
{وكنّا مسلمين} [النمل: 42] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/547]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
( {أهكذا عرشك}:فعرفت، وأنكرت، فلم تقل، هو هو، ولا ليس به، فقالت:{كأنّه هو} ). [معاني القرآن: 2/295]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فلمّا جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنّه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنّا مسلمين}
{قالت كأنّه هو}:ولم تقل إنه عرشها، ولا قالت: ليس هو بعرشها، شبّهته به ؛ لأنه منكّر، يروى أنه جعل أسفله أعلاه.). [معاني القرآن: 4/121]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو}
قال قتادة: شبهته به ، لأنها خلفته خلفها ، وخرجت.ثم قال جل وعز: {وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين}
قال مجاهد: يقوله سليمان عليه السلام). [معاني القرآن: 5/136-137]

تفسير قوله تعالى: {وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (43)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وصدّها ما كانت تعبد من دون اللّه} [النمل: 43] تفسير مجاهدٍ: كفرها بقضاء اللّه، غير الوثن، وذلك من قضاء اللّه صدّها أن تهتدي إلى الحقّ.
{إنّها كانت من قومٍ كافرين} [النمل: 43] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/547]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وصدّها ما كانت تّعبد...}

يقول: هي عاقلة، وإنما صدها عن عبادة الله عبادة الشمس والقمر، وكان عادة من دين آبائها، معنى الكلام: صدّها من أن تعبد الله ما كانت تعبد ، أي: عبادتها الشمس ، والقمر.
و(ما) في موضع رفع، وقد قيل: {إن صدّها} منعها سليمان ما كانت تعبد، موضع (ما) نصب لأن الفعل لسليمان، وقال بعضهم: الفعل لله تعالى: صدّها الله ما كانت تعبد.
وقوله: {إنّها كانت من قومٍ كافرين} : كسرت الألف على الاستئناف، ولو قرأ قارئ {أنّها} يردّه على موضع (ما) في رفعه: صدّها عن عبادة الله أنّها كانت من قومٍ كافرين، وهو كقولك: منعني من زيارتك ؛ ما كنت فيه من الشغل: أنّي كنت أغدو وأروح، فأنّ مفسّرة لمعنى : ما كنت فيه من الشغل.). [معاني القرآن: 2/295]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وصدّها ما كانت تعبد من دون اللّه إنّها كانت من قوم كافرين}
أي: صدّها عن الإيمان العادة التي كانت عليها، لأنها نشأت ، ولم تعرف إلا قوماً يعبدون الشمس، فصدّتها العادة، وبيّن عادتها بقوله: {إنّها كانت من قوم كافرين}
ويجوز : أنها كانت من قوم كافرين ، فيكون المعنى : صدّها كونها من قوم كافرين ، ويكون مبيناً عن قوله عز وجل: {ما كانت تعبد من دون اللّه} ). [معاني القرآن: 4/122]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وصدها ما كانت تعبد من دون الله}
قال مجاهد: أي: كفرها.
قال أبو جعفر : والمعنى على هذا : وصدها اعتيادها ما كانت عليه من الكفر ، وبين ذلك بقوله: {إنها كانت من قوم كافرين}
وقال يعلى بن مسلم : قرأت على سعيد بن جبير : إنها كانت من قوم كافرين ، فقال : أنها بالفتح ، وقال: إنما وصفها ، وليس يستأنف.
وفي معناه قول آخر : وهو أن يكون المعنى : وصدها عما كانت تعبد من دون الله ، ثم حذف عن كما تحذف حروف الخفض مع ما يتعدى إلى مفعولين ، أحدهما بحرف).
[معاني القرآن: 5/137]

تفسير قوله تعالى:{قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قيل لها ادخلي الصّرح} [النمل: 44] تفسير الحسن أنّ سليمان أمر الشّياطين أن تصنع صرحًا، مجلسًا، من قوارير.
وقال الكلبيّ: إنّ الجنّ استأذنوا سليمان، فقالوا: ذرنا فلنبن لها صرحًا من قوارير، والصّرح قصرٌ، فننظر كيف عقلها، وخافت الجنّ أن يتزوّجها سليمان، فتطلع سليمان على أشياء كانت الجنّ تخفيها من سليمان.
قال يحيى: بلغني أنّ أحد أبويها كان جنّيًّا، فلذلك تخوّفوا ذلك منها.
قال الكلبيّ: فأذن لهم، فعمدوا إلى الماء، ففجّروه في أرضٍ فضاءٍ، ثمّ أكثروا فيه من الحيتان، قال: والضّفادع، ثمّ بنوا عليه سترةً من زجاجٍ، ثمّ بنوا حوله صرحًا، قصرًا ممرّدًا من قوارير، والممرّد: الأملس، ثمّ أدخلوا
[تفسير القرآن العظيم: 2/547]
عرش سليمان، أي: سرير سليمان، وعرشها، وكراسيّ عظماء الملوك، ثمّ دخل الملك سليمان ودخل معه عظماء جنده، ثمّ {قيل لها ادخلي الصّرح} [النمل: 44] وفتح الباب، فلمّا أرادت الدّخول إذا هي بالحيتان والضّفادع، فظنّت أنّه مكر بها لتغرق، ثمّ نظرت فإذا هي بالملك سليمان على سريره، والنّاس عنده على الكراسيّ، فظنّت أنّها مخاضةٌ، فكشفت عن ساقيها، وكان بها سوءٌ، أي: برصٌ، فلمّا رآها سليمان كرهها، فلمّا عرفت الجنّ أنّ سليمان قد رأى منها ما كانت تكتم من النّاس قالت لها الجنّ: لا تكشفي عن ساقيك، ولا عن قدميك فإنّما
هو صرحٌ ممرّدٌ، أي: مملّسٌ من قوارير.
عن أبيه، عن سعيدٍ، عن قتادة، قال: كان الصّرح بناءً من قوارير، بني على الماء، فلمّا رأت اختلاف السّمك من ورائه لم يشتبه عليها أنّه لجّة ماءٍ، وكشفت عن ساقيها، وكان أحد أبويها جنّيًّا.
وقال مجاهدٌ: كانت أمّها جنّيّةً، وكان قدمها كحافر حمارٍ، وكان اسمها بلقيس.
وقال قتادة: وكان مؤخّر رجلها كحافر الدّابّة، فكانت إذا وضعته على الصّرح هشّمته.
وقال مجاهدٌ: كان الصّرح بركة ماءٍ ضرب عليها سليمان قوارير ألبسها إيّاه.
[تفسير القرآن العظيم: 2/548]
وقال بعضهم: إنّها لمّا أقبلت إلى سليمان، خافت الشّياطين أن يتزوّجها، وقالوا: قد كنّا نلقى من سليمان من السّخرة ما نلقى، فكيف إذا اجتمع عقل هذه وتدبيرها مع ملك سليمان ونبوّته؟ مع أنّ أمّها كانت من الجنّ، الآن حين هلكتم، فقال بعضهم: أنا أصرف سليمان عنها حتّى لا يتزوّجها، فأتاه فقال له: إنّه لم تلد جنّيّةٌ قطّ من إنسيٍّ إلا كان أحد رجليها رجل حمارٍ،
فوقع ذلك في نفس سليمان، وكان رجلٌ من الجنّ يحبّ كلّ ما وافق سليمان، فقال له: يا نبيّ اللّه، أنا أعمل لك شيئًا ترى ذلك منها، فعمل الصّرح، فلمّا جاءته حسبته لجّة ماءٍ فكشفت عن ساقيها، فرأى سليمان قدميها قدمي إنسانٍ، ورأى على ساقيها شعرًا كثيرًا، فساءه ذلك، فقال له الجنّيّ الّذي كان يحبّ كلّ ما يوافق سليمان: أنا أعمل لك ما يذهب به ذلك الشّعر، فعمل
النّورة والحمّام، فكان أوّل ما عمل الحمّام والنّورة، وتزوّجها سليمان في قول بعضهم.
{قال إنّه صرحٌ} [النمل: 44] قال سليمان: {إنّه صرحٌ ممرّدٌ من قوارير قالت ربّ إنّي ظلمت نفسي} [النمل: 44]، أي: أنّي أضررت نفسي.
[تفسير القرآن العظيم: 2/549]
وبعضهم يقول: أي: نقصت نفسي، يعني: لما كانت عليه من الكفر.
{وأسلمت مع سليمان للّه ربّ العالمين} [النمل: 44] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/550]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(ثم رفعت ثوبها عن ساقيها، وظنّت : أنها تسلك لجّة، والّلجّة: الماء الكثير ، فنظر إلى أحسن ساقين ، ورجلين،

وفي قراءة عبد الله : (وكشف عن رجليها) ). [معاني القرآن: 2/295]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (قال " الصّرح " القصر وكان من قوارير قال أبو ذؤيب:
بهن نعامٌ بناها الرجا=ل تشبّه أعلامهن الصروحا
كل بناء بنيته من حجارة فهو نعامة والجماع نعام وإذا كان من شجر وثرى فهو ثاية). [مجاز القرآن: 2/95]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الصرح}: في هذا الموضع كالسطح. والصرح كل بلاط اتخذ من قوارير والصرح أيضا القصر.
{ممرد}: مملس ومنه قيل رجل أمرد وشجرة مرداء إذا سقط ورقها). [غريب القرآن وتفسيره: 287]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( صّرح: القصر. وجمعه: «صروح». ومنه قول الهذلي:
تحسب أعلامهنّ الصّروحا
ويقال: «الصّرح: بلاط اتّخذ لها من قوارير، وجعل تحته ماء وسمك».
و(الممرد): الأملس. يقال: مرّدت الشيء، إذا بلّطته وأملسته.
ومن ذلك «الأمرد»: الذي لا شعر على وجهه. ويقال للرملة التي لا تنبت: «مرداء».
ويقال: الممرّد المطوّل. ومنه قيل لبعض الحصون: «مارد». ويقال في مثل. «تمرّد مارد، وعزّ الأبلق». وهما حصنان). [تفسير غريب القرآن: 325]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (قيل لها ادخلي الصّرح فلمّا رأته حسبته لجّة وكشفت عن ساقيها قال إنّه صرح ممرّد من قوارير قالت ربّ إنّي ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان للّه ربّ العالمين}
والصّرح: في اللغة القصر، والصّحن، يقال هذه ساحة الدار وصحنة الدار وباحة الدار وقاعة الدار وقارعة الدار.
هذا كله في معنى الصّحن.
وقوله: (فلمّا رأته حسبته لجّة) أي: حسبته ماء، وكان قد عمل لسليمان صحن من قوارير وتحته الماء والسّمك، فظنت أنّه ماء فكشفت عن ساقيها.
وذاك أن الجنّ عابوا عنده ساقيها ورجليها وذكروا أن رجليها كحافر الحمار فتبين أمر رجليها). [معاني القرآن: 4/122]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قيل لها ادخلي الصرح}
قال مجاهد هو بركة ماء ألبسها سليمان زجاجا
وقال قتادة كان من قوارير خلفه ماء
فلما رأته حسبته لجة أي ماء
وقيل الصرح القصر عن أبي عبيدة كما قال تحسب أعلامهن الصروح
وقيل الصرح الصحن كما نقل هذه صرحة الدار وقاعتها بمعنى
وحكى أبو عبيد في الغريب المصنف أن الصرح كل بناء عال مرتفع وأن الممرد الطويل
قال أبو جعفر أصل هذا أنه يقال لكل ما عمل عملا واحدا صرح من قولهم لبن صريح إذا لم يشبه ماء ومن قولهم صرح بالأمر ومنه عربي صريح
وقال الفراء الصرح الممرد هو الأملس أخذ من قول العرب شجرة مرداء إذا سقط ورقها عنها
قال الفراء وتمرد الرجل إذا أبطأ خروج لحيته بعد إدراكه
وقال غيره ومنه رملة مرداء إذا كانت لا تنبت ورجل أمرد
وقيل الممرد المطول ومنه قيل لبعض الحصون مارد). [معاني القرآن: 5/138-139]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الصرح): القصر، وقيل: هو بلاط اتخذ من قوارير، وجعل تحته سمك، والممرد: المطول). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 179]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( (الصَرْحٌ): السطح ، {مُّمَرَّد}: مملس). [العمدة في غريب القرآن: 230]

تفسير قوله تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحًا} [النمل: 45] كان أخاهم في النّسب وليس بأخيهم في الدّين.
{أن اعبدوا اللّه} [النمل: 45]، يعني: وحّدوا اللّه، تفسير السّدّيّ.
{فإذا هم فريقان يختصمون} [النمل: 45] قال قتادة: والقوم بين مصدّقٍ ومكذّبٍ، مصدّقٌ بالحقّ ونازلٌ عنده، ومكذّبٌ بالحقّ وتاركه، في ذلك كانت خصومة القوم، في تفسير سعيدٍ عن قتادة). [تفسير القرآن العظيم: 2/550]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فريقان يختصمون...}

ومعنى {يختصمون}: مختلفون: مؤمن , ومكذّب). [معاني القرآن: 2/295]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا اللّه فإذا هم فريقان يختصمون}
أي : فإذا قوم صالح فريقان: مؤمن , وكافر يختصمون , فيقول كل فريق منهم الحق معي، وطلبت الفرقة الكافرة على تصديق صالح العذاب، فقال: {قال يا قوم لم تستعجلون بالسّيّئة قبل الحسنة لولا تستغفرون اللّه لعلّكم ترحمون } ). [معاني القرآن: 4/122-123]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فإذا هم فريقان يختصمون}
قال مجاهد : أي: مؤمن , وكافر , قال: والخصومة قولهم: {قالوا أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه}، فهذه الخصومة , وقيل : تقول كل فرقة نحن على الحق.).[معاني القرآن: 5/139-140]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال يا قوم لم تستعجلون بالسّيّئة قبل الحسنة} [النمل: 46] والسّيّئة العذاب لقولهم: {ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين} [الأعراف: 77] والحسنة الرّحمة.
وقال مجاهدٌ: العذاب قبل العافية.
وقال السّدّيّ: {بالسّيّئة} [النمل: 46]، يعني: العذاب في الدّنيا {قبل الحسنة} [النمل: 46]، يعني: قبل العافية، وهو نحوٌ واحدٌ.
قال: {لولا} [النمل: 46] هلا.
{تستغفرون اللّه} [النمل: 46] من شرككم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/550]
{لعلّكم ترحمون {46}). [تفسير القرآن العظيم: 2/551]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {قال يا قوم لم تستعجلون بالسّيّئة قبل الحسنة لولا تستغفرون اللّه لعلّكم ترحمون}

أي: لم قلتم إن كان ما أتيت به حقاً, فأتنا بالعذاب.
{لولا تستغفرون اللّه لعلّكم ترحمون}: أي : هلّا تستغفرون اللّه). [معاني القرآن: 4/123]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة}
قال مجاهد : أي : بالعذاب قبل الرحمة .
قال أبو جعفر : وفي الكلام حذف, والمعنى : والله أعلم فاستعجلت الفرقة الكافرة بالعذاب , فقال لهم صالح: {لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله}:
أي : هلا تستغفرون الله.). [معاني القرآن: 5/140]

تفسير قوله تعالى:{قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قالوا اطّيّرنا بك وبمن معك} [النمل: 47] قالوا: ما أصابنا من سوءٍ فهو من قبلك ومن قبل من معك، في تفسير قتادة.
وقال الحسن: كان قد أصابهم جوعٌ، فقالوا: بشؤمك وبشؤم الّذين معك أصابنا هذا، وهي الطّيرة.
{قال طائركم عند اللّه} [النمل: 47] قال قتادة: عملكم عند اللّه.
{بل أنتم قومٌ تفتنون} [النمل: 47]، أي: تبتلون، تختبرون بطاعة اللّه ومعصيته في تفسير قتادة.
وقال الحسن: {بل أنتم قومٌ تفتنون} [النمل: 47] عن دينكم، أي: تصرفون عن دينكم الّذي أمركم اللّه به، يعني: الإسلام). [تفسير القرآن العظيم: 2/551]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قال طائركم عند اللّه...}

يقول: في اللوح المحفوظ عند الله، تشاءمون بي، وتطيّرون بي، وذلك كلّه من عند الله، وهو بمنزلة قوله: {قالوا طائركم معكم}أي: لازم لكم ما كان من خيرٍ أو شرٍّ، فهو في رقابكم لازم,وقد بيّنه في قوله: {وكلّ إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه} ). [معاني القرآن: 2/295]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قالوا اطّيّرنا بك وبمن مّعك قال طائركم عند اللّه بل أنتم قومٌ تفتنون}
وقال: {قالوا اطّيّرنا بك}، فادغم التاء في الطاء، لأنها من مخرجها، وإذا استأنفت قلت: "اطّيّرنا".). [معاني القرآن: 3/21]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (قالوا: {اطّيّرنا بك وبمن معك}: أي: تطيّرنا، وتشاءمنا بك، فأدغم التاء في الطاء، وأثبت الألف: ليسلم السكون لما بعدها.
قال: {طائركم عند اللّه}: أي : ليس ذلك مني، وإنّما هو من اللّه.
{بل أنتم قومٌ تفتنون}: أي: تبتلون.). [تفسير غريب القرآن: 325-326]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {قالوا اطّيّرنا بك وبمن معك قال طائركم عند اللّه بل أنتم قوم تفتنون}
الأصل : تطيرنا، فأدغمت التاء في الطاء، واجتلبت الألف لسكون الطاء، فإذا ابتدأت، قلت: اطيرنا بك، وإذا وصلت لم تذكر الألف, وتسقط لأنها ألف وصل.
{قال طائركم عند اللّه}:أي: ما أصابكم من خير أو شرّ فمن اللّه.
{بل أنتم قوم تفتنون}:أي: تختبرون، ويجوز تفتنون من الفتنة، أي: تطيركم فتنة.). [معاني القرآن: 4/123]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قالوا اطيرنا بك وبمن معك}
قال مجاهد : اطيرنا : أي : تشاءمنا , وقوله جل وعز: {قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون}
قال الضحاك: أي : الأمر الذي أصابكم عند الله , أي : الأمر لله أصابكم به بما قدمت أيديكم .
وقيل : ما تطيرتم به : عقوبته عند الله تلحقكم .
وقيل: طائركم : ما يطير لكم , بل أنتم قوم تفتنون , أي: تختبرون.). [معاني القرآن: 5/140-141]

تفسير قوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وكان في المدينة تسعة رهطٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون}
وقال: {تسعة رهطٍ}, فجمع,وليس لهم واحد من لفظهم مثل "ذودٍ".). [معاني القرآن: 3/21]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون }: هؤلاء عتاة قوم صالح). [معاني القرآن: 4/123]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون}
قال جعفر بن سليمان : تلا مالك بن دينار هذه الآية , فقال : كم في كل حي وقبيلة ممن يفسد !.
وقال عطاء بن أبي رباح : بلغني أنهم كانوا يقرضون الدراهم.). [معاني القرآن: 5/141]

تفسير قوله تعالى:{قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قالوا تقاسموا باللّه} [النمل: 49] تحالفوا باللّه، تفسير ابن مجاهدٍ، عن أبيه، يقوله بعضهم لبعضٍ.
{لنبيّتنّه وأهله} [النمل: 49] عن أبيه، عن سعيدٍ، عن قتادة، قال: تسعة رهطٍ من قوم صالحٍ تقاسموا باللّه لنبيّتنّ صالحًا وأهله.
قال الحسن: أهله، أمّته الّذين على دينه.
[تفسير القرآن العظيم: 2/551]
قال قتادة: تواثقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه.
قال قتادة: ذكر لنا أنّهم بينما هم معاينون إلى صالحٍ ليفتكوا به، إذ بعث اللّه عليهم صخرةً فأهمدتهم.
قوله عزّ وجلّ: {ثمّ لنقولنّ لوليّه} [النمل: 49] قال قتادة: أي: لرهطه.
{ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون} [النمل: 49] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/552]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قالوا تقاسموا باللّه...}

وهي في قراءة عبد الله:{تقاسموا بالله} ليس فيها {قالوا}، وقوله: {لنبيّتنّه} التاء , والنون , والياء كلّ قد قرئ به، فمن قال: {تقاسموا}، فجعل {تقاسموا} خبراً فكأنه قال: متقاسمين {لنبيّتنّه} بالنون، ثم يجوز الياء على هذا المعنى فتقول: قالوا {ليبيتنّه} بالياء، كما تقول: لنقومنّ وليقومنّ وليقومن, ومن قال: تقاسموا، فجعلها في موضع جزمٍ، فكأنه قال: تحالفوا، وأقسموا لتبيّتنه بالتاء، والنون، تجوز من هذا الوجه ؛ لأن الذي قال لهم تقاسموا معهم في الفعل داخل، وإن كان قد أمرهم؛ ألا ترى أنك تقول: قوموا نذهب إلى فلان، لأنه أمرهم، وهو معهم في الفعل، فالنون أعجب الوجوه إليّ، وإنّ الكسائيّ يقرأ بالتاء، والعوامّ على النون، وهي في قراءة عبد الله: {تقاسموا} ثم {لنقسمن ما شهدنا مهلك أهله}، وقد قال الله : {تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم} لأنهم دعوهم ليفعلوا جميعاً ما دعوا إليه, وقرأها أهل المدينة,وعاصم,والحسن بالنون، وأصحاب عبد الله بالتّاء.
...حدثني سفيان ابن عيينة,عن حميد الأعرج, عن مجاهد أنه قرأ {ليبيّتنّه}بالياء). [معاني القرآن: 2/296]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( { قالوا تقاسموا بالله}:أي تحالفوا ,هو من القسم.). [مجاز القرآن: 2/95]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({تقاسموا باللّه} : أي تحالفوا باللّه: {لنبيّتنّه وأهله} أي: لنهلكنهم ليلا، {ثمّ لنقولنّ لوليّه ما شهدنا مهلك أهله}: مهلكهم،{وإنّا لصادقون}أي: لنقولن له ذلك، وإنا لصادقون.).[تفسير غريب القرآن: 326]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({قالوا تقاسموا باللّه لنبيّتنّه وأهله ثمّ لنقولنّ لوليّه ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون}
وتجوز لتبيّتنّه، ويجوز ليبيّتنّه وأهله بالياء، فيها ثلاثة أوجه:فمن قرأ بالنون قرأ {ثم لنقولنّ} لوليّه، ممن قرأ (لتبيّتنّه) بالتاء قرأ " ثمّ لتقولن " ومن قرأ " ليبيّتنّه " بالياء قرأ " ثم ليقولنّ " لوليّه.
من قرأ بالنون فكأنهم قالوا: احلفوا لنبيتنه وأهله، ومن قرأ بالتاء فكأنّهم قالوا احلفوا لتبيتنه، فكأنه أخرج نفسه في اللفظ.
والنون أجود في القراءة، ويجوز أن يكون قد أدخل نفسه في التاء لأنه إذا قال تقاسموا، فقد قال تحالفوا ولا يخرج نفسه من التحالف، ومن قرأ :قالوا تقاسموا باللّه ليبيتنّه، فالمعنى :قالوا
ليبيتنه متقاسمين، فكان هؤلاء النفر تحالفوا أن يبيتوا صالحا ويقتلوه وأهله في بياتهم، ثم ينكرون عند أولياء صالح أنهم شهدوا مهلكه ومهلك أهله، ويحلفون أنهم لصادقون, فهذا مكر عزموا عليه). [معاني القرآن: 4/123-124]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله}
قال قتادة : تحالفوا على أن يفتكوا بصالح ليلاً, فمروا يتعانقون , أي: يسرعون , فأرسل الله عليهم صخرة , فأهلكتهم .
قال مجاهد: تقاسموا على أن يأتوا صالحاً ليلاً, فأهلكوا وهلك قومهم أجمعون.). [معاني القرآن: 5/141-142]

تفسير قوله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه عزّ وجلّ: {ومكروا مكرًا} [النمل: 50] قال قتادة: الّذي أرادوا بصالحٍ.
{ومكرنا مكرًا} [النمل: 50]، أي: أن رماهم بالصّخرة فأهمدتهم.
قال: {وهم لا يشعرون} [النمل: 50] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/552]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(قال اللّه - عزّ وجلّ: {ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون}

فمضوا لبغيتهم , فأرسل اللّه عليهم صخرة فدمغتهم، وأرسل على باقي قومهم ما قتلهم به.). [معاني القرآن: 4/124]

تفسير قوله تعالى:{فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنّا دمّرناهم} [النمل: 51] بالصّخرة.
{وقومهم أجمعين} [النمل: 51] بعد ذلك بالصّيحة). [تفسير القرآن العظيم: 2/552]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنّا دمّرناهم...}

تقرأ بالكسر على الاستئناف مثل قوله: {فلينظر الإنسان إلى طعامه أنّا صببنا الماء} يستأنف , وهو يفسّر به ما قبله , وإن ردّه على إعراب ما قبله , قال: (أنّا) بالفتح , فتكون (أنّا) في موضع رفع، تجعلها تابعة للعاقبة, وإن شئت جعلتها نصباً من جهتين: إحداهما أن تردّها في موضع (كيف) , والأخرى أن تكرّ (كان) كأنّك قلت: كان عاقبة مكرهم تدميرنا إيّاهم, وإن شئت جعلتها كلمةً واحدةً , فجعلت (أنّا) في موضع نصبٍ , كأنك قلت: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم , تدميرنا إياهم.). [معاني القرآن: 2/296]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنّا دمّرناهم وقومهم أجمعين}
يقرأ : {إنّا دمّرناهم}- بكسر إن وبفتحها - , فمن قرأ بالكسر رفع العاقبة لا غير، المعنى: فانظر , أي شيء كان عاقبة مكرهم، ثم فسّرها فقال: إنّا دمّرناهم، فدل على أن العاقبة الدمار.
ومن قرأ : {أنّا دمّرناهم}- بالفتح - رفع العاقبة وإن شاء نصبها، والرفع أجود على معنى : فانظر كيف كان عاقبة أمرهم، وأضمر العاقبة,
{أنا دمرناهم}: فيكون (أنّا) في موضع رفع على هذا التفسير، ويجوز أن تكون أنا في موضع نصب، على معنى : فانظر كيف كان عاقبة مكرهم لأنّا دمّرناهم، ويجوز أن تكون
{أنّا دمّرناهم} خبر , كان المعنى: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم الدّمار، ويجوز أن يكون اسم كان , {أنّا دمّرناهم} و{عاقبة أمرهم} منصوبة.
المعنى : فانظر كيف كان الدمار عاقبة مكرهم، وكيف في موضع نصب في جميع هذه الأقوال - ونصبها - إذا جعلت العاقبة اسم كان. وكيف الخبر لأنها في موضع خبر كان، فإذا جعلت اسم كان , وخبرها ما بعدها , فهي منصوبة على الظرف، وعمل فيها جملة الكلام كما تقول: كيف كان زيد، وكيف كان زيد قائماً.). [معاني القرآن: 4/124-125]

تفسير قوله تعالى: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فتلك بيوتهم} [النمل: 52]، يعني: بالحجر.
{خاويةً} [النمل: 52] ليس فيها أحدٌ.
{بما ظلموا إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعلمون} [النمل: 52] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/552]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله:{فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إنّ في ذلك لآية لقوم يعلمون}

أكثر القراء نصب {خاوية} على الحال، المعنى : فانظر إلى بيوتهم خاوية بما ظلموا, ورفعها من أربعة أوجه قد بيّنّاها فيمن قرأ : {وهذا بعلي شيخ} ). [معاني القرآن: 4/125]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وأنجينا الّذين آمنوا} [النمل: 53] صالحًا والّذين آمنوا معه.
[تفسير القرآن العظيم: 2/552]
{وكانوا يتّقون} [النمل: 53]
- عن أبيه، قال: وحدّثني إبراهيم بن محمّدٍ، عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذّبين، يعني: أصحاب الحجر، إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين، فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم ما أصابهم ".
قال يحيى: أي: لا يصيبكم مثل ما أصابهم.
- قال: وحدّثني أبو الأشهب عن أبي نضرة، قال: كان رسول اللّه عليه السّلام في غزوة تبوك، فأتى على وادي ثمود وهو على فرسٍ شقراء، فقال: «أسرعوا السّير فإنّكم في وادٍ ملعونٍ»). [تفسير القرآن العظيم: 2/553]


رد مع اقتباس