عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 12:57 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وصف عز وجل حالهم في الدنيا وما أصابهم به حين أعرضوا، فحتم عليهم.
و[قيضنا] أي يسرنا لهم قرناء سوء من الشياطين وغواة الإنس، وقوله سبحانه: {فزينوا لهم ما بين أيديهم}، أي: علموهم وقرروا في نفوسهم معتقدات سوء في الأمور التي تقدمتهم: من أمر الرسل عليهم السلام، والنبوات، ومدح عبادة الأصنام، واتباع فعل الآباء إلى غير ذلك مما يقال فيه: "إنه بين أيديهم"، وذلك كل ما تقدمهم في الزمان واتصل إليهم أثره أو خبره، وكذلك أعطوهم معتقدات سوء فيما خلفهم، وهو كل ما يأتي بعدهم من القيامة والبعث ونحو ذلك مما يقال فيه: "إنه خلف الإنسان"، فزينوا لهم في هذين كل ما يرديهم ويفضي بهم إلى عذاب جهنم.
وقوله تعالى: {وحق عليهم القول} أي: سبق القضاء الحتم وأمر الله بتعذيبهم في جملة أمم معذبين كفار من الجن والإنس، وقالت فرقة: [في] بمعنى: "مع".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والمعنى يتأدى بالحرفين، ولا نحتاج أن نجعل حرفا بمعنى حرف، إذ قد أبى ذلك رؤساء البصريين). [المحرر الوجيز: 7/ 477-478]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن} حكاية لما فعله بعض قريش; كأبي جهل وغيره، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن في المسجد الحرام، ويصغي إليه الناس من مؤمن وكافر، فخشي الكفار استمالة القلوب بذلك، فقالوا: متى قرأ محمد فلنغط نحن بالمكاء والصفير والصياح وإنشاد الشعر والإرجاز، حتى يخفى صوته ولا يقع الاستماع منه، وهذا الفعل منهم هو اللغو، وقال أبو العالية: أرادوا: قعوا فيه وعيبوه، و"اللغو" في اللغة: سقط القول الذي لا معنى له، وهو من الحاسة والتطول في حكم لا معنى له، وقرأ جمهور الناس: [والغوا] بفتح الغين وجزم الواو، وقرأ بكر بن حبيب السهمي: "والغوا" بضم الغين وسكون الواو، ورويت عن عيسى، وابن أبي إسحاق - بخلاف عنهما -، وهما لغتان، يقال: لغا يلغو، ويقال: لغي يلغى، ويقال أيضا: لغا يلغى، أصله يفعل - بكسر العين - فرده حرف الحلق إلى الفتح، فالقراءة الأولى من يلغى، والقراءة الثانية من يلغو، قاله الأخفش. وقوله تعالى: {لعلكم تغلبون} أي تطمسون أمر محمد صلى الله عليه وسلم وتميتون ذكره وتصرفون القلوب عنه، فهذه الغاية التي تمنوها). [المحرر الوجيز: 7/ 478]

تفسير قوله تعالى: {فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون * ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون * وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين * إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون}
وقوله تعالى: {فلنذيقن الذين كفروا} الفاء دخلت على لام القسم، وهي آية وعيد لقريش، و"العذاب الشديد" هو عذاب الدنيا في بدر وغيرها، و"الجزاء بأسوإ أعمالهم" هو عذاب الآخرة). [المحرر الوجيز: 7/ 479]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "ذلك" إشارة إلى الجزاء المتقدم، و"جزاء" خبر الابتداء، و"النار" بدل من قوله تعالى: "جزاء"، ويجوز أن يكون "ذلك" خبر ابتداء تقديره: الأمر ذلك، ويكون قوله تعالى: "جزاء" ابتداء، و"النار" خبره.
وقوله تعالى: {لهم فيها دار الخلد} أي موضع البقاء ومسكن العذاب الدائم، فالظرفية فيه متمكنة على هذا التأويل، ويحتمل أن يكون المعنى: هي لهم دار الخلد، ففي قوله: "فيها" معنى التحديد، كما قال الشاعر:
وفي الله إن لم ينصفوا حكم عدل
وفي قراءة عبد الله بن مسعود: [ذلك جزاء أعداء الله النار دار الخلد]، وسقط: "لهم فيها"، وجحودهم بآيات الله مطرد في علاماته المنصوبة لخلقه، وفي آيات كتابه المنزلة على نبيه صلى الله عليه وسلم). [المحرر الوجيز: 7/ 479-480]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ذكر عز وجل مقالة كفار يوم القيامة، إذا دخلوا النار، فإنهم يرون عظيم ما حل بهم وسوء منقلبهم، فتجول أفكارهم فيمن كان سبب غوايتهم وبادي ضلالتهم، فيعظم غيظهم وحنقهم عليه، ويودون أن يحصل في أشد العذاب، فحينئذ يقولون: ربنا أرنا اللذين أضلانا، وظاهر اللفظ يقتضي أن "الذي" في قولهم: [الذين] إنما هو للجنس، أي: أرنا كل مغو ومضل من الجن والإنس، وهذا قول جماعة من المفسرين، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقتادة: وطلبوا ولد آدم الذي سن القتل والمعصية من البشر، وإبليس الأبالسة من الجن.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وتأمل هذا، هل يصح هذا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟ لأن ولد آدم مؤمن عاص، وهؤلاء إنما طلبوا المضلين بالكفر المؤدي إلى الخلود، وإنما القوي أنهم طلبوا النوعين، وقد أصلح بعضهم هذا القول بأن قال: يطلب ولد آدم كل عاص دخل النار من أهل الكبائر، ويطلب إبليس كل كافر، ولفظ الآية يزحم هذا التأويل; لأنه يقتضي أن الكفرة إنما طلبوا اللذين أضلا.
وقرأ نافع، وحمزة، والكسائي: "أرنا" بكسر الراء، وهي رؤية عين، ولذلك فهو فعل يتعدى إلى مفعولين، وقرأ ابن كثير، وابن عمرو، وأبو بكر عن عاصم: "أرنا" بسكون الراء، فقال هشام بن عامر: هو خطأ، وقال أبو علي: هي مخففة من "أرنا" كما قالوا: ضحك وفخذ، وقرأ أبو عمرو بإشمام الراء الكسر، ورويت عن أهل مكة. وقولهم: {نجعلهما تحت أقدامنا} يريدون: في أسفل طبقة من النار، وهي أشد عذابا، وهي درك المنافقين). [المحرر الوجيز: 7/ 480]

رد مع اقتباس