عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 05:37 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (15) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وجعلوا له من عباده جزءا إن الإنسان لكفور مبين * أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين * وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم * أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين * وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون}
الضمير في: "جعلوا" لكفار قريش والعرب، والضمير في: "له": لله تعالى. و"الجزء": القطع من الشيء، وهو بعض الكل، فكأنهم جعلوا جزءا من عباده نصيبا له وحظا، وذلك في قول مجاهد، وكثير من المتأولين قول العرب: الملائكة بنات الله، وقال بعض أهل اللغة: الجزء: الإناث، يقال: أجزأت المرأة إذا ولدت أنثى، ومنه قول الشاعر:
إن أجزأت حرة يوما فلا عجب ... قد تجزئ الحرة المذكار أحيانا
وقد قيل: إن هذا البيت موضوع. وقال قتادة: المراد بالجزء: الأصنام وفرعون وغيره ممن عبد من دون الله، أي: جزءا ندا، فعلى هذا فتعنيف الكفرة في فصلين: في أمر الأصنام، وفي أمر الملائكة، وقوله تعالى: {إن الإنسان لكفور}: أتى بلفظ الجنس العام، والمراد: بعض الإنسان، وهو هؤلاء الجاعلون ومن أشبههم. و"مبين" في هذه الآية غير متعد). [المحرر الوجيز: 7/ 537-538]

تفسير قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (16) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17) أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {أم اتخذ} إضراب وتقرير، وهذه حجة بالغة عليهم; إذ المحمود من الأولاد والمحبوب قد خوله الله تعالى بني آدم، فكيف يتخذ هو لنفسه النصيب الأدنى؟ و"أصفاكم" معناه: خصكم وجعل ذلك صفوة لكم.
ثم قامت الحجة عليهم في هذا المعنى وكانت بقوله تعالى: {وإذا بشر} الآية، و"مسود": خبر "ظل"، و"الكظيم": الممتلئ غيظا الذي قد رد غيظه إلى جوفه، فهو يتجرعه ويروم رده، وهذا محسوس عند الغيظ،
ثم زاد توبيخهم وإفساد رأيهم بقوله تعالى: {أومن ينشأ}، و"من" في موضع نصب بفعل يدل عليه "جعلوا"، كأنه قال: أو من ينشأ في الحيلة وهو الذي خصصتم به الله تعالى؟ ونحو هذا، والمراد بـ"من": النساء، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي، و"ينشأ": معناه: ينبت ويكبر، وقرأ جمهور القراء: "ينشأ" بفتح الياء وسكون النون. وقرأ ابن عباس رضى الله عنهما: "ينشأ" بضم الياء وسكون النون على تعدية الفعل بالهمزة. وقرأ حمزة والكسائي وعاصم -في رواية حفص -: "ينشأ" بضم الياء وفتح النون وشد الشين على التعدية بالتضعيف، وهي قراءة ابن عباس أيضا، والحسن، ومجاهد، وفي مصحف ابن مسعود: "أو من لا ينشأ إلا في الحلية"، و"الحلية": الحلي من الذهب والفضة والأحجار، و"الخصام": المحاجة ومجاذبة المحاورة، وقلما تجد امرأة إلا تفسد الكلام وتخلط المعاني، وفي مصحف ابن مسعود: "وهو في الكلام غير مبين"، و"مبين" في هذه الآية متعد، والتقدير: غير مبين غرضا أو منزعا ونحو هذا، وقال ابن زيد: المراد بـ " من ينشأ في الحلية " الآية: الأصنام والأوثان، لأنهم كانوا يتخذون كثيرا منها من الذهب والفضة، وكانوا يجعلون الحلي على كثير منها). [المحرر الوجيز: 7/ 538-539]

رد مع اقتباس