عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26 جمادى الأولى 1434هـ/6-04-2013م, 03:01 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت يحدث أن الشياطين يموتون كما يموت الناس، قال: وذكر الله ذلك في القرآن حين يقول: {في أممٍ قد خلت من قبلهم من الجن والإنس}). [الجامع في علوم القرآن: 2/159]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {وقيّضنا لهم قرناء} [فصلت: 25] : «قرنّاهم بهم» ). [صحيح البخاري: 6/128]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقيضنا لهم قرناء تتنزل عليهم الملائكة عند الموت كذا في رواية أبي ذرٍّ والنّسفيّ وطائفةٍ وعند الأصيليّ وقيضنا لهم قرناء قرناهم بهم تتنزل عليهم الملائكة عند الموت وهذا هو وجه الكلام وصوابه وليس تتنزّل عليهم تفسيرًا لقيّضنا وقد أخرج الفريابيّ من طريق مجاهدٍ بلفظ وقيّضنا لهم قرناء قال شياطين). [فتح الباري: 8/559-560]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (وقد أخرج الفريابيّ من طريق مجاهدٍ بلفظ وقيّضنا لهم قرناء قال شياطين وفي قوله تتنزّل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا قال عند الموت وكذلك أخرجه الطّبريّ مفرّقًا في موضعيه). [فتح الباري: 8/560] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد ممنون محسوب أقواتها أرزاقها في كل سماء أمرها ممّا أمر به نحسات مشائيم وقيضنا لهم قرناء قرناهم بهم تتنزل عليهم الملائكة عند الموت اهتزت بالنبات وربت ارتفعت من أكمامها حين تطلع ليقولن هذا لي أي بعملي أنا محقوق بهذا
قال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 8 فصلت {أجر غير ممنون} قال غير محسوب
وفي قوله 10 فصلت {وقدر فيها أقواتها} قال من المطر
وبه في قوله 12 فصلت {وأوحى في كل سماء أمرها} قال ما أمر به أو أراده
وفي قوله 16 فصلت {نحسات} قال مشائيم
وفي قوله 25 فصلت {وقيضنا لهم قرناء} شياطين). [تغليق التعليق: 4/302] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({وقيّضنا لهم قرناء} (فصلت: 25) قرنّا بهم تتنزّل عليهم الملائكة عند الموت
كذا في رواية أبي ذر والنسفي وجماعة وعند الأصيليّ: {وقيضنا لهم قرناء} قرناهم بهم تتنزل عليهم الملائكة عند الموت وهذا هو الصّواب، وليس قوله: {تتنزل عليهم الملائكة} (فصلت: 30) عند الموت تفسير قوله: {وقيضنا لهم قرناء} وفي التّفسير معنى: قيضنا سلطنا وبعثنا لهم قرناء يعني نظراء من الشّياطين، وقال الكرماني: وقيضنا لهم قدرنا لهم، وعن مجاهد: قرناء شياطين، وقال في قوله: {تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا} قال: عند الموت، وكذا قال الطّبريّ مفرقاً في موضعين). [عمدة القاري: 19/152]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({وقيضنا لهم قرناء}) [فصلت: 25] أي (قرناهم بهم) بفتح القاف والراء والنون المشددة وسقط هذا التفسير لغير الأصيلي والصواب إثبات إذ ليس للتالي تعلق به وقال الزجّاج سببنا لهم قيل قدرنا للكفرة قرناء أي نظراء من الشياطين يستولون عليهم استيلاء القيض على البيض وهو القشر حتى أضلّوهم وفيه دليل على أن الله تعالى يريد الكفر من الكافر). [إرشاد الساري: 7/327]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقيّضنا لهم قرناء فزيّنوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحقّ عليهم القول في أممٍ قد خلت من قبلهم من الجنّ والإنس إنّهم كانوا خاسرين}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {وقيّضنا لهم قرناء} وبعثنا لهم نظراء من الشّياطين، فجعلناهم لهم قرناء قرنّاهم بهم يزيّنون لهم قبائح أعمالهم، فزيّنوا لهم ذلك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ {وقيّضنا لهم قرناء} قال: الشّيطان.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وقيّضنا لهم قرناء} قال: شياطين.
وقوله: {فزيّنوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم} يقول: فزيّن لهؤلاء الكفّار قرناؤهم من الشّياطين ما بين أيديهم من أمر الدّنيا فحسّنوا ذلك لهم وحبّبوه إليهم حتّى آثروه على أمر الآخرة {وما خلفهم} يقول: وحسّنوا لهم أيضًا ما بعد مماتهم بأن دعوهم إلى التّكذيب بالمعاد، وأنّ من هلك منهم فلن يبعث، وأنّ لا ثواب ولا عقاب حتّى صدّقوهم على ذلك، وسهّل عليهم فعل كلّ ما يشتهونه، وركوب كلّ ما يلتذّونه من الفواحش باستحسانهم ذلك لأنفسهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {فزيّنوا لهم ما بين أيديهم} من أمر الدّنيا {وما خلفهم} من أمر الآخرة.
وقوله: {وحقّ عليهم القول} يقول تعالى ذكره: ووجب لهم العذاب بركوبهم ما ركبوا ممّا زيّن لهم قرناؤهم وهم من الشّياطين.
- كما حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ {وحقّ عليهم القول} قال: العذاب، {في أممٍ قد خلت من قبلهم من الجنّ والإنس}، يقول تعالى ذكره: وحقّ على هؤلاء الّذين قيّضنا لهم قرناء من الشّياطين، فزيّنوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم العذاب في أممٍ قد مضت قبلهم من ضربائهم، حقّ عليهم من عذابنا مثل الّذي حقّ على هؤلاء، بعضهم من الجنّ وبعضهم من الإنس {إنّهم كانوا خاسرين} يقول: إنّ تلك الأمم الّذين حقّ عليهم عذابنا من الجنّ والإنس، كانوا مغبونين ببيعهم رضا اللّه بسخطه ورحمته بعذابه). [جامع البيان: 20/415-417]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وقيضنا لهم قرناء قال يعني شياطين). [تفسير مجاهد: 570]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 25.
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وقيضنا لهم قرناء} قال: شياطين). [الدر المنثور: 13/101]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {فزينوا لهم ما بين أيديهم} قال: الدنيا يرغبونهم فيها {وما خلفهم} قال: الآخرة زينوا لهم نسيانها والكفر بها). [الدر المنثور: 13/101-102]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الكلبي في قوله والغوا قال إذا سمعتموه يتلى فالغوا تحدثوا وضجوا وصيحوا حتى لا تسمعوه). [تفسير عبد الرزاق: 2/186]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الّذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون (26) فلنذيقنّ الّذين كفروا عذابًا شديدًا ولنجزينّهم أسوأ الّذي كانوا يعملون}.
يقول تعالى ذكره: {وقال الّذين كفروا} باللّه ورسوله من مشركي قريشٍ: {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه} يقول: قالوا للّذين يطيعونهم من أوليائهم من المشركين: لا تسمعوا لقارئ هذا القرآن إذا قرأه، ولا تصغوا له، ولا تتّبعوا ما فيه فتعملوا به.
- كما حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وقال الّذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون} قال: هذا قول المشركين، قالوا: لا تتّبعوا هذا القرآن والغوا عنه.
وقوله: {والغوا فيه} يقول: الغطوا بالباطل من القول إذا سمعتم قارئه يقرؤه كيما لا يسمعوه، ولا يفهموا ما فيه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه} قال: المكاء والتّصفير، وتخليطٌ من القول على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا قرأ، قريشٌ تفعله.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {والغوا فيه} قال: بالمكاء والتّصفير والتّخليط في المنطق على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا قرأ القرآن، قريشٌ تفعله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وقال الّذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه} أي اجحدوا به وانكروه وعادوه، قال: هذا قول مشركي العرب.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: قال بعضهم في قوله: {والغوا فيه} قال: تحدّثوا وضجًّوا كيما لا يسمعوه.
وقوله: {لعلّكم تغلبون} يقول: لعلّكم بفعلكم ذلك تصدّون من أراد استماعه عن استماعه، فلا يسمعه، وإذا لم يسمعه ولم يفهمه لم يتّبعه، فتغلبون بذلك من فعلكم محمّدًا). [جامع البيان: 20/417-419]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله والغوا فيه قال يعني بالمكاء والتصفير والتخليط في المنطق على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن قريش تفعله). [تفسير مجاهد: 570-571]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 26 - 28.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة إذا قرأ القرآن يرفع صوته فكان المشركون يطردون الناس عنه ويقولون {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون} وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخفى قراءته لم يسمع من يحب أن يسمع القرآن فأنزل الله (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) (الإسراء 110) ). [الدر المنثور: 13/102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {والغوا فيه} قال: بالتصفير والتخليط في المنطق على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن قريش تفعله). [الدر المنثور: 13/102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {والغوا فيه} قال: يقولون اجحدوا به وأنكروه وعادوه، والله أعلم). [الدر المنثور: 13/102]

تفسير قوله تعالى: (فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (قال اللّه جلّ ثناؤه: {فلنذيقنّ الّذين كفروا} باللّه من مشركي قريشٍ الّذين قالوا هذا القول عذابًا شديدًا في الآخرة {ولنجزينّهم أسوأ الّذي كانوا يعملون} يقول: ولنثيبنّهم على فعلهم ذلك وغيره من أفعالهم بأقبح جزاء أعمالهم الّتي عملوها في الدّنيا). [جامع البيان: 20/419]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك جزاء أعداء اللّه النّار لهم فيها دار الخلد جزاءً بما كانوا بآياتنا يجحدون}.
يقول تعالى ذكره: هذا الجزاء الّذي يجزى به هؤلاء الّذين كفروا بآياتنا من مشركي قريشٍ جزاء أعداء اللّه.
ثمّ ابتدأ جلّ ثناؤه الخبر عن صفة ذلك الجزاء، وما هو فقال: هو النّار، فالنّار بيانٌ عن الجزاء، وترجمةٌ عنه، وهي مرفوعةٌ بالرّدّ عليه؛ ثمّ قال: {لهم فيها دار الخلد} يعني لهؤلاء المشركين باللّه في النّار دار الخلد يعني دار المكث واللبث، إلى غير نهايةٍ ولا أمدٍ؛ والدّار الّتي أخبر جلّ ثناؤه أنّها لهم في النّار هي النّار، وحسن ذلك لاختلاف اللّفظين، كما يقال: لك من بلدتك دارٌ صالحةٌ، ومن الكوفة دارٌ كريمةٌ، والدّار: هي الكوفة والبلدة، فيحسن ذلك لاختلاف الألفاظ، وقد ذكر أنّها في قراءة ابن مسعودٍ: (ذلك جزاء أعداء اللّه النّار دار الخلد) ففي ذلك تصحيح ما قلنا من التّأويل في ذلك، وذلك أنّه ترجم بالدّار عن النّار.
وقوله: {جزاءً بما كانوا بآياتنا يجحدون} يقول: فعلنا هذا الّذي فعلنا بهؤلاء من مجازاتنا إيّاهم النّار على فعلهم جزاءً منّا بجحودهم في الدّنيا بآياتنا الّتي احتججنا بها عليهم). [جامع البيان: 20/419]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني شبيب عن شعبة عن سلمة بن كهيلٍ عن أبي مالكٍ عن عليٍّ أنّه قال في هذه الآية: {ربّنا أرنا الّذين أضلانا من الجنّ والإنس}، قال: الشّيطان وابن آدم الّذي قتل أخاه). [الجامع في علوم القرآن: 2/28]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس قال هما الشيطان وابن آدم الذي قتل أخاه). [تفسير عبد الرزاق: 2/186]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن سلمة بن كهيل عن مالك بن حصين بن عقبة الفزاري عن أبيه أن عليا سئل عن الكلاب فقال أمة من الأمم لعنت فجعلت كلابا وسئل عن قوله تعالى ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس فقال ابن آدم الذي قتل آخاه وإبليس). [تفسير عبد الرزاق: 2/186]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي إسحاق عن حبّة العرنيّ عن عليّ بن أبي طالبٍ في قوله: {ربّنا أرنا الّذين أضلانا من الجن والإنس} قال: إبليس الأبالسة وابن آدم الّذي قتل أخاه [الآية: 29]). [تفسير الثوري: 266]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجنّ والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين} قال قابيل ابن آدم الّذي قتل أخاه، وإبليس من الجنّ وقابيل من الإنس قولهم من الجنّ والإنس). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 60]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الّذين كفروا ربّنا أرنا الّذين أضلاّنا من الجنّ والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين}.
يقول تعالى ذكره: وقال الّذين كفروا باللّه ورسوله يوم القيامة بعدما أدخلوا جهنّم: يا ربّنا أرنا اللّذين أضلاّنا من خلقك من جنّهم وإنسهم. وقيل: إنّ الّذي هو من الجنّ إبليس، والّذي هو من الإنس ابن آدم الّذي قتل أخاه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ثابتٍ الحدّاد، عن حبّة العرنيّ، عن عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه في قوله: {أرنا اللّذين أضلاّنا من الجنّ والإنس} قال: إبليس الأبالسة وابن آدم الّذي قتل أخاه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن سلمة، عن مالك بن حصينٍ، عن أبيه عن عليٍّ رضي اللّه عنه في قوله: {ربّنا أرنا الّذين أضلاّنا من الجنّ والإنس} قال: إبليس وابن آدم الّذي قتل أخاه.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثني وهب بن جريرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن سلمة بن كهيلٍ، عن أبي مالكٍ أو ابن مالكٍ، عن أبيه، عن عليٍّ رضي اللّه عنه {ربّنا أرنا اللّذين أضلاّنا من الجنّ والإنس} قال: ابن آدم الّذي قتل أخاه، وإبليس الأبالسة.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، في قوله: {ربّنا أرنا اللّذين أضلاّنا من الجنّ والإنس} الآية ففإنّهما ابن آدم القاتل، وإبليس الأبالس. فأمّا ابن آدم فيدعو به كلّ صاحب كبيرةٍ دخل النّار من أهل الدّعوة، وأمّا إبليس فيدعو به كلّ صاحب شركٍ، يدعو بهما في النّار.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، قال: حدّثنا معمرٌ، عن قتادة، {ربّنا أرنا اللّذين أضلاّنا من الجنّ والإنس} هو الشّيطان، وابن آدم الّذي قتل أخاه.
وقوله {نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين} يقول: نجعل هذين اللّذين أضلاّنا تحت أقدامنا، لأنّ أبواب جهنّم بعضها أسفل من بعضٍ، وكلّ ما سفل منها فهو أشدّ على أهله، وعذاب أهله أغلظ، ولذلك سأل هؤلاء الكفّار ربّهم أن يريهم اللّذين أضلاّهم ليجعلوهما أسفل منهم ليكونا في أشدّ العذاب في الدّرك الأسفل من النّار). [جامع البيان: 20/420-421]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا عليّ بن حمشاذ العدل، ثنا أبو المثنّى، ومحمّد بن أيّوب، قالا: ثنا محمّد بن كثيرٍ العكبريّ، ثنا سفيان، عن سلمة بن كهيلٍ، عن مالك بن حصين بن عقبة الفزاريّ، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، وسئل عن قول اللّه عزّ وجلّ: {ربّنا أرنا الّذين أضلّانا من الجنّ والإنس} [فصلت: 29] قال: «ابن آدم الّذي قتل أخاه وإبليس» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/478]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا عليّ بن محمّدٍ القرشيّ، ثنا الحسن بن عليٍّ، ثنا مصعب بن المقدام، ثنا سفيان، عن سلمة بن كهيلٍ، عن مالك بن حصينٍ، عن أبيه، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، في قوله تعالى: " {ربّنا أرنا اللّذين أضلّانا من الجنّ والإنس نجعلهما تحت أقدامنا} قال: إبليس وابن آدم الّذي قتل أخاه «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/341]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 29.
أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه وابن عساكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عن قوله {ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس} قال: هو ابن آدم الذي قتل أخاه وإبليس.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وإبراهيم، مثله). [الدر المنثور: 13/102-103]


رد مع اقتباس