عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 12:27 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (85) وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آَمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (87) قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89) وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (90) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (92) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93)}


تفسير قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (85)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها...}
وإصلاحها بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر بالحلال وينهى عن الحرام. فذلك صلاحها. وفسادها العمل - قبل أن يبعث النبي - بالمعاصي.
وقوله شعيب: {قد جاءتكم بيّنةٌ مّن رّبّكم} لم يكن له آية إلا النبوّة. وكان لثمود الناقة، ولعيسى إحياء الموتى وشبهه). [معاني القرآن: 1/ 386]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا تّبخسوا النّاس أشياءهم} مجازه: لا تظلموا الناس حقوقهم ولا تنقصوها وقالوا في المثل: (نحسبها حمقاء وهي باخسة): أي ظالمة). [مجاز القرآن: 1/ 219]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وإلى مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم مّن إله غيره قد جاءتكم بيّنةٌ مّن رّبّكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا النّاس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خيرٌ لّكم إن كنتم مّؤمنين}
وقال: {فأوفوا الكيل والميزان} ). [معاني القرآن: 2/ 13]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {ولا تبخسوا الناس} بخسه: ظلمه؛ وقوله {بثمن بخس} من ذلك؛ أي ظلم ونقص). [معاني القرآن لقطرب: 594]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بيّنة من ربّكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا النّاس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين (85)}؛
مدين لا ينصرف لأنه اسم للقبيلة أو البلدة، وجائز أن يكون أعجميا.
وقوله: {قد جاءتكم بيّنة من ربّكم فأوفوا الكيل والميزان}.
قال بعض النحويين؛ لم يكن لشعيب آية إلا النبوة، وهذا غلط فاحش.
قال قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل فجاء بالفاء جوابا للجزاء، فكيف يقول: قد جاءتكم بينة من ربكم ولم يكن له آية إلا النبوة، فإن كان مع النبوة آية فقد جاءهم بها.
وقد أخطأ القائل بقوله: لم تكن له آية، ولو ادّعى مدّع النبوة بغير آية لم تقبل منه، ولكن القول في شعيب أن آيته كما قال بينة.
إلا
أن الله جل ثناؤه ذكر بعض آيات الأنبياء في القرآن وبعضهم لم يذكر آيته، فمن لم تذكر آيته لا يقال: لا آية له.
وآيات محمد النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تذكر كلها في القرآن ولا أكثرها.
وقوله: {ولا تبخسوا النّاس أشياءهم}
البخس النقص والقلّة، يقال بخست أبخس بالسين، وبخصت عينه بالصاد لا غير مثل فقأت عينيه.
{ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها}؛
أي لا تعملوا فيها بالمعاصي وبخس الناس بعد أن أصلحها الله بالأمر بالعدل وإرسال الرسل). [معاني القرآن: 2/ 353-354]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا تبخسوا الناس أشياءهم}: البخس النقصان). [معاني القرآن: 3/ 52]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} أي بعد أن أصلحها الله بالأمر بالعدل وإرسال الرسل). [معاني القرآن: 3/ 52]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا تقعدوا بكلّ صراطٍ توعدون...}
كانوا يقعدون لمن آمن بالنبيّ على طرقهم يتوعّدونهم بالقتل. وهو الإيعاد والوعيد. إذا كان مبهما فهو بألف، فإذا أوقعته فقلت: وعدتك خيرا أو شرا كان بغير ألف؛ كما قال تبارك وتعالى: {النار وعدها الله الذين كفروا} ). [معاني القرآن: 1/ 386]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {تبغونها عوجاً} مكسورة الأول مفتوح ثاني الحروف وهو الإعوجاج في الدين وفي الأرض، وفي آية أخرى: {لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً} (20/107) والعوج إذا فتحوا أوله والحرف الثاني فهو الميل فيما كان قائماً نحو الحائط والقناة والسّن ونحو ذلك). [مجاز القرآن: 1/ 219-220]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ولا تقعدوا بكلّ صراطٍ توعدون وتصدّون عن سبيل اللّه من آمن به وتبغونها عوجاً واذكروا إذ كنتم قليلاً فكثّركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين}
ثم قال: {ولا تقعدوا بكلّ صراطٍ توعدون} تقول: "هم في البصرة" و"بالبصرة" و"قعدت له في الطّريق" و"بالطّريق"). [معاني القرآن: 2/ 13-14]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا تقعدوا بكلّ صراط توعدون وتصدّون عن سبيل اللّه من آمن به وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثّركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين (86)}؛ أي بكل طريق.
ومعنى توعدون أي توعدون من آمن بشعيب بالعذاب والتهدد يقال: وعدته خيرا، ووعدته شرّا، فإذا لم تذكر واحدا منهما.
قلت في الخير وعدته وفي الشر أوعدته.
وقوله: {وتصدّون عن سبيل اللّه}؛
أي: عن الطريق التي آمن اللّه من آمن بها.
{وتبغونها عوجا}؛
أي: وتريدون الاعوجاج والعدول عن القصد.
يقال في الدين وفيما يعلم إذا كان على غير استواء عوج بكسر العين وفي الحائط والعود عوج بفتح العين.
وقوله: {واذكروا إذ كنتم قليلا فكثّركم}؛
جائز أن يكون {فكثّركم} جعلكم أغنياء بعد أن كنتم فقراء، وجائز أن يكون كان عددهم قليلا فكثرهم، وجائز أن يكونوا غير ذوي مقدرة وأقدار فكثرهم، إلا أنه ذكرهم بنعمة الله عليهم كما قال: {فاذكروا آلاء اللّه}؛ أي نعم اللّه). [معاني القرآن: 2/ 354-355]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون}
قال قتادة: أي توعدون من أتى شعيبا وغشية وأراد الإسلام بالأذى.
ويقال وعدته خيرا أو شرا فإذا قلت وعدته لم يكن إلا للخير وإذا قلت أوعدته لم يكن إلا للشر.
ثم قال جل وعز: {وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا}؛
قال قتادة: أي وتبغون السبيل عوجا عن الحق، والسبيل الطريق والمذهب.
ثم قال جل وعز: {واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم}
1 - يجوز أن يكونوا قليلي العدد.
2-ويجوز أن يكونوا فقراء فكثرهم بالغنى.
3-ويجوز أن يكونوا غير ذوي مقدرة
والله أعلم بما أراد إلا أنه ذكرهم نعمة من نعم الله جل وعز كما قال تعالى: {فاذكروا آلاء الله} ). [معاني القرآن: 3/ 54]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آَمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (87)}

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال الملأ الّذين استكبروا من قومه لنخرجنّك يا شعيب والّذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودنّ في ملّتنا قال أولو كنّا كارهين (88)}
المعنى: ليكونن أحد الأمرين، ولا تقارّ على مخالفتنا.
وقوله: {قال أولو كنّا كارهين}؛
أي: أتعيدوننا في ملتكم وإن كرهناها.
فإن قال قائل: كيف قالوا لشعيب: أو لتعودنّ في ملّتنا، وشعيب نبيّ؟
ففيه قولان:
أحدهما: لما أشركوا الذين كانوا على ملّتهم قالوا: أو لتعودنّ في ملّتنا. وجائز أن يقال: قد عاد عليّ من فلان مكروه، وإن لم يكن سبقه مكروه قبل ذلك وإنما تأويله إنّه قد لحقني منه مكروه). [معاني القرآن: 2/ 355]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا}
يقال: كيف قالوا هذا لشعيب وهو نبي؟ فعلى هذا جوابان:
أحدهما: أن يكون معنى لتعودن لتصيرن كما تقول عاد علي من فلان مكروه.
والجواب الآخر: أنهم لما خلطوا معه من آمن منهم جاز أن يقولوا أو لتعودن في ملتنا يعنون من آمن، قال: أولو كنا كارهين أي أنعود في ملتكم ولو كنا كارهين وقوله: {وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا} على التسليم لله كما قال تعالى: {وما توفيقي إلا بالله}
والدليل على هذا أن بعده وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق قال قتادة: أي اقض بيننا وبين قومنا بالحق
وروى إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله تعالى: {افتح بيني وبينهم فتحا} قال معناه النصر). [معاني القرآن: 3/ 54-55]

تفسير قوله تعالى: {قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ربّنا افتح بيننا...}
يريد: اقض بيننا، وأهل عمان يسمون القاضي الفاتح والفتاح). [معاني القرآن: 1/ 386]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ} أي احكم بيننا. قال: والقاضي يقال له الفتاح، قال:
ألا أبلغ بنى عصمٍ رسولا ....... بأني عن فتاحتكم غنىّ
وهو لبعض مراد). [مجاز القرآن: 1/ 220-221]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {افتح بيننا وبين قومنا}: احكم ومنه {خير الفاتحين}). [غريب القرآن وتفسيره: 148]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ربّنا افتح بيننا} أي احكم بيننا. ويقال للحاكم: الفتاح). [تفسير غريب القرآن: 170]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال عز وجل: {ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ} [سبأ: 26] أي: يقضي، {وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ}: أي خير القضاة.
وقال أعرابي لآخر ينازعه: بيني وبينكم الفتاح، يعني الحاكم.
وقال ابن عباس في قول الله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] كنت أقرؤها ولا أدري ما هي، حتى تزوجت بنت مشرح فقالت: فتح الله بيني وبينك، أي حكم الله بيني وبينك). [تأويل مشكل القرآن: 492-493]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قد افترينا على اللّه كذبا إن عدنا في ملّتكم بعد إذ نجّانا اللّه منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلّا أن يشاء اللّه ربّنا وسع ربّنا كلّ شيء علما على اللّه توكّلنا ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ وأنت خير الفاتحين (89)}
{وما يكون لنا أن نعود فيها إلّا أن يشاء اللّه}؛
اختلف الناس في تأويل هذا، فأولى التأويلات باللفظ أن يكون:
{وما يكون لنا أن نعود فيها إلّا أن يشاء اللّه}لأنه لا يكون غير ما يشاء اللّه.
وهذا مذهب أهل السنة.
قال اللّه عز وجل: (وما تشاءون إلّا أن يشاء اللّه)، والمشيئة في اللغة بيّنة لا تحتاج إلى تأويل.
فالمعنى: ما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يكون الله عزّ وجلّ قد سبق في علمه ومشيئته أنا نعود فيها.
وتصديق ذلك قوله: {وسع ربّنا كلّ شيء علما}
ثم قال: {على اللّه توكّلنا}
وفي موضع آخر: {وما توفيقي إلّا باللّه عليه توكّلت}
وقال قوم: (وما يكون لنا أن نعود فيها إلّا أن يشاء اللّه ربّنا)
أي فاللّه لا يشاء الكفر، قالوا: هذا مثل قولك: لا أكلّمك حتى يبيضّ الفار ويشيب الغراب، والفار لا يبيض، والغراب لا يشيب.
قالوا فكذلك تأويل الآية.
قال أبو إسحاق: وهذا خطأ لمخالفته أكثر من ألف موضع في القرآن لا تحتمل تأويلين، ولا يحدث شيء إلا بمشيئته وعن علمه.
إما أن يكون علمه حادثا فشاءه حادثا، أو علمه غير حادث فشاءه غير حادث.
ولا يجوز لما مكن الخلق من التصرف أن يحدث الممتنع موجودا، ولا يكون ما علمه أنّه يوجد ممتنعا.
وسنة الرسول -عليه السلام- تشهد بذلك ولكن اللّه تبارك وتعالى غيب عن الخلق علمه فيهم، ومشيئته من أعمالهم فأمرهم ونهاهم.
لأن الحجة إنما تثبت من جهة الأمر والنهي، وكل ذلك جائز على ما سبق في العلم وجرت به المشيئة، قال الله تعالى: {وما تسقط من ورقة إلّا يعلمها ... الآية}.
فسقوط الورقة منسوب إليها وهو خلقه فيها كما خلقها، وكذلك إلى آخر الآية.
وقال: (يعلم ما في أنفسكم فاحذروه)، وما في النفوس من الخواطر الجائلة والهم الجائل والعزم الجائل فيها. فلا يجوز عدم ما علمه كائنا فيها، ولا يجوز كون ما علمه معدوما.
فحذرهم مخالفة ظاهر أمره ونهيه لأن عليهم السمع والطاعة للأمر إذا أمروا به، وهم جارون على ما علم منهم أنّهم يختارون الطاعة، ويختارون المعصية، فلا سبيل إلى أن يختاروا خلاف ما علم أنهم يختارونه.
وإن لم يكن الأمر على ما قلنا وجب أن يكون قولهم: علم اللّه أفعال العباد قبل كونها إنما هو علم مجاز لا علم حقيقة.
واللّه تعالى عالم على حقيقة لا مجاز، والحمد للّه.
وقال قوم - وهو بعد القول الأول قريب -:
إن المعنى: (وما يكون لنا أن نعود فيها إلّا أن يشاء اللّه ربّنا).
أي قد تبرأنا من جميع ملّتكم فما يكون لنا أن نعود في شيء منها إلا أن يشاء اللّه وجها من وجوه البر الذي تتقربون به إلى اللّه، فيأمرنا به، فنكون بهذا قد عدنا.
قال أبو إسحاق: والذي عندي - وهو إن شاء اللّه الحقّ - القول الأول.
لأن قوله: {بعد إذ نجّانا اللّه منها}، إنّما هو، النجاة من الكفر وأعمال المعاصي لا من أعمال البر.
وقوله: {وسع ربّنا كلّ شيء علما}.
(علما) منصوب على التمييز.
وقوله: {ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ}.
أهل عمان يسمون القاضي الفاتح والفتاح.
وجائز أن يكون افتح بيننا وبين قومنا بالحق، أي أظهر أمرنا حتى ينفتح ما بيننا وبين قومنا وينكشف، فجائز أن يكون يسألون بهذا أن ينزل بقومهم من العذاب والهلكة ما يظهر به أن الحق معهم). [معاني القرآن: 2/ 355-358]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({افْتَحْ بَيْنَنَا} احكم، ويقال للحاكم: الفتاح). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 85]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {افْتَحْ}: احكم). [العمدة في غريب القرآن: 136]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (90)}

تفسير قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {الرّجفة} : من رجفت بهم الأرض أي تحركت بهم). [مجاز القرآن: 1/ 221]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فأخذتهم الرّجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين (91)}
هي الزلزلة الشديدة.
وقوله جلّ وعزّ: {فأصبحوا في دارهم جاثمين}؛ أي: أجساما ملقاة في الأرض كالرماد الجاثم). [معاني القرآن: 2/ 358]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (92)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {كأن لم يغنوا فيها}؛ أي لم ينزلوا فيها ولم يعيشوا فيها، قال مهلهل:
غنيت دارنا تهامة في الده ....... ر وفيها بنو معدٍّ حلولا
وقولهم مغاني الديار منها، واحدها مغنىً قال:
أتعرف مغنى دمنةٍ ورسوم). [مجاز القرآن: 1/ 221]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {الّذين كذّبوا شعيباً كأن لّم يغنوا فيها الّذين كذّبوا شعيباً كانوا هم الخاسرين}
وقال: {كأن لّم يغنوا فيها} وهي من "غنيت" "تغنى" "غنى"). [معاني القرآن: 2/ 14]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {كأن لم يغنوا فيها} فالفعل: غني غنى مقصور، وغنيانا وغنيا وغناوة، ويقال: غني القوم بالمكان: أقاموا به؛ وقالوا: أدام الله لك الغنية؛ يريدون: الغنى من المال، وقد غني الرجل غنى وغنيانًا، وقالوا: نسأل الله الغناة عن الناس؛ أي الغنى.
وقال الشاعر في معنى المقام بالمكان:
وقد نغنى بها ونرى عصورا = به يقتدننا الخرد الخدالا). [معاني القرآن لقطرب: 595]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يغنوا فيها}: يكونوا فيها والمغاني المنازل التي نزلوها. واحدها مغني). [غريب القرآن وتفسيره: 148]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {كأن لم يغنوا فيها} أي لم يقيموا فيها. يقال: غنينا بمكان كذا: أقمنا. ويقال للمنازل: مغان. واحدها مغنى). [تفسير غريب القرآن: 170]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {الّذين كذّبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الّذين كذّبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين (92)}
{كأن لم يغنوا فيها}؛ أي كأن لم ينزلوا فيها.
قال الأصمعي: المغاني المنازل التي نزلوا بها، يقال غنينا بمكان كذا وكذا، أي نزلنا به.
ويكون {كأن لم يغنوا فيها}؛ كأن لم ينزلوا كان لم يعيشوا فيها مستغنين، كما قال حاتم طيّ:
غنينا زمانا بالتّصعلك والغنى ....... فكلاّ سقاناه بكأسيهما الدهر
فما زادنا بغيا على ذي قرابة ....... غنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقر

والعرب تقول للفقير الصعلوك). [معاني القرآن: 2/ 358]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {كأن لم يغنوا فيها}؛
قال قتادة: أي: كأن لم يعيشوا ولم يتنعموا.
قال الأصمعي يقال غنينا بمكان كذا أي أقمنا فيه والمنازل يقال لها: المغاني.
ومعنى فكيف آسى: فكيف أحزن والأسى أشد الحزن). [معاني القرآن: 3/ 55-56]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} أي لم يُقيموا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 86]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لم يَغْنَوْا}: يكونوا). [العمدة في غريب القرآن: 136]

تفسير قوله تعالى: {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فكيف آسى}: أي أحزن وأتندم وأتوجع، ومصدره الأسى، وقال:
وانحلبت عيناه من فرط الأسى). [مجاز القرآن: 1/ 222]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فتولّى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربّي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين (93)}
أي حين نزل بهم العذاب تولى عنهم.
{وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربّي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين}.
معنى آسى أحزن - أي كيف يشتد حزني.
يقال: أسيت على الشيء آسى أسى إذا اشتد حزنك عليه.
قال الشاعر:
وانحلبت عيناه من فرط الأسى). [معاني القرآن: 2/ 358-359]


رد مع اقتباس