عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 14 رمضان 1438هـ/8-06-2017م, 10:56 AM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

البابُ العاشرُ: في بيانِ دَلالةِ العقلِ على ثبوتِ الأسماءِ والصِّفَاتِ.

قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى
: (البابُ العاشرُ:
في بيانِ دَلالةِ العقلِ على ثبوتِ الأسماءِ والصِّفَاتِ.

(إنَّهُ ليسَ في القرآنِ صفةٌ إلاَّ وقدْ دلَّ العقلُ الصريحُ على إثباتِها للهِ، فقدْ توَاطَأَ عليها دليلُ العقلِ ودليلُ السمعِ، فلا يمكنُ أنْ يُعَارَضَ بثُبُوتِها دليلٌ صحيحٌ البتَّةَ, لا عقليٌّ ولا سمعيٌّ، بلْ إنْ كانَ المعارِضُ سمعيًّا كانَ كذباً مُفْتَرًى أوْ ممَّا أخطأَ المعارِضُ في فهمِهِ، وإنْ كانَ عقلِيًّا فهوَ شُبَهٌ خياليَّةٌ وهميَّةٌ , لا دليلٌ عقليٌّ برهانيٌّ.
واعلمْ أنَّ هذهِ دعوى عظيمةٌ يُنكرُها كلُّ جهميٍّ ونافٍ وفيلسوفٍ وقُرْمُطِيٍّ وباطنيٍّ، ويعرفُها مَنْ نَوَّرَ اللهُ قلبَهُ بنورِ الإيمانِ، وباشرَ قلبُهُ معرفةَ الذي دعَتْ إليهِ الرسلُ، وأقَرَّتْ بهِ الفِطَرُ، وشَهِدَتْ بهِ العقولُ الصحيحةُ المستقيمةُ لا المنْكُوسَةُ الموْكُوسَةُ التي نَكَّسَتْ قلوبَ أصحابِها، فرَأَت الحقَّ باطلاً والباطلَ حقًّا والهُدَى ضلالةً، والضلالةَ هُدًى، وقدْ نبَّهَ اللهُ سُبحانَهُ في كتابِهِ على ذلكَ، وأرشدَ إليهِ، ودلَّ عليهِ في غيرِ موضعٍ منهُ، وبيَّنَ أنَّ ما وصَفَ بهِ نفسَهُ هوَ الكمالُ الذي لا يَسْتَحِقُّهُ سواهُ، فجاحِدُهُ جاحدٌ لكمالِ الربِّ، فإنَّهُ يُمْدَحُ بكلِّ صفةٍ وصفَ بها نفسَهُ، وأثنى بها على نفسِهِ، ومجَّدَ بها نفسَهُ، وحَمِدَ بها نفسَهُ، فذَكَرَها سُبحانَهُ على وَجْهِ المِدْحَةِ لهُ والتعظيمِ والتمجيدِ، وتعَرَّفَ بها إلى عبادِهِ، ليعرِفُوا كمالَهُ وعظمتَهُ ومجدَهُ وجلالَهُ، وكثيراً ما يذْكُرُها عندَ ذِكْرِ آلهتِهِم التي عبدُوها منْ دونِهِ، وجعلُوها شركاءَ لهُ، فيذكرُ سُبحانَهُ منْ صفاتِ كمالِهِ، وعُلُوِّهِ على عرشِهِ، وتكَلُّمِهِ، وتكليمِهِ، وإحاطةِ علمِهِ، ونفوذِ مشيئتِهِ ما هوَ مُنْتَفٍ عنْ آلهتِهم، فيكونُ ذلكَ منْ أدلِّ الدليلِ على بُطلانِ إلهيَّتِها وفسادِ عبادَتِها منْ دُونِهِ، ويذكرُ ذلكَ عندَ دعوَتِهِ عبادَهُ إلى ذكرِهِ وشكرِهِ وعبادتِهِ.
فيَذْكُرُ لهم منْ أوصافِ كمالِهِ، ونعوتِ جلالِهِ ما يجْذِبُ قلوبَهُم إلى المبادرةِ إلى دعوتِهِ، والمسارعةِ إلى طاعتِهِ، والتنافسِ في القربِ منهُ، ويذْكُرُ صفاتِهِ أيضاً عندَ ترغيبِهِ لهم، وترهيبِهِ، وتخويفِهِ، ليُعَرِّفَ القلوبَ مَنْ تخافُهُ وترجُوهُ، وترْغَبُ إليهِ، وترهَبُ منهُ، ويذكرُ صفاتِهِ أيضاً عندَ أحكامِهِ وأوامرِهِ ونواهِيهِ، فقلَّ أنْ تجدَ آيَةَ حُكْمٍ منْ أحكامِ المكلَّفِينَ إلاَّ وهيَ مُخْتَتَمَةٌ بصفةٍ منْ صفاتِهِ أوْ صفتيْنِ.
وقدْ يَذْكُرُ الصفةَ في أوَّلِ الآيَةِ ووسَطِها وآخرِها، كقولـِهِ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)} [المجادلة: 1].
فيذْكُرُ صفاتِهِ عندَ سؤالِ عبادِهِ لرسولِهِ عنهُ، ويذْكُرُها عندَ سؤالِهم لهُ عنْ أحكامِهِ، حتَّى إنَّ الصلاةَ لا تنعقدُ إلاَّ بذِكْرِ أسمائِهِ وصفاتِهِ، فذِكْرُ أسمائِهِ وصفاتِهِ رُوحُها وسِرُّها، يصْحَبُها منْ أوَّلِها إلى آخرِها، وإنَّما أمرَ بإقامَتِها ليُذْكَرَ بأسمائِهِ وصفاتِهِ، وأمرَ عبادَهُ أنْ يسأَلُوهُ بأسمائِهِ وصفاتِهِ، ففتحَ لهم بابَ الدعاءِ رَغَباً ورَهَباً ليَذْكُرَهُ الداعي بأسمائِهِ وصفاتِهِ، فيتوسَّلَ إليهِ بها، ولهذا كانَ أفضلَ الدعاءِ وأجوَبَهُ ما توَسَّلَ فيهِ الداعي إليهِ بأسمائِهِ وصفاتِهِ، قالَ اللهُ تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180].
وكانَ اسمُ اللهِ الأعظمُ في هاتيْنِ الآيتيْنِ: آيَةِ الكرسيِّ، وفاتحةِ آلِ عمرانَ ([1])؛ لاشتمالِهما على صفةِ الحياةِ المُصَحِّحَةِ لجميعِ الصِّفَاتِ، وصفةِ القَيُّوميَّةِ المتضمِّنَةِ لجميعِ الأفعالِ، ولهذا كانتْ سَيِّدَةَ آيِ القرآنِ وأفضلَها.
ولهذا كانتْ سورةُ الإخلاصِ تعْدِلُ ثلثَ القرآنِ ([2])؛ لأنَّها أُخْلِصَتْ للخبرِ عن الربِّ تعالى، وصفاتِهِ دونَ خلقِهِ، وأحكامِهِ، وثوابِهِ، وعقابِهِ.
وسمِعَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رَجُلاً يدْعُو: ((اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ بأنَّكَ أنتَ اللهُ الذي لا إلهَ إلاَّ أنتَ المنَّانُ، بديعُ السماواتِ والأرضِ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ يا حيُّ يا قيُّومُ)).
وسَمِعَ آخرَ يدْعُو: ((اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ بأنِّي أشهدُ أنَّكَ أنتَ اللهُ الذي لا إلهَ إلاَّ أنتَ الأحدُ الصمدُ الذي لمْ يلِدْ ولمْ يُولَدْ ولمْ يكُنْ لهُ كُفُواً أحدٌ)).
فقالَ لأحدِهِما: ((لَقَدْ سَأَلْتَ اللهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى)) ([3]).
وقالَ للآخرِ: ((سَلْ تُعْطَهْ)) ([4])، وذلكَ لما تضمَّنَهُ هذا الدعاءُ منْ أسماءِ الربِّ وصفاتِهِ.
وأحبُّ ما دعاهُ الداعي بهِ أسماؤُهُ وصفاتُهُ، وفي الحديثِ الصحيحِ عنهُ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- أنَّهُ قالَ: ((مَا أَصَابَ عَبْداً قَطُّ هَمٌّ وَلا حُزْنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي وَغَمِّي إِلاَّ أَذْهَبَ اللهُ هَمَّهُ وَغَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحاً))، قالُوا: أَفَلا نَتَعَلَّمُهُنَّ يا رسولَ اللهِ، قالَ: ((بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ يَسْمَعُهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ)) ([5]).
وقدْ نبَّهَ سُبحانَهُ على إثباتِ صفاتِهِ وأفعالِهِ بطريقِ المعقولِ، فاستيْقَظَتْ لتنبيهِهِ العقولُ الحيَّةُ، واستمرَّتْ على رِقْدَتِها العقولُ المَيْتَةُ، فقالَ اللهُ تعالى في صفةِ العلمِ: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)} [الملك: 14]؛ فتأمَّلْ صحَّةَ هذا الدليلِ، معَ غايَةِ إيجازِ لفظِهِ واختصارِهِ.
وقالَ سُبحانَهُ: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ} [النحل: 17]. فما أصحَّ هذا الدليلَ، وما أوْجَزَهُ!!
وقالَ تعالى: في صفةِ الكلامِ: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا}[الأعراف: 148]. نبَّهَ بهذا الدليلِ على أنَّ مَنْ لا يُكَلِّمُ ولا يَهْدِي لا يَصْلُحُ أنْ يكونَ إلهاً، وكذلكَ قولُهُ في الآيَةِ الأخرى عن العجلِ: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89)}[طه: 89]. فجعلَ امتناعَ صفةِ الكلامِ والتكليمِ، وعدمَ ملكِ الضرِّ والنفعِ دليلاً على عدمِ الإلهيَّةِ،وهذا دليلٌ عقليٌّ سمعيٌّ على أنَّ الإلهَ لا بُدَّ أنْ يُكَلِّمَ ويتكلَّمَ ويملكَ لعابدِهِ الضرَّ والنفعَ، وإلاَّ لمْ يكُنْ إلهاً.
وقالَ: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)} [البلد: 8-10]. نبَّهَكَ بهذا الدليلِ العقليِّ القاطعِ أنَّ الذي جعلَكَ تُبْصِرُ وتتكلَّمُ وتعلَمُ أوْلَى أنْ يكونَ بصيراً متكلِّماً عالماً، فأيُّ دليلٍ عقليٍّ قطعيٍّ أقوى منْ هذا وأبينُ وأقربُ إلى المعقولِ؟!
وقالَ تعالى في آلهةِ المشركينَ المعطِّلينَ: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} [الأعراف: 195]، فجعلَ سُبحانَهُ عدمَ البطشِ والمشيِ والسمعِ والبصرِ دليلاً على عدمِ إلهيَّةِ مَنْ عُدِمَتْ فيهِ هذهِ الصِّفَاتُ، فالبطشُ والمشيُ منْ أنواعِ الأفعالِ، والسمعُ والبصرُ منْ أنواعِ الصِّفَاتِ.
وقدْ وصَفَ نفسَهُ سُبحانَهُ بضدِّ صفةِ أربابِهم، وبضدِّ ما وصَفَهُ بهِ المُعَطِّلَةُ والجهمِيَّةُ، فوصفَ نفسَهُ بالسمعِ والبصرِ والفعلِ باليدَيْنِ والمجيءِ والإتيانِ، وذلكَ ضدُّ صفاتِ الأصنامِ التي جعلَ امتناعَ هذهِ الصِّفَاتِ عليها مُنافياً لإلهيَّتِها.
فتأمَّلْ آياتِ التوحيدِ والصِّفَاتِ في القرآنِ على كثْرَتِها وتفنُّنِها واتِّسَاعِها وتنوُّعِها كيفَ تجدُها كلَّها قدْ أثبتَت الكمالَ للموصوفِ بها، وأنَّهُ المتفرِّدُ بذلكَ الكمالِ؟ فليسَ لهُ فيهِ شَبَهٌ ولا مثالٌ، وأيُّ دليلٍ في العقلِ أوضحُ منْ إثباتِ الكمالِ المُطْلَقِ لخالقِ هذا العالمِ ومُدَبِّرِهِ، وملكِ السَّماوَاتِ والأرضِ وقيُّومِها، فإِذَا لمْ يكُنْ في العقلِ إثباتُ جميعِ أنواعِ الكمالِ لهُ فأيُّ قَضِيَّةٍ تَصِحُّ في العقلِ بعدَ هذا، ومَنْ شَكَّ في أنَّ صفةَ السمعِ، والبصرِ، والكلامِ، والحياةِ، والإرادةِ، والقدرةِ، والغضبِ، والرضا، والفرحِ، والرحمةِ، والرأفةِ كمالٌ، فهوَ مِمَّنْ سُلِبَ خاصَّةَ الإنسانيَّةِ، وانسلخَ من العقلِ، بلْ مَنْ شَكَّ أنَّ إثباتَ الوجهِ واليدَيْنِ وما أثبَتَهُ لنفْسِهِ معهما كمالٌ، فهوَ موؤُوفٌ مُصَابٌ في عقلِهِ، ومَنْ شكَّ أنَّ كونَهُ يفعلُ باختيارِهِ ما يشاءُ، ويتكَلَّمُ إذا شاءَ وينـزلُ إلى حيثُ شاءَ ويجيءُ إلى حيثُ شاءَ كمالٌ، فهوَ جاهلٌ بالكمالِ، والجامدُ عندَهُ أكملُ من الحيِّ الذي تقومُ بهِ الأفعالُ الاختياريَّةُ.
- كما أنَّ عندَ شقيقِهِ الجهميِّ أنَّ الفاقدَ لصفاتِ الكمالِ أكملُ من الموصوفِ بها.
- كما أنَّ عندَ أُسْتَاذِهِما وشيخِهِما الفيلسوفِ أنَّ مَنْ لا يسمعُ، ولا يُبصرُ ولا يعلمُ، ولا لهُ حياةٌ، ولا قدرةٌ، ولا إرادةٌ، ولا فعلٌ، ولا كلامٌ، ولا يُرسِلُ رسولاً، ولا يُنـزِلُ كتاباً، ولا يتصرَّفُ في هذا العالمِ بتحويلٍ وتغييرٍ، وإزالةٍ ونقلٍ، وإماتةٍ وإحياءٍ أكملُ ممَّنْ يتَّصِفُ بذلكَ.
فهؤلاءِ كلُّهم قدْ خالَفُوا صريحَ المعقولِ، وسلَبُوا الكمالَ عمَّنْ هوَ أحقُّ بالكمالِ منْ كلِّ ما سواهُ، ولمْ يكْفِهم ذلكَ حتَّى جعلوا الكمالَ نقصاً، وعدَمَهُ كمالاً، فعكَسُوا الأمرَ، وقلَبُوا الفِطَرَ، وأفسدُوا العقولَ.
فتأمَّلْ شُبَهَهم الباطلةَ، وخيالاتِهِم الفاسدةَ التي عارَضُوا بها الوحيَ هلْ تُقَاوِمُ هذا الدليلَ الدَّالَّ على إثباتِ الصِّفَاتِ والأفعالِ للربِّ سُبحانَهُ؟ ثمَّ اخْتَرْ لنفسِكَ بعدُ ما شِئْتَ.
وهذا قطرةٌ منْ بحرٍ نبَّهْنَا بهِ تنبيهاً يَعلمُ بهِ اللبيبُ ما وراءَهُ وإلاَّ فلوْ أعطَيْنَا هذا الموضعَ حقَّهُ –وهيهاتَ أنْ يَصِلَ إلى ذلكَ عِلْمُنا أوْ قُدْرَتُنا – لكتَبْنَا فيهِ عِدَّةَ أسفارٍ... واللهُ المستعانُ، وبهِ التوفيقُ)([6])
).[المرتبع الأسنى: ؟؟]


([1]) إشارةٌ إلى حديثٍ رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ (27064): قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنا عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي زِيادٍ، قالَ: حَدَّثَنَا شَهْرُ ابْنُ حَوْشَبٍ، عن أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، قالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ يقولُ في هاتينِ الآيتَينِ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} و {الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)} : إِنَّ فيهِمَا اسْمَ اللهِ الأَعْظَمَ.
وفيه شَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ مُخْتَلَفٌ فيه؛ تَرَكَهُ يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ القَطَّانُ، وشُعْبَةُ، وابنُ عَوْنٍ، وطَعَنَا فيه.
ووَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِينٍ، وقالَ البُخَارِيُّ: حسَنُ الحَدِيثِ. وقال الإمامُ أَحْمَدُ وأَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِه بَأْسٌ . على أنَّ للحديثِ شاهدًا عندَ ابْنِ مَاجَهْ (3899) في كتابِ الدعاءِ/ بابُ اسمِ اللهِ الأعظمِ، من حديثِ القاسمِ، عن أبي أُمامَةَ مَقْطُوعًا ومَرْفُوعًا.
وعندَ الدَّارِمِيِّ في كتابِ فَضائِلِ القُرآنِ (3393) من طَرِيقِ جَابِرٍ (أَظُنُّهُ الجُعْفِيَّ) عن أبي الضُّحَى، عن مَسْرُوقٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه مرفوعًا.
([2]) إشارةٌ إلى حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، وقد أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ في كتابِ فضائلِ القُرآنِ / بابُ فَضْلِ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} (5014) والنَّسَائِيُّ في كتابِ الافتتاحِ / بابُ الفضـلِ في قـراءةِ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} (994)، وأبو داودَ في كتابِ الصلاةِ / بابٌ فِي سُورَةِ الصَّمَدِ (1461).
وفي البابِ أَحادِيثُ أُخَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وأنسِ بنِ مَالِكٍ، وأبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وأبي مَسْعُودٍ، وأبي الدرداءِ، وغيرِهِم رَضِيَ اللهُ عَنْهم.
([3]) رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ (11795)، والتِّرْمِذِيُّ في كتابِ الدَّعَوَاتِ / بابُ خَلْقِ اللهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ (3544)، وأبو داودَ في كتابِ الصلاةِ / بابُ الدعاءِ (1492)، وابْنُ مَاجَهْ في كتابِ الدعاءِ / بابُ اسمِ اللهِ الأعظمِ (3858)، من طُرُقٍ عن أَنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه. وزيادةُ: "يا حَيُّ يَا قَيُّومُ" عند أَبِي دَاوُدَ فَقَطْ.
([4]) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ في كتابِ الدَّعَوَاتِ / بابُ جامِعِ الدَّعَوَاتِ عنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ (3475)، وابْنُ مَاجَهْ في كتابِ الدعاءِ / بابُ اسمِ اللهِ الأعظمِ (3857) من حديثِ بُرَيْدَةَ بنِ الحُصَيْبِ الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه.
([5]) سَبَقَ تَخْرِيجُهُ صفحة 97.
([6]) الصواعقُ المُرْسَلَةُ (909-917).


رد مع اقتباس