عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 06:54 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 17 إلى 26]

{وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20) وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21) سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22) وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)}

تفسير قوله تعالى: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وترى الشّمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم} تعدل عن كهفهم.
وقال قتادة: تميل.
{ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشّمال} وقال قتادة: تدعهم ذات اليمين.
{وإذا غربت تقرضهم ذات الشّمال}، يقول:تدعهم ذات اليمين.
وقال الحسن: لا تدخل الشّمس كهفهم على حالٍ.
{وهم في فجوةٍ منه} سعيدٌ، عن قتادة، قال: أي في قضاءٍ من الكهف.وتلك آيةٌ.
قال: {ذلك من آيات اللّه من يهد اللّه فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا}).
[تفسير القرآن العظيم: 1/174-175]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {تّزاور...}

وقرئت {تزّاور} وتريد (تتزاور) فتدغم التاء عند الزاي. وقرأ بعضهم (تزورّ) وبعضهم (تزوارّ) مثل تحمرّ وتحمارّ. والازورار في هذا الموضع أنها كانت تطلع على كهفهم ذات اليمين ولا تدخل عليهم، وذات الشمال. والعرب تقول: قرضته ذات اليمين وحذوته وكذلك ذات الشمال وقبلا ودبرا، كلّ ذلك أي كنت بحذائه من كلّ ناحية). [معاني القرآن: 2/137-136]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({تزاور عن كهفهم} أي تميل وتعدل وهو من الزور يعني العوج والميل، قال ابن مقبل:

فينا كراكر أجوازٍ مضبّرةٍ.......فيها دروٌّ إذا شئنا من الزّور
وقال أبو الزحف الكليبي:
ودون ليــــلــــى بــــلـــــدٌ ســـمـــــــهـــــــــــدر.......جدب المندّى عن هوانا أزور
بنضـــى المــطايــــا خمـــســـة العشنزر....... . . . . . . . . . . . . .
العشنزر: الشديد؛ المندّى حيث يرتع ساعة من النهار). [مجاز القرآن: 1/395]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({تقرضهم ذات الشّمال} أي تخلّفهم شمالاً وتجاورهم وتقطعهم وتتركهم عن شمالها، ويقال: هل مررت بمكان كذا وكذا،
فيقول المسئول: قرضته ذات اليمين ليلا،
وقال ذو الرّمّة:
إلى ظعنٍ يقرضن أجواز مشرفٍ.......شمالاًوعن أيمانهن الفوارس
(وهم في فجوةٍ منه ذلك من آيات الله) أي متّسع، والجميع فجوات، وفجاء مكسورة الفاء). [مجاز القرآن: 1/396]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وترى الشّمس إذا طلعت تّزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تّقرضهم ذات الشّمال وهم في فجوةٍ مّنه ذلك من آيات اللّه من يهد اللّه فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليّاً مّرشداً}
وقال: {تّقرضهم ذات الشّمال} فـ{ذات الشّمال} نصب على الظرف). [معاني القرآن: 2/75]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تزاور}: أي تميل.
{تقرضهم}: تأخذ عن اليمين وعن الشمال، يقال: هل وردت مكان كذا وكذا فيقول: قرضته ذات الشمال.
{وهم في فجوة منه}: أي متسع والجمع فجوات وفجاء ممدود). [غريب القرآن وتفسيره: 226-225]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تتزاور}: تميل.
{تقرضهم ذات الشّمال} تعدل عنهم وتجاوزهم. قال ذو الرّمّة:
إلى ظعن يقرضن أجواز مشرف شمالا وعن أيمانهن الفوارس
{وهم في فجوةٍ} أي متسع وجمعها فجوات وفجاء. ويقال: في مقنأة والتفسير الأول أشبه بكلام العرب.
و{بالوصيد}: الفناء. ويقال: عتبة الباب. وهذا أعجب إليّ، لأنهم يقولون: أوصد بابك. أي أغلقه. ومنه {إنّها عليهم مؤصدةٌ} أي مطبقة مغلقة.
وأصله أن تلصق الباب بالعتبة إذا أغلقته. ومما يوضح هذا: أنك إن جعلت الكلب بالفناء كان خارجا من الكهف.
وإن جعلته بعتبة الباب أمكن أن يكون داخل الكهف. والكهف وإن لم يكن له باب وعتبة - فإنما أراد أن الكلب منه بموضع العتبة من البيت.
فأستعير على ما أعلمتك من مذاهب العرب في كتاب «المشكل».
وقد يكون الوصيد الباب نفسه. فهو على هذا كأنه قال: وكلبهم باسط ذراعيه بالباب. قال الشاعر:
بأرض فضاء لا يسد وصيدها عليّ ومعروفي بها غير منكر). [تفسير غريب القرآن: 264-265]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (وقد قال قوم بقُصورِ العلم وسوء النظر في قوله تعالى: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ} : وما في هذا الكلام من الفائدة؟.
وما في الشمس إذا مالت بالغداة والعشيّ عن الكهف من الخبر؟
ونحن نقول: وأيّ شيء أولى بأن يكون فائدة من هذا الخبر؟ وأيّ معنى ألطف مما أودع الله هذا الكلام؟.
وإنما أراد عز وجل: أن يعرّفنا لطفه للفتية، وحفظه إياهم في المهجع، واختياره لهم أصلح المواضع للرّقود، فأعلمنا أنه بَوَّأَهم كهفا في مِقْنَأَةِ الجبل، مستقبلا بناتِ نَعْشٍ، فالشمس تَزْوَرُّ عنه وتستدبرُه طالعةً، وجارِيَةً، وغارِبَةً. ولا تدخلُ عليهم فتؤذيهم بحرّها وتلفحهم بسمومها، وتغيّر ألوانهم، وتبلي ثيابهم. وأنهم كانوا في فجوة من الكهف- أي متَّسَعٍ منه- ينالهم فيه نسيمُ الريح وبردُها، وينفي عنهم غُمَّةَ الغارِ وكَرْبَه). [تأويل مشكل القرآن: 9]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وترى الشّمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشّمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات اللّه من يهد اللّه فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا}
في (تزاور) ثلاثة أوجه: تزاور، وتزورّ - بغير ألف، على مثال تحمرّ.
وتزوارّ على مثال تحمارّ، ووجه رابع تزاور. والأصل فيه تتزاور فأدغمت التاء في الزاي.
{وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال}.
{تقرضهم} بكسر الراء، وتقرضهم - بضم الراء -.
والكسر القراءة عليه، وتأويله تعدل عنهم وتتركهم.
قال ذو الرؤبة:
إلى ظعن يقرضن أقواز مشرف.......شمالا وعن أيمانهنّ الفوارس
يقرضن يتركن، وأصل القرض القطع والتفرقة بين الأشياء، ومن هذا قولك: اقرضني درهما، تأويله اقطع لي من مالك درهما.
وقوله: {وهم في فجوة منه} أي في متسع منه
{ذلك من آيات اللّه} قيل إنّ باب الكهف كان بإزاء بنات نعش، فلذلك لم تكن الشمس تطلع عليهم وهذا التفسير ليس ببيّن،
إنما جعل اللّه فيهم هذه الآية لأن الشمس لا تقربهم في مطلعها ولا عند غروبها.
وقوله: {ذلك من آيات اللّه من يهد الله فهو المهتد}
أكثر اللغة فهو المهتدي بإثبات الياء، وفي المصحف في هذا.
الموضع بغير ياء وهذا في هذا الموضع كالذي في الأعراف، فهذا هو الوجه، وهو في الأعراف بالياء وفي الكهف بغير ياء. -
وحذف الياء جائز في الأسماء خاصة ولا يجوز في الأفعال، لأن حذف الياء في الفعل دليل الجزم.
وحذف الياء في الأسماء واقع إذا لم يكن مع الاسم، الألف واللام، نحو مهتد ومقتد، فأدخلت الألف واللام وترك الحذف على ما كان عليه. ودلت الكسرة على الياء المحذوفة). [معاني القرآن: 3/274-273]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({في فجوة منه} أي: في سعة منه). [ياقوتة الصراط: 318]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تزاور} تميل.
{تقرضهم} أي تعدل عنهم وتجاوزهم.
{فجوة} أي متسع. وقيل: في مقنأة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 142]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَزاوَرُ}: تميل.
{تَقْرِضُهم}: تأخذ يمينا وشمالا.
{فَجْوَةٍ}: متسع). [العمدة في غريب القرآن: 187]

تفسير قوله تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وتحسبهم أيقاظًا وهم رقودٌ} مفتّحةٌ أعينهم وهم موتى.
{ونقلّبهم ذات اليمين وذات الشّمال} قال قتادة: ذاك في رقدتهم الأولى قبل أن يموتوا.
قال قتادة: وقال أبو عياضٍ: لهم في كلّ عامٍ تقليبتان.
{وكلبهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد} قال قتادة: بفناء الكهف.
{لو اطّلعت عليهم لولّيت منهم فرارًا ولملئت منهم رعبًا} لحالهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/175]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ذراعيه بالوصيد...}

الوصيد: الفناء. والوصيد والأصيد لغتان مثل الإكاف والوكاف، ومثل أرّخت الكتاب وورّخته، ووكّدت الأمر وأكّدته، ووضعته يتنا وأتنا ووتنا يعني الولد. فأمّا قول العرب: واخيت ووامرت وواتيت وواسيت فإنها بنيت على المواخاة والمواساة والمواتاة والموامرة، وأصلها الهمز؛ كما قيل: هو سول منك، وأصله الهمز فبدّل واوا وبنى على السؤال.
وقوله: {في فجوةٍ مّنه} أي ناحية متّسعة.
وقوله: {ولملئت} بالتخفيف قرأه عاصم والأعمش وقرأ أهل المدينة {ولملئت منهم} مشدّداً.وهذا خوطب به محمّد صلّى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 2/137]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وتحسبهم أيقاظاً} واحدهم: يقظٌ، ورجال أيقاظ، وكذلك جميع يقظان أيقاظ، يذهبون به إلى جميع يقظٍ،
وقال رؤبة:
ووجدوا إخوانهم أيقاظاً.......وسيف غيّاظٍ لهم غياظا
{ونقلّبهم ذات اليمين وذات الشّمال} أي على أيمانهم وعلى شمائلهم.
{باسطٌ ذراعيه بالوصيد} على الباب وبفناء الباب جميعاً لأن الباب يوصد، أي يغلق، والجميع وصائد ووصد). [مجاز القرآن: 1/397-396]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وتحسبهم أيقاظاً وهم رقودٌ ونقلّبهم ذات اليمين وذات الشّمال وكلبهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد لو اطّلعت عليهم لولّيت منهم فراراً ولملئت منهم رعباً}
وقال: {أيقاظاً} واحدهم "اليقظ"، وأما "اليقظان" فجماعه "اليقاظ"). [معاني القرآن: 2/75]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {والوصيد}: الفناء وقالوا الحظيرة وقالوا عتبة الباب والجميع وصائد ووصد). [غريب القرآن وتفسيره: 226]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلّبهم ذات اليمين وذات الشّمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطّلعت عليهم لولّيت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا }
الأيقاظ: المنتبهون، والرقود النيام، وواحد الأيقاظ يقظ ويقظان والجمع أيقاظ.
قال الراجز:
ووجدوا إخوتهم أيقاظا
وقيل في التّفسير إنهم كانوا مفتحي الأعين، الّذي يراهم يتوهمهم منتبهين وقيل لكثرة تقلبهم يظن أنهم غير نيام، ويدل عليه (ونقلّبهم ذات اليمين وذات الشمال)
ويجوز وتحسبهم، وتحسبهم.
{وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد} والوصيد فناء البيت، وفناء الدار.
وقوله: {لو اطّلعت عليهم}بكسر الواو، وتقرأ لو اطلعت عليهم بضم الواو، والكسر أجود، لأن الواو ساكنة والطاء ساكنة، فكسرت الواو لالتقاء السّاكنين، وهذا هو الأصل.
وجاز الضم لأن الضم من جنس الواو، ولكنه إذا كان بعد الساكن مضموم فالضم هناك أحسن منه ههنا. نحو (أو انقص) -واو انقص بالضم والكسر -وقوله:{لولّيت منهم فرارا}.
{فرارا} منصوب على المصدر، لأن معنى ولّيت فررت منهم.
{ولملئت منهم رعبا}ورعبا ورعبا، ورعبا منصوب على التمييز، تقول: امتلأت ماء وامتلأت فرقا، أي امتلأت من الفرق ومن الماء.
وقيل في التفسير إنهم طالت شعورهم جدا وأظفارهم، فلذلك كان الرائي لو رآهم لهرب منهم مرعوبا). [معاني القرآن: 3/275-274]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({أيقاظا} أي: منتبهين، واحدهم: يقظ ويقظ. (وهم رقود) أي: نيام). [ياقوتة الصراط: 319]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({بالوصيد} قال أبو العباس: اختلف الناس فيه، فقالت طائفة: الوصيد: الباب نفسه،
وقالت طائفة: الوصيد: الفناء). [ياقوتة الصراط: 319]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الوصيد}: الفناء، وقيل: عتبة الباب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 142]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الوَصيدُ}: الفناء، الباب). [العمدة في غريب القرآن: 187]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائلٌ منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يومًا أو بعض يومٍ} وكانوا دخلوا الكهف في أوّل النّهار.
قال: فنظروا فإذا هو قد بقي من الشّمس بقيّةٌ، فقالوا: {أو بعض يومٍ}، ثمّ إنّهم شكّوا فردّوا علم ذلك إلى اللّه.
فـ {قالوا ربّكم أعلم بما لبثتم} يقوله بعضهم لبعضٍ.
{فابعثوا أحدكم بورقكم هذه}، أي: بدراهمكم هذه.
{إلى المدينة} وكانت معهم دارهم.
{فلينظر أيّها أزكى طعامًا}سفيان الثّوريّ، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: أيّها أحلّ.
قال يحيى: وقد كان من طعام قومهم ما لا يستحلّون أكله.
وقال بعضهم: أطيب.
{فليأتكم برزقٍ منه وليتلطّف ولا يشعرنّ} لا يعلمنّ.
{بكم أحدًا}). [تفسير القرآن العظيم: 1/175-176]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {بورقكم...}

قرأها عاصم والأعمش بالتخفيف وهو الورق. ومن العرب من يقول الورق، كما يقال كبد وكبدٌ وكبدٌ، وكلمةٌ وكلمةٌ وكلمة.
وقوله: {فلينظر أيّها أزكى} يقال: أحلّ ذبيحة لأنهم كانوا مجوساً). [معاني القرآن: 2/137]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وكذلك بعثناهم} أي أحييناهم، وهو من يوم البعث.
{أيّها أزكى طعاماً} أي أكثر، قال:
قبائلنا سبعٌ وأنتم ثلاثةٌ.......وللسّبع أزكى من ثلاثٍ وأكثر
(ولا يشعرنّ بكم) لا يعلمنّ بكن، يقال: شعرت بالأمر، أي علمت به، ومنه الشاعر). [مجاز القرآن: 1/397]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائلٌ مّنهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوماً أو بعض يومٍ قالوا ربّكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيّها أزكى طعاماً فليأتكم برزقٍ مّنه وليتلطّف ولا يشعرنّ بكم أحداً}
وقال: {فلينظر أيّها أزكى طعاماً} فلم يوصل {فلينظر} إلى {أيّ} لأنه من الفعل الذي يقع بعده حرف الاستفهام تقول: "انظر أزيدٌ أكرم أم عمرٌو"). [معاني القرآن: 2/75]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({بعثناهم}: ومنه يوم البعث أي يوم الحياة.
{أزكى طعاما}: أي أكثر وقال بعضهم أزكى أحل). [غريب القرآن وتفسيره: 226]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وكذلك بعثناهم} أحييناهم من هذه النّومة التي تشبه الموت.
(الورق) الفضة دراهم كانت أو غير دراهم. يدلك على ذلك أن عرفجة بن اسعد أصيبت أنفه يوم الكلاب فأتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه - أي من فضة - فأمره النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أن يتخذ أنفا من ذهب). [تفسير غريب القرآن: 265]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أيّها أزكى طعاماً} يجوز أن يكون أكثر، ويجوز أن يكون أجود، ويجوز أن يكون أرخص. واللّه أعلم.
وأصل الزكاء: النّماء والزيادة.
{ولا يشعرنّ بكم أحداً} أي لا يعلمن. ومنه يقال: ما أشعر بكذا.
وليت شعري. ومنه قيل: شاعر، لفطنته). [تفسير غريب القرآن: 265]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربّكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيّها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطّف ولا يشعرنّ بكم أحدا }
{فابعثوا أحدكم بورقكم}
فيها أربعة أوجه - بفتح الواو وكسر الراء، وبورقكم بتسكين الراء وبورقكم - بكسر الواو وتسكين الراء، يقال ورق، وورق، وورق، كما قيل: كبد، وكبد، وكبد. وكسر الواو أردؤها. ويجوز "بورقكم" تدغم القاف في الكاف وتصير كافا خالصة.
وقوله: {فلينظر أيّها أزكى طعاما}.
(أيها) مرفوع بالابتداء، ومعنى {أيّها أزكى طعاما} أي أي أهلها أزكى طعاما، وأزكى خبر الابتداء، وطعاما منصوب على التمييز.
وقيل: إن تأويل {أزكى طعاما} أحل طعاما، وذكروا أن القوم كان أكثرهم مجوسا، وكانوا لا يستنظفون ذبائحهم، وقيل: (أزكى طعاما) أي طعاما لم يؤخذ من غصب، ولا هو من جهة لا تحل.
وقوله: {فليأتكم برزق منه}.
و(فليأتكم) - بإسكان اللام وكسرها - والقراءة بإسكان اللام.
والكسر جائز.
قوله: {ولا يشعرنّ بكم أحدا}.
قيل لا يعلمن بكم، أي إن ظهر عليه فلا يوقعنّ إخوانه فيما يقع فيه). [معاني القرآن: 3/276-275]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {بورقكم} أي: بدراهمكم، يقال للفضة: ورق، وورق، وورق، ورقة هـ، وأنشدنا المبرد وثعلب في الرقة:
خالد من ربه على ثقة.......لاذهبا يبعثكم ولا دقه
أي: ولا فضة، فقد فرق بينهما، فالورق (بالتحريك) المال كله، من من الصامت والناطق كله). [ياقوتة الصراط: 320-319]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {أزكى} أي: أحل). [ياقوتة الصراط: 320]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {ولا يشعرن بكم أحدا} أي: ولا يعلمن بكم أحدا، ومن قرأ: ولا يشعرن، أي: لا يفطنن، والعمل على الأول،
لأن في الآية (أحدا) ). [ياقوتة الصراط: 321]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أزكى طعاما} أي أجود. وقيل: أرخص. وقيل: أحل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 142]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَعَثْناهم}: أحييْناهم.
{أَزْكى}: أكْثَر أو أحَلّه). [العمدة في غريب القرآن: 187]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إنّهم إن يظهروا عليكم يرجموكم} يقتلوكم بالحجارة.
{أو يعيدوكم في ملّتهم}في الكفر.
{ولن تفلحوا إذًا أبدًا} إن فعلتم). [تفسير القرآن العظيم: 1/176]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({يرجموكم} يقتلوكم. وقد تقدم هذا).
[تفسير غريب القرآن: 265]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {إنّهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملّتهم ولن تفلحوا إذا أبدا} أي يقتلوكم بالرجم، والرجم من أخبث القتل.
{أو يعيدوكم في ملّتهم ولن تفلحوا إذا أبدا} "إذا" تدل على الشرط، أي ولن تفلحوا إن رجعتم إلى ملّتهم). [معاني القرآن: 3/276]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يرجموكم} أي يقتلوكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 142]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وكذلك أعثرنا عليهم} قال قتادة: أطلعنا عليهم، على أصحاب الكهف، أطلعنا أهل ذلك الزّمان الّذي أحياهم اللّه فيه وليس بحياة النّشور.
{ليعلموا أنّ وعد اللّه حقٌّ وأنّ السّاعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم} كانت تلك الأمّة الّذين هربوا منهم قد بادت وخلقت بعدهم أمّةٌ أخرى، وكانوا على الإسلام.
ثمّ إنّهم اختلفوا في البعث، فقال بعضهم: يبعث النّاس في أجسادهم.
وهؤلاء المؤمنون، وكان الملك منهم.
وقال بعضهم: تبعث الأرواح بغير أجسادٍ فكفروا، وهذا قول أهل الكتاب اليوم.
فاختلفوا، فبعث اللّه أصحاب الكهف آيةً ليعلمهم أنّ النّاس يبعثون في أجسادهم.
وقال في آيةٍ أخرى: {يوم يقوم الرّوح} روح كلّ شيءٍ في جسده.
وهو قوله: {يوم يقوم النّاس لربّ العالمين}.
فلمّا بعث أصحاب الكهف صاحبهم بالدّراهم ليشتري لهم بها طعامًا وهميرون أنّها تلك الأمّة المشركة الّذين فرّوا منهم، فأمروا صاحبهم أن يتلطّف ولا يشعر بهم أحدًا.
فلمّا دخل المدينة، وهي مدينةٌ بالرّوم يقال لها: فسوس، فأخرج الدّراهم؛ ليشتري بها الطّعام، استنكرت الدّراهم وأخذ، فذهب به إلى ملك المدينة، فإذا الدّراهم دراهم الملك الّذي فرّوا منه.
فقالوا: هذا رجلٌ وجد كنزًا.
فلمّا خاف على نفسه أن يعذّب أطلع على أصحابه.
فقال لهم الملك: قد بيّن اللّه لكم ما اختلفتم فيه، فأعلمكم أنّ النّاس يبعثون في أجسادهم.
فركب الملك والنّاس معه حتّى انتهوا إلى الكهف، وتقدّم الرّجل حتّى إذا دخل على أصحابه فرآهم ورأوه ماتوا؛ لأنّهم قد كانت أتت عليهم آجالهم.
فقال القوم: كيف نصنع بهؤلاء؟ {فقالوا ابنوا عليهم بنيانًا}فـ {قال الّذين غلبوا على أمرهم} رؤساؤهم وأشرافهم.
وقال بعضهم: مؤمنوهم.
{لنتّخذنّ عليهم مسجدًا} سعيدٌ، عن قتادة، عن عكرمة، أنّهم كانوا بني الأكفاء والرّقباء، ملوك الرّوم، رزقهم اللّه الإسلام ففرّوا بدينهم، اعتزلوا قومهم حتّى انتهوا إلى الكهف، فضرب اللّه على أسمختهم.
فلبثوا دهرًا طويلا حتّى هلكت أمّتهم وجاءت أمّةٌ مسلمةٌ.
وكان ملكهم مسلمًا، فاختلفوا في الرّوح والجسد، فقال قائلون: يبعث الأرواح والجسد معًا، وقال قائلون: يبعث الرّوح وأمّا الجسد فتأكله الأرض ولا يكون شيئًا.
فشقّ على ملكهم اختلافهم، فانطلق فلبس المسوح وقعد على الرّماد، ثمّ دعا اللّه، فقال: ربّ إنّك قد ترى اختلاف هؤلاء فابعث إليهم آيةً تبيّن لهم.
فبعث اللّه أصحاب الكهف، فبعثوا أحدهم ليشتري لهم من الطّعام، فجعل ينكر الوجوه ويعرف الطّرق ورأى الإيمان في المدينة ظاهرًا.
فانطلق وهو مستخفٍ حتّى انتهى إلى رجلٍ ليشتري من طعامه، فلمّا أبصر صاحب الطّعام الورق أنكرها.
قال له الرّجل: أليس ملككم فلانًا؟ قال: لا، بل ملكنا فلانٌ.
فلم يزالا بينهما حتّىرفعه إلى الملك، فأخبره صاحب الكهف بحديثه وأمره.
فبعث الملك في النّاس فجمعهم، فقال: إنّكم اختلفتم في الرّوح والجسد، وإنّ اللّه قد بعث لكم آيةً وبيّن لكم الّذي اختلفتم فيه، فهذا رجلٌ من قوم فلانٍ، يعني ملكهم الّذي مضى، فقال صاحب الكهف: انطلقوا إلى أصحابي.
فركب الملك وركب معه النّاس حتّى انتهوا إلى الكهف، فقال الرّجل: دعوني حتّى أدخل على أصحابي.
فلمّا أبصرهم وأبصروه ضرب اللّه على أسمختهم.
فدخل النّاس عليهم، فإذا أجسادٌ لا ينكرون منها شيئًا غير أنّه لا أرواح فيها.
فقال الملك: هذه آيةٌ بعثها اللّه لكم.
{قال الّذين غلبوا على أمرهم} ملوكهم وأشرافهم.
{لنتّخذنّ عليهم مسجدًا}). [تفسير القرآن العظيم: 1/176-178]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {أعثرنا عليهم...}

أظهرنا وأطلعنا. ومثله في المائدة {فإن عثر}: اطّلع (واحد الأيقاظ يقظ ويقظ) ). [معاني القرآن: 2/137]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أعثرنا عليهم}: أي أطلعنا). [غريب القرآن وتفسيره: 226]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أعثرنا عليهم} أي أظهرنا عليهم وأطلعنا، ومنه يقال: ما عثرت على فلان بسوء قط.
{قال الّذين غلبوا على أمرهم} يعني المطاعين والرؤساء). [تفسير غريب القرآن: 266-265]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قوله عز وجل: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ} يريد أطلعنا عليهم.
وأصل هذا أنّ من عثر بشيء وهو غافل نظر إليه حتى يعرفه. فاستعير العثار مكان التّبيّن والظهور.
ومنه يقول الناس: ما عثرت على فلان بسوء قطّ. أي ما ظهرت على ذلك منه). [تأويل مشكل القرآن: 139]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والأمر: القول، قال الله تعالى: {إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ}، يعني قولهم). [تأويل مشكل القرآن: 515]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أنّ وعد اللّه حقّ وأنّ السّاعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربّهم أعلم بهم قال الّذين غلبوا على أمرهم لنتّخذنّ عليهم مسجدا }
أي أطلعنا عليهم {ليعلموا أنّ وعد اللّه حقّ}، أي ليعلم الذين يكذبون بالبعث أنّ وعد الله حق، ويزداد من يؤمن به إيمانا.
{وأنّ السّاعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم}.
أي يتناظرون في أمرهم، فيجوز أن يكون " إذ " منصوبا بقوله {أعثرنا عليهم} فيكون المعنى وكذلك أعثرنا عليهم أي أطلعنا عليهم إذ وقعت المنازعة في أمرهم، ويجوز أن يكون منصوبا بقوله: ليعلموا، أي ليعلموا في وقت منازعتهم.
وقوله: {قال الّذين غلبوا على أمرهم لنتّخذنّ عليهم مسجدا}.
هذا يدل - واللّه أعلم - أنه لما ظهر أمرهم غلب المؤمنون بالبعث والنشور لأن المساجد للمؤمنين). [معاني القرآن: 3/277-276]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345 هـ): ( {أعثرنا} أي: أطلعنا). [ياقوتة الصراط: 321]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أعثرنا عليهم} أي أظهرنا وأطلعنا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 142]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَعْثَرْنا}: أَطْلَعْنا). [العمدة في غريب القرآن: 188]

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {سيقولون..} سيقول أهل الكتاب.
{ثلاثةٌ رابعهم كلبهم ويقولون خمسةٌ سادسهم كلبهم رجمًا بالغيب} قال قتادة: أي قذفًا بالغيب.
وقال السّدّيّ: رميًا بقول الظّنّ.
{ويقولون سبعةٌ وثامنهم كلبهم قل ربّي أعلم بعدّتهم ما يعلمهم إلا قليلٌ} سعيدٌ، عن قتادة، قال: إلا قليلٌ من النّاس.
وذكر لنا أنّ ابن عبّاسٍ كان يقول: إنّا من أولئك القليل الّذين استثنى اللّه، كانوا سبعةً وثامنهم كلبهم.
قال: {فلا تمار فيهم إلا مراءً ظاهرًا} يقول اللّه للنّبيّ: فلا تمار أهل الكتاب في أصحاب الكهف {إلا مراءً ظاهرًا} إلا بما أخبرتك في تفسير الحسن.
وقال قتادة: يقول: حسبك ما قصصت عليك من شأنهم.
{ولا تستفت فيهم} في أصحاب الكهف.
{منهم أحدًا} من اليهود.
يقول: لا تسل عنهم من اليهود أحدًا.
وهم الّذين سألوه عنهم ليعنّتوه بذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/178]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(قوله: {ويقولون سبعةٌ وثامنهم كلبهم...}

قال ابن عباس: كانوا سبعة وثامنهم كلبهم. وقال ابن عباس: أنا من القليل الذين قال الله عزّ وجل: {مّا يعلمهم إلاّ قليلٌ}.
ثم قال الله تبارك تعالى لنبيه عليه السّلام {فلا تمار فيهم} يا محمد {إلاّ مراء ظاهراً} إلا أن تحدّثهم به حديثاً.
وقوله: {ولا تستفت فيهم} في أهل الكهف (مّنهم) من النصارى (أحداً) وهم فريقان أتوه من أهل نجران: يعقوبيّ ونسطوري. فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن عددهم، فنهي. فذلك قوله: {ولا تستفت فيهم مّنهم أحداً} ). [معاني القرآن: 2/138]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ( {سيقولون ثلاثةٌ رّابعهم كلبهم ويقولون خمسةٌ سادسهم كلبهم رجماً بالغيب ويقولون سبعةٌ وثامنهم كلبهم قل رّبّي أعلم بعدّتهم مّا يعلمهم إلاّ قليلٌ فلا تمار فيهم إلاّ مراء ظاهراً ولا تستفت فيهم مّنهم أحداً}
وقال: {مّا يعلمهم إلاّ قليلٌ} أي: ما يعلمهم من الناس إلاّ قليلٌ. والقليل يعلمونهم). [معاني القرآن: 2/75-76]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({رجما بالغيب}
(الرجم): ما لم تستيقن؛ يقال: حديث مرجم). [غريب القرآن وتفسيره: 226]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({رجماً بالغيب} أي ظنا غير يقين). [تفسير غريب القرآن: 266]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الرجم: أصله الرّمي...، ويوضع موضع الظن، ومنه قوله: {رَجْمًا بِالْغَيْبِ}، أي ظنّا.
ويقال: رجم بالظّنّ، كأنه رمى به.
والرّجم: اللعن. والطّرد: لعن، ومنه قيل: ذئب لعين: أي طريد.
وإنما قيل للشيطان: رجيم، أي طريد، لأنه يطرد برجم الكواكب). [تأويل مشكل القرآن: 508]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربّي أعلم بعدّتهم ما يعلمهم إلّا قليل فلا تمار فيهم إلّا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا}
(ثلاثة) مرفوع بخبر الابتداء، المعنى سيقول الذين يتنازعون في أمرهم؛ هم ثلاثة رابعهم كلبهم.
{رجما بالغيب} أي يقولون ذلك رجما، أي ظنّا وتخرصا.
قال زهير:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم.......وما هو عنها بالحديث المرجّم
{ويقولون خمسة سادسهم كلبهم}.
{ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم}.
دخول الواو ههنا وإخراجها من الأول واحد، وقد يجوز أن يكون الواو يدخل ليدل على انقطاع القصة وأن الشيء قد تمّ.
وقوله: {قل ربّي أعلم بعدّتهم ما يعلمهم إلّا قليل}.
روي عن ابن عباس أنه قال، كان أصحاب الكهف سبعة، وأنا من القليل الذين يعلمونهم، وقول ابن عباس إذا صح عنه فهو من أوثق التفسير.
وقوله: {فلا تمار فيهم إلّا مراء ظاهرا} أي لا تأت في أمرهم بغير ما أوحي إليك، أي أفت في قصتهم بالظاهر الذي أنزل إليك.
{ولا تستفت فيهم منهم} أي في أصحاب الكهف.
{منهم أحدا} أي من أهل الكتاب). [معاني القرآن: 3/278-277]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): ({ولا تستفت فيهم منهم أحدا}
قال الإمامان: الهاء والميم في (فيهم) لأصحاب الكهف،
والهاء والميم في (منهم) لليهود.). [ياقوتة الصراط: 321]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({رَجْماً}: ظنّاً غير يقين). [العمدة في غريب القرآن: 188]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا تقولنّ لشيءٍ إنّي فاعلٌ ذلك غداً...}
{إلاّ أن يشاء اللّه...}
إلاّ أن تقول: إن شاء الله (ويكون مع القول: ولا تقولنّه إلا أن يشاء الله) أي إلاّ ما يريد الله). [معاني القرآن: 2/138]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {رجماً بالغيب} والرجم ما لم تستيقنه، وقال: ظن مرجّم لا يدري أحق هو أم باطل؛ قال زهير:
وما الجرب إلاّ ما رأيتم وذقتم.......وما هو عنها بالحديث المرجّم).
[مجاز القرآن: 1/398]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (ولا تقولنّ لشيء إنّي فاعل ذلك غدا * إلّا أن يشاء اللّه).
موضع (أن) نصب، المعنى: لا تقولن إني أفعل أبدا إلا بمشيئة اللّه، فإذا قال القائل: إني أفعل ذلك إن شاء اللّه فكأنّه قال: لا أفعل إلا بمشيئة اللّه). [معاني القرآن: 3/278]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله}
روى أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن فتية مضوا في الزمن الأول، وعن رجل طواف وعن الروح؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((غدا أخبركم عن ذلك))، ولم يستثن؛ فمكث عنه جبريل بضع عشرة ليلة، ثم جاءه بسورة الكهف، ونزل في قوله: ((أخبركم به غدا)): {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله}). [معاني القرآن: 4/225-224]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا تقولنّ لشيءٍ إنّي فاعلٌ ذلك غدًا * إلا أن يشاء اللّه}، يقول: إلا أن تستثني.
قال يحيى: بلغنا أنّ اليهود لمّا سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن أصحاب الكهف قال لهم رسول اللّه: ((أخبركم عنهم غدًا))، فلم يستثن، فأنزل اللّه هذه الآية.
قال: {واذكر ربّك إذا نسيت} إذا نسيت الاستثناء.
{وقل عسى أن يهدين ربّي لأقرب من هذا رشدًا} ومتى ما ذكر الّذي حلف فليقل: إن شاء اللّه؛ لأنّ اللّه أمره أن يقول: إن شاء اللّه.
ومن حلف على يمينٍ فاستثنى قبل أن يتكلّم بين اليمين وبين الاستثناء بشيءٍ فله ثنياه، ولا كفّارة عليه، وإن كان استثنى بعد ما تكلّم بعد اليمين قبل الاستثناء، متى ما استثنى فالكفّارة لازمةٌ له، ويسقط عنه المأثم حيث استثنى؛ لأنّه كان ركب ما نهي عنه من تركه ما أمر به من الاستثناء، أي: لا يقول: إنّي أفعل حتّى يقول: إن شاء اللّه، ولا يقول: لا أفعل حتّى يقول:إن شاء اللّه.
عمّارٌ، عن عمرٍو، عن الحسن، قال: (أمر ألا يقول لشيءٍ في الغيب: {إنّي فاعلٌ ذلك غدًا} دون أن يستثني، إلا أن ينسى الاستثناء، وأمر أن يستثني إذا ذكره).
فكان الحسن يقول: ( إذا حلف الرّجل على شيءٍ وهو ذاكرٌ للاستثناء فلم يستثن فلا ثنيا له، وإن حلف على شيءٍ وهو ناسٍ للاستثناء فله ثنياه، ما دام في مجلسه ذلك، تكلّم أو لم يتكلّم ما لم يقم).
- ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة أنّ ابن عبّاسٍ قال: (إذا حلف ثمّ قال: إن شاء اللّه فليس عليه كفّارةٌ).
- حمّادٌ، عن أيّوب، عن نافعٍ، عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((من حلف ثمّ قال: إن شاء اللّه فهو بالخيار، إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل)).
- حدّثني محلٌّ، عن إبراهيم، قال: ليس الاستثناء بشيءٍ حتّى تجهر به كما تجهر باليمين.
قال يحيى: يعني أنّ استثناءه في قلبه ليس بشيءٍ حتّى يتكلّم به لسانه.
الرّبيع بن صبيحٍ، عن الحسن قال: (من حلف على يمينٍ فرأى غيرها خيرًا منها فليأت الّذي هو خيرٌ، وليكفّر يمينه، الإطلاق أو عتاقٌ) ). [تفسير القرآن العظيم: 1/178-180]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {واذكر رّبّك إذا نسيت} قال ابن عبّاس: إذا حلفت فنسيت أن تستثنى فاستثن متى ما ذكرت ما لم تحنث).
[معاني القرآن: 2/138]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({إلاّ أن يشاء اللّه واذكر رّبّك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربّي لأقرب من هذا رشداً}
وقال: {إلاّ أن يشاء اللّه} أي: إلاّ أن تقول: "إن شاء الله" فأجزأ من ذلك هذا، وكذلك إذا طال الكلام أجزأ فيه شبيه بالإيماء لأنّ بعضه يدل على بعض). [معاني القرآن: 2/76]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ولا تقولنّ لشيء إنّي فاعل ذلك غدا * إلّا أن يشاء اللّه}.
موضع (أن) نصب، المعنى: لا تقولن إني أفعل أبدا إلا بمشيئة اللّه، فإذا قال القائل: إني أفعل ذلك إن شاء اللّه فكأنّه قال: لا أفعل إلا بمشيئة اللّه). [معاني القرآن: 3/278] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {واذكر ربّك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربّي لأقرب من هذا رشدا}
أي أي وقت ذكرت أنك لم تستثن، فاستثن، وقل: إن شاء اللّه.
{وقل عسى أن يهدين ربّي لأقرب من هذا رشدا} أي قل عسى أن يعطيني من الآيات والدلالات على النبوة ما يكون أقرب في الرشد وأدل من قصة أصحاب الكهف). [معاني القرآن: 3/278]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله}
روى أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن فتية مضوا في الزمن الأول وعن رجل طواف وعن الروح؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((غدا أخبركم عن ذلك))، ولم يستثن؛ فمكث عنه جبريل بضع عشرة ليلة، ثم جاءه بسورة الكهف ونزل في قوله: ((أخبركم به غدا)): {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله} ). [معاني القرآن: 4/225-224] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: {وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا} أي عسى أن يعطيني من الآيات والدلائل ما هو أرشد وأبين من خبر أصحاب الكهف). [معاني القرآن: 4/225]

تفسير قوله تعالى: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائةٍ} ثمّ أخبر ما تلك الثّلاث مائةٍ، فقال: {سنين وازدادوا تسعًا}، أي: تسع سنين.
تفسير قتادة قال: هذا قول أهل الكتاب، رجع إلى أوّل الكلام: {سيقولون ثلاثةٌ رابعهم كلبهم ويقولون خمسةٌ سادسهم كلبهم رجمًا بالغيب ويقولون سبعةٌ وثامنهم} ....
ويقولون: {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائةٍ سنين وازدادوا تسعًا} ). [تفسير القرآن العظيم: 1/180]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ثلاث مئةٍ سنين...}

مضافة. وقد قرأ كثير من القراء (ثلاث مئةٍ سنين) يريدون ولبثوا في كهفهم سنين فينصبونها بالفعل.
ومن العرب من يضع السنين في موضع سنة فهي حينئذ في موضع خفض لمن أضاف. ومن نوّن على هذا المعنى يريد الإضافة نصب السّنين بالتفسير للعدد كقول عنترة:
فيها اثنتان وأربعون حلوبةً.......سودا كخافية الغراب الأسحم
فجعل (سوداً) وهي جمع مفسّرة كما يفسّر الواحد). [معاني القرآن: 2/138]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ( {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً}
وقال: (ثلاث مائة سنين) على البدل من (ثلاث) ومن "المائة" أي: لبثوا ثلاث مائة" فإن كانت السنون تفسير للمائة فهي جرّ وإن كانت تفسيرا للثّلاث فيه نصب). [معاني القرآن: 2/76]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ولبثوا في كهفهم ثلاث مائةٍ سنين} ولم يقل: سنة. كأنه قال: ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة.
ثم قال: (سنين). أي ليست شهورا ولا أياما. ولم يخرج مخرج ثلاثمائة درهم.
وروي ابن فضيل عن الأجلح، عن الضحاك، قال: نزلت ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة. فقالوا: أيام أو أشهر أو سنين؟ فنزلت: سنين. {وازدادوا تسعاً} ). [تفسير غريب القرآن: 266]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا }
جائز أن يكون (سنين) نصبا، وجائز أن تكون جرّا.
فأما النصب فعلى معنى فلبثوا في كهفهم سنين ثلاثمائة، ويكون على تقدير آخر "سنين" معطوفا على ثلاث عطف البيان والتوكيد، وجائز أن تكون (سنين) من نعت المائة،
وهو راجع في المعنى إلى ثلاث كما قال الشاعر:
فيها اثنتان وأربعون حلوبة.......سودا كخافية الغراب الأسحم
فجعل سودا نعتا لحلوبة، وهو في المعنى نعت لجملة العدد، فجائز أن يكون: ولبثوا في كهفهم، محمولا على قوله: سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون لبثوا في كهفهم وهذا القول دليله قوله: {قل اللّه أعلم بما لبثوا}.
ويجوز - وهو الأجود عندي - أنه إخبار عن الله أخبرهم بطول لبثهم.
وأعلم أنّه أعلم بذلك.
وكان هذا أبلغ في الآية فيهم أن يكون الصحيح أنهم قد لبثوا هذا العدد كلّه.
فأمّا قوله: {وازدادوا تسعا}.
فلا يكون على معنى وازدادوا تسع ليال، ولا تسع ساعات، لأن العدد يعرف تفسيره، وإذا تقدم تفسيره استغنى بما تقدم عن إعادة ذكر التفسير.
تقول: عندي مائة درهم وخمسة فيكون الخمسة قد دل عليها ذكر الدرهم
وكذلك قوله: {والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجا يتربّصن بأنفسهنّ أربعة أشهر وعشرا}.
قال أبو العباس محمد بن يزيد: (وعشرا) معناه وعشر مدد، وتلك المدد كل مدة منها يوم وليلة، والعرب تقول: ما رأيته منذ عشر.
وأتيته لعشر خلون، فيغلّبون الليالي على ذكر الأيام، والأيام داخلة في الليالي والليالي مع اليوم مدة معلومة من الدهر، فتأنيث عشر يدل على أنه لا يراد به أشهر فهذا أحسن ما فسّر في هذه الآية). [معاني القرآن: 3/279-278]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا} في معناه ثلاثة أقوال:
أ- قال مجاهد: هذا عدد ما لبثوا.
ب- وقال قتادة: في قراءة ابن مسعود (وقالوا لبثوا في كهفهم).
ج- والقول الثالث: أن الله خبر بما لبثوا إلى أن بعثوا من الكهف ولا نعلم كم مذ بعثوا إلى هذا الوقت؛ فقال سبحانه: {قل الله أعلم بما لبثوا} أي من أي وقت مبعثهم إلى هذا الوقت.
قال أبو جعفر: وأحسن هذه الأقوال الأول وإنما يقع الإشكال فيه لقوله جل وعز: {قل الله أعلم بما لبثوا} ففر قوم إلى أن قالوا هو معطوف على قوله تعالى: {سيقولون}.
قال أبو جعفر: وإنما اخترنا القول الأول لأنه أبلغ وأن ابن فضيل روى عن الأجلح عن الضحاك قال لما أنزلت ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة قالوا أسنين أم شهروا أم أياما فأنزل الله جل وعز: {سنين}.
قال أبو جعفر: فأما ما أشكل من قوله تعالى: {قل الله أعلم بما لبثوا} فنحن نبينه يجوز أن يكون لما اختلفوا في مقدار ما لبثوا ثم أخبر الله جل وعز به؛ فقال: {قل الله أعلم بما لبثوا} أي هو أعلم به من المختلفين فيه.
وقول آخر أحسن من هذا: أن يكون اعلم بمعنى عالم وذلك كثير موجود في كلام العرب قال الله جل وعز: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه}
أجود الأقوال فيه أن معناه هو هين عليه وهو اختيار أبي العباس ومنه الله أكبر بمعنى كبير ومنه قول الفرزدق:
إن الذي سمك السماء بنى لنا.......بيتا دعائمه أعز وأطول
وقول الآخر:
أصبحت أمنحك الصدود وإنني.......قسما إليك مع الصدود لأميل
وقول الآخر:
لعمرك ما أدري وإني لأوجل.......على أينا تعدو المنية أول).
[معاني القرآن: 4/228-225]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): ({ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين} قال ثعلب: وهذا كله وبعده أخبار عمن عدهم في القرآن، لأنه
قال: {قل الله أعلم بما لبثوا} . قال: وقوله - عز وجل: {وازدادوا تسعا} هو - أيضا - إخبار عمن عدهم، ولم يصب. قال الشيخ أبو عمر: سنين بمعنى: سنة،
وهذا لفظ جمع بمعنى واحد، كما جاء لفظ الواحد بمعنى الجمع، وهو قوله - جل وعز: {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا} والإنسان بمعنى: الناس - هاهنا -؛ لأن الجماعة لا تستثني من واحد،
ومن قرأ: (ثَلاثمِائَةٍ سِنِينَ) جعله على البدل، ومن قراء: (ثَلاثمائةَ سِنِينَ) جعله على الترجمة). [ياقوتة الصراط: 323-322]

تفسير قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال قتادة: فردّ اللّه على نبيّه فقال: {قل اللّه أعلم بما لبثوا له غيب السّموات والأرض} يعلم غيب السّموات والأرض.
{أبصر به وأسمع}، يقول: ما أبصره وأسمعه، كقول الرّجل للرّجل: أفقه به، وأشباه ذلك.
سعيدٌ، عن قتادة قال: لا أحد أبصر من اللّه ولا أسمع من اللّه.
قوله: {ما لهم من دونه من وليٍّ} يمنعهم من عذاب اللّه.
{ولا يشرك في حكمه أحدًا} وهي تقرأ بالياء والتّاء.
يقولون: ولا تشرك يا محمّد في حكمه أحدًا، يقول: حتّى تجعله معه شريكًا في حكمه وقضائه وأموره.
ومن قرأها بالياء يقول: ولا يشرك اللّه في حكمه أحدًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/180]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أبصر به وأسمع...}

يريد الله تبارك وتعالى كقولك في الكلام: أكرم بعبد الله ومعناه: ما أكرم عبد الله وكذلك قوله: {أسمع بهم وأبصر}: ما أسمعهم ما أبصرهم. وكلّ ما كان فيه معنى من المدح والذمّ فإنك تقول فيه: أظرف به وأكرم به، ومن الياء والواو: أطيب به طعاماً، وأجود به ثوباً، ومن المضاعف تظهر فيه التضعيف ولا يجوز الإدغام، كما لم يجز نقص الياء ولا الواو؛ لأن أصله ما أجوده وما أشدّه وأطيبه فترك على ذلك، وأما أشدد به فإنه ظهر التضعيف لسكون اللام من الفعل، وترك فيه التضعيف فلم يدغم لأنه لا يثنّى ولا يؤنّث، لا تقول للاثنين: أشدّا بهما، ولا للقوم أشدّوا بهم. وإنما استجازت العرب أن يقولوا مدّ في موضع امدد لأنهم قد يقولون في الاثنين: مدّا وللجميع: مدّوا، فبنى الواحد على الجميع.
وقوله: {ولا يشرك في حكمه أحداً} ترفع إذا كان بالياء على: وليس يشرك. ومن قال {لا تشرك} جزمها لأنها نهي). [معاني القرآن: 2/139]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ((ثلثمائةٍ سنين) مقدّم ومؤخّر، مجازه: سنين ثلثمائة). [مجاز القرآن: 1/398]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({قل اللّه أعلم بما لبثوا له غيب السّماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم مّن دونه من وليٍّ ولا يشرك في حكمه أحداً}
وقال: {أبصر به وأسمع} أي: ما أبصره وأسمعه كما تقول: "أكرم به" أي: ما أكرمه. وذلك أن العرب تقول: "يا أمة الله أكرم بزيدٍ" فهذا معنى ما أكرمه ولو كان يأمرها أن تفعل لقال "أكرمي زيداً). [معاني القرآن: 2/76]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أبصر به واسمع}: ما أبصرهم وأسمعهم). [غريب القرآن وتفسيره: 227]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( ثم قال: {قل اللّه أعلم بما لبثوا} وقد بيّن لنا قبل هذا كم لبثوا. والمعنى أنهم اختلفوا في مدة لبثهم.
فقال اللّه عز وجل: {ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا}. وأنا أعلم بما لبثوا من المختلفين.
{أبصر به وأسمع} أي ما أبصره وأسمعه!). [تفسير غريب القرآن: 266]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قل اللّه أعلم بما لبثوا له غيب السّماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من وليّ ولا يشرك في حكمه أحدا}
(أبصر به وأسمع} أجمعت العلماء أن معناه ما أسمعه وأبصره. أي هو عالم بقصة أصحاب الكهف وغيرهم:
وقوله: {ولا يشرك في حكمه أحدا}.
قرئت: {ولا يشرك} على النهي.
والآية - واللّه أعلم - تدل على أحد معنيين:
أحدهما أنه أجرى ذكر علمه وقدرته، فأعلم عزّ وجلّ أنه لا يشرك في حكمه مما يخبر به من الغيب أحدا، كما قال: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا}
وكذلك إذا قرئت: ولا تشرك - بالتاء - في حكمه أحدا، أي لا تنسبنّ أحدا إلى علم الغيب، ويكون - واللّه أعلم، وهو جيد بالغ - على معنى أنه لا يجوز أن يحكم حاكم إلا بما حكم اللّه، أو بما يدل عليه حكم اللّه، وليس لأحد أن يحكم من ذات نفسه، فيكون شريكا للّه في حكمه، يأمر بحكم كما أمر اللّه عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 3/280-279]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {أبصر به وأسمع} المعنى ما أبصره وأسمعه أي هو عالم بقصة أصحاب الكهف وغيرهم). [معاني القرآن: 4/228]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال رجل وعز: {ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا}
نظيره قوله تعالى: {فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول}
ومن قرأ {ولا تشرك في حكمه أحدا} فمعناه عنده لا تنسب أحدا إلى أنه يعلم الغيب). [معاني القرآن: 4/229]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَبْصِرْ به}: ما أبصره.
{وأَسْمِع}: ما أسمعه). [العمدة في غريب القرآن: 188]


رد مع اقتباس