عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 17 ذو القعدة 1439هـ/29-07-2018م, 08:45 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {أفرأيت الذي كفر بآياتنا}. الفاء في قوله: " أفرأيت " عاطفة بعد ألف الاستفهام، وهي عاطفة جملة على جملة، والذي كفر يعني به العاصي بن وائل السهمي، قاله جمهور المفسرين، وخبره أن خباب بن الأرت كان قينا في الجاهلية، فعمل له عملا، واجتمع له عنده دين، فجاءه يتقاضاه، فقال له العاصي بن وائل: لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقال خباب: لا أكفر بمحمد عليه الصلاة والسلام - حتى يميتك الله ثم يبعثك، قال العاصي: أو مبعوث أنا بعد الموت؟ قال خباب: نعم، قال: فإذا كان ذلك فسيكون لي مال وولد، وعند ذلك أقضيك دينك، فنزلت الآية في ذلك.
وقال الحسن: نزلت الآية في الوليد بن المغيرة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وقد كانت للوليد أيضا أقوال تشبه هذا الغرض.
وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو: "وولدا" على معنى اسم الجنس، بفتح الواو واللام،
[المحرر الوجيز: 6/64]
وكذلك في سائر ما في القرآن، إلا في سورة نوح فإنهما قرأا بضم الواو وسكون اللام. وقرأ نافع، وعاصم، وابن عامر بفتح الواو في كل القرآن، وقرأ حمزة، والكسائي: "وولدا" بضم الواو وسكون اللام، وكذلك في جميع القرآن، وقرأ ابن مسعود: "ولدا" بكسر الواو وسكون اللام، واختلف مع ضم الواو - فقال بعضهم: هو جمع ولد كأسد وأسد واحتجوا بقول الشاعر:
فلقد رأيت معاشرا قد ثمروا مالا وولدا
وقال بعضهم: هو مفرد، واحتجوا بقول الشاعر:
فليت فلانا كان في بطن أمه ... وليت فلانا كان ولد حمار
قال أبو علي رحمه الله: وفي قراءة حمزة والكسائي ما كان مفردا قصد به المفرد، وما كان منه جمعا قصد الجمع، وقال الأخفش: الولد: الابن، والولد: الأهل والوالد، وقال غيره: والولد: بطن الذي هو منه، حكاه أبو علي في الحجة). [المحرر الوجيز: 6/65]

تفسير قوله تعالى: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {أطلع الغيب} توقيف، والألف للاستفهام، وحذفت في الوصل للاستغناء عنها، و"اتخاذ العهد" معناه: بالإيمان والأعمال الصالحة). [المحرر الوجيز: 6/65]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"كلا" زجر وردع، ثم أخبر تعالى أن قول هذا الكافر سيكتب، على معنى حفظه عليه ومعاقبته به، وقرأ عاصم، والأعمش: "سيكتب" بياء مضمومة، وقرأ: "سنكتب" بالنون أبو
[المحرر الوجيز: 6/65]
عمرو، والحسن، وعيسى. و"مد العذاب" هو إطالته وتعظيمه). [المحرر الوجيز: 6/66]

تفسير قوله تعالى: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ما يقول} أي: هذه الأشياء التي سماها، وقال إنه يؤتاها في الآخرة يرث الله ما له منها في الدنيا بإهلاكه وتركه لها، فالوراثة مستعارة، ويحتمل أن يكون خيبته في الآخرة كوراثة ما أمل. وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه: "ونرثه ما عنده"، وقال النحاس: "ونرثه ما يقول" معناه: نحفظه عليه لنعاقبه، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: العلماء ورثة الأنبياء، أي: حفظة ما قالوا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فكأن هذا المجرم يورث هذه المقالة. وقوله تعالى: {ويأتينا فردا} يتضمن ذلته). [المحرر الوجيز: 6/66]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا}
"اتخذ" افتعل من "أخذ" لكنه يتضمن إعدادا من المتخذ للمتخذ، وليس ذلك في "أخذ"، والضمير في "اتخذوا" لعبدة الأوثان، و"الآلهة": الأصنام وكل ما عبد من دون الله تبارك وتعالى، ومعنى "عزا" العموم في النصرة والمنفعة وغير ذلك من وجوه الخير). [المحرر الوجيز: 6/66]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "كلا" زجر ورد، وهذا المعنى لازم لـ "كلا"، فإن كان القول المردود منصوصا عليه بان المعنى، وإن لم يكن منصوصا عليه فلا بد من أمر مردود يتضمنه
[المحرر الوجيز: 6/66]
القول كقوله عز وجل: {إن الإنسان ليطغى}، فإن قوله: {علم الإنسان ما لم يعلم} يتضمن مع ما قبله أن الإنسان يزعم من نفسه ويرى أن له حولا ما ولا يتفكر جدا في أن الله علمه ما لم يعلم وأنعم عليه بذلك.
وقرأ الجمهور: "كلا" على ما فسرناه، وقرأ أبو نهيك: "كلا" بفتح الكاف والتنوين، حكاه عنه أبو الفتح، وهو نعت للآلهة. وحكى عنه أبو عمرو الداني "كلا" بضم الكاف والتنوين، وهو منصوب بفعل مضمر يدل عليه "سيكفرون"، تقديره: يرفضون أو يتركون أو يجحدون أو نحوه.
واختلف المفسرون في الضمير الذي في "سيكفرون" وفي "بعبادتهم" - فقالت فرقة: الأول للكفار والثاني للمعبودين، والمعنى أنه سيجيء يوم القيامة من الهول على الكفار والشدة ما يدفعهم إلى جحد الكفر وعبادة الأوثان، وذلك كقوله تعالى حكاية عنهم: {والله ربنا ما كنا مشركين}. وقالت فرقة: الأول للمعبودين والثاني للكفار، والمعنى أن الله تعالى يجعل للأصنام حياة تنكر بها ومعها عبادة الكفار وأن يكون لها من ذلك ذنب، وأما المعبودون من الملائكة وغيرهم فهذا منهم بين. وقوله تعالى: "ضدا" معناه: يجيئهم منهم خلاف ما كانوا أملوه فيؤول ذلك بهم إلى ذلة ضد ما أملوه من العز، وهذه صفة عامة، وقال قتادة: معناه: قرناء، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: معناه: أعوانا، وقال لضحاك: أعداء، وقال ابن زيد: بلاء، وقيل: غير هذا مما لفظ القرآن أعم منه وأجمع للمعنى المقصود، و"الضد" هنا مصدر يوصف به الجمع كما يوصف به الواحد.
[المحرر الوجيز: 6/67]
وحكى الطبري عن أبي نهيك أنه قرأ: "كل" بالرفع، ورفعها بالابتداء). [المحرر الوجيز: 6/68]

رد مع اقتباس