عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 01:08 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فلا أقسم بمواقع النّجوم (75) وإنّه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ (76) إنّه لقرآنٌ كريمٌ (77) في كتابٍ مكنونٍ (78) لا يمسّه إلا المطهّرون (79) تنزيلٌ من ربّ العالمين (80) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون (81) وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون (82)}.
قال جويبر، عن الضّحّاك: إنّ اللّه لا يقسم بشيءٍ من خلقه، ولكنّه استفتاحٌ يستفتح به كلامه.
وهذا القول ضعيفٌ. والّذي عليه الجمهور أنّه قسمٌ من اللّه عزّ وجلّ، يقسم بما شاء من خلقه، وهو دليلٌ على عظمته. ثمّ قال بعض المفسّرين: "لا" هاهنا زائدةٌ، وتقديره: أقسم بمواقع النّجوم. ورواه ابن جريرٍ، عن سعيد بن جبير. ويكون جوابه: {إنّه لقرآنٌ كريمٌ}.
وقال آخرون: ليست "لا" زائدةً لا معنًى لها، بل يؤتى بها في أوّل القسم إذا كان مقسمًا به على منفيٍّ، كقول عائشة رضي اللّه عنها: "لا واللّه ما مسّت يد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يد امرأةٍ قطّ" وهكذا هاهنا تقدير الكلام: "لا أقسم بمواقع النّجوم ليس الأمر كما زعمتم في القرآن أنّه سحرٌ أو كهانةٌ، بل هو قرآنٌ كريمٌ".
وقال ابن جريرٍ: وقال بعض أهل العربيّة: معنى قوله: {فلا أقسم} فليس الأمر كما تقولون، ثمّ استأنف القسم بعد فقيل: أقسم.
واختلفوا في معنى قوله: {بمواقع النّجوم}، فقال حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ يعني: نجوم القرآن؛ فإنّه نزل جملةً ليلة القدر من السّماء العليا إلى السّماء الدّنيا، ثمّ نزل مفرّقًا في السّنين بعد. ثمّ قرأ ابن عبّاسٍ هذه الآية.
وقال الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ: نزل القرآن جملةً من عند اللّه من اللّوح المحفوظ إلى السّفرة الكرام الكاتبين في السّماء الدّنيا، فنجّمته السّفرة على جبريل عشرين ليلةً، ونجّمه جبريل على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم عشرين سنةً، فهو قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} نجوم القرآن.
وكذا قال عكرمة، ومجاهدٌ، والسّدّيّ، وأبو حزرة.
وقال مجاهدٌ أيضًا: {بمواقع النّجوم} في السّماء، ويقال: مطالعها ومشارقها. وكذا قال الحسن، وقتادة، وهو اختيار ابن جريرٍ. وعن قتادة: مواقعها: منازلها. وعن الحسن أيضًا: أنّ المراد بذلك انتثارها يوم القيامة. وقال الضّحّاك: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} يعني بذلك: الأنواء الّتي كان أهل الجاهليّة إذا مطروا، قالوا: مطرنا بنوء كذا وكذا.
وقوله: {وإنّه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ} أي: وإنّ هذا القسم الّذي أقسمت به لقسمٌ عظيمٌ، لو تعلمون عظمته لعظّمتم المقسم به عليه.
{إنّه لقرآنٌ كريمٌ} أي: إنّ هذا القرآن الّذي نزل على محمّدٍ لكتابٌ عظيمٌ.
{في كتابٍ مكنونٍ} أي: معظّمٌ في كتابٍ معظّمٍ محفوظٍ موقّرٍ). [تفسير ابن كثير: 7/ 543-544]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(قال ابن جريرٍ: حدّثني إسماعيل بن موسى، أخبرنا شريكٌ، عن حكيمٍ -هو ابن جبيرٍ- عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ: {لا يمسّه إلا المطهّرون} قال: الكتاب الّذي في السّماء.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {[لا يمسّه] إلا المطهّرون} يعني: الملائكة. وكذا قال أنسٌ، ومجاهدٌ، وعكرمة، وسعيد بن جبير، والضّحّاك، وأبو الشّعثاء جابر بن زيدٍ، وأبو نهيك، والسّدّيّ، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهم.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن عبد الأعلى، حدّثنا ابن ثورٍ، حدّثنا معمرٌ، عن قتادة: {لا يمسّه إلا المطهّرون} قال: لا يمسّه عند اللّه إلّا المطهّرون، فأمّا في الدّنيا فإنّه يمسّه المجوسيّ النّجس، والمنافق الرّجس. وقال: وهي في قراءة ابن مسعودٍ: {ما يمسّه إلا المطهّرون}.
وقال أبو العالية: {لا يمسّه إلا المطهّرون} ليس أنتم أصحاب الذّنوب.
وقال ابن زيدٍ: زعمت كفّار قريشٍ أنّ هذا القرآن تنزّلت به الشّياطين، فأخبر اللّه تعالى أنّه لا يمسّه إلّا المطهّرون كما قال: {وما تنزلت به الشّياطين. وما ينبغي لهم وما يستطيعون. إنّهم عن السّمع لمعزولون} [الشعراء: 210-212].
وهذا القول قولٌ جيّدٌ، وهو لا يخرج عن الأقوال الّتي قبله.
وقال الفرّاء: لا يجد طعمه ونفعه إلّا من آمن به.
وقال آخرون: {لا يمسّه إلا المطهّرون} أي: من الجنابة والحدث. قالوا: ولفظ الآية خبرٌ ومعناها الطّلب، قالوا: والمراد بالقرآن هاهنا المصحف، كما روى مسلمٌ، عن ابن عمر: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدوّ، مخافة أن يناله العدوّ. واحتجّوا في ذلك بما رواه الإمام مالكٌ في موطّئه، عن عبد اللّه بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم: أنّ في الكتاب الّذي كتبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لعمرو بن حزمٍ: ألّا يمسّ القرآن إلّا طاهرٌ. وروى أبو داود في المراسيل، من حديث الزّهريّ قال: قرأت في صحيفةٍ عند أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزمٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ولا يمسّ القرآن إلّا طاهرٌ".
وهذه وجادةٌ جيّدةٌ. قد قرأها الزّهريّ وغيره، ومثل هذا ينبغي الأخذ به. وقد أسنده الدّارقطنيّ عن عمرو بن حزمٍ، وعبد اللّه بن عمر، وعثمان بن أبي العاص، وفي إسناد كلٍّ منها نظرٌ، واللّه أعلم). [تفسير ابن كثير: 7/ 544-545]

تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {تنزيلٌ من ربّ العالمين} أي: هذا القرآن منزّلٌ من [اللّه] ربّ العالمين، وليس هو كما يقولون: إنّه سحرٌ، أو كهانةٌ، أو شعر، بل هو الحقّ الّذي لا مرية فيه، وليس وراءه حقٌّ نافعٌ). [تفسير ابن كثير: 7/ 545]

رد مع اقتباس