عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 18 محرم 1440هـ/28-09-2018م, 10:18 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين (27) اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون (28) قالت يا أيّها الملأ إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ (29) إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم (30) ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين (31)}.
يخبر تعالى عن قيل سليمان، عليه السّلام، للهدهد حين أخبره عن أهل سبأٍ وملكتهم: {قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين} أي: أصدقت في إخبارك هذا، {أم كنت من الكاذبين} في مقالتك، فتتخلّص من الوعيد الّذي أوعدتك؟). [تفسير ابن كثير: 6/ 188]

تفسير قوله تعالى: {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون}: وذلك أنّ سليمان، عليه السّلام، كتب كتابًا إلى بلقيس وقومها. وأعطاه لذلك الهدهد فحمله، قيل: في جناحه كما هي عادة الطّير، وقيل: بمنقاره. وذهب إلى بلادهم فجاء إلى قصر بلقيس، إلى الخلوة الّتي كانت تختلي فيها بنفسها، فألقاه إليها من كوّة هنالك بين يديها، ثمّ تولّى ناحيةً أدبًا ورياسةً، فتحيّرت ممّا رأت، وهالها ذلك، ثمّ عمدت إلى الكتاب فأخذته، ففتحت ختمه وقرأته، فإذا فيه: {إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين} فجمعت عند ذلك أمراءها ووزراءها وكبراء دولتها ومملكتها، ثمّ قالت لهم: {يا أيّها الملأ إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ} تعني بكرمه: ما رأته من عجيب أمره، كون طائرٍ أتى به فألقاه إليها، ثمّ تولّى عنها أدبًا. وهذا أمرٌ لا يقدر عليه أحدٌ من الملوك، ولا سبيل لهم إلى ذلك، ثمّ قرأته عليهم.
{إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين}.فعرفوا أنّه من نبيّ اللّه سليمان، وأنّه لا قبل لهم به. وهذا الكتاب في غاية البلاغة والوجازة والفصاحة، فإنّه حصّل المعنى بأيسر عبارةٍ وأحسنها، قال العلماء: ولم يكتب أحدٌ {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} قبل سليمان، عليه السّلام.
وقد روى ابن أبي حاتمٍ في ذلك حديثًا في تفسيره، حيث قال: حدّثنا أبي، حدّثنا هارون بن الفضل أبو يعلى الحنّاط، حدّثنا أبو يوسف، عن سلمة بن صالحٍ، [عن عبد الكريم] أبي أميّة، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: كنت أمشي مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "إنّي أعلم آية لم تنزل على نبيٍّ قبلي بعد سليمان بن داود" قال: قلت: يا رسول اللّه، أيّ آيةٍ؟ قال: "سأعلمكها قبل أن أخرج من المسجد". قال: فانتهى إلى الباب، فأخرج إحدى قدميه، فقلت: نسي، ثمّ التفت إليّ وقال {إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}.
هذا حديثٌ غريبٌ، وإسناده ضعيفٌ.
وقال ميمون بن مهران: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يكتب: باسمك اللّهمّ، حتّى نزلت هذه الآية، فكتب: {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}). [تفسير ابن كثير: 6/ 188-189]

تفسير قوله تعالى: {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ألا تعلوا عليّ}: يقول قتادة: لا تجيروا عليّ {وأتوني مسلمين}.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: لا تمتنعوا ولا تتكبّروا عليّ.
{وأتوني مسلمين}: قال ابن عبّاسٍ: موحّدين. وقال غيره: مخلصين. وقال سفيان بن عيينة: طائعين). [تفسير ابن كثير: 6/ 189]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالت يا أيّها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعةً أمرًا حتّى تشهدون (32) قالوا نحن أولو قوّةٍ وأولو بأسٍ شديدٍ والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين (33) قالت إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّةً وكذلك يفعلون (34) وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون (35)}.
لـمّا قرأت عليهم كتاب سليمان استشارتهم في أمرها، وما قد نزل بها؛ ولهذا قالت: {يا أيّها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعةً أمرًا حتّى تشهدون} أي: حتّى تحضرون وتشيرون). [تفسير ابن كثير: 6/ 189]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالوا نحن أولو قوّةٍ وأولو بأسٍ شديدٍ} أي: منوا إليها بعددهم وعددهم وقوّتهم، ثمّ فوّضوا إليها بعد ذلك الأمر فقالوا: {والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين} أي: نحن ليس لنا عاقةٌ [ولا بنا بأسٌ، إن شئت أن تقصديه وتحاربيه، فما لنا عاقةٌ] عنه. وبعد هذا فالأمر إليك، مري فينا برأيك نمتثله ونطيعه.
قال الحسن البصريّ، رحمه اللّه: فوّضوا أمرهم إلى علجة تضطرب ثدياها، فلمّا قالوا لها ما قالوا، كانت هي أحزم رأيًا منهم، وأعلم بأمر سليمان، وأنّه لا قبل لها بجنوده وجيوشه، وما سخّر له من الجنّ والإنس والطّير، وقد شاهدت من قضيّة الكتاب مع الهدهد أمرًا عجيبًا بديعًا، فقالت لهم: إنّي أخشى أن نحاربه ونمتنع عليه، فيقصدنا بجنوده، ويهلكنا بمن معه، ويخلص إليّ وإليكم الهلاك والدّمار دون غيرنا؛ ولهذا قالت: {إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها}.
قال ابن عبّاسٍ: أي إذا دخلوا بلدًا عنوة أفسدوه، أي: خرّبوه، {وجعلوا أعزّة أهلها أذلّةً} أي: وقصدوا من فيها من الولاة والجنود، فأهانوهم غاية الهوان، إمّا بالقتل أو بالأسر.
قال ابن عبّاسٍ: قالت بلقيس: {إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّةً}، قال الرّبّ، عزّ وجلّ {وكذلك يفعلون}. ثمّ عدلت إلى المهادنة والمصالحة والمسالمة والمخادعة والمصانعة، فقالت: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون} أي: سأبعث إليه بهديّةٍ تليق به وأنظر ماذا يكون جوابه بعد ذلك، فلعلّه يقبل ذلك ويكفّ عنّا، أو يضرب علينا خراجا نحمله إليه في كلّ عامٍ، ونلتزم له بذلك ويترك قتالنا ومحاربتنا. قال قتادة: رحمها اللّه ورضي عنها، ما كان أعقلها في إسلامها وفي شركها!! علمت أنّ الهديّة تقع موقعًا من النّاس.
وقال ابن عبّاسٍ وغير واحدٍ: قالت لقومها: إن قبل الهديّة فهو ملكٌ فقاتلوه، وإن لم يقبلها فهو نبي فاتبعوه). [تفسير ابن كثير: 6/ 189-190]

رد مع اقتباس