عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 04:29 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (43) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ قالوا ما هذا إلا رجلٌ يريد أن يصدّكم عمّا كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفكٌ مفترًى وقال الّذين كفروا للحقّ لـمّا جاءهم إن هذا إلا سحرٌ مبينٌ (43) وما آتيناهم من كتبٍ يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذيرٍ (44) وكذّب الّذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير (45)}.
يخبر تعالى عن الكفّار أنّهم يستحقّون منه العقوبة والأليم من العذاب؛ لأنهم كانوا إذا تتلى عليهم آياته بيّناتٍ يسمعونها غضّةً طريّةً من لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، {قالوا ما هذا إلا رجلٌ يريد أن يصدّكم عمّا كان يعبد آباؤكم}، يعنون أنّ دين آبائهم هو الحقّ، وأنّ ما جاءهم به الرّسول عندهم باطلٌ -عليهم وعلى آبائهم لعائن اللّه- {وقالوا ما هذا إلا إفكٌ مفترًى} يعنون: القرآن، {وقال الّذين كفروا للحقّ لـمّا جاءهم إن هذا إلا سحرٌ مبينٌ}). [تفسير ابن كثير: 6/ 524-525]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا آَتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {وما آتيناهم من كتبٍ يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذيرٍ} أي: ما أنزل اللّه على العرب من كتابٍ قبل القرآن، وما أرسل إليهم نبيًّا قبل محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وقد كانوا يودّون ذلك ويقولون: لو جاءنا نذيرٌ أو أنزل علينا كتابٌ، لكنّا أهدى من غيرنا، فلمّا منّ اللّه عليهم بذلك كذّبوه وعاندوه وجحدوه). [تفسير ابن كثير: 6/ 525]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آَتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {وكذّب الّذين من قبلهم} أي: من الأمم، {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} قال ابن عبّاسٍ: أي من القوّة في الدّنيا. وكذلك قال قتادة، والسّدّيّ، وابن زيدٍ. كما قال تعالى: {ولقد مكّنّاهم فيما إن مكّنّاكم فيه وجعلنا لهم سمعًا وأبصارًا وأفئدةً فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيءٍ إذ كانوا يجحدون بآيات اللّه وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} [الأحقاف: 26]، {أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الّذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشدّ قوّةً} [غافرٍ: 82]، أي: وما دفع ذلك عنهم عذاب اللّه ولا ردّه، بل دمّر اللّه عليهم لـمّا كذّبوا رسله؛ ولهذا قال: {فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير} أي: فكيف كان نكالي وعقابي وانتصاري لرسلي؟). [تفسير ابن كثير: 6/ 525]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل إنّما أعظكم بواحدةٍ أن تقوموا للّه مثنى وفرادى ثمّ تتفكّروا ما بصاحبكم من جنّةٍ إن هو إلا نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ (46)}.
يقول تعالى: قل يا محمّد لهؤلاء الكافرين الزّاعمين أنّك مجنونٌ: {إنّما أعظكم بواحدةٍ} أي: إنّما آمركم بواحدةٍ، وهي: {أن تقوموا للّه مثنى وفرادى ثمّ تتفكّروا ما بصاحبكم من جنّةٍ} أي: تقوموا قيامًا خالصًا للّه، من غير هوًى ولا عصبيّةٍ، فيسأل بعضكم بعضًا: هل بمحمّدٍ من جنونٍ؟ فينصح بعضكم بعضًا، {ثمّ تتفكّروا} أي: ينظر الرّجل لنفسه في أمر محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، ويسأل غيره من النّاس عن شأنه إن أشكل عليه، ويتفكّر في ذلك؛ ولهذا قال: {أن تقوموا للّه مثنى وفرادى ثمّ تتفكّروا ما بصاحبكم من جنّةٍ}.
هذا معنى ما ذكره مجاهدٌ، ومحمّد بن كعبٍ، والسّدّيّ، وقتادة، وغيرهم، وهذا هو المراد من الآية.
فأمّا الحديث الّذي رواه ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا هشام بن عمّارٍ، حدّثنا صدقة بن خالدٍ، حدّثنا عثمان بن أبي العاتكة، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول: "أعطيت ثلاثًا لم يعطهنّ من قبلي ولا فخرٌ: أحلّت لي الغنائم، ولم تحلّ لمن قبلي، كانوا قبلي يجمعون غنائمهم فيحرقونها. وبعثت إلى كلّ أحمر وأسود، وكان كلّ نبيٍّ يبعث إلى قومه، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، أتيمّم بالصّعيد، وأصلّي حيث أدركتني الصّلاة، قال اللّه: {أن تقوموا للّه مثنى وفرادى} وأعنت بالرّعب مسيرة شهرٍ بين يديّ" -فهو حديثٌ ضعيف الإسناد، وتفسير الآية بالقيام في الصّلاة في جماعةٍ وفرادى بعيدٌ، ولعلّه مقحمٌ في الحديث من بعض الرّواة، فإنّ أصله ثابتٌ في الصّحاح وغيرها واللّه أعلم.
وقوله: {إن هو إلا نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ}: قال البخاريّ عندها:
حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا محمّد بن خازم، حدّثنا الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: صعد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الصّفا ذات يومٍ، فقال: "يا صباحاه". فاجتمعت إليه قريشٌ، فقالوا: ما لك؟ فقال: "أرأيتم لو أخبرتكم أنّ العدوّ يصبّحكم أو يمسّيكم، أما كنتم تصدّقوني؟ " قالوا: بلى. قال: "فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٌ شديدٍ". فقال أبو لهبٍ: تبًّا لك! ألهذا جمعتنا؟ فأنزل اللّه: {تبّت يدا أبي لهبٍ وتبّ} [المسد].
وقد تقدّم عند قوله: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشّعراء: 214].
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو نعيمٍ، حدّثنا بشير بن المهاجر، حدّثني عبد اللّه بن بريدة، عن أبيه قال: خرج إلينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومًا فنادى ثلاث مرّاتٍ فقال: "أيّها النّاس، أتدرون ما مثلي ومثلكم؟ " قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: "إنّما مثلي ومثلكم مثل قومٍ خافوا عدوًّا يأتيهم، فبعثوا رجلًا يتراءى لهم، فبينما هو كذلك أبصر العدوّ، فأقبل لينذرهم وخشي أن يدركه العدوّ قبل أن ينذر قومه، فأهوى بثوبه: أيّها النّاس، أوتيتم. أيّها النّاس، أوتيتم -ثلاث مرّاتٍ".
وبهذا الإسناد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "بعثت أنا والسّاعة جميعًا، إن كادت لتسبقني". تفرّد به الإمام أحمد في مسنده). [تفسير ابن كثير: 6/ 525-526]

رد مع اقتباس