عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 07:46 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وقالوا لن نؤمن لك} الآية. قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: "حتى تفجر"، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: "حتى تفجر" بفتح التاء
[المحرر الوجيز: 5/542]
وضم الجيم، وفي القرآن "فانفجرت"، وانفجر مطاوع فجر، فهذا مما يقوي القراءة الثانية، وأما الأولى فتقتضي المبالغة في التفجير. و"الينبوع": الماء النابع، وهي صفة مبالغة إنما تقع للماء الكثير.
وطلبت قريش هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وإياها عنوا بـ "الأرض"، وإنما يراد بإطلاق لفظة الأرض هنا الأرض التي يكون فيها المعنى المتكلم فيه، كقوله تعالى: {أو ينفوا من الأرض}، فإنما يراد: من أرض تصرفهم وقطعهم السبل ومعاشهم، وكذلك أيضا اقتراحهم بالجنة إنما هو بمكة لامتناع ذلك فيها، وإلا ففي سائر البلاد كان ذلك يمكنه، وإنما طالبوه بأمر إلهي في ذلك الموضع الجدب). [المحرر الوجيز: 5/543]

تفسير قوله تعالى: {أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: "جنة". وقرئ: "حبة" ذكره المهدوي. وقوله تعالى: "فتفجر" تضعيف مبالغة لا تضعيف تعدية، كقوله تعالى: {وغلقت الأبواب}، و"خلالها" ظرف، ومعناه: أثناءها وفي داخلها.
وروي في قول هذه المقالة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حديث طويل، مقتضاه أن عتبة وشيبة ابني ربيعة، وعبد الله بن أبي أمية، والنضر بن الحارث، وغيرهم من مشيخة قريش وساداتها اجتمعوا فعرضوا عليه أن يملكوه -إن أراد- الملك، ويجمعوا له كثيرا من المال إن أراد الغنى، أو يطبوه إن كان به داء، ونحو هذا من الأقاويل، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك إلى الله، وقال: "إنما جئتكم من عند الله بأمر فيه صلاح دينكم ودنياكم، فإن سمعتم وأطعتم فحسن، وإلا صبرت لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم بما شاء"، فقالوا له حينئذ: فإن كان ما تزعمه حقا ففجر ينبوعا ونؤمن لك، ولتكن لك جنة، إلى غير ذلك مما كلفوه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا كله إلى الله، ولا يلزمني هذا ولا غيره، وإنما أنا مستسلم لأمر الله تعالى.
[المحرر الوجيز: 5/543]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
هذا هو معنى الحديث، وفي الألفاظ اختلاف وروايات متشعبة يطول سوق جميعها، فاختصرت لذلك). [المحرر الوجيز: 5/544]

تفسير قوله تعالى: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {أو تسقط السماء} الآية. قرأ الجمهور: "أو تسقط" بضم التاء، "السماء" بالنصب، وقرأ مجاهد: "أو تسقط السماء" برفع "السماء" وإسناد الفعل إليها، وقوله: {كما زعمت} إشارة إلى ما تلا عليهم قبل ذلك في قوله عز وجل: {إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء}. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: "كسفا" بسكون السين، إلا في الروم فإنهم حركوها، ومعناها: قطعا واحدا، قال مجاهد: السماء جميعا، وتقول العرب: "كسفت الثوب" ونحوه قطعته، فالكسف -بفتح السين- المصدر، والكسف: الشيء المقطوع، قال الزجاج: المعنى: أو تسقط السماء علينا طبقا، واشتقاقه من: كسفت الشيء إذا غطيته.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وليس بمعروف في دواوين اللغة "كسف" بمعنى "غطى"، وإنما هو بمعنى "قطع"، وكأن كسوف الشمس والقمر قطع منهما، وقرأ نافع، وعاصم -في رواية أبي بكر - "كسفا" بفتح السين، أي: قطعا، جمع "كسفة".
وقوله: "قبيلا" معناه: مقابلة وعيانا، وقيل: معناه: ضامنا وزعيما بتصديقك، ومنه القبالة، وهي الضمان، والقبيل: والمتقبل الضامن، وقيل: معناه: نوعا وجنسا لا نظير له عندنا. وقرأ الأعرج: "قبلا" وهو بمعنى المقابلة). [المحرر الوجيز: 5/544]

تفسير قوله تعالى: {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث
[المحرر الوجيز: 5/544]
الله بشرا رسولا قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا}
قال المفسرون: "الزخرف": الذهب في هذا الموضع، والزخرف: ما تزين به، كان بذهب أو غيره، ومنه: حتى إذا أخذت الأرض زخرفها، وفي قراءة عبد الله بن مسعود "أو يكون لك بيت من ذهب". وقوله: {في السماء} يريد: في الهواء علوا، والعرب تسمي الهواء علوا سماء، لأنه في حيز السمو، ويحتمل أن يريدوا السماء المعروفة، وهو الظاهر; لأنه أعلمهم أن إله الخلق فيها، وأنه يأتيه خبرها. و"ترقى" معناه: تصعد، والرقي: الصعود.
ويروى أن قائل هذه المقالة هو عبد الله بن أبي أمية، فإنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لا نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب - أراد هنا كتابه- فيه: من الله عز وجل إلى عبد الله بن أبي أمية. وروي أن جماعتهم طلبت هذا النحو منه، فأمره الله تعالى أن يقول: {سبحان ربي}، أي: تنزيها له من الإتيان مع الملائكة قبيلا، ومن أن يخاطبكم بكتاب كما أردتم، ومن أن أقترح أنا عليه هذه الأشياء، وهل أنا إلا بشر منكم أرسلت إليكم بالشريعة، فإنما علي التبليغ فقط. وقرأ ابن كثير، وابن عامر: "قال سبحان ربي"، على معنى الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سبح عند قولهم). [المحرر الوجيز: 5/545]

رد مع اقتباس