عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 10:28 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {أفمن يعلم} استفهام بمعنى التقرير، والمعنى: أيستوي من هداه الله تعالى فآمن بك وعلم صدق نبوتك ومن لم يهتد ولا رزق بصيرة فبقي على كفره؟ فمثل عز وجل ذلك بالعمى، وروي أن هذه الآية نزلت في حمزة بن عبد المطلب وأبي جهل بن هشام، وقيل: في عمار بن ياسر وأبي جهل، وهي -بعد هذا- مثال في جميع العالم. و"إنما" في هذه الآية حاصرة، أي: إنما يتذكر فيؤمن ويراقب الله من له لب وتحصيل). [المحرر الوجيز: 5/199]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخذ تبارك وتعالى في وصف هؤلاء الذين يسرهم للإيمان فقال: {الذين يوفون بعهد الله} وقوله: {بعهد الله} اسم للجنس، أي بجميع عهوده، وهي أوامره ونواهيه التي وصى بها عبيده، ويدخل في هذه الألفاظ التزام جميع الفروض وتجنب جميع المعاصي.
وقوله تعالى: {ولا ينقضون الميثاق} يحتمل أن يريد به جنس المواثيق، أي: إذا عقدوا في طاعة الله عهدا لم ينقضوه، قال قتادة: وتقدم الله إلى عباده في نقض الميثاق ونهى عنه في بضع وعشرين آية، ويحتمل أن يشير إلى ميثاق معين وهو الذي أخذه الله على عباده وقت مسحه على ظهر أبيهم آدم عليه السلام). [المحرر الوجيز: 5/199]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ووصل ما أمر الله به أن يوصل ظاهره في القرابات، وهو مع ذلك يتناول جميع الطاعات، وسوء الحساب هو أن يتقصى، ولا تقع فيه مسامحة ولا تغمد). [المحرر الوجيز: 5/199]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار}
الصبر لوجه الله يدخل في الرزايا والأسقام والعبادات، وعن الشهوات ونحو ذلك.
[المحرر الوجيز: 5/199]
و"ابتغاء" نصب على المصدر، أو على المفعول لأجله، و"الوجه" في هذه الآية ظاهره الجهة التي تقصد عنده تعالى بالحسنات لتقع عليها المثوبة، وهذا كما تقول: خرج الجيش لوجه كذا، وهذا أظهر ما فيه، مع احتمال غيره، و"إقامة الصلاة" هي الإتيان بها على كمالها، والصلاة هنا هي المفروضة.
وقوله تعالى: "وأنفقوا" يريد به مواساة المحتاج، و"السر" هو فيما أنفق تطوعا، والعلانية فيما أنفق من الزكاة المفروضة، لأن التطوع كله الأفضل فيه التكتم. وقوله: {ويدرءون بالحسنة السيئة} أي: ويدفعون من رأوا منه مكروها بالتي هي أحسن، وقيل: يدفعون بقول "لا إله إلا الله" شركهم، وقيل: يدفعون بالسلام غوائل الناس.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وبالجملة لا يكافئون الشر بالشر، وهذا بخلاف خلق الجاهلية، وروي أن هذه الآية نزلت في الأنصار ثم هي عامة -بعد ذلك- في كل من اتصف بهذه الصفات.
وقوله: {عقبى الدار} يحتمل أن تكون عقبى دار الدنيا). [المحرر الوجيز: 5/200]

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم فسر "العقبى" بقوله: {جنات عدن} إذ العقبى تعم حالة الخير وحالة الشر، ويحتمل أن يريد: عقبى دار الآخرة لدار الدنيا، أي: العقبى الجنة في الدار الآخرة هي لهم. وقرأ الجمهور: "جنات عدن"، وقرأ النخعي: "جنة عدن يدخلونها" بضم الياء وفتح الخاء، و"جنات" بدل من "عقبى" وتفسير لها. و"عدن" هي مدينة الجنة ووسطها، ومنها "جنات الإقامة"، من "عدن في المكان" إذا أقام فيه طويلا، ومنه المعادن، وجنات عدن يقال: هي سكن الأنبياء والشهداء والعلماء فقط، قاله عبد الله بن عمرو بن العاص، ويروى أن لها خمسة آلاف باب.
وقوله: {ومن صلح} أي: من عمل صالحا وآمن، قاله مجاهد وغيره، ويحتمل: أي من صلح لذلك بقدر الله تعالى وسابق علمه، وحكى الطبري في صفة دخول
[المحرر الوجيز: 5/200]
الملائكة أحاديث لم نطول بها لضعف أسانيدها، والمعنى: يقولون: سلام عليكم، فحذف "يقولون" تخفيفا وإيجازا لدلالة ظاهر الكلام عليه، والمعنى: هذا بما صبرتم). [المحرر الوجيز: 5/201]

تفسير قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والمعنى في {عقبى الدار} على ما تقدم من المعنيين، وقرأ الجمهور: "فنعم" بكسر النون وسكون العين، وقرأ يحيى بن وثاب بفتح النون وكسر العين، وقالت فرقة: معنى عقبى الدار أي: أن أعقبوا الجنة من جهنم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا التأويل مبني على حديث ورد وهو: "أن كل رجل في الجنة فقد كان له مقعد معروف في النار فصرفه الله عنه إلى النعيم، فيعرض عليه، ويقال له: هذا مكان مقعدك فبدلك الله منه الجنة بإيمانك وطاعتك وصبرك"). [المحرر الوجيز: 5/201]

رد مع اقتباس