عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 1 محرم 1435هـ/4-11-2013م, 10:37 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

أنواع مسائل الوقف والابتداء


قال محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ ابنُ الجَزَرِيِّ (ت:833هـ) : (وأما الوقوف والابتداء فلهما حالتان:
- الأولى: معرفة ما يوقف عليه وما يبتدأ به.
- والثانية: كيف يوقف وكيف يبتدأ، وهذه تتعلق بالقراءات، وسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى في باب الوقف على أواخر الكلم ومرسوم الخط.
والكلام هنا على معرفة ما يوقف عليه ويبتدأ به، وقد ألف الأئمة فيها كتباً قديماً وحديثاً ومختصراً ومطولاً أتيت على ما وقفت عليه من ذلك، واستقصيته في كتاب (الاهتدا إلى معرفة الوقف والابتدا) وذكرت في أوله مقدمتين جمعت بهما أنواعاً من الفوائد. ثم استوعبت أوقاف القرآن سورة سورة. وهاأنا أشير إلى زبد ما في الكتب المذكور فأقول:
لما لم يمكن للقارئ أن يقرأ السورة أو القصة في نفس واحد ولم يجر التنفس بين كلمتين حالة الوصل بل ذلك كالتنفس في أثناء الكلمة وجب حينئذٍ اختيار وقف للتنفس والاستراحة وتعين ارتضاء ابتداء بعد التنفس والاستراحة، وتحتم أن لا يكون ذلك مما يخل بالمعنى ولا يخل بالفهم إذ بذلك يظهر الإعجاز ويحصل القصد، ولذلك حض الأئمة على تعلمه ومعرفته ما قدمنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله: الترتيل معرفة الوقوف وتجويد الحروف، وروينا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على النبي صلى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها وحرامها وأمرها وزاجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها. ففي كلام علي رضي الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته وفي كلام ابن عمر برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم. وصح بل تواتر عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح كأبي جعفر يزيد بن القعقاع إمام أهل المدينة الذي هو من أعيان التابعين وصاحبه الإمام نافع بن أبي نعيم وأبي عمرو ابن العلاء يعقوب الحضرمي وعاصم بن أبي نجود وغيرهم من الأئمة. وكلامهم في ذلك معروف، ونصوصهم عليه مشهورة في الكتب، ومن ثم اشترط كثير من أئمة الخلف على المجيز أن لا يجيز أحداً إلا معرفته الوقف والابتداء. وكان أئمتنا يوقفوننا عند كل حرف ويشيرون إلينا فيه بالأصابع سنة أخذوها كذلك عن شيوخهم الأولين رحمة الله عليهم أجمعين وصح عندنا عن الشعبي وهو من أئمة التابعين علماً وفقهاً ومقتدى أنه قال: إذا قرأت (كل من عليها فان) فلا تسكت حتى تقرأ (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).[النشر في القراءات العشر:؟؟]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (النوع الثلاثون والحادي والثلاثون: الابتداء والوقف
هذان نوعان مهمان، ولأئمة القراء فيهما تصانيف، والكلام في ذلك في أمرين:
- ما يوقف عليه ويبتدأ به.
- وكيفية الوقف.
والحاجة إلى الأمر الأول أهم من الثاني كما لا يخفى، وعجبت للبلقيني كيف تركه وتكلم في الثاني.

الأول: الأفضل الوقف عند رأس كل آية للحديث السابق في النوع الرابع والعشرين، وممن اختاره: أبو عمرو بن العلاء والبيهقي في الشعب وخلائق.
ثم الكلام إما أن يكون تاماً بأن لا يكون له تعلق بما بعده البتة لا معنىً ولا لفظاً، فالوقف عليه يسمى بالتام، ويبتدأ بما بعده وأكثره في رؤوس الآي وانقضاء القصص.
وقد يكون قبل انقضاء الآية نحو: {وجعلوا أعزة أهلها أذلة..} الآية [النمل: 34]، فيه انقضاء حكاية كلام بلقيس ثم قال تعالى: {وكذلك يفعلون} الآية [النمل: 34]، كذا قال ابن الجزري وفيه بحث.
وقد يكون وسط الآية نحو: {لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني} الآية [الفرقان: 29]، وبعد الآية بكلمة نحو: {من دونها ستراً كذلك} الآية [الكهف: 90-91].
وقد يكون تاماً على تفسير وإعراب، غير تام على آخر كآية: {وما يعلم تأويله إلا الله} الآية [آل عمران: 7].
وإن كان له تعلق به من جهة المعنى فقط فالوقف عليه يسمى بالكافي ويبتدأ بما بعده أيضاً أو من جهة اللفظ فقط فهو الحسن يوقف عليه ولا يجوز الابتداء بما بعده إلا أن يكون رأس آية.
وقد يكون كافياً وحسناً على تأويل وغيرهما على آخر نحو: {يعلمون الناس السحر} الآية [البقرة: 102]، كافٍ إن جعلت (ما) بعده نافية، وحسنٌ إن جعلت موصولة.
وإن لم يتم الكلام فهو الوقف القبيح وإنما يجوز ضرورة بانقطاع النفس، كالوقف على المضاف والمبتدأ والموصول والنعت دون متمماتها وبعضه أقبح من بعض، والمراد بالقبح: من جهة الأداء لا الشرع فليس بحرام ولا مكروه إلا أن قُصد تحريف المعنى عن مواضعه وخلاف ما أراد الله تعالى فإنه يحرم.
ومن الوقف ما يتأكد استحبابه، وهو ما لو وصل طرفاه لأوهم غير المراد.
وبعضهم عبَّر عنه بالواجب ومراده ما تقدم نحو: {ولا يحزنك قولهم} الآية [يونس: 65]، ويبتدئ: {إن العزة لله جميعاً} الآية [يونس: 65]، لئلا يوهم أن ذلك مقول القول.
وقد تحرى قوم الوقف على حرف وآخرون على آخر ويمتنع الجمع بينهما، كالوقف على: "لا ريب"، وعلى: "فيه" فإنه لا يجوز على أحدهما إلا بشرط وصل الآخر، ويغتفر مخالفة ما تقدم في طول الفواصل والقصص ونحوها وحالة جمع القراءات.
أما الابتداء فلا يكون إلا اختيارياً فلا يجوز إلا بمستقل، ويكون أيضاً تاماً وكافياً وحسناً وقبيحاً بحسب التمام وعدمه وفساد المعنى وإحالته.
وقد يكون الوقف قبيحاً والابتداء جيداً نحو: {من بعثنا من مرقدنا هذا} الآية [يس: 52]، فالوقف على الإشارة قبيح؛ لأنه مبتدأ ولإيهامه الإشارة إلى مرقد، والابتداء به مع ما بعده كافٍ أو تام.
والقراء مختلفون في الوقف والابتداء: فنافع كان يراعي محاسنهما بحسب المعنى، وابن كثير وحمزة: حيث ينقطع النفس، واستثنى ابن كثير: {وما يعلم تأويله إلا الله} الآية [آل عمران: 7]، {وما يشعركم} الآية [الأنعام: 109]، {إنما يعلمه بشر} الآية [النحل: 103] فتعمد الوقف عندها، وأبو عمر ويتعمد رؤوس الآي، وعاصم والكسائي، حيث تم الكلام والباقون راعوا أحسن الحالتين وقفاً وابتداءً.
الثاني: قسمان:
الأول: الوقف على أواخر الكلم، فالمتحرك يوقف عليه بالسكون وهو الأصل، ووردت الرواية عن الكوفيين وأبي عمرو بالإشارة إلى الحركة، ولم يأت عن الباقين شيء، واستحسنه أكثر أهل الأداء في قراءتهم أيضاً –والإشارة إما: روم وهي النطق ببعض الحركة وقيل: تضعيف الصوت بها حتى يذهب معظمها.
قال ابن الجزري: والقولان بمعنى واحد، ويكون في الضم والكسر، وإما إشمام وهو الإشارة إليها بلا تصويت بأن تجعل شفتيك على صورتها إذا لفظت بها وإنما يكون في الضم سواء فيهما حركة البناء والإعراب إذا كانت لازمة، أما العارضة وميم الجمع عند من ضم وهاء التأنيث فلا روم في ذلك ولا إشمام.
وقيد ابن الجزري هاء التأنيث بما وقف عليها بالهاء بخلاف ما يوقف عليها بالتاء للرسم، ووقف على: (إذن) والمنون المنصوب بالألف.
ثانيهما: الوقف على الرسم.
قال الداني: وقف الجمهور عليه، ولم يُروَ عن ابن كثير وابن عامر فيه شيء، واختار الأئمة الوقوف عليه في مذهبهما موافقةً للجمهور.
وقد اختلف عنهم في مواضع منها: الهاء المرسومة تاءً فوقف عليها أبو عمرو والكسائي وابن كثير في رواية البزي بالهاء وكذا الكسائي في: (مرضات – واللات – وذات بهجة – ولات حين - وهيهات) وتابعه البزي على هيهات فقط، وكذا وقف ابن كثير وابن عامر على: (يا أبتِ) حيث وقع، ووقع الباقون على هذه المواضع بالتاء، ووقف الكسائي في رواية الدوري على الياء من: (ويكأن الله).
وروى عن أبي عمرو أنه وقف على الكاف والباقون على الكلمة بأسرها، ووقفوا على لام نحو: (مال هذا الرسول) وعن الكسائي رواية على (ما) وعلى (اللام)، وعن أبي عمرو على (ما) فقط، ووقف حمزة والكسائي على: (أياً) في: {أياً ما تدعو} الآية [الكهف: 110]، والباقون على (ما)، ووقف أبو عمرو والكسائي بالألف في {أيه المؤمنون} الآية [النور: 31]، {يا أيه الساحر} الآية [الزخرف: 49]، {أيه الثقلان} الآية [الرحمن: 31]، والباقون بلا ألف، والكسائي على: {وادي النمل} الآية [النمل: 18] خاصة بالياء، والباقون بدونها، وتفرد البزي بزيادة هاء السكت في الوقف على (ما) الاستفهامية مجرورة بحرف، وسكنها غيره، وللباب تتمات تعرف من كتب القراءات. والله تعالى أعلم). [التحبير في علم التفسير: 174-180]


رد مع اقتباس