عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 25 ذو القعدة 1438هـ/17-08-2017م, 12:26 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


خطبة الكتاب
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ):(بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مدبر الأشياء ومحكمها، ومقدر المنح ومقسمها ومعلمها ومخصص عربيتها بأفضل الأمم وأكرمها، الذي جعل الكلام خصيصة البشر، وأظهر بها نظر الناظر وعبرة المعتبر، وضمنه من المعاني الجمة، وفضائل الحكمة ما لا يصل إليه فهم أمة ولا يهتدى إلى بعضه إلا بعد أمة، وصلى الله على محمدٍ رسوله المحمود، المخصوص بالشفاعة في اليوم المشهود، صلاة تبلغنا دار الخلود، وتبوئنا من منازل المحل الموعود، وعلى آله وأصحابه الذين أوفوا بالعهود، فأضحى الدين بهم أوثق معقود، ماهمع غمام ذو ركام، وصدح حمام في بشام، وسلم أشرف وأزكى سلام.
وبعد، فإن لسان العرب لما كان أشرف الألسنة، وشنشنة اتباع فهمه أحسن شنشنة، إذ منه يتوصل إلى مقاصد الشرع في أحكامه، وأغراض قواعد العلم وأعلامه، وكان مقسمًا إلى تقسيمه المعروف، من الأسماء والأفعال
[رصف المباني: 1]
والحروف، وكانت الحروف أكثر دورًا، ومعاني معظمها أشد غمرا، وتركيب أكثر الكلام عليها، ورجوعه في فوائده إليها، اقتضى ما خطر من النظر أنه أبحث على معانيها، وأطالع غرض الراضعين فيها، فوجدتُ منهم من أغفل بعضها وأهمل، ومن تسامح في الشرح وتسهل، ومن اختصر منها وأسهب، ومن ركب البسيط وبسط المركب، ومن شتت ألفاظها وعدد، وأطال الكلام لغير فائدةٍ وردد.
فدعاني الغرض الخاطر، والرفيق العابر، أن أؤلف فيها كتابًا يشتمل على شرحها، وإيضاح ما خفي من برحها، ليشتفي صدر الناظر فيه على المأمول، ويفيده إن شاء الله إن أخذه بالقبول.
وسميته: «رصف المباني في شرح حروف المعاني» ليكون اسمه وفق معناه، ولفظه مترجمًا على فحواه، ونظمته على ترتيب حروف المعجم، ليكون في التأليف أنبل، وعلى تفهمه أسهل، وذكرت ... منها على ما هو عليه في النطق من حروف واحدٍ وأزيد، حتى انتهيت إلى آخر حرف فيه، وعلى الترتيب المذكور أتبعت أول حرفٍ منه – إذا كان مركبًا – ما يليه، من ذلك الترتيب، وما كان ناقصًا (من حروف المعجم وما كان) مركبًا نبهتُ عليه بـ «غفل».
[رصف المباني: 2]
وبينت ذلك كله مجملًا ومفصلًا على ما به الجهد، وحمل على بسطه وتقصي موارده الجد، وأنهيت في ذلك لتكون للكتاب المزية على ما سواه، وإنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نواه، والله عز وجل أسترشد إلى ما يرشد، وأستعضد فيما أقصد، فما المفزع إلا إليه، وما التوكل إلا عليه، إليه أفزع وعليه أتوكل، هو حسبي ونعم المؤمل.
فأقول والله المستعان: إن الغرض من هذا الكتاب يتأتى في مقصودين:
الأول في الكلام في حروف المعاني على الجملة.
والثاني في الكلام فيها على التفصيل.
المقصود الأول
يتحصل الكلام فيه على ثلاثة فصول: فصلٍ في جملة الحروف التي تألفت في هذا الكتاب مفردة ومركبة، وفصل في تقسيم الحروف المذكورة إلى العامل وغيره، والعامل إلى أنواع عمله من رفع ونصب وخفض وجزم، مختصًا أو مشتركًا، وفصلٍ في تسمية الحروف المذكورة من جهة معانيها بالاتفاق والاختلاف حسبما اصطلح عليه النحويون.
المقصود الثاني
في ذكر الحروف المذكورة على التفصيل وشرح معانيها حرفًا حرفًا، ونوعًا نوعًا، وموضعًا موضعًا، على الإفراد والتركيب، على ما تقدم من الترتيب، على ما بلغ إليه العلم، وانتهى إليه الفهم، والله الموفق بمنه وطوله). [رصف المباني: 1-3]


رد مع اقتباس