عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 07:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 60 إلى 82]

{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آَتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا (64) فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)}

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإذ قال موسى لفتاه} [الكهف: 60] وهو يوشع بن نون، وهو اليسع.
{لا أبرح} [الكهف: 60] لا أزال.
وهو تفسير السّدّيّ، أمضي قدمًا.
{حتّى أبلغ مجمع البحرين} [الكهف: 60] بحر فارس والرّوم، حيث التقيا وهما محيطان بالخلق.
وقال قتادة: بحر فارس والرّوم، وبحر الرّوم نحو المشرق.
{أو أمضي حقبًا} [الكهف: 60] سبعين سنةً في تفسير مجاهدٍ.
وبعضهم يقول ثمانين.
وذلك أنّ موسى قام في بني إسرائيل مقامًا فقال: ما بقي اليوم أحدٌ أعطاه اللّه مثل ما أعطاكم: أنجاكم من قوم فرعون، وقطع بكم البحر، وأنزل عليكم التّوراة.
ورأى في نفسه حين فعل اللّه ذلك به وعلّمه أنّه لم يبق أحدٌ أعلم منه.
فأوحى اللّه إليه: إنّ لي عبدًا أعلم منك يقال له: «الخضر» فاطلبه.
فقال له موسى: ربّ كيف لي بلقائه؟ فأوحى اللّه إليه أن يجعل حوتًا في متاعه ويمضي على وجهه حتّى يبلغ مجمع البحرين، بحر فارس والرّوم، وجعل العلم على لقائه أن يفتقد الحوت، فإذا فقدت الحوت فاطلب صاحبك عند ذلك.
فانطلق هو وفتاه، وهو يوشع بن نون، وحملا معهما مكتلا فيه حوتٌ مملوحٌ.
قال: فسايرا البحر زمانًا ثمّ أويا يعني: انتهيا.
تفسير السّدّيّ، إلى الصّخرة
[تفسير القرآن العظيم: 1/195]
على ساحل البحر الّذي عند مجتمع البحرين عندها عين ماءٍ، فباتا بها وأكلا نصف الحوت وبقي نصفه، فانسرب الحوت في العين.
وقال بعضهم أدنى فتاه المكتل من العين فأصابه الماء، فعاش الحوت فدخل في البحر.
وارتحل موسى وفتاه فسايرا البحر حتّى أصبح). [تفسير القرآن العظيم: 1/198]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح...}

يريد: لا أزال حتى أبلغ، لم يرد: لا أبرح مكاني. وقوله: {فلن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي} غير معنى أزال، هذه إقامة. وقوله: {لن نبرح عليه عاكفين}: لن نزال عليه عاكفين.
ومثلها ما فتئت وما فتأت - لغة - ولا أفتأ أذكرك. وقوله: {تالله تفتأ تذكر يوسف} معناه: لا تزال تذكر يوسف. ولا يكون تزال وأفتأ وأبرح إذا كانت في معناهما إلاّ بجحد ظاهر أو مضمر. فأما الظاهر فقد تراه في القرآن {ولا يزالون مختلفين} {ولا يزال الذين كفروا} {فما زالت تلك دعواهم} وكذلك {لا أبرح} والمضمر فيه الجحد قول الله {تفتأ} ومعناه:
لا تفتأ. لا تزال تذكر يوسف: ومثله قول الشاعر:
فلا وأبي دهماء زالت عزيزةً = على قومها ما فتّل الزّند قادح
وكذلك قول امرئ القيس:
فقلت يمين الله أبرح قاعداً = ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
قوله: {أو أمضي حقباً} الحقب في لغة قيس: سنة. وجاء التفسير أنه ثمانون سنة.
وأمّ قوله: {مجمع البحرين} فبحر فارس والروم.
وإنما سمّى فتى موسى لأنه كان لازماً له يأخذ عنه العلم. وهو يوشع بن نون). [معاني القرآن: 2/154-153]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أو أمضى حقباً} أي زماناً وجميعه أحقاب، ويقال في معناه: مضت له حقبة والجميع حقب على تقدير كسرة والجميع كسر كثيرةٌ). [مجاز القرآن: 1/409]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتّى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقباً}
وقال: {لا أبرح} أي: لا أزال.
قال الشاعر:
وما برحوا حتّى تهادت نساؤهم = ببطحاء ذي قارٍ عياب اللّطائم
أي: ما زالوا). [معاني القرآن: 2/79]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لا أبرح}: لن أزال ومنه {لن نبرح عليه عاكفين}: لن نزال. يقال ما برحت أقول ذلك، أي مازلت.
{حقبا}: زمانا وهو واحد وجمعه أحقاب). [غريب القرآن وتفسيره: 232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {حقباً} أي زمانا ودهرا. ويقال الحقب: ثمانون سنة). [تفسير غريب القرآن: 269]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتّى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا}
وإن شئت قلت بالإمالة والكسر، وهي لغة تميم، وأهل الحجاز.
يفتحون ويفخّمون.
ويروى في التفسير أنّ فتاه " يوشع بن نون ".
{لا أبرح حتّى أبلغ مجمع البحرين}.
معنى (لا أبرح) لا أزال، ولو كان لا أزول كان محالا، لأنه إذا لم يزل من مكانه لم يقطع أرضا، ومعنى لا أبرح في معنى لا أزال - موجود في كلام العرب.
قال الشاعر:
وأبرح ما أدام الله قومي= على الأعداء منتطقا مجيدا

أي: لا أزال.
وإنما سمى فتاه لأنه كان يخدمه، والدليل على ذلك قول موسى:{آتنا غداءنا}.
وقوله: {حقبا} الحقب ثمانون سنة، وكان مجمع البحرين الموضع الذي وعد فيه موسى بلقاء الخضر عليه السلام.
وأحب الله عزّ وجلّ أن يعلم موسى - وإن كان قد أوتي التوراة أنه قد أوتي غيره من العلم أيضا ما ليس عنده، فوعد بلقاء الخضر). [معاني القرآن: 3/299-298]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح} قيل إنما قيل له فتاه لأنه كان يخدمه وهو يوشع ومعنى لا أبرح
أي لا أزال وليس معناه لا أزول). [معاني القرآن: 4/263]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {حتى أبلغ مجمع البحرين} روى معمر عن قتادة قال بحر الروم بحر فارس
وقال غيره هو الموضع الذي وعده الله أن يلقى فيه الخضر). [معاني القرآن: 4/264-263]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {أو أمضى حقبا} روى عمرو بن ميمون عن عبد الله بن عمرو قال الحقب ثمانون سنة وروى ابن نجيح
قال الحقب سبعون خريفا وروى معمر عن قتادة قال الحقب زمان قال أبو جعفر الذي يعرفه أهل اللغة أن الحقب
والحقبة زمان من الدهر مبهم غير محدود كما أن قوما ورهطا مبهم غير محدود والحقب بضمتين جمعه أحقاب ويجوز أن يكون أحقاب جمع حقب وحقب جمع حقبة ثم قال جل وعز: {فلما بلغا مجمع بينهما} قال مجاهد أي بين البحرين وقال أبي بن كعب رحمه الله أفريقيه). [معاني القرآن: 4/265-264]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لا أبرح} أي: لا أزال). [ياقوتة الصراط: 327]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الحقب) ثمانون سنة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 144]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لا أَبْرَحُ}: لا أزول.
{حُقُبـاً}: زمانـاً). [العمدة في غريب القرآن: 191]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {نسيا حوتهما...}
وإنما نسيه يوشع فأضافه إليهما، كما قال {يخرج منهما الّلؤلؤ والمرجان} وإنما يخرج من الملح دون العذب. وقوله: {فاتّخذ سبيله في البحر سرباً} كان مالحاً فلمّا حيي بالماء الذي أصابه من العين فوقع في البحر جمد طريقه في البحر فكان كالسرب.
وقوله: {فاتّخذ سبيله}.
يقول: اتخذ موسى سبيل الحوت {في البحر عجباً}.
ثم قال حين أخبره بقصّة الحوت). [معاني القرآن: 2/155-154]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {في البحر سرباً} أي مسلكا ومذهباً أي يسرب فيه، وفي آيةٍ أخرى {وساربٌ بالنّهار} ). [مجاز القرآن: 1/409]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {سربا}: مذهبا ومسلكا). [غريب القرآن وتفسيره: 232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فاتّخذ سبيله} أي فاتخذ الحوت طريقه في البحر.
{سرباً} أي مذهبا ومسلكا). [تفسير غريب القرآن: 269]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يجتمع شيئان ولأحدهما فعل فيجعل الفعل لهما:
كقوله سبحانه: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا}.
روي في التفسير: أن النّاسي كان يوشع بن نون ويدلّك قوله لموسى، صلّى الله عليه وسلم: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} .
وقوله: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ} والرسل من الإنس دون الجن.
وقوله: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} ثم قال: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}.
واللؤلؤ والمرجان إنما يخرجان من الماء الملح لا من العذب.
وكذلك قوله: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا}.
وقد غلط في هذا المعنى أبو ذؤيب الهذليّ ولا أدري أمن جهة هذه الآيات غلط
أم من غيرها؟ قال يذكر الدّرّة:
فجاء بها ما شئت من لطميّة = يدوم الفرات فوقها ويموج
والفرات لا يدوم فوقها وإنما يدوم الأجاج). [تأويل مشكل القرآن: 288-286]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {فلمّا بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتّخذ سبيله في البحر سربا}
يعنى به موسى ويوشع.
{نسيا حوتهما} وكانت فيما روي سمكة مملوحة، وكانت آية لموسى في الموضع الذي يلقى فيه الخضر.
{فاتّخذ سبيله في البحر سربا} أحيا اللّه السمكة حتى سربت في البحر، و (سربا) منصوب على جهتين.
على المفعول كقولك: اتخذت طريقي في السرب، واتخذت طريقي مكان كذا وكذا، فيكون مفعولا ثانيا كقولك اتخذت زيدا وكيلا.
ويجوز أن يكون " سربا " مصدرا يدل عليه (فاتخذ سبيله في البحر) فيكون المعنى نسيا حوتهما فجعل الحوت طريقه في البحر ثم بين كيف ذلك، فكأنه قال: سرب الحوت سربا،
ومعنى نسيا حوتهما، كان النسيان من يوشع أن تقدمه، وكان النسيان من موسى أن يأمره فيه بشيء). [معاني القرآن: 3/299]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا} قيل كان النسيان من موسى صلى الله عليه وسلم أن يتقدم إلى يوشع بشيء من أمر الحوت وكان النسيان من يوشع عليه السلام يخبره بسربه وقيل أن يقدمه،
ثم قال {فاتخذ سيله في البحر سربا} السرب في اللغة المذهب والمسلك). [معاني القرآن: 4/266-265]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({سربا} مذهبا ومسلكا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 144]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({سَرَبا}: هرباً مرهباً). [العمدة في غريب القرآن: 191]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آَتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وارتحل موسى وفتاه فسايرا البحر حتّى أصبح ثمّ: {قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبًا} شدّةً، يعني: نصب السّفر). [تفسير القرآن العظيم: 1/198]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) :
( {فلمّا جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً}

وقال: {آتنا غداءنا} إن شئت جعلته من "آتى الغداء" أو "أئية" كما تقول "ذهب" و"أذهبته" وإن شئت من "أعطى" وهذا كثير). [معاني القرآن: 2/79]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال فتاه:
{أرأيت إذ أوينا إلى الصّخرة فإنّي نسيت} [الكهف: 63] السّدّيّ: يعني لم أحفظ ذكره.
قال: {وما أنسانيه إلا الشّيطان أن أذكره} [الكهف: 63] لك، وفي بعض القراءة: أن أدركه.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّ موسى لمّا قطع البحر وأنجاه اللّه من آل فرعون جمع بني إسرائيل فخطبهم فقال: أنتم اليوم خير أهل الأرض وأعلمه، قد أهلك اللّه عدوّكم، وأقطعكم البحر، وأنزل عليكم التّوراة.
قال: فقيل له: إنّ هاهنا رجلا هو أعلم منك.
فانطلق هو وفتاه يوشع بن نون يطلبانه وتزوّدا مملوحة في مكتلٍ لهما، وقيل لهما: إذا نسيتما بعض ما معكما لقيتما رجلا عالمًا يقال له: «خضرٌ».
فلمّا أتيا ذلك المكان ردّ اللّه إلى الحوت روحه فسرب له من الجدّ حتّى أفضى إلى البحر، ثمّ سلك فجعل لا يسلك فيه طريقًا إلا صار الماء جامدًا.
ومضى موسى وفتاه، {فلمّا جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبًا {62} قال أرأيت إذ أوينا} [الكهف: 62-63] يعني: إذ انتهينا.
وهوتفسير السّدّيّ.
{إلى الصّخرة فإنّي نسيت الحوت} أن أذكره، وفي مصحف عبد اللّه: أن أدركه، فرجعا عودهما على بدئهما). [تفسير القرآن العظيم: 1/196-197]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {واتّخذ سبيله في البحر عجبًا}
موسى يعجب من أثر الحوت في البحر.
وهو تفسير مجاهدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/197]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({واتّخذ سبيله في البحر} سبيلا {عجباً}). [تفسير غريب القرآن: 269]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (النسيان: ضد الحفظ، كقوله: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} ، وقال: {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ} ). [تأويل مشكل القرآن: 500]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال أرأيت إذ أوينا إلى الصّخرة فإنّي نسيت الحوت وما أنسانيه إلّا الشّيطان أن أذكره واتّخذ سبيله في البحر عجبا}
والصخرة موضع الموعد).
{قال أرأيت إذ أوينا إلى الصّخرة فإنّي نسيت الحوت وما أنسانيه إلّا الشّيطان أن أذكره واتّخذ سبيله في البحر عجبا}
{فإنّي نسيت الحوت}.
وهذا قول يوشع لموسى، حين قال موسى {آتنا غداءنا}.
وكانت السمكة من عدّة غدائهما، فقال: {وما أنسانيه إلّا الشّيطان أن أذكره}.
كسر الهاء وضمها جائزان في (أنسانيه)، (أن أذكره) بدل من الهاء لاشتمال الذكر على الهاء في المعنى، والمعنى وما أنساني أن أذكره إلا الشيطان.
{واتّخذ سبيله في البحر عجبا}.
(عجبا) منصوب على وجهين، على قول يوشع: واتخذ الحوت سبيله في البحر عجبا، ويجوز أن يكون قال يوشع: اتخذ الحوت سبيله في البحر.
فأجابه موسى فقال: (عجبا)، كأنّه قال: أعجب عجبا). [معاني القرآن: 3/300]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا (64)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فارتدّا على آثارهما قصصًا} [الكهف: 64] فلقيا الخضر.
وذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّما سمّي الخضر لأنّه قعد على قرددٍ بيضاء فاهتزّت به خضراء»). [تفسير القرآن العظيم: 1/197]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال ذلك ما كنّا نبغ} [الكهف: 64] قال موسى: ذلك حيث أمرت أن أجد «خضرًا» حيث يفارقني الحوت.
قال يحيى: والخضر هو إلياس.
قوله: {فارتدّا على آثارهما} [الكهف: 64] اتّبع موسى وفتاه الحوت يشقّ البحر راجعًا.
هذا تفسير مجاهدٍ.
قال: {قصصًا} [الكهف: 64] عودهما على بدئهما راجعين حتّى أتيا الصّخرة فاتّبعا أثر الحوت في البحر.
وكان الحوت حيث مرّ جعل يضرب بذنبه يمينًا وشمالا في البحر، فجعل كلّ شيءٍ يضربه الحوت بذنبه ييبس فصار كهيئة طريقٍ في البحر.
فاتّبعا أثره حتّى خرجا إلى جزيرةٍ، فإذا هما بالخضر في روضةٍ يصلّي.
فأتياه من خلفه فسلّم عليه موسى، فأنكر الخضر التّسليم من ذلك الموضع، فرفع رأسه فإذا هو بموسى فعرفه، فقال: وعليك السّلام يا نبيّ بني إسرائيل.
فقال موسى:
[تفسير القرآن العظيم: 1/197]
وما يدريك أنّي رسول بني إسرائيل؟ قال: أدراني بك الّذي أدراك بي). [تفسير القرآن العظيم: 1/198]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ذلك ما كنّا نبغ...}
أي هذا الذي كنّا نبغي). [معاني القرآن: 2/155]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فارتدّا على آثارهما قصصاً} مجازه: نكصا على أدبارهما فرجعا قصصاً، رجعا يقصان الأّثر). [مجاز القرآن: 1/409]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {قصصا}: يقص الأثر أي يتبعه). [غريب القرآن وتفسيره: 232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قصصاً} أي يقتصّان الأثر الذي جاء فيه). [تفسير غريب القرآن: 269]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم قال: {ذلك ما كنّا نبغي}.
الأكثر في الوقف (نبغ) على اتباع المصحف.
وبعد " نبغ " آية ويجوز وهو أحسن في العربية {ذلك ما كنا نبغي} في الوقف. أما الوصل فالأحسن فيه نبغي بإثبات الياء، وهذا مذهب أبي عمرو، وهو أقوى في العربية.
ومعنى قول موسى (عليه السلام): {ذلك ما كنّا نبغ}، أي ما كنا نريد.
لأنه وعد بالخضر في ذلك المكان الذي تتسرب فيه السمكة.
{فارتدّا على آثارهما قصصا} أي رجعا في الطريق الذي سلكاه يقصان الأثر قصصا، والقصص اتباع الأثر). [معاني القرآن: 3/300]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال ذلك ما كنا نبغ} أي الذي كنا نبغي لأنه وعد أن يلقى الخضر في الموضع الذي ينسرب فيه).
[معاني القرآن: 4/266]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فارتدا على آثارهم قصصا} أي رجعا في الطريق الذي سلكاه يقصان الأثر قصصا والقصص اتباع الأثر). [معاني القرآن: 4/266]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قصصا} أي يقصان الأثر الذي جاء فيه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 145]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قَصَصاً}: اتباع الأثر). [العمدة في غريب القرآن: 191]

تفسير قوله تعالى: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلّمناه من لدنّا علما}
يعنى به الخضر، وقيل إنما سمي الخضر لأنه كان إذا صلى في مكان اخضّر ما حوله.
وفيما فعله موسى - وهو من جلّة الأنبياء، وقد أوتي التوراة، من طلبه العلم والرحلة في ذلك ما يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يترك طلب العلم.
وإن كان قد بلغ نهايته وأحاط بأكثر ما يدركه أهل زمانه، وأن يتواضع لمن هو أعلم منه). [معاني القرآن: 3/301]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فوجدوا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما} يعني به الخضر وقيل إنما سمى الخضر لأنه كان إذا صلى في مكان اخضر ما حوله وفيما فعله موسى وهو من جله الأنبياء وقد أوتى التوراة من طلبه العلم والرحلة في ذلك ما يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يترك طلب العلم وإن كان قد بلغ نهايته وأحاط بأكثر ما يدركه أهل زمانه وأن يتواضع لمن هو أعلم منه). [معاني القرآن: 4/267]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال له موسى هل أتّبعك على أن تعلّمن ممّا علّمت رشدًا} [الكهف: 66] ترشدني). [تفسير القرآن العظيم: 1/198]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {قال له موسى هل أتّبعك على أن تعلّمن ممّا علّمت رشدا }

ورشدا، والفعل والفعل نحو الرشد والرشد كثير في العربية نحو البخل والبخل، والعجم والعجم، والعرب والعرب). [معاني القرآن: 3/301]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال له موسى هل اتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا} هذا سؤال الملاطف والمخاطب المبالغ في حسن الأدب والمعنى هل يتفق لك ويخف عليك أن تأذن لي في مرافقتك لأقتبس من علمك ما يرشدني وهذا كما في الحديث هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ والرشد والرشد بمعنى واحد وهو كثير في اللغة العربية نحو البخل والبخل والعرب والعرب). [معاني القرآن: 4/268-267]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال إنّك لن تستطيع معي صبرا}
هدا قول الخضر لموسى، ثم أعلمه العلة في ترك الصبر فقال:
{وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا} ). [معاني القرآن: 3/301]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال إنك لن تستطيع معي صبرا} هذا قول الخضر لموسى ثم أعلمه العلة في ترك الصبر،
فقال وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا
أي وكيف تصبر على ما ظاهره خطأ ولم تخبر بوجه الحكمة فيه والأنبياء لا يقرون على منكر ولا يسعهم التقرير أي لا يسعك السكوت جريا على عادتك وحكمك).
[معاني القرآن: 4/268]

تفسير قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا}
أي وكيف تصبر على ما ظاهره منكر، والأنبياء والصالحون لا يصبرون على ما يرونه منكرا). [معاني القرآن: 3/301]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال ستجدني إن شاء اللّه صابرا ولا أعصي لك أمرا} هذا قول موسى للخضر). [معاني القرآن: 3/301]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال ستجدني إن شاء الله صابرا}
هذا قول موسى للخضر أي سأصبر بمشيئة الله ولا أعصي لك أمرا أي قد ألزمت نفسي طاعتك ولن أعصي أمرك إن شاء الله). [معاني القرآن: 4/268]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {حتّى أحدث لك منه ذكراً...}
يقول: حتّى أكون أنا الذي أسألك). [معاني القرآن: 2/155]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال فإن اتّبعتني فلا تسألني عن شيء حتّى أحدث لك منه ذكرا }
أي إن أنكرته فلا تعجل بالمسألة إلى أن أبيّن لك الوجه فيه، ونصب (خبرا) على المصدر لأن معنى لم تحط به لم تخبره خبرا، ومثله قول امرئ القيس:
وصرنا إلى الحسنى ورق حديثنا= ورضت فذلّت صعبة أيّ إذلال
لأن معنى رضت أذللت، وكذلك أحطت به في معنى خبرته). [معاني القرآن: 3/302-301]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا}
أي إن أنكرته فلا تعجل بالمسألة إلى أن أبين لك الوجه فيه وحتى أكون أنا الذي أفسره لك
شرط عليه قبل بدء الرحلة ألا يسأله ولا يستفسر عن شيء من تصرفاته حتى يكشف له عن سرها فقبل موسى شرطه رعاية لأدب المتعلم مع العالم). [معاني القرآن: 4/269-268]

تفسير قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال إنّك لن تستطيع معي صبرًا {67} وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرًا {68} قال ستجدني إن شاء اللّه صابرًا ولا أعصي لك أمرًا {69} قال فإن اتّبعتني فلا تسألني عن شيءٍ حتّى أحدث لك منه ذكرًا {70} فانطلقا حتّى إذا ركبا في السّفينة خرقها قال} [الكهف: 67-71] موسى.
{أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئًا} [الكهف: 71] أتيت شيئًا.
{إمرًا} [الكهف: 71] عظيمًا.
وقال مجاهدٌ: منكرًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/198]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ليغرق أهلها...}

قرأها يحيى بن وثّاب والحسن بالرفع والياء وقرأها سائر الناس {لتغرق أهلها} ). [معاني القرآن: 2/155]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {جئت شيئاً إمراً} أي داهيةً نكراً عظيماً، وفي آية أخرى: (شيئاً إدّاً) قال:
قد لقي الأقران مني نكراً= داهيةً دهياء إدّاً إمراً).
[مجاز القرآن: 1/409]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {إمرا}: شديدا عظيما). [غريب القرآن وتفسيره: 232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {شيئاً إمراً} أي عجبا). [تفسير غريب القرآن: 269]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فانطلقا حتّى إذا ركبا في السّفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا }أي خرقها الخضر.
{قال أخرقتها لتغرق أهلها}، وليغرق أهلها، وكان خرقها مما يلي الماء، لأن التفسير جاء بأنه خرقها بأن قلع لوحين مما يلي الماء،
فقال: {لقد جئت شيئا إمرا} ومعنى (إمرا) شيئا عظيما من المنكر). [معاني القرآن: 3/302]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها}
انطلق موسى والخضر يمشيان على ساحل البحر حتى مرت بهما سفينة فعرفوا الخضر فحملوهما بدون أجر فلما ركبا في السفينة عمد الخضر إلى فأس فقلع لوحا من ألواح السفينة بعد أن أصبحت في لجة البحر فذلك قوله تعالى: {حتى إذا ركبا في السفينة خرقها} أي خرقها الخضر). [معاني القرآن: 4/269]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا} أي قال له موسى منكرا عليه أخرقت السفينة لتغرق ركابها لقد فعلت شيئا عظيما هائلا ومعنى {إمرا} أي شيئا عظيما من المنكر
ويروي أن موسى لما رأى ذلك أخذ ثوبه فجعله مكان الخرق ثم قال للخضر قوم حملونا بغير أجر عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها لقد فعلت أمرا هائلا عظيما
قال {ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا} أي: قال له: الخضر ألم أخبرك من أول الأمر إنك لا تستطيع أن تصبر على ما ترى من صنيعي. ذكره بلطف في مخالفته للشرط). [معاني القرآن: 4/270-269]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {لقد جئت شيئا إمرا} أي: عجبا). [ياقوتة الصراط: 328]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {شيئا إمرا} أي عجبا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 145]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {شيئاً إِمْرا}: عظيما). [العمدة في غريب القرآن: 192]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال ألم أقل إنّك لن تستطيع معي صبرًا}
وكان موسى ينكر الظّلم).
[تفسير القرآن العظيم: 1/198]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {قال ألم أقل إنّك لن تستطيع معي صبرا }

فلما رأى موسى أن الخرق لم يدخل منة الماء، وأنّه لم يضر من في السفينة). [معاني القرآن: 3/302]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال له موسى:{لا تؤاخذني بما نسيت} يعني: ذهب منّي ذكره.
تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/198]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لا تؤاخذني بما نسيت...}

- ... حدثني يحيى بن المهلّب - وكان من أفاضل أهل الكوفة - عن رجل عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبيّ بن كعب الأنصاريّ قال: لم ينس ولكنها من معاريض الكلام.
وقوله: {ولا ترهقني} يقول: لا تعجلني). [معاني القرآن: 2/155]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا ترهقني} أي لا تغشني وقال زهيرٌ:
ومرهّق النّيران يحمد في ال= لأواء غير ملعّن القدر).
[مجاز القرآن: 1/410]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لا ترهقني}: لا تغشني). [غريب القرآن وتفسيره: 232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا ترهقني} أي لا تغشني {عسراً} ). [تفسير غريب القرآن: 270]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وروى المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قول الله سبحانه، حكاية عن موسى صلّى الله عليه وسلم:
{لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ} لم ينس ولكنها من معاريض الكلام.
أراد ابن عباس أنه لم يقل: إني نسيت فيكون كاذبا، ولكنه قال: {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ}، فأوهمه النسيان، ولم ينس ولم يكذب.
ولهذا قيل: إن في المعاريض عن الكذب لمندوحة). [تأويل مشكل القرآن: 267]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (النسيان: ضد الحفظ، كقوله: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ}، وقال: {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ} ) [تأويل مشكل القرآن: 500] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا }
ومعنى ترهقني تغشّيني، أي عاملني باليسر لا بالعسر). [معاني القرآن: 3/302]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا}
معنى {ترهقني}: تغشيني أي عاملني باليسر لا بالعسر
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كانت الأولى من موسى نسيانا وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة فقال له الخضر ما علمي وعلمك من علم الله تعالى إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر). [معاني القرآن: 4/270]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تُرْهِقْني}: تغشيني). [العمدة في غريب القرآن: 192]

تفسير قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ولا ترهقني من أمري عسرًا {73} فانطلقا حتّى إذا لقيا غلامًا فقتله}
- سفيان، عن أبي إسحاق الهمدانيّ، عن رجلٍ من بني تميمٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: طبع الغلام كافرًا.

قال يحيى: قوله: طبع كافرًا لعلّه لو بلغ كان يكون كافرًا، مثل قوله: {ولا يلدوا إلا فاجرًا كفّارًا} [نوح: 27] أي: من بلغ منهم ثمّ كفر وفجر.
{قال أقتلت نفسًا زكيّةً} [الكهف: 74] أي: لم تذنب.
وقال قتادة: الزّكيّة التّائبة.
{بغير نفسٍ لقد جئت شيئًا نكرًا} [الكهف: 74]
[تفسير القرآن العظيم: 1/198]
ابن مجاهدٍ، عن أبيه، قال: النّكر: المنكر). [تفسير القرآن العظيم: 1/199]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أقتلت نفساً (زكيّةً)...}

مرّ بغلام لم تجن جناية رآها موسى فقتله. وقوله (زكيّة) قرأها عاصم ويحيى بن وثاب والحسن (زكيّة) وقرأها أهل الحجاز وأبو الرحمن السّلمي (زاكية) بألف.
وهي مثل قوله: {وجعلنا قلوبهم قاسيةً} (وقسيّة) ). [معاني القرآن: 2/155]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {زكيّةٍ بغير نفسٍ} أي مطهّرة.
{شيئاً نكراً} أي داهية: أمراً عظيماً). [مجاز القرآن: 1/410]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {فانطلقا حتّى إذا لقيا غلاماً فقتله قال أقتلت نفساً زكيّةً بغير نفسٍ لّقد جئت شيئاً نّكراً}
وقال: {حتّى إذا لقيا غلاماً فقتله} قال: {فقتله} لأن اللّقاء كان علة للقتل). [معاني القرآن: 2/79]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و{شيئاً نكراً} أي منكرا). [تفسير غريب القرآن: 270]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فانطلقا حتّى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكيّة بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا}
معناه فقتله الخضر، {قال أقتلت نفسا زكيّة بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا}.
قالوا في زكية بريئة، أي لم ير ما يوجب قتلها، و (نكرا) أقل من قوله (إمرا)، لأن تغريق من في السفينة كان عنده أنكر من قتل نفس واحدة وقد قيل إنّ (نكرا) ههنا معناه لقد جئت شيئا أنكر من الأمر الأول.
و(نكرا) منصوب على ضربين: أحدهما معناه أتيت شيئا نكرا، ويجوز أن - يكون معناه: جئت بشيء نكر، فلما حذف الباء أفضى الفعل فنصب). [معاني القرآن: 3/303-302]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله}
أي فقبل عذره وانطلقا بعد نزولهما من السفينة يمشيان فمرا بغلمان يلعبون وفيهم غلام وضيء الوجه جميل الصورة فأمسكه الخضر واقتلع رأسه بيده ثم رماه في الأرض قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا أي قال له موسى أقتلت نفسا طاهرة بريئة لم تذنب قط ولم تقتل نفسا حتى تقتل به لقد فعلت شيئا منكرا عظيما لا يمكن السكوت عنه قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا أي قال له الخضر ألم أخبرك أنك لن تستطيع الصبر على ما ترى مني وقره في الأول ثم واجهة بكاف الخطاب بقوله لك لعدم العذر هنا
ومعنى زكية أي بريئة لم ير ما يوجب قتلها
وقال هنا نكرا أي منكرا فظيعا أنكر من الأمر الأول وهو أبلغ من قوله: {إمرا} في الآية السابقة وهو منصوب على ضربين
أحدهما معناه أتيت شيئا نكرا
والثاني معناه جئت بشيء نكر فلما حذف الباء أفضى إلى الفعل فنصبه). [معاني القرآن: 4/272-271]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (زكيه) و(زاَكِيَّةً) بمعنى واحد، بمعنى: مؤمنة). [ياقوتة الصراط: 328]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {نكرا} أي: منكرا). [ياقوتة الصراط: 328]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ):{نكرا} منكرا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 145]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75)}

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال ألم أقل لك إنّك لن تستطيع معي صبرًا {75} قال إن سألتك عن شيءٍ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدنّي} [الكهف: 75-76] من عندي.
{عذرًا} [الكهف: 76] قد أعذرت فيما بيني وبينك). [تفسير القرآن العظيم: 1/199]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فلا تصاحبني...}

و{فلا تصحبني} نفسك ولا تصحبني أنت كل ذلك صواب والله محمود). [معاني القرآن: 2/155]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( (لدن): بمعنى عند، قال تعالى: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} أي بلغت من عندي.
وقال: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} أي من عندنا.
وقد تحذف منها النون، كما تحذف من (لم يكن) قال الشاعر:

مِن لَدُ لَحْيَيْهِ إِلَى مَنْحُورِهِ
أي من عند لحييه.
وفيها لغة أخرى أيضا: لدى، قال الله تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} أي عند الباب). [تأويل مشكل القرآن: 563] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدنّي عذرا }
أي بعد هذه المسألة: {فلا تصاحبني}.
ويقرأ فلا تصحبني، وقراءة شاذة فلا تصحبني..
فمن قرأ فلا تصحبني فإن معناه فلا تكوننّ صاحبي، ومن قرأ فلا تصاحبني فمعناه إن طلبت صحبتك فلا تتابعني على ذلك.
ومن قرأ تصحبني، ففيها بأربعة أوجه، فأجودها فلا تتابعني على ذلك، يقال قد أصحب المهر إذا انقاد، فيكون معناه فلا تتابعني في شيء ألتمسه منك.
ويجوز أن يكون معناه: فلا تصحبني أحدا ولا أعرف لهذا معنى لأن موسى لم يكن سأل الخضر أن يصحبه أحدا.
وقوله: {قد بلغت من لدنّي عذرا}.
ويقرأ من لدني بتخفيف النّون، لأن أصل لّدن الإسكان، فإذا أضفتها إلى نفسك زدت نونا ليعلم سكون النون الأولى، تقول من لدن زيد، فتسكن النون ثم تضيف إلى نفسك،
فتقول من لدنى كما تقول عن زيد وعني. ومن قال من لدني لم يجز أن يقول عني ومني بحذف النون، لأن لدن اسم غير متمكن، ومن وعن حرفان جاءا لمعنى.
ولدن مع ذلك أثقل من " من " و " في ".
والدليل على أن الأسماء يجوز فيها حذف النون قولهم: قدني في معنى حسبي، ويقولون قد زيد فيدخلون النون لما ذكرناه إذا أضيفت.
ويجوز قدي بحذف النون لأن قد اسم غير متمكن.
قال الشاعر (فجاء باللغتين):
قدني من نصر الخبيبين قدي
فأمّا إسكانهم دال لدن فأسكنوها كما يقولون في عضد: عضد.
فيحذفون الصفة). [معاني القرآن: 3/304-303]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا}
أي إن أنكرت عليك بعد هذه المرة واعترضت على ما يصدر منك فلا تصحبني معك فقد أعذرت إلى ونبهتني على مخالفتي الشرط فأنت معذور عندي). [معاني القرآن: 4/272]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {عذرا} أي: أعذاراً). [ياقوتة الصراط: 328]

تفسير قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {فانطلقا حتّى إذا أتيا أهل قريةٍ استطعما أهلها فأبوا أن يضيّفوهما فوجدا فيها جدارًا يريد أن ينقضّ فأقامه} [الكهف: 77] دفعه بيده.
قال له موسى.
{لو شئت لاتّخذت عليه أجرًا} [الكهف: 77] أي: ما يكفينا اليوم). [تفسير القرآن العظيم: 1/199]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فأبوا أن يضيّفوهما...}

سألوهم القرى: الإضافة فلم يفعلوا. فلو قرئت) (أن يضيفوهما) كان صواباً. ويقال القرية أنطاكية [وقوله] {يريد أن ينقضّ} يقال: كيف يريد الجدار أن ينقضّ؟
وذلك من كلام العرب أن يقولوا: الجدار يريد أن يسقط. ومثله قول الله {ولمّا سكت عن موسى الغضب} والغضب لا يسكت (إنما يسكت صاحبه) وإنما معناه: سكن،
وقوله: {فإذا عزم الأمر} [و] إنما يعزم الأمر أهله وقد قال الشاعر:
إن دهرا يلفّ شملي بجملٍ = لزمان يهمّ بالإحسان

وقال الآخر:
شكا إلى جملي طول السّرى = صبراً جميلاً فكلانا مبتلى

والجمل لم يشك، إنما تكلّم به على أنه لو نطق لقال ذلك. وكذلك قول عنترة.
فازورّ من وقع القنا بلبانه = وشكا إليّ بعبرة وتحمحم

وقد ذكرت (ينقاض) للجدار والانقياض: الشقّ في طول الجدار وفي طيّ البئر وفي سنّ الرّجل يقال: انقاضت سنّه إذا انشقّت طولاً.
فقال موسى لو شئت [لم تقمه حتّى يقرونا فهو الأجر. وقرأ مجاهد] {لو شئت لتخذت عليه أجراً} وأنشدني القناني:
* تخذها سرّيّةً تقعّده *
وأصلها اتّخذ: افتعل). [معاني القرآن: 2/155-156]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ( {فأبوا أن يضيّفوهما} أي أن ينزلوهما منزل الأضياف، ويقال: ضفت أنا، وأضافني الذي أنزلني.
{يريد أن ينقضّ} وليس للحائط إرادة ولا للموات ولكنه إذا كان في هذه الحال من ربه فهو إرداته، وهذا قول العرب في غيره
قال الحارثيّ:
يريد الرمح صدر بني براءٍ= ويرغب عن دماء بني عقيل
ومجاز (أن ينقضّ) مجاز يقع، يقال: انقضت الدار إذا انهدمت وسقطت وقرأ قوم أن ينقاضّ ومجازه: أن ينقلع من أصله ويتصدع بمنزلة قولهم: قد انقاضت السن،
أي انصدعت وتقلعت من أصلها، يقال: فراق كقيض السّن أي لا يجتمع أهله، وقال:
فراقٌ كقيض السّنّ فالصّبر إنه= لكل أناسٍ عثرةٌ وجبور

(لو شئت لتخذت عليه أجراً) الخاء مكسورة، ومعناها معنى أخذت فكان مخرجها مخرج فعلت تفعل، قال الممزّق العبديّ:
وقد تخذت رجلي إلى جنب غررها= نسيفاً كأفحوص القطة المطّرق

النسيف موضع العقب الأثر الذي يكون في خلال الرجل؛ وأفحوص القطاة: الموضع الذي تبيض فيه. والمطرق التي تريد أن تبيض، يقال: قد طرّقت المرأة لولدها إذا استقام ليخرج). [مجاز القرآن: 1/410-412]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {لاتخذت عليه أجرا}: المعنى اتخذت). [غريب القرآن وتفسيره: 233]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {يريد أن ينقضّ} أي ينكسر ويسقط). [تفسير غريب القرآن: 270]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ولو قلنا للمنكر لقوله: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} كيف كنت أنت قائلا في جدارٍ رأيته على شفا انهيار: رأيت جدارا ماذا؟ لم يجد بدّا من أن يقول: جدارا يهمّ أن ينقضّ، أو يكاد أن ينقضّ، أو يقارب أن ينقضّ. وأيّا ما قال فقد جعله فاعلا، ولا أحسبه يصل إلى هذا المعنى في شيء من لغات العجم، إلا بمثل هذه الألفاظ.
وأنشدني السّجستاني عن أبي عبيدة في مثل قول الله: {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ}:
يُرِيدُ الرُّمْحُ صَدْرَ أَبي بَرَاءٍ = وَيَرْغَبُ عَن دِمَاءِ بَني عَقِيل).

[تأويل مشكل القرآن: 133]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها} أي مشيا حتى وصلا إلى قرية، فطلبا طعاما فلم يعطوهما واستضافاهم فلم يضيفوهما
قال ابن عباس هي انطاكية وقال ابن سيرين هي الأيلة). [معاني القرآن: 4/272]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه}
والمعنى وجدا في القرية حائطا مائلا يوشك أن يسقط ويقع فمسحه الخضر بيده فاستقام وقيل إنه هدمه ثم بناه
وروى أن موسى قال للخضر قوم استطعمناهم فلم يطعمونا وضفناهم فلم يضيفونا ثم قعدت تبني لهم الجدار لو شئت لاتخذت عليه أجرا
وقوله تعالى: {يريد أن ينقض} أي يوشك أن يسقط وهذا مجاز وتوسع وهو في كلام العرب وأشعارها كثير فمن ذلك قول عنترة:
وازور من وقع القنا بلبانه = وشكا إلى بعبرة وتحمحم
وقول الآخر:
يريد الرمح صدر أبي براء = ويرغب عن دماء بني عقيل).
[معاني القرآن: 4/273-272]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال هذا فراق بيني وبينك سأنبّئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرًا} يعني: عاقبته.
وتفسيره هذا تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/199]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {هذا فراق بيني وبينك...}

[ولو نصبت الثانية كان صوابا، يتوهم أنه كان (فراق ما بيني وبينك)] ). [معاني القرآن: 2/156]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال هذا فراق بيني وبينك سأنبّئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا}
زعم سيبويه أن معنى مثل هذا التوكيد، والمعنى هذا فراق بيننا أي هذا فراق اتصالنا، قال: ومثل هذا أمر الكلام: أخزى اللّه الكاذب مني ومنك، فذكر بيني وبينك ثانية توكيد، وهذا لا يكون إلا بالواو ولا يجوز: " هذا فراق بيني فبينك " لأن معنى الواو الاجتماع، ومعنى الفاء أن يأتي الثاني في إثر الأول). [معاني القرآن: 3/304]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال هذا فراق بيني وبينك} سيبويه يذهب إلى أن إعادة بين في مثل هذا على التوكيد أي فراق بيننا كما يقال أخزى الله الكاذب مني ومنك أي منا). [معاني القرآن: 4/274]

تفسير قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أمّا السّفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها} ابن مجاهدٍ، عن أبيه قال: أن أخرقها.
قال: {وكان وراءهم} أي: أمامهم.
{ملكٌ يأخذ كلّ سفينةٍ غصبًا} سعيدٌ، عن قتادة، قال: في بعض القراءة: وكان أمامهم ملكٌ يأخذ كلّ سفينةٍ صالحةٍ غصبًا.
قال قتادة: ولعمري لو عمّ السّفن ما انفلتت، ولكن كان يأخذ خيار السّفن). [تفسير القرآن العظيم: 1/199]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وكان وراءهم مّلكٌ...}

يقول: أمامهم ملك. وهو كقوله: {من ورائه جهنّم} أي أنها بين يديه. ولا يجوز أن تقول لرجل وراءك: هو بين يديك، ولا لرجل هو بين يديك: هو وراءك، إنما يجوز ذلك في المواقيت من الأيّام والليالي والدهر أن تقول: وراءك برد شديد: وبين يديك برد شديد؛ لأنك أنت وراءه فجاز لأنه شيء يأتي، فكأنه إذا لحقك صار من ورائك، وكأنك إذا بلغته صار بين يديك. فلذلك جاز الوجهان). [معاني القرآن: 2/157]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وكان وراءهم ملكٌ} أي بين أيديهم وأمامهم، قال:
أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي= وقومي تميمٌ والفلاة ورائيا
أي أمامي). [مجاز القرآن: 1/412]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وكان من وراءهم ملك}: بين أيديهم وأمامهم، كما تقول الموت من ورائك أي بين يديك). [غريب القرآن وتفسيره: 233]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وكان وراءهم ملكٌ} أمامهم). [تفسير غريب القرآن: 270]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(وراء) تكون بمعنى (خلف) وبمعنى (قدّام).
ومنها المواراة والتّواري. فكلّ ما غاب عن عينك فهو وراء، كان قدّامك أو خلفك.
قال الله عز وجل: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}، أي أمامهم.
وقال: {مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ}، أي أمامهم.
وقال: {وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ}). [تأويل مشكل القرآن: 189]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أمّا السّفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كلّ سفينة غصبا}
مساكين: لا ينصرف لأنه جمع لا يكون على مثال الواحد، وكذلك كل جمع نحو مساجد ومفاتيح وطوامير، لا ينصرف كما ذكرنا.
وقد بيّنّا ذلك فيما تقدم في باب ما لا ينصرف.
وقوله: {وكان وراءهم ملك يأخذ كلّ سفينة غصبا}.
كان يأخذ كل سفينة لا عيب فيها غصبا، فإن كانت عائبة لم يعرض لها. ووراءهم: خلفهم، هذا الأجود الوجهين.
ويجوز أن يكون: كان رجوعهم في طريقهم عليه ولم يكونوا يعلمون بخبره فأعلم اللّه الخضر خبره.
وقيل: {كان وراءهم} معناه كان قدّامهم.
وهذا جاء في العربية، لأنه ما بين يديك وما قدّامك إذا توارى عنك فقد صار وراءك.
قال الشاعر:
أليس ورائي إن تراخت منيّتي= لزوم العصا تثنى عليها الأصابع).
[معاني القرآن: 3/305-304]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر}
أهل اللغة جميعا لا نعلم بينهم اختلافا يقولون المسكين الذي لا شيء له والفقير الذي له الشيء اليسير وأكثر الفقهاء على ضد هذا فيهما ويحتجون بهذه الآية قال أبو جعفر قيل وليس قوله: {كانت لمساكين يعملون في البحر} يدل على أنهم كانوا يملكونها ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من باع عبدا له مال فماله للبائع))
فليس قوله له مال مما يوجب أنه يملكه وهذا كثير جدا منه قول الله جل وعز: {وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت}
ومنه قولهم باب الدار وجل الدابة والأشياء تضاف إلى الأشياء ولا يوجب ذلك ملكا فأضيفت إليهم لأنهم كانوا يعملون فيها كما أضيف المال إلى العبد لأنه معه
والاشتقاق يوجب ما قال أهل اللغة لأن مسكينا مأخوذ من السكون وهو عدم الحركة فكأنه بمنزلة الميت
والفقير كأنه الذي كسر فقاره فقد بقيت له بقية ويدل على هذا أيضا حديث النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا أحمد بن منصور الحاسب قال حدثنا علي بن الجعد قال أنبأنا حماد ابن سلمة عن محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة يقول سمعت أبا القاسم عليه السلام يقول إن المسكين ليس بالطواف الذي ترده التمرة والتمرتان والأكلة والأكلتان ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ويسأل الناس إلحافا) [معاني القرآن: 4/276-274]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا} روى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس أنه قرأ وكان أمامهم ملك قال أبو جعفر في وراء ههنا قولان: أحدهما أنه بمعنى أمام والآخر أنه بمعنى خلف على بابه كأنه قال على طريقهم إذا رجعوا
والقول الأول أحسن لقراءة ابن عباس رحمه الله به وأن اللغة تجيزه لأن ما توارى عنك فهو وراء فهذا يقع لما كان أماما ثم قال يأخذ كل سفينة غصبا،
وقرأ عثمان رحمه الله كل سفينة صالحة غصبا). [معاني القرآن: 4/277-276]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وراءهم ملك} أي أمامهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 145]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَراءَهم}: قدامهم). [العمدة في غريب القرآن: 192]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وأمّا الغلام فكان أبواه مؤمنين}
- سعيدٌ، عن قتادة، قال: في بعض القراءة: وكان أبواه مؤمنين وكان كافرًا.

قال قتادة: ولعمري ما قتله إلا على علمٍ كان عنده.
قوله: {فخشينا أن يرهقهما طغيانًا وكفرًا}
- سعيدٌ، عن قتادة، قال: هي في مصحف عبد اللّه: (فخاف ربّك أن يرهقهما
طغيانًا وكفرًا).
قال يحيى: تفسير فخاف ربّك: فكره ربّك، مثل قوله: {ولكن كره اللّه انبعاثهم} ). [تفسير القرآن العظيم: 1/199-200]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {فخشينا...}:
فعلمنا.
وهي في قراءة أبيّ (فخاف ربّك أن يرهقهما) على معنى: علم ربّك. وهو مثل قوله: {إلاّ أن يخافا} قال: إلا أن يعلما ويظنّا. والخوف والظنّ يذهب بهما مذهب العلم). [معاني القرآن: 2/157]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أن يرهقهما} أي يغشيهما). [مجاز القرآن: 1/412]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ( {وأمّا الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً}
وأما {فخشينا} فمعناه: كرهنا، لأنّ الله لا يخشى. وهو في بعض القراءات {فخاف ربّك} وهو مثل "خفت الرّجلين أن يقولا" وهو لا يخاف من ذلك أكثر من أنه يكرهه لهما). [معاني القرآن: 2/80-79]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(خشيت) بمعنى: (علمت). قال عز وجل: {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا}، أي علمنا.
وفي قراءة أبيّ: فخاف ربك.
ومثله: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}. وقوله: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا}، أي علم.
وقوله: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ}، لأنّ في الخشية والمخافة طرفا من العلم). [تأويل مشكل القرآن: 190-191]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأمّا الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا}
{يرهقهما} يحملهما على الرهق وهو الجهل.
وقوله {فخشينا} من كلام الخضر، وقال قوم لا يجوز أن يكون فخشينا عن اللّه، وقالوا دليلنا على أن فخشينا من كلام الخضر قوله {فأردنا أن يبدلهما ربّهما خيرا}
وهذا جائز أن يكون عن اللّه عزّ وجلّ: (فخشينا) لأن الخشية من اللّه عزّ وجلّ معناه الكراهة، ومعناها من الآدميين الخوف). [معاني القرآن: 3/305]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين}
روى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قرأ وكان أبواه مؤمنين وكان كافرا
وروى أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال طبع على الكفر فألقى على أبويه محبته). [معاني القرآن: 4/278-277]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا} فخشينا أن يرهقهما {فأردنا أن يبدلهما}
قال أبو حاتم هذا من كلام صاحب موسى يعني الخضر وقال غيره هو من قول الله جل وعز فإن قال قائل كيف يجوز أن يكون فخشينا إخبارا عن الله
فالجواب عنه أن الفراء قال: {فخشينا} بمعنى فعلمنا كما يقال ظننا بمعنى علمنا
وقال البصريون: يقال خشيت الشيء بمعنى كرهته وبمعنى فزعت منه كما يقال للرجل أخشى أن يكون كذا وكذا أي أكره
وقال الأخفش: وفي قراءة أبي فخاف ربك أن يرهقهما طغيانا وكفرا
وقال غيره وكذلك هو في مصحف عبد الله والكلام في خفت وخشيت واحد حكى الأخفش خفت أن تقولا بمعنى كرهت أن تقولا
ومعنى {أن يرهقهما} أن يلحقهما أي أن يحملهما على الرهق وهو الجهل
وقال أبو زيد: أرهقته كلفته.). [معاني القرآن: 4/280-278]

تفسير قوله تعالى: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فأردنا أن يبدلهما ربّهما خيرًا منه زكاةً} [الكهف: 81] في التّقوى.
{وأقرب رحمًا} يعني: برًّا في قول الحسن.
وقال قتادة: وأقرب خيرًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/200]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {خيراً مّنه زكاةً...}

صلاحاً {وأقرب رحماً} يقول: أقرب أن يرحما به. وهو مصدر رحمت). [معاني القرآن: 2/157]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ( {وأقرب رحماً} معناها معنى رحماً مثل عمر وعمر وهلك وهلك، قال الشاعر:
فلا ومنزّل الفرقا= ن مالك عندها ظلم
وكيف بظلم جاريةٍ= ومنها اللّين والرّحم

قال العجّاج:
ولم تعوّج رحم من تعوّجا). [مجاز القرآن: 1/413-412]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({رحما}: عطفا). [غريب القرآن وتفسيره: 233]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {وأقرب رحماً} أي رحمة وعطفا.
{فأتبع سبباً} أي طريقا). [تفسير غريب القرآن: 270]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فأردنا أن يبدلهما ربّهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما}
{فأردنا} بمعنى أراد اللّه - جلّ وعزّ - لأن لفظ الإخبار عن اللّه كذا أكثر من أن يحصى.
ومعنى: {وأقرب رحما} أي أقرب عطفا وأمسّ بالقرابة، والرّحم والرّحم في اللغة العطف والرحمة
قال الشاعر:
وكيف بظلم جارية= ومنها اللين والرّحم
وقوله: {فانطلقا حتّى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيّفوهما}
وتقرأ أن يضيفوهما. يقال: ضفت الرجل نزلت عليه، وأضفته وضيّفته، إذا أنزلته وقربته
وقوله {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقضّ فأقامه}.
أي فأقامه الخضر، ومعنى جدارا يريد - والإرادة إنما تكون في الحيوان المبين، والجدار لا يريد إرادة حقيقية، إلّا أن هيئته في التهيؤ للسقوط قد ظهرت كما تظهر أفعال المريدين القاصدين، فوصف بالإرادة إذ الصورتان واحدة، وهذا كثير في الشعر واللغة.
قال الراعي يصف الإبل:
في مهمة قلقت به هاماتها = قلق الفؤوس إذا أردن نضولا
وقال الآخر:
يريد الرمح صدر أبي براء= ويعدل عن دماء بني عقيل
ويقرأ: أن ينقضّ، وأن ينقاضّ، فينقض يسقط بسرعة. وينقاضّ: ينشق طولا.
يقال: "انقاضّ سنّه" إذا انشقت طولا
وقوله: {قال لو شئت لاتّخذت عليه أجرا}.
ويروى: لتخذت، وذلك أنهما لما نزلا القرية لم يضيفهما أهلها، ولا أنزلوهما فقال موسى لو شئت لأخذت أجرة إقامتك هذا الحائط، ويقرأ لتخذت عليه أجرا،
يقال تخذ يتخذ في اتّخذ يتخذ، وأصل تخذ من أخذت وأصل اتخذت ائتخذت). [معاني القرآن: 3/307-305]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما} قال ابن جريج زكاة أي إسلاما
وقال الفراء إصلاحا قال ابن جريج وحدثني عبد الله بن عثمان بن خشم عن سعيد بن جبير قال أبدلا منه جارية قال ابن جريج وهما بها أرحم
قال ابن عباس: أبدلا منه جارية فولدت نبيا.
وحكى الفراء رحمته رحمة ورحمة. وحكى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء رحمة الله رحما.
ويجوز على مذهب الخليل رحما بالفتح). [معاني القرآن: 4/281-280]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رحما} رحمة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 145]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رُحْماً}: عطفاً). [العمدة في غريب القرآن: 192]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وأمّا الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنزٌ لهما} [الكهف: 82] سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: علمٌ.
سفيان، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: علمٌ.
سفيان، عن أبي حصينٍ، عن عكرمة، قال: مالٌ.
وهو قول الحسن.
سعيدٌ، عن قتادة قال: مالٌ.
فلا يقولنّ رجلٌ: ما شأن الكنز أحلّ لمن قبلنا وحرّم علينا، فإنّ اللّه يحلّ من أمره ما شاء لأمّةٍ ويحرّم ما يشاء على أمّةٍ.
قال: {وكان أبوهما صالحًا} [الكهف: 82] يعني: كان ذا أمانةٍ في تفسير السّدّيّ.
قال: {فأراد ربّك أن يبلغا أشدّهما ويستخرجا كنزهما رحمةً من ربّك} [الكهف: 82] لهما.
{وما فعلته} أي ما فعلت ما فعلت.
{عن أمري} إنّما فعلته عن أمر اللّه.
{ذلك تأويل} تبيانٌ.
{ما لم تسطع عليه صبرًا}
[تفسير القرآن العظيم: 1/200]
بلغني أنّهما لم يفترقا حتّى بعث اللّه طيرًا فطار إلى المشرق، ثمّ طار إلى المغرب، ثمّ طار نحو السّماء، ثمّ هبط إلى البحر فتناول من ماء البحر بمنقاره وهما ينظران.
فقال الخضر لموسى: أتعلم ما يقول هذا الطّير؟ يقول: وربّ المشرق، وربّ المغرب، وربّ السّماء السّابعة، وربّ الأرض السّابعة ما علمك يا خضر وعلم موسى في علم اللّه إلا قدر هذا الماء الّذي تناولته من البحر في البحر). [تفسير القرآن العظيم: 1/201]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {كنزٌ لّهما...}

يقال: علم.
وقوله: {رحمةً مّن رّبّك} نصب: فعل ذلك رحمة منه. وكلّ فعل رأيته مفسّراً للخبر الذي قبله فهو منصوب. وتعرفه بأن ترى هو وهي تصلحان قبل المصدر. فإذا ألقيتا اتّصل المصدر بالكلام الذي قبله فنصب، كقوله: {فضلاً من ربّك} وكقوله: {إنّك لمن المرسلين على صراطٍ مستقيم تنزيل العزيز الرّحيم} معناه: إنك من المرسلين وهو تنزيل العزيز {وهذا تنزيل العزيز الرحيم} وكذلك قوله: {فيها يفرق كلّ أمرٍ حكيمٍ أمراً من عندنا} معناه: الفرق فيها أمر من عندنا. فإذا ألقيت ما يرفع المصدر اتّصل بما قبله فنصب). [معاني القرآن: 2/157]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأمّا الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربّك أن يبلغا أشدّهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربّك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا }
{وكان تحته كنز لهما}.
قيل كان الكنز علما، وقيل كان الكنز مالا، والمعروف في اللغة أن الكنز إذا أفرد فمعناه المال المدفون والمدّخر فإذا لم يكن المال قيل: عنده علم وله كنز فهم، والكنز ههنا بالمال أشبه، لأن العلم لا يكاد يتعدم إلا بمعلّم، والمال لا يحتاج أن ينتفع فيه بغيره، وجائز أن يكون الكنز كان مالا مكتوبا فيه علم، لأنه قد روي أنه كان لوحا من ذهب عليه مكتوب:
" لا إله إلا الله محمد رسول الله "، فهذا مال وعلم عظيم، هو توحيد اللّه عزّ وجلّ وإعلام أن محمدا مبعوث.
وقوله {رحمة من ربّك}.
{رحمة} منصوب على وجهين:
أحدهما: قوله {فأراد ربك} وأردنا ما ذكرنا رحمة أي للرحمة، أي فعلنا ذلك رحمة كما تقول: أنقذتك من الهلكة رحمة بك.
ويجوز أن يكون (رحمة) منصوبا على المصدر.
لأن معنى {فأراد ربّك أن يبلغا أشدّهما ويستخرجا كنزهما}: رحمهما الله بذلك.
وجميع ما ذكر من قوله: {فأردت أن أعيبها}.
ومن قوله {فأردنا أن يبدلهما ربّهما}، معناه رحمهما اللّه رحمة.
وقوله: {وما فعلته عن أمري}.
يدل على أنه فعله بوحي الله عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 3/307]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما} قال سعيد بن جبير ومجاهد علم
وقال قتادة وعكرمة مال
وهذا القول أولى من جهة اللغة لأنه إذا قيل عند فلان كنز فإنما يراد به المال المدفون والمدخر فإن أراد غير ذلك بين فقال عنده كنز علم وكنز فهم ويحتمل أن يكون كما روى أنه لوح من ذهب مكتوب فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله فهذا يجمع المال والعلم). [معاني القرآن: 4/281]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا} يدل على أن ذلك كان بوحي). [معاني القرآن: 4/282]


رد مع اقتباس