عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 5 ربيع الأول 1440هـ/13-11-2018م, 03:54 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (50) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"عاد": قوم هود، واختلف في معنى وصفها بالأولى، فقال ابن زيد والجمهور: ذلك لأنها في وجه الدهر وقديمه، فهي أولى بالإضافة إلى الأمم المتأخرة، وقال الطبري: سميت بالأولى لأن ثم عادا أخيرة -وهي قبيلة- كانت بمكة مع العماليق وهم بنو لقيم بن هزال، والقول الأول أبين; لأن هذا الأخير لم يصح، وقال المبرد: عاد الأخيرة هي ثمود، والدليل قول زهير:
... ... ... ... ..... كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم
ذكره الزهراوي، وقيل الأخيرة: الجبارون. وقرأ ابن كثر، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: "عادا" منونة "الأولى" مهموزة، وقرأ نافع فيما روي عنه: "عادا الأولى" بإزالة التنوين والهمز، وهذا كقراءة من قرأ: "أحد الله"، وكقول الشاعر:
... ... ... ... ..... ولا ذاكر الله إلا قليلا
وقرأ قوم: "عاد الأولى"، والنطق بها "عادن الأولى"، واجتمع سكون نون التنوين وسكون لام التعريف فكسرت النون للالتقاء الساكنين، ولا فرق بينهما وبين قراءة الجمهور إلا ترك الهمز، وقرأ نافع أيضا، وأبو عمرو بالوصل والإدغام: "عادا لولى" بإدغام النون في اللام ونقل حركة الهمزة إلى اللام، وعاب أبو عثمان المازني والمبرد هذه القراءة وقالا: إن هذا النقل لا يخرج اللام عن حد السكون، وحق ألف الوصل أن تبقى كما تقول العرب إذا نقلت الهمزة من قولهم: "الأحمر" فإنهم يقولون: "الحمر جاء" فكذلك يقال هنا "عادا للولى"، قال أبو علي: والقراءة سائغة، وأيضا فمن العرب من يقول: "لحمر جاء" فيحذف الألف مع النقل ويعتد بحركة اللام ولا يراها في حكم السكون، وقرأ نافع فيما روي عنه: "عادا اللؤلى" بهمز "اللؤلى"، يهمز الواو، ووجه ذلك أنه لم يكن بين الواو والضمة حائل يحمل الهمزة فهمزها كما تهمز الواو المضمومة، وكذلك فعل من قرأ: "على سؤقه"، وكما قال الشاعر:
لحب المؤقدان إلي مؤسى ... ... ... ... ...
وهي لغة). [المحرر الوجيز: 8/ 129-131]

تفسير قوله تعالى: {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (51) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: "وثمودا" بالنصب عطفا على "عادا"، وقرأ عاصم، والحسن، وعصمة: "وثمود" بغير صرف، وهي في مصحف ابن مسعود رضي الله عنه بغير ألف بعد الدال.
وقوله تعالى: "فما أبقى" ظاهره: فما أبقى عليهم، وتأول ذلك بعضهم: فما أبقى منهم عينا تطرف، وقد قال ذلك الحجاج حين سمع قول من يقول: إن ثقيفا من ثمود، فأنكر ذلك وقال: إن الله تعالى قال: {وثمود فما أبقى}، وهؤلاء يقولون: بقي منهم باقية). [المحرر الوجيز: 8/ 131-132]

تفسير قوله تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى * والمؤتفكة أهوى * فغشاها ما غشى * فبأي آلاء ربك تتمارى * هذا نذير من النذر الأولى * أزفت الآزفة * ليس لها من دون الله كاشفة * أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون ولا تبكون * وأنتم سامدون * فاسجدوا لله واعبدوا}
نصب "قوم نوح" عطفا على "ثمود"، وقوله تعالى: "من قبل" لأنهم كانوا أول أمة كذبت من أهل الأرض، و"نوح" أول الرسل، وجعلهم "أظلم وأطغى" لأنهم سبقوا إلى التكذيب دون اقتداء بأحد قبلهم، وأيضا فإنهم كانوا في غاية من العتو، وكان عمر نوح عليه السلام قد طال في دعائهم، وكان الرجل يأتي إليه مع ابنه فيقول: أحذرك من هذا الرجل فإنه كذاب، ولقد حذرني منه أبي وأخبرني أن جدي حذره منه، فمشت على هذا أخلاقهم ألفا إلا خمسين عاما). [المحرر الوجيز: 8/ 132]

تفسير قوله تعالى: {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (53) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (54) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"المؤتفكة" قرية قوم لوط عليه السلام بإجماع من المفسرين، ومعنى "المؤتفكة": المتقلبة; لأنها أفكت فائتفكت، ومنه "الإفك" لأنه قلب الحق كذبا، وقرأ الحسن بن أبي الحسن: "والمؤتفكات" على الجمع، و"أهوى" معناه: طرحها من هواء عال إلى أسفل، وهذا ما روي من أن جبريل عليه السلام اقتلعها بجناحه حتى بلغ بها قرب السماء فهبط الجميع، ثم أتبعوا بحجارة، وهي التي غشاها الله تبارك وتعالى). [المحرر الوجيز: 8/ 132]

تفسير قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (55) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فبأي آلاء ربك تتمارى} مخاطبة للإنسان الكافر، كأنه قيل له: هذا هو الله الذي له هذه الأفاعيل، وهو خالقك المنعم عليك بكل النعم، ففي أيها تشك؟ و"تتمارى" معناه: تتشكك، وقرأ يعقوب: "ربك تمارى" بتاء واحدة مشددة،
وقال أبو مالك الغفاري: إن قوله تعالى: {ألا تزر وازرة} إلى قوله تعالى: {تتمارى} هو في صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام). [المحرر الوجيز: 8/ 132]

تفسير قوله تعالى: {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (56) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "هذا نذير" يحتمل أن يشير إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا قول قتادة، وأبي جعفر ومحمد بن كعب القرظي، ويحتمل أن يشير إلى القرآن، وهو تأويل قوم، وقال أبو مالك: الإشارة بهذا النذير إلى ما سلف من الأخبار عن الأمم، و"نذير" يحتمل أن يكون بناء اسم فاعل، ويحتمل أن يكون مصدرا، و"نذر" جمع نذير، وقال: "الأولى" بمعنى أنه في الرتبة والأوصاف والمنزلة من تلك المتقدمة، والأشبه أن تكون الإشارة إلى محمد صلى الله عليه وسلم). [المحرر الوجيز: 8/ 132-133]

تفسير قوله تعالى: {أَزِفَتِ الْآَزِفَةُ (57) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "أزفت الآزفة" معناه: قربت القريبة، و"الآزفة" عبارة عن القيامة بإجماع من المفسرين، و"أزف" معناه: قرب جدا، قال كعب بن زهير:
بان الشباب وأمسى الشيب قد أزفا ولا أرى لشباب ذاهب خلفا
). [المحرر الوجيز: 8/ 133]

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (58) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "كاشفة" يحتمل أن يكون صفة لمؤنث، التقدير: حالة كاشفة، أو منة كاشفة، أو سعاية، قال الرماني: أو جماعة، ويحتمل أن يكون مصدرا كالعاقبة و"خائنة الأعين"، ويحتمل أن يكون بمعنى "كاشف" والهاء للمبالغة، كما قال تعالى: {فهل ترى لهم من باقية}، وأما معنى "كاشفة" فقال الطبري، والزجاج: هو من كشف السر، أي: ليس من دون الله من يكشف وقتها ويعلمه، وقال الزهراوي عن منذر بن سعيد: هو من كشف الضر ودفعه، أي: ليس من يكشف هولها وخطبها، وقرأ طلحة: "ليس لها مما تدعون من دون الله كاشفة وهي على الظالمين ساءت الغاشية").[المحرر الوجيز: 8/ 133]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"هذا الحديث" هو القرآن، وقوله تعالى: "أفمن"؟ توقيف وتوبيخ، وفي حرف أبي، وابن مسعود رضي الله عنهما "تعجبون"، تضحكون" بغير واو عطف، وقرأ الحسن: "تعجبون تضحكون" بضم التاء فيهما وكسر الجيم والحاء وحذف واو العطف، وفي قوله تعالى وجل: "ولا تبكون" حض على البكاء عند سماع القرآن، وروى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذا القرآن أنزل يخوف، فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا"، ذكره الثعلبي). [المحرر الوجيز: 8/ 133-134]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"السامد": اللاعب اللاهي، وبهذا فسر ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من المفسرين، وقال الشاعر:
قيل قم فانظر إليهم ... ثم دع عنك السمودا
و"سمد" بلغة حمير: غنى، وهذا كله معنى قريب بعضه من بعض، وأسند الطبري عن أبي خالد الوالبي، قال: خرج علينا علي رضي الله عنه ونحن قيام ننتظر للصلاة فقال: ما لي أراكم سامدين؟
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
يشبه أنه رآهم في أحاديث ونحوها مما يظن أنه غفلة ما، وقال إبراهيم: كانوا يكرهون أن ينتظروا خروج الإمام قياما، وفي الحديث: "إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني"). [المحرر الوجيز: 8/ 134-135]

تفسير قوله تعالى: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمر تعالى بالسجود وعبادة الله تحذيرا وتخويفا، وهاهنا سجدة في قول كثير من أهل العلم منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وردت بها أحاديث صحاح، وليس يراها مالك رحمه الله تعالى، وقال زيد بن ثابت رضي الله عنه: إنه قرأ بها عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم يسجد.
تم تفسير سورة [النجم] والحمد لله رب العالمين).[المحرر الوجيز: 8/ 135]

رد مع اقتباس