عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 11:34 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين}.
يقول تعالى ذكره: ثمّ بعثنا من بعد نوحٍ وهودٍ وصالحٍ ولوطٍ وشعيبٍ موسى بن عمران. والهاء والميم اللّتان في قوله: {من بعدهم} هي كناية ذكر الأنبياء عليهم السّلام الّتي ذكرت من أوّل هذه السّورة إلى هذا الموضع. {بآياتنا} يقول: بحججنا وأدلّتنا إلى فرعون وملئه، يعني: إلى جماعة فرعون من الرّجال. {فظلموا بها} يقول: فكفروا بها. والهاء والألف اللّتان في قوله: {بها} عائدتان على الآيات. ومعنى ذلك: فظلموا بآياتنا الّتي بعثنا بها موسى إليهم. وإنّما جاز أن يقال: فظلموا بها، بمعنى: كفروا بها؛ لأنّ الظّلم وضع الشّيء في غير موضعه، وقد دللت فيما مضى على أنّ ذلك معناه بما أغنى عن إعادته. والكفر بآيات اللّه: وضعٌ لها في غير موضعها، وصرفٌ لها إلى غير وجهها الّذي عنيت به. {فانظر كيف كان عاقبة المفسدين} يقول جلّ ثناؤه لنبيّه محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم-: فانظر يا محمّد بعين قلبك كيف كان عاقبة هؤلاء الّذين أفسدوا في الأرض، يعني فرعون وملأه؛ إذ ظلموا بآيات اللّه الّتي جاءهم بها موسى عليه السّلام، وكان عاقبتهم أنّهم أغرقوا جميعًا في البحر). [جامع البيان: 10/ 341]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ثمّ بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين (103)}
قوله تعالى: {ثمّ بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملائه فظلموا بها}
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو يحيى الرّازيّ، عن موسى بن عبيدة، عن محمّد بن المنكدر قال: عاش فرعون ثلاثمائة سنةٍ منها مائتان وعشرون سنةً لم ير فيها ما يقذي عينه ودعاه موسى ثمانين سنةً.
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن سعيدٍ الجوهريّ، ثنا أبو أسامة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: كان فرعون فارسيًّا من أهل اصطخر.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ، أخبرني ابن لهيعة: أنّ فرعون كان من أبناء مصر). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1531]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: إنما سمي موسى لأنه ألقى بين ماء وشجر فالماء بالقبطية: مو والشجر: سى.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: كان فرعون فارسيا من أهل اصطخر.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن لهيعة، أن فرعون كان من أبناء مصر.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن المنكدر قال: عاش فرعون ثلاثمائة سنة منها مائتان وعشرون سنة لم ير فيها ما يقذي عينيه ودعاه موسى ثمانين سنة.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طلحة، أن فرعون كان قبطيا ولد زنا طوله سبعة أشبار.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: كان فرعون علجا من همدان.
- وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال: قال موسى عليه السلام: يا رب أمهلت فرعون أربعمائة سنة وهو يقول: أنا ربكم الأعلى ويكذب بآلائك ويجحد رسلك، فأوحى الله إليه: إنه كان حسن الخلق سهل الحجاب فأحببت أن أكافئه
- وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: أول من خضب بالسواد فرعون.
- وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم بن مقسم الهذلي قال: مكث فرعون أربعمائة سنة لم يصدع له رأس.
- وأخرج عن أبي اأاشرس قال: مكث فرعون أربعمائة سنة الشباب يغدو فيه ويروح.
- وأخرج الخطيب عن الحكم بن عتيبة قال: أول من خضب بالسواد فرعون حيث قال له موسى: إن أنت آمنت بالله سألته أن يرد عليك شبابك فذكر ذلك لهامان فخضبه هامان بالسواد، فقال له موسى: ميعادك ثلاثة أيام، فلما كانت ثلاثة أيام فصل خضابه.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: كان يغلق دون فرعون ثمانون بابا فما يأتي موسى بابا منها إلا انفتح له ولا يكلم أحدا حتى يقوم بين يديه). [الدر المنثور: 6/ 490-492]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال موسى يا فرعون إنّي رسولٌ من ربّ العالمين}.
يقول جلّ ثناؤه: وقال موسى لفرعون: {يا فرعون إنّي رسولٌ من ربّ العالمين}). [جامع البيان: 10/ 342]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وقال موسى يا فرعون إنّي رسولٌ من ربّ العالمين (104)}
قوله تعالى: {وقال موسى يا فرعون إنّي رسولٌ من ربّ العالمين}
- ذكر، عن ابن أبي عمر السّعدنيّ، ثنا سفيان عن أبي سعيدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: ما زاده إلا رغمًا قال: {إنّي رسولٌ من رب العالمين}). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1531]

تفسير قوله تعالى: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105)}
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: ... {حقيقٌ} : «حقٌّ» ). [صحيح البخاري: 6/ 58]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: حقيقٌ حقٌّ تقدّم في أحاديث الأنبياء). [فتح الباري: 8/ 300]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حقيقٌ حقٌّ
أشار به إلى قوله تعالى: {وقال موسى يا فرعون إنّي رسول من رب العالمين حقيق على أن لا أقول على الله إلاّ الحق} وفسّر قوله حقيق، بقوله حق أي: جدير بذلك حري به). [عمدة القاري: 18/ 234]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله تعالى: {إني رسول من رب العالمين} ({حقيق}) أي (حق) واجب عليّ). [إرشاد الساري: 7/ 125]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {حقيقٌ على أن لا أقول على اللّه إلاّ الحقّ قد جئتكم ببيّنةٍ مّن رّبّكم فأرسل معي بني إسرائيل (105) قال إن كنت جئت بآيةٍ فأت بها إن كنت من الصّادقين}.
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {حقيقٌ على أن لا أقول} فقرأه جماعةٌ من قرّاء المكّيّين والمدنيّين والبصرة والكوفة: {حقيقٌ على أن لا أقول} بإرسال الياء من {على} وترك تشديدها، بمعنى: أنا حقيقٌ بأن لا أقول على اللّه إلاّ الحقّ، فوجّهوا معنى على إلى معنى الباء، كما يقال: رميت بالقوس وعلى القوس، وجئت على حالٍ حسنةٍ، وبحالٍ حسنةٍ.
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: إذا قرئ ذلك كذلك، فمعناه: حريصٌ على أن لا أقول إلاّ بحقٍّ.
وقرأ ذلك جماعةٌ من أهل المدينة: (حقيقٌ عليّ أن لا أقول) بمعنى: واجبٌ عليّ أن لا أقول، وحقٌّ عليّ أن لا أقول.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى، قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما أئمّةٌ من القرّاء، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ في قراءته الصّواب.
وقوله: {قد جئتكم ببيّنةٍ من ربّكم} يقول: قال موسى لفرعون وملئه: قد جئتكم ببرهانٍ من ربّكم يشهد أيّها القوم على صحّة ما أقول وصدق ما أذكر لكم من إرسال اللّه إيّاي إليكم رسولاً، فأرسل يا فرعون معي بني إسرائيل فقال له فرعون: {إن كنت جئت بآيةٍ}، يقول: بحجّةٍ وعلامةٍ شاهدةٍ على صدق ما تقول. {فأت بها إن كنت من الصّادقين}). [جامع البيان: 10/ 342-343]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({حقيقٌ على أن لا أقول على اللّه إلّا الحقّ قد جئتكم ببيّنةٍ من ربّكم فأرسل معي بني إسرائيل (105) قال إن كنت جئت بآيةٍ فأت بها إن كنت من الصّادقين (106)}
قوله تعالى: {حقيقٌ عليّ أن لا أقول على الله إلا الحق إلى الصادقين}
- حدّثنا عمّار بن خالدٍ، ثنا محمّد بن الحسن ويزيد بن هارون، عن أصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: فقال فرعون لموسى: ما تريد؟ قال: أريد أن تؤمن باللّه، وأن ترسل معي بني إسرائيل فأبى عليه ذلك وقال: آتي بآيةٍ إن كنت من الصّادقين). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج أبو الشيخ عن مجاهد، أنه كان يقرأ (حقيق علي أن لا أقول) ). [الدر المنثور: 6/ 492]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {حقيقٌ على أن لا أقول على اللّه إلاّ الحقّ قد جئتكم ببيّنةٍ مّن رّبّكم فأرسل معي بني إسرائيل (105) قال إن كنت جئت بآيةٍ فأت بها إن كنت من الصّادقين}.
...
وقوله: {قد جئتكم ببيّنةٍ من ربّكم} يقول: قال موسى لفرعون وملئه: قد جئتكم ببرهانٍ من ربّكم يشهد أيّها القوم على صحّة ما أقول وصدق ما أذكر لكم من إرسال اللّه إيّاي إليكم رسولاً، فأرسل يا فرعون معي بني إسرائيل فقال له فرعون: {إن كنت جئت بآيةٍ}، يقول: بحجّةٍ وعلامةٍ شاهدةٍ على صدق ما تقول. {فأت بها إن كنت من الصّادقين}). [جامع البيان: 10/ 342-343] (م)
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({حقيقٌ على أن لا أقول على اللّه إلّا الحقّ قد جئتكم ببيّنةٍ من ربّكم فأرسل معي بني إسرائيل (105) قال إن كنت جئت بآيةٍ فأت بها إن كنت من الصّادقين (106)}
قوله تعالى: {حقيقٌ عليّ أن لا أقول على الله إلا الحق إلى الصادقين}
- حدّثنا عمّار بن خالدٍ، ثنا محمّد بن الحسن ويزيد بن هارون، عن أصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: فقال فرعون لموسى: ما تريد؟ قال: أريد أن تؤمن باللّه، وأن ترسل معي بني إسرائيل فأبى عليه ذلك وقال: آتي بآيةٍ إن كنت من الصّادقين). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1532] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {فإذا هي ثعبان مبين} قال تحولت حية عظيمة قال معمر وقال غيره مثل المدينة). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 233]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فألقى عصاه فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ (107) ونزع يده فإذا هي بيضاء للنّاظرين}.
يقول جلّ ثناؤه: {فألقى} موسى {عصاه فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ} قال حيّةٌ {مبينٌ} يقول: تتبيّن لمن يراها أنّها حيّةٌ.
وبما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ} قال: تحوّلت حيّةً عظيمةً. وقال غيره: مثل المدينة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ} يقول: فإذا هي حيّةٌ كادت تتسوّره، يعني كادت تثب عليه.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ} والثّعبان: الذّكر من الحيّات، فاتحةٌ فاها، واضعةٌ لحيها الأسفل في الأرض، والأعلى على سور القصر. ثمّ توجّهت نحو فرعون لتأخذه، فلمّا رآها ذعر منها، ووثب فأحدث، ولم يكن يحدث قبل ذلك، وصاح: يا موسى خذها وأنا مؤمنٌ بك وأرسل معك بني إسرائيل فأخذها موسى فعادت عصًا.
- حدّثني عبد الكريم بن الهيثم، قال: حدّثنا إبراهيم بن بشّارٍ، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، قال: حدّثنا أبو سعدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ} قال: ألقى العصا فصارت حيّةً، فوضعت فقمًا لها أسفل القبّة، وفقمًا لها أعلى القبّة قال عبد الكريم: قال إبراهيم: وأشار سفيان بأصبعه الإبهام والسّبّابة هكذا شبه الطّاق فلمّا أرادت أن تأخذه، قال فرعون: يا موسى خذها فأخذها موسى بيده، فعادت عصًا كما كانت أوّل مرّةٍ.
- حدّثنا العبّاس بن الوليد، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا الأصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: ألقى عصاه، فتحوّلت حيّةً عظيمةً فاغرةً فاها، مسرعةً إلى فرعون، فلمّا رأى فرعون أنّها قاصدةٌ إليه، اقتحم عن سريره، فاستغاث بموسى أن يكفّها عنه، ففعل.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ثعبانٌ مبينٌ} قال: الحيّة الذّكر.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدّثني عبد الصّمد بن معقلٍ أنّه سمع وهب بن منبّهٍ، يقول: لمّا دخل موسى على فرعون، قال له موسى: أعرّفك؟ قال: نعم، قال: {ألم نربّك فينا وليدًا} قال: فردّ إليه موسى الّذي ردّ، فقال فرعون: خذوه فبادره موسى فألقى عصاه، فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ، فحملت على النّاس فانهزموا، فمات منهم خمسةٌ وعشرون ألفًا، قتل بعضهم بعضًا، وقام فرعون منهزمًا حتّى دخل البيت.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا أبو سعدٍ، قال: سمعت مجاهدًا، يقول في قوله: {فألقى عصاه فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ} قال: حيّةٌ تسعى.
حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا ديلم بن غزوان، عن فرقدٍ السًّبخيّ في قوله: {فألقاها فإذا هي حيّةٌ تسعى} قال: ما بين لحييها أربعون ذراعًا.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبدة بن سليمان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ} قال: الحيّة الذّكر). [جامع البيان: 10/ 343-346]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({فألقى عصاه فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ (107) }
قوله تعالى: {فألقى عصاه}
- حدّثنا أبي، ثنا عبد الأعلى بن حمّادٍ النّرسيّ، ثنا أبو بدرٍ شجاع بن الوليد على ابن أبي غنيّة، عن الحكم قال: كانت عصى موسى عليه الصّلاة والسّلام من عوسجٍ ولم يسخّر العوسج لأحدٍ بعده.
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم، عن عبد الصّمد بن معقلٍ قال: سمعت وهب بن منبّهٍ قال قال فرعون لموسى: ألم نربّك فينا وليدًا قال: فردّ إليه موسى الّذي ردّ، فقال فرعون:
خذوه فبادره موسى فألقى عصاه فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ فحملت على النّاس فانهزموا منها فمات منهم خمسةٌ وعشرون ألفًا قتل بعضهم بعضًا، فقام فرعون منهزمًا حتّى دخل البيت.
قوله تعالى: {فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ}
- حدّثنا عمّار بن خالدٍ، ثنا محمّد بن الحسن، ويزيد بن هارون، عن أصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب، حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: فألقى عصاه فتحوّلت حيّةً عظيمةً فاغرةً فاها، مسرعةً إلى فرعون فلمّا رآها فرعون أنّها قاصدةٌ إليه خافها فاقتحم على سريره، واستغاث بموسى أن يكفّها عنه ففعل.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيدة، عن جويبرٌ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ثعبانٌ مبينٌ} قال: الحيّة الذّكر.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الأعلى الصّنعانيّ، ثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ قال: تحوّلت حيّةً عظيمةً، وقال غيره: مثل المدينة، وقال قتادة: فأكلت سحرهم كلّه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1532-1533]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {فألقى عصاه} قال: ذكر لنا أن تلك العصا عصا آدم أعطاه إياها ملك حين توجه إلى مدين فكانت تضيء له بالليل ويضرب بها الأرض بالنهار فيخرج له رزقه ويهش بها على غنمه، قال الله عز وجل: {فإذا هي ثعبان مبين} قال: حية تكاد تساوره.
- وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن المنهال قال: ارتفعت الحية في السماء ميلا فأقبلت إلى فرعون فجعلت تقول: يا موسى مرني بما شئت، وجعل فرعون يقول: يا موسى أسألك بالذي أرسلك قال: وأخذه بطنه.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لقد دخل موسى على فرعون وعليه زرمانقة من صوف ما تجاوز مرفقه فاستؤذن على فرعون فقال: أدخلوه، فدخل فقال: إن إلهي أرسلني إليك، فقال للقوم حوله: ما علمت لكم من إله غيري خذوه، قال إني قد جئتك بآية {قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين (106) فألقى عصاه} فصارت ثعبانا ما بين لحييه ما بين السقف إلى الأرض وأدخل يده في جيبه فأخرجها مثل البرق تلتمع الأبصار فخروا على وجوههم وأخذ موسى عصاه ثم خرج ليس أحد من الناس إلا يفر منه فلما أفاق وذهب عن فرعون الروع قال: للملأ حوله ماذا تأمرون قالوا: أرجئه وأخاه لا تأتنا به ولا يقربنا وأرسل في المدائن حاشرين وكانت السحرة يخشون من فرعون فلما أرسل إليهم قالوا: قد احتاج إليكم إلهكم قال: إن هذا فعل كذا وكذا، قالوا: إن هذا ساحر يسحر أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال: ساحر يسحر الناس ولا يسحر الساحر الساحر قال: نعم وإنكم إذا لمن المقربين.
- وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحكم قال: كانت عصا موسى من عوسج ولم يسخر العوسج لأحد بعده.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: عصا موسى اسمها ماشا.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن مسلم قال: عصا موسى هي الدابة يعني دابة الأرض.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس في قوله: {فإذا هي ثعبان مبين} قال: الحية الذكر.
- وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق معمر عن قتادة في قوله: {فإذا هي ثعبان مبين} قال: تحولت حية عظيمة، قال معمر قال غيره: مثل المدينة.
- وأخرج أبو الشيخ عن الكلبي قال: حية صفراء ذكر.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال: كان بين لحيي الثعبان الذي من عصا موسى إثنا عشر ذراعا.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن فرقد السبخي قال: كان فرعون إذا كانت له حاجة ذهبت به السحرة مسيرة خمسين فرسخا فإذا قضى حاجته جاؤوا به حتى كان يوم عصا موسى فإنها فتحت فاها فكان ما بين لحييها أربعين ذراعا فأحدث يومئذ أربعين مرة.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {فإذا هي ثعبان مبين} قال: الذكر من الحيات فاتحة فمها واضعة لحيها الأسفل في الأرض والأعلى على سور القصر ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه فلما رآها ذعر منها ووثب فأحدث ولم يكن يحدث قبل ذلك وصاح: يا موسى خذها وأنا أومن بك وأرسل معك بني إسرائيل، فأخذها موسى فصارت عصا). [الدر المنثور: 6/ 493-495]

تفسير قوله تعالى: {وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وأمّا قوله: {ونزع يده فإذا هي بيضاء للنّاظرين} فإنّه يقول: وأخرج يده فإذا هي بيضاء تلوح لمن نظر إليها من النّاس.
وكان موسى فيما ذكر لنا آدم، فجعل اللّه تحوّل يده بيضاء من غير برصٍ له آيةً وعلى صدق قوله: {إنّي رسولٌ من ربّ العالمين} حجّةً.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا العبّاس، قال: أخبرنا يزيد، قال: حدّثنا الأصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: أخرج يده من جيبه فرآها بيضاء من غير سوءٍ يعني: من غير برصٍ ثمّ أعادها إلى كمّه، فعادت إلى لونها الأوّل.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبى طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {بيضاء للنّاظرين} يقول: من غير برصٍ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {ونزع يده فإذا هي بيضاء للنّاظرين} قال: نزع يده من جيبه بيضاء من غير برصٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ونزع يده} أخرجها من جيبه {فإذا هي بيضاء للنّاظرين}.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا أبو سعدٍ، قال: سمعت مجاهدًا، يقول في قوله: {ونزع يده} قال: نزع يده من جيبه، {فإذا هي بيضاء للنّاظرين} وكان موسى رجلاً آدم، فأخرج يده، فإذا هي بيضاء أشدّ بياضًا من اللّبن من غير سوءٍ، قال: من غير برصٍ آيةً لفرعون). [جامع البيان: 10/ 346-347]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ونزع يده فإذا هي بيضاء للنّاظرين (108) }
قوله تعالى: {ونزع يده}
- حدّثنا عمّار بن خالدٍ الواسطيّ، ثنا يزيد بن هارون، عن أصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب، حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ونزع يده} قال: فأخرج يده من جيبه.
قوله تعالى: {فإذا هي بيضاء للنّاظرين}
- حدّثنا عمّار بن خالدٍ، ثنا محمّد بن الحسين ويزيد بن هارون، عن أصبغ بن زيدٍ عن القاسم بن أبي أيّوب، حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قوله: {فإذا هي بيضاء للنّاظرين} قال: أخرج يده من جيبه فرآها بيضاء من غير سوءٍ يعني به البرّ، ثمّ أعادها في كمّه فصارت إلى لونها الأوّل). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1533]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ونزع يده يعني من جيبه فإذا هي بيضاء للناظرين يعني من غير برص).[تفسير مجاهد: 242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد: {ونزع يده} قال: الكف). [الدر المنثور: 6/ 496]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال الملأ من قوم فرعون إنّ هذا لساحرٌ عليمٌ (109) يريد أن يخرجكم مّن أرضكم فماذا تأمرون}.
يقول تعالى ذكره: قالت الجماعة من رجال قوم فرعون والأشراف منهم: إنّ هذا يعنون موسى صلوات اللّه عليه، {لساحرٌ عليمٌ} يعنون أنّه يأخذ بأعين النّاس بخداعه إيّاهم حتّى يخيّل إليهم العصا حيّةً والآدم أبيض، والشّيء بخلاف ما هو به.
ومنه قيل: سحر المطر الأرض: إذا جادها فقطع نباتها من أصوله، وقلب الأرض ظهرًا لبطنٍ، فهو يسحرها سحرًا، والأرض مسحورةٌ إذا أصابها ذلك. فشبّه سحر السّاحر بذلك لتخييله إلى من سحره أنّه يرى الشّيء بخلاف ما هو به.
ومنه قول ذي الرّمّة في صفة السّراب:
وساحرة العيون من الموامي ....... ترقّص في نواشزها الأروم
وقوله: {عليمٌ} يقول: ساحرٌ عليمٌ بالسّحر. يريد أن يخرجكم من أرضكم أرض مصر معشر القبط السّحرة. وقال فرعون للملإ: {فماذا تأمرون} يقول: فأيّ شيءٍ تأمرون أن نفعل في أمره، بأيّ شيءٍ تشيرون فيه؟. وقيل: {فماذا تأمرون} والخبر بذلك عن فرعون، ولم يذكر فرعون، وقلّما يجيء مثل ذلك في الكلام، وذلك نظير قوله: {قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحقّ أنا راودته عن نفسه وإنّه لمن الصّادقين ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} فقيل: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} من قول يوسف، ولم يذكر يوسف. ومن ذلك أن يقول: قلت لزيدٍ: قم فإنّي قائمٌ، وهو يريد: فقال زيدٌ: إنّي قائمٌ). [جامع البيان: 10/ 347-348]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قال الملأ من قوم فرعون إنّ هذا لساحرٌ عليمٌ (109)}
قوله تعالى: {قال الملأ من قوم فرعون إنّ هذا لساحرٌ عليم}
- وبه، عن ابن عبّاسٍ قال: فاستشار الملأ فيما رأى فقالوا: هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1533]

تفسير قوله تعالى: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال الملأ من قوم فرعون إنّ هذا لساحرٌ عليمٌ (109) يريد أن يخرجكم مّن أرضكم فماذا تأمرون}.
...
وقال فرعون للملإ: {فماذا تأمرون} يقول: فأيّ شيءٍ تأمرون أن نفعل في أمره، بأيّ شيءٍ تشيرون فيه؟. وقيل: {فماذا تأمرون} والخبر بذلك عن فرعون، ولم يذكر فرعون، وقلّما يجيء مثل ذلك في الكلام، وذلك نظير قوله: {قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحقّ أنا راودته عن نفسه وإنّه لمن الصّادقين ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} فقيل: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} من قول يوسف، ولم يذكر يوسف. ومن ذلك أن يقول: قلت لزيدٍ: قم فإنّي قائمٌ، وهو يريد: فقال زيدٌ: إنّي قائمٌ). [جامع البيان: 10/ 347-348] (م)
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون (110)}
قوله تعالى: {يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: {يريد أن يخرجكم من أرضكم} قال: يستخرجكم من أرضكم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1533]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يريد أن يخرجكم} قال: يستخرجكم من أرضكم). [الدر المنثور: 6/ 496]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين}.
يقول تعالى ذكره: قال الملأ من قوم فرعون لفرعون: أرجئه: أي أخّره. وقال بعضهم: معناه: احبس.
والإرجاء في كلام العرب: التّأخير، يقال منه: أرجيت هذا الأمر وأرجأته إذا أخّرته ومنه قول اللّه تعالى: {ترجي من تشاء منهنّ} تؤخّر، فالهمز من كلام بعض قبائل قيسٍ يقولون: أرجأت هذا الأمر، وترك الهمز من لغة تميمٍ وأسدٍ يقولون: أرجيته.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة وبعض العراقيّين: (أرجه) بغير الهمز وبجرّ الهاء.
وقرأه بعض قرّاء الكوفيّين: {أرجه} بترك الهمز وتسكين الهاء على لغة من يقف على الهاء في المكنّي في الوصل إذا تحرّك ما قبلها، كما قال الرّاجز:
أنحى عليّ الدّهر رجلاً ويدا ....... يقسم لا يصلح إلاّ أفسدا
فيصلح اليوم ويفسده غدا
وقد يفعلون مثل هذا بهاء التّأنيث فيقولون: هذه طلحة قد أقبلت، كما قال الرّاجز:
لمّا رأى أن لا دعه ولا شبع ....... مال إلى أرطاة حقفٍ فاضطجع
وقرأه بعض البصريّين: (أرجئه) بالهمز وضمّ الهاء، على لغة من ذكرت من قيسٍ.
وأولى القراءات في ذلك بالصّواب أشهرها وأفصحها في كلام العرب، وذلك ترك الهمز وجرّ الهاء، وإن كانت الأخرى جائزةً، غير أنّ الّذي اخترنا أفصح اللّغات وأكثرها على ألسن فصحاء العرب.
واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {أرجه} فقال بعضهم: معناه: أخّره.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: أخبرني عطاءٌ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أرجه وأخاه} قال: أخّره.
وقال آخرون. معناه احبسه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أرجه وأخاه} أي: احبسه وأخاه.
وأمّا قوله: {وأرسل في المدائن حاشرين} فإنّ معناه: وأرسل في مدائن مصر – وكانت هي مملكته - يقول: من يحشر السّحرة فيجمعهم إليك.
وقيل: هم الشّرط.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عبّاس بن أبي طالبٍ، قال: حدّثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدّثنا الحكم بن ظهيرٍ، عن السّدّيّ، عن أبي مالك، عن ابن عبّاسٍ: {وأرسل في المدائن حاشرين} قال: الشّرط.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجرٍ، عن أبيه، عن مجاهدٍ: {وأرسل في المدائن حاشرين} قال: الشّرط.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حميدٌ، عن قيسٍ، عن السّدّيّ: {وأرسل في المدائن حاشرين} قال: الشّرط.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجرٍ، عن أبيه، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {في المدائن حاشرين} قال: الشّرط.
- حدّثني عبد الكريم بن الهيثم، قال: حدّثنا إبراهيم بن بشّارٍ، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا أبو سعدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {وأرسل في المدائن حاشرين} قال: الشّرط). [جامع البيان: 10/ 349-352]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يأتوك بكلّ ساحرٍ عليمٍ (112) وجاء السّحرة فرعون قالوا إنّ لنا لأجرًا إن كنّا نحن الغالبين}.
وهذا خبرٌ من اللّه جلّ ثناؤه عن مشورة الملأ من قوم فرعون على فرعون، أن يرسل في المدائن حاشرين، يحشرون كلّ ساحرٍ عليمٍ. وفي الكلام محذوفٌ اكتفي بدلالة الظّاهر من إظهاره، وهو: فأرسل في المدائن حاشرين يحشرون السّحرة، فجاء السّحرة فرعون {قالوا إنّ لنا لأجرًا} يقول: إنّ لنا لثوابًا على غلبتنا موسى عندك، {إن كنّا} يا فرعون {نحن الغالبين}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا العبّاس، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: فأرسل في المدائن حاشرين، فحشر له كلّ ساحرٍ متعالمٍ فلمّا أتوا فرعون، قالوا: بم يعمل هذا السّاحر؟ قالوا: يعمل بالحيّات، قالوا: واللّه ما في الأرض قومٌ يعملون بالسّحر والحيّات والحبال والعصيّ أعلم منّا، فما أجرنا إن غلبنا؟ فقال لهم: أنتم قرابتي وحامتي، وأنا صانعٌ إليكم كلّ شيءٍ أحببتم.
- حدّثني عبد الكريم بن الهيثم، قال: حدّثنا إبراهيم بن بشّارٍ، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا أبو سعدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال فرعون: لا نغالبه يعني موسى إلاّ بمن هو منه. فأعدّ علماء من بني إسرائيل، فبعث بهم إلى قريةٍ بمصر يقال لها الفرما، يعلّمونهم السّحر، كما يعلّم الصّبيان الكتاب في الكتّاب. قال: فعلّموهم سحرًا كثيرًا. قال: وواعد موسى فرعون موعدًا فلمّا كان في ذلك الموعد بعث فرعون، فجاء بهم وجاء بمعلّمهم معهم، فقال له: ماذا صنعت؟ قال: قد علّمتهم من السّحر سحرًا لا يطيقه سحر أهل الأرض، إلاّ أن يكون أمرًا من السّماء، فإنّه لا طاقة لهم به، فأمّا سحر أهل الأرض فإنّه لن يغلبهم فلمّا جاءت السّحرة قالوا لفرعون: {إنّ لنا لأجرًا إن كنّا نحن الغالبين} قال: {نعم وإنّكم لمن المقرّبين}.
- حدّثني موسى بن هارون، قال:
حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فأرسل فرعون في المدائن حاشرين} فحشروا عليه السّحرة، فلمّا جاء السّحرة فرعون {قالوا إنّ لنا لأجرًا إن كنّا نحن الغالبين} يقول: عطيّةٌ تعطينا {إن كنّا نحن الغالبين قال نعم وإنّكم لمن المقرّبين}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين يأتوك بكلّ ساحرٍ عليمٍ} أي: كاثره بالسّحرة لعلّك أن تجد في السّحرة من يأتي بمثل ما جاء به، وقد كان موسى وهارون خرجا من عنده حين أراهم من سلطانه، وبعث فرعون في مملكته، فلم يترك في سلطانه ساحرٌ إلاّ أتي به. فذكر لي واللّه أعلم أنّه جمع له خمسة عشر ألف ساحرٍ فلمّا اجتمعوا إليه أمرهم أمره، وقال لهم: قد جاءنا ساحرٌ ما رأينا مثله قطّ، وإنّكم إن غلبتموه أكرمتكم وفضّلتكم، وقرّبتكم على أهل مملكتي، قالوا: وإنّ لنا ذلك إن غلبناه؟ قال: نعم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، قال: السّحرة كانوا سبعين قال أبو جعفرٍ: أحسبه أنّه قال: ألفًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا موسى بن عبيدة، عن ابن المنذر، قال: كان السّحرة ثمانين ألفًا.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن عبد العزيز بن رفيعٍ، عن خيثمة، عن أبي سودة، عن كعبٍ، قال: كان سحرة فرعون اثني عشر ألفًا). [جامع البيان: 10/ 352-355] (م)
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين (111)}
قوله تعالى: {قالوا أرجه وأخاه}
الوجه الأول:
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن موسى، أنبأ هشام، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ أرجه يقول: أخّره وأخاه.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: أرجه وأخاه احبسه وأخاه.
قوله تعالى: {وأرسل في المدائن حاشرين}
- قال أبي، قال سهل بن بكّارٍ: ثنا أبو عوانة، عن يزيد بن زيادٍ، عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ وأرسل في المدائن حاشرين وكانت السّحرة يخشون من فرعون فلمّا أرسل إليهم قال: قد احتاج إليكم إلهكم، قال: إنّ هذا فعل كذا وكذا.
- حدّثنا عمّار بن خالدٍ، ثنا محمّد بن الحسن وزيد بن هارون واللّفظ لمحمّد بن أصبغ بن زيدٍ الورّاق، عن القاسم بن أبي أيّوب، حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قالوا له يعني لفرعون: أجمع السّحرة فإنّهم بأرضك كثيرٌ حتّى تغلب بسحرهم، فأرسل في المدائن فحشر له كلّ ساحرٍ متعالمٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن عديٍّ، ثنا ابن أبي زائدة، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجرٍ، عن أبيه، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {في المدائن حاشرين} قال: الشّرط). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1533-1534]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {أرجه} قال: أخره.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة قالوا: {أرجه وأخاه} قال: احبسه وأخاه.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق عن ابن عباس في قوله: {وأرسل في المدائن حاشرين} قال: الشرط). [الدر المنثور: 6/ 496]

تفسير قوله تعالى: {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112)}
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({يأتوك بكلّ ساحرٍ عليمٍ (112)}
قوله تعالى: {يأتوك بكلّ ساحرٍ عليمٍ}
- حدّثنا عمّار بن خالدٍ، ثنا محمّد بن الحسن ويزيد بن هارون واللّفظ لمحمّد بن الحسن، عن أصبغ بن زيدٍ الورّاق، عن القاسم بن أبي أيّوب، حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ يعني قوله:
{يأتوك بكلّ ساحرٍ عليمٍ} فحشر له كلّ ساحرٍ متعالمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1534]


رد مع اقتباس